الشيطان شاهين ›
الفصل السادس و العشرون
والفصل السابع و العشرون
بقلم ياسمين عزيز
أشعل شاهين سيجاره لينفث دخانه بغضب و هو يجلس في شرفة جناحه.. منذ نصف ساعتين و هو يجلس وحيدا ينتظر صعود كاميليا التي تعمدت
البقاء و السهر قليلا مع هبة لتختار معها بعض الملابس و الأغراض الخاصة بالعروس من الانترنت ...
نظر لساعته ليجدها الحادية عشر ليلا.. زفر بحنق و هو يطفئ بقية السيجارة داخل المنفضة البلورية و يقف متجها إلى الخارج و في داخله عزم على أن يجرها من شعرها إلى هنا بعد أن يلقن صديقتها درسا لن تنساه حتى لا تتجرأ مرة أخرى و تأخذها منه....
ما إن إمتدت يداه إلى مقبض الباب ليفتحه حتى فتح فجأة و أطلت من ورائه كاميليا ليبتسم
شاهين بفرح كطفل صغير يرى امه....
أسرع ليحتضنها بقوة غير مبال بدهشتها التي ظهرت جليا على ملامح وجهها الفاتنة...
إبتعد عنها ليحاوط وجهها بين يديه يتأملها بعشق حقيقي و كأنه لأول مرة يراها لا يدري مالذي أصابه حتى أصبح لت يطيق فراقها و لو لدقيقة واحدة
هتف بعد صمت طويل قائلا بعتاب:"كل داه تأخير... قاعدة مع صحبتك و سيباني هنا لوحدي..".
إبتسمت كاميليا بسخرية و هي تجيبه بتحفظ :"كنت بطمن على فادي عشان كده تأخرت... انا آسفة".
قالتها بنبرة خافتة تدل على ضعفها أمامه ليسارع شاهين بتبديد ذلك الشعور بقوله :"لا متتأسفيش... خلاص محصلش حاجة بس.....إنت وحشتيني اوي في الساعتين اللي إنت قعدتيهم مع صاحبتك".
نظرت له بعدم تصديق لبرهة من الزمن قبل أن تزيح عيناها عنه و تبعد يداه برفق قائلة:"معلش انا تعبانة ممكن نتكلم بكرة...".
أكملت جملتها و هي تتثائب بتعب و تتجه نحو الحمام لتستحم و تغير ملابسها تاركة شاهين يتلظى
بنار الشوق و يمنع نفسه بصعوبة عنها...
كان يبذل مجهودا كبيرا حتى لا يتعامل معها كما في السابق فلو انها تصرفت معه كهذا منذ اسبوع لكانت أمضت بقية ليلتها في المستشفى...
تأفف للمرة الالف قيل ان يفتح باب الحمام و تخرج منه كاميليا ترتدي بيجامة قطنية طويلة باللون الأزرق السماوي كلون عيناها....
وضعت المنشفة على كرسي التسريحة ثم أخذت
مطاطة شعر لتلف شعرها على شكل كعكعة مهملة ثم تعود ادراجها إلى السرير متجاهلة زوجها الذي يقف مكانه يراقبها بصمت و غضب دفين...
:"تصبح على خير".
رددت بصوت هادئ مما جعله يتوتر اكثر.. هو الذي قرر ان يبدأ صفحة جديدة معها و أن يتقبلها كحبيبة
بعد أن تغلغل عشقها و ملكت قلبه و عقله و روحه لكن كعادته كعادة أي شخص اناني مثله لايفكر سوي بنفسه ولا يهتم سوى براحته... لا يهمه رأي تلك المسكينة هل ستوافق او سترفض فهو كما تعود يأمر و هي عليها فقط أن تنفذ....
تمدد بجانبها على السرير ثم نزع الغطاء عنها قليلا قائلا :"ساعتين مستنيكي عشان في الاخير تقوليلي تصبح على خير....".
وصل إلى مسامعه صوت تأففها قبل أن تستقيم في جلستها قائلة بطاعة :"حضرتك عاوز إيه؟؟".
هز حاجبيه و هو يرمقها بعدم رضا على اسلوبها
المستفز معه قبل أن يتشدق بوقاحة :"عاوزك...".
أغمضت عينيها بضيق واضح و هي تصر على أسنانها
بحنق قبل أن ترفع اصابعها تفتح ازرار قميصها
قائلة :"تحت امرك".
أمسك يدها بسرعة يمنعها عن إكمال ما تفعله قائلا بتبرير :"قصدي عاوز اتكلم معاكي....".
حدقت به ببلاهة غير مصدقة لما تسمعه منذ متى و هو يتحدث معها...كل ما كان بينهما هو الأمر و الطاعة....
أطول جملة سمعتها منه لا تتجاوز عشر كلمات إما يأمرها او يهينها فيها
فكيف يريد الان التحدث معها.... لاحظ شاهين إستغرابها ليهتف بهدوء و هو مازال يحتفظ بيدها داخل كفه
:" عاوز نبتدي صفحة جديدة انا و إنت... كأي زوجين طبيعين بيحبوا بعض".
شهقة قوية و عينان متسعتان بذهول هذا كل ما صدر عنها ردا على كلامه الغريب.... حب ماذا يقول هل ذكر كلمة حب و هل للشيطان قلب حتى يحب
و هو الذي عذبها و اهانها لأيام و و ليال طويلة يأتي الان و ببساطة و يريد البدأ من جديد....
:" مش فاهمة حضرتك تقصد إيه؟؟ "
تمالكت نفسها و هي تجيبه بنبرة متلعثمة دون أن تحيد عيناها عنه ليس شجاعة منها و لكنها في تلك اللحظة لم تكن تعي بما يدور حولها..
