رواية امراة لا تعرف المستحيل
الفصل الخامس عشر والسادس عشر
بقلم مروه عبد الجواد
الخامس عشر
فتحت ريهام باب السكن وبدات تنادي على رافت بصوت مرتفع قليلا رافت .. رافت .. ثم ذهبت باتجاه المطبخ المضاء انارته ثم باتجاه غرفه النوم و فتحت الباب .
فرات زوجها وبجانبه فتاه غارقون في النوم عاريان الملابس ،
تجمده ريهام للحظات مكانها وقد ملئت الدموع بعينيها متجمدين ، فتجمدت مكانها لوهله ثم اغلقت عينيها التي ازفرت دموعا ، فلم تجرا علي دخول الغرفه خطوه واحده ، ادارت ظهرها متكاه علي الباب الذي اصدر صوتا غير متمالكه لجسدها ولا نفسها .
استفاقت صوفي من صوت الباب وشاهدتها ، فاوكزت رافت بمرفقها .
صوفي : بصوت منخفض قليلا اصحا .. اصحا ..
رافت : مغمض عينيه ، في ايه سيبيني شويه .
اتكات ريهام علي الحائط باتجاه الخارج .
فوكزته صوفي مره اخرى حتى استفاق فاشارت له ، براسها اتجاه ريهام ، مراتك دي .
فشاهدها في اخر الرواق من ظهرها ، فزع مسرعا من السرير وبصوت مرتفع ، ينادي على ريهام .. ريهام ...
وقبل ان يخطو خطوتين تجاه زوجته ، وجد نفسه عاريا فبدا في ارتداء ملابسه مسرعا .
ثم نظر الى صوفي
-- شافتنا .
لوت صوفي فمها باستهزاء .
-- اكيد طبعا .
-- انا لازم انزل هي مش هتيجي هنا وتسيب جنى اللي لو في حاجه حصلت .
-- طيب انا هقوم البس واروح الفندق ، ابق كلمني بس سيبلي فلوس قبل ما تمشي .
اخرج رافت بعضا من الدولارات واعطاها لها مسرعا . ثم اكمل ملابسه .
ذهبت ريهام تجر خيبات امالها وانكسارها ، فاي اب هذا مهما كان خائنا يترك ابنته بين الحياه والموت لملذاته الدنيئه ، ياويلاه على سنوات عمرها التي ضاعت هباءا في طاعه ابيها ؛ عندما غصب عليها الزواج بحجه انه عريس لقطه ومعه من المال ما يكفيها لتعيش حياه سعيده و كريمه .
الم تكن تعلم يا ابي ، ان ابنتك هي التي تعمل كي تعيش هذه الحياه الكريمه التي تمنيتها لي ، الم تكن تعلم ان المال ليس سر السعاده كما تخيلت .
فانا الان التي اعمل حتى انفقق عليه وعلي شهواته وملذاته ، بعد ان فقد ماله وعمله جراء المشروبات المنكره وسهراته ولعبه للقمار التي كنت اتغاضي عنها ، ولكن لم ياتي ببالي بان توصل لحد الخيانه واين على فراشي ، فلم يكتفى بذلك فقط ، بل ترك فلذه كبده بعد ان تجرد من مشاعر الابوه وتركها وسط الامها .
لملمت ريهام شتات تفكيرها وذهبت مسرعه بالتاكسي الى المستشفى للاطمئنان على ابنتها .
.........
يجلس وائل في مكتبه داخل المستشفي وامامه فادي صديقه المقرب ، وقد علا صوت وائل بغضب .
-- بقي حته بنت مفعوصه زي دي ، تضحك عليه الطلبه بالشكل ده وتصغرني كدا .
ابتسم فادي بسخريه .
-- معها حق والله ، انت زودتها فعلا خصوصا دي اول محاضره ليهم ، انت فاكر نفسك في المستشفي وهما شغالين عندك .
نظر وائل له بغضب .
-- لا طبعا دي طالبه مفروض تحترم الدكتور اللي بيدرس لها ، كده هيبتي قدام الطلبه هتضيع انا لازم اجازيها ، بس هجازيها ازاي ده حتى انا ما اعرفش اسمها ايه .
