رواية المتحول الوسيم
الفصل السادس عشر
شهقت وهى ترى هذا السكين الحاد موضوعًا بالقرب من كبدها حتى شعرت بتمزق ملابسها أثر الضغط على جسدها .
_ أدخلى ....يلا .. يا تييت.
لم تتخيل أبدا أن إبن عمها الثاني شقيق لبني قد يفعل ذلك ، ولما ..
دخلت الى السيارة والرعب يسري داخلها بامواج ترعد وتبرق حتى نزلت الدموع وعادت بطوفان من جديد . وزادت حينما رأت اشقاءه بالداخل ينظرون إليها كالذئاب الجائعة التى تريد نهش الفريسة من عنقها .
وما إن جاءت لتتحدث بين شهقاتها ، وضع الأخ الأكبر حول فمها شريطا لاصق يمنعها عن التحدث . وقام بإمساك وجها بقوة مقربا من وجهه ينظر اليها بتفقد ساخر ، مرعب ، من عيناه الصفراء .
وأنهال عليها بالصفع على وجنتيها الحمراء ،لتلتهب أكثر .
نظرت اليهم بخوف والأصعب أن عيناهم بها الإجابة على كل تساؤلاتها .
يضحكون بسخرية وهم يرواشقيقهم الأكبر يقوم بمسكها من شعرها وجذبه بقوة .
أنينها الصادر من بكائها وحسرتها ،يبدوا كا نغمة طرب تصل الى أذنهم حتى يظهر إستمتاعهم بها بهذا القدر .
ودموعها تبدوا كابئر ينفجر منه المياه ، التى انتظرها أهل قرية جف منها الماء اعواما ، حتى يفرحون بهذا القدر وهم يروا إنكسارها بشلالات دموعها .
_ مش مكفيك أنك طلعت تتييييت ، لا وكمان عاوز تخطف جوز اختنا ، دا أنت جريئ أوووى
قالها الاخ المتوسط وهو يقود السيارة وينظر من مرآته الأمامية التى تصل صورتها بها .
فهتف الأخ الأصغر وهو يمسك بشعراتها الحمراء ويلثمه بأنفه .
_بس اللى عمل العملية دى شاكله شاطر .
_ هنعرف كلنا لما نوصل ، أنا عندى فضول ، شال أجهزته وركب الحاجات التانية دى إزاى . قالها الاخ الاكبر وهو يقوم بتمرير يده على جسدها ، تحت أنين صرختها المكتوم .. التى تشبع غريزتهم السيئة .
ضحك ثلاثتهم بقوة داخل السيارة وعيونهم تلمع بخبث حاقد .
تميل برأسها بالنفى ووجها غارق بماء دموعها المالحة حتى إبتلت يد الرجل التى تمسك وجهها وتمر عليه بشهوة .
لم يشفع لها الحزن الكاسر الذي طبع على عيناها ، ولا ترجيها لهم الذي لم يتوقف برغم تكميم ثغرها .
مرت ساعتين فى الطريق كانوا كالجحيم عليها ، دعت الله كثيرا أن تسحب روحها ولا تبقي فى حضنهما
. أغلقت عيناها لا تريد أن ترى نظراتهم الشهوانية فهى تذبحها ببطئ .
وقفت السيارة فى مكان صحراوى لا يوجد به عشب ولا حياة ، فقط سيارات مسرعة تمشي على الرصيف بسرعة هائلة ومخزن كبير مغلق بأبواب حديدية .
خرجوا من السيارة بحذر وراء المخزن ، وقام الأخ الأكبر بسحب ياسمين وحملها على ظهره .
كان جسدها يرتعش وينتفض من الرعب حتى فقدت قواها ولا تستطيع المقاومة كأن جسدها قد شل من الصدمة .
دخلوا ثلاثتهم المخزن وألقاها على الارض ، فسقطت على رأسها مغشيا عليها .
_ كل دا بتجبوها .
هتفت بها لبني من وراء ظهورهم ، ليلتفتوا اليها جميعا بدهشةوهو يروها مع والدتهم.
فقال الاخ الاكبر
_ ايه اللى جابكم هنا ، عاوزين تودونا فى داهية .