إبتسم شاهين و هو يتناول يدها الباردة بين يديه الدافئتين قائلا بصوت حنون :"مفيش واحدة تقول لجوزها حضرتك...تقوله يا حبيبي ياروحي... ياقلبي اي حاجة من الكلام الحلو داه...
كاميليا بتعجب:" و هو حضرتك معتبرني مراتك
يعني....انا هنا جارية مشتريها بفلوسك.... نسيت؟؟؟ ..
نفخ شاهين بضيق و قد فهم ما تقصده ليقاطعها بتفسير :"كاميليا....الكلام داه كان ماضي و عدا و انا قلتلك من شوية نفتح صفحة جديدة و ننسى اللي فات انا عارف إنه صعب عليكي إنك تتقبليني
بعد كل اللي شفتيه مني بس انا حخليكي تنسي
كل اللي فات....عوضك على كل الألم و العذاب اللي شفتيه في الأيام اللي فاتت إنت بس حاولي تنسي َو كل حاجة حتبقى تمام.....
حملقت فيه بصدمة ممزوجة بغضب شديد قبل أن تدفع يديه عنها و تقفز من السرير صارخة بعنف :"يا بجاحتك يا أخي إنت عاوز تجنني صح دي خطتك الجديدة عشان تتخلص مني بس ليه كل داه ليييييييه صرخت بجنون قبل أن تستأنف حديثها مرة أخرى..... انا عملتلك إيه عشان تعمل فيا كل داه طب.... طب عاوز تتخلص مني إقتلني و خلاص
و صدقني و الله.... مفيش حد حيدور عليا عيلتي و إنت عارفها ميقدروش يوقفوا قصادك و يحاسبوك.... إقتلني و ريحني ارجوك و الله معادش فيا حيل استحمل اكثر من كده.....
كانت تصرخ بانهيار و هي تجذب خصلات شعرها بعشوائية... وجهها أحمر بشدة و شفتاها ترتجفان
لا إراديا....أكملت كلامها و هي تحدق به بتركيز
منتظرة ردة فعله او بالأحرى عقابها....لكنها لم تعد
تبالي حتى لو قتلها هذه المرة....
لم يستغرب شاهين من ردة فعلها فقد كان يتوقع إنفجارها في اي لحظة ظل جالسا في مكانه يتطلع فيها ببرود مستفز قبل أن يتحدث بتأني:"كاميليا إهدي... مينفعش اللي إنت بتعملي داه إنت لسه تعبانة.....
كاميليا بجنون اكبر و هي ترميه بالوسادة :" ملكش دعوة بيا خالص و متعملش نفسك قلقان عليا...إنت اصلا اول مرة تنطق فيها إسمي.... فاكر كنت بتناديني إيه.... ها خدامة، جارية....
ضحك شاهين باستمتاع على جنونها رغما عنه... هي منهارة الان و تحتاج لأن تتكلم و تصرخ حتى تخرج كل ما يعتمر قلبها من حزن و ألم لا يريد منعها رغم انه يمنع نفسه بصعوبة كبيرة عن الوقوف و أخذها بين أحضانه في هذه اللحظة جتي ياخذ عنها بعضا من المها..
كاميليا بصدمة من برودة اعصابه :"بكرهك و حفضل اكرهك لآخر لحظة في عمري...
قاطعها بحدة و قد إكتسى الغضب ملامح وجهه الوسيمة:" كاميليا....إياكي تقولي الكلمة دي تاني إنت فاهمة ".
أخفت خوفها ببراعة و هي تجيبه:" أيوا.... طبعا إظهر على حقيقتك بقى مش بتعرف غير تدي الاوامر.... خلاص اوكي..... حاضر نبتدي صفحة جديدة و نحب بعض في أوامر ثانية يا شاهين بيه".
قالت كلمتها الأخيرة بصوت مختنق قبل أن تسير باتجاه باب الغرفة للخروج...
توقفت مكانها و هي تكفكف دموعها بيدها بعد أن إعترض طريقها واقفا أمامها بجسده الضخم...فتح ذراعيه ليطوق كتفيها بنعومة قبل أن يتكلم بصوت هادئ :" إديني فرصة أخيرة و انا حخليكي تنسي
اللي فات...أنا بس كنت محتاج وقت عشان
أكتشفك بس للاسف الثمن كان اذيتك.....ليكي حق
تقولي و تعملي اللي إنت عاوزاه و لو عاوزة تنتقمي
مني انا جاهز لأي حاجة و راضي بأي حاجة تعمليها
فيا المهم إنك....تسامحيني"
قالها بصوت خافت و هو يغمض عينيه بقوة...لم يتعود على إظهار ضعفه أمام احد خاصة هي... لكنه
يريدها ان تسامحه و ان يبدأ معها من جديد و عليه أن يتنازل قليلا عن عرش الغرور و الكبرياء الذي يحيط به نفسه لاجلها..
هذه الصغيرة التي تقف أمامه و التي تصل بطولها إلى كتفيه تستحق ان يضحي من أجلها لاينكر أنه تفاجئ
من ردة فعلها عندما أرسل لها فتحية للايقاع بها لم يكن يتوقع انها ستتجاوز أول إختباراته الصعبة ببرائتها و طيبة قلبها....
لو كانت أخرى مكانها لسارعت إلى الارتماء في أحضان من هو أقوى منه مقابل خروجها من جحيمه
ذلك المنافس القوي الذي أوهمها بوجوده و معرفته بها يعرض عليها بكل بساطة ان ينقذها و ان يوفر لها حياة أفضل مقابل خيانة زوجها... رغم انه يستحق لكنها رفضت و بقيت حتى تحمي إبنه.
