رواية زهرة ولكن دميمة الفصل التاسع9 بقلم سلمي محمد




رواية#زهرة_ولكن_دميمة



الحلقة التاسعة


نظر لها السائق من خلال المرأة بشفقة، متمتما في سره


: أستر على ولايانا يارب. 


ضحى كانت في حالة من الصدمة افقدتها القدرة على إدراك وضعها وما ترتديه من قميص نوم شبه عاري مع شخص غريب، كانت تتنفس بعنف ودموعها لم تتوقف عن التساقط.


اتنزع السائق جاكت كان معلق بجواره، مد يده لها متحدثا بحرج : ياأنسة. 


نظرت بعيون دامعة من خلال زجاج السيارة للطريق الممتد إلى ما لانهاية، غير واعية لمناداة السائق لها، فهي كانت في حالة صدمة بسبب ماحدث لها وتحول حلمها بالزواج من فارس الأحلام إلى كابوس مرعب.


نادى بنبرة أعلى: يا آنسة. 


انتفضت ضحى على صوته مخرجًا أياها من هذيانها لتدرك وضعها المخزي.


أحنت رأسها هامسة: نعم. 


قال السائق: البسي الجاكت ده يابنتي. 


تناولته منه وقامت بارتدائه، وهي تشعر بالمهانة والذل ودموعها تزداد في التساقط. 


قال بعطف: اهدي كده يابنتي وخدي أشربي العصير ده. 


نظرت إلى يده الممتدة بعلبة العصير بخوف، فبادلها بنظرة مطمنئة قائلا بابتسامة خفيفة: أناهشرب منها عشان تطمني، قرب العلبه من فمه وارتشف عدة رشفات منها ثم قال اشربي عشان تهدي. 


تناولت منه العلبه وشربتها في صمت، عندما إنتهت تحدث السائق: أنا اسمي عم محسن، إنتي إسمك إيه؟ 


تمتمت بهمس: اسمي ضحى. 


قال محسن بفضول: أيه حكايتك وليه كنتي بتجري على الطريق. 


سردت له حكايتها وعندما أنتهت، قال محسن بشفقة: ده نتيجة التسرع في أي جوازة، المفروض كنتو تتأنو وتسألوا عليه الأول، الحمد لله إنها جات على كده وقدرتي تهربي منهم.


همست بألم :الحمد لله. 


سأل محسن: قوليلي عنوانك عشان أوصلك لإهلك. 


تمتمت ضحى: وهروح ليهم إزاي بالمنظر ده، ثم قالت له عنوان منزلها. 


قال محسن بعد لحظات من التفكير: أقرب محل هشوفه في طريقي هنزل اشتري ليكي أي لبس منه. 


همست بخفوت: شكرا. 


رد بابتسامة هادئة: العفو يابنتي، دي أقل حاجة الواحد يعملها، رنين هاتفه قطع حديثه، نعم يابيه. 


الطرف الآخر: وصلتهم ولا لسه. 


_وصلت البيه والهانم المنتجع وأنا في طريق الرجوع. 


_ عايزك تجيلي الشركة علطول، عشان هتوديني الساحل( مكان موجود غرب الإسكندرية) متتأخرش عليا. 


_ حاضر يا بيه مسافة الطريق. 


ثم أغلق المتحدث الهاتف مباشرة، حدث نفسه بضيق: بيقولى تعالى على طول وانتي بيتك بعيد تمامًا عن الشركة، زفر بحدة أعمل إيه دلوقتي. 


شعرت ضحى بالإحراج فقالت له: مش عايزه أعملك مشاكل في شغلك، أنت ممكن تنزلني في أقرب مكان على سكتك أركب منه أي حاجة توصلني البيت.


رد برفض: لا مش هيحصل أنا هوصلك لحد باب البيت، مينفعش أنزلك تركبي اي حاجة لوحدك وانتي بالوضع ده، لازم اطمن عليكي بنفسي. 


بعد عدة دقائق توقف محسن عند أقرب محل ملابس ملائم، دلف إلى المحل ثم خرج حاملًا عباءة لها. 


في داخل االسيارة، قال محسن برضا: لقيت حاجة مناسبة ليكي سهل تلبسيها.


عندما أرتدت العباءة همست ضحى بعرفان: شكرا ياعم محسن. 


محسن بابتسامة: العفو ثم قاد السيارة بسرعة لتعويض الوقت الذي استغرقه في شراء ثوب حتى لا يتأخر عليه. 


بعد عدة دقائق من انصراف زهرة، ذهب نجم إلى مكتب أكنان لمعرفة ماحدث.


بمجرد أن دلف إلى المكتب سأل مباشرة : عرفت تجيب الملف منها.


نظر أكنان إلى دخوله العاصف بصمت، ثم تناول ملف كان موضوع على مكتبه قائلًا بهدوء: الملف أهو


تبادل النظرات بين الملف وابنه بدهشة مختلطة بالفضول: أنا تعبت معاها في الكلام ومعرفتش أخد منها ولا حق ولا باطل وكل اللي على لسانها متعرفش الملف فين. 


نظر له بثبات: ليا طرقي الخاصة إللي خلتها تطلع بالملف. 


تحدث نجم بشدة: أنا هسجنها على إللي عملته. 


أكنان بهدوء : خلاص انا اتصرفت معاها وطردتها من الشركة. 


هتف بغضب :مش كفاية. 


_ أنت قولتلي اتصرف واتصرفت وجبت الملف وعاقبتها وقمت معاها بالواجب. 


_ مش عارف إزاي صعبت عليا يا أكنان وخلتني اشغلها بالرغم من رفضك، في الأخر طلع عندك حق. 


_ عشان تعرف إني عندي حق في كل كلمة اقولها. 


هز نجم رأسه بالإيجاب، ثم غير مجرى الحوار لموضوع أخر قائلا برجاء : ناوي ترجع تعيش معانا تاني امتى، مش كفايه كل السنين إللي فاتت. 


لمعت عينيه بالقسوة: أنسى وبلاش كلام في الموضوع ده، مش هرجع وقولتلك الكلام ده بدل المرة ألف.


شعر نجم بالذنب فهو أخطأ في حقه أكثر من مرة ثم قال برجاء: الموضوع ده فات عليه سنين وأنا غلطت في حقك ولحد النهاردة بطلب منك تسامحني. 


هتف أكنان بغضب مكتوم: تاني مش كفاية كلام في موضوع رجوعي عشان أنا تعبت، واتفضل أطلع من مكتبي عشان ورايا شغل. 


رد نجم بيأس: أنت إزاي بتقولي كده دي شركتي. 


هتف بحدة وبلهجة يشوبها الغضب: مش مش شركتك، أنت بس شريك فيها معايا بنسبة ٤٥٪لو كنت نسيت. 


ظهرت على وجه نجم علامات العجز، قال بيأس: أنا خارج ونفسي يبجي يوم وتسامحني على اللي فات. 


بمجرد خروجه جلس أكنان ووضع رأسه بين كف يديه، أصبحت نظراته شاردة تائهة بين العديد من ذكرياته المؤلمة، أول صدمة له عندما كان في الرابعة في أمريكا عندما قررت والدته أن تلد أخته الصغيرة هناك. 


عندما أتى والده حاملا طفل رضيع بين يديه وبجواره جدته أم والده، وعلى ملامح كل منهما الحزن الشديد. 


تحدث نجم بحزن: اختك بيسان. 


لم يكن أكنان واعي لملامحهم الحزينة، قائلا بصوت طفولي: ممكن اشيلها بابي. 


ردت عليه جيلان بحزن: بعدين هخليك تشيلها ياكينو، ثم قامت بمناداة المغربية، خدي بيسان طلعيها الاوضة بتاعتها


ردت أن: حاضر جيلان هانم. 


سأل أكنان ببرائة طفولية: هي مامي مش جيت معاكم ليه؟ 


قامت جيلان بحمله، تحدثت بحزن :مامي مش هتشوفها تانى، إحنا كلنا مش هنشوفها تاني. 


رد ببراءة: هي سافرت. 


ردت جيلان نافية: لا مش سافرت فاكر جدو يا كينو لما قولتلك أنه مات، هز رأسه بالإيجاب، ومش بقيت بتشوفه تاني مامي هي كمان مش هتشوفها تانى. 


