أخر الاخبار

رواية الشيطان شاهين الجزءالثاني2الفصل السادس6 والسابع7بقلم ياسمين عزيز


 الشيطان شاهين › (الجزء الثاني)

الفصل السادس والسابع 

بقلم ياسمين عزيز


السادس

طرقت ليليان مرتين باب المكتب قبل أن

تدلف لتجد أيهم منغمسا في العمل و أمامه

كومة من الأوراق يتفحصها بتمعن...

رفع رأسه نحوها ليضيئ وجهه بابتسامة

عريضة ثم قال :"يا اهلا و سهلا نورتي

المكتب...إتفضلي..

وقف من مكانه متجها نحوها ليقف

قريبا منها مشيرا نحو الاريكة لتجلس

عليها قبل أن يعود نحو هاتف المكتب

يطلب لها عصيرا... تأملته ليليان بضيق

و هو يسير من جديد  ليجلس بقربها

على الاريكة و نفس الابتسامة مازالت

مرسومة على وجهه...

قطع الصمت عندما تحدث أيهم متسائلا

:"ليه تاعبة نفسك و جاية ما انا قلتلك

حهتم بالشغل النهاردة.... كان المفروض

تقعدي ترتاحي و تشبعي شوية من أيسم".

تنحنحت ليليان قبل أن تجيبه بتردد:"

لقيت نفسي فاضية قلت آجي و كمان

طنط كاريمان مهتمة بأيسم جدا بالأخص

النهاردة".

أتمت كلامها لترمقه بنظرات غير راضية

ليتعجب أيهم الذي هم بسؤالها لكن قبل

ان يتحدث قاطعه طرق على الباب".

ايهم :"ادخل".

دخلت السكرتيرة و في يدها صينية

صغيرة لتضع محتوياتها على الطاولة

و تغادر بعد أن أشار لها..

إلتفت نحو ليليان مرة أخرى مستفسرا

:"في حاجة حصلت؟؟

ليليان بضيق :"يعني مش عارف؟

ايهم بصبر :" قصدك إيه؟؟

ليليان :"قصدي اللي حصل إمبارح و الصبح

كمان ".

فرك أيهم طرف شفته السفلى محاولا

السيطرة على ضحكته ليهتف بتهرب

:" و إيه اللي حصل إمبارح و الصبح؟؟

صرخت ليليان بحنق على طريقة كلامه

المتلاعبة :" بطل تعمل كده...مش بحب اللف و الدوران...إنت عارف كويس انا بتكلم على

إيه و عاوزة تفسير دلوقتي حالا".

أيهم بمشاكسة :" مش حقلك عشان حتزعلي

و انا آخر حاجة عاوزها هي إني أشوفك

زعلانة و متضايقة"

ليليان بتحذير:"أيهم لو سمحت ..

أيهم مقاطعا :" محصلش حاجة.. إنت كنتي

تعبانة لدرجة إنك مكنتيش حاسة بحاجة

نمتي في العربية و انا شلتك و طلعت بيكي

الأوضة و هناك غيرتي هدومك و أكلتي

شوية شوربة و بعدها نمتي للصبح".

ضيقت ليليان عينيها بتفكير قبل أن

تهمس :" بس انا مش فاكرة حاجة...

أضافت بتردد" طب ليه مصحيتنيش على

الاقل عشان اغير هدومي... اووف مش فاكرة

حاجة .

أيهم بتسلية :" إنت ليه مكبرة الموضوع...

كل حاجة خلصت....

ليليان بغضب:"هو إيه اللي خلص؟؟  و كل اللي

في الفيلا فاكرين إننا رجعنا لبعض تقدر تقلي

حنعمل إيه في المصيبة دي؟؟

نفخ أيهم الهواء بنفاذ صبر قبل أن يتريث

قليلا ليرفع كأس العصير نحوها قائلا :"إشربي

العصير و إهدي.. كل مشكلة و ليها حل متقلقيش ".

أشاحت بوجهها بعيدا عنه ليعيد الكوب

لمكانه ثم يقف من مكانه ليسير نحو النافذة

الزجاجية واضعا يديه  في جيوب بنطاله

و ينظر للأسفل لحديقة المستشفى....

رمت ليليان حقيبتها جانبا قبل أن

تتجه نحو أيهم الذي إنشغل عنها و كأنه

نسي وجودها او هكذا ظنت بينما

هو في الحقيقة كل تركيزه كان عليها حتى و إن

لم يكن ينظر نحوها....يكفي تهربا فقد

وصل الطريق لنهايته و حان وقت المواجهة....

أغلق عينيه ليتنفس بقوة عطرها الذي لفح

أنفاسه عندما مرت بقربه ليرتجف جسده

بضعف و حنين إليها... كم يرغب في هذه

اللحظة أن يجذبها نحوهه و ينهال على

شفتيها بقبلة عميقة ليرتشف شهد شفتيها

الذي إشتاق إليه بجنون...

يعوض سنين حياته الباردة التي توقفت منذ

أن غادره دفئ جسدها الذي كان ينعم

به و حرم منه بسبب غبائه و غروره....

ضغط شفته اليسرى بقوة حتى شعر بطعم

دمائه في محاولة منه لإخماد فتيل الحرب

الذي اشعله قربها داخله..

كل ذرة في جسده الأحمق تطالب بقربها و أخذها بين ذراعيه الآن يكفيه صبرا و تعقلا فليذهب العقل

للجحيم ففي النهاية هو رجل و هذه الجميلة

التي بجانبه تمتلك من الفتنة و السحر ما

يلهب حواس قديس فمابالك برجل حرم

من الحب لسنوات......

حرك رأسه يمينا و يسارا لينفي هذه الأفكار

المزعجة التي لا طالما أرقت نومه لينتبه

لها عندما وقفت بجانبه...

ليليان بصوت هادئ :"كلما آجي أتكلم معاك في

موضوع تتهرب زي عوايدك...كل حاجَة عاوزها

على مزاجك تضربني، تعذبني، تخوني، و تبهدلني

و بعدين تسافر و تهرب عشان مطلقنيش و دلوقني

راجع و عاوزنا نرجع عشان سيادتك ندمان و ضميرك

صحى و بقيت بتحبني و عاوز تعيش حياة

طبيعية معايا انا و إبنك...و أنا المفروض اوافق

و أقبل بكل حاجة إنت تعملها...و عشان توصل

للي إنت عاوزه بتخلي عيلتك تضغط عليا

بكل الطرق عشان  أقبل... كلهم شايفين قد إيه

بتحاول تنجح علاقتنا و بتعمل كل اللي تقدر

عليه عشان تراضيني و اقبل ارجعلك من ثاني

و لو ماوافقتش حيزعلوا مني...و حيقولوا إن

أنا اللي ظالماك...


إلتفتت نحو لتنظر في وجهه بتمعن قبل

أن تكمل :"لو كنت مكاني حتعمل إيه؟؟؟

أغلق أيهم عينيه بألم قبل أن يجيبها بصوت

مختنق:" مينفعش الشيطان يكون مكان

الملاك...

ليليان بصراخ مفاجئ:"ليه مصر تحسسني

إني لعبة بتحركها زي ما إنت عاوز...طول

عمري معنديش لا رأي و لا قرار...و لا أهمية".

لم يعد يطيق صبرا ليجذبها بذراعه الصلبة

من خصرها نحوه حتى إصطدمت بصدره

لم يعر دهشتها أي إهتمام و لا تراقص

أهدابها التي رمشتها بحيرة و لادقات قلبها

الفزعة التي يجزم انه سمع صوتها...

همس بصوت مسترخي و هو يتمعن بتفاصيل

وجهها الناعم :أنا... آسف... ياريتني كنت مت

قبل ما أزعل العنين الحلوة دي....

أحنى وجهه لتلفحها أنفاسه الساخنة كلهب

حارق زادت من إرتجافها بين يديه لم تستطع

إن تعارضه او أن تتكلم... كلما إستطاعت فعله

هو أن تحافظ على وعييها في حضرته...مشتتة و

خائفة...و كأنها مراهقة صغيرة و ليست إمرأة

ناضجة في سن الثلاثين...