-- يااخي ده كلام مش كده يا وائل ما تبقاش حازم قوي كده انت مش في المستشفى ، هنا بيطروا يقولولك حاضر علشان الشغل وخايفين علي وظيفتهم واكل عيشهم فمحدش بعارضك ، انما في الكليه دول طلبه لازم تحتويهم ، لسه مش فاهمين حاجه ولا عارفين اي حاجه .
-- دي مش عارفه حاجه دي، دي خلت منظرى قدام الطلبه زفت انا مش عارف اتلجمت وسكتلها ازاي ، لا و كمان بتشتمني مع صاحبتها بتقول عليه انا ، انا متعجرف .
-- ضحك بصوت مرتفع ، معلشي ، برده لسه عيله مش فاهمه حاجه ، وبعدين من حقها تدافع عن نفسها .
يقاطعه صوت الباب الذي يطرق و تدخل منه دره .
-- غرفه العمليات جاهز يادكتور
وائل تمام جهزي المريض وانا جاي .
-- تمام ، ثم تنظر الي فادى.
-- اذيك يادكتور فادي .
وتعاود النظر الي وائل .
-- دكتور فادي هيحضر معاك .
وائل نظر الى فادي بعند .
-- اه قوم اجهز .
نظر فادي له بضيق .
-- انت بتكدرني بقي .
رد وائل عليه ورفع حاجبه .
-- اه ان كان عاجبك ، خلاص يادكتوره
هزت دره راسها بالتاكيد وخرجت فقابلتها صفاء .
ونظرت بخبث الى غرفه مكتب وائل .
-- ايوه يا عم كنتي عند دكتور وائل .
-- مش اللي في بالك ياصفاء ، دا انا كنت بقوله ان غرفه العمليات جاهزه
-- باستغراب ، وانتي بنفسك تروحي تقوليله ، مبعتيش حد من الممرضات ليه .
-- عايزه احاوطه في كل مكان ومش عايزاه يشوف حد غيري .
-- مش خايفه لا يزهق منك ، وبعدين انتي كده بتقلي من نفسك جدا قدام الدكاتره والممرصين و هو طبعا ولا هنا.
-- دكاتره ايه و ممرضين مين ، المهم عندي وائل اعمل ايه بس ، على الاقل ما يبقاش بعيد عن عيني يبقى تحت نظري .
-- ضحكت بصوت المرتفع اللي يشوفك كده يقول انك وحشه ، ولا حتى مبجلكيش عرسان دا انتي الف مين يتمناكي .
--مش مهم مين يتمناني المهم انا عايزه مين .
صفاء : وهتقدري .
-- لازم اقدر ، وائل ده بتاعي انا وبس همشي بقى علشان اتاخرت هروح العمليات نكمل كلامنا بعدين .
-- تمام .
.........
يجلس محمد مع نور في بيتهم وامامهم الشاي وقد وجه كلامه الي نور .
-- بس انتي غلطانه يا نور ازاى تحرجي الدكتور اللي بدرسلك بالشكل ده قدام الطلبه .
-- انت كمان بتقولي اني غلطان يا محمد ، ثم انا ماحرجتوش ده هو اللي احرجني وكثفني قدام الطلبه كلهم و انا رديت اعتباري مش اكثر .
-- انا خايف عليكي يانور ، انتي متعرفيش الدكاتره لو حاطوا طالب في دماغهم مش هيسيبوه وهيستقصدوه ، وانتي لسه في الاول هدي الدنيا كده وليميها بدل ما يستقصدك ويسقطك في مادته .
-- قطبت حاجبيها بدهشه ، يسقطني هو يقدر يعمل كده ، حتى لو حليت كويس .
-- الدكاتره مبتغلبش بس الصراحه انا عمري ما سمعت عن دكتور وائل الا كل خير ، سمعته حلوه وشخصيه محترمه جدا ، وحازم في كل حاجه لكن لو استقصدك يبقى مش هتعدي بالساهل .
-- اممم انت هتقلقني ليه .
-- انا بنبهك انتي لسه جديده ولسه مش عارفه حاجه ولا فاهمه اللي بيحصل في الكليه وشغل الدكاتره ، انا فاهم اكثر منك و بنورك .
-- حاضر يا محمد انا كده كده مش عايزه مشاكل وعايزه اخلص كليتي على خير .
-- تمام لو احتجت اي حاجه تعاليلي علي مكتبي او اتصلي عليا وانا هاكون عندك في الكليه على طول .
-- شكرا يا محمد ربنا يخليك ليا ، انت وشاهنده عاملين ايه .
-- الحمد لله ، اهو بندور على شقه ايجار جديد علشان نحدد معاد الجواز
--ربنا يسعدكوا ، شاهنده بنت حلال وتستاهل كل خير ووقفت معاك كثير.
-- فعلا دي دعوه امك ليا عقبالك لما تلاقي ابن الحلال اللي يحبك ويصونك ويحافظ عليك .
ابتسم بسخريه .
-- تاني لا انا حرمت خلاص كفايه اللي شفته ، انا اهم حاجه عندي دلوقتي اني اخلص الكليه وابقى دكتوره واشتغل واثبت نفسي وذاتي .
-- متقوليش كده يا نور ، الحياه مبتقفش ولا بتنتهي على حد ، باذن الله ربنا يسهلك امورك و هتكوني احلى واجمل دكتوره ، واي حاجه وحشه مريتي بيها زمان ربنا هيعوضك عنها بالافضل ، و فكري دائما في بكره.
-- باذن الله .
وقف وائل في المحاضره ثابت النفس ، بعد ان جلس مع نفسه ، كيف يستعيد ثقه الطلاب ومكانته ومهابته امام الطلبه ؟! .
-- في تاني محاضره ليا حابب اني اهنيكم للوصول للمكان هنا ، واشجع كل دكتور و دكتوره قدامي لانكم جيل المستقبل ، اكيد تعبتوا علشان توصلوا للمكان في الكليه هنا ، علشان كده حبيت اشجعكم اكثر ؛ بأن اول 10 طلاب هيكونوا من المتفوقين معايا السنه دي ، هكرمهم بنفسي وبعد اختيار اختصاصاتهم في الطب ، هجيبهم يتمرنوا في المستشفى بتاعتي تحت رعايتي شخصيا .
صفق الطلبه جميعا بحفاوه ، فالكل يعلم ان مستشفى الدكتور وائل من اكبر المستشفيات بالشرق الاوسط وان العمل معه مثلها مثل شهاده دكتوراه .
-- اردف وائل كلامه انا قدامي كشف دلوقت ثم اشار بعينيه الى المكتب الذي امامه ، فيه اسماء اوائل الثانويه اللي معنا في المحاضره هنا ثم القي بنظره الى خمس هواتف محموله قيمه اعلى مكتبه ، واردف كلامه وهو ينظر الى نور في ما فعلته وقالته امس وبتكبر ،
-- الموبايلات دي للخمس طلاب اللي اسمائهم في الكشف وطبعا دول من الاوائل لازم يتكرموا وعايز اوعدهم انهم لو فضلوا على نفس المستوى هيكونوا معايا في المستشفى ودي هديه بسيطه مني ليهم.
وبدا ينادي باسماء الطلبه .
-- علاء محمد النجار وقف علاء سعيدا وهو ذاهب الى وائل لاستلام جائزته وتكريمه ، فاعطاه وائل جائزته واشار الى الطلبه للتصفيق له .
ثم اثني عليه مجهوده الذي اوصله الى هنا.
ثم نادي الي الطالب الثاني وفعل معه مثل ما فعل مع علاء من كلمات ثناء وشكر .
ثم نادي للطالب الثالث
-- نور السيد متولي ثم نظر الى الطلبه ، فوقفت نور .
وكانت الصدمه ، نظر اليها وهو حادق عينيه عليها بذهول .
تقدمت نور بكل بساطه تجاهه لتستلم هديتها .
فتمني ان الارض تفتح فمها لكي تبتلع هذه البذيئه ؛ فكيف يكرم اليوم من اهانته بالامس ؟
وقفت نور بعيون بريئه صامته تنتظر له وتنتظر ايضا جائزتها ، نظر لها بعيون جريئه .........
وقفت نور بعيون بريئه صامته تنظر له وتنتظر ايضا جائزتها وتكريمها، نظر لها هو بعيون جريئه للحظات وهو يجز على اسنانه ثم مد يده والتقط هديتها من علي المكتب و اعطاها لها في صمت .
صفق الجميع لنور ودلفت بضيق تجاه مكانها وهي صامته.
ابتسمت لها نانسي بسعاده وصوت خافت مبروك .
