رواية ورطة الحلقة الثانيه

رواية ورطة
الفصل الثانى
بقلم عمر ناجي

جلس على المقعد وبجواره هشام وفي مقابلهما فتاتان يبدو من مظهرهما أنهما متجمدتين ..ظل عظيما يطلق النكات بحديثه مع رفاقه في الطريق وينظر إلى البنتين لعله يلمح أحدهما تضحك أو تبتسم فلا يجد استجابه ما
البنت التي في مقابل هشام تحدثت إلى رفيقتها :
أمنية حاولي تنامى شويه على مانوصل وياستي ربك هيحلها
أمنية : نامي انتي يا منى أنا صاحيه ومبحبش أنام ف القطر كمان مش هاعرف أغمض عيني عايزة أعرفه مين...
مين اللي بيهددني كده ووصل للحاجات دي ازاي أنا مش عارفه!!!

ركز عظيما في حديثهما حتى رن هاتف أمنية فقامت مفزوعة وناظرة لصديقتها
أمنية : ده هو
منى: طب ردي
أخذت هاتفها وتمشت باتجاه باب القطار وصديقتها بجوارها
أنهت المكالمة وفجأة سقطت فاقدة الوعي... نادت صديقتها :
حد يساعدنا يا جماعه .. أمنية ..أمنية
هب عظيما ورفاقه من أماكنهم وأخذها إلى مكانها وظلوا يهفون الهواء عليها وأعطتهم سيدة زجاجة عطر يحاولون إفاقتها..
أمسك عظيما بهاتفها وفتح المكالمات الواردة وحفظ آخر رقم كان قد اتصل بها ثم أعطاه لصديقتها حينما أفاقت أمنية

عاد الجميع إلى أماكنهم بينما هشام وعظيما بين وقت و آخر يتبادلان النظر إليها هي وصديقتها ولم تكن أمنية في ظرف يمكنها من أن تراهما أمامها فكأنهم والعدم سواء!!
وصل القطار إلى الإسكندرية فقامت صديقتها تسندها وتمسك بأغراضهما مغادرتين القطار.. كان هناك من ينظر إليهما حتى غابتا عن نظره في وسط زحام المحطة الكبير
هشام : إيه يابني هتلاقي أهلها مزعلناها ولا حاجه
عظيما : لا يابني دي وراها أنا- وفتح ذراعيه- قد كده ..
بس عارف أحلى حاجه حصلت على القطر لما البنت دي اتسقطت
هشام : ليه يابني ؟!
عظيما : صاحبتها فكت لها الطرحة وشالت من على عنيها النظارة ..أنا عمري ماشوفت بنت ملامحها بريئة كده جميله يالا
هشام : شوف احنا كنا في إيه وانت في إيه
خرج من باب المحطة يتلفت يمينا ويسارا ويردد بداخله 011 اتنيتين تلاتاشر سبعه أو تسعه ...

استقلوا عربة مشروع وطلبوا من السائق أنزالهم عند النصب التذكاري أمام لوكاندة النصر
وصلوا إلى اللوكاندة و حجزوا غرفتين بجوار بعضهم ثم استرحوا قليلا ونزلوا يسيرون على كورنيش اسكندرية ..أتعبهم المشي
فجلسوا على مقهى البورصة التي تعودوا الجلوس عليها كلما أخذهم الشوق إلى جو الإسكندرية
هشام : واد يا محمد الواد عظيما ساكت مش عادته الواد مسهم ياض وسرحان و بيخن الشيشة والراجل شايل الحجر
كان عظيما سارحا خارج حدود المكان كله فبعد أن ترك القطار كلما خلا إلى نفسه قليلا ظهرت له ملامح تلك الفتاة البريئة وعينيها البنيتين اللتين أخذتاه دون أن تنظرا إليه