انامله  الخبيرة التي تمسد ظهرها و خصرها

بنعومة فائقة جعلتها تغلق عينيها و تنفصل عن الواقع....

لم تعي حتى عندما أزاح حجابها ليظهر

أمامه عنقها الأبيض بسخاء و ذلك العرق

النابض في رقبتها كم إستفزه ليطبع

عليه قبلة ناعمة أشبه بلمسات الورود...

ليزيد من جنون ليليان التي لو كانت بوعييها

لجلدت نفسها أرحم لها من ان تستسلم أمامه

بهذا الشكل المخزي....

لم تشعر بابتسامته المنتصرة و هو يرى

ذوبان جسدها بين يديه لكن من يلومها

فرجل كأيهم البحيري زير النساء السابق

رغم إبتعاده الطويل عن هذه الأجواء

إلا أن خبرته الكافية و وسامته المهلكة  تجعل

أي إمرأة تذوب أمامه كقطعة ثلج.....

ليستغل هو الوضع و ينحني ليحملها

بين ذراعيه كعروس ليلة زفافها متجها

نحو باب جانبي يحتوي على غرفة نوم مجهزة

كان أيهم قد أضافها في تصميم مكتبه

تحسبا لتأخره في العمل و إضطراره في

تمضية ليلة هنا...

أراح جسدها على السرير بعد أن تأكد

من إغلاق الباب خلفه تحسبا لأي دخيل..

ثم إنحنى نحو شفتيها مقبلا إياها بشغف

و جوع أيام طويلة فيما إمتدت يداه

لتزيح عنها ثيابها التي تخفي مفاتنها عنه

ببطئ و هدوء....

يحب عليه الاستفادة بكل الطرق من هذه

الفرصة  التي قدمت  له على طبق من الماس

فإما الان و إما سيضطر لمزيد من الانتظار

و هو الذي لم يعد يكره في من حياته

أكثر من الانتظار....هذا الشعور الذي بات

يقتله عرقا بعرق... يوما بعد يوم.

و كأنها تفترش إحدى الغيوم القطنية...هذا

ماتشعر به ليليان في هذه اللحظة بعد أن

فقدت السيطرة على جسدها الخائن الذي

أصبح في لحظات رهن إشارته...بعد أن

سقط العقل من على عرشه و اصبح القلب

هو الملك... هو الآمر الناهي فلا مكان بعد

الان لما يسمى حدود...

الحب و الرغبة و لغة الجسد هذا ما يميز

هذه اللحظات الفاصلة بين قلبين إنفصلا

منذ سنوات.....

منذ ساعات و لم يكتفيا و كأنهما إتفقا على

تعويض مافاتهما فكلما شعر أيهم بعودة ليليان

لواقعها يسحبها من جديد نحو عالمه الخاص

يقسم انه لن يتركها حتى تخضع له بإرادتها...

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

دخلت الجامعة بخطى مرهقة بعد ليلة

طويلة لم تذق فيها طعم النوم بسبب

شجارها اليومي مع والدتها التي لم تكتفي

بضربها و شتمها لتهاتف شقيقتها و زوجها

حتى يأتيا في ساعة متأخرة من الليل

في محاولة منها للضغط عليها حتى تتراجع

عن قرارها المتهور...دون جدوى.

أخذت طريقها نحو الكافتيريا للحصول

على كوب قهوة كبير عله ينجح في إعادة

نشاطها و حيويتها التين يفتقدهما جسدها

حتى تستطيع الصمود في هذا اليوم الطويل

كطالبة في كلية الطب...

رمت الكوب الورقي في أقرب سلة

مهملات قبل أن تتابع طريقها نحو قاعة

محاضرتها التالية بعد أن فاتتها اول الحصص...

تصنمت مكانها و هي تستمع لضحكات عالية

وراء أحد الأبواب المغلقة بعدم إحكام ليظل

فراغ صغير بين طرف الباب الحائط... بدا

لها الصوت مألوفا لتقترب بتمهل و تسترق

السمع...

لحسن الحظ لم يكن سوى صوت ضحكات

ميار التي بدت و كأنها ستطير فرحا في أي

لحظة و هي تحدث صديقتها المقربة ديالا...

ديالا:"أمال هي فين مجاتش  المحاضرة اللي

فاتت... مش من عوايدها أنها تغيب".

ميار بنبرة سعيدة :"مش حتيجي النهاردة

أنا سألت الغبية بسمة و هي قالتلي إنها

كلمتها إمبارح و قالت   إنها مش حتحضر

النهاردة...

أضافت و هي تجلس على إحدى الطاولات

العالية :" أحسن.....بقيت مش طايقة أشوفها

قدامي،انا ماسكة نفسي بالعافية عشان

ماقتلهاش بإيدي.... بس بعدي يقول إهدي

يا بنت و إستني لغاية ما أوصل لهدفي

و بعدين إعملي اللي إنت عاوزاه...

ديالا بابتسامة مصطنعة :" أنا مش عارفة

إنت ليه متمسكة بمحمد... اقصد هو شكله

حلو و شيك و من عيلة غنية بس في

كثير أحلى منه و اغنى منه كمان... ليه

محمد البحيري بالذات؟؟

وضعت نور كفها على فمها تمنع خروج

شهقتها المصدومة  هي تستمع لهذه

الحقائق لأول مرة...إبتلعت ريقها بصعوبة

و هي تستند على الحائط لتوازن جسدها

الضعيف تجاهد لتبقي جميع حواسها

مركزة على ماستقوله تلك الحية ميار....

ميار و قد برقت عيناها بتصميم  :"عشان

مختلف اللي زيه صعب تلاقي منه كثير

في زماننا داه...راجل بجد مش زي العيال المدلعة

اللي إحنا نعرفهم...راجل حقيقي تقدري تأمنيه

على نفسك و إنت متأكدة إنه مش حيخونك

و لا حيغدر بيكي....محمد لو قعدت معاه

سنة في اوضة واحدة مش حيبصلي و لا

حيحط إيده عليا عارفة ليه.. عشان هو كن النوع الوفي اللي لما بيحب يحب بجد......

راجل يحبك و يحتويكي في كل أشكالك

بعصبيتك و جنونك لما   تكوني مخنوقة

و لما تكوني متضايقة...في كل حالاتك مش

حيبص لغيرك مهما كانت الاغراءات

محمد مش زي أخوه أيهم و سيف عمره

ماكان عنده تجارب مع البنات اول واحدة دخلت حياته هي نور...

أنا أعرفه من سنين بسمع اخويا دايما بيتكلم

عليه حبيته من قبل ما أشوفه كان فارس

أحلامي و انا عندي سبعتاشر سنة

عرفته قبلها يعني هو من حقي أنا... هي مش بتحبه

و مش حاسة بيه اصلا...نور متستاهلش واحد

زي محمد...لو كانت بتحبه و متمسكة بيه

مكنتش حقدر أاثر عليها مهما قلت في حقه

و شوهت صورته قدامها  بس

هي كانت محتاجة حد يشجعها عشان

تتخلص منه... الغبية مش عارفة إنها لو لفت

العالم مش حتلاقي حد يحبها و يحافظ

عليها زي محمد البحيري...


ديالا بتعجب :" بس هو مش بيحب غيرها؟؟

ميار و قد إحمر وجهها من شدة الغضب :" عارفة

إنه مش بيتزفت بيحب غيرها بس انا بحبه...

و مش حخليها تتهنى بيه....محمد ليا أنا و حعمل

كل اللي اقدر عليه عشان أخليه يحبني....

هما خلاص حيطلقوا و هو أكيد حيكون محتاج

حد يقف جنبه عشان يخرجه من إحساس

الوحدة و الخذلان و انا بقى حبقى الحد

داه.. حعمل كل اللي اقدر عليه عشان يكون

ليا... ".

ديالا بتفكير :" بس داه مش حب يا ميمي

هو بالنسبة ليكي حاجة صعبة و إنت عاوزة

تحصلي عليها بأي ثمن...و لما تمتلكيها

حتزهقي و ترميها....

ميار بغضب :" إيه التخريف داه...بقلك

بحبه من و انا عندي سبعتاشر سنه... داه

حلم العمر و مش حستسلم غير لما أحققه...

هزت ديالا كتفيها باستسلام من عنادها

قبل أن تسألها :" طيب هما خلاص يعني

مفيش أمل.....

تبدلت ملامح ميار الغاضبة إلى أخرى

سعيدة :"لا النهاردة متفقين يروحوا

المحامي عشان يكملوا الإجراءات... انا

متابعة كل حاجة بنفسي و بستنى

بالدقيقة و الثانية إمتى يبقى حر

و ساعتها حيبقى ملكي....yes yes yes

انا حعمل party بالمناسبة الحلوة دي.. 

أنهت جملتها بضحكة طويلة تعبر عن مدى

سعادتها بانتصارها الرائع الذي حققته دون

معاناة... نصر لم تتعب كثيرا لتحقيقه فلم

يكن يتطلب منها سوى القليل من الصبر

و خطة ذكية حاكتها بذكاء و تمهل شديدين..

و كأن خنجرا حادا تسلل بخفة من بين

أضلعها ليصل نحو قلبها ليقسمه شطرين

دون رحمة او شفقة....لو لم تسمعها بنفسها

لما صدقت...ضحكت بداخلها و عيونها

تنهمر دموعا تعبيرا عن ضياعها و تخبطها

إبتعدت عن باب الغرفة بخطوات حذرة

حتى لا يتفطنا لها...

بعد أن إبتعدت مسافة جيدة ركضت بسرعة

نحو سيارتها متجاهلة نظرات باقي

الطلاب المتعجبة   من حالتها...

ألقت مافي يديها في الكرسي الجانبي

للسيارة قبل أن تجلس مكانها   لتضرب

رأسها عدة مرات بالمقود....

رفعت رأسها لتقابلها صورتها بالمرآة ليزداد

جنونها أكثر فأكثر صفعت وجنتيها بكفيها

مرات عديدة ثم جذبت خصلات شعرها

القصيرة حتى شعرت باقتلاع بعض منها

لكنها لم تهتم فالالم الذي كانت تشعر

به بداخلها أقوى بكثير من ألم جسدها....

أرخت رأسها على ظهر المقعد بعد أن

تعبت و هي تتمتم بصوت لاهث :غبية....

غبية...انا أكثر واحدة غبية و حمارة

في الدنيا كلها....إزاي قدروا يوقعوني

إزاي...عقلي كان فين و انا بسمع كلامهم

للدرجة دي انا كنت هبلة و عبيطة.. عندها

حق ماما و الله عندها   حق...محمد ميستاهلش

واحدة غبية يستاهل واحدة قوية و خبيثة

زي ميار تقدر توصل للي هي عاوزاه بكل

سهولة طبعا ماهي لما تلاقي واحدة حمارة

زي نور أكيد حتوصل لاهدافها بسهولة....

أخرجها من هذيانها صوت رنين الهاتف...

لتمد يديها بعشوائية تبحث عنه داخل حقيبتها

لم تجد فاضطرت لرمي محتويات الحقيبة

دون إهتمام حتى وجدته....

شهقت بصوت عال و هي تغرس أصابعها

بخصلات شعرها المنكوش عندما رأت

إسمه يزين الشاشة :"داه محمد... أكيد

بيتصل عشان المحامي".

همهمت بغصة و دموعها لاتكف عن الأنهمار

لترد أخيرا رغم عدم قدرتها على الكلام

:"محمد... إنت فين؟؟

أغمضت عينيها سامحة لآخر قطرات دموعها

بالسقوط على وجنتيها المحمرتين بشدة

عندما آتاها صوته الدافئ الحنون رغم

تصنعه الصرامة :"إنت اللي فين يا نور مش

إتفقنا إننا نتقابل عند المحامي.... أنا كلمتك

الصبح بس إنت مرديتيش فاضطريت اروحله

و أجيب الأوراق عشان ناقصة إمضتك....

إرتجاف يديها جعل الهاتف يقع على الكرسي

لتلتقطه مرة أخرى بصعوبة و تحدثه بصعوبة:" أنا حجيلك

دلوقتي الستنر بتاعك....

سقط الهاتف مرة أخرى و تعالى صوت نحيبها

و هي تقود السيارة بعدم تركيز حتى وصلت

بعد نصف ساعة تقريبا إلى المكان....صفت

سيارتها بصعوبة ثم فتحت الباب لتنزل

و تسير بخطوات مرتعشة حتى كادت تقع على الأرض عدة مرات قبل أن تصل أخيرا

إلى أولى الدرجات الرخامية  لباب المركز

الرياضي...

حدقت نور في صورتها التي إنعكست على بلور الباب بضياع...شعر مبعثر و وجه أحمر تملأه الخدوش و بعض الدماء الجافة في أعلى جبينها

الملتصقة بشعرها....حمدت الله في سرها أنها

لم تجد وقتا في الصباح لوضع مستحضرات

التجميل و إلا لكان وضعها أسوأ....

أنهى تأملاتها محمد الذي جذبها بقوة من

ذراعها دون قصد قائلا بلهفة و عيناه تتفرسان هيئتها المزرية:"نور إنت كويسة

حصلك إيه.... مين اللي عمل فيكي كده؟؟؟

إكتفت بالتحديق به و قد إرتسمت على

وجهها إبتسامة بلهاء و هي تؤكد لنفسها

للمرة الالف هذا اليوم أنها غبية...

فمن التي تضيع من يدها رجلا كمحمد...

في غاية الوسامة شعره الأسود الذي يطابق

لون عينيه و بشرة وجهه البيضاء المغطاة

بلحية خفيفة تعشقها.... أما جسده الرياضي

الضخم الذي تمنت في هذه اللحظة أن

يحتضنها داخله حتى تشعر بدفئه و حنانه

الذي طالما غمرها به رغم صدها له....

هز جسدها بخفة عندما لاحظ شرودها و هو

يعيد سؤاله من جديد :"نور... إنت سمعاني

تعالي حوديكي المستشفى....".

أحاط خصرها بذراعه ليساعدها على

المشي لكنها ثبتت أقدامها في الارض

لتوقفه عن السير قائلة بصوت مبحوح

:"مفيش داعي أنا كويسة..".

اجابها بقلق :"كويسة إزاي....وشك

مليان دم و جروح.... قوليلي مين اللي

عمل فيكي كده و إيه اللي حصل ؟؟؟؟

نور ببكاء لم تعد تحتمل طيبته و إهتمامه بها

حتى بعد مافعلته معه :" أنا... انا اللي عملت

في نفسي كده و لو كنت أقدر كنت عملت

أكثر....

محمد بذهول و عيناه تجوبان كامل

جسدها :" إنت؟؟ ليه؟؟؟

إستندت نور عليه بعد أن فشلت في

تصنع القوة ليتلقفها محمد بحركة

خفيفة جعلتها في ثوان بين ذراعيه

لم تقاومه  نور او تعترض عندما

دلف بها إلى الداخل نحو مكتبه...

صعد الدرج بخفة و نور تخفي نفسها

داخل أحضانه حتى كادت تختفي كليا

و قد ساعدها في ذلك جسدها الضئيل

دلف إلى داخل مكتبه ليضغها على

اريكة جلدية سوداء اللون كسائر اثاث

المكتب...


تململت نور لترتاح في جلستها و قد

بدأت تشعر الان فقط بآلام في وجهها

و ذراعيها.... عاد محمد و في يده علبة

صغيرة للاسعافات الأولية ليجلس بجانبها

ويضع العلبة على ساقيه....

أشاحت نور بوجهها بعيدا عن يده التي

إمتدت لتفحصها ليزفر محمد قائلا :"خليني

على الاقل اعقملك الجروح و الكدمات اللي

في وشك....

نور بحرج :" مش عاوزة أتعبك ".

أجابها و قد إرتسمت على وجهه إبتسامة

ساخرة:" متقلقيش مش حتعب في حاجة

بسيطة زي دي...إثبتي و متحركيش وشك ".

بعد دقائق قليلة إنتهى محمد من وضع

آخر شريط لاصق على جرح بجانب شفتيها

لتغمض نور عينيها بقوة و تشرع في البكاء

من جديد...

ربت على ظهرها بيده بينما يده الأخرى

كانت تمسح خصلات شعرها المتناثرة

بفوضوية كابحا فضوله القاتل الذي يحثه

على معرفة ما يحصل معها....

همس لها بخفوت محاولا تخفيف حزنها

::"كفاية عياط يانور و إحكيلي...إيه

اللي وصلك للحالة دي؟؟

صرخت نور ببكاء و قد عادت لها نوبة

جنونها من جديد :" أنا.... قلتلك أنا...

أنا السبب في كل حاجة ".

ضربت وجهها  و رأسها بقوة بكفيها

مما أثار  فزع الجالس بجانبها ليمسك

بسرعة كلتا يديها جاذبا إياها نحوه

حتى أصبح وجهها ملاصقا لوجهه لا

يفصل بينهما  سوى إنشات قليلة...

اخفضت نور عينيها رافضة النظر في

وجهه و كأنها خائفة من مواجهته... تشعر

بداخلها بالخجل و الذنب مما فعلته معه

رغم حقارتها و نذالتها معه إلا أنه مازال يهتم لأمرها....يبدو أن ميار كانت محقة فمحمد

مختلف....

تركها عندما شعر بسكونها لتنهد بصوت مسموع

قبل أن يهتف للمرة العاشرة بنفس السؤال لكن

هذه المرة بنبرة مصرة :"نور... إتكلمي انا أعصابي

خلاص بازت و مش قادر أستنى أكثر من كده

يا تحكيلي إيه اللي حصل يا حنزل أكتشف بنفسي".

فركت نور يديها مكان قبضته بتوتر قبل أن تستجمع

شجاعتها و تتحدث باقتضاب :" كاميليا... أختي

لما تجوزت شاهين الألفي كنا مش مصدقين اللي

حصل و.... كنا فرحانين جدا خصوصي انا و كريم

جوز أختنا بقى..... راجل غني و عنده فلوس

كثير و حيساعدنا و يخرجنا من الفقر اللي

إحنا عايشينه.....كنت أنانية جدا و مش

شايفة حاجة الفلوس عمت عينيا....فاكرة

كويس آخر يوم ليها في بيتنا القديم

مكانتش فرحانة زي اي عروسة...كانت بتخفي

خوفها و قلقها علينا كلنا عشان متبوزش

فرحتنا...مكانتش عاوزة تحسسنا بحاجة

كاميليا أختي ضحت بنفسها عشاننا...عشان

تعالج بابا و اقدر انا و اخويا نكمل تعليمنا

اللي كنا مهددين في اي لحظة إننا نسيبه

عشان معندناش فلوس.....

مسحت دموعها قبل أن تتابع...كان بيهددها

يا تتجوزه يا حيدمرنا و طبعا داه شيئ سهل

جدا عنده...و هي قبلت.... قبلت يا محمد

قبلت إنه يعذبها و يهينها و يعيشها أسوأ

ايام حياتها... كان... كان بيغتصبها كل ليلة

و بيضربها و....

توقفت عن الحديث عندما إختنقت بدموعها

لكنها رغم ذلك واصلت :"أنا كنت خايفة... خايفة

مكنتش عاوزة ابقى زيها...انا و الله مش معترضة

عشانك إنت.... بالعكس إنت راجل تحلم بيه

اي بنت.... بس أنا كنت بتخبط يمين و شمال

و مكنتش قادرة احكيلك....السر داه كنت شايلاه

لوحدي.. مقدرتش احكيه لأي حد عشان مينفعش

حد يعرفه....انا مش قادرة أتحمل يا محمد

أنا تعبت و مش عارفة اعمل إيه و عشان

عبيطة أول حاجة فكرت فيها إني مش حتجوز

طول عمري....

أطلقت ضحكة قصيرة مستهزئة مضيفة

:"مش قلتلك عبيطة...

مسح محمد وجهه بحيرة غير مصدق

لما يسمعه.  ..حقائق غريبة اشبه بالخيال

فلطالما تعجب محمد من عشق شاهين

المفرط لزوجته حتى أنه تمنى أن في

يوم من الايام أن تكون حياته مع زوجته

كحياتهما....و هاهي نور الان تصدمه

بحقائق مغايرة للواقع....

إلتفت نحو نور التي لم تتوقف عن البكاء

ليشعر بالشفقة نحوها...بالرغم من انها لأول

مرة تتحدث معه هكذا دون قيود او أقنعة...

لأول مرة يعلم ماتفكر به لا و  أيضا تشاركه 

مشاعرها... يبدو أنه يوم المعجزات بالنسبة لمحمد.....

هتف بصوت هادئ رغم تزاحم الأفكار

داخل رأسه :"طيب انا ممكن أساعدك

في إيه؟؟ مش عارف يعني لو عاوزة تتكلمي

او تفضفضي.. انا موجود....

نظرت نحوه بعينين دامعتين تعكسان

مدى ضعفها قائلة برجاء:" مش عاوزاك

تسيبني.... أرجوك....

إتسعت عيناه بدهشة و هو يرمقها بنظرات

غير مفهومة قبل أن يهتف :"تقصدي إيه؟؟

نور و هي تعض شفتيها بتوتر و دقات قلبها

بدأت تتسارع بسبب خوفها من ردة فعله

:"خلينا مع بعض.. بلاش طلاق عشان

خاطري.... و أنا مستعدة أعمل أي حاجة

إنت عاوزها ".

يحق له ان يرفض فبعد كل مالاقاه منها

جفاءها و صدها له كلما حاول أن يتقدم

بعلاقتهما....لم تهتم به يوما او تشاركه

اي تفصيل من  حياتها كباقي الأحباء...

يركض وراءها من مكان إلى آخر حتى

يلفت إنتباهها بالهدايا الفاخرة و دعوتها

للخروج بمناسبة او بدونها.... فماذا قدمت

له هو... قلبها يكاد يخرج من مكانه و هي

تنتظر جوابه...رغم توعدها بداخلها انها

لن تتركه مهما كان جوابه....

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

إستيقظت ليليان من غفوتها القصيرة

لتجد نفسها نائمة على سرير في غرفة

غريبة تحتوي على خزانة صغيرة و أريكة

باللونين الرصاصي....رفعت الغطاء عنها

لتتفاجئ بنفسها عارية... إتسعت عيناها

بدهشة و كانت ستصرخ لو لا ذكريات

الصباح التي تدفقت داخل رأسها في هيأة

مشاهد متفرقة...

تمتمت بانزعاج و هي ترمي رأسها على الوسادة

:"إيه اللي أنا عملته داه؟؟

لفت جسدها بالغطاء ثم بدأت بالبحث عن ملابسها

التي للأسف لم تجدها...عادت لتجلس مرة

أخرى على الفراش مقابل الباب و هي تضرب

رأسها بكفها قائلة بحنق :" عجبك كده اهو

بقيت محبوسة بالمنظر داه..

أضافت بحزن و عيناها تلتمعان بالدموع لشعورها

المرير بالذل و الإهانة

:"بعد ما وصل للي هو عايزه سابني مرمية

هنا زي....أي وحدة من بنات الشارع....

أجهشت بالبكاء و هي تعض أناملها حتى

تمنع خروج شهقاتها.. تزامنا مع دخول أيهم

للغرفة وفي يده عدة أكياس...

رمى الاكياس جانبا ثم إنحنى على ركبتيه أمام ليليان ليدير رأسها نحوه و

يحيط وجهها بيديه



الشيطان شاهين › الفصل. 

الفصل السابع (الجزء الثاني)


في إحدى النوادي الراقية تجلس زوجة خيرت الشناوى والد عمر... فريدة هانم مع إحدى صديقاتها

اللواتي يشتركن في نفس الصفات....التكبر و

التعالي عن بقية الناس و لايهتممن سوى

بمكانتهن في المجتمع.....

فريدة بملل و هي تتفحص ساعتها الفاخرة

ذات الماركة العالمية:"يوه يا شيري الساعة بقت

عشرة الصبح و فيفي و نبيلة لسه مجوش

لحد دلوقتي بصراحة انا زهقت أوي من

القعدة هنا".

أجابتها الأخرى بنبرة متعالية :" نبيلة أكيد

زمانها في الطريق ما إنت عارفاها دايما بتيجي

متأخرة...و فيفي زمانها وصلت إسكندرية

عند إبنها....الدكتور عادل.....

أرجعت فريدة خصلات شعرها الأصفر

وراء أذنها بحركة عفوية تزامنا مع قولها

:"و ليه تروحله.... ماهو دايما هو اللي

بيجي هنا هو و مراته".

تصنعت شيري إبتسامة متملقة قبل أن

تهتف :"راحت عشان تشوف حفيدها....

اصل مرات عادل إمبارح ولدت و جابت

ولد.....

إنحنت لتأخذ كوب عصيرها لتترشفه

و هي تكمل بنبرة متكبرة و كأن من

ولد هو حفيدها :" عقبال مانشوف

أحفادك إنت كمان يا فريدة....

زمت فريدة شفتيها بضيق وهي

تشيح بوجهها للجهة الأخرى مدعية

عدم الاهتمام :" أنا عندي جاسر و لجين

و إلا ناسياهم يا شيري.....

شيري بابتسامة خبيثة :"أقصد أحفادك

ولاد عمر...أصلي مستغربة يعني

عنده ثلاث سنين متجوز و لحد دلوقتي

مخلفش....

شهقت في آخر كلامها مدعية الأسف

لتكمل بنبرة كاذبة :"اااوه سوري يا فريدة

متأخذينيش يا حبيبتي انا مش قصدي

بس...

قاطعتها الأخرى إشارة من يدها قائلة

:"مفيش داعي للأسف انا فاهمة قصدك

كويس بس إنت أكيد عارفة إن مراته

هي اللي مبتخلفش... و هو عشان إبن

أصول لسه صابر عليها و مش عاوز

يحسسها بالنقص..... و إن شاء الله

ربنا يعوض صبره خير و يرزقه بالذرية

الصالحة قريب".

قلبت الأخرى عينيها من لهجتها الجافة

التي تتميز بها فريدة لتجيبها :" آمين...

عمر شاب كويس و يستاهل كل خير.... أهي

نبيلة جات الحمد لله....

أشارت لصديقتها من بعيد تحييها و هي تحمد

ربها أنها نجت  من لسان فريدة السليط

رغم أنها هي من بدأ باستفزازها.....

أما فريدة فقد إرغمت نفسها على الابتسام

و تصنع الفرحة برؤية صديقتها الأخرى

و تجاوز ما حدث لكن في داخلها تشعر أن

نارا عارمة تشتعل داخلها لتمضي بقية

الجلسة و هي تتقلب على الجمر....

لتقود سيارتها بعد إن إنتهت جلستها الصباحية

المعتادة مع صديقاتها تجاذبن خلالها مختلف

أطراف الحديث حول عدة مواضيع... تافهة..

وصلت إلى المبنى الرئيسي لشركات الألفي

لتدلف بكل غرور و تكبر دون أن تلقي

التحية على أحد.... إستقلت المصعد

الخاص بالمدراء ليصعد بها نحو الطابق

الاخير الذي يوجد به مكتب إبنها عمر...

دلفت بخطواتها الواثقة و هيأتها الأنيقة

التي لا تعكس عمرها الحقيقي بل من يراها

يقول أنها سيدة في مقتبل العمر بشعرها

الأصفر و وجها الذي تملأه مساحيق

التجميل..... ملابسها الباهضة و حذائها ذو

الكعب العالي الذي زادها طولا.

طرقت الباب بطريقة مهذبة قبل أن

تدلف للداخل لتجد عمر كعادته منكبا

على حاسوبه المحمول و أمامه عدة

ملفات أخرى...

رفع رأسه لتتهلل اساريره عندما وجد

والدته أمامه فبالرغم من إختلافه معها

بشأن زواجه إلا أنه مازال يحبها و يفرح

كثيرا لرؤيتها....إلتف من وراء مكتبه متجها

نحوها بيدين مفتوحتين لمعانقتها لكن

فريدة هانم تجاهلته و هي تجلس على

الاريكة تاركة عمر ينظر نحوها بصدمة....

تنهد بصوت مسموع قبل أن ينمحي الابتسامة

من علي شفتيه ليقول و هو يتجه نحو الكرسي

المفرد ليجلس عليه :"و أهلا يا أمي....منوراني

بزيارتك السعيدة دي".

زمت فريدة شفتيها بضيق و هي تنظر نحوه

باستهزاء قائلة :"عشان كده بقالك أسبوع

لا بتيجي و لا بتقول عندي عيلة أسأل

عليها... الظاهر إن الهانم تأثيرها جامد اوي

عليك....لدرجة إنها مخلياك مش فاكر أهلك".

تنحنح عمر و هو يدعك رقبته المتشنجة

بسبب جلوسه وراء المكتب منذ الصباح

الباكر :"متزعليش مني اصلي كنت مشغول

جدا الايام إلى فاتت عشان عندنا شغل

كثير... يادوب أروح أنام على طول...

بس إن شاء الله حبقى آجي أتغدى عندكم

يوم الجمعة ".

اصدرت فريدة صوتا من بين شفتيها

يدل على عدم رضاها قبل أن تهتف

بسخرية :"لا كثر خيرك يا حبيبي

و يا ترى حتيجي وحدك و إلا حتجيب ست

الحسن و الجمال معاك...أمال هي فين أنا

لما دخلت ملقيتهاش في مكتبها يعني ".

أجابها عمر بحذر و قد علم أن وراء مجيئها

حكاية ما :"تلاقيها عند كاميليا مرات شاهين

أصلها لسه جديدة في الشغل و أحيانا

هبة بتروح عشان تفهمها الحاجات اللي

مش عارفاها... لو عايزاها حبقى

أكلمهالك تيجي ".

فريدة بتكبر :" و أنا حعوز منها إيه يعني

و هي حتة عيل مش قادرة تجيبه... الدكتور

عادل إبن صاحبتي فايزة الشريف متجوز

بقاله سنة و إمبارح مراته جابت ولد مشاء

الله زي القمر انا صورتي بقت وحشة

اوي قدامهم و هما بيسألوني إمتى حنفرح

بأولاد عمر....

قاطعها بصرامة بعد أن فهم ما تنوي إليه

هذا ليس غريبا على والدته فهي في كل

مناسبة لا تتوانى عن قول ما تريده دون

الاهتمام بالآخرين ما يهمها فقط هو مكانتها

الاجتماعة أمام  صديقاتها...

:"بصي يا ماما أنا بجد تعبت و زهقت

و انا بعيد نفس الكلام في كل مرة...

انا بحب مراتي و ميهمنيش كلام الناس

اللي حضرتك عاملاله حساب و هما مين

اصلا عشان يفرحولنا انا أخلف او مخلفش

هما مالهم دول ناس منافقين و آخر همي

رأيهم و بتأسف جدا لما الاقي شخص

راقي و مثقف زيك مخه مليان بحاجات

تافهة و ملهاش قيمة زي دي....

لو عاوزة تتكلمي في اي حاجة ثانية

فأهلا و سهلا و لو مش عاوزة أرجوكي

بلاش تزيدي عليا و إرحميني...انا تعبان

من الشغل و مش ناقص....

وقف من مكانه محاولا إنهاء الحديث بأسلوب

لين لكن فريدة كان   لها رأي آخر فغضبها

تضاعف بسبب فشلها مرة أخرى في

جعله يطيع كلامها لتهب من مكانها تصرخ

بغضب :"إنت لحد إمتى حتفضل كده كل

أما آجي أكلمك تقلي بحب مراتي.... داه

إيه التخلف اللي إنت فيه داه... مراتك

مين ها... مش كفاية إنك جايبها من الشارع

مش عارفينلها اصل و لا فصل و تجوزتها

غصب عننا كلنا.... خلتك تخسر عيلتك

عشانها و في الاخر مقدرتش حتى

تفرحك بحتة عيل يشيل إسمك....

مسح عمر وجهه بارهاق وهو ينظر نحوها

بخيبة أمل رغم تعوده على أسلوبها الجاف

في الحوار قائلا بعد أن رسم ملامح اللامبالاة

على وجهه :"أنا حافظ الاسطوانة المشروخة دي

اصلي لاسف من اول شهرين جواز و انا كل أسبوع بسمعها مرة و أحيانا مرتين ثلاثة...و لو

على العيلة فكلهم قابلين هبة و بيحبوها

بابا و إخواتي مكانش عندهم اي إعتراض

عليها إنت بس اللي مش متقبلاها عشان عقلية

الطبقات و الباشوات اللي لسه معششة

في دماغك...من الاخر إنت عاوزة إيه

ياست ماما ".

جلس على كرسيه محاولا العودة

لعمله متجاهلا توتره و ضيقه من كلامها

ليرفع عينيه نحوها ناظرا إليها بصدمة عندما

قالت له بلهجة آمرة :" تطلقها و انا بنفسي

حجوزك واحدة تليق بيك و من مستوانا

كفاية رمرمة.....

صرخ عمر بصوت عال بعد أن ضاق

ذرعا من تصرفاتها و جنونها :" ماما... لو

سمحتي داه مكان شغل مينفعش نتكلم

في حاجات خاصة هنا.. في ناس كثير

هنا و ميصحش  حد يعرف أسرارنا....


حملت فريدة حقيبتها متجهة نحو الباب

قائلة :" و هو في حد ليه معرفش بحكايتك

فتحت الباب لتجد هبة تجلس وراء مكتبها

رأتها لتقف و تلقي عليها التحية بأدب

لكن فريدة نظرت إليها باشمئزاز من فوق

إلى أسفل قبل أن تشير باصبعها نحوها

ملتفتة لعمر الذي وقف من مكانه

إستعدادا لأي مشكلة :" اهي شرفت الهانم

أنا مش عارفة إيه اللي عجبك فيها

دي....على الاقل مرات شاهين حلوة

و شبه الأجانب و مخلفة بدل العيل

إثنين إنما دي....

نفخ عمر الهواء بقوة و هو يشعر

أنه سينفجر في اي لحظة خاصة بعد

أن لمح دموع هبة التي حاولت إخفائها

عنه لكنها فشلت ليقول :"ماما لو سمحتي

مافيش داعي للكلام داه... هبة عندي بالدنيا

كلها و ميهمنيش رأي حد حتى لو رأيك... أنا

حوصلك لباب المكتب... الساعة داخلة على

واحدة زمانه بابا و إخواتي مستنيينك

على الغدا.....

أحاط كتفيها بذراعه ليرغمها بلطف على

المشي بجانبه و يوصلها نحو باب المصعد

لتلتفت نحوه فريدة مرة أخيرة قبل أن

تدلف و تهتف بوعيد :"مش حسيبك

يا عمر و مش حرتاح غير لما أطردها برا

حياتك و عيليتنا خالص و يا أنا يا هي بنت منصور....

حرك عمر رأسه باستسلام و هو يودعها

باشارة من كفه قبل أن يغلق أمامه باب

المصعد.... تنهد لينفث كل تعبه و إرهاقه

و غضبه الذي تمكن   منه رغم تصنعه

الهدوء إلا أن والدته في كل مرة تحدثه

فيها توقظ جميع آلامه و أحزانه التي

يحاول نسيانها... لاتعلم المجهود الذي

يبذله حتى لا ينفجر أمامها مخبرا إياها

بالحقيقة و أنه هو من يعاني مشاكل

في الإنجاب و ليس زوجته المسكينة

التي تضطر في كل مرة تحمل كلامها

السام بصمت....

رجع سريعا نحو المكتب ليطمئن على

هبة و التي رسمت على وجهها بتسامة

مزيفة على وجهها كعادتها حتى لا تشعره

بالذنب....

أشار لها بأن تتبعه لمكتبه....

دخلت هبة لتجده يجلس على الاريكة

ناكسا رأسه باحباط كمن يحمل هموم

الدنيا على كتفيه... رفع عينيه نحوها

يتأملها بعشق مفرط قبل أن يفتح ذراعيه

نحوها لتسارع هي بتلبية طلبه و تقف

مقابلا له ليدفن عمر وجهه داخل جسدها

كطفل صغير يختبئ داخل أحضان

والدته....

إبتسمت هبة على تصرفه فهذا مايفعله

عمر دائما عند إحساسه بالضيق...خللت

أصابعها داخل شعره ليهمهم عمر باستمتاع

قائلا :"مش عارف مين غيرك كنت حعمل إيه؟؟

حتفضلي مستحملة لغاية إمتى و انا واقف

كده بتفرج عليكي و مش عارف أعمل حاجة

أنا نفسي افرحك و اعوضك على صبرك معايا

بس للاسف انا".

أجابته هبة و هي لاتنكر تضايقها الشديد

من كلام والدته لكن حبها لعمر يجعلها

تتحمل و تتناسى رغم تأثير كلامها على

نفسيتها لكن ما باليد حيلة كما يقال

فلو كانت غيرها لما سكتت هبة و لكانت

اوقفتها عند حدها....

:" معلش يا حبيبي دي بردو مامتك و إنت

عارفها كويس بلاش تزعل نفسك انا

مصدقت إنك بقيت كويس بعد آخر زيارة

للدكتور ".

جذبها عمر برقة لتجلس بجانبه

على الاريكة ليقبل كلتا يديها هاتفا

بحسم :"انا حعدي عليهم المساء بعد

الشغل و حبقى أفهمهم الحكاية خلي الكل

يعرف إن ملكيش ذنب و إن إنت اللي متحملاني

و صابرة عليا بالرغم من أنا... .

توسعت عينا هبة بفزع لتقاطعه هاتفة برجاء

:" إوعى تعمل كده يا عمر عشان خاطري

بقالنا سنتين محتفظين بالسر داه و محدش

يعرف عننا حاجة غير كاميليا و شاهين بيه....

ارجوك خلينا كده أحسن انا مش حستحمل

إن أي حد يقول عليك كلمة وحشة اوو....

قاطعها هو الاخر :" داه بردو نفس إحساسي لما

حد يتكلم عليكي زي ماما من شوية

أنا كنت ماسك إيدي بالعافية عشان مقلهاش

الحقيقة.... صدقيني انا بتألم أكثر لما بشوفك

كده مظلومة و انا واقف متكتف مش عارف أعملك

حاجة... هبة إنت مراتي يعني من واجبي إني

أحميكي.... كفاية إنك   تحملتي كل السنين دي

علشاني...آن الأوان إني أتحمل عنك شوية...

هبة و هي تنفي برأسها :"لا يا عمر مفيش

داعي ارجوك مش عاوزة مشاكل.... و إن كان

عليا انا خلاص تعودت يعني...

عمر بنبرة متألمة :" مفيش حد بيتعود على الألم

يا بيبة....خلينا ننسى الموضوع داه و تعالي

أحضنييني جامد... انا محتاج حضك الدافي

عشان أهدأ...

لم يمهلها حتى تستوعب ماقاله ليجذبها

نحوه بعناق قوي عساه يخفف عنه بعضا

مما يشعر به...من ضعف و عجز عن حماية

حبيبته التي يحبها أكثر من نفسه يكفيها

ماتحملته في السابق من إهانات و كلام

جارح من أجله... تنفس عطرها بقوة و هو

يشعر بعودة الهدوء لجسده المتشنج

تدريجيا و قد عزم بداخله على إنهاء

معاناتها و قول الحقيقة...اغمض عينيه

بخزي لإحساسه بالجبن و الخوف من

مواجهة المجتمع و الناس ليقف متفرجا

على زوجته و هي تتعرض لابشع الاتهامات

التي من الممكن أن تتعرض لها أي إمرأة....

خاصة في مجتمع لايرحم كمجتمعنا الشرقي.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

في مكتب شاهين.....

تأففت كاميليا للمرة العاشرة منذ أن دخلت

للمكتب.... تكاد تنفجر من شدة الغيظ

من كتلة الجليد الذي يجلس وراء مكتبه

يدقق في الملفات المبعثرة أمامه و لا يعيرها

اي إهتمام....

:"شاهين لو سمحت أنا بكلمك.... ليه مش

بترد عليا".

اجابها شاهين بنبرة متثاقلة دون أن يرفع عينيه

من علي الأوراق :" عاوزة إيه يا حبيبتي

معلش مكنتش مركز معاكي".

نفخت وجنتيها بحنق لتضرب الأرض

بقدميها كما يفعل آسر ولدها عندما

يغضب قائلة :"على فكرة دي ثالث

مرة أسألك نفس السؤال و إنت مش

منتبه...انا رايحة مكتبي كفاية

ضيعت وقت على   الفاضي هنا....

قلب شاهين عينيه نحوها قبل أن

يدير رأسه بحركة بطيئة بعد أن

إستوعب ماترمي إليه...راقبها

و هي تسير نحو الباب رافعة

رأسها بكبرياء ليخفي ضحكته متصنعا

الجدية لينبس بلهجة آمرة :"كاميليا

تعالي هنا.....

تسمرت مكانها و هي تسمع صوته

الجدي المرعب لتحاول تمالك نفسها

و التظاهر بالقوة أمامه... إستدارت نحوه

تخفي توترها لترتبك أكثر عندما رأته

يشير لها باصبعه أن تتقدم نحوه...

زفرت مدعية اللامبالاة لتسير باتجاهه

قبل أن تقف بعيدا عنه بخطوتين...

أشار لها مرة أخرى بأن تتقدم اكثر لكنها

ظلت واقفة مكانها قائلة بصوت جاف :"عاوز

إيه أنا ورايا شغل....

جاءها صوته الرجولي الخشن ليبعث

داخلها قشعريرة سرت بكامل جسدها

:" قربي.....

كم تمقت هذه الكلمة التي تذكرها بأيام

عذابها معه....

نفت برأسها و هي مازالت تقف مكانها

رافضة الحراك ليرمقها شاهين بنظرات

مستمتعة قبل أن يهتف بصوت جدي

:" طيب...إعملي حسابك بكرة حتقعدي

مكان غادة السكرتيرة....


قفزت كاميليا مكانها ناظرة إليه

بعدم تصديق   لتهتف دون وعي

:" مستحيل...معناها انا مش جاية الشركة

بكرة انا اصلا بدور على حجة عشان

ابطل شغل....

شاهين بعيون محذرة اوقفتها عن إكمال

كلامها :" إتفضلي روحي لمكتبك دلوقتي ".

نظرت نحوه كمن تقول له هل أنت جاد

قبل أن تتحدث بنبرة لينة محاولة كسب

عطفه :" ماهو مينفعش أقعد مكانها انا

مابفهمش حاجة في السكرتارية دي...

و بعدين انا هنا مهندسة مش سكرتيرة

يعني....أنا آخر مرة مسكت مكانها بهدلت الدنيا....

هز شاهين حاحبيه بتعجب من تحولها

فهذه القصيرة ستصيبه يوما ما بالجنون

من تقلبها و تصرفاتها الطفولية التي يعشقها

ليقول مدعيا الحزم:" أنا المدير هنا و اظن إن ليا الحق أدير شركتي زي ما أنا عاوز.....داه أمر يا مدام كاميليا... إحنا مش في البيت....

أطرقت رأسها بقلة حيلة من غطرسته

التي لن تتغير لتهمس بطاعة و هي تتوعد

له بالانتقام داخلها :" حاضر يا فندم اللي

تشوفه ".

أكملت بخبث تعلمته على يديه مدعية

الحزن :"على فكرة حضرتك كل مرة تقلي

إني من حقي أعترض و اقول رأيي من دون

خوف بس انا لما أتجرأ و اتكلم بتعاقبني

زي ما كنت بتعمل زمان...يعني بتخليني أخاف

منك أكثر و أكثر......

صدم من إعترافها فهو كان فقط يريد أن

يمزح معها قليلا لا غير لكن كلماتها أصابت

نقطة ضعفه الا و هو ماضيه معها....

قبض على يديه بقوة حتى إبيضت مفاصله

تزامنا مع إزدياد تنفسه لشدة غضبه

من نفسه ألا يكفي كلام محمد معه بالأمس

و الذي مازال كل كلمة ترن داخل رأسه

رغم إدعائه التجاهل بعد أن أقنع نفسه

بأنه ليس سوى ماض و إنتهى لتصدمه

هي الآن بعدم نسيانها رغم جميع محاولاته

لكسب رضائها مرة أخرى....

رفع عينيه نحوها ليجدها تتراجع إلى

الخوف مما زاد من غضبه ليجذبها نحوه

بخفة و يجلسها على قدميه معتصرا إياها

داخل أحضانه بتملك و هو يهمس لها محاولا

تهدئتها و إزاحة خوفها الذي نجحت في تصنعه

و تهدئة نفسه أيضا

:"أنا آسف حقك عليا انا و الله كنت بهزر

معاكي.... إللي إنت عاوزاه أنا حعمله المهم

تسامحيني.... انا مش حبطل أطلب منك

داه لغاية آخر يوم في عمري....

إبتسمت كامليا بمكر انثوي لايليق سوى

بها مخفية فخرها بنفسها فهي إستطاعت

بذلك إكتشاف نقطة    ضعفه أخيرا و لن تتوانى

أبدا في إستخدامها لصالحها في كل مرة

حسب رغبتها رغم إحساسها البسيط

بالذنب بسبب خداعها له....

مسحت على ظهره بأناملها الصغيرة

قبل أن تهتف برقة محاولة التخفيف

عنه :"متزعلش نفسك انا قلتلك قبل

كده أنا مسامحاك انا مكنش قصدي

اضايقك....

إبتعد عنها ليحاوط وجهها الفاتن بكفيه

و نظرات عينيه لوحدها كفيلة بأن تحكي

مدى عشقه لها هاتفا بصدق :" يارتني كنت اقدر

ارجع الزمن لوراء عشان أصلح اللي عملته

زمان معاكي...مستعد ادفع عمري كله

عشان اشيل الخوف اللي زرعته بإيدي

جواكي...داعب خصلات شعرها و هو

يتفحص ملامحها بحنان مفرط قبل أن

يكمل :" أنا حديكي أجازة يومين تعملي

فيهم اللي إنت عاوزاه مع أولادك بس

بعدها حترجعي عشان مش حقدر على

بعدك طول اليوم و إنت عارفة داه".

أدمعت عيناها من فرط تأثرها رغم أنها

هي من تسببت في حزنه...لتومئ له هامسة

بمزاح محاولة إخراجه من دوامة إحساسه

بالذنب التي لازال يعيش فيها منذ ثلاثة

سنوات و هذا يعتبر أكبر عقاب له...

:"أكيد وحشتهم الخضار المسلوقة اللي

بعملهالهم خصوصا فادي.....

قهقه على مزاحها بخفة ليزداد وسامة مما

جعل كاميليا تسرح قليلا متأملة ضحكته الساحرة

التي سلبت أنفاسها.....

إنتهى من ضحكه ليتحدث بصعوبة :" أنا نسيت

الحكاية دي....بتخيل شكلهم لما يعرفوا إنك حتقعدي

في البيت يومين... هو ليه الاولاد بتفرح لما

ماماتهم بتقعد في البيت إلا هما....

ضربته على كتفه هاتفة بحنق :" بطل تريقة

هما بس صغيرين و مش عارفين مصلحتهم....

شاهين بضحك :"ااه و مصلحتهم بقى

في الخضار المسلوقة...

كاميليا باصرار :  "أيوا انا بختارلهم الاكل

الصحي عشان خايفة عليهم و كمان

بنظملهم وقتهم للعب و المذاكرة....

شاهين بتعجب :" دول أطفال يا حبيبتي

عمرهم سنتين و نص مذاكرة إيه بقى

اللي فارضاها عليهم....

كاميليا :" لازم يتعلموا حاجات كثير

زي يمسكوا القلم و يعرفوا الألوان و حاجات

كثيرة... ماهو فادي مشاء الله عمره سبع سنين بيعرف يتكلم ثلاث لغات كويس اوي... داه

غير إنه شاطر جدا في المدرسة".

شاهين و هو يداعب أنفها برقة :"و

الفضل لحبيبة قلبي اللي بتعلمه كل حاجة

بنفسها...

كاميليا بابتسامة عذبة :"أنا عاوزة أولادي

الثلاثة دايما الأوائل و متميزين عن غيرهم

عشان هما أولاد شاهين الألفي.....

شاهين بنظرات فخر :" بحبك جدا و كل يوم

حبك بيتضاعف في قلبي أكثر.....

كاميليا بخبث و هي تلاحظ نظراته

المشتاقة لها...مدت أصابها لتداعب أزرار قميصه

الأولى قائلة بدلال :" حبيبي إنت على فكرة

نسيت تجاوبني...

شاهين بعدم تركيز :"اجاوب على إيه؟؟؟

كاميليا و هي تلوي شفتيها بحزن :" أنا

قلقانة على نور....مش عارفة إيه اللي حصل معاها

خايفة أكلم ماما أسألها ألاقيها متضايقة".

شاهين و هو يقبل وجنتيها عدة قبلات

خفيفة :"متقلقيش الأمور كويسة بينها

و بين محمد.... هو قلي... إنهم إتفقوا....

يدوا... لبعض فرصة.. ثانية...

إبتعدت عنه صارخة بلهفة :"بجد... إنت

عرفت إزاي".


تنهد شاهين بغيظ لابتعادها عنه ليجيبها

بضيق :"حبيبتي... انا قلتلك محمد هو اللي

قالي إمبارح....إطمني نور كويسة و المشكلة

إتحلت... هو إنت   حاطة روج؟؟

نظرت له ببلاهة و كأنها تراه برأسيه

قائلة :" تؤ... روج إيه؟؟؟

قرب وجهها نحوه متمعنا في شفتيها

ذات اللون الوردي الطبيعي مدعيا

إستغرابه رغم معرفته بأن ذلك لونهما

الحقيقي كحجة لتقبيلها بما أنها ترواغهه

بذكاء لن يكتشفه سوى شاهين الألفي

قائلا باهتمام :" روج الشفايف داه

اصل مرات عمر كل أما تيجي مكتبك

بتجبلك معاها روج...

وضعت كاميليا يدها على أصبعه الذي كان

يتحسس شفتيها محاولة إبعاده عنها قائلة

بتذمر :" و الله ما أنا حاطة حاجة....

شاهين بعدم إقتناع :"سيبيني أتأكد بنفسي....

كاميليا محاولة الوقوف :"على فكرة إحنا

في المكتب...ميصحش كده....

شاهين بعدم خجل :" و فيها إيه يعني هي

اول مرة....

كاميليا و هي تقاطعه:"بطل بقى.... انا عاوزة

اروح مكتبي".

ضغط شاهين على خصرها ليثبها مكانها

قائلا بتصميم :" مش قبل ما أتأكد من الروج...

كاميليا يضحك :" طيب موافقة بس تديني

ثلاثة أيام أجازة".

شاهين بتعجب :"ممم تقدم ملحوظ بقيتي

بتعرفي تاخذي حقك مني بسهولة تامة... طيب

انا موافق بس في المقابل مش عاوزك

تغصبي الاولاد ياكلو الأكل الصحي بتاعك....

كاميليا بدلال و هي تشير باصابعها الاربعة

:" تؤ... كده يبقوا أربعة أيام....كل حاجة مقابل يوم أجازة... داه شرطي".

شاهين بضحك :" بقى كده...طيب إيه رأيك نعقد

صفقة مقابل أسبوع إجازة....

كاميليا مدعية التفكير :" موافقة إتفضل.....

إبتسم الاخر بخبث قبل أن يهمس في أذنها

عدة كلمات لتشهق كاميليا صارخة بحنق :"

قليل الادب.... سيبني  انا رايحة لمكتبي....

و انا راضية بيومين الاجازة اللي إنت إدتهملي

في الأول.....

أجابها شاهين :"طيب إهدي خلينا نتفق.....

دفعته ليرتخي على الكرسي بسبب ضحكه

لتستغل هي الفرصة و تبتعد هاربة من بين

أحضانه و تغادر المكتب بوجنتين متوردتين

من شدة الخجل....

تبدلت ملامح شاهين الضاحكة حالما أغلقت

الباب متخيلا هروبها من حياته بهذا

الشكل...

أظلمت عيناه و تجهمت ملامحه بشدة

بعد أن تذكر حواره البارحة مع محمد

بدأ شعور الغضب ينهش جسده تدريجيا

تزامنا مع صوت أنفاسه المتصاعدة بحدة

حتى أصبح مظهره مخيفا كوحش

مستعد للانقاض على فريسته.... لكن كل

هذا الغضب لم يكن موجها سوى لنفسه

أغمض عينيه ليتراءى له وجه محمد

الذي يتهمه دون رحمة في تدهور نفسية

نور بسبب تأثرها لما حصل لاختها....

كاميليا حبيبته...

تمتم بداخله و هو يشعر بدمائه تغلي

:"مش حترتاح يا شاهين مهما عملت".


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

على الساعة الحادية عشرة ليلا في غرفة

أيهم.....

فتحت ليليان عينيها لشعورها بالعطش...لتجد

أيهم مستيقظا و هيئته تدل على عدم نومه...

كان مستندا على ذراعه و يتأملها و هي نائمة

إبتسم بسعادة لرؤيتها تفتح عينيها قبل

أن يلتفت وراءه ليحضر كوب الماء الموضوع

فوق الطاولة الصغيرة بجانب السرير... أزاح

الغطاء و هو يمده نحو شفتيها لترتشف

ليليان منه حتى إكتفت ليرجعه مكانه

ثم يعود لنفس وضعيته السابقة قائلا:"لسه

بتصحي في الليل عشان تشربي....

ليليان بابتسامة مقتضبة و صوت مغلف

باثار النوم :" أيوا...بعطش في الليل....بس

إنت ليه صاحي لحد دلوقتي ".

رتب الغطاء حولها بعناية قائلا بحنو :"

خايف أنام و أصحى الاقي نفسي كنت

في حلم...خليني كده أحسن...

ليليان بابتسامة خفيفة :" طيب حتفضل

صاحي لحد إمتى... متنساش بكرة وراك شغل

كثير.....

أيهم و هو يبعد خصلات شعرها عن وجهها

:" كل حاجة بتكون سهلة معاكي...يلا نامي

و إرتاحي متشغليش بالك بيا صدقيني

أنا حاسس إني في الجنة دلوقتي.. كفاية

إنك نايمة جمبي....

أومأت له ليليان لتغمض عينيها متمتمة

بصوت منخفض :" طيب لو حسيت إنك

عاوز تنام...متقاومش إنت محتاج


                   الفصل الثامن من هنا

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا

لقراءة الجزء الاول جميع الفصول كاملة من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close