أخر الاخبار

رواية الشيطان شاهين الفصل الحادي عشر والثانى عشر والثالث عشر بقلم ياسمين عزيز


 رواية الشيطان شاهين

الفصل الحادي عشر والثانى عشر والثالث عشر

بقلم ياسمين عزيز


الفصل الحادي عشر


راقبته ليليان بحذر و هو يدخل الحمام و يغلق الباب وراءه، تنفست الصعداء قليلا و هي تلملم فستانها قبل أن تسير بهدوء الى الخزانة تبحث عن بعض الملابس...

قطبت جبينها بتوتر عندما اكتشفت انها خالية الا من قميص نوم باللون الأبيض شفاف لايكاد يغطي شيئا

تنهدت بيأس و هي تتذكر زوجة عمها عندما كانت تنتقي لها أغراضها الخاصة من مواد تجميل و ملابس حتى قمصان النوم إختارتهم لها بعناية...و يبدو أنها رتبت جميع ملابسها في الحقائب و لم تترك لها سوى هذا القميص الفاضح...


تمتمت ليليان في داخلها قبل أن تشرع بخلع ثوب الزفاف عنها:"مسكينة مرات عمي فاكراه جواز طبيعي مش عارفة اللي فيها... الظاهر مفيش حل ثاني غير انك تستسلمي يا ليليان و ترضي بقسمتك و نصيبك، لازم تعرفي إزاي تتأقلمي علشان تعدي ايامك على خير...".


انتهت من إرتداء القميص و الروب الخاص بيه ثم اتجهت نحو المرآة لتبدأ في إزالة مساحيق التجميل بهدوء....


أنهى أيهم إستحمامه ثم خرج من الحمام بعد أن ارتدى بنطالا قطنيا من اللون الرمادي...قطرات المياه تتساقط على وجهه و صدره العاري ذو العضلات المنحوتة...

تصنم مكانه للحظات عندما رآها أمامه بتلك الهالة المثيرة، قميص ابيض قصير لا يكاد يغطي شيئا من ساقيها البيضاوين و شعرها البني ينسدل وراء ظهرها

بشموخ...

أطلق صفيرا مشاكسا يملؤه المكر و هو يقترب منها ليضم جسدها من الخلف و ينحني ليرتكز بذقنه على أعلى كتفها الأيمن بجانب رقبتها...محدقا في وجهها الفاتن الذي انعكس في المرآة، تنهدت ليليان بفتور و هي تحاول التملص منه قائلة بتوتر :"أيهم.... لو سمحت".

بدا كالمخدر و هو يغمض عينيه للحظات و يدير وجهه ليدفنه في رقبتها و شعرها هامسا بصوت أجش :"كل الجمال داه ليا... ليا انا لوحدي".

ذعرت ليليان من نبرته المتملكة و التي تدل و تأكد لها أن ليلتها لن تمر على خير...تصلب جسدها بين ذراعيه و تسارعت دقات قلبها و هي تحدق في صورتهما معا في المرآة...أخذ ايهم نفسا عميقا متلذذا برائحة الفانيليا التي كانت تنبعث من شعرها و جسدها قبل أن ينحني فجأة و يحملها بخفة متجها نحو الفراش الوثير...

وضعها برفق قبل أن يستلقي الى جانبها و يميل الى شفتيها ليلتقطهما بين شفتيه في قبلة طويلة خبيرة بث فيها كل شوقه و رغبته في الحصول عليها منذ سنين، لم يشعر بنشيج جسدها و ارتجافه بين يديه

و اختناق أنفاسها حتى كاد يغمى عليها...


ابتعد عنها لتشهق بصوت مسموع و هي تضع كليتا يديها على صدره تدفعه بعيدا عنها، الا انه احكم قبضته على خصرها و الاخرى خلف رأسها خلف رأسها ليعيدها اليه من جديد و يعصرها بين أحضانه مانعا عنها كل محاولات الهرب....

صاحت بصوت مختنق، لم تعد تتحمل قربه منها او لمساته لها، لن تستطيع مجاراة جنونه...وهي التي فشلت في الصمود أمام رغبته الجامحة و التي استشعرتها بمجرد قبلة....أيهم أرجوك بالراحة....مش حقدر كده...

ضاعت كلماتها لتصرخ بألم و هي تشعر بعظام جسدها تسحق بين صدره الصلب و ذراعيه الخشنتين و صوت همسه الخافت يشق طريقه جيدا الى مسامعها :"ششش انا بحلم بالليلة دي بقالي سنين، حتى شوفي....

أبعد يده عن خصرها ليضع سبابته على مكان في صدره و تحديدا فوق قلبه و هو يضيف :" عملتلك مفاجأة.. انا كتبت إسمك فوق قلبي بالضبط علشان تشوفيه كل مرة نبقى فيها مع بعض....

توسعت عيناها و هي تقرأ أحرف إسمها المكتوب بخط عربي...ليلياني...رمشت عدة مرات بأهدابها الطويلة غير مصدقة لما تراه أمامها لترفع نظرها اليه و تصطدم بعينيه الحادة التي ترمقها بانتظار لتقول دون وعي :"انت قصدك إيه بداه...

تجاهل مشاعرها المتخبطة و عيناها اللتان تشعان حيرة ليقترب منها من جديد و قد غامت عيناه برغبة جائعة في إمتلاكها و دمغها بإسمه الى الابد...

اطبق على شفتيها من جديد يلثمهما بنهم قبل أن ينتقل بحركات سريعة إلى وجنتيها و عينيها ثم هبط الى رقبتها يقبلها و يستنشق رائحتها بعمق و أنفاسه الهائجة تعبر عن لهفته و جنونه للحصول عليها....

كانت تدرك انه سيحصل على مبتغاه منها عاجلا ام آجلا حتى لو رفضت لتنتهي الليلة باستسلام كامل منها...بعد مقاومات بائسة و ضعيفة منها لتنهار حصونها أمام عاطفته الجياشة التي كان يبثها لها دون كلل او تعب ...

آهات متألمة صدرت منها سرعان ما كتمتها حالما ابتعد عنها و هو يستقيم ليستند بظهره على مسند السرير ثم يجذبها ليضع رأسها على صدره القوي

و هو يربت على كتفها و ظهرها بحركات رتيبة مهدئة

و هو يهمس مقبلا مقدة رأسها :"مبروك يا ليلي...دي أحلى ليلة في حياتي...".

لم تدري بنفسها الا وهي تجيبه بحقد دون أن ترفع وجهها اليه :"بكرهك... و عمري ما كرهت حد زيك".

قهقه أيهم بصوت عال و هو يحيط جسدها بذراعيه الاثنين يقربها منه أكثر قبل أن يلتف بجسدها ليصبح فوقها، ارتسمت على شفتيه إبتسامة وقحة و هو يتفرس ملامحها القلقة و عيناها اللتان توسعتا بخوف...ارتكز بذراعه الى جانبها ثم مد يده ليجذب الغطاء الذي كانت تتشبث به و كأنه طوق نجاتها...

ليهتف بمشاكسة :"طيب هاتي الغطاء داه و انا حوريكي إزاي تكرهيني كويس ...

تمسكت بالملاءة بقوة و هي تتراجع بجسدها مبتعدة عنه هادرة بصوت ضعيف :" لا إبعد عني يا أيهم... انت أخذت اللي انت عاوزه سبني في حالي...".


ضغط على شفتيه بقوة و هو يعود بجسده الى الوراء ليستلقي من جديد هاتفا بهدوء:"انت مراتي يا ليليان مش واحدة من الشارع، ميصحش الكلام اللي انت بتقوليه داه...ليليان و هي تقاطعه بقوة :" و لما انا مراتك بتفرض عليا نفسك ليه.... ايه متقليش انك محسيتش برفضي ليك ".35

زمجر أيهم بغضب و هو يلتفت لها بعينين حمرواين تطلقان شرارت غاضبة قائلا بصرامة :"ليليان....انتبهي لكلامك و متخلنيش اقلب عليكي وانت أكثر واحدة عارفاني لما اتحول ، مش علشان ساكتلك و براعيكي حتسوقي فيها انا الليلة دي قررت اني انسى كل حاجة و أعاملك على انك عروسة بس الظاهر مصرة على انك تشوفي وشي الثاني في ليلة دخلتنا... سواء برضاكي او غصب عنك انت مراتي و اللي حصل داه من حقي ".