_ مش لازم أكون هنا ، عشان أشوف البلوة السودة لاخر مرة .
فى تلك اللحظة فاقت ياسمين على تلك الجملة ، فاقتربت لبني تنظر اليها وتنزل على ركبتيها لتكون مقابلة لها .
وتزيح عن فمها اللاصق وهى تضحك بسعادة غامرة وهى ترى دموعها وآلامها .
_ شوفتى دى أخره الطمع ، كنت فاكرة إيه ، أنك هتعرفي توقعى جوزى فى أيدك وتستولى على مركزى ،و نسيتى ان ورايا رجاله ، وإنك ياعيني لوحدك .. هاهاههاها.
هسبهالكم بقي يارجاله...هه على أتفاقنا .
قالتها وهى تقوم بإعطاء الأخ الأكبر قنينة متوسطة الحجم ، ممتلئة بسائل شفاف .
_ منك لله ... منك لله هتفت بها ياسمين بصعوبة بالغة .
فقالت لبني بعد ضحكاتها الرفيعة التى تدوى فى المكان .
_ يلا ياماما ياحبيبتي ، إحنا قلبنا ضعيف ومش هنستحمل .
أقتربت والدة لبني ... وقامت بالبثق على ياسمين وسبتها سبة بأمها بعدم الشرف .
فاهتزرت لها كيانها فحاولت ياسمين أن تقف على اقدامها لكنها فشلت بسبب الثقل الذي أحاط جسدها فاقترب من لبني وهى تزحف .. لكن الأخ الاكبر حملها من خصرها ومنعها عن الحركة .
خرجت لبني مع والدتها بخطوات دلال وسعادة ، ودارت من الجانب الاخر تركب سيارتها .
بقي الثلاث رجال ينظرون الى ياسمين طوال الساعتين وهى ممددة على الارض لا تستطيع التحرك .
فقال الاخ الثاني وهما ينظرون الى بعضهم بشغف ماكر .
_ أنا الأول .. يابوالسيد .
_ لا ياسطا أنا الأول أنا اللى جازفت وجبتها من وسط الناس .
_ لا أنت ولا هو .. أنا الوحيد اللى فيك مجربتش ، أنت متجوز ، وهو بايت فى بيوت لمؤخذة .
وقف الأخان الإثتان مواجها لبعض ، وقد أنقلبت قسماتهم الى الضيق ، من يراهم يتنبأ بحدوث مشاجرة عنيفة .
***
وصل أدم الى غرفته بعد عذاب فقد كان يوما طويلا من التعب ، بسبب تأجيل بعض الأشغال حتى تراكمت عليه ، وكان اليوم لا بد من أن ينتهي من كل أموره .
تسأل فى نفسه عن حال ياسمين وعن حال الامتحان ، فوجئ بزوجته وهى تدخل عليه بملابس كاشفة ، لم ترتديها منذ زمن طويل ، وليس هذا فحسب بل تمسك بيدها مائدة متحركة بالطعام مع ضوء الشموع .
أغلقت الأنوار وجلست بجانبه تتفقد ملامحه بشغف وهى تقول .
_ وحشتيني ياأدم .
_ ياااه لسه فاكرة تقوليها يالبني .
مش أنا اللى جبتلك القميص دا من سنة ، لسة فاكرة تلبسيه ، ياترى ايه المناسبة .
_ لية يا أدم بتقول كدا .
_ عشان مبتعمليش كدا الا ما تعوزى حاجة .
_ لا ياحبيبي مش عاوزة غير أنك تدلعني النهادرة .
قالتها وهى تبسط يدها على ربطه عنقه حتى تزيحها .
فأمسك يدها برقة وقال معتذرا .
_ أنا بجد مش قادر يالبني خليها بكرة .
_ لا النهاردة
لم يعلق على كلامها ، ولم يعيرها بالا فوقف من الفراش وهو يزيح ربطة عنقة . هنا صدر صوت ينبأ باتصال .
فرفع الهاتف الى اذنه ويجيب .
_ ايوة ياأدم انت فين يابني .. وقافل تلفونك الخاص ليه .
_ كنت مشغول ليه فى حاجه ؟
_ الولد الزفت اللى سجنته عشان سرق فلوس الصيدليه رجعته تاني ليه .. أهو ولع فيها .. والمطافى ..
_ ااايه...
أسرع رامي باخراج هاتفه الخاص ، وقام بفتحه واسرع الي سيارته ، شعر بالندم لترك الصيدلية لفترة طويلة ، واهمالها بسبب تراكم شغل شركة والده .
قاد السيارة مسرعا ونظر الي الهاتف الخاص به ، ليري أن مؤشر المراقبه الخاصة بهاتف ياسمين معلق ، فقام بتشغيل الهاتف مجددا ، ليجد أن موقع مراقبه الخاص بياسمين الذي قد وضعه فى الهاتف الذي أتى به اليه بعيدا جدا عن المنزل .
فتوقفت السيارة فجأة ، وأمسك بهاتفه مقربا منه يتفحصه بعصبيه ويداه ترتعش من الخوف .
أوصل الموقع بسيارته واسرع فى الذهاب الى الموقع الخاص بياسمين بسرعة هائلة وقلبه يخفق بجنون .
قلبه يتمني لو كان خيرا ، ويتسأل هل هربت خوفا منه ؟؟
مرت ساعتين كاملين على قلبه بالثقل الشديد ، والرعب يوخز قلبه باأشياء مخيفة ، تسرب العرق من وجنتيه من الخوف ورئتيه تقل بالهواء وهو يري ان الطريق صحراويا يعمه الظلام .
وعند الوصل الى الموقع رأى مخزن ضخما ، خطى اليه بتوجس وأخرج هاتفه ليتصل بالشرطة ،ففرغت البطارية وانطفء الهاتف .
سمع صوت مبهم ، لصرخات جعلته ينتفض مسرعا اليه .
عادت الأصوات مرة اخرى الى اذناه ، لتصعقه أكثر وهو يقترب من الباب الحديدي و يسمع صوتها تطلب العفو .
دار حول المخزن يضرب فى الابواب الحديدية كالمجنون ولا بأبي ليده التى نذفت بالدم من أثر العنف الذي يطرق به .
وما إن ذهب خلف المخزن جحظت عيناه عندما وجد سيارة تشبه سيارة زوجته القديمة التى ابتاعتها لأشقائها ، وجد باب الحديد فى الخلف مفتوحا ، دخل مسرعا ليجد بابا خشبيا أخر .
حاول أن يطرقه باقصي قوته لكي يحطمه . ..وهو يقول
_ ياسمين ... ياسمين .
****
وبعد جدال طويل بين الإخوة الثلاث إتفقا على أن يبدأ الأخ الثانى بالإعتداء على ياسمين .
فقد كان الأخ الثاني أقواهم ، فلم يقف أحد بوجهه عندما أراد مواجهتهم بالقتال .
فأقبل الاخ الثاني على خلع معطفه وملابسه وهو يضحك بخبث ويتفقد جسد ياسمين الملقى على الارض .
خطى اليها ونزل على ركبته وأمسكها من كتفيها ليجعلها تستند على الحائط .
وقف الأخان يراقبنه بسخرية حاقدة قبل خروجهما من الباب .
_ اسلام .. يابن عمى ، مكنش اتوقع فى يوم من الايام أنى تييييت معاك .
متخافش مش هعورك .. أنا بس هعرفك دورك كويس أوى .
قالها الاخ الثانى وهو ينظر الي ياسمين بشهوة ويقرب يده من ملابسها .
كانت ياسمين شبه تائهة عيناها ترى ضباب حولها ،و عقلها نصف غائب عن الوعي ، الشئ الوحيد الذي مستيقظ هى دموعها .
لكن عندما إقترب منها ويزيح ملابسها ، خرجت من شهقة منها برعب ، فلم تكن تتوقع أن يفعلون ذلك ، فقد كان اعتقادها أنهم يريدون قتلها .
فبكت أكثر وتقول برجاء
_ حرام عليك ، أقتلنى بشرفي ، ابعد .. أنا ...
أنا .. عملت ايه ..
صدرت ضحكة عالية ساخرة منه وهو يردد كلمة (شرف )
_ أنتو عيلة تيييت متعرفش الشرف اصلا .
