أخر الاخبار

رواية الشيطان شاهين الفصل التاسع عشر والعشرون بقلم ياسمين عزيز


 الشيطان شاهين › الفصل التاسع عشر/العشرون

الفصل التاسع عشر


إستيقظ أيهم صباحا يكاد رأسه ينفجر من شدة الألم

فرك رقبته المتشنجة بسبب نومه الخاطئ على الاريكة ثم تجلس في مكانه و هو يتطلع حوله باستغراب ليجد نفسه  في شقته....

فوضى عارمة تعم المكان... قوارير الخمر مرمية بإهمال على الطاولة... المنفضة مملوءة بأعقاب السجاير...أطباق الطعام هنا و هناك....

أغمض عينيه شاتما بضيق عندما تذكر ما حصل البارحة...قبل أن يتمتم بخفوت:"اووف إيه اللي انا عملته داه... زمانه زعلان مني..... وقف من مكانه مستندا على ذراع الاريكة ليترنح في وقفته حتى كاد يقع لو لا تمالك نفسه في آخر لحظة ليصرخ بغضب :" يلعن ابو... على اللي بيشربوا......

توجه بخطوات مترنحة ناحية  أحد الإدراج ليبحث عن علبة المسكن، تناول قرصين و كأس ماء ثم تابع سيره

إلى الحمام لينعم بشاور دافئ حتى يريح عضلاته المتشنجة و يزيح عنه آثار الثمالة....

خرج بعد عدة دقائق و هو يلف منشفة كبيرة على نصفه السفلي و اخرى فوق رقبته... جلس على حافة السرير ثم أخذ هاتفه ليجد عدة إتصالات من عمر و ووالدته و إخوته ...

زفر بحنق و هو يتلاعب بخاتم زواجه قائلا بهمس :"طبعا... تلاقيها ماصدقت خلصت مني....و الله لربيكي يا ليليان و اخليكي تندمي على كل اللي بتعمليه معايا....

أجرى عدة إتصالات خاصة بالعمل قبل أن يقف و يرتدي ملابسه المكونة من بنطال أسود و قميص أسود يعلوه معطف شتوي باللون البيج.

اخذ مفاتيحه و متعلقاته الشخصية ثم القى نظرة أخيرة في المرآة على مظهره  قبل أن يغادر الشقة ليتوجه إلى الفيلا و هو يفكر في الكلمات المناسبة التي سيقولها لشاهين حتى يغفر له فعلته ليلة البارحة....

في الفيلا....

رمقت ليليان حماتها و هي تنظر للمرة الالف إلى ساعتها الفاخرة التي تزين معصمها بحنق قبل أن تكمل تناول فطورها بلامبالاة فكريمان منذ الصباح الباكر و هي توجه

لها عديد الاتهامات بعدم إهتمامها و إهمالها لزوجها و تسببها في عودته إلى العمل و المبيت خارجا بالرغم من مرور مدة قصيرة على زواجهما.....

إلتفتت إلى إبنها محمد الذي كان يجلس على يمينها على طاولة الطعام قائلة  :" محمد أتصل بأخوك ثاني... خلينا نشوف راح فين و ليه مش بيرد على تليفونه؟؟

محمد بملل:" يا ماما أديكي قلتيها مش بيرد على تليفونه و بعدين زمانه جاي في الطريق او رايح المستشفى... انا الصبح كلمت عمر و هو قلي إنه خلاه إمبارح نايم في شقته ".

لوت كاريمان فمها قائلة بسخرية :"لسه عريس مكملش عشرة أيام جواز و نايم برا بيته...

لم تتحمل ليليان تلميحاتها لتجيبها ببراءة مزيفة :"ماهو قلك إمبارح سهران مع أصحابه....و إنت عارفة أيهم يا طنط قد إيه بيحب أصحابه".

قطع حوارهم صوت أيهم الذي دخل إلى غرفة الطعام و هي يلقي التحية :" صباح الخير جميعا...".

توجه إلى والدته ليقبل جبينها و هو يبتسم لمعاتبتها له قائلا :"يا ماما يا حبيبتي هو انا عيل صغير عشان تقلقي عليا كده... انا كنت سهران مع شاهين و عمر في شقتي و بعدها نمت و محستش بنفسي غير الصبح و تليفوني كان في الوضع الصامت....".

كاريمان بعتاب :" طيب المرة الجاية طمني عليك و قول إنك حتنام برة البيت...".

محمد بمرح:" ياماما أيهم بقى متجوز يعني بطلي قلق و أسئلة... دي بقت مهمة مراته ".

رمقته والدته بغيظ قبل أن تحيبه:" ولد... بطل تستفزني كده.....

إستغل أيهم إنشغال باقي أفراد العائلة بحوار أمه و أخيه ليميل و يسرق قبلة من خد ليليان و يهمس في اذنها بصوت خافت لم يسمعه سواهما :" وحشتيني.... ".

بادلته ليليان إبتسامة صفراء و هي تحرك كتفيها حتى يزيح يده من عليها لكن ذلك لم يزده إلا إصرارا....لتستسلم هي و تعود لتناول إفطارها بعدم إهتمام بأيهم الذي كان يسترق النظرات إليها من حين إلى آخر.

قاطع حربهما الباردة محمد الذي إستأذن للإلتحاق بعمله حيث كان يمتلك مركز تدريب للألعاب الرياضية المختلفة....لتخرج معه أميرة التي أصرت على أن يوصلها لجامعتها بدل أخيها سيف.....

بعد الانتهاء من طعام  الإفطار...جلست كاريمان مع إبنها و زوجته في صالون الفيلا  بعد ان خرج باقي العائلة كل واحد منهم إلى وجهته....