-- الله يبارك فيكي .
فاشارت بعينيها الي وائل هو ماله مضروب علي قلبه كده ليه لما شافك .
وضعت نور اصبعها السبابه علي شفتاها ، هوووس اسكتي دلوقتي .
اكمل وائل تكريمه للطلبه وهو قاطب حاجبيه في ضيق ملحوظ ، ثم اكمل محاضرته سريعا في عجله من امره .
.........
خرجت ميار من غرفتها تجاه الليفنج تبحث عن والدتها فلم تجدها.
ميار بصوت مرتفع قليلا : سعديه .. يا سعديه
اتت الخادمه نعم ياست ميار.
-- ماما فين
-- نزلت تجيب طلبات وقالت هتتاخر شويا ، احضرلك الفطار.
-- لا ، اومال عمي الحاج فين .
-- نزل مع الست هانم .
-- وباسم .
-- نايم لسه مصحيش ياهانم .
-- ابتسمت ، طيب انا هدخل اكمل نومي محدش يصحيني ادارت ظهرها وذهبت خطوتين ، ثم التفتت ومتصحيش باسم هو مبيصحاش دلوقتي ، روحي خلصي اللي وراكي .
-- حاضر يا هانم .
ذهبت ميار تجاه غرفه باسم وفتحت الباب بهدوء ودخلت ثم اغلقت الباب وراءها بالمفتاح ، و اتجهت الي السرير وسحبت الغطاء ونامت بجواره تداعب شعره حبيبي بيبي .
التفت باسم لها بخضه .
-- ميار انتي ايه اللي جابك هنا انتي اتجننتي ، امك لو شافتك هنا هتبقى مصيبه .
-- متقلقش ماما وعمي الحاج بره .
-- والشغاله .
-- في المطبخ بتعمل اكل ، وبعدين انا قفلت الباب بالمفتاح . فاقتربت منه و بدات تقبله وتداعب و جنيتيه ببعض القبلات ، ابعد باسم وجهه عنها .
-- مش وقته يا ميار ، ممكن اي حد يجي فجاه لما نروح الشقه .
-- بحنيه ، انت خايف كده ليه قلتلك مفيش حد ، ثم وضعت يدها علي شعر صدره بمداعبه .
-- مجنونه والله بطلي جنان بقي قلتلك مش وقته .
-- اقتربت منه ميار اكثر وبدات تقبله اكثر فاكثر فاستسلم باسم وبدا بمبادلتها الاحضان والقبلات.
( فلاش باك )
في شقه مفروشه على السرير كلا من باسم وميار عاريان يقبلان بعضهم البعض يفزع باسم ويقف مره واحده ويبتعد عنها .
ايه ده انتي مش بنت ؟!
-- بتلعثم ،ا.. آص ، اه اصل انا حصلتلي حادثه من سنه .
-- حادثه ايه .
-- اغتصاب .
-- مقلتيش يعني ، حصل ازاي دا .
-- اخذت الغطاء ووضعته حول جسدها وبتاسف ، اقول ايه بس ماما متستحملش .
-- باستهزاء وسخريه ، اه .
-- انت تقصد ايه يعني انا كده .
-- يلوي فمه مقصدش حاجه .
-- انت شكيت فيا علشان جيت معاك الشقه صح ، واني طلعت مش بنت فابقى كده شمال صح .
-- نظر لها باسم انا ما قلتش حاجه بس الطبيعي ان اي بنت يحصل لها حاجه زي كده ، المفروض تبلغ الشرطه وتبلغ اهلها متسكتش .
-- بتردد ومسكنه انا خفت على ماما وخفت من الفضيحه .
-- لوي فمه ، فضيحه طب قومي البسي هدومك يلا.
-- بقولك ايه متكلمنيش كده انا محترمه .
-- طيب يا محترمه ، هي اللي خايفه من الفضيحه لما كنتي تيجي تتجوزي كنت هتعملي ايه ، كنت هتنفضحي برده بس المره دي على كبير .
-- ردت مسرعه لا طبعا كنت هاعمل عمليه .
-- خرجت من فمه ضحكه عاليه سمعت دواها ارجاء الشقه .
-- دا انتي عامله حسابك بقي .
-- تلعثمت لا لا انا ما اقصدش ، دي واحده صاحبتي هي اللي قالتلي عليها انما انا مكنتش اعرف يعني ايه اصلا .
-- نظر لها باسم بسخريه مصدقك طبعا.
..........
يجلس وائل في مكتبه قاطب حاجبيه مرادفا الى صديقه فادي .
-- ادي اخره نصيحتك جيت اكحلها عميتها .
ضحك فادي عليه .
-- لا البنت دي مرزقه بقى .
-- بقي هي تكسفني في اول محاضره ليها ، وانا بغبائك اجي اكرمه النهارده .
-- بغبائي انا وانا مالي ، وبعدين احنا نعرف منين انها هتتكرم .
ثم ضحك باسم مره اخري واردف .
-- وكمان اديتها هديه .
-- مش دي نصيحتك اني لازم اقرب الطلبه ليا واحتويهم ، ادي اخره اللي يمشي وراك ماشي يافادي اصبر عليا .
اردف فادي وهو يتمتالك نفسه من الضحك .
-- اهدي بس انت مركز معها ليه كده .
قاطعه وائل وهو قاطب حاجبيه .
-- انت مش فاهم دي اول واحده تحرجني وتكسفنى بالمنظر دا .
-- اهدي بس يادكتور ، وبعدين علي كلامك هي اتكلمت معاك بادب ، الصراحه هي ما غلطتش يعني .
قاطعه وائل.
-- تشتمني ومغلطتش ، انت شايف كده ، واما اتكلمت مع صحبتها عليا واني متعجرف دا كان ايه .
-- كانت بتفك مع صاحبتها ما انت من امبارح ملكش سيره غيرها ومقطع في فروتها .
اردف بضيق .
-- هو انت معايا ولا معاها .
-- لا يادكتور مع الحق طبعا انت عارفني .
......
في حديقه الكليه تجلس نانسي قائله .
-- شفتي دكتور وائل وشه قلب اول ماشافك ازاي .
اشارت لها نور بيدها نافيه بضيق .
-- بقولك ايه متجيبليش سيره الدكتور ده ، سد نفس ربنا يسد نفسه ، خليني اقضي الكام سنه اللي ليا هنا على خير مش ناقصاه .
ابتسم نانسي بسخريه .
-- امال فين لسانك الطويل بتاع امبارح دا انا قلت هسمع قصيده شتيمه فيه بعد اللي عمله فيكي .
ابتسمت نور .
-- محمد قصهولي .
قاطعتها بصفير نشاز .
-- محمد دا البوي فريند ، ايوه بقي .
هزت نور راسها نافيه .
-- لا طبعا انا ما عنديش بوي فريند ، ده اخويا بحكيله كل حاجه ومبخبيش عنه حاجه .
-- اه ، بس برضوا ميمنعش انك طلعتي منه بحته موبايل اخر موديل ، زمانه هيموت من الغيظ .
-- تسدقي اني مكنتش فرحانه بالموبايل قد ما كان نفسي اتكرم ويشيد بتفوقي قدام الدفعه ، انتي متعرفيش هو احرحني ازاي .
-- افرحي ياشيخه وسيبك منه .
دلف علاء زميلهم الذي تكرم الي نور ونانسي ومعه بعض الكتب والاوراق .
السلام عليكم انا علاء زميلكم في الكليه .
هزت نانسي راسها بالتاكيد وابتسمت له .
-- اه ، انت اللي اتكرمت واخذت الموبايل زي نور صح .
-- نظر لها علاء ، اه .
ثم نظر الي نور .
-- مبروك ليكي انتي كمان .
نظرت له نور بابتسامه .
الله يبارك فيك .
اردف علاء الي نور .
-- الحقيقه انا من وقت ما شفتك في اول محاضره وسمعت ردك علي الدكتور كان رد قوي ومحترم ، وانا كان نفسي اجي واتعرف عليكي لكن مكنش في فرصه .
قاطعته نانسي بابتسامه .
-- واهي الفرصه جت اهي .
التزمت نور الصمت واكتفت بتجاهله .
اردف علاء الي نانسي .
-- انا مش عايزه اكون متطفل عليكي ولا على نور ، لكن كنت جاي اقولكوا لو احتاجتوا اى حاجه في المحاضرات او ملخصات انا تحت امركم ، احنا في الاخر زمايل ، انا لخصت المحاضرات اللي اخدناها وونظر الي بعض الاوراق بيده واعطاهم الي نور .
فالتقطتهم نانسي رادفه .
-- شكرا جدا ليك انت متعرفش هتوفر علينا وقت ازاي .
قاطعتها نور .
-- شكرا لكن انا بحب الخص كل حاجه بنفسي .
نظرت لها نانسي بابتسامه.
-- خلاص هخدهم انا .
اردف علاء بابتسامه مصطنعه بعد احراجه .
تمام لو في اي حاجه وقفت معاكو احنا زمايل ونساعد بعضنا .
هزت نور راسها بالتاكيد .
اردفت نانسي بابتسامه .
-- شكرا جدا ياعلاء احنا مبسوطين اننا اتعرفنا عليك .
نظرت لها نور بضيق .
فكيف تجمعها بالقول علي لسانها انهم سعداء بالتعرف عليه .
اردف علاء .
استاذن انا .
وتركهم ودلف .
غمزت نانسي الى نور بعبس علي علاء .
-- الواد عسل .
قطبت نور حاجبيها .
-- انتي ازاي تقوليلوا اننا مبسوطين اننا اتعرفنا عليه يقول علينا اي دلوقتي .
-- واحد جاي ومدينا ملخصات وبعرض علينا المساعده بلاش نشكره .
-- اشكريه انتي انا مش عايزه حاجه من حد ولا احتكاك بحد .
ابتسمت نانسي بسخريه مصطنعه .
اهدي يانور احنا زمايل عادي مفهاش حاجه ، هو دكتور وائل يطلعهم عليكي تيجي انتي تطلعيهم علينا .
جزت علي اسنانها بضيق .
-- كرمهم كلهم الا انا .
............
قطبت ريهام حاجبيها وهشجت بالبكاء رادفه .
-- ازاي انا سيباها كويسه .
اردفت الممرضه بسخريه .
-- سيباها ... في حد يسيب بنته في الحاله دي ، وهي لسه طفله و طالعه من عمليه كبيره ، انتي دكتوره وفاهمه ان لازم حد يفضل جنبها لحد ما يعدي 24 ساعه بعد خروجها من العمليات ، وانا اعتمدت عليكي خصوصا انك مامتها وكمان دكتوره .
نظرت لها ريهام وهي تبكي انا مكملتش ساعه وسيباها كويسه .......
قاطعتها الممرضه بعنف .
اللحظه يادكتوره في حياته المريض بتفرق ، انا دخلت ابص عليها وانا بمر لقيتها فاقده الوعي دخلناها العنايه المركزه بعد ماحصلها مضاعفات وبننقللها دم حاليا .
ثم نظرت لها الممرضه بقسوه من اعلى الى اسفل رادفه .
-- ادعي ربنا تقوم بالسلامه .
وتركتها وذهبت .
وضعت ريهام يدها على راسها بعدما احست بدوار قد يفقدها توازنها ، اتكات على الكرسي وجلست وقد انهمكت جسديا ونفسيا فلم تعد تتمالك نفسها .
ادلف رافت الي المشفي وشاهدها من اخر الرواق فذهب اليها مسرعا .
-- ريهام انتي بتعيطي ليه في ايه ، وجنى مش في اوضتها ليه انا لسه معدي علي اوضتها ملقتهاش ، جنى فين .
اخفضت يدها ونظرت له والدموع تملاء وجهها .
-- لسه فاكر تسال على بنتك .
قطب حاجبيه واردف بعصبيه .
-- اخلصي جنى فين ومش فى اوضتها ليه .
حاولت ريهام ان تتمالك اعصابها فمسحت دموعها من علي وجنتيها .
عايز تعرف بنتك فين بنتك بين الحياه والموت في العنايه المركزه .
قاطعها .
-- هي كانت خارحه من العمليه كويسه ، ايه اللي حصل وراحت العنايه ليه .
نظرت له بغضب .
-- طلقني يارافت .
قاطعهه رافت .
مش وقته يا ريهام .
نطمن علي جني الاول وبعدين افهمك اللي شفتيه .
وقفت من مجلسها وقاطعته ريهام بصوت شجون .
-- بقولك طلقني انا مبقتش طيقالك .
اشار لها بيده متجاهلها .
-- انتي في ايه ولا ايه خلينا نطمن على بنتك الاول وبطلي الانانيه اللي انتي فيها دي .
قاطعته مردفه .
انانيه ، بنتي اللي انت السبب في اللي حصلها ، سبتها وهي لسه مفقتش من البنج وجريت وراه نزواتك ، انت ايه اللي بجري في دمك دا زباله .
قطب حاجبيه وبوجه عابس امسك مرفقها بقوه .
-- احنا لو مش في المستشفى كنت عرفت ارد عليكي ، اتظبطي كده احسنلك .
ابعدت يدها عنه بقوه رادفه .
-- وليك عين كمان تتكلم ، انت مستحيل تكون اب .
واردفت بسخريه .
بنتك بتموت جوه وانت سيبها ورايح تتبسط .
قاطعها بضيق .
انتي اصلا ايه اللي جابك السكن متصلتيش ليه .
نظرت له بضيق .
-- هو ده كل اللي همك اني اتصل علشان مشفش وساختك
، لا انا اتصلت كتير قوي يا رافت ، ولما مردتش قلقت عليك وقلت اروح اشوف ايه اللي اخرك ، خصوصا لما الممرضه قالتلي انهم محتاجين نفس فصيله جنى وان اكياس الدم غاليه جدا هنا .
ثم القت بنظرها الي الارض بوجه عابس .
اتصلت عليك مردتش قلت ابوها هيجي يتبرع ليها بالدم قبل ما يحصل لها مضاعفات ، خصوصا ان تكاليف العمليه والسفر والمستشفى خذوا اخر فلوس معايا ثم رفعت بصرها تجاه بغضب بتخوني وبفلوسي .
( فلاش باك )
في مدينه الامارات تجلس ريهام علي الاريكه بجوار ادهم في محاوله للتخفيف عنه .
-- ولا يهمك يا حبيبي انزل دور على شغل ، وانت مهندس وشاطر والف مين يتمنى تشتغل معاه او افتح مشروع واشتغل لوحدك .
نظر لها بشرود .
-- مين هيوافق يشغلني بعد ما ضربت المدير بتاعي .
ثم هز راسه نافيا واردف .
-- محدش هيرضى يشغلني عنده .
-- ما اهو لو محدش برده يضرب المدير يا رافت ، انا عارفه عقلك كان فين .
قاطعها .
-- ما اهو مينفعش واحده تبقى معايا وهو يجي بكل بساطه يقل ادبه عليها وعايز يشقطها .
جزت على اسنانها بضيق .
-- وجوزها كان فين ، سايبها كده .
قاطعها مره اخرى بغضب .
قلتلك كذا مره واحنا في النايت كلاب قاعدين جوزها جاله اتصال خرج بره يتكلم ، جه المدير بتاعي بالصدفه شافني وسلمت عليه افتكرني شقطها وفضل يغلس عليها ، ومد ايده عليها بقله ادب ولما كلمته ميصحش كده ، راح قل ادبه عليا مستحملتش واتخانقنا وضربته .
-- وانت ادخل نفسك في مشاكل ليه ، وهي متكلمتش ومنعته ليه ، وليه سبته يوصل معاها لمرحله يمد ايده عليها .
معرفش بقى يا ريهام هو ده اللي حصل .
نظرت له بتهكم فلم تستطع تصديق هذه الاكذوبه واردفت .
-- خلاص افتح مشروع خاص بيك .
نظر لها باحراج بعدما ابتلع ريقه .
ما انا مش معايا فلوس .
محلقت عينيها بشده واردفت بدهشه .
-- ازاي ممعكش فلوس اومال فلوسك فين ، انت مش قايلي اصرف انا من مرتبي على البيت وعلي البنات ، علشان مرتبك تشيله على جنب لما نيجي ننزل مصر منبقاش محتاجين حاجه من حد ونازلين مرتاحين .
وضع يده علي وجهه واملس عليه بضيق بعدما خسر كل امواله علي السهرات والنساء ، وخسر ايضا عمله بسبب احدي بنات الليل عندما تعدي علي مديره وهو سكران واردف .
-- انا دخلت بيهم مشروع وخسرت .
قطبت حاجبيها رادفه بدهشه .
-- مشروع ايه ومقلتليش يعني ، وبعدين انت مفروض معاك ملايين احنا بقالنا سنين شغالين هنا وبننتقل من بلد لبلد بقالنا اكثر من 15 سنه علشان في الاخر تقول انك خسرت مشروع انا معرفش عنه حاجه.
قاطعها بضيق .
-- بقولك ايه مش وقته اللي حصل حصل .
وضعت يدها على راسها بضيق .
-- والعمل ايه دلوقتي يعني ولا في شغل ولا مشروع ولا حتى هنعرف ننزل مصر .
قاطعها رافت بنظره احراج .
-- لا احنا هننزل مصر على شقتنا وهفتح مشروع .
قطبت حاجبيها ناظره له بسخريه.
-- شقتنا دى احنا مغيرنهاش والبيت قديم وانت ماكدلي انك هتجيب لينا شقه في حي جديد وكمان هنعمل عمليه جني ، انت ضيعت كل سنين شقانا وتعبنا .
-- ما هو مش وقته دا كله بقي .
-- اومال امتا وقته ، وبعدين مشروع ايه انت مش لسه قايل فلوسك خسرتها .
ابتلع ريقه واقترب قليلا منها بحنيه .
ما انتي هتسلفيني علشان افتح المشروع .
ابتعدت عنه قليلا مردفه بتعجب .
طيب الشقه مش وقته انما عمليه جني ، انت عارف ان كل يوم هنتاخر فيه عن العمليه غلط عليها .
قاطعها .
-- هو الدكتور مش قال لسه قدامها سنتين .
-- لا قال خلال سنتين مش بعد سنتين .
قاطعها بهدوء .
-- هنكون احنا رجعنا مصر وانا فتحت مكتب هندسي و ابدا مشروع صغير ونكبره ونعمل عمليه جنى في ميعادها .
-- لكن انا مش معايا مبلغ كبير لكل دا ، انا فلوسي كنت بصرفها على البيت هنا وانت عارف يا دوب مرتب المستشفى كنت باخده بحط اكتر من تلتين المرتب في طلبات البيت .
اردف اليها بهدوء .
-- انا هبدا على بسيط كده ، واول ما الدنيا تضبط معايا هنعمل عمليه جنى ووعد مني ارد لك كل جنيه اخذته منك ، وانتي كمان دكتوره شاطره لو عايزه تشتغلي هنتاجرلك عيادع واشتغلي .
نظرت له بسخريه .
-- بعد العمر دا كله زي ما رحنا زي ماجينا وكمان يوم ما انزل اشتغل في مصر هتاجر .
-- معلشي ياحببتي ظروف وهتعدي والدنيا هتتظبط تاني .
.............
يجلس وائل في مكتبه بالكليه وبيده قلم وامامه ورق بيضاء مكتوب بمنتصفها بخط عريض نور السيد متولى وضع بعض الخطوط على اسمها بطريقه عشوائيه حتي محي اسمها بالقلم وتمتم بسخريه .
-- وطالعه التانيه علي الثانويه .
قاطعه صوت طرق الباب ودلف الطالب علاء النجار بابتسامه وبيده بعض الشيتات .
-- اذي حضرتك يادكتور .
وضع الشيتات علي مكتب وائل واردف .
-- حضرتك ده ورق الامتحانات بتاعت الدفعه
هز وائل راسه بالتاكيد ، وبابتسامه .
-- انت علاء اللي اتكرمت صح .
اردف عليه علاء مبتسما .
-- اه .
-- شد حيلك بقى علشان اخذك معايا تتدرب في المستشفى .
ارداف علاء في سعاده.
-- ان شاء الله يا دكتور ده شرف كبير ليا اني ادرب تحت رعايتك هاكون عند حسن ظن حضرتك باذن الله ،
قابله وائل بابتسامه .
-- اردف علاء ، تؤمرني بحاجه حضرتك .
هز راسه وائل نافيا .
-- لا اتفضل ، اقفل الباب وراك .
دلف علاء واغلق الباب وراءه .
التقط وائل الشيتات وهو يلقي بنظره اليها ، فوجد اسم اول شيت باسم نور السيد متولى .
قطب حاجبيه بضيق وتمتم .
-- انتي طلعالي في البخت ولا ايه ، طب والله لوريكي
التقط امتحانها ومزقه الي نصفين ثم القاه بضيق في سله المهملات بجواره .................