ليليان باستهزاء :" طبعا أهم حاجة راحتك...

أيهم بصوت جاف :"قومي خوذي دش خلي أعصابك تهدى و بعدين تعالي نامي و احتفظي بكلامك الفارغ لنفسك".

رمقته بنظرات قاسية تنم عن حقد دفين و هي تستقيم بجسدها محاولة النزول من الفراش ببطئ...

صرخت بألم قبل أن تستلقي من جديد و هي تغمض عينيها بقوة لتكتم دموعها التي تجمعت داخل حدقيتيها تنتظر إذنها للنزول...

شهقت بخفة عندما شعرت بنفسها تطير في الهواء و ذراعين صلبتين تحملانها بخفة،في إتجاه الحمام..

فتحت الباب بصمت ليدخل ايهم بها و يضعها على حافة حوض الاستحمام الكبير ثم يدير الصنبور لتبدأ المياه في التدفق لتندمج مع سوائل الاستحمام التي سكبها ايهم في الحوض لتتشكل الرغوة البيضاء و تنتشر رائحة النعناع و الفانيليا في الأجواء...

لم تقاومه عندما حملها مجددا ليجلس بها في الحوض و يضعها فوق سافيه بعد أن رمى الغطاء أرضا ليختبئ جسديهما تحت المياه...

تأوهت بخفوت و هي تشعر بتمدد عضلات جسدها و استرخائها داخل المياه الدافئة لتستند برأسها إلى صدره و تغمض عينيها بتعب بعد ليلتها الطويلة،

لتتوقف عن القلق و التفكير في سبب تغيره الطفيف معها و معاملته اللائقة التي أدهشتها....

صباحا استيقظت ليليان و هي تستشعر ملمس الاغطية الحريرية التي تلف جسدها.. فتحت عينيها ببطئ لتجد نفسها في غرفة كبيرة مختلفة عن غرفتها...استغرق الأمر منها لثوان حتى تدرك وجودها في غرفة الفندق،زفرت بخفوت قبل أن ترفع الغطاء بتمهل لتجد نفسها ترتدي قميصا رجاليا يبدو أنه لأيهم، لمع ذهنها بومضات خافتة لتدرك ان آخر ماحدث معها البارحة هو نومها في حوض الاستحمام بين ذراعي زوجها...

قلبت عينيها في أرجاء الغرفة لتجدها خالية... مشت بخطوات متمهلة لتفتح باب الحمام الذي وجدته بدوره فارغا...

استدارت في اتجاه الشرفة و هي ترجح وجوده هناك بعد أن وصل إلى أنفها رائحة سجائر خفيفة...

توقفت مكانها عندما لمحته يتكئ على السياج الرخامي للشرفة...تأملته بشرود لأول مرة في حياتها

تقر بوسامته...جسده الرياضي الضخم و ذراعيه القويتين و عضلات بطنه و صدره المنحوتة بدقة و كأنه أحد آلهة الإغريق، شعره الاسود الناعم الذي يحرص دائما على تصفيفه، بشرته البيضاء التي تتحول إلى حمراء قانية عند غضبه الذي يتجلى بوضوح في عينيه الخضراء الحادة التي ورثها عن والدته التركية....

لو لم تكن تكرهه لكانت من اول المعجبات به، لطالما سمعت همهمات الممرضات و الطبيبات زميلاتها و هن يتحدثن عن وسامته و أناقته الفائقة و شخصيته الصارمة المسيطرة التي تجعله محط إعجاب أي أنثى...

افاقت من تأملاتها على صوته الساخر و هو يقول :"حتفضلي متنحة كده كثير".

عضت وجنتيها من الداخل و هي تشعر بتصاعد الحرارة الى وجنتيها لتجيبه بارتباك :"صباح.. الخير

انا كنت بدور عليك بس".

توقفت عن الكلام عندما وجدته يتفرس جسدها و على وجهه إبتسامة خبيثة... لترمقه بدورها بنظرات غاضبة و تسارع بالدخول الى الغرفة من جديد و هي تشتمه :"السافل مش بيفكر غير في قلة الأدب...".

لحقها أيهم و هو يقهقه بصخب على مظهرها الحانق و التي بدت فيه و كأنها طفلة صغيرة غاضبة.. إرتمى على الاريكة و هو يستجمع أنفاسه قائلا :" هدومك هناك البسي بسرعة علشان موعد الطيارة بعد ساعتين".

نظرت ليليان إلى الاريكة موضع إشارته لتجد كيسا ورقيا أخذته بلا مبالاة و هي تتجه الى الحمام ليستوقفها صوته الضاحك و هو يقول :"مفيش داعي تقدري تغيري هنا... ما أنا خلاص شفت كل حاجة و بالتفصيل كمان".

تسمرت مكانها للحظات وهي تلعنه في سرها قبل أن تسرع الى داخل الحمام صافقة الباب وراءها بعنف...

فتحت الكيس لتجد فستانا أنيقا باللون الأحمر الغامق بحزام ذهبي و بعض النقوش على الاكمام و الصدر، يرافقه حجاب رقيق باللون الذهبي و حذاء بكعب عال بنفس اللون.

لوت ثغرها بتعجب و هي تقول بسخرية قبل أن تبدأ في فتح ازرار القميص الذي ترتديه و تشرع في إرتداء الفستان :" راسم تاتو بإسمي على جسمه و كمان جايبلي فستان حلو دا إيه جواز المفاجآت داه.. يكونش الشيطان تغير فجأة و بقى ملاك... فاكرني مش عارفة عادته لما يحصل على حاجة جديدة بيفرح بيها يومين و بعدين يرميها لما يزهق منها ...".

__________________


في مزرعة الألفي

قفز شاهين من على حصانه الأسود رعد بعد أن قام بجولة طويلة في أرجاء المزرعة... ربت على عنقه بمحبة قبل أن يشير إلى أحد العمال ليأتي و يسلمه اللجام ليأخذ الحصان بعيدا.1

إتجه شاهين الى داخل الفيلا الفخمة التي تتوسط المزرعة بخطوات مسرعة ليجد كاميليا تجلس بجانب فادي الذي كان ينظر لها باستغراب و هي تريه بعض الصور لحيوانات غريبة لا يعرفها على جهاز الايباد....

صاح الصغير لينادي والده حالما رآها و هو يقول ببراءة :"بابي تعالى شوف في حيوانات حلوة كثير بس مامي كاميليا بتقول انها بتعيش في الغابة مش هنا...

اقترب منه شاهين ليحمله برفق ويجلس مكانه بجانب كاميليا و يجلس فادي في أحضانه و هو يسأله :" حيوانات إيه دي... ممم خليني احزر اكيد انت بتتكلم على الأسد و النمر... صح يا أسد"

ضحك فادي بصخب عندما بدأ شاهين في دغدغته و تقبيله على وجهه و رأسه ليتلوى الصغير و هو يحاول التملص من يدي والده و هو يصيح :"صح يا بابي صح...".


توقف عن ملاعبته و يوقفه على قدميه غامزا إياه بخفة قبل أن يهتف بصوت واثق:" طب إيه رأيك أن بابي عنده حيوانات اكبر من الأسد و النمر".

لمعت عينا الصغير بفرح قبل أن يجيبه و هو يصفق بيديه الصغيرتين :"بجد يا بابي... طب ممكن اشوفهم".

أنزله شاهين أمامه و هو يربت على وجنتيه قائلا حنو :"طبعا يا روح بابي تعالى".

وقف من مكانه حاملا الطفل بذراعه و يخطو بضع خطوات الى الامام قبل أن يستدير ثانية الى كاميليا التي كانت تجلس مكانها ممسكة الايباد بين يديها و هو تنظر أمامها بشرود...

شملها بنظرة مطولة من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها قبل أن يهدر بغطرسة:" حنبقى نستنى الآنسة لما تخلص تأملاتها و إلا إيه؟".

إنتفضت كاميليا من مكانها عندما سمعت صوته الغاضب و مشت باتجاهه مطئطئة رأسها...ليهتف شاهين مرة أخرى بنبرة اكثر قسوة :"لازم تركزي في أكثر في شغلك و بلاش سرحان ملوش لازمة".

إنتظرته ليكمل كلامه ثم أجابته بنبرة متعثرة:"حضرتك انا شفتك أخذت فادي

فقلت يمكن عاوزين تتفسحوا لوحدكم...