ظل يفكر بها وبدموعها وكيف لأي شخص في هذه الحياة أن يستطيع يوما إبكاء تلك الأمنية !!
نعم هي أمنية.. لقد حفظ اسمها وأخذ الرقم الذي يطاردها .. وأثناء إعطائه الهاتف لصديقتها كتب رقمه سريعا واتصل إلى رقمه من هاتفها ثم مسحه من السجلات لديها.. كان يفكر لو أنه أتى باللاب توب معه .. لكن أصدقاءه طلبوا منه أن يترك العمل وعالمه وراء ظهره وليعتبر هذه أجازة لراحة البال قليلا ..و الحقيقة أنهم جميعا يحبونه لرجولته معهم رغم عدم وفائه بمواعيده كثيرا.. رغم مداعبته لهم دائما بأن "صاحبك من باختك" و "خد صاحبك على عيبه" .. كانوا لا يرون أنفسهم بدونه في أي شيء
هو أيضا لا يملك من الحياة كلها سواهم ..أنهم أصدقاء العمر.. تأخذهم الأيام بعيدا ثم تعيدهم وهم كما هم لا يتغيرون ابدا ولا يتبدلون
عمرو أستاذ الجامعة مازال هو عمرو "ابن الناس الكويسين " كما يطلقون عليه
و محمد هو نفسه المحاسب الذي تغرب وسكن بلاد الخليج كي يرتبط بمن أحبها في الجامعة
ومازال وليد "روش" كما هو أيام الجامعة رغم عمله كمدرس
لا أعرف بالضبط ما هي المعايير التي عين على أساسها أستاذا مسؤولا عن جيل .. وحمدت الله يوما حين أجابني أنه مدرس كمبيوتر.." يعنى حاجه إدارية كده"..


أما هشام فهو "إتش" كما يلقبونه .. مدرس لغة عربية ودين كما ذكرت.. راهب المجموعة لو أحسنت التعبير.. ففي كل شلة تجد ذلك الواعظ المتفزلق على خلق الله ..و لكن للحق دائما ما كانوا يستمعون له جيدا في كل ما يقول .. لكنهم لا ينفذون شيئا منه فيغضب ويثور ثم يعود إليهم كانه لم يقسم أنه لا يريد معرفتهم
هذه الشلة كانت لا تقتصر على هؤلاء أبدا .. فبالطبع كان ينضم إليهم آخرون يلتصقون بهم فترة ثم يتركونهم إما لعدم الانسجام أو لظروفهم في الحياة .. والحقيقة أنهم على تنوعهم هذا شله محبوبة جدا .. وكل من يعرف عمرو يحب عظيما من حديثه عنه والعكس .. وهكذا كلهم .. علاقاتهم كثيرة ومتشعبة.. وكما يقال في أمثالنا الدارجة يحاكون طوب الأرض ولا يملهم أحد
لا تهم الرحلة بقدر تلك المواقف التي ستظل عالقة بينهم لا يمحوها سوى لقاءهم في العام الذي يليه .. لكن هذه المرة هناك شيء غريب .. شعور بالملل تسرب إلى الجميع .. فالدينامو المحرك لكل هذه المجموعة صانع بهجتهم أصبح ككمبرس صامت يذهب و يجيء معهم لكنه سارح طيلة الوقت لا يشاركهم ضحكهم إلا مجاملة ..


بعد أن أمضوا يومين "بالعافية" ولحرق الملل اجتمعوا في إحدى الغرف للعشاء وتحدث عظيمه :
أنا راجع بكره القاهرة معلش يا جماعه مش هاعرف أغيب عن شغلي أكتر من كده
محمد: ياعم مين سمعك يالا دلوقتي ونلحق نبات في بيوتنا
هشام : واحنا كنا جينا ليه بقا !!
وليد : نيس يا رجاله دي أحلا هوليداي في حياتي مش عايز تتكرر بليييييز
عمرو : خلاص يالا بينا نركب من محرم بيه تويتا لمصر ونخلص عشان مش هنلاقى تذاكر قطر
لملم الجميع حاجاتهم وتأهبوا ثم أنطلقوا إلى محرم بيك ومنها ركبوا إلى القاهرة لا يتبادلون الحديث إلا قليلا حتى وصل كل واحد منهم إلى منزله .. وحينما صعد عظيما إلى غرفته فتح حقيبة اللاب الخاص به وأخرجه منها


                 الحلقة الثالثه من هنا
stories
stories
تعليقات