بدأت تشعر أنها تفيق تدريجيا وتتضح رؤية عيناها .
خرجت منها صرخة مؤلمة وهى تراه عاري الصدر ، وأقبلت تطلب العفو والرجاء وهو يزيح ملابسها .
_ البتاع دا بيتقلع ازاى ... دا قطعة واحدة ..
هتف بها .. لتبسط ياسمين زراعها تمنعه ، فقام الرجل بصفعها .
وأقبل يزيح ملابسها وهو يقول ..
_ كل دى هدوم لابسها ..
فأردف بصخب وهو يري هاتف محمول يسقط من جيب البنطلون الذي كانت ترتديه تحت السلوبيت .
_ الله يخربيتك ، التلفون بيعمل ايه هنا .
قالها ثم التفت لير أن اخواته لم يخرجا الى الخارج ، بل يراقبنه ، فهتف بهم بغضب
_ أنت يلا مشفتش الموبايل دا ، هنروح فى داهيه .
اقترب منه الأخان بصدمة ، وهما يقولا ..
_ هى كانت حطاه فى هدمها دا انا قعت افتش الشنطة ملقتش فيها حاجة .
_ الله يخربتك أنا ازاى اعتمدت عليك ازاى .. خد التييت دا من هنا واطلعوا بره .
عاد الاخ الثاني إلى ياسمين ، واقترب منها حتى جرت أنفاسه على وجهها ..
حاولت بكافة الطرق أن تبعده عنها لكن قوتها تتلاشي بخوفها ، فهتفت بأقصي قوتها بالنجدة ..
ولم تعلم أن نجدتها كانت عبارة عن اسم لم تعرف كيف خرج من ثغرها ..
_ أأأدم ..
اتسعت حدقة عيناها وهى تستمع الى حروفها التى خرجت بدون سابق انظار ...
تهتف باسمه ، برغم قوة الضرب التى أنهالت عليها من ابن عمها ..
_ وكمان بتقوليه فى وشي ......
...أنتو لسه هنا اطلعوا بره.. قالها الاخ الثاني وهو يلتفت ليري ان اشقاءه لايزالون داخل المحزن .
شعر الاخان بالخوف من شقيقهم فذهبَ الى الباب الخلفى بسرعة ، وما إن وضع الاخ الاكبر يده على مقود الباب ، ليجد الباب بطوله يسقط عليهم الاثنان .. وشخص يدوس بقدمه عليهم مسرعا الى الداخل .
شهقوا جميعا وهم يروا زوج شقيقتهم أدم واقفا ، والصدمة تتوجه عيناه ..
علا الدم الى وجهه بالغضب وهو يري أنها بين يد أخ زوجته لبني ويحاول تقبيلها ،وملابسها ممزق ..
هرع اليها بسرعة تحت أنظارها المتفاجأة التى تبكي ، ران اليها بتفقد ليظهر أنها تعرضت لتعنيف ..
ذهب الى الأخ الثاني والغضب يشحن داخله بتنبأت كانت صحيحة .
_ انت طلعت تيييت وملكش امان ، عاوز تتجوز على أختى .. أنت اللى خليتنا وصلنا لكدا .
كز على اسنانه بصوت مهيب ويده العريضة تعرف جهتها جيدا .. بلكمته العنيفة لتجعله يرجع للوراء خطوات .
اقترب الأخان منه يحاولون جذب يده ، لكن ، دفعهم بعيدا عنهم بقوة ،
لم يتوقف عن ضربه الثلاث حتى أسقطهم على الارض ويضرب بهم بعنف ، ولا يستطيعون أن يقفون أمامه فقد كان لايري ولايتحدث سوي بالضرب المبرح .. هرب منه الاخ الاكبر والاصغر بصعوبة. ليكون الاخ الثاني هو ضحية غضبه القاتم ..
_ هدمركم كلكم واحد واحد ياولا التييييت
وبقت ياسمين تراقبه بنظرات باردة وقد جفت دموعها وكلمة لبني تردد داخل أذناها
( مفيش وراكِ رجاله ، أنت لوحدك )
كلمة واحدة أخرجتها من شرودها ، وأوقفت أدم عن الضرب ..
