رواية امراه لا تعرف المستحيل الفصل الحادي والعشرون بقلم مروه عبد الجواد

رواية امراة لا تعرف المستحيل

البارت_الواحد_والعشرون 

بقلم مروه عبد الجواد

التزمت نور الصمت وهي تترقب تعبيرات وجهه بصمت شديد عندما سأل زملائها  عن وظيفه والدهما .

شعرت بانقباض قلبها لم تعلم لماذا هل تتجاهل الشكليات الاجتماعيه وتعترف ان والدها بواب ام تخرج من هذا الموقف بكذبه بيضاء ......

التفت وائل اليها بحنق هاتفا .

--  وانتي يا نور  ......

ابتلعت ريقها وهي تفرك  يديها بالاخرى وكانت شفتاها تكاد  تتحرك بكبرياء انا بابايا بواب .


ولكن قاطعها وائل قبل ان تنطق .

وانتي يا نور مسمعتلكيش صوت من وقت ما جيتي انتي مكسوفه ولا ايه ؟!  .

هزت راسها نافيه .

-- لا  ابدا كنت بسمع حضرتك .

اردف وائل حديثه مستعده .

اه باذن الله يا دكتور مستعده .

-- تمام يلا ياشباب .

بدء اليوم ببعض الاعمال البسيطه مثل الاسعافات الاوليه والتعرف علي حالات المرضي البسيطه وكيف يتم اسعافاتهم ،   مر اليوم بالسلام على الجميع .


...............


دلفت صفاء الى دره في مكتبها هاتفه .

--  شفتي البنتين الجداد  اللي جايين يدربوا من الجامعه  .

اشارت لها بعدم اهتمام .

--  مالهم يعني .

-- في بنت فيهم حلوه قوي كنت عايزاك تشوفيها .


تطلعت لها بتهكم .

--  واشوفها لي يعني .

--  بفكر اخطبها لاخويا شكلها محترمه وبنت ناس وفي نفس الوقت حلوه .


اردفت بسخريه .

-- واخوكي  صغير ميعرفش يختار .


--ما انتي عارفه ، اخويا مسافر واجازاته بسيطه مبيلحقش يشوف عرايس بس انا حاسه البنت دي لو شافها هتعجبه ،   لفتت نظري شكلها شاطره ابقى بصى عليها كده .


تطلعت الي الاوراق التي امامها وهزت راسها  بعدم اهتمام هاتفه .

--  طيب .


............


استلقت نور ونانسي التاكسي بعد انتهاء تدريبهم ، وتطلعت بنظرها من شباك السياره وعي تذم علي شفتيها بشرود وتمتمت بأفكارها .


-  ايه يا نور انتي اتخضيتي ليه كده لما كان بيسال زميايلك على وظيفه ابهاتهم ، خفتي ليه لما كان هيسالك ايه هتستعرى  من شغله ابوكي  ولا ايه ... ولا هتكبري وانتي لسه حتى مبداتيش  اول خطوه في حياتي .


قاطعتها نانسي هاتفه .

--  نور .. نور ..


التفتت لها نور ببلاهه .

--  هاا

-- ايه يا بنتي سرحانه في ايه .


هزت راسها نافيه .

-- لا ما فيش ، يعني بفكر في اليوم النهارده كان عامل ازاي .

-- شوفتي  الدكتور كان عسل ازاي النهارده ، ده اللي يشوفه في الجامعه غير المستشفى خالص عسول و كيوت قوي .


-- مش عارفه ، لكن  فعلا انا كمان حسيته متغير النهارده .

-- شفتي علاء  ابوه طلع مهندس كبير ازاي ، والدكتور وائل طلع يعرفوا ولا عربيته اتجنن ، واللي يشوفه يقول عليه غلبان .


ابتسمت هاتفه .

--  اه فعلا .

اردفت بفضول .

-- هو صحيح يا نور انت باباكي  بيتشتغل ايه .


نظرت لها وهتفت دون تردد .

-- بواب .. بواب عماره .

قطبت حاجبيها  بدهشه هاتفه  .

-- بواب .


رفعت نور احدى حاجبيها بغرور مصطنع .

-- اه باب عماره يا نانسي .

هزت راسها بابتسامه .

-- ربنا يباركلك فيه الشغل عمره ما كان عيب ، انا بس استغربت لاني اول مره اعرف ، وانتي عمرك ما تكلمتي عن حياتك الشخصيه .