سمح ضحكتها الساخرة ليفتح عيناه ليجدها تحدق
فيه بنظرات غامضة قبل أن تقول بجرأة :"للدرجة دي صعبة الكلمة.... مش قادر تعترف بغلطك على العموم انا حقلك إيه هي الحاجة الوحيدة اللي حتخليني اسامحك...
تراجعت قليلا إلى الخلف مبتعدة عنه و هي لا زالت تتفرسه بعيناها الدامعتين التي تخلل بياضهما إحمرار خفيف....
طلقني.... و رجعني بيت أهلي و انا حرجعلك كل فلوسك اللي... آه.. ".
صرخت بألم عندما شعرت بذراعيها تكادان تنكسران من شدة ضغطه عليهما رفعت عيناها نحوه لتجد
شيطانا يقف أمامها لا إنسانا....كان ينظر لها و كأنه
على وشك ان يقتلها في أي لحظة.
:" إخرسي... إياكي تجيبي سيرة الطلاق ثاني على لسانك.... إنت فاهمة ".
هزها بعنف و هو يصرخ بغضب أعمى مكملا:" إنت
مراتي و مش حسيبك لآخر يوم في عمري".
دفعها بعنف إلى الوراء ليرتطم ظهرها و رأسها بالحائط لتنفرج شفتاها بآه متألمة أفاق على إثرها
شاهين من جنونه....
ليقترب منها مرة أخرى متفقدا إياها قائلا بلهفة :" إنت كويسة.... وجعتك صح انا آسف مكنتش في وعيي....تعالي ".
قادها بلطف نحوالسرير و يده تقبع وراء ظهرها دون أن يلمسها لتسير كاميليا إلى جانبه بصمت بعد أن أدركت أنه لا جدوى من الحديث معه....
دثرها جيدا بالغطاء الصوفي ثم ذهب ليغلق باب الشرفة قبل أن يعود و يتمدد بجانبها في الجهة الأخرى من السرير تاركا مسافة بسيطة بينهما
حتى لا يضايقها أكثر.
_________________________________________
في فيلا البحيري.....
تناولت ليليان قرصا آخر من علبة المهدئ التي شارفت على الانتهاء ثم أمسكت كوب المياه تترشفه بتوتر بسبب إرتجاف يداها.
وضعت الكوب على المنضدة و هي تحاول تنظيم أنفاسها بهدوء منذ ساعتين و هي تحاول النوم بلا فائدة
فكلما أغمضت عينيها تتذكر ما حدث معها اليوم...
كانت جالسة كعادتها في مكتبها بعد ان أنهت جولتها التفقدية المعتادة لتفحص المرضى و الاطمئنان عليهم... لتسمع صوت الباب يطرق لتاذن لمن في الخارج بالدخول....لم تستغرب عندما وجدته الدكتور اسعد فهو منذ قليل أخبرها بأنه يود المجيئ و التحدث معها في أمر هام جدا ....
جلس على الكرسي المقابل للمكتب بعد أن القى عليها التحية.
ليليان بابتسامة صغيرة و هي ترفع سماعة الهاتف :"تحب تشرب إيه يا دكتور؟".
اسعد :"لا مفيش داعي تتعبي نفسك".
ليليان :"تعب إيه بس.. انا حطلبلك قهوة مضبوط زيي".
أومأ لها بالايجاب و هو يتأمل ملامحها الفاتنة و خاصة غمازتيها اللتين تزينان وجنتيها كلما إبتسمت.
وضعت ليليان سماعة الهاتف ثم إلتفتت إلى أسعد الذي وجدته يتفرسها بنظرات غريبة....تنحنحت لجلب إنتباهه لينزل عينيه عنها فورا قائلا بحرج :" آنا آسف يا دكتورة..... الظاهر إني سرحت شوية..".
ليليان و هي تخفي ضيقها :"حصل خير...إيه هو بقى الموضوع المهم اللي حضرتك عاوز تكلمني فيه".
أسعد بجدية :"بصراحة الموضوع اللي انا كنت عاوز اكلمك فيه مينفعش يتقال هنا في الشغل بس كمان مقدرش اطلب منك إننا نتكلم في مكان ثاني غير هنا...الموضوع يخص الدكتور أيهم جوزك....".
ليليان بتعجب و قد بدأت دقات قلبها بالتسارع :" ماله أيهم...حصله إيه؟؟ ".
أسعد بغضب ممزوج بسخرية :" متقلقيش هو كويس و محصلوش حاجة....انا بصراحة ترددت كثير قبل ما آجي أتكلم معاكي بس.... كمان مقدرتش اشوفك كده و معملش حاجة بالرغم من إن كل الناس اللي هنا عارفين لكن مفيش حد فيهم تجرأ و تكلم معاكي و نبهك عشان خايفين.... الدكتور أيهم جوزك بيخونك مع الدكتورة هند...".
شهقت ليليان و هي تضع كفها على ثغرها تمنع صوت صرختها المتألمة من التحرر....قبل أن تهتف بعنف :" إنت بتقول إيه؟ جبت التخاريف منين؟
وقف اسعد من مكانه لينحني إلى مستواها و هو
ينظر في عينيها قائلا بتحدي:"لا دي مش تخاريف و إنت عارفة داه كويس...معقولة حضرتك عامية للدرجة دي مشفتيش نظرات زمايلك ليكي او مسعتيش همساتهم و هما بيتكلموا عليهم... الكل عارف إلا إنت كل الدكاترة و الممرضات حتى العيانين...و بعدين الدكتور أيهم غني عن التعريف و متعود على كده بس اللي مش فاهمه إزاي يبقى متجوزك إنت و يخونك.... "
تجاوزت ليليان صدمتها ببراعة قائلة بغضب و هي تضرب سطح مكتبها بقبضتها :"انا ميهمنيش كلام أي حد... و الدكتور أيهم.... "
إبتسم اسعد بسخرية و هي يكمل جملتها :" بيخونك مع ست ثانية و اللي هي الدكتورة هند طبعا إنت عارفاها و على فكرة دي مش اول مرة و انا قريب جدا حجيبلك الدليل خصوصا إنه إختارها هي بدال الدكتور أنور عشان تروح معاه مؤتمر برلين.. و لو مش مصدقاني تقدري تتأكدي بسهولة....متزعليش يا ليليان أيهم داه حقير و زبالة و يستاهل واحدة وسخة زيه...عن إذنك ".