_ أعرف أنك اللى بدأت ... يوم ماتخني يبقي مع خنثي .
هتفت بها لبني ببرود وهى تقف بالخلف بالقرب من ياسمين ، وبيدها قنينة صغيرها .
- اخرسي ،دي ستك وست البنات .. والله يالبني لندمك
فى تلك اللحظة هتفت لبني بغضب وهى تقذف القنينة على ياسيمن تحت أنظار أدم الصادمة والخائفة عليها .
_اشبع بيها ..
إنتفض أدم مسرعا الى ياسمين .. لكن لم يصل .. فى الوقت المناسب فاصطدمت القنينة فى اتجاه يدها ليخرج منها سائلا شفافا ينتشر على زراعها الايمن ويحرقها لدرجه التشوه تحت صرخاتها القوية ..
تضايقت لبني من عدم وصلولها الى هدفها بحرق وجهه ياسمين فقامت بأخذ قنينة أخرى تقذفها عن قرب من وجهه ياسمين ، لكن أدم كان قد وصل اليها ويقوم بعناقها ، ليقع السائل منتشرا على ظهره العريض ، وينحرق ظهره بالكامل مع ملابسه العلوية ..
شهقت لبني وهو ترى ادم ينحرق أمامها بسببها من ماء النار .
فهرعت اليه تصرخ باسمه ..
وهو فقط يكتم آلام ياسمين بزيادة قوة عناقه معها. تحت صرخاتها الباكية بآلم بسبب يدها ..
وقف على قدمه مواجها للبني التى كانت تبكي وهى تنظر اليه ، والى ووجهه وعيناه الحمراء الى درجه كبيرة .
_ أدم ... حبيبي ..
هتفت بها لبني ببكاء وهى تقترب من أدم ، ليقوم بدفعها بعيدا وهو يقوم بصفعها على وجهها ، ويقول
_ أنت طالق .. طالق طالق بالثلاثة.
نزل على قدميه جاثيا على ركبته وقام بحمل ياسمين التى فقدت الوعي تماما من شدة الوجع .
خطى الى الخارج تحت صرخات لبني التى لم تتوقف وهى تقول
_ هقتلها ... هتقتلكم كلكم ... أدم ياخايين بكرة ترجعلي زي التيييت .. أنا مراتك مش هي ..
أما أدم كان ينظر الى ياسمين التى كانت فاقدة الوعي وعيناه لم تتوقف عن سكب الدموع مشفقا عليها وعلى معناتها معه.
ادخلها الى سيارته وهو يراقب شهقاتها وينظر الى زراعها المشوه بالكامل ...
لم يأبي الى ظهره الذي أنحرق بالكامل ، فقط كان همه الأكبر ان يحمي ياسمين ..
نزلت الدموع من عيناه وهى يقود سيارته أكثر عليها .
ويتذكر ذكرياتها معه ، بداية منذ الصغر حتى موت والدها ، وكم كان شخصا سئ
والأن لبني .. وماء النار ، وفعلتها التى لن يغفرها لها أبدا ، فهل لها ذنب فى اى شئ ..
إن كان حدث لها شئ لم يكن ليسامح نفسه ابدا .
***
وتمضي الأيام
لمدة أسبوع كامل لم تخرج ياسمين من المشفي ، ولم يخرج من ثغرها كلمة واحدة مهما بكى لها عمها ناجي مترجيا بأى كلمة .
فقط تنظر الى زراعها ولا تتوقف عن البكاء .
وجسدها يرتعش بالكامل .
حتى فقدت الوزن مع بريق عيناها .
وباتت كاللوحة الباهتة التى أختفت الوانها بل لم يعد لها الصلاحية لتتلون مجددا .
استسلمت للحياة ولأحلامها ، لم تملك سوي حلم صغيرا وتلاشي بسبب قسوة الايام عليها .
ألم تكفى معاناتها وثقل الايام التى تصب داخل فمها بمرارة ،والان زراعها بالكامل تشوه .
تسألت مئة مرة مالذي فعلته لحتى تأذيها لبني الى هذا الحد وكان الجواب واحد . ( أدم ) .
كلما تتذكر كل كلمة قام بكتابتها لها ، يصيبها صداع يجعل نبضاتها تضعف ، أنفاسها تقل وعيناها تعم بالضباب .