أشار لها بيده لتسكت و كأن كلامها بلا فائدة ليشدد بصرامة :" أي مكان يكون فيه فادي لازم تكوني فيه يلا ورايا و بلاش رغي فارغ".

زم الصغير شفتيه بحنق بريئ قبل يصرخ معاتبا والده :" بابي...مش تصرخ في وش مامي كاميليا... انا بحبها جدا مش تزعلها بليز...".لوى شاهين شفتيه بضجر قبل أن يهمس في أذنه:"حاضر يا أستاذ دودي أي أوامر ثانية ".

هز فادي رأسه بنفي ثم بدأ في النظر حوله ليشاهد انواعا كثيرة من الأشجار و النباتات لا تختلف كثيرا عن تلك الموجودة في حديقة فيلا والده.....

بعد دقائق من المشي وصلا إلى مايشبه الجلسة الخارجيةجلس شاهين على الاريكة واضعا فادي في حجره كعادته بينما جلست كاميليا على الكرسي المنفرد، لحظات حتى ظهر أمامهما رجل و إلى جانبه حيوانين ضخمين يشبهان النمر و لكنهما أضخم بكثير....صرخت كاميليا دون وعي و هي تقفز من مكانها لتجلس بجانب شاهين و هي تتمتم برعب :"و النبي خليه ياخذهم من هنا...دول حياكلونا".

قهقه شاهين بصخب قائلا :" دول مدربين و مش بيأذو حد غير بأوامري متقلقيش.... على الاقل دلوقتي...".

لم تركز كاميليا على كلماته بقدر تركيزها على الوحشين القادمين باتجاهها، رفعت قدميها على الكرسي بطريقة طفوليه قبل أن تسمع فادي يسأل والده :" بابي هو داه نمر كبير ".

شاهين بنفي :"لا داه إسمه Liger باباه أسد بس مامته هي أنثى النمر و هو أكبر من الاثنين... فهمت".

فادي ببراءة:"فهمت يا بابي طيب قلي هما أساميهم إيه".3

أمسك شاهين كف الصغير ثم وضعه فوق رأس أحد اللايجر الذين جلسا بطاعة على مقربة منه ليداعب فرائه... قائلا ببساطة :" داه إسمه... دايمون... و الثاني إسمه سيزار

إيه رأيك حلوين يا بطل ".

تستمر القصة أدناه

اوما الاخر بحماس و هي يجيبه :"جدا يا بابي خلينا ناخذهم على الفيلا ".

شهقت كاميليا في داخلها و هي مازلت تقبض على ذراع شاهين دون إنتباه منها مركزة بصرها على الحيوانين تنتظر أي حركة منهما لتهرب بعيدا او تتسلق أحد الأشجار...

رأت إصرار فادي على اصطحابهما إلى المنزل لتقاطعه باندفاع:" هو انت شايفهم قطط علشان تأخذهم البيت... دول قد الديناصورات مينفعش يتربوا اصلا انتوا لازم تسفروهم أفريقيا و تسيبهم يعيشوا في الغابات هناك ".

رمقها شاهين باستهزاء قبل أن يردف :" اسفرهم أفريقيا؟؟؟ ... إنت عارفة دول ثمنهم كام يا جاهلة؟؟؟ أكثر بكثير من أي مبلغ ممكن تتخيليه في دماغك ".

كاميليا بعدم إهتمام :" و هو مين حيشتري وحوش زي دي إلا إذا كان واحد مجن..... ".

ابتلعت كلماتها في جوفها بعد أن أدركت غباء ما تفوهت به لترفع رأسها ببطئ و تجده ينظر لها باستهزاء و هو يقول بتهديد جدي :" كلمة كمان و حوريكي المجنون داه حيعمل فيكي إيه...

أومأت بطاعة ليتجاهلها شاهين و يقف من مكانه و يأمر اللايجر ان يتبعاه... بينما هي تسمرت مكانها لاتدري أين تذهب هل تتبعه ام تجلس مكانها حتى يبتعد بهذه الوحوش المخيفة ثم تهرب إلى الفيلا ....

تابعت سيرهم بأنفاس متقطعة و هي تدعوا الله أن لا يتفطن لتخلفها عنه فجأة رأت شاهين يضع فادي أرضا بعد أن تمتم ببضعة كلمات في أذنه ليركض الصغير نحوها...

ماجعل كاميليا تشتمه مرحبا سرها قائلة :"الله يخرب بيتك إيه اللي رجع الواد المجنون داه...داه طلع مجنون زي أبوه.. داه إيه عيلة المجانين دي الام بتقلي تنكري و أخفي وشك و ابنها مربي اسود في البيت و كأنها قطط و الحفيد عاوزني أبقى مامته بالعافية ".

وصل فادي إليها ثم أمسكها من يدها و هو يجرها قائلا برجاء:" مامي كاميليا بليز تعالي نشوف ديمون و سيزار و هما بياكلوا ".

تبعته كاميليا و هي تهمس بحنق :" دول بياكلو لحمة تكفي حارتنا اسبوع بحاله ثم أضافت بصوت عادي فادي يا حبيبي انا ميس كاميليا مش مامي... بلاش تقلي تناديني كده علشان ...".


فادي و هو يعبس بحزن :"بس انا عاوزك تبقي مامي انا عندي بابي بس و كل صحابي عندهم مامي و بابي".

شعرت كاميليا ببعض الشفقة على هذا الطفل المسكين لتهم بالرد عليه لكن صوت شاهين الغاضب قاطع أفكارها و هو يقول :" حسابك بعدين على اللي انت عملتيه دلوقتي... يلا يا فادي نشوف اللايجرز انا خليت المدرب بتاعهم يرجعهم مكانهم ".

مشى الجميع حتى وصلوا إلى ركن شاسع مسيج بأسلاك حديدية عالية حيث يقبع اللايجرز بداخله و أمامها كومة كبيرة من اللحوم يأكلانها بنهم...صفق فادي بحماس و هو يشير بيده الى أحد الحيوانين متسائلا :" بابي هو داه سيزر صح.... ".


ابتسم شاهين على طفله قبل أن يجيبه :"صح سيزار أضخم شوية من دايمون....انا حجيبك كل أسبوع علشان تشوفهم مدام عجبوك بالشكل داه".

فرح شادي بشدة و قام بتقبيل والده طويلا قبل أن يعود لمشاهدة الحيوانات...

اما شاهين فقد إستغل إنشغال الطفل ليمد يده و يجذب كاميليا من ذراعها ليجعلها تقف إلى جانبه... ليقول باللغة الروسية بعد أن علم من والدته ان كاميليا تستطيع التحدث بها :"انت تتكلمين الروسية صحيح".

تفاجأت كاميليا بسؤاله قبل أن تومئ برأسها بإيجاب :"أيوا".

شاهين :"انا لا أريد لفادي ان يفهمنا...لقد رأيتك منذ قليل تمنعينه من مناداتك بمامي".

كاميليا و قد تذكرت تهديده :" لانه لا يجب أن يتعود على ذلك بينما أنا سأترك العمل آخر هذا الشهر "


رفع شاهين حاجبه الى الأعلى ليقيمها بنظرات غرور واضحة قبل أن يهدر بغطرسة :"انت حقا حمقاء تظنين انني نسيت كيفية دخولك الى منزلي و حصولك على العمل و انك ستفلتين من عقابي لك على استغفالك لي...إسمعيني جيدا انت لاتريدين ان تكوني طعاما لهذه الحيوانات المفترسة التي تشاهدينها أمامكي... أقسم انني لن أتوانى عن رميك أمامهم انت و جميع عائلتك يا حثالة....ابقي مطيعة و لا تتسببي في حزن فادي مرة أخرى دعيه يناديكي بما يشاء..لك الشرف ام يناديكي مامي، لو انه فقط يعلم حقيقتك لما اقترب منك ابدا... صدقيني انت لاتعلمين جيدا من أنا فاحذري جيدا من إثارة غضبي "


ارتجفت كاميليا رغما عنها من تهديداته الجدية و شعرت بانقباض قلبها من شدة خوفها خاصة بعد أن أضاف باللهجة المصرية :" انا عارف عنك كل حاجة على فكرة من يوم ما إتولدتي لغاية اللحظة دي و عارف كل عيلتك و حارتك الفقيرة اللي انت جاية منها.. حتى هبة صاحبتك اللي ناوي عمر يتجوزها... فخليكي مطيعة احسن عشان انا بكره الست العنيدة اوي فهمتي يا ميس كاميليا و الا أعيد ثاني".