-- مجتش مناسبه ، وبعدين ما  علاء بردوا مكناش نعرف والده بيشتغل ايه عادي  مفيش مناسبه وبعدين انا والدي بيشتغل بالحلال ولولا شغله مكنتش وصلت للي انا فيه  .

هتفت نانسي .

--  طبعا الشغل عمره ماكان عيب ، لكن  انا ما اقصدش اقول لك كده ، و يا ريت ما تفهمنيش كلامي غلط ، بس عايزه اقول لك على حاجه .


قطبت نور حاجبيها باستغراب .

-- حاجه ايه .

-- بصي يانور ، احنا داخلين علي  مرحله جديده ومش كل حاجه لازم تتقال ولا كل  الناس  لازم تعرف كل حاجه ، في ناس مبتفهمش وعندهم غرور وكبرياء ، واهم حاجه عندهم الشكل الاجتماعي والمركز والفلوس .


-- مش فاهمه كلامك يا نانسي ، تقصدي ايه .

-- اقصد ان لو حد سالك سؤال زي ده قولي موظف وخلاص .


قاطعتها نور .

--  انتي عايزاني استعر من شغل والدي .

-- لا طبعا ، انا مقصدش لكن محدش هيستفاد حاجه لما يعرف بشتغل ايه ، دل طبعا  غير  ممكن تسمعي كلمه تضايقك او حد يبصلك بصه مش قد كده ، انتي شايفه المستشفى اللي احنا فيها والدكاتره واحنا داخلين على مرحله جديده بصي  لقدام .


التزمت نور  الصمت ،  لم تعلم لماذا ،  هل ما تقوله نانسي صحيح ام لا ؟؟  وهل  الشكل الاجتماعي سيكون عائقا لها ام انها تريد انا تتقلص منه مؤقتا .....


الا ان قاطعها صوت سائق التاكسي هاتفا .

-- متاخذونيش اني سمعت الكلام لو ينفع تسمعوا رايي لمؤاخذه يعني انا قد والدكوا .

هتفت نانسي .

-- اتفضل ، عادي ولا يهمك .

وجه السائق حديثه الي نور .

-- كلام صاحبتك حقيقي يابنتي مش كل حاجه لازم تتقال وفي نفس الوقت اوعي تستعرى من شغل ابوكي دا راحل شقيان وطالع عين اهله علشان يخليكي عليكي القيمه ، واكتر حاجه تكثر الاب ان عياله يستعروا منه . 


قاطعته نور .

-- ازاي اسكت يعني وفي نفس الوقت مستعرش من شغل ايويا ، كلامك متناقض وبعدين انا ابويا احسن راجل في الدنيا دا شقيان وتعبان عليا .


قاطعها السائق .

-- متبقيش متسرعه في الرد ، انا بركب معايا ناس اشكال والوان وياما بشوف ، انا كل قصدى ان علي كلام صحبتك انك في بدايه حياتك ومش اي حد يسالك علي حاجه تردي وتقولي الحقيقه لانه بكون لتطفل او فضول من الناس لحياتك او اعوذ بالله حد عايز يصطادلك غلط ، وفي نفس الوقت اوعي تكدبي لو في عريس جالك او حد عايز يرتبط بيكي يبقي لازم تقولي الحقيقه ، فهمتي قصدي ايه .


هزت نور راسها بالتاكيد .

--اه فهمت قصدك .


قاطعتهما نانسي .

-- اول شارع معاك واقف ياحج .


.........


اضاء هاتف امجد باتصال وهو يجلس في  مكتبه ، فالتقطه  ووجد المكالمه من ريهام ، نظر باندهاش هاتفا .

-- معقول ... 

ثم فتح الهاتف وارداف .

--  الو ... ازيك يا ريهام ..... انا مش مصدق نفسي انك كلمتيني ....  لا عادي انتي تتصلي في اي وقت ......  اؤمري تمام هاكون عندك في الميعاد ..


قاطعه كريم وهي يجلس امامه علي الكرسي باشاره بيده هاتفا .

-- هي دي ريهام .


ابتسم امجد هاتفا وقد ردت روحه له عندما سمع صوتها .

-- اه وهي .

-- غريبه في حاجه يعني ولا ايه .


-- معرفش ، لكن  بتقول ان هي عايزاني وادتني ميعاد .

-- هي مكلمتكش من وقت مابنتها ماتت خالص ، حتي لما عرضت عليها تساعدها .