_ أدم خرج من المستشفي اليوم ، تعرفي أنا كنت مبرتحلوش ، بس لما نادر قالى أنه ظهره أتحرق عشان يحمي وشك من مايه النار ، احترمته .
ياسمين أتكلمى عاوزة أسمع صوتك .. أرجوك
هتفت بها هالة الى ياسمين بحزن ، وبقت تأتى لزيارتها فى المشفي ولم تتوقف عن التحدث لا عن نادر ولا عن أدم .
وياسمين تجلس بملامحها الباردة تنظر أمامها فقط .
****
وتمر الايام ..
أخبرهم الطبيب أنها بأحسن حال ، لكن ياسمين لا تريد الخروج من المشفى كما أنها لا تتحدث مع أى أحد.
_ هتفضلي متتكلميش لحد امته ، زعلانة على دراعك؟ ، هنعملك عملية تجميل وهتبقي كويسة .
بطلى دلع بقي ..
قالها أدم وهى يجلس بالقرب منها على فراش المشفي ويقرب وجهه منها يرنوا الى ملامحها الباردة .
فأردف ..
_ ها الفرح الاسبوع الجاى ..؟
كان يتابع ملامحها الهادئة ، يريد أن يجعلها تخرج عن شعورها ..
فاردف
_ تعرفي أن الجواز مفيد جدا للحالتك النفسية
وأنا نفسي أعالجك يعني مثلا ... تيييييت تييييت هتبقى كويسة ...
إبتسم وهو يري عيناها تتحرك اليه بغضب .
ولكن تلك البسمة اختفت مسرعة، وهو يراها تبصق على وجهه وتقوم بصفعة بقوة .
فبقي عيناه مسلطة عليها بغضب ، وهى !! تقابله بنظرات غضب مشتعلة أكثر .
فوقف من مجلسه وابتعد عنها ذاهبا الى الخارج ، فدارت وجهها الى الجهة الاخرى ، لتفاجأ به يعود مرة أخرى ممسكا بها من ظهرها مقيدا يدها ،ويضع شفتاه على شفتاها ويقوم بتقبيلها بحرارة .. حتى نفد الهواء من رئتيها .
حاولت أن تعض شفتاه لكن كان ذكيا بحركاته الحذرة ..
_ قولى بحبك ياادم وأنا ابعد ..
لهثت وهى تلتقط أنفاسها ، وهى تكز على اسنانها ، تريد أن تهرب من قيده المحكم، لكن هيهات .. فكانت الغلبه له ..
فواصل تقبيلها .. تحت غضبها الذي شجعه على إستفزازها ..
ولم يتركها حتى هتفت ..
_ بكرهك يا تييييت ..
ابتعد عنها وهو يراها تبكي بصياح ، فقال لها ساخرا
_ ماكنت أتكلمتى من البداية ،كان لازم يعني تتباسي خمس مرات وتقطعي نفسي ، طلعتى طماعة ياياسمين .
اطلقت صايحة غاضبة وهى تراه ينظر اليها بجراءة ويتهمها بانها كانت مستمتعة .
ولم تتوقف عن البثق عليه .
_ بكرة أجيلك ..
_ معتش تيجي هنا ياتييتيت غور من خلقتى .
_ وأنا اللى زعلان عشانك قولت ياعيني زمانها جالها حالة نفسية ، وهتعد سنه متتكلمش .
طلعتى سوسة ..
قالها مودعا وهو يخرج لسانه ويمرره على شفتاه بتلذذ ، ويعطي اليها اشارات انه قد احب طعمها .. فرمي اليها عدة قبلات طائرة .
وبقت تبثق وتمحي أثار القبلة من فمها ، وتطلق السباب .
***
وعند أخر يوم للخروج من المشفي ، جهزت ياسمين اشيائها وما ان انتهت ،صدمت وهى ترى رامي يدخل عليها فى غرفة المشفي ويرنوا اليها بقلق ..
_ ياسمين إيه اللى حصلك ؟ قالاها رامي وهو يجلس أمامها على فراشها ممسكا يدها بقلق .