جف حلقها و ارتجفت ساقيها لتستند على السياج بثقلها و هي تهتف بتوتر :" فهمت ".


تجاهلها ليعود لملاعبة الصغير الذي بدا مسرورا جدا بنزهته الفريدة غير واع بما يحصل حوله... عرض أقل



الفصل الثاني عشر

بعد يومين في كافتيريا الجامعة

حدقت هبة في صديقتها ببلاهة غير مصدقة لما ترويه لها من أحداث غريبة وقعت معها الايام الماضية...

و ما أن انتهت كاميليا حتى سألتها :"قلتلي عندهم الأسود في المزرعة انت متأكدة يا كامي".

كاميليا بضجر :"اووف يا هبة مية مرة قلتلك لايجر.. لايجر ما انا وريتك صورته في اللابتوب من شوية دا أضخم من الأسد يجي مرتين...شكله مخيف جدا انا كنت ببصله و انا بردد الشهادتين جوا قلبي خايفة ينط عليا في اي لحظة ياكلني خصوصا ان اللي اسمه شاهين داه مكانش حامل وجودي من أساسه...


هبة بمزاح :"كفاية ان ابنه حاملك و جوا قلبه كمان".


كاميليا بحنق:"شفتي الخيبة اللي انا فيها...دلوقتي حتى لو قررت اسيب الشغل مش حيقبلوا عشان الولد ماسك فيا... و بقى بيناديني ماما.. بذمتك يا بيبة انا وش ماما،؟؟ بسببه بقيت بتهزق في الرايحة و الجاية... ساعات بفكر اديه قلمين على وشه زي ما بعمل مع كريم اخويا لما بيغيضني او ميسمعش الكلام علشان اخليه يقول حقي برقبتي و يبطل دلع....


هبة بضحك :"حرام عليكي داه ولد صغير ذنبه إيه انه تعلق بيكي...


كاميليا بتفسير :" انا مقلتش حاجة بس انا كمان بني آدمة و مش حمل بهدلة ابوه دي...داه انا لو كنت حيوان كان حيعامله احسن مني....طب انا ذنبي إيه إن مامته طلقت ابوه او هربت او مش عارفة راحت فين... انا مالي من كل داه، انا بنت غلبانة جيت اشتغل عندهم بكرامتي و من حقي اسيب الشغل لو لقيت حاجة إتضايقني او ملقيتيش راحتي....و بعدين بطلي تقولي عليه بريئ داه طالع لأبوه كان بيلعب على اللايجر و كأنهم قطط قال بريئ قال.... انا انت الهبلة و الغبية عشان فكرت اشتغل عند ناس عندهم انت بلعن الساعة اللي دخلت فيها الجحيم بتاعهم....


هبة :"كله بسببي انا اللي نصحتك تشتغلي هناك بس انا مكنتش عارفة ان كل داه حيحصل... بس انا مش حسكت انا حقول لعمر و هو حيتكلم معاه".

كاميليا باندفاع :"لا يا هبة أوعي تعملي كده انا مش عاوزة اسبب مشاكل لأي حد انا النهاردة حتكلم معاه و حقله اني عاوزة اسيب الشغل... انا مقدرش استمر كده ".

هبة و هي تنظر إلى ساعتها :" طب اتكلمي معاه و كلميني بالليل و قوليلي عملتي إيه... يلا نمشي علشان المحاضرة زمانها حتبتدي....

لملمت كاميليا أشيائها قبل أن تتجه مع هبة الى مدرج المحاضرات بقلب منقبض و عقل مشغول.

__________________


في مكتب شاهين بالفرع الرئيسي لشركاته

إرتمى عمر بتعب على الاريكة العريضة ثم بدأ بفك ربطة عنقه بطريقة عشوائية قائلا بتذمر:" حرام عليك يا شيخ... إجتماع اربع ساعات...انت و معروف عنك انك آلة شغل متحركة طب و إحنا ذنبنا إيه؟؟؟؟

جلس شاهين وراء مكتبه ثم جذب جهاز الابتوب ليفتحه رامقا عمر بنظرات متعجبة قبل أن يهتف باستنكار :" اربع ساعات ميجوش حاجة جنب الأهمية بتاعة المشروع و الأرباح اللي حنحققها لو نفذناه بطريقة صحيحة و تفادينا الأخطاء اللي ناقشناها في الاجتماع....

عمر و هو يحرك رقبته يمينا و يسارا بتعب :" من الناحية دي معاك داه يعتبر مكسب كبير لشركة الحديد و الصلب و خاصة فرع اسكندرية بما ان المشروع حيتعمل هناك...المهم انا كنت عاوز اقلك حاجة برا الشغل".

شاهين بانشغال :"قول... سامعك".

. عمر باحتجاج:"طيب سيب اللاب من إيدك يا ابني الشغل مش حيطير...".

شاهين برفض :" في إيميلات مستعجلة لازم أرد عليها بنفسي... اتكلم انا مركز معاك متخافش و لو اني عارف انت عاوز تقول إيه، عاوز تتجوز البنت إياها صح ".

عمر بضيق :"يا ساتر مفيش حاجة مبتعرفهاش و بعدين البنت إياها إسمها هبة على فكرة...


شاهين بلامبالاة:"طيب لما انت عاوز تتجوزها إيه اللي مانعك؟؟

عمر و هو يسترخي بجسده على الاريكة و يضع قدميه فوق المنضدة قائلا :" خالتك فيري يا سيدي.... ماما رافضة إني أرتبط بهبة و عاوزاني اتجوز بنت واحدة من صاحباتها... بنت هايفة كده و دمها ثقيل مش عارف ماما عجبها فيها إيه ".

شاهين بسخرية :"يعني عاوز تقلي ان شحط زيك طول بعرض و لسه مامته بتتحكم فيه...


عمر متجاهلا سخريته:" انا بس مش عاوز اتجوز و هي مش راضية عني...

شاهين بثقة:" طنط فريدة عمرها ما حتتغير تفكيرها كده بتأمن بالفرق بين الطبقات و بصراحة عندها حق...انا للاسف إكتشفت الحقيقة دي و تأكدت منها بعد ما إتجوزت... على العموم انت راجل واعي و مسؤول و تقدر تتحمل نتيجة قرارك...اعمل اللي ريحك مافيش حل غير انك تتجوز و تحط عيلتك قدام الأمر الواقع ".عمر :"طيب و عيلة هبة داه باباها رافض الموضوع من زمان...

شاهين بسخرية :"و يرفضك ليه...تكونش مش قد المقام و الا حاجة... بقلك الناس دي مينفعش معاها غير طريق واحد،إرميلهم قرشين و هما يبيعوا نفسهم مش يدوك بنتهم".

عمر بيأس من أفكار إبن خالته المتجعرفة :"يا بني مية مرة قلتلك مش كل الناس زي بعض... عم منصور مستحيل حيغير رأيه عشان الفلوس... انت متعرفوش داه راجل عنده كرامته و سمعته أهم من أي حاجة في الدنيا...

شاهين :"لو عاوزني أتدخل انا ححللك الموضوع و في خلال ساعة حتكون في بيتك و مع مراتك ".

عمر بضحك :" متشكرين يا عم سايبينك للعوزة... انا عارف أفكارك اللي تودي في داهية مش بعيد تخطف البنت و تهدد أبوها ما انا عارف سكتك مبتعرفش تتفاهم بتفذ على طول".

شاهين و هو يشاركه الضحك:" لا انا زمان جربت الحنية و الطبطبة بس منفعوش معايا فلقيت الحل السريع لكل المشاكل...نفذ اللي في دماغك و متتستناش موافقة حد ".

تناول عمر أحد سجائره ثم اشعلها لينفث دخانها قائلا بجدية :" انا إنشاء الله ناوي اتكلم معاه بهدوء و أكيد حلاقي حل... بس هو في موضوع ثاني كنت عاوز اكلمك فيه...

شاهين و قد عاد يكتب على حاسوبه باهتمام :"اتفضل.. الظاهر اني مش حخلص النهاردة من مواضيعك".

عمر بسخرية :"وهو انا شاغلك على حاجة ما انت مشاء الله و كأنك مش مش مطبق اربع ساعات ورا بعض اجتماع مغلق و طالع ماسك اللاب و مكمل شغل...إرحم نفسك شوية يا أخي و خلي شوية طاقة لصوفيا بالليل".

قهقه شاهين باستمتاع على ابن خالته المتذمر ثم دفع الجهاز جانبا و يهتف بصعوبه من بين ضحكاته :"طيب يا سيدي اهو سيبت الشغل علشان خاطرك...معاك خمس دقائق يلا إبدأ".

عمر بنحنحة :" كاميليا... مربية فادي، دي صاحبة هبة الوحيدة انا عرفت كل اللي حصل معاها و تقريبا شبه متأكد ان انت مش حتعدي داه بالساهل و اكيد حعملها حاجة تأذيها...

شاهين محاولا التحكم في تعابير وجهه التي إنقلبت فجأة :"و إيه هو المطلوب مني يا عمر بيه".

عمر بجدية :" سيبها في حالها يا شاهين البنت دي طيبة و غلبانة و مش قدك...و لا قد قسوتك انت عارف و متأكد ان الاتهامات اللي انت إتهمتها بيها باطلة و معندهاش أساس من الصحة و انت اللي مخترعها من دماغك و كمان طنط ثريا عارفة كل حاجة و تقريبا هي اللي قالتلها تعمل كده".

شاهين و هو يسمح على وجهه بغضب :" دي حاجة متخصكش يا عمر انا أعرف كويس إزاي أحل مشاكل عيلتي و الشغالين اللي عندي...عمر مقاطع بصرامة:"شاهين.. سيب البنت في حالها، هي مش عاوزة تكمل تشتغل عندك و عاوزة تسيب الشغل و انا متأكد انك حتجبرها بأي طريقة انها تفضل عندك فبلاش....

شاهين باستهزاء واضح:" و حضرتها بقى عينتك محامي عشان تدافع عنها و الا داه تأثير الست هبة بتاعتك....


عمر بغضب و هو يقف من مكانه :" شاهين من فضلك مفيش داعي للكلام داه...كامليا صاحبة هبة و انا من واجبي إني ادافع عنها علشان البنت غلبانة و مظلومة و حظها الوحش وقعها في إيدك انت... ما في آلاف البنات تحت إيدك إيش معنى دي اللي ماسك فيها... تكونش عجبتك و عاوزها.. ما انا عارفك....

تستمر القصة أدناه

شاهين مقاطعا :"ملكش دعوة يا عمر و لثاني مرة بحذرك... ماتدخلش في حاجة متخصكش انا اعرف كويس انا بعمل إيه... و دلوقتي إتفضل على مكتبك علشان عندي شغل...


زفر عمر بضيق و يأس قبل أن يتجه خارجا تاركا شاهين يقاوم نوبة الغضب الشديدة التي أصابته

فجأة بسبب كلام ابن خالته... ليتوعد لكامليا المسكينة بعقاب مضاعف....


________________


في جزر المالديف الساحرة....

تمددت ليليان على أحد كراسي الشازلونج مستمتعة بأشعة الشمس المنعشة و المناظر الطبيعية الخلابة التي تتميز بها هذه الجزر...


تأملت من تحت نظاراتها الشمسية المياه الصافية و الأشجار الاستوائية المنتشرة هنا و هناك قائلة بهمس :"يااه الواحد قد إيه كان محتاج مكان زي داه علشان يعدي أعصابه و ياخذ نفسه من الحياة و المشاكل اللي فيها....يا ريتني اقدر أقعد هنا على طول....

التفتت ورائها عندما شعرت بخطوات أحدهم لتجده أيهم الذي يبدو أنه إستيقظ للتو من النوم... تقدم إليها ليقبلها على وجنتها قائلا بعتاب:"كده يا لولو تسيبيني نايم كل الوقت داه..

جلس إلى جانبها على نفسها الكرسي لترمقه ليليان بنظرة حانقة و هي تدفعه قائلة :" الكرسي داه بتاعي على فكرة مينفعش تقعد جنبي هنا... اختارلك اي واحد ثاني...

تجاهل أيهم إعتراضخا و هو يتمدد بجانبها و يضع نصف جسدها فوقه لتصرخ ليليان بغضب :" اووف يا أيهم عاوزة اشم شوية هواء ماتسيبني قاعدة براحتي....

أيهم بمشاكسة :"شمي هواء زي ما انت عاوزة بس هنا في حضني...


حاولت ليليان التملص منه دون فائدة لتهتف بغيظ:"ما انت كنت نايم إيه اللي صحاك، ما تروح تكمل نوم و تسيبني آخذ راحتي هنا....


ايهم برفض:" تؤ انا واخذ راحتي و زيادة اسكتي بقى و شوفي المكان حلو إزاي...إيه رأيك نفضل هنا على طول...

ليليان بحنق :"لا طبعا.. انا عاوزة أرجع مصر هناك على الاقل في ناس أعرفهم بس هنا ملناش حد....


أيهم بسخرية :"في حد عاقل في الدنيا يسيب المالديف و يروح مصر... ذوقك دايما غريب في كل حاجة....


ليليان بلامبالاة :"عادي مش مهم انه يعجبك على فكرة..

أيهم بخبث و هو ينظر لها بنظرات ذات مغزى :"بس انت فيكي حاجات ثانية مجنناني و مطيرة النوم من عيني... ما تيجي جوا و انا اقولك إيه هيا؟؟؟؟

ليليان رغم خجلها :"انت قليل الادب على فكرة و مفيش في دماغك غير الحاجات دي... اوعى كده انا جروح اقعد على الكرسي اللي هناك ده...أيهم بضحك :"متحاوليش علشان مش حسيبك و بعدين هو شهر العسل معمول ليه مش علشان قلة الأدب اللي بتتكلمي عنها دي....


ليليان دون وعي:"أيوا بش مش كده صبح و ليل....حاجة تقرف..

أيهم باستغراب :"يعني إنت شايفة حبي ليكي حاجة مقرفة يا لولو؟؟؟


ليليان بجدية :" بس انت مش بتحبني يا أيهم....


أيهم بصراحة :" بس احنا في حاجات كثير بتجمعنا أهم من الحب.. احنا أولاد عم و لايقين أوي على بعض.. و كمان متنكريش انك بتتجاوبي معايا كويس كل مرة بنبقى فيها مع بعض... و دي حاجات أساسية

ليليان بنفي:"بس اهم حاجة مش موجودة... الحب، مفيش حاجة حتعوضه بس في نفس الوقت هو بيعوض حاجات كثير....


أيهم بملل :" طيب سيبنا من الموضوع داه تعالي نفطر انا وصيت على فطار ملوكي أكيد زمانه وصل... يلا...

اكمل أيهم كلماته و هو يحملها كالعروس بين ذراعيه متجها بها إلى الداخل.....

________________


في منزل زكريا

جلست نعمة زوجة زكريا الأولى أمام شاشة التلفاز تقلب القنوات بملل باحثة عن أحد المسلسلات لتسلي به وقتها.. تأففت بحنق و هي تسمع صوت جرس الباب لتصيح بصوت عال :"حاضر ياللي بتخبط... جاية أهو".

نهضت من مكانها بحركة بطيئة متجهة نحو الباب...فتحته لتتفاجئ بوجود ضرتها جميلة تقف أمامها...

اندفعت الأخرى تقبلها بلهفة مزيفة قائلة :"إزيك يا نعمة يا اختي... وحشاني اوي بقالي كثير مشفتكيش... و انت مش راضية حتى تشرفيني بزيارة...

رحبت بها نعمة رغما عنها ثم دعتها الى الدخول لتغلق الباب ورائها....

توجهتا الى الصالون لتقلب جميلة عينيها في أرجاء المنزل تدقق النظر في كل ركن فيه...

مصمصت شفتيها بحركة شعبية قائلة :"شقتك حلوة أوي يا ضرتي بس الأثاث قديم شوية...ماتقولي لسي زكريا يغيرهولك،انت مراته يا حبيبتي و من حقك تتدلعي عليه....

نعمة و هي ترمقها بنظرات غير مرحبة:" مفيش داعي يا أختي...الأثاث جديد و زي الفل متقلقيش انت نفسك بس...

جميلة و هي تشير بيديها :"يا حببتي انا بس عاوزة تكوني شيك في كل حاجة... المهم انا النهاردة جيالك في حاجة مخصوص.... في مشكلة كبيرة حصلت و لازم تلاقي معايا حل ليها و إلا حنروح في داهية أنا و انت...

نعمة بلامبالاة :" حاجة إيه كفى الله الشر... ما أنا عارفة زيارتك دي مش حتعدي على خير، و أكيد في وراكي مصيبة.

تستمر القصة أدناه

جميلة و هي تقلب شفتيها بضيق من وقاحة ضرتها :" مفيش داعي للكلام داه يا نعمة و بعدين يا أختي انا جيالك علشان مصلحتنا واحدة...المهم انا كنت عاوزة اقلك إن سي زكريا عاوز يدي لأبو البنت اللي إسمها كاميليا دي فلوس كثير علشان يوافق يديه بنته... حوالي ربع مليون جنيه....

شهقت نعمة و هي تضرب بيدها على صدرها قائلة بردح:"إيه... ربع مليون جنيه حتة واحدة...


جميلة بتأكيد :" أيوا يا ختي زي ما بقلك كده انا سمعته بوذني و هو بيتفاهم معاه على التلفون بس ابوها قله انه حيشاور ست الحسن و الجمال الأول...شفتي هي من أولها ابتدت كده امال بعدين حيحصل إيه َش بعيد يطلقنا ياختي انا و انت و يرميها في الشارع إحنا و بناتنا....


نعمة بوعيد :" آه يا زكريا ياإبن....متين و خمسين ألف جنيه حتة واحدة، و انا اللي كل ما اطلب منه فلوس يقلي مامعاييش و القهوة شغلها في النازل أتاري الراجل بيحوش مهر الهانم و إحنا مش داريين...

جميلة بتحريض :" شفتي ناوي ياكل حقنا و حق عيالنا عشان كده لازم نتعاون مع بعضنا و نلاقي حل ...إحنا اكيد مش حنفضل ساكتين لحد ما يدخل علينا بيها و يقلنا دي مراتي ...نعمة بتفكير :" طيب و إحنا في إيدنا إيه نعمله عشان نبوز الجوازة دي...و لو إني متأكدة ام كاميليا مستحيل توافق عليه بس خايفة من اللي مايتسمى يأثر على ابوها بالفلوس ما انت عارفاه لما بيحط حاجة في دماغه...

جميلة بحقد :" على جثتي انه يتجوز من ثاني... انت بس حطي عينيك في رأسك و راقبي كل تحركاته و تليفوناته لما يجيلك البيت و خلي الباقي عليا...و لما أكلمك إبقي ردي علي التلفون متبقيش تتجاهليني زي عوايدك...

نعمة بارتباك :" انا كنت فاكراكي بتهزري مكنتش فاكرة ان الحكاية فيها ربع مليون جنيه....


جميلة و هي تلوي فمها باستهزاء:" يعني انت كل اللي همك الفلوس مش همك جوزك اللي حيتجوز عليكي واحدة ثانية....


نعمة :"في ستين داهية ماهو عليا مرة مش حتفرق الثانية من الثالثة... انا بس عاوزة أأمن مستقبل بناتي مش عاوزة حد ثاني يدخل و يكوش على كل حاجة...

جميلة بتأكيد :"متقلقيش انت بس إعملي اللي قلتلك عليه و سيبي الباقي عليا و متنسيش تفتشي الدولاب علشان لو لقيتي فلوس هنا و الا هنا قوليلي... يلا فتك بعافية انا لازم أمشي زمان البنات وصلوا من المدرسة....

نعمة بابتسامة مزيفة :" الله يعافيكي يا أختي و متأخذينيش... الكلام أخذنا و مضيفتكيش على قهوة....


وقفت جميلة من مكانها و هي تلملم عبائتها باهتمام قائلة :" مفيش داعي حبقى أشربها مرة ثانية إنشاء الله.

اوصلتها نعمة إلى الباب ثم ودعتها و هي تشتمها في سرها و تشتم زوجها و تتوعده بالانتقام منه قريبا.....

__________________


ليلا في فيلا شاهين...

دخل الى الفيلا كاعصار هائج... استوقفته والدته للحديث معه لكنه تجاهلها متجها إلى مكتبه بعد أن أمر فتحية باستدعاء كاميليا إلى مكتبه...

بعد دقائق دلفت كاميليا المكتب بخطوات مرتجفة...لتجده يجلس على الاريكة و جسده إلى الأمام مستندا بذراعيه إلى ركبتيه واضعا رأسه بين كفيه..ظلت واقفة مكانها عدة دقائق بينما هو ظل على وضعيته تلك لم يتحرك إنشا واحدا... تنحنحت للمرة الثانية لتنجح أخيرا في جذب إنتباهه، رفع رأسه إليها ليناظرها بعينين حمراوين من شدة الغضب لتتراجع هي بخوف إلى الوراء دون وعي منها....

توقفت عندما سمعت صوته الخشن ليأمرها بالجلوس...نظرت حولها لتختار الجلوس على أقرب مكان للباب حتى تستطيع الهرب عند الظرورة....


ما إن مالت بجسدها إلى الوراء إستعدادا للجلوس حتى فوجئت بقبضة يده تنقض على ذراعها ككماشة ليجذبها بعنف و يجبرها على الجلوس تحت قدميه كالجارية...

صرخت كاميليا بألم و هي تحدق به غير مصدقة لفعلته ليبادلها هو نظرات حاقدة قائلا بهدوء مريب :"من هنا و رايح لما اقلك أقعدي تقعدي هنا تحت رجلي و متتحركيش غير لما آمرك بكده..

لم تكن كاميليا تصدق ما تسمعه منه لتحاول النهوض من مكانها لكنه قبض على رسغها بقوة حتى بكت من شدة الألم ليهتف بتشفي:" داه جازاتك علشان عنيدة و متسمعيش الكلام...و لعلمك المرة الجاية حيكون عقابك أكبر من كده بكثير....

ختم كلامه ثم مد يده إلى جيبه و عيناه لا تحيدان عن كاميليا التي ظلت جالسة في مكانها بصمت تنظر متى سيسمح لها بالمغادرة...أخرج علبة مخملية باللون الأسود و رماها بجانبها مردفا :"داه علشانك إفتحيه...

ما إن فتحت العلبة بأناملها المرتجفة حتى توسعت حدقتي عينيها بغير تصديق لما تراه... خاتم من الألماس أقل ما يقال عنه انه من أجمل ما رأت في حياتها البسيطة6رفعت عينيها الى وجهه لتجده ينظر لها بزهو قبل أن يقول بصوت واثق ...... عرض أقل


الفصل الثالث عشر

صباحاأغلقت كاميليا باب غرفتها بأنفاس لاهثة متجاهلة نداءات والدتها القلقة عندما رأتها بتلك الهيئة و هي تركض مسرعة إلى داخل المنزل و كأن أحدهم يلاحقها....


استندت بظهرها على باب الغرفة و هي تمسح بكفها على صدرها فوق قلبها تهدئ من نبضاته التي كانت تتسابق بسرعة جنونية ليصل الى مسمعها صوت والدتها التي كانت تدق الباب دقات متواصلة...


الام بألحاح :"كاميليا افتحي الباب...قوليلي مالك... داخلة تجري كده ليه هو في حد كان بيجري وراكي و الا إيه.. كاميليا افتحي الباب... يابت...


إستجمعت كاميليا قواها المتبقية لتجيب والدتها بهدوء مضطرب :" مافيش ياماما... انا بس مستعجلة شوية علشان كدة كنت بجري... انا جيت من الفيلا على هنا علشان أغير هدومي و اروح الجامعة....

زفرت بارتياح و هي تسمع خطوات والدتها المبتعدة على الباب... تعلم أن والدتها لن تمرر الأمر على خير و ستظل تسألها مرارا و تكرارا لذلك وجب عليها ان تفكر في سبب مقنع تقوله لها.

مسحت وجهها بتعب و هي ترمي حقيبتها باهمال على السرير متجهة الى خزانتها الصغيرة لتخرج بعض الملابس البيتية لترتديها متناسية كذبها على والدتها بذهابها إلى الجامعة....

شهقت بفزع و هي تتذكر ذلك الخاتم الذي أعطاه لها شاهين لترمي الملابس على الأرض و تهرع إلى حقيبتها تفتحها بتوتر و هي تخرج العلبة المخملية..

قبضت عليها بكفها تعتصرها بخوف و هي تتذكر ما حدث البارحة.....