-- لا ، وانا محبتش اكلمها تاني علشان متقلش اني بستغل الظروف .

-- هي اصالحت هي وحوزها .


-- لا في خلافات علي طول وهو تقريبا مبيبتش في البيت .

-- وانت هتروح ميعادها .


ابتسم امجد بتهكم .

-- اكيد طبعا ، هو ده سؤال يتسئل .


.........


يقف باسم وهو قاطب  حاجبيه يردف بعين كالشراره وقد جن جنونه ولم يستطع كبح غضبه ، وهو يمسك ميار من مرفقها بشده في شقه صديقه هاتفا .

-- شفتي  امك وعمايلها سرقت ابويا ،  خدت  اللي ورا ابويا كله ، خذت شقي عمره وبعد ما مات طردتني من بيتي .


حاوت ميار ابعاد يدها عنه ولكنها فشلت هاتفه .

-- والله ما اعرف حاجه انا ما ليش دعوه بده كله متدخلنيش بينكم .


تطلع لها بصوت شجون مليء بالحده هاتفا .

-- امال مين اللي ليه دعوه . امي .


تطلعت له ميار وهي تترقب تعبيرات وجه برعب شديد هاتفه .

--   انا  هكلمها اخليها ترجعك البيت .


القاها ارضا بشده وهو يقاطعها بسخريه .

--  بعد ما خذت الجمل بما حمل هترجعني ،  امك  دي حربايه  طردتني  في الشارع بعد ما كنت عايش ملك ، 

ثم تطلع  لها ارضا وهي يحني بجزعه العلوي تجاهها رادفا بحده ،

مش عايز اشوف وشك تاني .


قاطعته بدموع .

-- ازاي يا باسم انا بحبك واللي بينا .


لوي فمه  بسخريه .

اللي بيننا ....  ايه اللي بيننا .


نهضت من علي الارض ووقفت امامه  هاتفه .

-- اللي بيننا يا باسم الحب ، احنا يعتبر متجوزين ، اقولك تعالى نتجوز وترجع تعيش معنا تاني في البيت .


تطلع لها وعينيه تنطلق منه شرارات الغضب هاتفا بصوت شجون و حاد .

-- هو انتي  امك تسرق شقي  ابويا وترميني في الشارع ،  وانتي جايه ترمي بلاكي عليا انتي نسيتي اللي حصل ولا ايه ، ولا هم يشربوا وعايزاني انا اللي احاسب على المشاريب .


نظرت له باستياء .

-- مشاريب ايه ، انا معرفش حد غيرك  ولا باكلم احد غيرك .


اقترب منها  خطوات فلم يعد بينهما الا خمس انشات  وهو يتطلع لها بوجه عابس ويضع انامله علي جبينها ببعض اللكمات الخفيفه هاتفا .

--  انتي  هبله اتجوزك انتي ،  دا انا واخدك  مره ، عارفه يعني ايه مره  مش بنت فوقي  يا ماما ، انا مش اول راجل يلمسك ولا ينام معاكي . 


   ثم ابعد يده عنها وادار لها ظهره ، فالتفتت له بعيني مكسوره هاتفه .

-- قلتلك غلطه انت مش عايز تصدق ليه  انا من وقت ماعرفتك ومبكلمش حد غيرك ، عامتا انا مش هعاتبك على الكلام ده عشان عارفه انك متضايق .


لوي فمه بسخريه وادار لها ظهره مره اخرى .

التقطت شنطه  يدها من علي الاريكه هاتفه .

-- انا هامشي دلوقتي وهاكلمك لما تهدا .


............. 


بدات نور في التدريب بمهاره تحت رعايه وائل وكلما زادت مهارتها زاد انبهار وائل والمحيطين بها لذكائها واستيعابها بسرعه .


وقفت نور تتجاذب الحديث مع دكتور عاصي بالمشفي  وسط مناقشتها وبعد انتهاء الحديث ،  ابتسمت له شاكره علي مساعدته لها في بعض استفساراتها ، فمد يده هو لينهي اللقاء فأحرجت ومدت يدها   هي الاخرى .


وقف وائل بآخر الرواق عندما رمقها وهي تقف مع عاصي وترقب ابتسامتها له فجز علي اسنانه بضيق  ولكن عندما شاهدها تلمس يد  عاصي  لم يتمالك نفسه واسرع يصوت شجون وحاد هاتفا .