كاريمان بسخرية من أيهم الذي يحتضن ليليان رغما عنها و يرفض الإبتعاد عنها  :"اللي يشوفك و إنت لاصق في مراتك كده ميصدقش إنك إمبارح نايم برا البيت بعيد عنها...".


قهقه أيهم بصوت عال على كلام والدته و هو يلف ذراعه على كتف ليليان التي أخفت وجهها  داخل أحضانه من شدة خجلها ليؤكد أيهم كلام والدته قائلا :"عندك حق يا ماما... مش عارف انا عملت كده إزاي... بس ملحوقة انا أصلا جيت عشان أعوض ليلة إمبارح.....

تعالت ضحكته من جديد  بعد أن سمع صوت شهقة خافته من تلك القابعة داخل أحضانه و هي تضربه على صدره ليضمها بقوة بذراعيه تحت انظار والدته التي شاركته ضحكه و هي تتمنى دوام سعادته...

________________________

في فيلا الألفي ....

صرخت كاميليا بفزع بعد أن فتحت عينيها ووجدت شاهين يجلس مقابلها على حافة السرير و هو يتأمل ملامحها النائمة...

إرتجفت  و هي تضع يدها مكان قلبها الذي يكاد يسقط من مكانه من شدة الخوف،

أدارت عينيها حولها بقلق و هي تنتظر ما سيقوم به

إرتسمت إبتسامة ساخرة على شفتيه و هو يقترب منها مراقبا ملامحها الخائفة بتسلية....

مد أصابعه ليبعد خصلات شعرها عن وجهها المليئ بالكدمات و الجروح  و يتأمله بدقة....

قضمت كاميليا  شفتيها بتوتر و هي تطرق برأسها للأسفل دون أن تتكلم....إبتعد عنها شاهين بعد لحظات بملامح جامده لا تفسر و هو يقول :"قومي غيري هدومك عشان ننزل تحت".

أومأت له بإيجاب و هي تزيح الغطاء من فوقها و تنزل من الجهة الأخرى السرير بعيدا عنه...مرت بجانبه بخطوات سريعة رغم تعبها لتتجه إلى الحمام لتقوم بروتينها اليومي و ترتدي ملابسها بسرعة....

إستند شاهين على سور الشرفة الخارجية الجناح ليتأمل جمال الحديقة الشاسعة بألوانها الطبيعية المنعشة زفر بحنق عندما تذكر كلام صديقه أيهم  ليلة البارحة ليقبض كفه على هيئة لكمة  و هو يتمنى لو كان أمامه الان لانهال عليه ضربا حتى لا يتجرأ مرة أخرى و يذكر إسم كاميليا على لسانه...

لكم الحائط الزجاجي عدة مرات و هو ينفي تلك  الافكار المسمومة التي إحتلت دماغه فجأة...هل من الممكن أن أيهم  قد أعجب بزوجته... و يريد سرقتها منه خاصة و أنه  يعلم حقيقة زواجه الفاشل من إبنة عمه....

زمجر بغضب و هو يتذكر جمالها الفتان  ليلة الزفاف مما جعلها حديث الجميع حتى الآن.... شتم نفسه على غبائه لانه تركها تظهر أمامهم كان من المفترض أن يقيم حفل زفاف خاص لا يحضره سوي عائلته و عائلتها...

قاطعت شكوكه بخروجها من غرفة الملابس و هي ترتدي فستانا بسيطا باللون الأحمر و فوقه معطف باللون الأسود بسبب شعورها بالبرد، تأملها لثوان قبل أن يتحدث بصوت خشن :"كالعادة خروج من الفيلا ممنوع و لمي شعرك بلاش تسيبيه مفرود كده....".

مررت كاميليا يدها على شعرها دون وعي منها قبل أن تهتف بتقطع :"مقدرش.. عشان..."

أشار لها بسبابته لتصمت بعد أن فهم انها تتعمد ترك شعرها منسدلا حتى تخفي الكدمات و الجروح المنتشرة على وجهها و رقبتها و التي ظهر أغلبها و التي لم تستطع مساحيق التجميل إخفائها.

تناول الجميع فطورهم و مكث بعدها شاهين بعض الوقت يلاعب فادي قبل أن يغادر الفيلا

  لتتنفس كاميليا الصعداء بعد أن شعرت و كأن صخرة كبيرة كانت تكتم نفسها دون رحمة و إنزاحت عنها لمجرد ذهابه ... و تبقى هي مع ثريا و فادي الذي فرح كثيرا برؤيتها و أصر على اللعب معها.

لاحظت ثريا شرود كاميليا و تحديقها المتواصل في الحديقة من وراء الزجاج الفاصل لتقترح عليها الخروج و التنزه قليلا حتى تشتنشق بعض الهواء النقي.... رفضت كاميليا في بادئ الأمر و هي تتذكر تحذيرات زوجها لها على عدم الخروج من الفيلا لكن ثريا اقنعتها قائلة :"يا بنتي إحنا حنطلع الجنينة هنا يعني مش حنخرج من باب الفيلا... إنت محتاجة تشمي شوية هواء نقي و كمان منظر النباتات و الورد حيهدي أعصابك شوية... إنت من وقت ما جيتي و إنت محبوسة  أوضتك ".

إستسلمت كاميليا لأصرار ثريا لترافقها هي و فادي إلى الخارج.....