_ أنت عرفت منين أنى هنا ..؟
_ سألت عمك ..؟ أنت كويسة ..
زفرت ياسمين بقوة وهى تقوم بالكشف عن زراعها الذي تشوهه تماما ..
فاقترب منها رامي وقد باد عليه الحزن أكثر .. وقام بعناقها .... ، دهشت ياسمين من نفسها وهى لا تشعر بأى شئ وهو يعانقها ...
فاردف
_ أنا اسف على كل حاجة ياسمين ..سامحيني كنت وحش فى حقك ، بس غصب عني ، كنت فاكر اللى بينا هيخليك تقولى على اسرارك.
لما عرفت باللى حصل وأنك مقلتيش ليا حسيت أنى غريب عنك ، برغم أنى اخذت الفلوس من بابا بصعوبة ، بس كان عشانك ممكن أعمل اى حاجه ،
أنت غالية عندى ياياسمين والله
لو خيرونى بالدنيا ، هختارك ، أنت عشان خسارتك مش هقدر استحملها .
أنت أحسن حاجه فى حياتي .
كانت تنصت الى كلامه الذي كان فى يوم ما حلما صعب الوصول ليه ، لكن ، الأن عندما تحقق لما لا تشعر بأى شئ .
_ أنت فكرتي فى عرضي ..
لمح رامي ترددها والتفات وجهها الى الجهة الاخرى بتوتر فقال
_ ياسمين ، أنا فعلا بحبك أنت حياتي اللى هعيش ليها وبس .
عارفة ...هاخدك ونروح نعيش مع جدي وتوفى على البحر ، أنا عارف انك بتحبي البيت دا .
وهشيلك جوا عنيا ، وهنبقي بعيد عن كل الناس .
...أتمنى توافقي ، أنت بقيتي محتلة كل تفكيري ، ومعتش بشوف غيرك ، أنا بوعدك من دلوقتى عمرك ماهتشوفى أو تسمعي حاجة تزعلك .. أنا هحافظ عليك .
قال جملته الأخيرة وهو يقوم بعناقها .
فابعدته عنها برقه ..
وتنهدت وهى تقول بابتسام ..
_ رامي .. أنت كنت احسن صديق ليا ، وكنت سعيدة جدا معاك ، عشان أنت الوحيد اللى وقفت جنبي ...
_ كنت .؟؟
_ للأسف يارامي .. أنت بقيت مجرد صديق .
_ متتسرعيش ... انا هديلك الوقت اللى عوزاه ..
_ أنا استنيتك كتير يارامي مستعجلتش بالعكس ، أنت اللى أتأخرت .. أوى .. يوم ما تسرعت فى الحكم عليا وكنت محتجالك ..
_ ياسمين انا بحبك ..
_ أانا .......أسفة ..
_ تبقي متعرفنيش ...... انا لايمكن أضيعك من ايدي ابدا
****
وتمضي الايام ..
وينمو الشوق داخل قلبه بالاشتياق رويدا رويدا ، حتى تضخم داخله وبقي الحنين يقتله ويلح عليه بأن يستوطن قلبها فى أحضانها وينصت الى نبضاتها ...ولو لثانية
تململ على الفراش الواسع ،وعقله يرسم خيالات له معها ، فطرق الاشتياق قلبة بلوعة ... فقام من فراشة ذاهبا الى شرفته ومن ثم نزل الى شرفتها بتوجس ، ليراها نائمة فى الفراش ، فاقترب مسرعا منها ، يجث على ركبتيه ، ويتأمل ملامحها الهادئة .
بسط يده الى شعراتها الحمراء يمررها داخل خصلاتها الرطبة ، جحظت عيناه وهو يستمع الى اضطراب انفاسها ،ليعلم انها ليست نائمة ،فابتسم بخبث .
واقترب منها كثيرا ،حتى طبع قبلة صغيرة على جبهتها ..
وبقي بجانبها ... يراقب مجهودها الكبير فى تمثيلها لنوم ..
ومرت الساعات وهو ينظر اليها فقط ...
حتى قام بسحب ورقة من مكتبها وأقبل يكتب عليها ..
وما إن انتهى خرج من الغرفة وهو يقول ..
_ انا دلوقتي ،اتأكدت من حاجات كتير شغلاني ..
اغلق الباب خلفه لتفتح عيناها الزرقاء تحت ضوء الغرفة الخافت ... وهى تراقب الورقة وهى تتحرك مع نسمات الهواء التى تهب من الشرفة .
قامت وسحبت الورقة بغضب ... وقرأت مابداخلها ، لتذهب الى عالم أخر ...
(تعالى وخذني من هذا الجحيم ، يحب أغرقني ولم اعد للحين ،لامسني عبير أنفاسك.. ،دعني اتذوق كل جميل .
يا حب نمي لعنان السماء ، ااتعلم اني بك غنيم......؟
اكنت تغمرتي بعيناك وتشتتني لاكون مهزوم جريح؟
اكرمني بحبك ....،يالك من بخيل
فانا طامع بك ، ورغبتي غلبت كل حبيب.
لاحدود لحب عرف، من سرقه ونبت فيه الحنين.
قبلني.. واشعلني
دعني انسي الماضي حزين
أرني شغف حبك ، لا أريد ان اكون تائه وحيد )
شئ ما تحرك داخل قلبها وهى تقرأ تلك الكلمات ، يجعلها تفقد برودة جسدها ، وانتظام أنفاسها ..؟؟؟
فكيف لمجرد كلمات أن تحمل هذا القدر من المشاعر ...
****
ذهب التعب عن صدره الذي كان يؤرقه لسنوات ، وتأكد من فراغ قلبها ، فلم يجد وقتا أفضل من الأن .. لتقدم لها ..
فاختار إجتماع العائلة على المائدة .. الطعام ..
وإختار قميصا يكشف جزءا من رقبته التى شوها ماء النار ..
وبقي ينظر اليها ... والى هدوءها الغريب ،حتى وقف فجأة معلنا أمام الجميع ..
_ بابا .. أنا بطلب أيد ياسمين ..
نظر اليه الجميع بدهشة .. وخاصة ياسمين التى سعلت بقوة بسبب سمعها الخبر وهى تشرب الماء .
_انت كويسة يابنتي
_ كويسة ...قالت بها ياسمين وهى ترنوا الى أدم بغضب أمام نظراته التى تخترق عيناها طوال الوقت ،فقال العم ناجي ..
_ وهى مش عوزاك ياأدم.
فنظرت ياسمين الى عمها بدهشة متفاجأة .....
فأردف العم وهو يرى نظرات ياسمين ..
_ ولا ايه رأيك ياسمين.
فقال أدم مسرعا مقاطعا لحروفها .
_ هى موافقة .
_ حتى لو هى موفقة ... لا .. مستحيل أجوزك بنتي .. وغير كدا جيلها عريس أحسن منك أساسا
.جنتل مان ، وابن ناس ، ومتجوزش قبل كدا ..وبصراحة أتمنى ياسمين مضيعهوش من ايدها .
كانت الشرارة تخرج من عين أدم لوالده ولياسمين التى كانت تنتظر أن تعرف من هو .. وهل ماتعتقده صحيحا .
_ ايه رأيك بسيف الإمام ياياسمين ..
طبعا لوهتساليني على رأي هقولك وافقى .
_ ايه سيف ... ؟؟؟؟
... بس بقي ....
عشان تعرفو كلكم ...
أنا مابخدش رأى حد فيكم ، واللى فى دماخى هيمشي .
... أنسي انك تفكرى فى الواد دا ..
... وماتنسيش اللى حصل بينا ... هاااه ..
...أنا ظهرى أتشوه بسببك ...
_ أخرس .... أتشوهه بسبب بمراتك، ياسمين ملهاش ذنب . هتف بها العم ناجي بغضب لأدم ...
فوقفت ياسمين من مجلسها بجانب المائدة
_ أنا موافقة بسيف ياعمي ..
هتفت بها لتجعل العيون الرمادية تهتاج أكثر وهى تخرج عن شعورها وهدوء لونها الى عواصف رمادية مشتعلة بالغيرة ..
ولم يكتفى بصاحبها أن يمسك الإبريق الذي أمامه ويحطمه على الأرض ..
بل قام بالاقتراب منها أكثر ..وهو ..