:"الخاتم داه ليكي....جهزي نفسك علشان حنتوجز آخر الأسبوع داه".

توسعت عيناها برعب و هي تشعر بتوقف العالم

من حولها...حدقت فيه غير مصدقة لما تسمعه منه

ليكمل الاخر ببرود متلف للاعصاب و كأنه يعقد إحدى صفقاته:"في المقابل انا حديكي عشر مليون جنيه... تقدري تساعدي بيهم عيلتك و تخرجهم من الفقر الي هما عايشينه... و تأمني مستقبل أخواتك انت اكيد مش عاوزاهم يكونوا زيك لما يكبروا...بتشتغلي ليل نهار علشان شوية ملاليم يدوب مكفية مصاريف دراستك... وترحمي أبوكي العيان من الشغل... انت عارفة ان مريض بالقلب و كل يوم حالته بتدهور أكثر خاصة انه مش بتعالج و لا بيأخذ دواء...عشان مش معاه فلوس ".

ضغط شاهين على كلماته الأخيرة و هو يرمقها بتحدي لتنزل كاميليا عيناها التي امتلئت بدموعها.. كل مايقوله صحيح... هو يعرف عنها كل شي... و يدرك حياتها الفقيرة البائسة و يقدم لها فرصة ذهبية لتخلص عائلتها من معاناتها...


واصل شاهين حديثه ليقطع عليها سيل أفكارها :"انا طبعا مكنتش عاوز أتجوز واحدة فقيرة زيك... مش عاوز أعيد غلطتي مرتين بس أنا مظطر علشان فادي متعلق بيكي جدا و انا مش عاوزه يمر بأزمة نفسية زي السنة اللي فاتت...يعني انت هنا عشان اوس و بس و انا في المقابل حديكي الفلوس اللي قلتلك عليها و ممكن أديكي أكثر لو عاوزة ".

إبتلعت كاميليا ريقها بصعوبة و هي تشعر بغصة في حلقها جراء اهاناته المتكررة لها لتقول بصوت مختنق من دموعها :" بس أنا مش عاوزة اتجوز... انا حبقى مربية فادي زي....

قاطعا الاخر و هو يجذبها من ذراعها بقوة حتى كاد يخلع كتفها من مكانه هادرا بغضب شديد :"انا مش باخذ رايك إنت تنفذي و بس لحسن و ديني لخليكي تعفني في السجن انت و عيلتك كلها.... انت الظاهر لسه مش عارفة كويس انا مين بس ملحوقة انا ممكن أوريكي عينة صغيرة من اللي ممكن أعمله فيكي

و ممكن أبدأ بأختك نور...


جذبها أكثر لتصبح مقابلة له و هي تجلس على ركبتيها أمامه و وجهها مقابلا لوجهه... تفرسها للحظات...و هي تغمض عينيها بشدة و دموعها تأخذ مجراها على وجنتيها المحمرتين...

قبل أن يكمل بصوت هامس مرعب أشبه بفحيح الافاعي :"حخلي رجالتي يخطفوها و يغتصبوها و بعدين يرموها في أي خرابة... و لامن شاف و لا من درى... إيه رأيك و إلا نخليها قضية مخدرات منافقة تخلي ابوكي يقضي بقية حياته في السجن و إلا... ".

ظلت كاميليا تهز رأسها بنفي و هي تحاول التملص من قبضته الحادة صارخة ببكاء:"حرام عليك... ليه بتعمل فيا كدة....

رماها شاهين الى الوراء لتقع أرضا على ظهرها...ثم عاد بجسده مستندا على الاريكة و هو يردف بغطرسة واضحة :"علشان مبحبش حد يعارضني....و اللي أقول عليه يتنفذ من غير نقاش...أقسم بالله لو عارضتيني ثاني لكون منفذ اللي في دماغي على طول مين كلام ...انت تحمدي ربنا علشان إخترتك انت من كل بنات الدنيا...اللي بيحلموا بإشارة من صباعي...انا لولا فادي مكنتش حبص في خلقتك.... و دلوقتي إطلعي برا عندي شغل ".

أكمل حديثه ثم وقف من مكانه متجها إلى البار الصغير و يمسك بإحدى زجاجات النبيذ و يفرغ محتوياتها في كأسه و يبدأ في ترشفه بهدوء و كأنه لم يقم بمصيبة منذ قليل...

تحاملت كاميليا على نفسها لتقف من مكانها بصعوبة و تتجه بخطوات متثاقلة إلى خارج المكتب....لتمضي ليلتها و هي تفكر في الجحيم الذي ينتظرها لدخوله بعد أيام قليلة...

عادت إلى واقعها لتنظر الى العلبة مدلف شاهين إلى شركته بخطواته الواثقة الرزينة تحت نظرات الموظفين الخائفين من مزاجه المتقلب...

وصل إلى مكتبه ليطلب من السكرتيرة قهوته المعتادة و بعض الملفات الخاصة بإحدى الصفقات...

فتح حاسوبه و بدأ بالعمل.. لتطرق السكرتيرة الباب ثم تدخل حاملة فنجان القهوة و الملفات..

رمقها شاهين من تحت أجفانه بنظرات متفحصة قبل أن يرفع رأسه إليها...لم يمنع نفسه من تفرس جسدها بوقاحة و هي تتمايل بدلال و ملابسها المغرية التي تظهر أكثر مما تخفي.. تنورتها السوداء القصيرة التي كانت تكشف ساقيها الطويلتين و قميصها الأزرق الذي تعمدت ان تترك ازراره الأولى مفتوحة حتى يظهر جزء من مقدمة صدرها...توسعت ابتسامتها و هي تلاحظ نظراته التي كانت تلتهم جسدها...

لتقترب بثقة من المكتب و تضع الفنجان و الأوراق أمامه قائلة بصوت ناعم :"دي ملفات المناقصة اللي حضرتك طلبتها...

أشار لها شاهين بإصبعه ان تقترب منه لتتهلل أساريرها فرحا لحصولها على فرصة مع شاهين الألفي فهي منذ أن بدأت العمل عنده و هي تحاول بكل الطرق لفت إنتباهه...

إقتربت منه و هي تبتسم بفرح لم يدم طويلا عندما سمعته يهمس في أذنها

بصوت عابث :"إقفلي زراير القميص يا ميساء و بلاش الحركات الخطيرة دي معايا لحسن لو سبت نفسي عليكي حتكون آخرتك يا ميتة يا في غيبوبة في المستشفى أصلي انا غبي في الحاجات دي و منصحكيش تجربيني...

إرتجفت ميساء بخوف و قد امتدت أصابعها لتقفل أزرار قميصها دون وعي قبل أن تهرع الى الخارج بخطوات متعثرة...

لوى شاهين فمه باستهزاء و هو يتمتم بانزعاج:"عاهرة جديدة.. بس خسارة جات في وقت غير مناسب....

قاطع تفكيره دخول عمر بملامح متجهمة ليزفر هو بضيق لعلمه بغضب الاخر منه بسبب كاميليا...

تقدم عمر ليضع أمامه عدة أوراق قائلا بصوت جاف :" دا ملف فيه كل المعلومات على شركة النويري للصلب اللي انت عاوز تشتريها...في أوراق تثبت إنها على وشك الإفلاس".

وضع شاهين الملف جانبا و هو يرمق عمر الغاضب بتسلية قائلا :"قلبك إسود يا ابن خالتي... ليه زعلان من إمبارح".

عمر ببرود:"لا زعلان و لا حاجة انا بس عرفت حدودي..


شاهين بضحك :"طيب بس أجل زعلك داه لبعدين علشان عاوزك في حاجة ضروري....

عمر بلامبالاة:" عاوز إيه...

تنحنح شاهين لينظف حلقه قبل أن يفجر قنبلته :" حتجوز آخر الأسبوع داه".

نظر إليه عمر غير مصدق ليومئ له الاخر بتأكيد...و هو يكمل بثبات :"بما إنك مدير أعمالي فأنت المسؤول على تجهيزات الفرح كلها ".

عمر و هو يسأله ببلاهة :" انت بتتكلم جد.. فرح إيه اللي آخر الأسبوع داه و مين العروسة".

تجاهله الاخر و هو يفتح علبة سجائره الفاخرة ليشعل واحدة و ينفث دخانها في وجه عمر الذي لم يبال كثيرا بسبب تركيزه على سماع إجابة سؤاله...