افاقت من ذكرياتها و هي تشعر بغصة كبيرة تكاد تخنقها لقد أكد لها اسعد ماكانت تشعر به...خيانة الزوج ما اصعبه من شعور خاصة لإمراة مثل ليليان جميلة مثقفة.. و الأدهى من ذلك انها إبنة عمه يعرفها جيدا و يعرف أخلاقها....
لماذا أصر على الزواج منها إذا كانت نيته خيانتها.
فتحت شباك الشرفة ليتسلل هواء الشتاء البارد
عله يخفف بعضا من النار التي كانت تحرق جسدها
بلا رحمة.
مرت دقائق طويلة عليها و هي تقف مكانها حتى شعرت بالبرد الشديد ينخر عظامها.
مسحت دموعها بكفيها قبل أن تعود إلى داخل الغرفة
و هي تحاول التماسك و إخفاء ضعفها فليست ليليان البحيري من تبكي بسبب رجل باعها و خانها....
هي صامتة فقط لأنها تريد التأكد.... تريد دليلا ملموسا يؤكد خيانته لها بعدها تقسم أنها لن تتوانى ابدا عن الانفجار.
ستريه من هي ليليان البحيري فلينتطر قليلا فقط.
في نفس الوقت في شقة أيهم...
لفت هند غطاء المنشفة على جسدها العاري باحكام قبل أن تخرج من الحمام لتجد أيهم قد إرتدى ملابسه
و يقف أمام التسريحة يسرح شعره المبلل....
تقدمت نحوه بدلال مقبلة خده قائلة:"خلاص حتروح...؟؟
إحتضن أيهم خصرها ليق بها منه طابعا قبلة سريعة
على شفتيها قبل أن يجيبها :" لازم اروح البيت دلوقتي...".
هند بخبث :" بس الوقت متأخر.. حتقولهم إيه لما يسالوك... ؟؟
ايهم بغمزة:"أكيد نايمين و بعدين انا كنت فين اصلا
في المستشفى عندي عملية مستعجلة.... "
هند و هي تضحك بصخب :" مممم ذكي اوي يا بيبي
خمس دقايق ألبس هدومي و أنزل معاك عشان توصلني في طريقك"
أيهم بموافقة:" ماشي حستناكي في الصالون....
اومأت له بالموافقة ليغادر الغرفة...لتسرع هند إلى
حقيبة يدها التي كانت تضعها على الكومودينو بجانب السرير بشكل يظهر انه عشوائي.... فتحتها لتخرج هاتفها و تلتقط عدة صور لها في كامل انحاء
الغرفة قبل أن تغلقة و تعيده إلى مكانه و تحضر ملابسها لترتديها على عجل....
بعد نصف ساعة توقفت سيارة أيهم أمام مبنى راق
لتترجل هند بعد أن ودعت أيهم لينطلق الاخير بسيارته متجها إلى الفيلا....
صعدت هند درجات السلم متجهة إلى شقتها و هي تدندن بسعادة فتحت الباب بمفتاحها الخاص ثم
توجهت مباشرة نحو غرفة نومها....
أخرجت هاتفها لتعيد التحقق من وجود تلك الصور التي قامت بتصويرها في شقة أيهم قبل أن تتصل بأسعد....
اسعد بصوت ناعس:"بتتصلي بيا في الوقت المتأخر داه عاوزة إيه؟؟؟
هند :" سوري فيقتك من النوم بس عشان اقلك إني
خلاص إبتديت في تنفيذ الخطة و قريب جدا العصفور حيوقع في القفص ".
أسعد بتهكم :" طبعا ماهو أعمى و اهبل عشان يسيب القمر يبص على....
هند بمقاطعة'"بقلك إيه أنا مسمحلكش.... إنت مش احسن مني في حاجة انا و إنت مصلحتنا واحدة و هدفنا واحد فمفيش داعي كل شوية تسمعني الاسطوانة دي....تصبح على خير و متنساش اللي إتفقنا عليه....
أنهت المكالمة دون الاستماع إلى جوابه و هي تشتمه في داخلها بكل انواع الشتائم بسبب سخريته منها
و من حقارتها....
بالرغم من انه هو أيضا شريك معها في خطتها
القذرة في التفريق بين زوجين لكن أسبابه مختلفة
هو يحب ليليان حيا صادقا و إضطر إلى الدخول معها في لعبتها القذرة حتى يستطيع أن يخلص حبيبته من زوجها الخائن لما هند فهدفها هو ثروة أيهم البحيري و إسمه.... تريد الحصول عليه بأي
طريقة ممكنة...
مرت الايام على أبطالنا و لا جديد يذكر... ليليان لم تعد ترى أيهم إلا نادرا بسبب إنشغاله نهارا في العمل بالمستشفى و ليلا مع هند.... و أسعد ينتظر الفرصة
المناسبة حتى يقدم دليل خيانة أيهم ليليان حتى
تستطيع التخلص منه نهائيا.