ما إن وطئت قدمها خارج الفيلا حتى أخذت نفسا عميقا مشبعا برائحة الورود والتربة الندية لتبتسم بفرح و هي تشاهد الطبيعة الخضراء أمامها انواع كثيرة من النباتات و الورود منتشرة هنا و هناك تتراوح ألوانها بين الأحمر و الأخضر و البنفسجي و الأصفر.. ألوان متناسقة تريح العينين و تلقي بهجة في النفوس، تبعت ثريا و هي تسير بكرسيها المتحرك حتى وصلوا إلى مكان جلوسهم أرائك خشبية بيضاء تنافرت مع ألوان الحديقة...

بعد ساعة من اللعب و الجري في أرجاء الحديقة، جلست كاميليا على الكرسي الخشبي تلتقط أنفاسها بصعوبة و هي تسمع ضحكات فادي المرحة  الذي  ألقى  بنفسه داخل أحضان كاميليا لتتلقفه الأخرى و هي تبتسم له بحنان بعد أن قدم لها وردة حمراء قائلا :"الوردة دي ليكي يا مامي.... انا إخترتها حلوة زيك عشان إنت حلوة اوي....انا بحبك اوي اوي يا مامي ".

كاميليا و هي تقبله قبلة طويلة على وجنته الحمراء المكتنزة :"و أنا بحبك أكثر يا روح مامي...".

تعلقت ثريا أعينيها بحفيدها الذي كان في غاية السعادة و الفرح و هو يحتضن كاميليا بين الحين و الاخر و كأنه لا يصدق وجودها بعد سنوات من الوحدة و اليتم...نزلت دمعة من عينيها لتمسحها بسرعة دون أن يتفطنا لها و هي ترفع رأسها لفتحية التي أتت تسألها :" ثريا هانم الغداء جاهز تحبي أجيبه هنا؟".

ثريا بصوت مهزوز :"أيوا يا فتحية هاتيه هنا و هاتي حبتين مسكن معاكي ...".

أومات لها الخادمة ثم غادرت لتفعل ما أمرتها به...لتعود الأخرى لمراقبة حفيدها و زوجة إبنها التي بدأت تظهر عليها علامات التعب إلا أنها كانت تمتثل لطلبات الصغير الملحة للعب معه لتنهرة قائلة :"فادي سيب مامي عشان ترتاح... إنت بقالك ساعتين و إنت بتتنطط هنا و هنا...و دلوقتي لازم ترتاح شوية و بعد الغداء إرجع إلعب براحتك".

زم الصغير شفتيه بحنق و هو يجيبها ببراءة :"بس انا عاوز العب مع مامي بقالي كثير مش شفتها...هي حترجع تختفي في أوضة بابي من ثاني و مش حتطلع تلعب معايا ".

إتسعت عيناها برعب و هي تناظر الصغير بدهشة لم تكن تعلم أنه يفهم و يعرف كل مايدور حوله رغم تجنب الجميع الحديث في وجوده لتتدارك ثريا نفسها و تنهره بلطف:" لا يا حبيبي مامي كانت تعبانة شوية عشان كده هي كانت نايمة على طول اليومين دول ".

فادي بتساؤل :" طيب و ليه مش تنام معايا زي زمان..".

توترت كاميليا وهي تنظر إلى حماتها التي كانت تبادلها نفس النظرات الحائرة بسبب تساؤلات فادي الغير متوقعة...لم تستطع إجابته و إكتفت بضمه إليها فكيف ستشرح لطفل صغير انها أصبحت زوجة والده و انها لم تعد تلك المربية البسيطة التي تعتني به... كيف ستشرح له سبب مكوثها داخل غرفتها و سبب تلك الكدمات و الجروح التي كانت تغطي جسدها و  لفتت إنتباهه لدرجة انه  سألها عنها عدة مرات منذ الصباح و لكنها كانت في كل مرة تتعمد تجاهله و تشغله بأمر ما حتى ينسى.....


أفاقت من شرودها على صرخة فادي و هو يرى فتحية و زينب تدفعان طاولة الطعام المتحركة نحوهم ليهتف بحماس:"انا عاوز مامي تأكلني".

أومأت له كاميليا و هي تقف لتساعد الفتيات على وضع الصحون فوق الطاولة قائلة :"طبعا يا حبيبي بس الاول تعالى نروح نغسل إيدينا كويس و بعدين نيجي ناكل اللي إحنا عاوزينه".

قفز فادي من مكانه ليمسك بيدها الممدودة و يتبعها حتى غابا داخل الفيلا.....

بعد تناول الغداء الذي إستغرق حوالي ساعتين بسبب تعمد فادي التدلل على كاميليا و مشاكسها حتى ينعم أكثر بحبها و حنانها فهو لم يرض تناول الخضراوات إلا بعد أن إشترط عليها ان تضعه فوق ساقيها و تطعمه رغم معارضة جدته التي كانت تريد تعليمه ام يعتمد على نفسه.

إستلقى الصغير على الاريكة الطويلة بعد أن وضعت كاميليا بعض الوسائد تحته اما رأسه فقد وضعه على حجرها لتمسد بيديها شعره الغزير بعد أن غطته بمعطفها...ليداهمه النعاس بسرعة و يغفو...

تكلمت ثريا بعد أن لاحظت  ملابس كاميليا الخفيفة قائلة  :"الجو  بارد و إنت لابسة فستان صيفي مينفعش كده يا بنتي حتمرضي".

حدقت كاميليا بفستانها الأحمر القصير  دون إهتمام ثم أجابتها :"بالعكس الجو حلو اوي ياريت لو أفضل في المكان داه على طول"

جالت الأخرى بعينها أرجاء الحديقة قبل أن تعود و تترشف كوب الشاي متمتمة:"أيوا فعلا  حلو اوي بس إيه رأيك نروح المزرعة...المكان هناك اكبر و أحلى".