:" كاميليا محمود... مربية فادي".

رفع عمر حاجبه باستهزاء و كأنه كان يتوقع الإجابة قبل أن يردف بضيق واضح:" كنت عارف... اصلك مش حتبقى شاهين الألفي لو فلتت بنت من إيدك خصوصا لو كانت بجمال كاميليا...بس انا متأكد انها مش حتوافق و حتى لو وافقت فأكيد غصب عنها...

قاطعه شاهين بلامبالاة :"برضاها غصب عنها المهم انها وافقت...و دي حاجة متخصكش على فكرة

انت تجهز الحفلة و بس...


هز الاخر كتفيه باستسلام على عناد صديقه ليهب واقفا من مكانه و هو يقول بتذكير :" انا حكلمweeding planners و بعد الظهر حيكون عندك عشان تختار ديكور الحفلة...و الحاجات الثانية حشرف عليها بنفسي...بس مقلتليش إنت حتعيش فين في الفيلا مع طنط ثريا و إلا في فيلتك؟".

شاهين و قد فهم مايرمي إليه :"حنسكن في فيلا العيلة....متنساش تكلم الاستاذ حسن و القروب اللي معاه علشان يغير ديكور الجناح بتاعي.... و بالنسبة للفيلا الثانية فأنا حقفلها علشان ملهاش لازمة بعد ما إتجوز....".

عمر بحيرة :" طيب و صوفيا و البنات ال... ؟؟؟؟".


شاهين بثقة:" انت عارفني يا عمر أنا بعمل كل حاجة إلا إني أخون مراتي..."


أومأ له عمر بالموافقة قبل أن يتجه خارجا و ملامح الدهشة واضحة جليا على وجهه...


تاركا شاهين يبتسم بخبث و هو يتخيل كيف ستكون أيامه القادمة صحبة زوجته الجميلة.

_________________________

بعد يومين في شقة سعيد والد كاميليا

تجلس كاميليا على سريرها الصغير وهي تشاهد هبة و نور اللتان كانتا مشغولتان بتنظيم الأكياس الكثيرة و إفراغ محتوياتها في حقائب لتأخذها معها إلى منزلها الجديد...

عطورات فاخرة و ساعات و مجوهرات قيمة و ملابس من ماركات عالمية مختلفة و أحذية و حقائب بالإضافة إلى علب الميكآب ....

شهقت هبة بإعجاب و هي تخرج إحدى الساعات الفاخرة و ترتديها قائلة :"يا لهوي تجنن دي يا كامي... بصراحة شاهين داه طلع ذوقه حلو جدا.

رمقتها كاميليا بفتور و هي تجيبها :" ما أنا قلتلكم أي حاجة تعجبكم خذوها.. فتحية الصبح كلمتني و قالتلي انها إمبارح قعدت ساعتين في الجناح و هي بتنظم في الحاجات اللي هو جابها هناك...يعني كل الحاجات اللي هنا ملهاش لازمة هو باعثها منظر و بس".

نفت نور برأسها و هي تقاطع أختها قائلة :"انا بصراحة مش عاوزة حاجة غير الميكآب...بس ماما نبهت علينا منلمسش حاجة من جهازك....بتقول انه فال وحش و قالت إنها حتدينا فلوس انا و هبة علشان نشتري فساتين للفرح ".

كاميليا باستهزاء:" طيب يا ام فال وحش حتروحوا إمتى علشان تشتروا الفساتين.. الفرح بعد بكرة على فكرة ".

نور و هي تقف من مكانها لتجلب الأكياس البعيدة عنهما :" حنروح بكرة الصبح...مع السواق ما انت عارفة من يوم ما خبر جوازك إنتشر في الحتة و احنا مش قادرين نتحرك براحتنا... داه عم زكريا إمبارح كلم أبويا و بيترجاه علشان ميوافقش على جوازك بس بابا قله انك انت اللي إخترتي و هو ميقدرش يجبرك على حاجة".

هبة بضيق و هي تطوي إحد الفساتين بعناية و تضعها في الحقيبة المخصصة للفساتين :" هو العجوز داه مش ناوي يختشي على دمه بقى، ...داه لو سمعه شاهين بيه حيدفنه مكانه هو وكرشه... بني آدم مستفز أحسن حاجة عملها جوزك انه حط حراسة على باب العمارة برا و إلا كان زمانه مشرفنا هنا ".

قهقهت نور بمرح على كلام هبة الساخر قبل أن تهرع خارجا ملبية نداء والدتها لتساعدها في المطبخ.

تركت هبة الأغراض من يديها لتلتفت لكامليا التي كانت تنظر أمامها بشرود لتسألها بصوت خافت مخافة ان يسمعها أحد :" كاميليا... هو انت إزاي أقنعتي انكل سعيد و طنط هناء..

أغمضت كاميليا عيناها بتعب و هي تجيبها بهدوء:" انا أقنعت ماما و قلتلها إني بحبه و هو بيحبني...و انه فرصة و مش حتتعوض ثاني ما انت عارفة انا لو فضلت كده حعنس علشان مفيش حد بيتقدملي من حتتنا بسبب الزفت زكريا و أي حد بيجي من برا بيفهموه إني مخطوبة.... و كمان علشان نخرج من الفقر و المعاناة اللي إحنا عايشينها....خصوصا ان بابا تعبان...

هبة بتفكير :"مممم يعني انت أقنعتي طنط هناء و هي اقنعت أنكل سعيد...بصراحة اكثر حاجة مفرحاني في الجوازة دي إنك حتتخلصي من زكريا ابو كرش....

كاميليا بغضب :" إنت بتهزري يا هبة... فرحانة علشان كمان يومين و حدخل جحيمي برجليا.. إش حال مكنتيش على علم باللي بيحصل معايا هناك انا بس مش عاوزة أحسس عيلتي عاوزاهم يفضلوا مبسوطين ".

حاولت هبة طمئنتها متذكرة كلمات عمر لها:"إهدي يا كامي و إنسي كل اللي حصل زمان... انت دلوقتي حتبقي مراته يعني كل معاملته الوحشة ليكي حتتغير...بصي هو مهتم بيكي إزاي و مش مقلل من قيمتك داه باعثلك مجوهرات بملايين و هدوم و جزم ماركات...داه غير الفلوس اللي هو إدهالك...

انا متفائلة ان كل العذاب و الاهانة اللي انت شفتيها على إيده حتتبدل لحب و إحترام و بعدين هو في راجل يشوف جمالك داه و يقدر يقاوم.... تلاقيه بيعد الساعات علشان تبقي في بيته...

كاميليا بضحة حزينة :"داه حتى مبصش في وشي و لامرة... هو متجوزني بس علشان ابنه.... و الفلوس اللي هو إدهالي دي ثمني...انا بعت نفسي ليه علشان عيلتي يعني حبقى زيي زي اي كرسي او عربية هو مشتريها بفلوسه يقدر يعمل فيها اللي هو عاوزه بدون إعتراض...بلاش أحلام وردية يا هبة انت لو كنتي مكاني كنتي فهمتي انا بتكلم على إيه... شاهين مش زي عمر.... داه شيطان و مفيش حاجة بيعملها من غير سبب".

هبة بيأس :" طيب متفكريش كثير أحسن تتعبي و انت مش ناقصة.... بقالك يومين منمتيش ".كاميليا بلامبالاة:" حنام إزاي بالدوشة اللي برا دي ... سكان الحارة كلهم كل يوم بيتجمعوا عندنا...


هبة بحيرة:"سبحان مغير الاحوال...شوفي حياتنا إتغيرت إزاي في ظرف شهرين... انت كنتي بتدوري على شغل علشان تسددي مصاريف الجامعة و دلوقتي حتتجوزي...و انا عمر رجعلي بعد ماكنت فاكرة إني مش حشوفه ثاني و إنشاء الله كام شهر كده و نتجوز....

كاميليا بتنهيدة :" الدنيا دي غريبة أوي متقدرش تعرفي بكرة مخبيلنا إيه...".

هبة بتشجيع :"أديكي قلتيها بنفسك...متعرفيش بكرة مخبيلنا إيه علشان كده متتعبيش نفسك و سيبي بكرة على بكرة على رأي بوسي".

ختمت كلامها بضحكة و هي تدندن تلك الأغنية محاولة تخليص صديقتها من مزاجها المتعكر....


                 الفصل الرابع عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close