اما عمر و هبة فقد عادا إلى الفيلا لإكمال تحضيرات الزفاف بمساعدة كاميليا و شاهين الذي حرص
على تغيير معاملته معها ليثبت لها رغبته في
بدا حياة جديدة و مختلفة معها .
👇👇👇👇👇👇👇
الفصل السابع و العشرون
ترجلت نور من السيارة التي خصصها شاهين
لتنقلها هي و كريم إلى مدارسهم...اغلقت الباب ورائها
لتتجه بعدها نحو باب البناية الفخمة التي أصبحت تقطنها صحبة عائلتها....تبعها اخوها الذي كان يمشي بتثاقل و تعب قبل أن يتوقف فجأة و يرمي
محفظته على الأرض هاتفا بغضب طفولي:"البتاعة
دي ثقيلة اوي و انا تعبت خليها هنا و انا حقول لماما تنزل تجيبها".
إلتفتت له نور و هي تكاد تنفجر من الغيظ بسبب
أخيها المدلل قائلة بتهديد:"شيل المحفظة يا كريم
احسنلك بلاش دلع فارغ مش كل حاجة ماما حتعملهالك..."
هز الصغير كتفيه برفض و هو مازال يقف مكانه قائلا
بعناد :"لا خليها هنا مش عاوزها... او شيليها إنت".
عادت نور أدراجها بخطوات غاضبة و هي تلتقط المحفظة من الأرض و تضعها قسرا على كتفيه
قائلة بنفاذ صبر:"محفظة فيها كتابين و قلم مش قادر تشيلها الخطوتين دول؟؟ ...و بعدين حضرتك تعبان من إيه طول النهار بتجري و تتنطط في الساحة و دلوقتي بس إفتكرت إنك تعبان....شيل الزفتة دي و متجننيش انا مش ناقصاك..."
رمقها كريم بحقد طفولي وهو يزيح المحفظة مرة أخرى و يلقيها على الأرض من جديد قائلا بغضب
:" و الله لقول لماما إنك زعقتيلي و ضربتيني كمان
و حقلها إنك قلتي عليا حمار و غبي... "
نظرت له نور بصدمة و هي تضع يدها على خصرها
قائلة بسخرية :" كداب.. انا إمتى مديت إيدي عليك
ها..... طولك شبرين و نص و بتكذب من دلوقتي أمال لما تكبر حتعمل إيه و بعدين ما إنت حمار و غبي فعلا
مش عارف خمسة زائد ثلاثة يبقوا كام...
أجابهاكريم بحنق:"يبقوا ثمانية....
نور بسخرية :"امال كاتب تسعة ليه في الورقة بتاعة الامتحان يا ذكي ؟؟ ...
دي الميس بتاعتك عاملالك علامة إستفهام حمراء قد دماغك.. المسكينة عندها حق مش فاهمة خطك اصلا مفيش حد بيفهم إنت بتكتب إزاي لازمك منجم عشان يفك الطلاسم اللي إنت بتكتبها... يا غبي..
كريم بغضب:" انا مش غبي...إنت اللي غبية و وحشة....و شعرك قصير زي الاولاد....
انهي كلمته و هو يخرج لها لسانه باستهزاء لتبتسم نور بشر قبل أن تهتف بعناد و هي تخلل أصابعها في شعرها القصير :" أنا حنجح و حجيب مجموع كويس و ادخل كلية طب و ابقى دكتورة عشان شاطرة بس إنت عشان تلميذ فاشل حتسقط و حتعيد السنة و تبقى تدرس مع آية بنت أنكل عبد الحميد اللي لسه في سنة اولى ....
تجهم وجه كريم بشدة ليرمي محفظته على الأرض ثم يهرول بسرعة ليصعد الدرج متجها إلى شقتهم.
إنحنت نور لتلتقط المحفظة و هي تشتم كريم بعدة شتائم تصف فيها غبائه و دلاله المفرط...
فجأة توقفت مكانها إثر سماعها لضحكات رجولية
خافتة... إلتفتت إلى مصدر الصوت لتجد شابا اقل ما يقال عنه انه وسيم يرتدي سترة رياضية حمراء اللون بدون أكمام رغم برودة الطقس و بنطالا رياضيا ابيض و يرتدي نظارات شمسية تخفي عينيه...
حدقت فيه نور بعينين متسعتين و قد جذبها مظهره الجذاب خاصة بطوله الفارع حتى أنها إضطرت إلى رفع رأسها قليلا حتى يظهر لها وجهه و عضلات صدره و ذراعيه المنتفختين مثل خاصة المصارعين الذين تراهم في التلفاز...
تراجعت إلى الوراء قليلا و هي مازالت تتفرسه ببلاهة
ليبتسم محمد (شقيق أيهم لو فاكرينه) إبتسامة خفيفة أفاقت على إثرها نور من صدمتها و تتمالك نفسها لتكشر بوجهها متمتمة بصوت خافت ظنت انه لم يسمعها:" ماهو مش ناقص غير عم جون سينا داه...
كانت ستكمل طريقها نحو المصعد لكنه اوقفها قائلا بصوت رجولي خشن إقشعر له جسدها:" سمعتك على فكرة".
إلتفتت نحوه مرة أخرى لتقول بتحدي:" و لايهمني على فكرة....
إبتسم محمد و هو يرفع يده ليزيل نظارته لتشهق نور بخوف و هي تتراجع إلى الوراء ظنا منها انه سيظربها...
إتسعت إبتسامته الساحرة حتى ظهرت أسنانه البيضاء اللؤلؤية لترمش نور بأهدابها عدة مرات قبل أن تحدث بتلعثم :" بقلك إيه...خذ عظلاتك دي و إتكل يلا انا مستعجلة َ مش فاضيالك في مصيبة مستنياني فوق..."
تعالت ضحكاته المستمتعة و هو يلاحظ نظراتها المرتبكة نحوه
و هي تضغط على أزرار المصعد الذي أبى ان يفتح و كأنه يعاندها هو أيضا تقدم قليلا ليضغط على الزر الصحيح ليفتح باب المصعد أمامها
دعاها للدخول بحركة لبقة من يديه قبل أن يتحدث بنبرة هادئة و هو يشير باصبعه نحو محفظة كريم :" أخوكي لسه صغير و ميستاهلش الكلام الجارح اللي إنت قلتيهوله...داه حيدمر نفسيته أكثر و يخليه يفقد الثقة في نفسه و في قدراته حاولي تتكلمي معاه بهدوء أحسن...".
رمقته نور بانزعاج قبل أن تنزل رأسها باستسلام فهذا الغريب محق في كل كلمة قالها... هي دائما ما تقسو على كريم و لا يعجبها تدليل والدتها المفرط له و إهماله لدراسته لا تعي انه طفل صغير لا يفقه في هذه الدنيا سوى اللهو و اللعب...
فتح باب المصعد لتخرج نور و يتبعها محمد بصمت متجها نحو الشقة المقابلة لشقة سعيد محمود..
ألقت نحوه نظرة اخيرة قبل أن تخرج مفتاحها من جيب محفظتها و تفتح الباب و تدلف بسرعة....
إتسعت إبتسامتها لتصرخ بفرح عندما وجدت شقيقتها كاميليا تجلس مع والدتها في الصالون واضعة كريم في حجرها و تقبله بين الحين و الآخر.
إرتمت نور عليها تحتضنها بلهفة و تقبلها مصدرة أصواتنا عالية قائلة:"وحشتيني يا كوكي وحشتيني اوي اوي....
قهقهت كاميليا بخفة و هي تجيبها:" و إنت كمان...
وحشتوني كلكم كنت حتجنن و اشوفكم....
إبتعدت عنها نور ثم جلست بجانبها متمسكة بيديها و هي تتسائل بثرثرة :"إنت جيتي إمتى و كنتي فين يلا إحكيلي كل حاجة بالتفصيل.... إنت رحتي لندن صح..؟
قاطعها والدتها تنهرها بلوم :"بلاش غلبة يانور و سيبي اختك على راحتها و بعدين إنت لسه جاية من المدرسة يعني تدخلي اوضتك زي الشاطرة تغيري هدومك و تحطي أكل عشان تتغدي إنت و اخوكي ...".
إمتعظت ملامح نور و هي تتلقى توبيخ والدتها لتجيبها :"الله يا ماما و هو السؤال بقى حرام الايام دي انا كنت بس عاوزة أسألها قضوا شهر العسل فين عشان أغيظ لمياء و رؤى صاحباتي... "
الام بتهكم :" بكرة لما تتجوزي.... روحي لندن و غيضيهم يلا قومي و إعملي إلي قلتلك عليه دلوقتي
اختك لسه قاعدة معانا لليل مش حتهرب ".
وقفت نور من مكانها و هي تلتقط أدواتها قائلة
بتذمر :" حاضر يا ماما رايحة أهو.... إلتفتت إلى كاميليا تتفحصها بتمعن قبل أن تردف :" مش حتباتي معانا ي كوكي؟؟
ظهر الارتباك على ملامح الأخرى لكنه تداركت نفسها سريعا مجيبة:" مقدرش يا نوري خليها المرة الجاية"
هزت نور كتفيها بلامبالاة لتتجه نحو غرفتها لتغير ملابسها كما امرتها والدتها".
بعد ساعة كان الجميع يجلس في الصالة يتبادلون أطراف الحديث بينما تجلس نور على الأرض هي و كريم يفتحون الهدايا التي أحضرتها لهم كاميليا
فتحت نور أخد الأكياس و هي تتحدث بثرثرة :" قلتيلي بكرة فرح هبة...و الله لوريها الجزمة
آخر مرة لما كلمتني قالتلي حكلمك ثاني و اقلك معاد الفرح بالضبط عشان تيجي و بكرة فرحها و هي لسه مكلمتنيش"
مطت كاميليا شفتيها المكتنزتين بتذمر قبل أن تقول :" ما انا قلتلك أهو على معاد الفرح و إلا مش كفاية و بعدين هي دلوقتي عروسة يعني وراها الف حاجة و حاجة دا غير ظروف الفرح المتلخبطة
دي مامة عمر وافقت على الفرح بالعافية ".
الام بهدوء:" ربنا يتمم لها على خير يا بنتي...أحسن حاجة عملها جوزها انهم حيعيشوا بعيد عن عيلته و إلا كانت هبة حتعاني معاهم....
همت كاميليا لتجيبها لكن صوت هاتفها أوقفها...
نظرت إلى الشاشة لتجد شاهين يتصل بها تنحنحت قليلا لاجلاء صوتها وهي تجيبه :"الو.....
حاضر.. لا مش حتأخر..... تمام مع السلامة".
فصلت المكالمة لتجد نور و والدتها ينظران إليها بفضول و كأنهما يسالانها بعينيهما لتجيبهما بلامبالاة:"دا شاهين بيسألني لو خلصت حيعدي
عليا عشان ياخذني...".
أتاها صوت نور العابث :"الظاهر إنك وحشتيه... يا بختك مش قادر يبعد عنك....
قاطعتها كاميليا تنهرها بجدية مخفية بذلك خجلها :"إنت بقيتي قليلة الادب على فكرة... "
قهقهت نور قبل أن تضيف :" متتكسفيش عادي يعني داه بردو زي جوزك..."
إنقضت عليها كاميليا تضربها بالوسادة لينظم إليها
كريم الذي إستغل الفرصة ليثأر منها على مافعلته
به منذ ساعات....
توقفوا عن عبثهم بعد أن شعروا بالتعب لتلتقط نور أنفاسها اللاهثة قائلة : بالحق يا كوكي...انا محكتلكيش في واحد شبه جون سينا ساكن في الشقة اللي قدامنا.... "
رفعت كاميليا حاحبيها المرسومين ببراعة مستفسرة:" مين جون سينا داه... "
عادت نور لتجلس في مكانها قائلة :" داه واحد من المصارعين اللي بيطلعوا في التلفزيون....بس اللي بحكيلك عليه أطول منه شوية شافني و انا بتكلم انا و كريم
تحت و قعد يضحك علينا.... عارفة يا كوكي كان لابس جاكيت من غير أكمام كأنه مش حاسس بالبرد... و حيحس بالبرد إزاي بكتلة العضلات اللي عنده...داه لو نفخ عليا كان طيرني...انا دايما بتساءل الناس دي بتاكل إيه عشان تتنفخ كده اه يا كاميليا لو كنتي شفتيتي و انا واقفة جنبه زي الارنوب الصغير الي قاعد جنب فيل... لا فيل إيه قولي ديناصور حتة واحدة...
كاميليا بضحك :"دول بيتبعوا تدريب خاص و أكل صحي معين عشان جسمهم يبقى كده يا أرنوب....
نور بلا مبالاة :" يا بنتي تلاقيها حقن و أدوية..
. المهم قوليلي حتلبسي إيه في الفرح ".
أمسكت كاميليا هاتفها تتصفحه لتبحث عن صور ما لتريها لأختها قائلة :" شفتي الفستان الأزرق داه
عجبني جدا...بس عريان شوية من فوق".
همهت نور بعدم رضا قائلة:"بالعكس داه حلو اوي و تقدري تحطي فوقه إيشارب بنفس لونه حيبقى
عليكي تحفة يا كوكي... بس مش ملاحظة إن ثمنه غالي شوية".
كاميليا بعدم إهتمام :" أيو هو غالي بس شاهين
قلي إشتري كل اللي أنا عاوزاه و أنا إشتريت الفستان داه و زمانهم وصلوه الفيلا....
نور بابتسامة :"يا جميل يا واثق إنت.... مش خسارة فيكي فساتين الدنيا كلها داه إنت حرم شاهين الألفي يعني تلبسي و تتشيكي زي ما إنت عاوزة ".
حركت كاميليا رأسها و هي تبتسم في وجه اختها متمتمة في نفسها :"لو كنتي تعرفي الحقيقة مكنتيش قلتي كده".
بقيت كاميليا حوالي ساعة أخرى في منزل والدها
قبل أن تعود إلى الفيلا مجبرة بسبب مكالمات شاهين لها كل نصف ساعة تقريبا يلح عليها ان تعود إلى الفيلا..
نزلت من البناية لتجد سيارة شاهين متوقفة أمام البناية و ترافقه سيارات الحراسة الخاصة.. ركبت إلى جانبه لتتفاجئ به يلتقطها داخل أحضانه و يضمها
بقوة كبيرة كادت تكسر عظامها...
أبعدته عنها بصعوبة بالغة و هي تنظر له بتعجب
ليقابلها بنظرات هائمة عاشقة لم يستطع إخفائها
قائلا بلهفة :"وحشتيني اوي في الساعات القليلة اللي غبتيها عني دي و مقدرتش أستنى لما ترجعي البيت فقلت اجيلك بنفسي.."
حركت رأسها و هي ترغم نفسها على الابتسام أمامه قبل أن تجيبه بارتباك :"اها... طيب آسفة لو تأخرت اصل نور كنت عايزانى ابات معاها الليل....
سرعان ما تحولت ملامحه الهادئة إلى أخرى متجهمة مقاطعا كلامها بحدة :"لا ممنوع تباتي برا البيت مش حسمحلك بكده...."
كاميليا بهدوء:" حاضر... "
إنشغلت بتقليب هاتفها متجاهلة إياه لي ليزداد غضبه و يخطف الهاتف من بين يديها صارخا بحدة :"و البتاع داه مش عاوز أشوفه في إيدك طول ما إنت جنبي".
رماه على أرضية السيارة بدون إهتمام و هو يحاول السيطرة على أنفاسه المتسارعة...لتلتفت له كاميليا
قائلة بتردد :" هي دي الصفحة الجديدة اللي عاوز تفتحها معايا...
تدارك شاهين غضبه ليتحدث بنبرة خافتة :" مش عارف بس أكيد محتاج وقت... مش عارف إيه اللي بيحصل معايا بس إنت حاولي لما أتكلم معاكي
متتجاهلينيش و إهتمي بيا شوية".
كاميليا بدهشة :" مش فاهمة.... "
شاهين بحدة:" يعني إيه مش فاهمة.... مش ملاحظة إني من يوم ما إعتذرتلك و طلبت منك نبتدي صفحة جديدة بقيتي باردة معايا وقتك كله يا إما مع صاحبتك يا إما مع فادي و مش بتيجي الأوضة إلا لما تتأكدي إني أنا نمت ... و كل ما آجي أقربلك بتبعدي عني و عن أي مكان بكون انا فيه... انا بحاول اعوضك على الايام الصعبة اللي قضيتيها معايا بحاول اتغير و اكون إنسان جديد معاكي غير اللي تعرفيه بس إنت مش بتساعديني... مش بتديني فرصة ".
إبتسمت كاميليا بحزن قبل أن تتكلم بتردد :" مش فاهمة حضرتك تاعب نفسك ليه مع واحدة زيي
إشترتها بفلوسك زي ما بتقول... حيفيدك بإيه رفضي او موافقتي ما إنت متعود تعمل كل حاجة على مزاجك...
شاهين بلهفة:"عاوزك تكوني مبسوطة معايا... إنت ليه مش بتفهمي".
كاميليا بحنق غير مقصود:" هو إنت بتتكلم بجد عشان أنا بصراحة لسه مش مستوعبة شاكة إنك بتهزر ايوا طبعا ماهو مافيش تفسير غير كده
حضرتك ضربتني قلم على وشي عشان تطلب مني
أنسى و اسامحك...
شاهين بنبرة متعالية :" مهما كان اللي عملته فيكي داه كان زمان... ماضي و إنتهى و مفيش قدامك حل غير إنك تنسي....
كاميليا باستهزاء :" أيوا طبعا ماهو كل الحكاية زر و حكبس عليه و كل الذكريات حتتمسح من ذاكرتي
و حرجع عادي....انا بقول مفيش داعي حضرتك
تتكلم معايا في الموضوع داه ثاني عشان انا مستحيل انسى او أسامح عشان اللي شفته مش قليل....قول اللي عاوز تقوله و إعمل اللي عاوز تعمله إن شاء الله حتى تقتلني مش فارق معايا اصلا
أنا ميتة من زمان....و تعودت منك على كل حاجة ضرب و إهانة و...
توقفت قليلا عن التحدث قبل أن تكمل :"مشفتش منك حاجة حلوة عشان تشفعلك عندي... خلينا نفضل زي ما أحنا لحد ما حضرتك تزهق مني وترميني... زي ما رميت مراتك الاولانية..."
عم الصمت السيارة بقية الطريق فكاميليا لم تعد قادرة عن التكلم أكثر و شاهين لم يجد ما يدافع به عن نفسه....فكل ما قالته صحيح لكنه لن يستسلم هي معه و ستبقى معه حتى و إن كان رغما عنها... سيظل يحاول دون كلل او ملل ان يكسب قلبها الميت بعد أن يحييه من جديد.
في احد النوادي الرياضية الفخمة و تحديدا في قاعة كبيرة مخصصة لرياضة الملاكمة ....
يقف محمد بجانب المدرب و هما يراقبان شابان يتقاتلان بشراسة كل منهما حريص على الإطاحة بخصمه...
مرت دقائق طويلة قبل أن يشير لهما المدرب بالتوقف قائلا و هو يصفق :"برافو يا علي برافو يا أمير...كفاية تدريب النهاردة و متنسوش المسابقة بعد بكرة....
أومأ له الشابان بطاعة قبل أن يتجها إلى أحد الأبواب.
إلتفت طارق (المدرب) إلى محمد ليجده ينظر إلى الأرض بشرود صفق بقوة بجانب أذنه ليبعد الاخر رأسه بانزعاج و هو يصيح :" ياعم اوعي بلاش رزالة فصلتني".
قهقه طارق بخشونة و هو يلكم محمد علي ذراعه المعضل قائلا بمرح :"لسه بتفكر في المزة إياها صح"
قلب محمد عينيه بملل و هو يجيبه :"مش حخلص منك أنا عارف بس أستاهل يا ريتني ماحكيتلك"
اجابه طارق بضحك :" و الله داه حبقى خبر الموسم محمد البحيري اللي عمره ما عبر بنت وقعته حتة بنت لسه في المدرسة..
رمقه محمد بحنق مجيبا :" أديك قلتها لسه في المدرسة يعني مستحيل أبصلها او أفكر فيها هي بس فيها حاجة مختلفة شدتني ليها... مش عارف اشرحلك عشان إنت حمار و أكيد مش حتفهمني....
قطب طارق جبينه مدعيا الحزن قبل أن يتحدث بصوت حاول أن يجعله رقيقا :" إخصي عليك يا ميمو انا حمار....
نظر له محمد باشمئزاز و هو يجيبه بحنق:" إسترجل يالا... ربنا يقرفك هي الدنيا ناقصة إنت لو شفتها كنت فهمت أنا أقصد إيه....
طارق بصوت عادي :"يا إبني من الصبح و إنت بتقلي مختلفة.... مختلفة صدعتني و انا بصراحة جعت
حل عني بقى و زي ما إنت قلت.... جو الرومنسية و الحنية داه مياكلش معايا انا عجبتني بنت اروح اتكلم معاها دغري و بعدين أقلب على مهلي....
محمد :" هي بطاطس عشان تقلبها... بقلك بنت صغيرة... بنوتة زي القمر...ناعمة زي حتة البسكوتة انا متأكد لو لمستها حتتكسر في إيدي كانت بتتخانق مع أخوها الصغير يعني دماغها لسه طفلة صغيرة... عاوزني اروح أتكلم معاها....
حدق به طارق قليلا ببلاهة قبل أن يجيبه :" عندك حق....تصدق إن إنت صح و إن انا مش فاهم منك حاجة غير إن البنت عاجباك عشان إنت اول مرة تكلمني عن بنت و دلوقتي حل عني انا خلصت شغلي و مروح.....
سار طارق مبتعدا عن محمد ليشتمه الاخر بصوت خافت قبل أن يتبعه مناديا :" طارق إستنى هنا.... بقلك...إنت مش تغديت بقالك ساعتين.... طب إستنى
بقلك انا عازمك على فرح صاحبي...
توقف طارق عن السير و هو يضع إصبعه على ذقنه يدعي التفكير :" اوبن بوفيه؟؟؟
محمد بقهقة :"طبعا يا بو كرش مش همك غير بطنك دي....
لكمه بخفة على بطنه ليضحك طارق و هو يبادله اللكمة بمزاح قبل أن يتجها نحو بقية القاعات الرياضية في النادي...