:"أيوا فعلا احلى بكثير....

تشدقت كاميليا بزيف و هي تلوي فمها بسخرية بعد أن تذكرت تلك الحيوانات المفترسة (اللايجر) التي رأتها عندما ذهبوا إلى المزرعة ...

إلتفتت إلى ثريا التي صدحت ضحكتها على مظهرها حيث بدت و كأنها ترى تلك الحيوانات فعلا أمامها لتقول لها  :"فعلا شاهين إبني ذوقه فريد بيحب يملك الحاجات النادرة... و السنة اللي فاتت جاب الحيوانات دي من جنوب أفريقيا.. حتى أنه دفع فيهم مبلغ خيالي و صمم انه يربيهم في المزرعة....".

كاميليا بعفوية:"فعلا يا ثريا هانم ....إبنك بصراحة غريب اوي...انا.....

سكتت كاميليا فجأة عن الحديث عندما تسللت إلى أنفها رائحة عطر مألوفة مختلطة برائحة السجائر إلتفتت ورائها برعب لتجد شاهين يحدق بها بنظرات قاتمة تكاد تقتلها مكانها...

تعالت أنفاسها و إستحال وجهها إلى اللون الأحمر من شدة توترها لتغمض عينيها بقوة و تركز سمعها على  خطواته التي كانت تقترب منها ببطئ ....

فتحت عينيها الزرقاء لتجده يقف أمامها بجسده الضخم و يتفرس كل تفصيلة منها بعينيه الحادتين... بدت كلوحك فنية بديعة بفستانها الأحمر القصير الذي عكس جمال بشرتها النقية و شعرها المنسدل على كتفيها كشلال مياه عذبة يخفى بعضا من ملامح وجهها الطفولي البريئ الذي لم يخلو من بعض الكدمات التي تلونت باللونين الأزرق و البنفسجي،إبتسامتها العذبة التي إختفت حال رؤيته...

إنحنى نحوها متجاهلا نداءات والدته التي سارت بكرسيها المتحرك لتقترب منه قائلة :"شاهين.... أنا اللي خليتها تنزل الجنينة هي و فادي.".

إستقام شاهين في وقفته بعد أن سمع كلام والدته و بصره مازال مركزا على كاميليا التي كادت ان تتجمد مكانها... تعلم جيدا ان هذه الليلة لم تمر على خير و قد تكون الأسوأ من بين أيام زواجها القليلة...نظراته الحارقة المصوبة تجاهها تروي سوء غضبه الذي لم تفهم سببه حتى الآن...

مررت كفها بتوتر  على شعر فادي الذي كان لايزال نائما بجوارها...ليتململ الصغير قليلا ثم يعود إلى النوم من جديد....

إلتقطه والده بخفة بين ذراعيه و هو يهتف بنبرة خشنة آمرة:"إلحقيني على الأوضة دلوقتي".

تبعته بخطوات سريعة و هي تفرك ذراعيها بتوتر و هي تتمنى داخلها ان يحن قلبه هذه المرة و يرحمها... على الاقل حتى يتعافى جسدها من عقاب المرة الماضية...

دلفت إلى غرفة النوم بخطوات مترددة كم يخطو إلى غرفة إعدامه...وجدته يقف أمام الحائط الزجاجي للشرفة المغلقة و هو ينظر إلى نقطة وهمية من يراه يظن أنه شارد إلا أنه مركزا بقوة على كل مايحدث حوله....

:"إمتى خرجتي من الفيلا؟؟".

حركت كاميليا يديها بسرعة  تنفي ماقاله :"لا انا ماخرجتش من الفيلا انا كنت بس في الجنينة و ثريا هانم هي اللي طلبت مني إني أطلع.. عشان..... عشان فادي".

تلعثمت في آخر كلماتها ليطلق شاهين صوتا ساخرا من شفتيه قبل أن يعيد سؤالها مرة أخرى و بصره مازال مثبتا على تلك النقطة :"إمتى.... خرجتي... من الفيلا؟؟ ".

أعاد صيغة سؤاله مرة أخرى بنبرة بطيئة و قد حرص على الضغط بنطقه على كل كلمة لتسارع كاميليا بالإجابة من جديد و قد بدأت دموعها بالهطول دون وعي منها:"من الساعة عشرة....

إلتفت إليها أخيرا ليسير مقتربا منها حتى وصل أمامها لايفصلهما سوى بضع إنشات... لم يمنع نفسه من تأمل وجهها الجميل الذي يكاد يفقده صوابه كل مرة يراها فيها  لكنه دائما يجبر نفسه على إرتداء قناع الجمود و تجاهل عواطفه حتى لا يعيد خطأه مرة أخرى...يريدها سجينة قدمها لا تطأ خارج باب الفيلا  و لا ان تختلط بالعالم الخارجي...آلة تنفذ جميع أوامره و تعليماته دون نقاش او إعتراض...يريدها كلعبة بين يديه يسيرها كما يشاء و يعلم جميع تحركاتها حتي أنفاسها.. لا يريدها ان تتنفس بدون إذنه...يرغب في الاحتفاظ بها لوحده يتمتع بجمالها الفاتن و لايراها أحد سواه.


مد يده ليضع إبهامه تحت ذقنها و يرفع وجهها الذي أصبح أحمرا كحبة طماطم و هي تغمض عينيها بشدة تنتظر إحدى  صفعاته..

:"إفتحي عينيكي.."

فعلت ما أمرها به و فتحت زرقاوتيها المغرورقتين بالدموع لتزداد فتنتها مما جعل شاهين  يتمالك نفسه بصعوبة أمامها...ليردف بجمود مصطنع:"يعني من الساعة عشرة للساعة أربعة و إنت برا الفيلا...

أخذ نفسا عميقا قبل أن يفاجأها بصفعة قوية أردتها أرضا لتبكي المسكينة بصمت موقنة ببدأ رحلة جديدة من رحلات عذابها...

رفعت رأسها إليه لتجده يجلس بأريحية على الاريكة الجلدية ذات اللون الاسود القاتم و التي لا تختلف على بقية أثاث الغرفة... أشار لها بيده حتى تقترب منه لتتوجه إليه بصمت و تجلس على ركبتيها تحت قدميه، وضع يده الضخمة على رأسها ليتحسس شعرها الحريري برقة قبل أن يهمس لها و هو يتصنع التفكير :"10...11....12....1..2...3...4و نصف يعني ست ساعات و نص و انت برا الفيلا و بالفستان القصير داه "...

ظلت صامتة ليكمل بنفس النبرة :"أنا النهاردة الصبح قبل ما أمشي مش نبهت عليكي متخرجيش برا لأي سبب.... حصل و إلا لا...".

سألها بنبرة حادة و هو يقبض علي شعرها بقوة لتصرخ كاميليا بذعر مجيبة:" حصل.... بس ثريا هانم....".

قاطع شاهين بصراخ أعلى :"إخرسي... إخرسي ،انا عارفك كويس و فاهم حركاتك دي....انت عاوزة تتمردي و تبينيلي إنك تقدري تكسري كلامي بأي طريقة و بتستغلي غيابي عشان تعملي إلى إنت عايزاه...كلكم زي بعض شبه بعض، نفس الوش البريئ المزيف.... بس و لايهمك انا  حعرف إزاي أربيكي من جديد".

أمسكت كاميليا يده التي كانت تجذب شعرها بعنف لتبعدها بقوة و هي تصرخ بهستيريا :" حرام عليك... و الله حرام انا مليش ذنب.. إنت ليه بتعمل معايا كده...

وقفت من مكانها بسرعة لتهرب و هي لاترى أمامها سوي  الباب لتحسب عدد الخطوات الفاصلة بينهما و قبل أن تتحرك إنشا واحدا وجدت نفسها بين ذراعي شاهين الذي كبل  جسدها الصغير بسهولة....

تحركت بجنون لتضربه و تقاومه بكل شراسة لكن دون جدوى فقد كانت اشبه بنملة صغيرة تقاتل اسدا

خارت قواها لتستسلم بين يديه و هي تبكي و تشهق دون توقف،همست بخفوت من بين شهقاتها:"أرجوك انا تعبت....... معادش ليا طاقة عشان أتحمل.. سيبني أرجع بيتي و... حياتي القديمة ارجوك".

حاوط شاهين جسدها المنهك بذراع واحدة بينما إمتدت يده الأخرى ليزيح خصلات شعرها التي تبعثرت حول وجهه و رقبته و هو يهمس في أذنها بنبرة متملكة:"مفيش خروج من هنا غير على قبرك ".

ما إن سمعت كاميليا كلماته حتى إستجمعت بقية قوتها لتقول بصوت ضعيف بالكاد يسمع:"و انا عاوزة اموت... الموت أرحملي من الجحيم اللي انت معيشني فيه  ".

حملها شاهين بذراع واحدة متجها بها إلى السرير لي ميها عليه و هو يخبرها:"لو كنتي بتسمعي الكلام مكانش كل داه حصلك....".

شعرت كاميليا بملمس السرير الناعم تحتها لتقفز من مكانها  ظنا منها انه سيعيد إغتصابها من جديد  لتصرخ بجنون  :"لا لا سيبني... انا مش عاوزة اقعد هنا...

دفعها شاهين مرة أخرى لتمدد على السرير و هو ينحني فوقها يرمقها بنظرات مشبعة بالرغبة...

إبتسم بتسلية و هو يمرر أصابعه بحركة قذرة على ساقيها المكشوفتين بسبب إنحسار الفستان إلى الأعلى و هو يقول بمكر:" معقولة أسيب الجمال داه كله...دا انت حتى مراتي و داه حقي".

:"و انا مش عايزاك... ابعد عني بقى سيبني في حالي".

اردفت كاميليا  بضعف و هي تنزل حافة فستانها القصير و تبعد يديه بحنق  عن جسدها...

تجاهل رفضها له و هو ينتقل بأصابعه متحسسا باقي أجزاء جسدها فكان كلما أبعدت يديه عن مكان إنتقل إلى مكان آخر...

بعد دقائق أمسكت يده لتبعدها بعنف بعد أن سئمت من حركاته المراوغة ليقبض على يدها و يسجنها داخل كفه و هو يسألها مقترحا:"عندك حلين... يا تكوني ليا الليلة دي بمزاجك.... يا تتعاقبي".

لم تحتاج كاميليا للتفكير ثانيتين لتجيبه :"لا... حتحمل أي عقاب غير إنك...".

:"طيب إنت اللي إخترتي".

بصق كلماته بنبرة قاسية  قبل أن يقف من جانبها و يتوجه ليفتح باب الشرفة....

🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿


 › الشيطان شاهين › الفصل العشرون

الفصل العشرون

دخلت فرح غرفة نوم والديها و بيدها العديد من الأوراق...لتجد والدتها ترتب الملابس في الخزانة، إلتفتت نعمة عندما سمعت صوت حركتها متسائلة:" تعالي يا حبيبتي...قوليلي عاوزة إيه؟".

إقتربت منها الصغيرة و هي تريها الأوراق قائلة بحماس:"شوفي يا ماما الميس رجعتلنا الأوراق و هي قالتلي إني أنا شطورة عشان جبت كل الاعداد النهائية...