--  نور.

فتلفتت له نور بدهشه فصوته المرتف الحاد لفت انتباه من حولهما ايضا .

اردف وائل هاتفا .

--  تعالى المكتب حالا .

وتركها ودلف للمكتب ، تمتمت نور باستغراب .

-- هو في ايه .

نظر لها عاصي هاتفا .

-- شكل دكتور وائل متعصب الحقي روحيله ليكون في حاجه مهمه .

هزت نور راسها بالتاكيد ودلفت مسرعه الي مكتبه طرقت الباب ودخلت فوجدته امامها يقف في وسط المكتب وعينيه تشع شراره ، فتطلعت له ببعض الخوف هاتفه .

-- نعم يادكتور .


اقترب منها خطوات  فابتعدت عنه خطوه للخلف ببعض الخوف .


هتف لها وهو يجز علي اسنانه .

-- كنتي  واقفه مع عاصي بتعملي ايه .

--  مفيش كنا بنتكلم في حاله هنا وبساله على كذا حاجه .


هز راسه هاتفا بحنق .

-- واللي بيسال حد علي حاحه  بيمسك ايده كده وسط الناس وبيضحك .

ابتلعت ريقا بتوتر .

--  ابدا والله ده هو كان بيمد ايده ويسلم عليا قبل ما امشي .


رافع احدي حاحبيه وهتف سخريه .

-- الله الله يسلم عليكي  ليه كنت من بقيت اهله ده اللي يشوفك يقول عليكم حبيبه .

قطبت حاجبيها بضيق واقتربت منه خطوه ورفعت سبابتها بوجه هاتفه .

-- لو سمحت  انا مسمحلكش تكلمني بالطريقه دي انت ازاي تقول عليا  كده .


مد يده وامسك  بسبابتها هاتفا .

--  ولما اشوفك ماسكه ايد واحد و عماله تضحكي المفروض اقول ايه .

نظرت  ليده التي تمسك يدها  فتركها هو بعدما هتفت به قاطبه حاجبيها  .

-- والله انا قلتلك اللي حصل عايز تصدق صدق ، ثم انك بتكلمني ليه كده باي حق .


قاطعها بحق .

-- بحق اني انا  اللي جايبك هنا و بتدربي تحت اشرافي .

قاطعته هاتفه .

--  والله لو التدريب هنا هيقل مني كده ويديك الحق انك تبهدلني بالشكل ده يبقى بلاش منه .

ورفعت احدي حاجبيها وهزت كتفها بعدم باهتمام لكلامه .


جز وائل على اسنانه وعينيه تنطلق شراره فاقترب منها خطوتين  فرجعت للخلف حتي  اقترب منها هامسا لها .


-- ولما زمايك يعرفوا انك جيتي ادربتي هنا ، يا اللي طالعه من الاوائل ومشيتي  قبل ما تكملي شهر هيقولوا ايه .... 


قطبت حاجبيها وهي تحاول استيعاب ما يقوله .


اردف وائل بحنق هامسا .

-  هيقولوا ان اخرك  كلمتين حفظاهم وبتسمعيهم في الامتحان ،  انما وقت الجد والعملي ماقدرتيش تكملي علشان ضعيفه و قلبك ضعيف ، ثم غمز لها بعينه عابسا .

ايه رايك بقى .

شردت اللحظات وهي تتذكر نفس الموقف عندما ذهبت له في مكتب الجامعه ،  عندما نالت منه بنفس الطريقه .

تطلعت له بقوه هاتفه .

-- وانا مش ضعيفه وهثبتلك واثبت للكل .

ادار  لها ظهره هاتفا .

-- وريني شطارتك .


ود لو التفت لها وقبلها بشده من شفتيها معلنا لها وللجميع انه ليس بعناد او تكبر او حتي قسوه انما هو عشق وغيره عليها ، علي من امال له قلبها دون ان يشعر عندما شاهدها اول مره بالكليه وهي تعلن التحدي له ، فمنذ ذالك الوقت وهي تشغل فكره وقلبه ، لم يصارح نفسه  حتي الان  بل ويكابر ولكن افعاله تفضحه امام نفسه ........


دلفت نور وهي تشرد بفكرها عن سبب ضيق وائل لوقوفها مع عاصي وعن معاملته لها التي لم تفهمها بينما احس قلبها ان شيئا غريبا قد طرأ بخاطرها .........


            الفصل الثاني والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات