الشيطان شاهين ›
الفصل الثامن و العشرون
والتاسع والعشرون
بقلم ياسمين عزيز
الفصل الثامن و العشرون
أدمعت عيني كاميليا و هي ترى صديقتها المقربة بفستان الزفاف الأبيض الذي جعلها تبدو كاميرة القصص الخيالية بقصته الضيقة الناعمة التي ابرزت إنحناءات جسدها الاهيف و ماكياجها الوردي الناعم الذي زاد من جمالها و رقتها.
هبة
إحتضنتها بقوة و هي تحاول بشدة ان تضغط على نفسها حتى لا تنفجر من البكاء...
كاميليا بسعادة :"أنا مبسوطة جدا عشانك يا حبيبتي
ربنا يسعدك مع البشمهندس عمر و يتمملكوا على خير".
هبة بابتسامة جذابة :"ميرسي يا كوكي على كل حاجة عملتيها علشاني...إنت تعبتي جدا معايا الفترة اللي فاتت و خصوصا في غياب عمر زنك فعلا أثبتيلي إنك أختي مش بس صاحبتي.....
مطت كاميليا شفتيها المكتنزتين بدلال لم تتصنعه قائلة بعتاب :"مصلحجية من يومك انا عارفاكي... حسيبك انا دلوقتي عشان أروح اكمل اجهز نفسي
انا بقالي ساعتين و انا بلبس فادي و اجهزه... غلبني معاه عاوز يلبس بدلة كحلي عشان يبقى شبه باباه...
هبة بضحك :" طيب لبسيه ماهو عنده بدل كثير في الدولاب... "
كاميليا بلوم:" داه لسه ولد صغير عوزاني البسه دواكن و غوامق مش كفاية أبوه....بقلك زمانها نور وصلت...
لم تكمل كاميليا كلامها بسبب صوت الباب الذي فتح بقوة و أطلت من ورائه نور بطلتها الجذابة و هي ترتدي فستانا قصيرا باللون الأزرق اللامع بفتحة جانبية تصل إلى فخذها
ضحكت كاميليا و هي تهمس لهبة :"يا ريتني ذكرت مليون جنيه..."
بادلتها هبة الضحك و هي تستقبل نور التي إندفعت
نحوها تعانقها و هي تصرخ بلوم :"كده يا جزمة
ماتعزمنيش على فرحك...أنا كنت مقررة إني مش حاجي ولا حعبرك بس عشان خاطر كوكي هي اللي شدت فيا و اقنعتني..."
هزت كاميليا حاحبيها بذهول قائلة :" أنا؟؟؟ و مين اللي ساحب مني عشرة آلاف جنيه عشان...
نور بصراخ و هي تباعد عن هبة :" ما خلاص يا كوكي
بلاش فضايح انا بس كنت بعبرها عن خالص أسفي و زعلي عشان معزمتنيش للفرح...بنتقم لكرامتي يعني
ااااا. إنت لسه ملبستيش حتحضري بالهدوم دي "
صرخت نور و هي تتفرس ملابس أختها لتقف كاميليا و هي تضرب جبينها بيدها قائلة بعجل :"أيوا فعلا انا لازم أروح...يلا أسيبكم انا بقى... نص ساعة و حاجي
للميكاب ارتيست عشان تعملي ماكياجي.. "
خرجت كاميليا مسرعة متجهة إلى غرفتها حتى ترتدي فستانها لتلتفت نور إلى هبة متسائلة :"إيه داه إنت جبتي ميكاب ارتيست هنا؟؟
هبة بإيجاب :" أيوا أمال مين اللي عملي الميكاب بتاعي"
نور و هي تحدق فيها :"طالعة حلوة اوي يا بت يا هبة زي بتوع المجلات بس الميكاب آب بتاعك خفيف شوية...و هادي "
هبة :" داه عمر مكانش عاوزني اعمل ميكاب خالص...بس وافق لما قلتله إني حعمل بس حاجات خفيفة... داه لو شاف الفستان حينفخني...
نور بضحك :" لا كله إلا الفستان بصراحة تحفة أحلى من الفستان المقفل اللي لبسته كاميليا يوم فرحها...
هبة بضحك :" أسكتي لو سمعك جوزها حيعلقك على باب الفيلا عشان هو الي إختار الفستان...
نور و هي تدعي الخوف :"يا لهوي لا انا لسه صغيرة و عاوزة اعيش...
وقفت فجأة من مكانها و هي تمسح بيديها على فستانها قائلة :"إيه رأيك بقى في الفستان... تحفة صح حاجة محصلتش"
هبة و هي تلوي فمها بسخرية :" أيوا فعلا داه عريان من كل الجهات....
نور بزعل و هي تحرك شعرها القصير الأشقر بدلال :"لا بقى يا هبة داه حلو اوي و عادي حتى لو عريان انا لسه صغيرة يعني البس اللي انا عاوزاه على الاقل و معنديش حد يتحكم فيا و يقلي إلبسي داه و متلبسيش داه ... ".
حركت هبة رأسها بموافقة قبل أن تنتبه للميكاب ارتيست التي كانت تتأكد من طلتها للمرة الأخيرة....
في جناح شاهين...
خرجت كاميليا من غرفة الملابس بعد أن إرتدت فستانها لتجد شاهين يقف أمام المرآة يضبط ربطة عنقه....
مرت من جانبه بسرعة و هي تتحاشى النظر إليه متجهة إلى خارج الغرفة ليستوقفها صوته الخشن قائلا :"تعالي.....
توقفت مكانها و و هي تقبض بكفيها على فستانها الأزرق ذو القماش الحريري
أخذت نفسا عميقا قبل أن تلتفت متجهة نحوه... توقفت أمامه و هي تدعو في داخلها ان تمر هذه اللحظات على خير ...
رفع ذقنها بأصابعه و هو يتفرس ملامحها الفاتنة و جسدها بنظراته الحادة...قبل أن يقول :" ضبطيلي دي...
سحب ربطة العنق من عليه ثم مدها نحوها
لتأخذها كاميليا منه قائلة بتوتر :" ممكن توطي شوية عشان مش قادرة اوصلك....
شبه إبتسامة زينت شفتيه قبل أن يمسك خصرها
بكلتا يديه و يرفعها قليلا إلى الأعلى لتشهق كاميليا
بخفوت و تعض شفتيها بخجل و إرتباك بسبب
نظراته التي تتفحصها بجرأة....
إنتهت من تعديل ربطة العنق رغم إرتعاش أصابعها
لتنظر شاهين حتى ينزلها....
انزلها برفق حتى أصبحت تقف على مقدمة أصابعها و يديه مازالتا تحيطان بخصرها و ظهرها لتردف كاميليا بأنفاس متوترة :"ممكن تسيبني امشي عشان
لسه مضبطتش..... شكلي و..
صمتت عندما شعرت به بدفن وجهه في عنقها
و يقبله قبلات متفرقة و هو يتحدث في نفس الوقت :" مش ملاحظة إن فستانك مكشوف شوية.... من فوق.... مبين ظهرك...و رقبتك.....
تململت بين ذراعيه تحاول التخلص منه برفق و هي تجيبه :" ححط عليه إيشارب و كمان شعري حخليه مفرود....
اجابها كالمخدر و هو يشتم راحتها بعمق قائلا و عينيه مغمضتين :"ريحتك حلوة اوي... دي بارفان فادي صح....
أومأت له بالايجاب و هي مازالت مكانها تنتظر
حتى ينتهي و يتركها.
إبتعد عنها اخيرا و هو مازال يأسرها بين ذراعيه
متفرسا وجهها بعينين حادتين :" متحطيش ميكاب كثير و قبل ما تنزلي عاوز اشوفك و لو لقيت حاجة مكشوفة حتغيري الفستان....مفهوم.
أومأت له براسها بإيجاب دون أن تتكلم ليبقى لثوان أخرى ينظر لها قبل أن يحررها من بين يديه... لتتنفس كاميليا براحة قبل أن تمسك بأطراف ثوبها
الطويل و تسرع مغادرة الغرفة و هي تتنفس بارتباك...
في فيلا عمر الجديدة ......
صعدت فريدة هانم والدة عمر الدرج بخطوات راقية ثم طرقت باب الغرفة طرقات خفيفة ليأتيها صوت إبنها ليأذن لها بالدخول....
إلتفتت عمر ناحية الباب ليجد والدته....إبتسم
في وجهها قبل أن يعود لينظر أمامه في المرآة
مرة أخرى لينتهي من ترتيب ملابسه قائلا :"اهلا
يا ماما....
جلست فريدة على حافة السرير و هي تقلب عينيها
بعدم رضا في ارجاء الغرفة قائلة بنبرة غير راضية
:" يعني داه اخر قرار..... قررت تسكن بعيد عننا عشانها؟؟
تأفف عمر و قد إنمحت إبتسامته ليجيبها ببرود :"يا ماما ارجوكي إحنا تكلمنا في الموضوع داه مائة مرة
وإتفقنا..... و بعدين الفيلا مش بعدين في نص ساعة
اكون عندك....
فريدة و هي تخفي حنقها :"طيب على العموم... انا حنزل عشان المعازيم زمانهم وصلوا... و إنت حاول متتأخرش.
عمر بطاعة :"حاضر يا ماما....انا خلصت و نازل وراكي على طول....
نظر عمر لساعته ليطلق صفيرا خافتا من بين شفتيه قبل أن يتمتم :"أنا إتأخرت اوي و لازم انزل... فين تلفوني...
دار حول نفسه و هو يبحث عن هاتفه قبل أن يجده
فوق الاريكة ليختطفه بسرعة و يغادر الغرفة على عجل.....
بعد ساعة .....
على أنغام الزفة المصرية دلفت العروس قاعة الاحتفال الضخمة و هي تتأبط ذراع عريسها تحت هتافات الأصدقاء و الأقارب و بقية المدعوين الذين
تهافتوا لرؤية سعيدة الحظ التي فازت بقلب عمر
الشناوى....
توجه العروسان نحو وسط القاعة ليرقصا قليلا بعد أن تحولت الموسيقى إلى أخرى هادئة رومنسية
ليضع عمر يديه حول خصر هبة التي تعلقت بعنقه
بخجل ليتشاركا رقصتهما الأولى ....
إنحنى عمر ليهمس في أذنها قائلا :"يعني عملتي اللي في دماغك و أخترتي الفستان داه...
هبة بهمس مماثل:" عمر مش وقت الكلام داه من فضلك ".
تنهد عمر قليلا قبل أن يستأنف حديثه مجددا:" حستحمل بس عشان دي كانت غلطتي... انا اللي سمحتلك إنك تاخذي راحتك في إختيار فستان فرحك و محبتش أتدخل بس هانت يا بيبة من هنا
و رايح حختار لبسك بنفسي حتى.... اللانجري...
شهقت هبة بخجل وهي تخفي وجهها داخل أحضانه لينفجر عمر بالضحك عليها مستمتعا بمشاكستها لينسيها حزنها على غياب عائلتها و تركهم لها في أهم يوم في حياتها..
بجانبهما كان شاهين يراقص كاميليا تحت نظرات
المدعويين الذين كانوا ينظرون لهذا المشهد النادر بدهشة فمنذ وقت طويل لم يشاهدوا شاهين الألفي و هو يرقص او يضحك،
بعد دقائق قبيلة إنتهت الرقصة ليصطحب
عمر عروسه إلى الكرسي المخصص لهما ليرتاحا
قليلا بينما توجه شاهين و زوجته نحو إحدى
الطاولات حيث يجلس أيهم و ليليان معهما شقيقه محمد....
سلم عليهم ثم قدم لهم كاميليا التي جلست بجانب ليليان و هي تبتسم لها لتبادلها الأخرى الابتسامة
تفرست كاميليا ملامح ليليان الجميلة التي زينها الحجاب قبل أن تهتف باعجاب رغم خجلها
:"حضرتك حلوة اوي و فستانك حلو و لايق عليكي
جدا...".
ليليان
ضحكت ليليان بخفة لتزداد فتنة و جمالا مما جعل
كاميليا تحدق بها دون شعور :"ميرسي اوي داه
من ذوقك بس أكيد مش احلى منك....إنت مصرية صح.. ؟؟؟
سألتها ليليان بعد أن لاحظت ملامحها الشبيهة
بالأجانب بدءا من عينيها الزرقاء و بشرتها الشديدة
البياض.... كانت ستجيبها لكنها تفاجأت بشاهين يضمها إليه بتملك قبل أن يتحدث :" طبعا مصرية
بس أحلى من الأجانب صح... ؟؟؟
أومأت له ليليان بالإيجاب ليقاطعهما صوت أيهم الذي تدخل قائلا :" طبعا كفاية إنها مرات شاهين الألفي.... طول عمره ذوقك حلو يا صاحبي. "
رمقه شاهين بنظرة نارية تخللها التهديد ليرفع أيهم يديه باستسلام قائلا :" بس ذوقي أحلى أكيد...
أكمل جملته و هو يحتضن كتفي ليليان ليجذبها نحوه مقبلا جبينها قبل أن يستأذن منهم ليغادر.
أعاد شاهين تنظيم الوشاح فوق كتفي كاميليا
باهتمام و هو يتمتم. بانزعاج :" البتاع داه مش راضي يثبت ليه....إستني إفردي شعرك كده... تمام خلصنا.....
سمع ضحكات محمد الجالس بجانبه لكنه لم يهتم
به و اكمل عمله بتركيز إلى أن إنتهى ليهتف بانتصار و كأنه أنجز عملا مهما :" وريني كده عشان أتأكد...
أدارها نحوه قليلا ليلقي نظرة أخيرة على مظهرها
ليبتسم برضا قطعه صوت محمد الضاحك :" و الله الليلة دي ليلة عجايب....عشت و شفت شاهين الألفي
و هو بيرقص و بيضحك انا لازم أوثق الأحداث التاريخية الهامة دي... "
أنهى كلامه بحركة درامية و هو يوجه هاتفه نحوه و كأنه يصوره.... ليشير له شاهين بعدم إهتمام و هو ينظر لكاميليا بهيام قائلا
:"محمد.... حل عن دماغي مش ناقصك كفاية الاغبياء اللي هناك.... عمالين يحرقوا في وشي من كثر الصور
اللي بيأخذوها... انا مش عارف إزاي عمر سمحلهم
يدخلوا رغم إني نبهت عليه...
قالها بتذمر و هو يمرر أصابعه على شعر كاميليا
بحركات رتيبة...لم تمر دقيقة أخرى حتى قدمت
فتحية حاملة فادي الذي إندفع إلى أحضان والده
ليجلسه فوق ساقيه و ينشغل بملاعبته....
مرر محمد نظره في أرجاء الحفلة ليستوقفه
مشهد اخوه أيهم و هو يقف بجانب فتاة جميلة
ترتدي فستانا فخما باللونين الأزرق الفاتح و الفضي يلتف حول جسدها بأناقة و إغراء
هند
ضيق عينيه بضيق عندما إنحنى أيهم على يدها ليرفعها نحو شفتيه و يطبع عليها قبلة طويلة و هو يبتسم لها.....
نظر إلى زوجة أخيه ليجدها منشغلة بالحديث مع
كاميليا ليتنفس الصعداء و ينسحب بخفة متجها نحو أيهم و هند....
نظر محمد بعدم إرتياح نحو هند التي قدمها له اخوه
بأنها طبيبة تعمل لديه في المشفى ليتجاهل نظراتها
الغير بريئة نحوه و يجذب أيهم قليلا بعيدا عنها ليهمس في أذنه بلوم :"مش حتبطل حركاتك دي... سايب مراتك و واقف مع الست دي ليه ها....
ايهم بضيق و هو يحاول التخلص من قبضة
أخيه :" دي دكتورة عندي في المشفى و جات
الفرح عشاني يعني هي متعرفش حد هنا و بعدين
ليليان ماهي قاعدة متلقحة هناك بتتسلى
مع مرات شاهين و مش فارق معاها وجودي او غيابي....
محمد باصرار :" أيهم انا فاهمك و عارفك كويس اوي و لاخر مرة بحذرك بلاش اللي في دماغك.... انا مش مرتاح للست دي نظراتها و حركاتها مش مريحاني و متنساش إنك بين الناس و الصحافة مليانة المكان
قاطعه أيهم بنفاذ صبر و هو عيناه مسلطتان على هند التي كانت تقف قريبا منهما و تنتظره :"محمد
سيب إيدي و ريح دماغك دي دكتورة و حتى ليليان
تعرفها و لو عاوز تتأكد روح إسألها....
تركه على مضض مقررا مراقبته من بعيد....
على طاولة أخرى تجلس نور مع والدتها و أخيها الصغير كريم بعد أن إعتذر سعيد عن القدوم بسبب
تعبه...هتفت نور بعد أن احست بالملل الشديد و هي جالسة منذ ساعة :"يا ماما ارجوكي رقصة واحدة بس.... طب شوفي اللي هناك دي اللي لابسة فستان احمر قصير دي صاحبتي منى حروح جنبها شوية و حرجع...
الام برفض :" إترزعي مكانك و خلي ليلتك تعدي على خير احسنلك...قال ترقصي قال ما تتهدي يا بت و إلا عاجبك فستانك اللي إنت ناسية نصه في البيت داه....بقى يا مقصوفة من قلة الفساتين اللي في المحلات جايبالي قماشة نص متر ب عشرة آلاف جنيه....الكلام مش هنا قدام الناس بس إستني بس لما نروح البيت.....ليا كلام ثاني معاكي....
نور بحنق :"الله يا ماما دي موضة و بعدين داه ارخس فستان لقيته يعني الفساتين اللي قدامك دي أقل واحد فيهم ب مية الف...و ثمن الفستان انا أخذته من كوكي يعني ما أخذتش منك حاجة عشان
.....
الام مقاطعة :" و هي اختك لاقية الفلوس دي في الشارع مش كفاية اللي هي عملته معانا عاوزة تفضحيها قدام جوزها... يقول علينا إيه... طماعين و عمالين ننهب في فلوسه...
نور :" ياماما ما خلاص بقى مش وقته الناس حتسمعك و حنتفضح بجد....انا رايحة للحمام حضبط الميكاب بتاعي و أرجع...
غادرت نور الطاولة متجاهلة نداءات والدتها باسمها....وصلت إلى أحد الاروقة الفارغة لتصطدم بشاب .
نور باعتذار :" سوري ما أخذتش بالي....
الشاب بسماجة و هو يحدق بها باعجاب :" و لا يهمك حصل خير يا قمر..
تجاهله نور لتكمل طريقها لكنه إعترض طريقها مرة أخرى ليمد لها يده قائلا :"أنا خالد يسري... إبن رجل الأعمال فاروق يسري صاحب مجموعة اليسر للمقاولات اكيد عارفاه...
بادلته نور إبتسامة صفراء قبل أن تجيبه بتجاهل :"ممكن تعديني لو سمحت....
خالد باصرار :"مش نتعرف الأول...".
نور بضيق :"بقلك إيه حل عن دماغي عشان مش فاضيالك و روح دور على واحدة ثانية تعرف عليها...
خالد بابتسامة مستفزة:"بس إنت عاجباني و شايف إنك أحلى واحدة في الحفلة دي...و عاوز اتعرف عليكي....
نور باستهزاء :" لا خفة...وسع كده عشان جبت آخرى متخلينيش أتغابى عليك و ميغركش الفستان الكيوت اللي انا لابساه عشان أنا في لحظة ممكن اتقلب عليك و اخليك تشوف محمد رمضان....
إقترب منها خالد محاولا إمساك ذراعها و هو يقول :" بردو مش حسيبك غير لما تديني رقم تلفونك... انا خالد يسري و متعودتش أستسلم مهما قلتي او عملتي.. فقصري من الاخر و متعمليش فيها دور البنت الصعبة....
حدقت به هبة ببلاهة لثوان غير مستوعبة لما يقوله فقد ظنت في بادئ الأمر انه صدفة لكنها لاحظت انه
كان ينظر بين الحين و الاخر إلى شابين يبدو أنهما أصدقائه يستندان على أحد الاعمدة الرخامية... تداركت نفسها قبل أن ترتسم على وجهها
إبتسامة مزيفة قائلة :"قول كده بقى.. إنت عاوز رقمي عشان متراهن مع أصحابك صح....
سألته و هي تعيد النظر إليهما من جديد ....
إرتبك خالد قليلا قبل أن يجيبها :" لا... انا اول ماشفتك عجبتيني و قررت إني أتكلم معاكي لوحدي....
هبة و هي تدعي التفكير :"طيب و مش ملاحظ إن الحركات دي بقت موضة قديمة... اقصد حكاية الرهانات دي....انا بصراحة كنت بشوفها في الآفلام بس متوقعتش إنها حقيقية..... على العموم مبروك خسرت الرهان و يلا من قدامي عشان حضرتك معطلني.....
خالد و قد بدأت على ملامحه بوادر الغضب :" بقلك إيه هاتي من الآخر عاوزة كام و تجيبي رقمك...حديكي اللي إنت عاوزاه..... آآآه
صاح بألم عندما ركلته نور على ساقه بقوة ثم تراجعت خطوات إلى الوراء و هي تشتمه بغضب قبل أن تصدم بجدار صلب لتتأوه بخفوت و هي تستدير
إلى الخلف...و هي تتمتم :" هما غيروا مكان الحيطة و إلا..... إنت....
قاطعها صراخ خالد الغاضب :" و الله ما أنا سايبك بقى انا خالد يسري واحدة زيك...
محمد بتسائل :"في إيه يا خالد...مالك متعصب كده ليه...
خالد بغضب :" البنت دي غلطت فيا و انا لازم أربيها..لو سمحت يا محمد متتدخلش ".
محمد بهدوء:" البنت دي خطيبتي... عشان كده الموضوع يهمني".
توسعت عيني نور بصدمة من كلامه في حين ظهر الارتباك جليا على خالد الذي بدا كعصفور صغير أمام صقر شرس ليتحدث بارتباك :"أنا... انا مكنتش اعرف
إنها تخصك يا كابتن....
ربت محمد علي كتفه بقبضته عدة مرات بخشونة ليتأوه خالد و يتراجع مبتعدا بخوف ليتكلم محمد و هو مازال يرمقه بنظرات حادة:" ممممم ماشي يلا روح دلوقتي زياد و هاني مستنيك هناك و إبقى تعالى السنتر عشان نكمل كلامنا...."
إبتلع خالد ريقه بصعوبة و هو يومئ له بالايجاب قبل أن ينسحب هاربا...تحت نظرات نور التي مازالت مندهشة... إلتفت إليها محمد و هو يرسم إبتسامة هادئة على ثغره قائلا :" إنت كويسة.....
نور باندفاع :"و إنت مالك و بعدين إيه الكلام الفارغ اللي إنت كنت بتقوله داه إوعي تفكر إنك حتستغل الموقف عشان انقذتني من العيل داه...
محمد و هو يرفع إصبعه ليضعه علي شفتيه هاتفا :"
ششش اسكتي بقى و بعدين لو مكنتش جيت في الوقت المناسب العيل اللي بتتكلمي عليه مكانش سابك في حالك....
نور باستهزاء رغم خوفها منه :" ما بخافش...و بعدين انا بعرف الأشكال دي كويس... و بعرف إزاي اتعامل معاهم
محمد بسخرية :" داه خالد يسري من اغني العائلات اللي في البلد يعني ولد متدلع و لما يعوز حاجة اكيد حيوصلها باي طريقة عشان كده قلت إنك خطيبتي
فميش غير الحل داه اللي حيخليه يسيبك في حالك....
طأطأت نور رأسها بخجل و هي تعيد خصلات شعرها القصيرة وراء أذنها قائلة بهمس :" متشكرة أوي.... انا حقول لأختي و هي حتتصرف...
محمد بتسائل :" مفيش داعي انا متأكد إنه مش حيتعرضلك ثاني... بس هي اختك تعرف خالد ؟؟؟
نور :"لا... أختي متجوزة شاهين الألفي..."
محمد بتعجب :"بجد...داه صاحب أخويا أيهم و عمر العريس..؟؟؟
أومأت له و هي تغادر مسرعة لتعود أدراجها متجهة نحو والدتها...
نظرت هند إلى ليليان بتكبر و قد إرتسمت إبتسامة مستهزئة على شفتيها قبل أن تميل لايهم و توشوش في أذنه قائلة :" مدام ليليان ذوقها غريب جدا في اللبس و مش طالع عليها الحجاب على فكرة لو تشيله حتبقى أحلى...."
رمقها أيهم بعدم رضا قبل أن يجيبها :"بالعكس
طالعة حلوة أوي بالأبيض و على فكرة الفستان داه ذوقي انا....
إرتبكت هند قليلا قبل أن تتحدث محاولة إصلاح
خطئها :" هو الفستان حلو بس مش لايق على جسمها عشان كده مش مبين جماله... بس أكيد إنت ذوقك حلو في كل حاجة يا بيبي....
إبتسم لها أيهم بتكلف قبل أن يعود للحديث مع شاهين الذي لم ينزل عينيه من على كاميليا طوال الحفل و هو يراقبها....طريقة كلامها و ضحكاتها مع ليليان التي إندمجت معها في الحديث و كأنها تعرفها منذ سنوات...مداعبتها لفادي... رقصها بين ذراعيه....
كم شعر بالاستمتاع و هو يكتشفها لأول مرة كان غارقا فيها بكل جوارحه حتى أنه لم ينتبه لايهم
الذي كان يحدثه.....
بعد ساعات قليلة إنتهى الحفل و ودع الجميع العروسين متمنين لهم حياة سعيدة.
الفصل التاسع و العشرون
قهقهت هبة بصخب بعد أن رماها عمر
على السرير بقوة و هو يمسك ظهره
بتمثيل قائلا :"اه ياني يا ظهري تكسر
....إضحكي ياختي إضحكي ماهو كله
حيطلع عليكي في الاخر....+
هبة من بين ضحكاتها :" و انا مالي
مش إنت اللي أصريت إنك تشيلني
و تطلع بيا الدرج....إشرب بقى...
عمر بخبث و هو يقترب منها ببطئ
كفهد يتربص بفريسته:"طبعا... دا انا
حشرب و حاكل و احلي كمان...
تراجعت هبة بجسدها إلى الوراء و
هي ترفع سبابتها أمامه بتهديد مزيف :"عمر....
نزع عمر جاكيت البدلة ببطئ مستفز
ثم رماه جانبا و هو لا يبعد عيناه من
عليها مجيبا بتسلية :"يا عيون عمر....
جالت هبة بعينيها يمينا و يسارا تبحث
عن مخرج ما قبل أن تلين نظراتها بعد
أن يئست من الهروب فعمر كان يقف
أمامها حائلا بينها و بين الباب لتنظر
له بوداعة و هي تقول له برجاء:" عمر... حبيبي....ارجوك
إهدى....
عمر بتسلية :"مش كنتي بتضحكي
عليا من شوية ".
هبة بخبث :" طب نتفاهم... إهدى
بس و انا حقوم اجيبلك اكل عشان
تتعشى زمانك زيي مكلتش حاجة من امبارح....
تحولت ملامح عمر الهادئة إلى
أخرى مهتمة و قلقة ليقترب
منها بسرعة قائلا باهتمام :" يعني
إنت مكلتيش حاجة النهاردة.... للدرجة
دي مهملة في نفسك طيب ليه مقلتيليش
هبة بكذب :" لا عادي انا اصلا مليش نفس و محسيتش بالجوع غير دلوقتي.. "
هز عمر حاجبه بعدم تصديق ليقول
لها و هو يقف من مكانه :" دلوقتي بس جعتي.... ماشي إدلعي براحتك
يا قلبي... ادخلي غيري هدومك
و خدي شاور خفيف و انا حنزل
أجيبلك أكل".
ارسلت له قبلة في الهواء
و هي تنزل بسرعة من السرير
ممسكة بثوبها الأبيض الذي كان يعيق حركتها...ليضحك عمر بخفوت
و هو يغلق الباب ورائه.....
في فيلا البحيري.....
أنهت ليليان إستحمامها لتجلس
أمام التسريحة تجفف شعرها بشرود
منتظرة قدوم أيهم
الذي تأخر في المجيئ لاتعلم
أين ذهب بعد أن اوصلها منذ ساعة
إلى الفيلا ثم إختفى بعدها دون
تبرير...
نظرت بحزن إلى صورتها التي
إنعكست أمامها على المرآة لتمسك
أحدي خصلات شعرها المبللة التي
ظهرت من تحت المنشفة جذبتها
بين أصابعها بقوة لكنها لم تكن تشعر بالالم....
تنفست بعمق لتمنع دموعها المتراكمة
في عينيها
من النزول...مدت يدها لتمسك بعلبة
المرطب لتفتحها
ببطئ و تأخذ منها قليلا لتمرره
على وجهها و رقبتها و ذراعيها...فتح الباب فجأة و يطل من ورائه أيهم
يسبقه عطره الذي تسللت إليها
لتتجعد ملامح وجهها بقرف....
وضعت ليليان يدها على أنفها و
هي تشعر بتقلب
معدتها و رغبتها الشديدة في التقيئ
اخذت أقرب زجاجة عطر إليها لترش
بعضا منها في الهواء
و تبدأ في تنفس رذاذه بقوة....إلتفتت ورائها لترى أيهم على وشك
أن يدخل إلى غرفة الملابس.. تنهدت
بارتياح لانه لم ينظر زليها عندما دخل
و إلا لكان لاحظ حالتها المتقلبة...
تمددت على السرير ثم دثرت نفسها
بالغطاء محاولة
النوم..
دقيقة.... ثلاثة.. خمس دقائق مرت
ليخرج أيهم من غرفة الملابس بعد أن غير ثيابه...تمدد بجانبها
قبل أن يهمس بصوت خافت :"لولو إنت نمتي؟؟+
تأففت ليليان قبل أن تجيبه :" لا لسه....عاوز حاجة؟؟
ايهم بضيق :"على فكرة انا جوزك
مش واحد معدي من الشارع عشان
كل اما آجي أكلمك تتأففي في وشي
...مش عاوز حاجة نامي... تصبحي على خير
أنهى كلامه و هو يطفئ النور بجانبه
لتلتفت له ليليان
هامسة بغرابة :" بتحبها؟؟؟؟؟
:" قصدك مين؟؟ إنت بتتكلمي عن إيه؟؟
تمتم أيهم بفزع و هو يضغط على
الزر مرة أخرى ليعيد إشعال النور..
نظر إليها ليجدها تحدق في سقف
الغرفة بهدوء و كأنها لم تفجر قنبلة منذ قليل
عاد أيهم ليسالها بحيرة و دقات قلبه بدأت بالتسارع :"ليليان انا بكلمك؟؟
ليليان بقهر :" الدكتورة هند انا عارفة
كل حاجة على فكرة...مش انا بس... كل اللي المستشفى عارفين...الممرضات.. الدكاترة حتى اللي
بيشتغلوا في البوفيه عارفين اللي بينكم....
تصنم أيهم مكانه و هو يبتلع ريقه بصعوبة لتتجلس
ليليان على السرير أمامه و هي
تتمالك نفسها حتى لا تنهار و تتحدث بصوت هادئ:" أنا مش عارفة الصراحة
حقلك إيه؟ عشان مبقاش في كلام
ينفع يتقال....
أنا و إنت مكناش لبعض من البداية
بس إنت إللي
أصريت و أخدت الحكاية عند و
خلاص مفكرتش
حيحصل إيه بعد ما نتجوز و آدي النتيجة... خنتني
و إحنا في أول شهر من جوازنا
و يمكن من قبل مين عارف؟؟
قاطعها أيهم بصوت ضعيف :"ليليان انا....
أشارت له بيدها أن يتوقف عن
التحدث و هي تبتسم
بألم قبل أن تتحدث بنبرة مهزوزة:" صدقني مش زعلانة... اصلا انا كنت عارفة إن
داه حيحصل يعني
محضرة نفسي لليوم داه كويس....
إنت كنت بتخني و إحنا مخطوبين...
صورك كانت بتوصلني كل أسبوع مع واحدة جديدة...كنت كل ما بروح مكان بلاقي
الناس بتبصلي و بيشاوروا عليا...
و لحد دلوقتي في المستشفى حتى
عيلتك عارفين بس كلهم... ساكتين
مفيش حد فيهم بيتكلم مفيش حد
وقف جنبي و اخذلي حقي منك
مفيش حد انقذني منك لما كنت
بتدمرني....حياتي، صحابي، جامعتي، شغلي.... مكانش عندي حق أختار أي
حاجة حتى جوازي منك كنت
مجبورة عليه حياتي كانت عبارة
عن لعبة في إيديك بتتحكم فيها
على مزاجك بس خلاص زي ماإنت
شايف كل حاجة و ليها نهاية...و اللعبة خلاص
إتدمرت و مبقاش فيها حاجة سليمة
عشان إنت المرة دي وقعتها من إيدك
و دست عليها جامد....
طلقني يا أيهم و انا مش حقول
لحد و لا حتكلم....طلقني عشان
بجد تعبت.... تعبت أوي.....مسحت ليليان دموعها المنهمرة
بكفيها قبل أن تتابع بصوت
مخنوق :" إطمن انا مش
حتكلم و لا حقول الحقيقة لحد...
كالعادة...و حنلاقي سبب مقنع عشان
نقوله لعيلتك و هما حيقتنعوا...انا
حلم هدومي كلها و حسيب البيت
حعد في أوتيل يومين لحد ما أشوف شقة أجرها....+
تنحنح أيهم حتى ينظف حلقه قبل أن
يتكلم :" يعني
إنت خلاص رتبتي كل حاجة على
أساس إني خلاص حسيبك تمشي و حطلقك.....
حدقت به بعيون دامعة قبل أن تتحدث :" قصدك إيه؟؟
إبتسم لها إبتسامة صفراء قبل أن يجيبها بغطرسة :"يعني مفيش طلاق يا لولو
و مفيش خروج من البيت داه
...إلا لو عايزة نطلع نسكن في شقتنا...".
شعرت ليليان بالاشمئزاز منه
و من بروده لتهتف بحقد :" يعني إنت بتعترف إنك بتخوني....مممم بس انا عاوزة
أفهم إنت ليه عاوزنا نروح نسكن
في الشقة...عشان تتأخر و تبات
برا براحتك طيب ما إنت بتعمل كده و مفيش حد مانعك...أيهم هو إنت بتكرهني ليه؟؟
جذب أيهم الغطاء فوقه قائلا
بجمود:" أنا مش بكرهك بس إنت
مراتي و حتى لو عرفت ستات ثانية فأنا في الاخر برجعلك إنت...
إنتفضت ليليان من مكانها و قد
تملك منها غضب أعمى لتصرخ بغضب شديد :" طول عمرك حقير وواطي و كلب....انا بكرهك و كل يوم بكرهك اكثر ببقى شايفاك كإني شايفة شيطان قدامي....
جذبت الفازة البلورية لترميها على
الأرضية لتتحطم إلى أشلاء محدثة صوتا عال...ليصرخ أيهم بدوره :" بتعملي إيه يا مجنونة... إعقلي....
أمسكت الوسادة لتحاول تمزيقها
و هي تصرخ بأعلى صوتها :" مجنونة.. فعلا مجنونة عشان رضيت أتجوز
واحد حقير زيك.....
رمت الوسادة من يديها بعد أن فشلت
في إفسادها لتجذب الغطاء و ترميه
على الأرض بجنون قبل أن تسير
نحو بقية المزهريات و تكسرها
واحدة تلو الأخرى...و هي تتنفس
بصوت عال سمعت صوت طرقات
عنيفة على باب الغرفة لكنها لم تبال
و هي تواصل تحطيمها لكل ما تطأ
عليه عيناها التلفاز...باب الشرفة البلوري
الذي احدثت به بعض الخدوش.... مرآة التسريحة....
اسرع أيهم نحو الباب ليفتحه بعد أن فشل في تهدئتها و قد أصابه القليل من عنفها....ليجد والده ووالدته و إخوته يقفون خارجا....
إندفع الجميع إلى الداخل ليروا ليليان
أمامهم و هي تبدو في اوج غضبها..
.رمقتهم بحقد و كره لتندفع نحوها كاريمان و هي تحاول تفادي الزجاج الذي كان يغطي الأرضية قائلة بقلق :"ليليان يا حبيتي في إيه مالك.....
تراجعت ليليان إلى الوراء و هي تحدق
فيهم جميعا قبل أن تصيح :" قولي لابنك يطلقني... قوليله يسبني في حالي بقى....
انا زهقت.... زهقت و كرهت حياتي
....معدتش طايقاه و لا طايقة البيت داه بكرهه بكرهكم كلكم....
كانت تصرخ بعنف و تجذب خصلات
شعرها بجنون ليتدخل والد أيهم قائلا بحدة :" ...في إيه إنت عملتها إيه يا أيهم..ليليان بصراخ :" قله... جاوبه إنت
عملتلي إيه؟؟؟ و إلا أقلك إنت الاسهل
تقله معملتش إيه عشان للأسف عمايلك كثير.....بيخوني ياعمي كان مع ست
ثانية الدكتورة هند اللي كانت في
الفرح من شوية... عرفتها يا محمد...+
تجهم وجه أيهم و إكفهرت ملامحه
ليهتف بصوت مهدد:" ليليان.... إخرسي إنت تجننتي...
ليليان بانكسار:" كل الناس عارفة إنك بتاع
ستات و كل يوم مع بنت ميرهان....
و شيري و أمل بتاعة لبنان اللي كنت
معاها من شهرين فاكرها صح و دلوقتي
هند تخبي ليه اصلا ما كل الناس عارفة حتى مامتك.... مش كده يا طنط كاريمان....
كاريمان بنفي :" لا و الله العظيم ما
اعرف حاجة.... أيهم إيه الكلام اللي
مراتك بتقوله داه....
ليليان :" متقوليش مراته عشان هو حيطلقني....نظرت إلى عمها بضعف
قبل أن تهتف بصوت مهزوز :"عمي
أرجوك ابوس زي ما جوزتني ليه
طلقني منه و الله بيخوني..... و مش
كده و بس
داه بيضربني و بيهني في الرايحة
و الجاية لو مش مصدقيني إسالوا
نعمات الشغالة و عم أيوب الجنايني
هوما كذا مرة شافوه....
إنهارت ليليان على الأرض بعد أن تعبت
من الصراخ و المقاومة لتسرع نحوها
كاريمان تسندها قائلة بشفقة :"إهدي
يا بنتي....إهدي يا حبيبيي و كل حاجة حتتصلح...
ليليان ببكاء:" لو كانت ماما موجودة
مكانش حيحصل فيا كل داه... أنا مشفتش
يوم حلو من بعد ما ماما توفت الله يرحمها.. يا ريتني كنت مت معاها على الاقل
كنت إرتحت.... أنا مش عاوزة حاجة
غير إني اروح من هنا
أرجوكي يا طنط و حياة أغلي حاجة
عندك ساعديني انا بجد حموت و لو فضلت هنا...خليه يطلقني و انا مش عايزة
حاجة لو كانت أميرة بنتك مكاني
اكيد مكنتيش حترضي يحصل فيها كده...
رمق محمد أيهم باحتقار و إشمئزاز
و هو يمسك قبضته بصعوبة حتى
لا ينقض عليه و يكسر عظامه...
قاطع تفكيره صوت والده الصارم و هو يقول :"كاريمان خرجي ليليان من
الأوضة دي و إنت تعالي ورايا على المكتب...
بعد دقائق... داخل المكتب
رمق أيهم والده بحنق بعد أن إستقبله
الاخر بصفعة قوية على خده قائلا
باشمئزاز :" مش مكسوف من نفسك
و إنت عامل فيها دكتور و محترم.
..كل القرف و البلاوي السودة دي
تطلع منك إنت.. انا إزاي كنت
أعمى للدرجة دي إزاي ملاحظتش
اي حاجة و إنتم كنتم ساكنين معانا
في نفس البيت...انا إزاي عملت كده
انا ضيعت الأمانة اللي إستأمنتني عليها سمية الله يرحمها قبل ما تموت....عشان إدتها لواحد حقير زيك....كنت فاكرك بني آدم بس للاسف طلعت......
زفر أيهم بقلة حيلة قبل أن يتحدث :"يا بابا.....
أشار له الاخر بيده ليتوقف عن
الكلام صارخا في وجهه بعنف :" إخرس مش عاوز أسمع نفسك حتى...
إنت حتطلقها و دلوقتي حالا
و مين غير نقاش.... انا زي ما
غلطت حصلح غلطتي مش حظلم
بنت أخويا ثاني....أيهم بحدة :"إنت إيه اللي
بتقوله داه يا بابا.. انا مستحيل
اطلق ليليان.. دي مراتي و انا لسه بحبها...
الاب باستهزاء و هو يضرب سطح مكتبه منفسا عن غضبه:" يا بجاحتك.... بتحبها.. امال
لو كنت بتكرها حتعمل إيه...مش
مكسوف من نفسك بتكذب الكذبة و تصدقها لما إنت
إنت مقرف كده و بتاع بنات
إتجوزتها ليه... كنت بتكذب
عليا كنت بستغفلني و إنت
بتحكيلي كل مرة عن حبك و
عشقك ليها... ها.... مش عاوز
كلمة زيادة حتطلقها يعني حتطلقها.....إنت متستهلش واحدة زي ليليان
جمال و ادب و أخلاق... إنت تستاهل
واحدة خاينة زيك من نفس العينة....
عند ليليان.....
أخذتها كاريمان إلى غرفة الضيوف
هي و أميرة بعد أن ساعداها
في تغيير ملابسها و ترتيب مظهرها.....
تمددت كاريمان بجانبها ثم
احتضنها بحنان و هي تتمتم بهمس
:"سامحيني يا بنتي و الله مكنتش عارفة حاجة....كنت باجي عليكي
و بلومك إنت بالرغم من إبني
هو اللي غلطان بس إنت كنتي
دايما ساكتة و مش بتدافعي على
نفسك... ليه سكتي، ليه رضيتي يحصل فيكي كده...
مسحت ليليان دموعها قبل أن
تجيبها بصوت ضعيف
:" كنت مكسوفة منكم...و مش
عاوزة أثقل عليكم كفاية إنكوا
إستقبلتوني في بيتكوا و ربيتوني
و مارميتونيش في أي ملجأ
او في الشارع. انا..
شهقت كاريمان بدهشة قبل
إن تهتف بلوم :" إخصى عليكي يا بنتي
إنت إزاي تقولي كده...في حد يرمي
ضناه في الشارع....إنت بنتي زيك زي أميرة
و قاعدة في بيت عمك مش عند حد غريب
أنا مش عارفة إنت ليه بتفكري كده....انا
قصرت معاكي في حاجة او حد من الأولاد
ضايقك في حاجة....
ليليان ببكاء:" أيهم كان بيقولي كده عشان ابويا بنفسه رماني و كان
بيقلي إني لازم اتجوزه عشان ارد جميلكم ليا
و عشان إنتوا تعبتوا مني و عاوزين تتخلصوا
من مسؤوليتي .....
مسحت كاريمان على كتفها بحنان و هي تقبل
رأسها قبل أن تهتف بهدوء:" شششش إهدي
يا حبيبتي و كل حاجة حتتصلح...الساعة دلوقتي إثنين الصبح و إنت أكيد تعبانة.. نامي و متفكريش
و انا أوعدك مش حسيبك لوحدك أبدا ...إنت
بنتي حبيبتي و مش حخلي حاجة تأذيكي
طول ما انا عايشة....
تعالت أصوات أيهم ووالده داخل المكتب
و لكن من حسن الحظ انه يقع في الدور
الأرضي و إلا لكانت سمعتهما ليليان.....
ايهم بصراخ :"عاوزني أطلق مراتي غصب
عني يا بابا....
تدخل محمد الذي كان يجلس منذ وقت طويل
معهما دون أن يتكلم :" و لسه ليك عين تتكلم
و تقول مراتي...ما تروح ترجع للزبالة اللي كنت معاها
خليها تنفعك دلوقتي...
إندفع نحوه أيهم ليلكمه بغضب صارخا في وجهه
:"ملكش دعوة إنت فاهم....ملكش دعوة..
ابعده والده و سيف عن محمد الذي لم يقاومه
رغم قدرته البدنية الكبيرة و الذي كان قادرا
على إبعاده منذ الدقيقة الأولى..مسح محمد
شفتيه النازفة و هو ينظر لاخيه باستخفاف
ليزمجر أيهم بغضب و هو يبعد يدي والده و
أخيه عنه ثم يغادر و هو يرى شياطين الأرض تتراقص أمام عينيه .....في فيلا الألفي...+
تقف كاميليا أمام المرآة تزيل زينة وجهها بعد أن غيرت فستانها إلى بيجاما قطنية...
إقترب منها شاهين الذي خرج من الحمام للتو
ليقف وراءها مباشرة ليتكئ بذقنه
بخفة على كتفها
قائلا بمشاكسة :" أخيرا ظهر وشك الطبيعي
عارفة إنك كده أحلى بكثير...
ضحكت كاميليا باستهزاء قبل أن تجيبه دون أن
تتوقف عما تفعله :" إيش فهمك إنت بالميكاب
و الموضة.....
ضغط شاهين على خصرها فجأة لتتأوه
كاميليا ليكمل كلامه و هو يغمزها بمداعبة:"لسانك طول يا حبيبتي....
قبلها من عنقها قبلة خاطفة لتمتعض
ملامح كاميليا
و تتململ محاولة إبعاده هاتفة
بغيض :" مش وقت هزار دلوقتي انا تعبانة
و عايزة أخلص بسرعة عشان انام...
همهم شاهين قليلا قبل أن يديرها إليه
و هو يجذب إحدى المناديل المبللة
من العلبة و يبدأ بمسح وجهها و عينيها
بلطف لتصرخ كاميليا بأعتراض :" بتعمل إيه يا مجنون مش دي اللي بيشيلوا بيها الميكاب...