لم يستوعب عقله الصغير معنى كلماتها في بادىء الأمر ولكن تذكر جده الذي لم يعد يراه بعد الأن، هل أمه ستكون كجده لن يراها ابدًا لمعت عينيه بالدموع قائلا بخفوت: مامي ماتت زي جدو ومش هشوفها تاني. 


لمعت عينيها بالدموع وهي ترد: أيوه يا كينو. 


عند سماع أجابتها هرول مسرعًا صاعدًا الدرج، فتح غرفة أمه وقضى فيها طوال اليوم لا يريد الكلام أو تناول الطعام ومرت أسابيع حتى استطاعت جدته أخراجه من حالة صمته بالاستعانة بطبيب متخصص، أما والده ظل بعيدا عنه وكان عمله هو رقم واحد في حياته متناسيا رضيعته وطفله الصغير، مرت ستة أشهر على هذا الوضع ظل الصغيرين مع جدتهم في منزل عمهم وزوجة عمهم يقومون برعايتهم، حتى أتى اليوم الذى غير حياة أكنان من حياة لطيفة مع عمه وزوجته إلى حياة بائسة. 


اليوم الذي تزوج فيه والده الزوجة الثانية بعد أمه. 


نجم بابتسامة: تعالى يا أكنان، أعرفك على مراتي كاميرون. 


هو كان مجرد طفل صغير بفطرته الطفولية لم يشعر بالراحة من نظراتها، لم يشعر سوى بالكره الفطري تجاهها، ظل أكنان صامتا في مكانه لا يريد التحرك من مكانه خطوة واحدة. 


ردد نجم بحدة : بقولك تعالى هنا سلم على مامي كاميرون. 


رد برفض وعينيه تلمع بالدموع : دي مش مامي وهرول هاربًا إلى داخل الفيلا وعندما رأى جدته رمى نفسه في حضنها باكيًا، دي مش مامي ياجوجو. 


حدثت جيلان نفسها بغضب: بردو عملت إللي في دماغك واتجوزتها، شددت احتضانها له وهمست برقة: أطلع اوضتك دلوقتي يا كينو زمان بيسان بتقول روحت فين. 


رد بصوت طفولي متألم: حاضر ياجوجو. 


خرجت جيلان بعدها مباشرة إلى الحديقة، وبدل الذهاب إلى الأعلى كما طلبت منه جدته ذهب خلفها بفضول، وهو واقف في مكانه سمع أصواتهم الغاضبة وانفعال جدته وهي تتحدث. 


هتف نجم بغضب: كاميرون مراتي وهتروح معايا في أي مكان هبقى موجود فيه. 


قالت بانفعال : وأنا هفضل هنا، مستحيل أعيش مع المخلوقة دي في نفس المكان. 


تحدث أكنان بغضب: أسمها كاميرون، واعملي اللي يريحك خليكي هنا مع فاضل، هيكون الاحسن ليكي وليا. 


- والولاد هتاخدهم معاك. 


- طبعا هاخدهم معايا. 


سافر نجم بعدها مباشرة وأخذ الطفلين وزوجته إلى مص، وجدتهم سندهم ظلت في أمريكا مع أبنها فاضل. 


ظل الطفلان مع كاميرون والاب طوال الوقت منشغل في شركته. 


في هذا الوقت زاهر كان صديقه الوحيد الأخ الأكبر لهم كان في الثامنة من عمره ولكن رغم صغر سنه فهو أنقذه من موت محقق عندما حاولت قتله، كان يلعب مع أخته الصغيرة بالقرب من حمام السباحة عندما طلبت كاميرون من الخادمة : روحي هاتيلي واحد اسبريسو. 


الخادمة: حاضر ياهانم، وبمجرد دخوله نظرت حولها وعندما تأكدت من خلو المكان، زينت شفتيها أبتسامة صفراء ثم تحدثت إلى أكنان: روح هات الكورة دي. 


نهض أكنان من جوار أخته وخطى بقدميه الصغيرتين تجاه الكرة التي كانت موضوعة على الحافة وقبل أن تلمس يديه الكورة قامت بدفعه ليهوي في الماء، أتسعت عينيه البريئة برعب ومد يديه الصغيرة لها   بتوسل وهو يبتلع الماء وجسده يغوص إلى الأسفل، لكنها ظلت واقفة تشاهد محاولته الواهية لإنقاذ نفسه، وابتسامة كريهة تعلو شفتيها وعينين تلمع بالشر، نظراتها له انحفرت في عقله الصغير.


رأى زاهر ماحدث من داخل الملحق المخصص لعائلته، هرول مسرعًا إلى الخارج، قفز في حمام السباحة وأخرجه، كان لا يتنفس وضعه على النجيلة،   تحت أنظار كاميرون الغاضبة تسمرت في مكانها من شدة الغضب فهي لم تتوقع ظهور هذا الطفل وإنقاذ أكنان من الغرق، لكنها لم تعلم أن زاهر رأى كل شىء وأنها قامت بدفعه. 


قام زاهر بعمل تنفس صناعي له، فهو من صغره كان والده يعلمه فنون القتال وأبسط خطوات الاسعافات الأولية، والده ناصر من ضمن الحرس لدى نجم وكان يريد تنشئة زاهر ليكون الأفضل، وبعد دقيقتين قضاها     زاهر في محاولة إنقاذه، شرق أكنان الماء من داخل فمه وأخذ فى التنفس بحدة، عندما فتح عينيه الصغيرتين نظر لمنقذه بامتنان


زاهر برقة : أنت كويس.


هز أكنان رأسه هامسًا: آه كويس.


وطوال هذا الوقت ظلت كاميرون ساكنة في مكانها تفكر في طريقة للتخلص من ورطتها إذ تجرأ أكنان وقال انها لم تساعده وظلت تشاهد غرقه، هتفت لنفسها بإنتصار، سوف أقول أن الصدمة شلتني عن الحركة. 


عندما أطمئن زاهر على أكنان نظر الى كاميرون بقسوة لا تتناسب مع صغر سنه: أنا شوفت كل حاجة. 


اتسعت عينيها بصدمة : أنت بتقول أيه؟ 


ردد زاهر بقسوة : شوفتك وأنتي بتزقيه في الميه. 


جذبته من ذراعه قائلة بلهجة مرعبة : مفيش حد هيصدقك. 


ضحك زاهر بمكر: انتي متأكده، باين عليكى متعرفيش أن في كاميرات محطوطة في الجنينة. 


أمسكته بقسوة وصرخت في وجهه: أنت كداب وعايز توقعني في الكلام. 


أتى ناصر عندما رأى ما تفعله كاميرون مع أبنه. 


سأل ناصر بلهجة غليظة : سيبي زاهر لو سمحتي يا مدام. 


انعقد لسانها من شدة الخوف وهي ترى نظرات زاهر المتشفية. 


تحدث زاهر قائلًا: كاميرون زقت أكنان في حمام السباحة وكانت عايزه تموته. 


ناصر في بادىء الامر لم يلاحظ أكنان، نظر إلى الأسفل، رأى أكنان مبتل الملابس فقام بحمله من على الأرض وأحتضنه برقة. 


هتفت بصوت مرتعش: إبنك كداب أنا معملتش كده. 


قال زاهر بثقة: عندك الكاميرات يابابا وأنت هتتأكد من كلامي.


نجم بعد معرفته ماحدث ومحاولة كاميرون قتل أبنه، طلقها في الحال وتم سجنها. 


منذ هذا اليوم وزاهر أًصبح مسئول عن أكنان وبيسان ولم يفارقهم قط. 


رجع أكنان من ذكرياته المؤلمة على صوت طرقات باب مكتبه 


دخل كريم قائلا بابتسامة : أزي الأحوال، تمعن النظر في وجهه فرأى ملامحه كئيبة عابسة، بس أنا شايف المنظر بيقول مش تمام. 


هتف بحدة : خلص يا كريم وقول عايز أيه. 


كريم تصنع الحزن : ده جزاتي عشان حبيت أشوفك قبل ما أسافر الساحل. 


_ مسافر ليه؟ 


كريم بتنهيدة ضيق : في شوية مشاكل هناك فهضطر أروح عشان أحلها وقلت قبل ما أسافر أجي أشوفك ولقيت أحلى ترحيب منك، يلا سلام. 


_ سلام ومتنساش تقفل الباب وراك. 


_ أصيل يابن عمي. 


ثم خرج من المكتب تاركًا أكنان وحيدًا لترتسم على وجهه ملامح قاسية. 


*****


عندما وصل محسن أمام باب الشركة وقبل أن خروجه من السيارة قال: هسيبك شوية. 


همست قائلة: مش عايزه ليك مشاكل ياعم محسن أنا ممكن أنزل وأركب أي حاجة. 


قال برفض: خليكي أنتي مش هتتحركي من العربية، صاحب الشغل قلبه طيب ولما أقوله هوصلك مش هيقول حاجة. 


_ بلاش ياعم محسن مش عايزه مشاكل ليك. 


_ مفيش مشاكل يابنتي. 


ثم خرج من السيارة وعندما أبتعد قام بالاتصال بصاحب العمل. 


تحدث محسن : أنا وصلت ياكريم بيه ووقف قصاد باب الشركة. 


رد كريم بهدوء: تمام دقايق وهكون عندك. 


قال محسن: قبل ماحضرتك تقفل أنا عايز أقول لحضرتك حاجة. 


كريم بتساؤل: حاجة أيه؟ 


قال محسن بتردد: في بنت غلبانة معايا في العربية ياريت حضرتك تخليني أوصلها عند أهلها. 


هتف كريم بحدة : أنت هتلم الناس من على الطريق عشان توصلهم. 


رد محسن: أبدا يابيه دي بنت تستاهل حضرتك تساعدها، ثم قص عليه ماحدث لها. 


فكر كريم للحظات في غرابه ماسمع ووجود فتاة على الطريق شبه عارية تطلب النجدة من شخص غريب، وبالصدفة يكون السائق يعمل لديه فهناك إحتمال أن تكون الفتاة طعم له، فليست هذه المرة الأولى التي يحاول فيها منافسيه بالزج بفتاة في طريقه. 


قال كريم ببرود: أنا جايلك أشوف البنت دي. 


شعر محسن بالقلق من نبرة صوته.


في خلال دقائق كان كريم بالخارج بجوار محسن: قائلاً ببرود : فين البنت؟ 


رد محسن : في العربية. 


ذهب كريم باتجاه السيارة وقام بفتح بابها مباشرة، تفاجأت ضحى بنظرات شخص تتفحصها بتمعن. 


سأل كريم : هي دي 


أجابها محسن بقلق : أيوه هي يا بيه، بعد إذن حضرتك ممكن أوصلها لأهلها. 


ساد الصمت للحظات ليرد قائلًا بهدوء : وصلها يا محسن ثم دلف جالسًا بجوارها. 


نظر محسن للوضع بدهشة: وحضرتك. 


نظر لها كريم بتمعن متأملًا أياها، أعجبه ما رأى فأطلق صفيرا خافتا. 


ردد محسن كلامه: وحضرتك يا بيه. 


نظر له قائلًا: وحضرتي أيه يا محسن. 


_ هطلع بيك على الساحل دلوقتي. 


غمز لها مبتسما بمكر: هتوصلني بعد ماتوصل الآنسة لبيت أهلها الأول. 


رد محسن: حاضر يابيه. 


شعرت ضحى بعدم الراحة من نظراته لها، تحركت في مكانها بانزعاج، اضطرت للنظر من خلال الزجاج تجنبًا لنظراته الغير مريحة. 


أبتسم كريم بمكر محدثا نفسه بأن لعبتها ستنكشف بمجرد توصيلها الى بيتها المزعوم


عندما دلفت زهرة إلى داخل البيت وجدت ام ضحى في انتظارها وفى حالة مزرية


تحدثت إليها بلهجة منهارة: ضحى متصلتش بيكي يازهرة. 


ردت بقلق: لا مش أتصلت بيا. 


_ أنا بتصل بجوزها مش بيرد ورحنا شقتها مش لقينا حد ولما قولنا نسأل البواب مكنش نفس البواب. 


_طب سألتو البواب. 


هتفت بدموع : قال مفيش حد بالاسم ده ساكن في العمارة أسمه كمال ولما قولتله على الشقة، قال كانت متأجرة من الباطن لمدة شهر لواحد اسمه نادر. 


زهرة بصدمة: يا لهووي وضحى. 


هتفت ببكاء: مش لقينها يازهرة، ثم لطمت على صدرها وهى تتكلم بنتي ضاعت يازهرة. 


_ متقوليش كده أن شاء ضحى ترجع لينا بالسلامة. 


_ مش باين ثم رفعت صوتها بالبكاء والصياح روحتي فين ياضنايا. 


بالقرب من مدخل باب البيت رأت زهرة سيارة تقف، خرجت منها ضحى. 


هتفت زهرة بانفعال: ضحى جات


أمينة بنظرات زائغة: فين هااا فين. 


أشارت باتجاه مدخل المنزل ثم قالت: هناك


بمجرد رؤية ابنتها هرولت مسرعة تجاهها وهي تهتف بدموع: ضنايا، وأخذت تمرر يديها على وجه ابنتها وراسها، انتي كويسة 


هزت ضحى رأسها بالإيجاب وبصوت مبحوح : أيوه ياماما. 


تابع كريم المشهد من داخل زجاج السيارة ...شعر وقتها أنه أساء الظن بحقها ولكن بمجرد خروج زهرة، تذكرها إنها تعمل في شركة القاسى وعندها تسرب الشك مرة أخرى ماذا تفعل هذه الفتاة هنا. 


تحدث كريم الى محسن أمرًا: أطلع اطمن. 


_ حاضر ثم خرج من السيارة واقترب من ضحى قائلًا لها: أنا همشي يا ضحى والحمد لله إنك رجعتي لأهلك بالسلامة. 


أمينة بتساؤل: مين ده يا ضحى. 


ردت ضحى: ده عم محسن اللي أنقذني من كمال ولولاه كنت هواجه مصير أسوأ من الموت.


زهرة بقلق : هو حصل إيه يا ضحى بالظبط


قالت ضحى بحزن : حصل معايا بلاوي يا زهرة من تحت راس اللي مايتسمى كمال. 


سألت أمينة برعب: قوليلي حصل معاكي أيه. 


قالت زهرة: فوق مش في الشارع. 


هتفت أمينة: عندك حق. 


محسن قال: أنا همشي بقى. 


ضحى برجاء: طبعا هتيجي تزورنا، أنت جميلك فوق راسنا وقامت بتعريفه على أمها وزهرة صديقتها الوحيدة. 


محسن بابتسامة: اتشرفت بمعرفتك وطبعا هجي أزوركم ألقى السلام ثم انصرف. 


بمجرد دخول محسن السيارة واحتلاله مقعد السائق.


سأل كريم: مين اللي كانو معاها دول. 


_ أمها وصحبتها زهرة. 


_ أطلع بينا على الساحل، أنت قولتلي أسمها أيه بالكامل واسم الشخص اللي أتجوزته. 


عندما أخبره محسن أخرج هاتفه وقام بالاتصال بأحد الاشخاص قائلا : عايز كل المعلومات عن التلاته دول وقام بأخباره بالاسماء، وعندما أغلق الهاتف حدث نفسه قائلا : هعرف حقيقتك يا ضحى. 


*****


صعدت زهرة مع ضحى وأمها وجلس الجميع وأخذت تحكي لهم ماحدث وسر رجوعها مع سائق غريب. 


حسام بغضب: والله لأخلص عليه. 


عبد الفتاح بغضب مكتوم : ده أخر التسرع مش ده العريس اللى كنتى ملهوفة عليه وقولتلك أًصبري. 


قالت أمينة : البت فيها اللي مكفيها مش كفاية اللي جرالها والحمد لله أنها طلعت سليمة منها. 


عبد الفتاح بانفعال : طلعت سليمة وبفضحية في المنطقة. 


ردت أمينة بضيق: أحمد ربنا أنها جات على كده. 


همست زهرة إلى ضحى: تعالي بينا يا ضحى على اوضتك، هستأذن منك ياعمي هاخد ضحى وهدخل بيها الأوضة. 


رد قائلًا بانفعال: خديها ثم نظر الى زوجته، أنتي وهي السبب وانت كمان يا حيلتها، هو ده اللى سألت عليه أهي أتحسبت على أختك جوازة، ليعلو صوته بالصياح مع زوجته وأبنه. 


في الداخل وضعت ضحى يديها على أذنها لتمنع عنها سماع أصوات شجارهم، انهمرت دموعها بغزارة. 


زهرة برقة : أهدي يا ضحى وتحركت تجاه الدولاب واخرجت لها ملابس للنوم، مدت يدها إليها بالملابس خدي البسي يا ضحى وحاولي تنامي وأنسي اللي حصل عشان ترتاحي.


أخذت ضحى الملابس من يديها وقامت بتغيير ملابسها واتجهت مرة أخرى ناحية السرير صامتة. 


قالت زهرة بعطف: نامي يا ضحى ولو أحتاجتيني في أي وقت أنا موجودة، تصبحي على خير. 


ضحى بألم: وانتي من أهل الخير. 


*****


بمجرد أن دخلت زهرة الى شقتها، أسرعت ماشا لملاقاتها ملتفة حول قدمها


حملتها زهرة قائلة: وانتي كمان وحشتيني، الحق أغير هدومي وأحضر لماما وليكي العشا، عشان الحق اصحى بدري. 


حضرت زهرة العشاء لأمها ثم أطعمت ماشا وعندما أنتهت ألقت جسدها المتعب فوق الفراش، نظرت للسقف بشرود ولمعت عينيها بالدموع بسبب    مامرت به بداية من لقائها با أحمد وماحدث في الشركة وتلفيق أكنان تهمة السرقة ليذلها كيفما يشاء وأختتم نهاية


 اليوم بما حدث لضحى، رن المنبه عند الرابعة صباحا، استيقظت زهرة بصعوبة فقد نامت في وقت متأخر، أعدت إفطار والدتها وماشا بسرعة ثم ذهبت إلى غرفة والدتها، رأتها تصلي الفجر وعندما إنتهت قالت زهرة بابتسامة :حرمًا 


ردت لها الابتسامة : جمعًا ياقلبي، انتبهت لم لابسها، فقالت بتساؤل أنتي لبسه ورايحة فين دلوقتي؟ 


_شغل جديد ميعاده ستة الصبح. 


_وشغلك في الكافيه. 


_ المدام باعت الكافيه والمالك الجديد قفله، والنهاردة هستلم شغل جديد عند واحد غني اوي والمرتب خيالي ادعيلي يا أمي. 


_ علطول بدعيلك يا بنتي، ربنا يتمملك على خير. 


أقتربت منها زهرة وحضنتها ثم انصرفت بعدها مباشرة وصلت في الميعاد، توقفت أمام فندق ضخم وعندما دلفت إلى داخله تأملته بانبهار وتوجهت ناحية عامل الاستقبال. 


نظرت لها الموظفة بدهشة فشكلها وملابسها لا يتلائم مع فخامة المكان : نعم حضرتك. 


زهرة برهبة : أنا موظفة جديدة عند أكنان بيه. 


قالت بذهول : أنتي! 


قالت زهرة بحدة : أيوه أنا. 


الموظفة : ثواني هتصل بموظفين الطابق عنده


هسمت لنفسها: هو عايش في دور كامل لوحده وعنده موظفين للدور بتاعه مخصوص. 


أنهت الموظفة الاتصال وأشارت لها: أركبي الاسانسير إللي هناك ده هيطلع بيكي علطول على شقة أكنان بيه. 


تمتمت وهي تقول: اسانسير مخصوص كمان، ركبت المصعد وبمجرد خروجها كان في انتظارها موظفي الأمن لديه. 


الفتاة الجالسة على الكرسي قالت لها بلهجة عملية : أي حاجة معدنية حطيها هنا وعدي من خلال الجهاز ده. 


مرت زهرة من خلاله واستقبلها شخص أخر : هاتي البطاقة بتاعتك ولما هتخرجي هتخديها معاكي، مرت زهرة على عدة أشخاص حتى وقفت أمام أخر الشخص الذي معها طرق االباب، همست زهرة لنفسها بتريقة : لو هقابل الرئيس مش هيتعمل معايا كده. 


فتحت لها رئيسة الخدم: أدخلي معايا، ذهبت بها الى المطبخ. 


نظرت زهرة الى المطبخ بنظرة بلاهة متمتمه بخفوت كل ده مطبخ ده أد شقتنا كلها تلات أربع مرات. 


نظرت لها رئيسة الخدم متأمله إيها ببرود: بتقولي حاجة


زهرة نافية : لا


كاترينا أٍسمي كوكو هنا وأنتي هنا عشان هتحضري فطار أكنان بيه وفنجان قهوته هو بيفطر الساعة ستة ثم نظرت إلى الساعة، خلال نص ساعة يكون فطاره وقهوته جاهزة ومليكش دعوة بأي حاجة تانية مفهوم كلامي


ردت زهرة بسخرية : مفهوم يا مدام 


كاترينا بانفعال: أنسة كوكو


أخفت زهرة ابتسامتها بصعوبة: لمؤاخذة يا آنسة


_ تعالي أوريكي أوضة أكنان بيه 


_ وليه هشوف اوضته 


ردت بلهجة جليدية : عشان أنتي هتودي ليه الفطار بنفسك


زهرة بصدمة : أناا 


قالت كاترينا: أيوه إنتي وأشارت إلى غرفته، اوضته إللي هناك ويلا روحي على المطبخ اعملي الفطار أكنان بيه بيفطر ستة بالظبط


أعدت زهرة الإفطار وهي تشعر بالغضب، فكلمة لا ليس من حقها فهي رضيت أن تكون له خادمة، حقه أن يأمر فيها كيفما شاء عندما إنتهت من إعداد



 الإفطار ولى الغضب ليحل مكانه مشاعر مضطربة،كيف ستدخل الي غرفة نوم رجل غريب عليها، كل دقيقة تمر تخبرها أن الوقت حان لتزداد انفعالا لدرجة أنها أخذت تتنفس بحدة، حملت الصينية على يديها وتحركت باتجاه غرفته بخطى تحاول أن تجعلها ثابتة على قدر المستطاع وقفت خلف الباب عدة ثواني وهي تمارس تمرين النفس. 


تمتمت لنفسها :خدي نفس عميق وادخلي واعتبريه مش موجود قصادك حطي الصينية وأخرجي علطول


طرقت على الباب عدة طرقات متتالية وبعد دقائق من الانتظار وعدم الرد، قررت الدخول ووضع الصينية بجوار الفراش ثم الإنصراف سريعا، فتحت

 الباب ودلفت للداخل وهي منحنية الرأس تخطو بحذر، رفعت رأسها بسرعة، لتحديد أقرب   مكان تضع عليه الصينية، لكن بدون ارادة منها وقعت عينيها عليه وهو نائم.


تمتمت لنفسها بضيق :البيه بيفطر قال ايه سته بالظبط وآمال ده أسمه أيه. 


وضعت الصينيه على الكمودينو المجاور للسرير وهي منحنية الرأس تتجنب النظر له مرة   أخرى، ثم تحركت ناحية الباب لكن قبل أن تمسك مقبض لتحركه سمعت صرخة عاليه صادرة منه، تسمرت في مكانها مرعوبة

 هل فعلت شيء خاطىء، تستحق من أجلها هذه الصرخة التفتت وهي تشعر بالخوف     ، اتسعت عينيها بالصدمة وهي تراه مغمض العينين محركا يديه بعنف في الهواء، همست زهرة

 لنفسها:ده باين عليه كابوس، يستاهل ده نتيجة دعوات اللي بيظلمهم زي حالاتي رأت من مكانها شفتيه تتحرك بالكلام، امتلكها الفضول لمعرفة سبب كابوسها. 


تمتم هو نائم بخفوت: سامحيني يازوزو


أحنت رأسها حتى تتأكد ماذا يقول، وفي لحظة وجدت نفسها في الأسفل وهو إعلاها ناظرا

 لها بعيون زائغة:تعالي بس معايا


هتفت زهرة برعب فهو لم يكن في وعيه:فوق


_أنا عارف اشكالك كويس عايزين إيه


أصابت زهرة حالة من الهلع، صرخت في وجهه:أبوس إيدك فووق

                      الحلقه العاشرة من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات