أخر الاخبار

رواية حب وانتقام الفصل السابع عشر17 والاخير بقلم ليلي مظلوم


 

روايةحب وانتقام (17)..



الفصل السابع عشر والاخير 



بقلم ليلى مظلوم 

خيم الصمت من جديد ..وهذا ما أخافني صراحة ...كيف يمكن لفتاة أن تعترف بمشاعرها إلى الشخص الذي تحبه ..ألا يعد هذا خطأ إجتماعيا ..مع أن الأديان لم تحرم هذا ..لكني تسرعت ..ما كان يجب أن أقولها ..ماذا أفعل الآن لقد أحرجت الرجل ..وفجأة نطق مروان: وأنا أحبكم جميعا يا عندليب ..


فتجاهلت الأمر كما تجاهله ..جوابه يعني أنه لم يفهم قصدي أو تظاهر بذلك ..بكل الأحوال لابأس هذا أفضل من الأخذ والرد وقول: أحبك مثل أختي ..أو صديقتي ..واعذريني ..الخ ..


مضى عامان بعد تلك الحادثة ..ولكنها لم تُنس… فكل يوم كنت أسترجع الأحاديث بيننا في ذاكرتي ..ويكون ما قلته طليعة الذكريات… واستمرت الأحاديث بيننا دون بث الأشواق ..لا أعلم من أين تأتي صراحة ..وكأنها تشحن نفسها لتطول وتطول ..أحاديث متنوعة ..ولكن أما آن لها أن تنضب ؟؟!!بل على العكس فهي تزداد تشويقا وإثارة ..وجعلتني أفهم مروان أكثر ..ماذا يحب وماذا يكره ..رأيه في الأديان ..رأيه في السياسة والأفكار والإقتصاد ..طعامه المفضل ..شرابه الزاكي ..الأماكن التي يحب ارتيادها.. نوع العلاقات التي يفضلها ..الصور التي تستهويه ..رأيه بالوطن والغربة ..كل شيئ تقريبا ..وإن كنت أختلف معه في بعض النقاط إلا أنني تعلمت منه احترام الرأي الآخر ومعتقداته وطبعه ..فتلك جبلة الله ..ولا حقيقة ثابتة.. الزمن ليس الزمن ..بل هذا يعتمد على أحاسيسنا ..فقد يطول عند اللحظات الحزينة ويقصر عند اللحظات الجميلة ..حتى المسافة ليست المسافة ..مروان بجسده بالنسبة إلي كأنه في كوكب آخر أو كون آخر ويحتاج لسنين ضوئية حتى أصل إليه ..ولكن روحه معي تعيش في قلبي ..أحببته كثيرا ..وكنت أحيانا أنزعج من عدم تلميحه لأي شيئ عن مشاعره فتارة يقترب وأخرى يبتعد ..لكني ارتأيت أن أكون حاضرة معه ..فنعيش الحاضر سوية ..وننسى الماضي ..ولا نقلق من أجل المستقبل ..ولكن حدث ما لم يكن  بالحسبان ..فذات يوم قال لي :باركي لي يا عندليب ..لقد قررت الزواج ..وأخيرا اتخذت هذا القرار بعد طول تفكير ..


يا إلهي ..ما هذا ..أنا أحلم به يوميا ..وأنتظر حديثي معه بشغف ..وهو يفكر بفتاة أخرى غيري ..يا لحظي العاثر ..ولكن لابأس يكفي أنني أمضيت وقتا ممتعا بالحديث معه ..وسأنساه بعد فترة من الزمن ..الزمن كفيل بكل شيئ ..سأتعذب وأنا أخرجه من روحي كما تتعذب الأم عند تلد طفلها ..ولكن الطفل خرج في النهاية وأبصر النور ..وأنا سأبصر النور… 


زفرت بحزن وقلت بنبرة عادية أو هذا ما اعتقدته حينها: مبارك لك ..بالرفاه والبنين ..


-شكرا لك. .وأعدك أنك ستكونين أول المدعوين حتى لا تغضبي وتحظريني مجددا بحجة أنني أخفيت عنك الأمر ..


وخطر إلى بالي أن عروسته فرنسية الجنسية ..وهو يود الحصول على تلك الجنسية ..والزواج أسهل طريق لذلك ..ولكن كيف سيدعوني إلى زفافه ..ألن يكون الزفاف في فرنسا ..أم أنه سيحضر ست الحسن معه إلى لبنان فيتزوجان مجددا ..كرمى لإرضاء المجتمع ..وخاصة أنه من ضيعة محافظة.. 


بعد إخباري بأمر زواجه لم أعد أشعر بذلك الحماس للتحدث إليه ..لأنه ليس من حقي أن أحب ما ليس لي أولا ..ولا أريد جمع ذكريات أخرى تربطني به ولو كان هاتفيا ..فعندما سأقوم بعملية إخراجه من ذاكرتي أو من روحي ينبغي أن يكون الذي يفرقنا أكثر من الذي يجمعنا ..وأنا على يقين تام أنني سأنساه ولكن دون جراح هذه المرة ..وأستغرب من الذين يموتون من أجل حبيبهم ..لماذا هذا التعلق وهذا اليأس ...إن جمعتنا الأيام في منزل واحد فأهلا وسهلا ..وإن فرقتنا علينا أن نتقبل الأمر ونعمل على إنقاذ أنفسنا من لعنة الحب ..ليس بالإستغفار طبعا بل بالتفكير السليم فيتحول عذابنا الجحيمي إلى عذاب يصعد بنا إلى الجنة… هذا ما تعلمته من مروان ..فهو الداء وهو الدواء.. 


وبدأ تواصلنا يتلاشى شيئا فشيئا ..إلى أن وصلنا لدرجة عدم التحدث ليومين أو ثلاثة أيام ..وربما أسبوع ..وقررت الإنصراف إلى نفسي ..ويكفي لحد الآن ما فعلته بها ..فبت أمارس الرياضة ..وأذهب إلى البحر عندما يكون الطقس ملائما.. أتأمل نفسي والطبيعة حولي وأتعلم منها الكثير ..


وفي أحد الأيام عدت إلى المنزل بعد أن ذهبت للتسوق ..فلم أجد ما يناسبني صراحة ..فتحت الباب بمفتاحي الخاص ..ولا أعلم حينها لماذا رجف قلبي وتسارعت نبضاته ..وما إن دخلت إلى المنزل حتى فوجئت بمروان ومعه ضيوف آخرون في منزلنا ..وازدادت النبضات ..يبدو أني لم أشفَ منه يا لتعاستي ..ليته لم يعد لأكون مرتاحة البال ..ألقيت تحيتي بأدب ..كانت نظرات مروان غريبة ...وانتهز الفرصة لأنظر إليه ثم همس لي :اشتقت إليك ..


لماذا تريد يا هذا أن تبعثرني ..لماذا تريد لقلبي أن يتفتت ..أخرج مني ..ودعني أعيش بسلام ..


وفجأة قال الضيف الذي برفقة مروان: بصفتي أخ مروان الأكبر وبما أن والدي ووالدتي متوفيان  ..أريد أن أطلب يد ابنتكم عندليب لأخي مروان ..


أووووه ما هذه المفاجأة السارة القاهرة ..وتوجهت الأنظار إلي ...فقلت بعفوية :طبعا موافقة ..


ثم جلست أنا ومروان على انفراد


وبدأ يشرح لي ما حدث معه: عندما أخبرتك بقرار زواجي كنت أقصدك أنت ..وعندما أخبرتني بحبك اطمأننت أنك ستوافقين ..وعندما تأخرت باختيار الزواج لأنها ليست خطوة سهلة نحن لا نلعب ..وأنا على يقين أنك حبيبتي وزوجتي المناسبة ..وأنا حبيبك وزوجك المناسب ..لا أرى الحب في  القصص والروايات والمسلسلات ..كلها برمجات تؤثر على مشاعرنا واختياراتنا ..وأنا كنت داءك ودواءك ..وأنت دوائي فقط 😅😅الحب هو ما أشعر به حقا وليس ما أستشعره ..هل فهمت قصدي ...؟


-طبعا!! 


كم أحب هذا الرجل ..الذي تزوجت به وأنجبت منه صبي وبنت ..واكتفينا بهذا القدر ..وبالطبع فقد عشنا في فرنسا ..ولم نأت إلى لبنان إلا من أجل التنزه ورؤية الأحبة ..فمروان علمني أن أمتلئ بنفسي ..وأمتلئ به ..لا للدراما العاطفية ولا للمشاعر المبرمجة المزيفة ..


وذات مرة ذهبنا للتنزه عندما كنا في لبنان..وبينما كنت ألاعب ولديّ أنا ومروان في مدينة الألعاب ..التقيت بجمانة وأيوب وكل منهما يحمل طفلا… العجيب أنني لم أشعر بأي شيئ تجاههما وكأني أراهما لأول مرة ..فهما قد ماتا بعيني قبل أن يموتا من الوجود ..ولحد الآن لا أعلم إن سامحتهما أم لا ..لكني لا آبه لهما أبدا ..ومع هذا ألقيت تحيتي عليهما ..وعرّفت مروان بهما ..الذي لم يتخذ أي ردة فعل ..وعندما تجاوزانا سمعت صراخ جمانة وهي تطالب أيوب بتفسير لانقباض قلبه ومصافحته إياي بعيني العاشق ..وهو يرد عليها بصوت أعلى أن تصمت ويلعن الأيام التي جمعتهما سوية… 



                         تمت

 لقراءة باقي الفصول اضغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close