إبتسمت لها نعمة و هي تخرج بعض النقود من مخبئها السري (صدرها) و تعطيها لها قائلة:"شاطرة يا حبيبتي.... طالعة لأمك ذكية و فهيمة خذي دول و إشتري كل اللي إنت عاوزاه.. و لو فضلتي كده شطورة حجيبلك علبة الماكياج بتاعة الباربي اللي نفسك فيها".

إحتضنتها فرح و هي تصرخ بسعادة :"بجد يا مامي حتشتريهالي".

نعمة بتأكيد :"طبعا يا حبيبتي و هو انا في عندي أغلى منك إنت و سلمى بس أوعديني إنك تفضلي دايما الأولى ".

رسمت الصغيرة إبتسامة واسعة على شفتيها و هي تجيبها :" طبعا يا ماما انا مش حخلي حد يغلبني...حتى رامي إبن أنكل سامح...

نعمة و هي تربت على ظهرها :"طيب يا حبيبتي روحي دلوقتي علشان تذاكري و انا نص ساعة و حاجي أحضر الاكل عشان نتعشى سوى".

أومأت لها الصغيرة لتتوجه إلى باب الغرفة لتخرج...توقفت عن السير و هي تتفرس الأوراق النقدية في يدها قبل أن تلتفت إلى والدتها لتسألها ببراءة:"ماما... هو بابا فين انا بقالي كثير مش شفته.

إنقلبت سحنة نعمة لكنها أخفت ضيقها أمام إبنتها بصعوبة قائلة :"راح عند طنط جميلة يا حبيبتي...  متقلقيش يومين و حييجي ".

الصغيرة :" أصله واحشني اوي و عاوزة أوريه الاعداد بتاعتي ".

زفرت نعمة بانزعاج قبل أن ترسم إبتسامة صفراء على وجهها و تجيبها :"حبقى أكلمه يا حبيبتي و أقله إنك واحشاه و هو أكيد حييجي...أصل خالتك جميلة تعبانة و هو قاعد هناك عشان يهتم بيها... يلا يا فيفي روحي على أوضتك دلوقتي و سيبيني اكمل الهدمتين دول ".

خرجت الصغيرة من الغرفة تاركة والدتها تتمتم في حيرة:"و الله البنت عندها حق هو راح فين الراجل داه...بقاله أربعة أيام مختفي... داهية تأخذه مطرح ماهو قاعد إلهي مايرجع يا... و إلا بلاش داه مهما كان يبقى أبو بناتي....

رمت بقية الملابس الاي كانت في يدها على السرير ثم أمسكت بهاتفها قائلة بهمس:" أما أكلم سنبل آغا أسألها جوزنا راح فين.... دي حية و عندها سبع عيون و أكيد عارفة مكانه فين...

بعد برهة من الزمن وصلها صوت جميلة المرحب:" يا أهلا يا أهلا إزيك يا نعمة واحشاني....عاملة إيه و إزاي البنات.. ".

نعمة بامتعاض:" طب بالراحة يا اختي سيبيلي فرصة عشان أجاوبك.... انا كويسة الحمد لله و البنات كويسين إزيك إنت.. 

جميلة بضحكة رنانة:" يوووه جاتك إيه يا ضرتي، دايما دمك خفيف و زي العسل... انت بس واحشاني عشان كده بسألك بسرعة".

نعمة بهمهة:"مممم طيب يا حبيبتي تشكري...بقلك إيه هو الحاج زكريا فين... بقاله اربع أيام مختفي كده مش عارفاله طريق هو عندك؟؟ ".

جميلة بنفي :"لا يا حبيبتي مش عندي انا زيك بردو بقالو أربعة أيام مدخلش بيتي.... من يوم ما جا سأل على الشنطة طلع و مرجعش ثاني"

ضيقت نعمة عينيها بقلق و هي تسألها:" يا لهوي.. أمال راح فين الراجل... يكونش جراله حاجة و إحنا مش عارفين... "

مطت جميلة شفتيها باستهزاء قائلة :" يعني حيجراله إيه يا اختي... متقلقيش عليه هو  عند صفية أخته قاعد معاها.... باين عليه زعلان على المحروسة اللي مقدرش يتجوزها... قلبه لسه بيوجعه عليها ".

ضحكت نعمة ضحكة طويلة قبل أن تقول:" يستاهل اهي تجوزت واحد من كبارات البلد و إرتاحت منه... بس ذيل الكلب عمره ما حيتعدل يومين كده و تلاقيه لافف على واحدة ثانية ".

قاطعتها جميلة باستهزاء :" خليه يعمل اللي هو عاوزه...إن شاءالله يجيب عشرة مش واحده بس و حياتي عندي لكون مطفشاهم كلهم".

نعمة :"ماشي يا حبيبتي خلينا على إتصال انا دلوقتي لازم أمشي عشان البنات مستنيني على العشاء....

جميلة :"ماشي مع السلامة و لو لاحظتي أي حاجة قوليلي ..

نعمة بعد أن أغلقت الهاتف :" مغلطش لما قلت عليها سنبل آغا...كل الأخبار عندها و مش بتفوتها حاجة ".

____________________________

لاحقت كامليا شاهين ببصرها و هو يفتح باب الشرفة و يشير لها بأن تتبعه...فركت ذراعيها بحركة لا إرادية بسبب شعورها بالبرد الشديد يلفح بشرتها العارية....

نظر شاهين إلى فستانها الأحمر الخفيف ثم هتف بنبرة مستهزءة:" الست ساعات اللي إنت قعدتيهم في الجنينة برا حتقضي زيهم هنا و بالفستان الحلو داه".

أكمل كلامه و هو يتلاعب بأطراف أكمام ثوبها القصيرة بأصابعه...سارت كامليا من جانبه لتجلس الكرسي الموجود في أحد أركان الشرفة متجاهلة كلام شاهين...ركزت بصرها على المسبح الصغير و مياهه الزرقاء الصافية التي كانت تلمع تحت أضواء الفيلا اللامعة

إنكمشت بجسدها عندما شعرت به ينحني ليتحدث بجانب أذنها و هو يشير أمامه إلى المسبح :"و لو عايزة تنزلي المية مفيش مانع...و ممكن كمان أجيبلك مايوه.... يلا enjoy".

ختم كلامه بضحكة طويلة ساخرة خالية من المرح و هو يسير مبتعدا إلى داخل الغرفة ليغلق باب الشرفة بقوة مصدرا صوتا عاليا جعل كاميليا ترتعش في مكانها من الفزع....

جالت ببصرها في أنحاء الغرفة تبحث عن أي غطاء او شيئ يصلح لتتدثر به من البرد الذي يكاد يجمد عظامها... لم تجد سوى غطاء طاولة خفيفا ابيض اللون وضعته على كتفيها ثم عادت مرة أخرى لتجلس مكانها...تمددت على الكرسي الجلدي لتشعر ببرودته تسري على كامل أطرافها لتشتم في سرها و هي تتمتم:"كان لازم يعني ألبس الفستان الزفت داه..... يخرب بيتك يا شاهين بيه سايبني في البلكونة في عز الشتاء انا ثانية كمان و حتجمد.....

شدت أطراف الغطاء على كتفيها ثم ضمت ساقيها إلى صدرها ووضعت ذقنها فوق ركبتيها لتنظر أمامها بشرود منتظرة إنتهاء ساعات عقابها التي حددها لها...

دقيقة... دقيقتان.. عشر دقائق مرت و كاميليا  مازالت متجمدة في مكانها... سمعت باب الشرفة يفتح لتلتفت نصف إلتفاتة قبل ان تعود تنظر أمامها كما كانت بعد أن لمحت إبتسامة زوجها الشامتة و هو يحمل في يده كوبا ساخنا لم تعرف ماهو....

وضع شاهين يده في جيب معطفه الثقيل و هو يقول بتعمد :"الجو فعلا بارد هنا....ربنا يقويكي و تقدري تكملي الست ساعات هنا....

سار أمامها ليجلس بجانبها من الجهة الأخرى و هو يترشف من الفنجان مهمهما بتلذذ:" مممم انا دلوقتي عرفت ليه البنات بيحبوا الهوت شوكلت طعمها لذيذ... خذي إشربي شوية حتدفيكي....

مد لها الكأس لتتجاهله كاميليا و تدير رأسها للجهة الأخرى و هي تحاول منع جسدها من الارتعاش أمامه حتى لا يشمت بها أكثر.

هز شاهين كتفيه بعدم إهتمام قائلا بزيف :" إنت اللي خسرانة... على العموم لسه في عندك فرصة تغيري رأيك".

أكمل كلامه بغمزة وقحة ليتابع:" حتقضي ليلة دافية في حضني ، أحسن ما تتجمدي هنا دول ست ساعات مستحيل تقاومي بلاش عند عالفاضي".

حركت كاميليا رأسها يمينا و يسارا دلالة على رفضها قبل أن تتمتم بصوت مرتعش :" لا.. أنا حفضل هنا ".

وقف شاهين من مكانه و هو يتصنع الأسف عليها قائلا :"طيب براحتك.   انا حدخل أنام بس لو غيرتي رأيك خبطي باب البلكونة و انا حفتحلك ".


وضع الكوب على الكرسي  ثم إستدار  ليغادر الشرفة و يغيب في الداخل مرة أخرى مقفلا الباب وراءه...إلتفتت كاميليا لتتأكد من دخوله قبل أن تخطف الكوب و تحتفظ به بين يديها لتدفئ به يديها المتجمدتين....

___________________________


دلف أيهم الغرفة ليجد ليليان تتحدث بالهاتف مع صديقتها أمنية التي كانت تنقل لها أخبار المشفى بالتفصيل...

لوى ثغره بتهكم على أحاديث النساء المملة ثم توجه ليخلع معطفه و يرميه على حافة السرير بجانبه....

تمدد على ظهره ليضع رأسه فوق ساقي ليليان التي كانت بدورها ممدة على السرير من الجهة الأخرى...شعر بتصلب جسدها لكنه تجاهل الأمر ليغلق عينيه بارهاق و هو يمتع نفسه بصوتها العذب الذي تغلغل إلى مسامعه....

أكملت ليليان محادثتها مع أمنية ثم وضعت الهاتف إلى جانبها لتنظر إلى أيهم النائم على ساقيها كطفل صغير... تفرست ملامحه الهادئة  بشرود و هي تتمنى بداخلها لو أن أخلاقه كانت شبيهة بوجهه الوسيم ....

لم تنتبه لأيهم الذي رفع رأسه نحوها و يبتسم بخبث قبل أن يهتف بغرور:" حلو مش كده...".

توسعت عيناها بدهشة و هي تدير رأسها إلى الجهة الأخرى لتخفي خجلها منه ليقهقه أيهم عليها و هو يجذبها نحوه بحركة سريعة لتصبح تحته....

كبل جسدها بذراعيه مانعا حركتها متأملا وجهها الفاتن و غمازتيها المغريتين....

إنحنى بشفتيه ليطبع عليهما قبلة طويلة أثارت جميع حواسه نحوها... إنتقل بشفتيه إلى ثغرها ليبدأ في تقبيلها بشغف رغم همهمات ليليان الممانعة التي لم تزده سرى إصرارا....

طالت قبلته حتى شعر باختناقها تحته ليبتعد عنها سامحا إياها باستنشاق الهواء...شهقت ليليان و هي تنظر له بانزعاج قبل أن تهتف بلهاث:"أيهم إبعد... ميصحش كده".

هز أيهم حاجبيه باستغراب من كلامها قبل أن يجيبها :"هو إيه اللي ميصحش يا لولو.... إنت مراتي و انا عايزك".

حاولت ليليان دفعه من فوقها لكنه لم يتحرك لتقول  :"زمانهم مستينا على العشاء... حيقولوا علينا إيه لما نتأخر".

إنحنى أيهم مرة أخرى ليقبل عنقها بلهفة شديدة و هو يبعد يديها جانبا...قائلا :"حيقولوا عرسان جداد و بيحبوا في بعض.... ".

:" أيهم... إبع... ".

إبتلع أيهم إعتراضها في قبلة أخرى عميقة قبل أن يأخذها في عالم آخر خاص بهما.....

__________________________


مرت نصف ساعة على كاميليا و هي لاتزال ترتجف مكانها من شدة البرد.... تقسم أن جسدها أصبح كتلة ثلج متجمدة...وجهها شاحب و شفتيها الورديتين إبيضتا بشدة

فركت يديها ببعضهما في محاولة فاشلة لبث بعض الدفئ فيها غافلة على عيني الشاهين اللتين كأننا تراقبانها بتسلية من خلف شاشة الكاميرا المزروعة في مكان مخفي في  إحدى أركان الشرفة....

مرت عدة دقائق أخرى قبل يلاحظ إنزلاق جسدها و تكورها على الكرسي ليعلم انها لم تعد تقوى على الصمود أكثر تحت برد الشتاء القارس.

رمى هاتفه على السرير ثم إستقام من مكانه و هو يتلفظ بعدة شتائم قبل أن يتوجه بسرعة إليها....

حملها  بين ذراعيه بخفة ثم توجه بها إلى داخل الغرفة ثم  تمدد على السرير محتفطا بها داخل أحضانه... نزع حذائها الرياضي الذي كانت ترتديه لترتجف كاميليا و هي تحرك قدميها مستشعرة دفئ الفراش تحتها...

ضمها شاهين نحوه مخفيا وجهها داخل صدره و بيده الأخرى يدثر جسدهما بغطاء صوفي سميك...لتلف كاميليا ذراعيها حول جسده الدافئ تقربه منها أكثر دون وعي....

_________________________


توسدت ليليان ذراع أيهم و هي ترسم دوائر وهمية بأصابعها على صدره العاري قائلة بعتاب :" الشغالة خبطت على الباب ثلاث مرات...

أجابها أيهم و هو لايزال يغمض عينيه مستمتعا بملمس يديها الناعمة على بشرته :" و إيه يعني....

:"بطل برود بقى... زمانهم مستغربين إحنا مانزلناش ليه على العشاء".

:"متقلقيش هما عارفين كويس إحنا مانزلناش ليه"

:"يا برودك يا أخي...كل حاجة عندك بسيطة كده".

التفت نحوها ليحدجها  بنظرات خبيثة قائلا:" أخوكي...يعني بعد كل اللي حصل بينا داه بتناديني أخوكي... "

مد يده نحوها ليجذب الغطاء الذي كانت تلف به جسدها العاري لتنهره هي قائلة :" أوعى إيدك... إنت بتعمل إيه؟؟ ".

أيهم بضحك :" بثبتلك إني أنا مش أخوكي ".

ليليان بغضب مصطنع :"بطل برود بقى.. انا حقوم آخذ شاور و انزل تحت ".

أيهم و يضمها نحوه:" تنزلي إيه دي السهرة لسه في اولها".

تجاهلت ليليان نظراته الرغبة التي لمعت بعينيه لتهتف بنبرة محذرة :" أيهم....

:"روح و قلب أيهم من جوا ". اردف و هو يضع يدها مكان الوشم لتشرد ليليان في حروف إسمها الداكنة التي زينت بشرته البيضاء لتلين نبرتها و هي تسأله :" أيهم.. هو إنت عملت كده ليه ...إنت بتحبني صح  "..

زفر أيهم بملل و هو يبتعد عنها قائلا ببرود:" الحب مش ظروري في حاجات كثيرة أهم من الحب.. ".

ليليان بتساؤل :"زي إيه؟؟".

أقبل عليها من جديد ليمرر أصابعه على وجنتيها و رقبتها متمتما بثقة:"الرغبة مثلا...لما أكون عاوزك دايما و بفكر فيكي حتى لو إنت بعيدة عني و ببقى بعد الساعات عشان أكون معاكي...".


تسللت ليليان من تحت ذراعه لتغادر السرير  و هي تلف الملاءة جيدا حول جسدها قائلة  :" دي من علامات الحب على فكرة...

تابعها أيهم و هي تدلف الحمام و تغلق الباب وراءها ليتمتم بسخرية :"حب، رغبة... مش مهم المهم إنها شعور حلو و جديد بقيت بعيشه كل يوم...".

في الداخل رمت ليليان الملاءة على الأرضية بعنف قبل أن تنزل إلى حوض المياه الدافئة و هي تشتم بغضب :" طول عمره حيوان....و هو انا حستغرب يعني ماهو دايما كده مش بيهمه غير القرف اللي زيه...".


               الفصل الحادي والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close