تجاهلها شاهين و قد إرتسمت على
وجهه ملامح الجدية حيث بدا و
كأنه يقوم بعمل مهم...جذبها
إليه محاوطا ظهرها بذراعه ليثبت
حركتها و هو يقول بصوت هادئ:" شششش
إستني بس شوية و حخلص و بعدين كلها مناديل
زي بعض.... إثبتي بقى يا قلبي... متتحركيش
لسه العين دي....... مممم شوية من هنا.....
قهقهت كاميليا بنعومة عليه هاتفة من بين
ضحكاتها:" و الله... اللي يشوفك... دلوقتي
ميقولش إنك إنت نفسك... شاهين الألفي....
رمى المنديل فوق الطاولة ليشرد في
وجهها الفاتن و ملامحها الضاحكة السعيدة
بنظرات عاشقة... من النادر رؤيتها و هي تضحك
هو تعود فقط بملامحها الحزينة الباكية
و نظراتها الخائفة منه لكنها الان على
طبيعتها و قد إنتقلت سعادتها تدريجيا
إليه لتنفرج شفتيه بابتسامة ساحرة
قائلا :" المهم إنت تشوفيني
مش مهم اي حد ثاني.....
إنكمشت تعابير وجهها و كأنها وعت الان
على نفسها لتكتسي ملامحها الجمود
من جديد و هي تدفعه بلطف عنها ليزفر
شاهين بضيق قبل أن يتحدث :" رجعنا للتكشير
و الزعل...يلا تعالي حنيمك الليلية زي
ما بعمل مع فادي و ححكيلك قصة كمان....
دفعها بلطف لتسير بجانبه متجهين إلى
الفراش ليبعد شاهين الغطاء و يلتفت
إلى كاميليا و يحملها بين ذراعيه و هي
مازالت
تنظر له بدهشة ليقاطعها هو مفسرا :" مش قلتلك
حنيمك زي ما بعمل مع فادي.... انا كده
بشيله و بحطه على السرير....
وضعها بلطف على السرير ثم غطاها
ليتسطح بجانبها هو الاخر و يغطي
نفسه متمتما بتساؤل :" كباية اللبن....
فادي بيشرب لبن قبل ما ينام.... بس مفيش
مشكلة بكرة الصبح تشربيه....
إمتعضت ملامحها باشمئزاز قبل أن تهتف :" مش
بحب اللبن.....
جذبها شاهين إليه ليقبل جبينها ثم يضع
رأسها على ذراعه قائلا :" فادي كمان بيكره
اللبن بس انا بخليه يشربه غصب عنه..كاميليا بسخرية :"هو انا عيلة عشان اشرب اللبن....+
شاهين بتجاهل :" عاوزة احكيليك قصة إيه..
الأميرة النائمة و إلا سندريلا....
كاميليا :" دي روايات قديمة على
فكرة...دلوقتي بقى في رابونزل و
فروزن.....
شاهين بتأكيد :" الروايات القديمة احلى اكيد.....
كاميليا ضاحكة :"بتقول كده عشان إنت
متعرفش الروايات الجديدة... غشاش....
شاهين بتحدي :" أنا ممكن أؤلفلك من دماغي على فكرة... او ممكن اشرحلك حاجة في الهندسة ...
كاميليا بنبرة تخللها بعض الوجع :" لا مش عاوزة
أنا أصلا بقيت بكره الهندسة....
توقف شاهين عن مداعبة شعرها و وجنتها متسائلا :"بقيتي بتكرهيها بعد ما بقيتي في سنة رابعة.....داه فاضلك سنتين بس و تتخرجي؟؟؟
هزت كاميليا رأسها من فوق ذراعه لتحدق
في وجهه بتعجب قبل أن تتشدق قائلة
:"اتخرج إزاي و انا سبت الكلية.....
رفع يده الحرة ليقرص أنفها بمداعبة
هاتفا بمداعبة :"و مين قال كده.....
ضربت يده بكفها و هي تجيبه بحنق :"حضرتك
إللي منعتني إني أروح الكلية.... و إلا نسيت
شاهين ببراءة مصطنعة :" حضرتي بقيت
بيتراجع على قرارات كثير بعد ما تجوزتك.....
تنهدت كاميليا بقوة قبل أن تضع رأسها
على ذراعه مرة أخرى قائلة بضعف :" أنا
تعبانة و عاوزة انام....
إلتفت لها حتى أصبحا وجهيهما متقابلين
يفصل بينهما إنشات قليلة....
شاهين بجدية و هو يداعب وجهها بأبهامه :" اول الاسبوع اللي جاي حترجعي تروحي الكلية
كل المحاضرات اللي فاتاتك الشهر اللي فات
أنا جمعتهالك كلها و بكرة الصبح حبقى
اديهالك....
فتحت كاميليا عينيها على وسعها قائلة بعدم تصديق :" بتتكلم بجد.... حتسمحلي أرجع الكلية...
أومأ لها بالايجاب لتصرخ بفرح و هي
تتعلق بعنقه و تنخرط ببكاء فجئي......
شاهين بضحك :" متجوز طفلة يا ناس.... طب إهدي
لأحسن ارجع في كلامي...
إبتعدت عنه و هي تفرك وجنتيها بعنف قائلة :"لالا...انا مش بعيط.... و بعدين
شاهين الألفي مش بيرجع في كلامه.....
إحتضنها بقوة من جديد و هو يقهقه على
تصرفاتها الطفولية ليتأكد بأنه بدأ باكتشافها
يوما بعد يوم....متمنيا بداخله
بأن ينجح يوما ما
في جعلها تنسى الماضي و
تتقبل البداية الجديدة التي يريدها....
الساعة السابعة صباحا توقف أيهم
بسيارته أمام مبنى شقته بعد أن
أمضى الساعات الماضية و هو يجوب
الشوارع بلا هدف....
نزل بخطوات متعبة ليصعد الدرجات
الامامية للعمارة الفخمة....
دلف إلى الشقة ليرتمي أمام أول كرسي
قابله... فرك جبينه بتعب و هو يخرج هاتفه
من جيب سترته ليهاتف أحدا ما.....
بعد عدة محاولات جاءه صوت شاهين
الناعس :" عاوز إيه عالصبح يا رخم.....
أيهم بصوت مهزوز :" شاهين انا محتاجلك... انا في مصيبة و مش عارف حعمل إيه......
حكي له ما حصل معه باختصار
لينصت له الاخر باهتمام....قبل أن
يجيبه بحنق :"تستاهل اكثر من كده...و حبقى
اوصي محمد عليك...انا ياما نصحتك
و فهمتك بس إنت اللي كنت راكب دماغك.. إشرب بقى.
فصل الخط في وجهه فجاة بعد
أن لاحظ تململ كاميليا بانزعاج
بصوت صوته العالي .... لينفلت منه سباب
لاذع لايهم قبل أن يغلق هاتفه نهائيا و يعود لإحتضان زوجته من جديد و الاستسلام للنوم...