أخر الاخبار

رواية الشيطان شاهين الفصل الثالث والعشرون حتى الخامس والعشرون بقلم ياسمين عزيز


 رواية الشيطان شاهين

الفصل الثالث والعشرون والرابع والعشرون والخامس والعشرون

بقلم ياسمين عزيز


الفصل الثالث و العشرون

إستيقظت ليليان على صوت منبه هاتفها...


أغلقته بسرعة ثم تجلست في سريرها تنظر


إلى الجهة الأخرى من الفراش لتجدها فارغة...

لوت ثغرها باستهزاء و كأنها كانت تتوقع حدوث


ذلك. مطت ذراعيها و هي تتثاءب بكسل


متتمتة:"أصبحنا و أصبح الملك لله..

ربنا يعدي اليوم داه على خير".


قامت من مكانها لتقوم بروتينها اليومي


و تنزل إلى الاسفل لتجد بقية العائلة متحلقة


على طاولة الفطور ألقت عليهم التحية ثم قبلت رأس


عمها قبل أن تجلس مكانها....


كريمان بتساؤل بعد أن لاحظت تأخر أيهم في


النزول:" هو أيهم لسه نايم و إلا إيه؟ ".


ليليان و هي تترشف قهوتها:"لا يا طنط... هو أصلا

مش بايت هنا إمبارح".

كاريمان بدهشة :"مش هنا؟؟ أمال فين؟؟

ليليان بنفس البرود:" مش عارفة قال إن عنده شغل


متأخر...و فضل في المستشفى عشان يكمله و


إمبارح لما كلمته قلي إنه حييجي متأخر بس


مجاش".

حدقت بها كاريمان بعدم رضا ليقاطعهم محمد


قائلا :"يا ماما أيهم مش صغير و بعدين ماهو


ياما بات برا البيت يا إما في المستشفى

و إما مع أصحابه "..


كاريمان بتلميح:" زمان مكانش متجوز يعني مكانش4


عنده حد يرجع علشانه .. بس دلوقتي

الأمر إختلف و متنساش إن هو لسه عريس


مكملتش شهر يعني إيه اللي حيخليه يبات برا بيته


مثلا ".

تأففت ليليان بصوت مرتفع و هي ترمي

المنديل على الطاولة بعد أن فقدت أعصابها

و صبرها من تلميحات زوجة عمها في كل

جلسة :" و الله يا مرات عمي داه إبنك و إنت أدرى

بطباعه فلما يروح الليلة إن شاء الله إبقي إسأليه ".

وقفت من مكانها و هي تكمل :" عن إذنكم انا رايحة

المستشفى عشان تأخرت".

خرجت ليليان من الفيلا تاركة العائلة تتحاور في


مابينها بعضهم يلوم كاريمان على تغيرها مع ليليان


منذ زواجها و بعضهم يذكرها بتصرفات أيهم الغريبة


قبل أن يتفرق كل واحد منهم إلى وجهته.

تستمر القصة أدناه

وصلت ليليان إلى المستشفى و هي في قمة الغضب


ألا يكفيها ما تعانيه من الابن حتى يأتي دور الام.

ألقت حقيبتها فوق مكتبها بإهمال ثم رفعت سماعة


الهاتف لتطلب قهوة لها.

دخلت عليها أمنية دون أن تطرق الباب و هي


تقول بصوت لاهث:"صباح الخير يا لولو مالك... كنت


بنده عليكي من أول مادخلتي باب المستشفى بس


مسمعتنيش".

ليليان :"صباح الخير... سوري أصلي جاية من البيت


مش شايفة قدامي....

أمنية و هي تجلس على الكرسي:" إيه مالك حصل


إيه؟؟؟

أسندت ليليان ظهرها على كرسيها بتعب قبل أن تتكلم:" كالعادة طنط كاريمان و إبنها ".

تأففت أمنية من سيرتهما و هي تجيبها:" هي مرات


عمك دي مالها إتقلبت مرة واحدة كده مش كانت


بتحبك و بتعتبرك زي بنتها؟؟ ".

ليليان بملل:" داه كان زمان قبل أن ابقى مرات إبنها


العزيزة اللي لازم تهتم بالبيه و تعامله معاملة الأسياد

و متزعلوش حتى لو على حساب كرامتها و


مشاعرها".

همهت أمنية قليلا قبل أن تجيبها :"ربنا يكون في

عونك يا لولو...مش عارفة حكايتك دي حترسي على

فين... انا أنصحك إنك تحكي لعمك على كل حاجة

و هو اكيد حيتكلم معاه يمكن يغير معاملته ليكي

شوية ".

ليليان بنفي:" مستحيل... انا طبعا مقدرش أقول لعمي

على حاجات زي دي و بعدين لو كنت عاوزة أقله


كنت قلتله من زمان من قبل ماتجوز... يمكن ساعتها

كنت أقدر اتخلص من أيهم و لو إن داه إحتمال

ضعيف... انا عارفة أيهم و عمايله و مفيش حاجة

حطها في دماغه إلا و وصلها... انا خلاص إنتهيت

و رضيت بقدري انا اللي مضايقيني حاجة واحدة بس

مرات عمي بقت مصتقصداني في الرايحة و الجاية

يا رتني كنت وافقت أيهم إننا نعيش في شقته على

الاقل حبقى مرتاحة انا بقيت في نظرها مذنبة و إن

أنا اللي مطفشة إبنها من البيت ".

أمنية بتأسف :" انا مش عارفة أقلك إيه يا لولو ربنا


معاكي يا حبيبتي..."في مكتب آخر لا يبعد كثيرا عن مكتب ليليان..


طرقت هند الباب طرقات متتالية قبل أن يسمح لها

بالدخول.

إبتسمت هند و هي تلقي التحية :" صباح الخير يا


دكتور أسعد... "


أسعد بابتسامة :"صباح الخير يا دكتورة هند...


إتفضلي ".

جلست هند و هي تضع ساقها على الأخرى بأناقة قبل


أن تتحدث :" إيه أخبار الشغل يا دكتور؟".

بادلها أسعد إبتسامة عمليه قبل أن يجيب باختصار

:"كل حاجة تمام شكرا يا دكتورة".

تنحنحت هند و هي تستوي في جلستها و قد ظهر


على ملامحها بعض الاهتمام:" انا الحقيقة... كنت

عاوزة أتكلم معاك في حاجة مهمة جدا... بس

متخصش الشغل، حاجة شخصية يعني... بس أتمنى

متفهنيش غلط يا دكتور".

أسعد بهدوء :"إتفضلي يا دكتورة إتكلمي".

هند بجرأة :"انا الحقيقة سمعت شوية إشاعات

بتقول إنك معجب بالدكتورة ليليان..".

قاطعها أسعد بحدة :" من فضلك يا دكتورة...مفيش

داعي للكلام داه...داه كان ماضي و إنتهى و دلوقتي

الدكتورة ليليان متجوزة و ميصحش نتكلم عليها

بالطريقة دي ".

هند بخبث :" الواضح إنها كنت بتعزها أوي...عشان

كده مش طايق تسمع كلمة وحشة عليها... على

العموم صدقني انا كنت عاوزة مصلحتك و بس

و كمان انا فكرت كثير قبل ماجي أتكلم معاك

إنت الوحيد اللي حتقدر تنقذ الدكتورة ليليان.. داه

لو بتحبها بجد... ".

أسعد بتساؤل و قد جذبت إنتباهه بكلامها :" مالها


الدكتورة ليليان و أنقذها من إيه.... مش فاهمك ".

هند و هي تمثل شعورها بالاسف:" انا بصراحة

عرفت صدفة و بما إني ست زيها و تقريبا مريت

بنفس الظروف اللي هي فيها فأنا حسيت بيها أوي

الصراحة و صعبت عليا بالرغم من إن علاقتي بيها


عادية مجرد زملاء بس هي معروفة في المستشفى


كلها بأخلاقها و طيبتها و كل اللي هنا بيحبوها و انا

لما سمعت اللي حصل حسيت قد إيه هي مظلومة

تستمر القصة أدناه

و متستهلش كل اللي بيحصل معاها".

أسعد باندفاع و قد ضاق ذرعا بمماطلتها فهو اكثر


شخص يعلم بأخلاق ليليان :" إتكلمي يا دكتورة

و بلاش لف و دوران ".

هند بهمس:" أنا سمعت إنها وافقت تتجوز الدكتور


أيهم غصب عنها عشان عيلة عمها و إن أيهم هو اللي

هددها و أجبرها إنها توافق... داه غير حياتها اللي


تقلبت جحيم بعد الجواز.. طبعا إنت عارف أخلاقه


كويس، داه بتاع ستات و كل يوم مع واحدة شكل

داه بيخون مراته كل ليلة داه غير الضرب و الإهانة

بس المسكينة ساكتة و مش قادرة تتكلم علشان2

الفضايح...".


أسعد باستغراب:" بيضربها...و بيخونها "".

هند :"أيوا و انا متأكدة من الكلام داه و لو عاوز


حخليك تشوف بعنيك... دي كل الناس عارفة أصلا".

أسعد باستدراك :"طيب إنت عاوزني أعمل إيه؟؟".

هند و هي تبخ سمها في أذنه كالافعى :"لازم تحاول

تنقذها... هي دلوقتي لوحدها و مفيش حد معاها غير1


صاحبتها أمنية و دي اصلا متقدرش تعملها حاجة....


داه غير إن الدكتورة ليليان بتحبك، انا مرة كنت في


الاسانسير و سمعتهم بيتكلموا بالالغاز بس أنا


فهمتهم كانت بتقولها يا ريته كان تقدم عشان


ينقذني من العذاب اللي أنا فيه... ".

أسعد و هو يخفي حماسه :" طيب و انا حتأكد إزاي


من كلامك ده مش يمكن تكوني فهمتي غلط ".

هند بتأكيد :" لا انا حخليك تتأكد من كل كلمة انا


قلتهالك و مش بس كده انا حخليك تشوف بنفسك

بس لازم توعدني إن الكلام داه يبقى سر بينا ما إنت

عارف المستشفى...أي حاجة بيشوفوها بتنتشر


بسرعة".

أسعد بتأكيد :" إتفقنا بس ياريت بسرعة عشان لو

الكلام اللي إنت بتقوليه داه صحيح يبقى ليليان

في خطر.. أقصد الدكتورة ليليان ".

هند بخبث :" طبعا يا دكتور أسعد انا حاكدلك صدق


كلامي في أسرع وقت و لو مش النهاردة يبقى

بكرة".

________________________________________

في فيلا الألفي.....

إستيقظت هبة من نومها على على لمسات حانية

لتبتسم تلقائيا قبل أن تفتح عينيها لتجد عمر أمامها

يمسك بوردة حمراء و يمررها على وجهها بنعومة.

" صباح الورد و الفل و الياسمين على أجمل عيون

شفتها في حياتي".

نبس عمر بنبرة حب قبل أن ينحني ليقبل شفتيها


قبلة رقيقة.

صباح النور ". ردت هبة بخجل و هي تستقيم في


جلستها.

عمر بابتسامة :" يلا قومي غيري هدومك عشان ننزل


نفطر تحت... طنط ثريا متحمسة جدا عشان

تشوفك".

هبة بخجل و هي تزيح الغطاء من فوقها :"حاضر


خمس دقائق بس...

إتجهت نحو الخزانة لتختار بعضا من ملابسها قبل أن


تدخل إلى الحمام تحت نظرات عمر العاشقة.


بعد دقائق عديدة خرجت لتجد الغرفة فارغة، جلست

على السرير و هي تفكر في ما ستفعله قبل أن تستمع

إلى صوت عمر قادما من الشرفة.

وقفت من مكانها لتذهب إليه ليتجده يتكلم على


الهاتف... نظرت أمامها بانبهار نحو الحديقة الغناء


التي كانت تمتد أمامها لاميال ....

أحس عمر بقدومها لينهي مكالمته بسرعة ثم إلتف

إليها ليجدها في عالم آخر تنظر أمامها و تبدو مستمتعة جدا بما تراه.

إحتضنها بخفة و هو يقبل رأسها قائلا :"عجبتك؟؟

هبة بلهفة:" جدا...المنظر من هنا تحفة طبيعة و هواء

نقي يا ريت نقدر نفضل هنا على طول ".

ضحك عمر عليها قبل أن يقول :" طب و بيتنا مين


حيسكن فيه...".

هبة بلهفة:" فيه جنينة؟ ".

عمر بحب:" أيوا جنينة كبيرة قد دي عشانك... ".

لفت هبة ذراعه حوله تحتضنه بحب قائلة :" بجد.. انا


طول عمري بحلم إني أعيش في بيت فيه جنينة ".

عمر :" إنت أحلامك أوامر يا حبيبتي.".

هبة بخجل :"انا مش حطلب منك حاجة ثانية... ".

عمر مقاطعا:". تؤ مش تطلبي إنت تأمري... يلا

دلوقتي ننزل علشان زمانهم مستينيا".

في الأسفل على طاولة الإفطار جلست هبة بجانب

عمر بعد أن سلمت على ثريا التي سعدت كثيرا

تستمر القصة أدناه

برؤيتها....

ثريا بسعادة :" مراتك زي القمر...يا عمر عرفت2

تختار ".

عمر بضحك و هو ينظر لهبة:" طبعا يا طنط انا طول


عمري ذوقي حلو ".

ثريا بابتسامة :" ربنا يسعدك يا حبيبي إنت تستاهل


كل خير، يلا تفضلوا و إلا العروسة مش عاجبها

الفطار لو عاوزة حاجة معينة قوليلي و انا حخلي

فتحية تعملهالك ".

هبة بخجل :" لا طنط مفيش داعي...".

إرتشفت قهوتها بارتباك من نظرات عمر المتفحصة لها

فهو تقريبا لا يكاد يزيح عينيه من عليها طوال

الوقت.

إستغرب عمر من عدم وجود شاهين و زوجته ليسال


خالته قائلا :" هو شاهين فين يا طنط...مش ناوي


يفطر معانا و إلا....توقف قليلا قبل أن يكمل بجرأة


بيفطر فوق يا بخته عريس".

ثريا بضحكة :"و الله مش عارفة يا ابني اصل بعد


بعد جوازه نادرا ما بيفطر معانا..".

صباح الخير ". هتفت زينب و على وجهها إبتسامة

و هي تمسك بيد فادي الذي إرتمى في أحضان عمر


الذي إلتقفه بمرح قائلا :"صباح الخير يا بطل...


فادي ببراءة و هو يحتضن عمر :" صباح الخير يا

أنكل... وحشتني اوي ".

قبله عمر من خده المكتنز و هو يجيبه :" و انت كمان


وحشتني جدا جدا جدا.... أخبارك إيه بطل و عامل


إيه في المدرسة.

أجلسه عمر بجانبه على كرسيه الصغير ليقول


فادي :"انا مش بروح المدرسة انا بروح الحضانة يا


أنكل ".

عمر بضحك :"معلش نسيت... يا أستاذ فادي إيه

أخبار الحضانة ".

فادي :" كويسة انا بقيت شاطر في الرسم و بقيت

بعرف ارسم سفينة في البحر و كمان برسم سمكة


كبيرة بتبقى تحت السفينة...".


عمر بتشجيع :"برافو يا بطل و انا حبقى أجيبلك

أدوات رسم كثير بس بشرط توريني كل الرسمات

إلى إنت رسمتها ".

فادي بفرح:" حاضر يا أنكل...انا بعد الفطار حجيبلك

كل الرسمات أصل مامي حطاهم كلهم مع بعض

في المرسم بتاعنا... ".

تستمر القصة أدناه

عمر باستغراب :" مامي... ".

فادي ببراءة :"أيوا مامي كاميليا هي حطاهم في


المرسم".

نظرت هبة لعمر باستغراب غير مصدقة لما تسمعه


إذن هذا هو فادي الصغير الذي لا طالما سمعت عنه


من كاميليا.

تحدثت ثريا لتدد حيرتهم التي ظهرت جليا على وجه

عمر :" أصل فادي بيحب يناديها مامي...".

إرتخت ملامح عمر و هو يربت على رأس فادي

بحب... أما هبة فكانت ترمقه بعدم إرتياح لمعرفتها


بما عانته صديقتها بسبب هذا الصغير... رغم انه

لا ذنب له في كل ما حصل لها.

___________________________________


في الأعلى... في جناح شاهين.

وقفت كاميليا من السرير بصعوبة و هي تلف الغطاء


على جسدها العاري... إلتفتت إلى الجهة الأخرى من


السرير لتلمح شاهين نائما بسلام...

رمقته بكره قبل أن تتجة إلى الحمام بخطوات حذرة

مخافة ان توقضه...

تركت الغطاء على الأرضية لتدخل تحت الصنبور...

لتختلط المياه بدموعها و هي تتذكر ليلة البارحة.

ليلة أخرى تنتهي بانتهاكها دون رحمة او شفقة

ليلة أخرى تروي ضعفها و إستسلامها أمام جبروته

ليلة أخرى تؤكد لها مدى وحشية زوجها و قسوته


فكرت جسدها جيدا تزيل لمساته المقرفة من عليها...


تذكرت همساته المتلاغلقت صنبور المياه ثم أخذت منشفة كبيرة قاتمة


اللون كأيام حياتها لتلفها على جسدها الأبيض الذي

تزينه كدمات ملونة.

فتحت باب الحمام و خرجت... وجدت شاهين يقف


أمام التسريحة كان يرتدي ملابسه و يمسك بقنينة


عطر.

إبتسم و هو يتفرس جسدها المغطى بمنشفة قصيرة

قبل أن يقترب منها... إنحنى ليقبل كتفها العاري

محيطا خصرها بذراعيه.

تشبثت كاميليا بالمنشفة و هي تقول بتوتر:"صباح

الخير".

شاهين بصوت أجش:"صباح الجمال... ادخلي غيري

هدومك حتلاقي فستان إلبسيه عشان ننزل ".

أومأت له كاميليا و هي تخفي ضيقها من لمساته

و تتجه إلى داخل غرفة الملابس.

وجدت فستانا شتويا يتكون من قطعتين و معهما


حزام جلدي أسود إرتدته كاميليا على عجل ثم


خرجت لتجد شاهين يجلس على طرف السرير


يعمل على حاسوبه.

رفع رأسه ليجدها تتجه نحو التسريحة.. أخذت


المشط لتمرره على خصلات شعرها الحريرية.

تأملها شاهين بإعجاب لم يعد يخفيه لم يشعر بنفسه

إلا و هو يقترب منها ليحتضنها من الخلف و يضع


ذقنه على كتفها و هو ينظر إلى صورتهما معا

في المرآة.... تصنمت كاميليا مكانها بعد أن وضعت

المشط على الطاولة دون أن ترفع عينيها نحوه....


فهي قد تعودت مؤخرا على تصرفاته الغريبة.

طال سكوتهما و هما يقفان في نفس الوضعية

و شاهين لا يفعل شيئا سوى تأملها، تنهد قليلا قبل

ان يتحدث :"عندنا ضيوف... عمر و مراته تعالي ننزل

عشان تسلمي عليهم".

كاميليا و قد غلبها فضولها:"هو الاستاذ عمر تجوز

إمتى؟؟".

شاهين و هو يزيح شعرها ليقبل عنقها :"تجوز إمبارح

... قبلة أخرى :" هبة صاحبتك.... و هما دلوقتي

هنا ".

شهقت كاميليا بتعجب و هي لا تكاد تستوعب كلامه

تستمر القصة أدناه

لتردد:"هبة...هبة تجوزت ؟


اطرقت رأسها بحزن و هي تتخيل ان صديقتها

قد تزوجت و لم تحضر زفافها...هي لم تسمع صوتها


او تراها منذ حوالي اسبوعين..منذ زواجها.

جذبها شاهين من خصرها لتمشي معه إلى خارج

الغرفة بصمت عكس ضجيج عقلها الذي يصور

لها عدة أفكار متى و كيف تزوجت؟؟ هل فاتها شيئ

آخر غير زواج صديقتها بينما هي قابعة في هذا


السجن الإجباري.وصلوا للأسفل لتبتعد عنه كاميليا ما إن رأت هبة


تنظر إليها.. مما أثار حنق شاهين.

إحتضنت صديقتها باشتياق و هي تشعر و كأنها

لم ترها منذ سنوات مما أثار دهشة هبة عندما


إبتعدت لتجدها تبكي.

سلمت على عمر قبل أن تجلس بجانب شاهين

على الطاولة بعد أن سحبها من أحضان هبة بصعوبة.

تداركت كاميليا نفسها بصعوبة و هي تمسح دموعها

بسرعة حتى لا تنهار أمام الجميع متمتمة بأسف :"انا


آسفة اصل هبة وحشاني جدا و هي تعتبر صحبتي

الوحيدة".

شاهين و هو يحدث عمر :" قررت إيه بخصوص

اللي حصل".

عمر بثقة:"قررنا إننا نعمل الفرح يوم الخميس فميش


داعي للتأجيل".

أنصتت لهما كاميليا باهتمام و هي تنظر لهبة التي


كانت تطئطئ رأسها بخجل،شعرت بالسعادة لأجل


صديقتها فهي أخيرا سوف تحقق حلمها و تتزوج من


الرجل الذي طالما أحبته،و فرحت أيضا بأنها لازلت

لم تقم حفل زفاف علها تحضره لنتمكن من رؤية

عائلتها.

إنتهى الجميع من تناول طعام الإفطار ثم قرروا


الجلوس في الحديقة للإستمتاع بأشعة الشمس


رغم تردد كاميليا و رفضها.

توقفت كاميليا عن السير عند عتبة باب الفيلا الخلفي


لتهمس لشاهين الذي توقف إلى جانبها :"انا مش

عاوزة أخرج برا انا حاخذ فادي و نطلع فوق نلعب

مع بعض".

وضع شاهين يده على ظهرها ليدفعها بلطف لتستأنف


سيرها بخطوات مترددة و هو يقول بأمر :"حنقعد


شوية و بعدين لو عاوزة إطلعي".

تستمر القصة أدناه

اومأت له كاميليا و هي تخفي فرحتها بالتخلص

اخيرا من سجنها و لو لوقت قصير.

جلسوا جميعا على تلك الكراسي البيضاء التي في

الحديقة لتتذكر كاميليا ذلك اليوم الذي تعرضت فيه


للعقاب بسبب خروجها إلى الحديقة دون إذن.

إستيقظت من شرودها لتسمع عمر يقول بحماس


:"يا ريت أهو نغير جو على الاقل... انا أصلا بقالي

كثير مرحتش المزرعة و كمان عاوز هبة تشوف


اللايغرز".

إبتسمت هبة و هي تنظر لكامليا و كأنها تذكرها

بزيارتها لتلك المزرعة لتبادلها نظرات حانقة فهي

طبعا لا تريد العودة هناك لكنها ستتمكن على الاقل

من الخروج من الفيلا.

شاهين و هو يجيب عمر :" تمام...جهز كل حاجة

عشان بكره حنروح كلنا و معانا ماما و فادي.. هي

اكيد حترفض بس انا ححاول أقنعها".

أومأ له عمر و هو يحتضن هبة بحب قائلا بحماس :"


حتتبسطي اوي هناك مش إنت بتحبي الطبيعة

هناك بقى في حيوانات كثير و طيور... حتشوفي

بلاك الحصان بتاعي.... ".

ظل يحدثها بحماس عن المزرعة و عن ماسيفعلانه

هناك لتبتسم كاميليا دون شعور منها و هي تتخيل

كم كانت ستكون سعيدة لو أن شاهين كان مثل عمر.

شعرت بذراع شاهين تلتف حولها لتنكمش ملامحها

بحنق و كأنه بهذه الحركة يذكرها بوجوده حتى في

أحلامها...قربها منه لتصبح ملاصقة له ليهمس

في أذنها بمكر:"حلوين مع بعض صح...اومأت له بنعم

ليستأتف همسه مرة أخرى :" ياريت كنا زيهم... بنحب

بعض ".

نظرت له كاميليا بخوف لكلامه الغريب و كأنه يقرأ

أفكارها ليقابلها بابتسامة متلاعبة قبل أن يكمل :"

بس للاسف انا مش عمر و إنت مش هبة... و لو إنها

بتشبهك شوية انا اصلا لسه مش فاهم عمر حب

فيها إيه...".


أغمضت عينيها بقوة قبل أن تعيد فتحهما من جديد

و هي تشعر بغصة كبيرة في حلقها...

إبتسمت رغما عنها عندما وجدت هبة و عمر ينظران

تستمر القصة أدناه

إليهما،بعد قضاء وقت طويل من الأحاديث الجانبية

إستأذن عمر ليأخذ هبة إلى غرفتها لترتاح قليلا و

تجهز حقيبتها للذهاب إلى المزرعة غدا.

شعرت كاميليا بعدم الراحة لبقائها لوحدها مع شاهين

في الحديقة لتطلب منه الدخول...تجاهلها و هو

هاتفه ليبعث بعض الرسائل تخص العمل عبر بريده


الإلكتروني، وقفت من مكانها إستعداد للمغادرة و

تفاجأت بيد شاهين تسحبها بقوة و توقعها فوق

ساقيه... صرخت بفزع و هي تظن بأنها ستقع أرضا

لتجد نفسها في أحضانه...و لم تشعر بنفسها إلا

تدفعه على صدره بقوة محاولة الوقوف من مكانها و

الهرب بعيدا عنه، ثبت شاهين جسدها بسهولة

و هو يضحك عليها لترمقه هي بكره و هي تتمتم :"


فاكر نفسك بتتسلى ها... إنت ليه كده".

عقد حاحبيه باستغراب و هو هو يسالها مدعيا

البراءة كده إزاي يعني؟؟ مش فاهم ".

حركت كاميليا رأسها لتزيح خصلات شعرها

التي سقطت على وجهها و هي تقول بنفاذ صبر :"

مفيش حاجة انا عاوزة اروح اوضتي تعبت و عاوزة

ارتاح".

حرك شاهين انامله على وجهها ليزيح خصلات شعرها

التي فشلت في إزاحتها بسبب تقييده بيديها


الاثنتين... رمقها بنظرات غامضة قبل أن يتحدث

بصوت مشاكس :" إنت لسه تعبانة من إمبارح...

غمزها بوقاحة لتتسع عيني كاميليا بدهشة

من كلامه خاصة عندما اكمل :"معاكي حق إنت تعبتي

جدا و لازم ترتاحي ".

نفخت اوداجها بغضب قبل أن تتمتم بهمس :" قليل

الأدب ااه ".

صرخت بألم عندما شعرت به يضغط على خصرها و

يقول بصوت محذر:" إوعي تتجاوزي حدودك معايا

المرة الجاية ادفنك مكانك".

كاميليا بتحدي :" ياريت تقتلني و تريحني بدلالعذاب اللي انا عايشاه ده.... انا بجد زهقت و معتش+

قادرة اتحملك اكثر".

شاهين ببرود :" لا إتحملي عشان قعدتك هنا حتطول


كثير".

رمقته بغضب ليبتسم هو على ملامحها اللذيذة ليزداد

حنقها و هي تتململ في أحضانه محاولة التخلص

منه... توقفت فجأة عن التحرك لتسأله :" إنت عاوز


مني إيه و مستحمليني جنبك رغم كرهك ليا ليه؟؟

ممكن اعرف السبب".

شاهين بكذب :" لما أزهق منك حقلك متخافيش

ساعتها حرميكي برا من حياتي..."

كاميليا بجرأة :"يا ريت ابقى إرتحت من سجنك داه".

شاهين بحدة:"وحشتك الحارة المعفنة الل جيتي


منها...إوعي تفتكري إنك خلاص ضمنتي الفلوس

اللي إنت إدتيها لعيلتك... لا يا قلبي انا بإشارة واحدة


مني و أخليهم يشحتوا في الشارع...


كاميليا بيأس و قد بدأت دموعها بالنزول :"إعمل


اللي إنت عايزه معادش يهمني انا معادش فيا طاقة


أستحمل أكثر من كده...حقتل نفسي عشان ارتاح


منك و من تهديداتك ليا و ساعتها مش حتقدر

تعملي حاجة......




› الشيطان شاهين › الفصل الرابع / والخامس والعشرون

الفصل الرابع و العشرون


:"انا بجد مش مصدقة اللي بيحصل يا ماما بالسرعة دي...".

تحدثت نور و معالم الدهشة تكسو وجهها لتجيبها والدتها التي كانت هي بدورها مندهشة أكثر منها.

:"طيب و إنت مسالتيهاش عن التفاصيل ليه؟".

نور بتأكيد :"يادوب كلمتني خمس دقائق و قفلت قالت إنها مستعجلة... رايحين المزرعة عشان تغير جو

يا بنت المحظوظة....عارفة يا ماما عمر داه إبن خالة

شاهين و كمان بيشتغل معاه يعني عريس لقطة و كمان بيحبها و من زمان كمان... بس اللي انا مستغربه هي ليه معملتش فرح و معزمتناش ليه لكتب كتابها

أنا بجد حتجنن".

تمتمت نور بانزعاج و هي تأخذ فنجان النسكافيه من والدتها.

:" وإنت مالك اصلا مش يمكن عملت حفلة عالضيق و بعدين ماهي عزمتك على الفرح عاوزة إيه ثاني... ".

نور بحالمية:" ياااه يا مامي نفسي أنا كمان اتجوز واحد زي عمر و شاهين.... فلوس و فيلات و عربيات نفسي يبقى عندي عربية و ارتاح بقى من قرف المواصلات و الزحمة... اااه بالراحة يا ماما دي بتوجع".

ردت نور و هي تغمض عينيها و تغوص في عالم الاحلام الذي سرعان ما إنتشلتها منه والدتها بضربة مؤلمة على رأسها و هي تقول بمزاح

:" ركزي بقى في حاجة واحدة عاوزة عربية و إلا عاوزة تتجوزي واحد زي شاهين و عمر... "

فركت نور رأسها بألم و هي تنظر لوالدتها بغيظ قبل أن تجيب :"عاوزة عربية يا ماما ماهو مش معقول أروح لكلية الطب و انا راكبة ميكروباس... يرضيكي اتبهدل يا مامي يرضيكي الدكتور نور سعيد محمود تركب مواصلات عامة ".

انهت حديثها و هي تنظر لوالدتها بنظرات مستعطفة

لتضحك الأخرى عليها قائلة :" يا بكاشة دكتورة إيه و إنت لسه ثانوية عامة....."

نور باعتراض:" ما انا إنشاء الله حنجح و حجيب مجموع عالي و ادخل كلية الطب إن شاء الله... إنت بس إقنعي بابا عشان يجيبلي العربية.. ".

الام بملل:"ماشي حقول لأبوكي بس مفيش عربيات غير لما بعد نتيجة الثانوية اللي فاضلها سبع شهور عالاقل.. ".

قبلت نور والدتها قبل أن تنطلق إلى غرفتها لإنجاز دروسها فهي اليوم لن تذهب إلى المدرسة بسبب

غياب المدرسين.

_____________________________________

في مستشفى البحيري....

همست الممرضة شيماء في أذن زميلتها مريم :" و الله حرام اللي بيحصل فيها...انا لسه مش مصدقة

بقى واحدة زي الدكتورة ليليان تتخان.... مال و جمال و أخلاق و كمان دكتورة عاوز إيه ثاني ..."

لوت مريم شفتيها بتهكم و هي تترشف كوب الشاي الساخن قائلة :"ياختي رجالة عاوزة الحرق...ميملاش عينهم غير التراب و بعدين الدكتور أيهم داه واحد بتاع نسوان كل يوم مع واحدة شكل إيه اللي خلاها تتنيل و تتجوزه دي الف مين يتمناها.... على رأي المثل أصوم أصوم و افطر على بصلة... و يا ريتها كانت سليمة دي طلعت معفنة.... أعوذ بالله انا نفسي اعرف إزاي طايق نفسه الراجل داه ".

شيماء بضحك :" و الله عندك حق ربنا يصبرها على ما إبتلاها... خسارة فيه دي تستاهل سيد سيده

هو الخسران غاوي رمرمة بعيد عنك...إنت مشفتيش الدكتورة هند كل ساعة و هي ناطة على مكتبه بحجة الشغل...دي اكيد في دماغها حاجة انا الصبح لقيتها واقفة قدام مكتبه و عمالة بتفتح في زراير القميص بتاعها.. "

شهقت مريم لما سمعته قبل أن تهمس :" إنت بتتكلمي جد...دكتورة هند.

مصمصت مريم شفتيها بحركة شعبية ثبا ان تضيف :"و ليه لا دي واحدة مطلقة يعني مش حتخسر حاجة لو جربت مهما كان داه أيهم البحيري

بردو".

شيماء بتأكيد :" و الله انا معتش مستغربة حاجة في المستشفى دي كل يوم بتحصل حاجة جديدة...بس انا قلبي واكلني على الدكتورة ليليان و الله دي عسل انا عمري ما شفت في جمالها و لا أخلاقها كل اللي في المستشفى بيحبوها عشان طيبة و بتساعد المحتاجين... ".

مريم بتأسف :"معاكي حق هي فعلا متستهلش بس إحنا في إيدنا إيه نعمله.. "

شيماء بخبث :" نفوقها بس من بعيد لبعيد يعني نديها طرف الخيط و هي تكتشف لوحدها ماهو بصراحة مقدرش اشوفها بتتأذي كده و اسكت".

مريم بحماس :" و انا معاكي بس خلي بالك لأحسن حد يشوفك و متنسيش الكاميرات إحنا لو إتقفشنا

حنروح في داهية ".

شيماء بموافقة :" إتفقنا...".


في مكتب الدكتور أسعد...

امسك اسعد هاتفه ليقلب عدة صور لليليان عندما كانت تدرس في الجامعة توقف عند صورة معينة كانت فيها ليليان تجلس مع إحدى صديقاتها في حديقة الجامعة ترتدي قميصا طويلا باللون الوردي و بنطال جينز باللون الأسود تاركة شعرها البني ينسدل على وجهها و كتفيها...

كانت تبتسم بسعادة و غمازتيها تظهران بوضوح، قرب الصورة اكثر و هو يتمتم بشرود :"يا ريت تحسي بيا و تعرفي انا بحبك قد إيه... انا عمره قلبي ما دق لغيرك رغم إني كنت عارف إني مستحيل اوصلك بس اعمل إيه قلبي هو اللي إختار و مستعد يتحمل نتيجة إختياره...انا كنت خلاص يئست و سلمت لما تجوزتي بس بعد اللي سمعته الصبح قلبي وجعله الأمل من ثاني إنك تكوني ليا بس المرة دي مش حستسلم يا ليلي اوعدك يا حبيبتي حخلصك من العذاب اللي إنت فيه و اعوضك على كل لحظة ألم عشتيها مع الحيوان جوزك... "

ظل يحدث الصورة لوقت طويل بكل مايعتمر قلبه من مشاعر الحب و الوله و العذاب الذي يشعر به في بعدها و عند رؤيته لزوجها الذي يستحق زوجة مثل ليليان... قبل أن يغلق هاتفه و يضعه في جيبه و يغادر في جولته المعتادة لتفقد المرضى....

في فيلا الألفي......

إنزوت كاميليا في غرفتها بعد أمرها شاهين بالصعود إلى الأعلى و نببها لعدم التحدث مع هبة او الخروج من الغرفة....

تمددت على الفراش لتظر إلى سقف الغرفة بشرود و هي تفكر في ما ستؤول إليه حياتها البائسة....

سمعت طرقات خفيفة على الباب لتأذن للطارق بالدخول...

وجدت فتحية تحمل كوب من عصير الليمون و تتقدم نحوها، مدت لها الكوب و هي تقول :"انا جبتلك كباية لمون عشان تروقي أعصابك انا شفتك من شوية لما دخلتي الفيلا وشك كان مقلوب و باين عليكي زعلانة...".

أخذت منها كاميليا الكوب بسرعة حتى تكف عن ثرثرتها و تدخلها في أشياء لا تخصها...

تمتمت كاميليا داخلها و هي تبتلع اول رشفة من الكوب الحامض :"هو يعني كباية الليمون دي اللي حتحل مشاكلي....

مدت الكوب لفتحية لتضعه على الصينية فوق الطاولة ثم تقول محدثة كاميليا :" مالك يا كاميليا هانم شايفاكي حزينة و مهمومة هو إيه اللي حصل... داه انا حتى سمعت إنكم بكره حتروحوا المزرعة ".

كاميليا بملل :" ايوا يا فتحية رايحين المزرعة عشان يتبسطوا فهمتي يتبسطوا يعني هما مش انا....انا زيي

زيك في البيت داه مستنية أنفذ الأوامر و بس على الاقل إنت بعد ما تكملي شغلك بتبقي حرة تخرجي تتفسحي تعملي اللي إنت عاوزاه مش زيي انا مسجونة بين أربع حيطان دول حتى المساجين احسن مني عندهم بريك و فسح....

توترت نظرات فتحية و هي تنظر إلى ارجاء الغرفة و كأنها تبحث عن شيئ ما (الكاميرا) قبل أن تعود لتسأل الأخرى :"هو إنت بجد زهقانة هنا.. ؟؟"

زفرت كاميليا بنفاذ صبر قبل أن تستقيم في جلستها و تتربع فوق الفراش ثم تضع يديها على وجنتيها و هي تنظر لها و تومئ برأسها بنعم....

أخذت فتحية نفسا عميقا قبل أن تقترب منها أكثر و هي تهمس بصوت منخفض :"طيب و إنت عاوزة إيه قوليلي عشان اساعدك... ".

هزت كاميليا حاحبيها بعدم تصديق و هي تجيبها باستهزاء تام :"و هو إنت بإيدك إيه عشان تساعديني

أنا مشكلتي اكبر من كده بكثير"

فتحية بخبث :"جربيني الأول و بعدين أحكمي مش يمكن أفيدك".

كاميليا :"و حتفيديني إزاي يافالحة حتهربيني مثلا و إلا حتخلي شاهين بيه يطلقني و يسيبني ارجع بيتنا".

إبتلعت فتحية ريقها بصعوبة قبل أن تستجمع كامل قوتها لتتحدث فهي تعلم جيدا ان شاهين الان يسمعها من خلال كاميرا الغرفة :" ايوا حساعدك و حخليكي تهربي من هنا عشان صعبانة عليا و كمان انا أكثر واحدة عارفة إن قعادك هنا في خطر على حياتك.. إنت اصلك مش عارفة الحقيقة عشان كل اللي سمعتيه قبل كده كان كذب...".

كاميليا بقلق :"كذب..تقصدي إيه؟؟؟ ".

تهربت فتحية بنظراتها من كاميليا لتتمتم ب تمثيل :" يوووه انا لساني دايما كده... فالت مني ".

امسكتها كاميليا من ذراعها تمنعها من الوقوف لتجلس فتحية مرة أخرى :" فتحية إنطقي قصدك بالكلام اللي كنتي بتقوليه داه.... و متخافيش لو عاوزة فلوس انا حديكي كل اللي إنت عاوزاه و أكثر كمان بس إتكلمي..".

إلتفتت فتحية نحو الباب لتتأكد من إغلاقه قبل أن ترسم على وجهها ملامح الجدية و هي تتكلم :"بصي يا ستي أولا لازم توعديني إن الكلام اللي حقولهولك داه يفضل سر مابينا عشان لو شاهين بيه شم خبر إني أنا قلتلك حاجة حيقتلنا إحنا الاثنين... و لما أقلك حيقتلنا مش ببالغ عشان دي أسهل حاجة هو يقدر يعملها..

تابعت فتحية كلامها بعد أن اومأت لها كاميليا بالايجاب :"حتى زينب و خديجة كمان إوعي تتكلمي معاهم في حاجة او تسأليهم على حاجة عشان مش حيجابوكي و ممك يروحوا يقولوا لشاهين بيه..."

قاطعتها كامليا قائلة بنفاذ صبر :"خلاص بقى فتحية إنطقي انا قلبي حيوقف من الخوف.. و إطمني بقى انا مش حقول لحد و الله بس إتكلمي ابوس إيدك قبل ما حد ييجي هنا و يلاقيكي قاعدة معايا ".؟

تنحنحت فتحية و هي ترسم ملامح الجدية المزيف على وجهها لتبدأ في الحديث :" مرات شاهين الاولانية مها هانم...كل اللي سمعتيه عنها كان غلط

هي لا خانت البيه ولا حاجة بالعكس دي كانت ست طيبة و بتحبه اوي هو اللي ظلمها و رماها بعد ما ولدت البيه الصغير و حطها في مستشفى مجانين و ربنا عالم هي دلوقتي فين عايشة و الا ميتة... المهم اول متجوزوا كانت زيك كده دايما محبوسة في أوضتها مش مسموح لها تخرج برا الفيلا...

كنت بشوفها دايما بتبكي و خصوصا بعد ما بقت حامل مكانش بيرحمها انا فاكرة وقتها إنه جابلها دكتورة مخصوص سكنت هنا في الفيلا شهور طويلة عشان تتابع الحمل عشان كانت ضعيفة.... و كان البيه دايما بيضربها و.... و إنت فاهمة بقى... ".

شهقت كاميليا بصوت عال و هي تضع يدها على فمها لتكمل فتحية سرد روايتها المزيفة:" ايوا زي ما بقلك انا لسه لحد دلوقتي مستغربة إزاي مماتش بعد اللي كان بيعمله فيها....ماهو دا السبب اللي خلاه يحطها في مستشفى المجانين، عشان يتخلص منها و لما مماتتش إظطر إنه يعمل كده.... المهم انا كنت عاوزة احكيلك اللي حصل و أنورك عشان تفوقي و تدوري على طريقة تنفذي فيها نفسك قبل ما يبقى مصيرك زيها... ".

حدقت بها كاميليا برعب و هي لا تزال غير مصدقة لما تسمعه لتتمتم بضياع :" و انا بإيدي أعمل إيه بس... الظاهر إن مصيري فعلا حيكون زيها يا القتل يا مستشفى المجانين... "

ربتت فتحية على كفها بحنان قائلة :" اكيد لا هي الست مها لما جات هنا مكانتش تعرف اللي حيحصلها و مكانتش تعرف إن البيه.... لا مؤاخذة يعني مريض نفسي و إنه حيعمل فيها كده عشان محدش فينا قلها بس إنت لا أديني قلتلك الحقيقة الدور َ الباقي عليكي إنت و طبعا لنا مش محتاجة أجيبلك دليل على صحة كلامي عشان معاملة البيه ليكي في حد ذاتها دليل واضح و كافي.... "

كاميليا بعدك تصديق :" طيب و هو بيعمل كده ليه..؟؟ ".

فتحية بتلعثم :" ما انا قلتلك مريض.... مريض نفسي و كمان الست مها كانت حلوة جدا و من عيلة بسيطة يعني زيك إنت...يعني هو ضامن إن مفيش حد حيقدر يوقفله او ينقذكم منه...".

كاميليا بيأس ممزوج بالخوف :" طب انا حتصرف إزاي؟ انا مقدرش اهرب من الفيلا ما إنت شايفة الحراسة و الكاميرات اللي موجودة في كل مكان... يا ريتك ما قلتيلي انت كده قلقتيني اكثر و زودتي خوفي... و إنت عارفة كويس إن مفيش في إيدي حاجة أعملها ".

إبتسمت لها فتحية لتطمئنها قائلة :"يا بنتي أصبري على رزقك انا اصلا كنت مستنية الوقت المناسب عشان أحكيلك الحكاية دي لما يكون عندي الحل المناسب و الحمد لله لقيته بس لازم تسمعيني كويس و تنفذي اللي بقوله بالحرف الواحد ".

تمالكت كاميليا نفسها حتى لا تجهش بالبكاء و هي تومئ لفتحية بالموافقة لتستأتف الأخرى حديثها بجدية أكثر :" بصي يا ستي في رجل أعمال إسمه

سالم عبد الله (إسم وهمي) داه من أكبر المنافسين لشاهين بيه

و مها هانم كانت إستنجدت بيه زمان لما عرفت إنها حامل.. المسكينة كانت خايفة جدا على إبنها و كانت مستعدة إنها تضحي بنفسها المهم البيبي يعيش و فعلا هو كان راجل شهم جدا ووافق إنه يساعدها بس للاسف شاهين بيه عرف و إتهمها بإنها كانت بتخونه و عاوزة تهرب مع الراجل داه.... ".

كاميليا بضياع :" يعني هي كانت عاوزة تنقذ نفسها عشان كده إستنجدت بالراجل داه ".

فتحية بتأكيد :" أيوا و كل الناس اللي هنا عارفين بس شاهين بيه وقتها نبه علينا و حذرنا إن اللي حيتكلم في الموضوع داه حيقطع عيشه و مش كده و بس هددنا بالسجن..

صمتت فتحية قليلا و هي تتنهد بتأسف لتكمل :"المهم انا من يومين رحتله لشركته بس بعد ما تبهدلت فضلت اسبوع كامل و انا بحاول آخذ موعد عشان اقابله المهم انا طلبت منه إنه يساعدك و هو وافق و على فكره هو يعرفك... قصدي شاف صورك في الفرح".

ضيقت كاميليا عينيها بتفكير قبل أن تتحدث :"طيب و هو حيقبل يساعدني ليه و إزاي؟؟.

فتحية بتأكيد :"يا بنتي داه رجل أعمال يعني عنده أساليبه داه يقدر حتى يجيب جيش بتاع حرس و يهجم على الفيلا و ياخذك المهم إنت توافقي هو اكيد عنده الف طريقة ...."

كاميليا :"طيب و إيه المقابل اكيد هو مش عاوز يساعدني لله كده او إني صعبت عليه... ".

فتحية بابتسامة :"و الله كنت عارفة إنك ذكية و حتعرفي مصلحتك فين.... انا بكلمك على رجل أعمال

بينه و بين جوزك عداوة و منافسة يعني هو مستعد يعمل أي حاجة عشان يأذيه و هو كمان ممكن يساعدك في الأول بس بعدين إنت و شطارتك بقى داه إنت تقدري تسيطري عليه و تخليه زي الخاتم في إصباعك لو عرفتي تستغلي جمالك داه عشان هو راجل عادي يعني مش قفل زي البيه.... ".

هزت كاميليا حاجبيها بذهول و هي تشعر بأنها قد دخلت متاهة كبيرة لا آخر لها لتجيبها باستفسار :" يعني الراجل داه عاوز يساعدني و في المقابل إنا أغريه او بالاصح هو عاوزني ابقى عشيقته مش كده يا فتحية ".

شهقت فتحية باستنكار و هي تنفي برأسها قائلة :" مين قال كده أستغفر الله العظيم لا يا هانم إنت فهمتني غلط انا قلتلك إستغلي جمالك عشان توقعيه و يوافق ينقذك اصلا هو حسب ما شفته واقع و معجب بجمالك يعني مش حتلاقي صعوبة إنك تقنعيه انا فكرت كويس و مالقيتش حل ثاني غيره.... إنت لازم تتصرفي و تنقذي نفسك قبل فوات

الأوان ".

في غرفة المكتب كان شاهين يحدق بشاشة الحاسوب بتركيز لا يكاد يرمش بعينيه حتى لا تفوته أي حركة او كلمة او تعبير يصدر عن كاميليا...

كان ينتظر إجابتها بفارغ الصبر و داخل قلبه يتمنى ان لا تخيب ظنه فهو من وضع لها الاختبار الاخير و امر فتحية بالدخول إليها و سرد روايات خيالية لا اساس لها من الصحة حتى يكتشف ردة فعلها...

لاينكر مدى إعجابه بها و بجمالها منذ اول لحظة رآها فيها لكن هذا لا يكفي فمها زوجته الأولى أيضا كانت على قدر كبير من الجمال و لكنها في الاخير خانته بعد أن قدم لها قلبه على طبق من ذهب....

و في الآونة الاخيرة وجد انه يميل إليها و لكنه دائما يمنع نفسه من الانجراف مع تيار الحب مرة أخرى حتى لا ينصدم ومن جديد لذلك قرر ان يختبرها... ".

ضحكت كاميليا بسخرية من كلام فتحية المتناقض قبل أن تردف بازدراء واضح:" لا واضح إني فهمتك غلط... إنت عاوزني أخون جوزي و أبيعه و أبيع نفسي لراجل ثاني و ياعالم بقى يمكن يكون أسوأ ".

فتحية بتوتر :" صدقيني اللي إسمه سالم داه راجل غني جدا و له نفوذه و هو الوحيد اللي يقدر يخلصك و كمان حيساعدك عشان تنتقمي من شاهين بيه".

أكملت كلامها عندما وجدت أم كاميليا تنظر لها باهتمام :" خذي معاكي البيه الصغير و بكده حتحرقي قلبه عليه و حترجعي اللي عمله فيكي ثالث و مثلث ".


لم تشعر كاميليا بنفسها و هي ترفع يدها و تصفع فتحية صفعة قوية لتصرخ الأخرى بفزع و تقف من مكانها تحدق بها بصدمة....

وقفت كاميليا أمامها ترمقها بنظرات غاضبة تكاد تفتك بها قبل أن ترفع سبابتها في وجهها بتهديد و هي تقول بنبرة محذرة:" حقتلك يا فتحية و الله العظيم لاقتلك و أخلص الناس منك... بقى دي جزاة العيلة اللي دخلتك بيتها و شغلتك عندها... إيه اللي خلاكي تخونيهم و تحطي إيدك في إيد عدوهم ها جاوبيني... عاوزاني أبقى خاينة زيك بعتي نفسك عشان شوية فلوس بالرغم من إني متأكدة لو كنتي قلتي لثريا هانم كانت إدتك الفلوس اللي إنت عاوزاها بس نقول إيه الطمع و الخيانة بيجروا في دمك....

إنت تنسي كل الكلام الهايف اللي إنت قلتهولي من شوية عشان مش حيحصل مش حخون جوزي مهما عمل فيا و أذاني و ملكيش دعوة بيا بعد النهاردة... مش عاوزة اشوفك قدامي و لو بالصدفة

بس حبقى مراقباكي و لو شفتك قربتي من فادي حقتلك عشان انا كده كده مبقاش عندي حاجة اخاف عليها.... و دلوقتي إطلعي برا مش طايقة أشوف وشك برا... برا....

صرخت كاميليا بهيجان و هي تدفع فتحية خارج الغرفة ثم تغلق الباب وراءها بعنف....

إستندت بجسدها على الباب و هي تشعر بساقيها

تعجزان عن حملها لتسقط علي الارض بضعف....

لطمت رأسها بيدها عدة مرات و هي تصرخ بصوت باكي :" يا رب يارب انا حعمل إيه دلوقتي...انا حتجنن خلاص معتش فاهمة حاجة... حيقتلني هو عاوز يقتلني ايوا...

وقفت كاميليا من مكانها لتبدأ بالدوران في الغرفة كالمجنونة و هي تتمتم بضياع :" لا هما عاوزين يجننوني.... كذابة فتحية كذابة و خاينة عاوزاني اخون جوزي و اروح للراجل داه بس انا مستحيل اعمل كده.... انا مش خاينة..... مقدرش اعمل كده فادي الصغير بيحبني ايوا هو بيحبني.... و انا مستحيل أذيه...

جلست على السرير و هي لاتزال تجذب خصلات شعرها بجنون :"بس هو حيقتلني... شاهين الألفي اللي هو جوزي عاوز يقتلني او يرميني في مستشفى المجانين زي ما عمل مع مراته الاولانية.....

انا لازم احكيله على فتحية و انبهه هي ممكن تأذي فادي.... بس انا كمان مش عاوزة أذيها هي يمكن كانت محتاجة فلوس عشان كده دخلت نفسها في المؤامرة دي.... كل حاجة بتحصل بسبب الفلوس انا كمان ضيعت نفسي بسبب الفلوس.....حعمل إيه أنا لازم أتصرف إهدي... إهدي يا كاميليا عشان تقدري تفكري كويس .... ".

القت بجسدها على الفراش و هي تشعر بتعب شديد يغزو جسدها لتهمس بيأس:" انا احسن حاجة اموت نفسي و ارتاح منهم كلهم.... انا مليش مكان في العالم داه انا خايفة....

إنكمشت على نفسها كجنين في بطن أمه و هي تتمتم بشرود...

طرقت فتحية باب المكتب ليأذن لها شاهين بالدخول....

فتحت الباب ثم دخلت بخطوات مترددة لتجده يجلس وراء مكتبه مركزا في شاشة الحاسوب...

رفع رأسه ببطئ نحوها ليرمقها بحدة و هو يرمي لها

رزمة من المال قائلا بجمود:"خذي دول و اخرجي برا...."

فركت فتحية يديها بتوتر و هي تجيبه بصوت هامس:"بس انا عملتك كده مش عشان الفلوس يا بيه...".

قلتلك خدي الفلوس و إطلعي برا... " صرخ في آخر كلامه لتخطف فتحية النقود و تغادر بسرعة دون الالتفات ورائها.....

نفخ شاهين أنفاسه بغضب قبل أن يغلق الحاسوب و يرميه جانبا... وضع رأسه بين يديه بحيرة و قد ظهرت صورتها أمام عينيه...

قفز من مكانه فجأة و هو يتذكر كلماتها الأخيرة ليتملكه الخوف الشديد و هو يتخيلها تنفذ تهديدها صباحا بالانتحار....

فتح باب الغرفة و هو يلهث بشدة بسبب صعوده السريع للدرج....

تنفس العداء عندما وجدها نائمة على السرير كما رآها عبر الكاميرا منذ قليل.... اكمل سيره نحوها ليجدها تهذي بخفوت بكلمات غير مسموعة و ووجها و عنقها متعرقان بشدة...

إنحنى إلى مستواها ليتحسس حرارتها ليجدها مرتفعة قليلا عن معدلها الطبيعي... جذب علبة المناديل كم الطاولة الصغيرة الموضوعة بجانب السرير ليمسح لها وجهها و هو يتفرس ملامحها بلهفة و خوف...

اما كاميليا فكانت في عالم آخر لا تشعر بشيئ حولها

كل ماتشعر به هو الألم الشديد الذي يكاد يفتك بكامل جسدها....

أخذ شاهين هاتفه ليصل بعمر ليستدعي الطبيبة لها

و التي لم تتأخر كثيرا ، فحصتها تحت أنظار شاهين الذي صمم على المكوث معها و حقنتها بخافض للحرارة ثم طمئنته عليها و أعطته ورقة فيها اسماء عدة أدوية ليحضرها لها.

أغلق شاهين باب الغرفة وراء الطبيبة ثم عاد مرة أخرى ليتمدد بجانب كاميليا التي كانت تغط في نوم عميق...

جذبها نحوه ليشعر بحرارة جسدها المرتفعة تنتقل إلى جسده ثم لف ذراعه حول ظهرها متمتما في أذنها بصوت هامس:"مش حتخونيتي صح.... انا قلبي كان حاسس إنك مش زيها... إنت ملاك ملاكي انا... و انا من النهاردة بوعدك إني حمسك إيدك و مش حسيبها ثاني و حعوضك على كل لحظة عذاب عشتيها معايا..... بحبك".

يتبع 😘😘

👇👇👇👇👇👇👇👇

الشيطان شاهين › الفصل الخامس و العشرون

الفصل الخامس و العشرون


اتمنى يعجبكم ♥️♥️♥️

الساعة العاشرة ليلا.....

إستيقظت كاميليا على ملمس يدين ناعمتين تداعبان شعرها بحنان إبتسمت قبل أن تفتح عينيها و هي تتخيل والدتها و هي تلاعب شعرها عندما كانت صغيرة لكنها سرعان ما نشلها من حلمها الجميل صوت أكثر شخص تمقته في حياتها...

:"إنت كويسة يا حبيبتي...".

سألها شاهين بنبرة حنونة لأول مرة تظهر في صوته...

إتسعت عيناها برعب و هي تتململ في الفراش محاولة الإبتعاد عنه رغم ثقل جسدها و الصداع الرهيب الذي ألم برأسها بسبب حركتها المفاجئة...

إبتسم لها شاهين عندما لاحظ ذعرها ليبتعد عن الفراش و هو يقول بصوت هادئ متحنبا إخافتها :

"حاولي متتحركيش كثير عشان إنت لسه تعبانة".

إبتلعت ريقها و هي تنظر إليه بحيرة.. عقلها مازال مصدوما لا يستوعب ما يحصل أمامها... هل هو نفسه شاهين زوجها؟ مالذي حصل معه حتى يبتسم لها كم بدا مختلفا و.... وسيما لو لم يكن هو نفسه شاهين الألفي لقالت انه أوسم رجل رأته في حياتها..

لكن لماذا يتحدث معها بلطف و هدوء...يبدو أنها المرحلة الثانية من خطته لإصابتها بالجنون..

عقدت حاجبيها بذعر و هي تتخيل حدوث هذه الفكرة لتتمسك بحافة الغطاء و كأنه سيحميها

من هذا الوحش الذي يجلس بجانبها متربصا بها.

إنتقلت ببصرها إلى الباب الذي كان يطرق بخفوت

دقات متتالية قبل أن يفتح و تطل من ورائه زينب حاملة صينية طعام....

إتجه نحوها شاهين ليأَخذها منها ثم يشير لها بالانصراف.. جلس بجانبها على الجهة الأخرى

واضعا الصينية فوق ساقيه...

نظر إلى الأطباق برهة قبل أن يغمس الملعقة

في صحن الشوربة و يرفعها إلى فمها....

حدقت به ببلاهة و هي تبعد رأسها في آن واحد

غير مستوعبة بما يحصل لتسمعه يخبرها

:"لازم تاكلي عشان تاخذي الدواء... الدكتورة قالت إن جسمك ضعيف و عندك بداية أنيميا فلازم تتغذي

كويس عشان تتحسني....يلا إفتحي بقك..".

قالها و هو يقرب منها المعلقة لتتناولها كاميليا بصمت

أنهت طعامها بصعوبة مع محايلات شاهين المستمرة ليجعلها تاكل اكبر كمية ممكنة من الاكل ثم ناولها بعضا من أقراص الدواء و كوبا من العصير الطازج لتناولهم أيضا بدون مناقشة او كلام...

خرج شاهين من الحمام بعد أن غسل يديه جيدا ثم تمدد إلى جانبها من جديد و هو يتأمل وجهها الفاتن رغم ذبولها...

:"حاسة بإيه؟؟ في حاجة بتوجعك؟؟".

ردد شاهين سؤاله العجيب على مسامعها لتضحك كاميليا في داخلها باستهزاء على تمثيله الرائع حسب

ظنها، أخذت نفسا عميقا و هي تشجع نفسها على مسايرته حتى ينكشف قناعه و يعود من جديد إلى مظهره الحقيقي...

:"كويسة"..

أجابته بصوتها الناعم بنبرة خافتة لا تكاد

تسمع ليبتسم لها قبل أن يقول

:"فادي طول النهار مبطلش سؤال عليكي و منامش غير لما شافك...النهاردة نام بدري عشان لعب كثير مع عمر و مراته....".

أومأت له برأسها بتردد و هي لا تدري ما ينبغي عليها فعله...دقات قلبها تتسارع بشكل مخيف و هي تتخيل يده التي كان يحركها بشكل عفوي أثناء كلامه تصفعها في أي لحظة....

تأوهت بخفوت عندما حاولت الاعتدال في مكانها

لتتفاجئ بيديه التي تسللت وراء ظهرها ليساعدها على الجلوس و يضع ورائها وسادة أخرى قائلا

:"لو عاوزة حاجة ثانية قوليلي بس متتحركيش

لوحدك إنت لسه تعبانة.."

فركت يديها بتوتر قبل أن تتحدث بصوت متقطع :"

ممكن تنادي زينب عشان... تساعدني....آخذ شاور".

ربت شاهين على يديها بحنان ممررا أصابعه على

على بشرتها الناعمة ليشعر بتذبذبها و إرتعاشها

تحت لمساته قائلا :

" ثواني و الحمام يكون يكون جاهز... ".

اومأت كاميليا له بالايجاب و هي تضم كفيها

إلى بعضهما مطئطئة رأسها بصمت... لم تنظر إليه

حتى عندما وقف من أمامها لكنها إستشعرت

إبتسامته المرتسمة على شفتيه قبل أن يستدير

إلى الحمام وراءه...

عقدت حاحبيها عندما سمعت صوت المياه المصطدمة برخام البانيو لتتساءل كامليا في نفسها

بحيرة :"يا نهار إسود داه دخل عشان يحضر الحمام

بنفسه.... اكيد مخطط لحاجة جديدة الطاهر الزفتة

فتحية كان معاها حق عاوز يجنني بالبطيئ قبل

ما يرميني في مستشفى المجانين.... لالا انا لازم أتصرف...لازم ألاقي طريقة أهرب بيها و إلا حيكون

مصيري زي مها دي... ياترى هي فين و عاملة إيه؟؟

طردت أفكارها جانبا عندما لمحته يخرج من باب

الحمام متجها نحوها... رفعت عينيها نحوه ليتجده

ينحني نحوها و يحملها بخفة بين ذراعيه و كأنها

لاتزن شيئا

تعلقت بعنقه بخوف متسائلة :"إنت بتعمل إيه؟؟ نزلني...

ضحك بمرح و هو يدخل بها إلى الحمام من جديد و يضعها بلطف على حافة البانيو قائلا بمشاكسة

:" بساعد أميرتي الصغيرة عشان تاخذ شاور قبل النوم.. يلا حساعد عشان تقلعي هدومك.....

قاطعته بذعر قائلة :"لالا خلاص انا ممكن أكمل لوحدي..."

همهم شاهين بنفي :" تؤتؤ حساعدك... مفيش إعتراض يلا...

إنحنى ليفتح أزرار قميصها البيتي غير مبال باعتراضاتها....لتعض كاميليا شفتيها تمنع دموعها من النزول...

شعر بها شاهين ليضمها إليه يخفي جسدها عن عينيه

متمتما في أذنها بخبث:"مكسوفة ليه...انا شفت كل حاجة قبل كده على فكرة...".

أدمعت عينيها من الاحراج و هي تضم قميصها المفتوح تخفي به جسدها عنه، تجاوزها ليفتح الخزانة ليعبث بعلب الشامبو و سوائل الاستحمام

الكثيرة ليختار من بينها ما يروقه...

أمسك بثلاثة علب ليسكب إحداها في حوض الاستحمام و يفتح صنبور المياه من جديد

حتى تتشكل رغوة كثيفة على سطح المياه....

نظر شاهين قليلا نحوها قبل أن يغلق عينيه قليلا و هو يقول :"دلوقتي حغمض عينيا و لما أفتح ألاقيكي دخلتي جوا البانيو...حعد من واحد لخمسة يلا....

واحد.... إثنين......


أسرعت كاميليا لتخلع باقي ثيابها ثم تقفز داخل حوض الاستحمام تخبئ جسدها تحت الرغوة البيضاء... فتح شاهين عينيه ثم أمسك بعلبة شانبو

يقرأ تعليماتها بصوت عال :"لشعر حريري و إنسيابي....أكمل حديثه و كأنه يفكر بصوت عال متهيألي مش محتاجاها عشان إنت شعرك حلو لوحده بس ريحتها حلوة خلينا نجربها.....

سكب بعضا منها على شعرها ثم غرف بعض المياه النظيفة ليبلل بها شعرها و يدلكه بنعومة و حذر...

إستمر في مساعدتها دون كلل او ملل و كأنها طفلة صغيرة حتى إنتهت ليسارع في الاخير بلف جسدها بمنشفة كبيرة و يحملها نحو غرفة الملابس....لتجفف شعرها و ترتدي ملابسها..

بعد عدة دقائق طويلة كانت تتمدد بنعاس تحت الغطاء السميك تراقب شاهين و هو يمشط شعره

و يرش بعضا من عطره ذو الرائحة النفاذة قبل

إن يتوجه إلى السرير و يتمدد بجانبها...

لم تعترض حتى عندما جذبها إلى أحضانه الدافئة

لتتوسد صدره العريض..

إمتدت يديه نحو الغطاء ليجدبه بحرص و يغطيها

بعناية... قرب فمه من رأسها ليقبل جبينها عدة مرات

قبل طويلة قبل أن يهمس :"الحمد لله حرارتك

بقت عادية نامي دلوقتي عشان بكرة حنسافر

المزرعة...عمر مصمم نروح هناك عشان يغير جو

هو و مراته....

رجعت كاميليا بذاكرتها عدة أسابيع إلى الخلف و تحديدا تلك الأيام المريعة التي قضتها في ذلك

المكان الكريه....و تلك الحيوانات المخيفة تأففت في داخلها و هي تتخيل ما سيحدث لها من عذاب هذه المرة. لكن أمام صديقتها ... لم تشعر بأجفانها التي

إنغلقت تدريجيا لتنسحب رويدا رويدا و تغط في سبات عميق بسبب تأثير الدواء.

في غرفة عمر.....

رمت هبة هاتفها جانبا بعد أن شاهدت عمر و هو

يدلف الغرفة و على وجهه علامات التعب...

إبتسمت على مظهره المتذمر ليرتمي بجانبها قائلا

:"إضحكي.... إضحكي انا حيلي إتهد و انا بلاعب فادي بيه طول النهار عشان أنسيه صاحبتك... و هو

مش راضي...اموت و أعرف هي كانت بتتعامل معاه

إزاي".

هبة بضحك :"فعلا هو متعلق بيها جدا من أول يوم جات فيه الفيلا و تقريبا هو السبب ان صاحبك

إتجوزها...".

إلتفت عمر نحوها و هو يرفع حاجبيه بشقاوة قائلا

:" بكره حنسافر المزرعة و حوريكي سيزار و دايمون.

قطبت هبة جبينها باستغراب متسائلة:"مين سيزار و دايمون دول؟؟

عمر بضحك :" دول اللايجر يا حبيبتي...حلوين اوي

حتتعودي عليهم و حتحبيهم جدا....

هبة بسخرية :"نعم...هبلة انا عشان العب مع اسود... "

عمر بضحك :" أحلى هبلة في حياتي و الله...".

جذبها نحوه ليمددها على السرير و يضع رأسه في حضنها مغمغما بنعاس مصطنع :" نيميني في حضنك يا بيبة...

هبة وهي تفك ذراعه من حولها :" هو إنت طفل صغير عشان أنيمك في حضني... إوعي بلاش دلع ....

عمر بصوت طفولي :" لا هنا حلو...

إنفجرت هبة بالضحك و هي تتطلع بتعابير وجهه الطفوليه و عينيه التي كانتا ترمقانها باستعطاف

ليلين قلبها عليه و تقبل جبينه بحنان جعل عمر يبتسم بفرح و يمرغ وجهه داخل أحضانها مستنشقا

رائحتها بشغف..

______________________________________

صعدت ليليان الدرج المؤدي إلى غرفتها بخطوات بطيئة مترددة.... فتحت باب الغرفة لتجد أيهم ممددا

على السرير يتصفح هاتفه باهتمام...

قلبت عينيها بسخرية قبل أن تغلق باب الغرفة بهدوء

و تتجه نحو التسريحة لتنزع حجابها و ترتب شعرها

هز أيهم رأسه نحوها يتابع تحركاتها باهتمام...

إستنشق رائحة عطرها الهادئة التي وصلت إلى أنفه

بتلذذ قبل أن يقاطع تأمله صوت رسالة على هاتفه...

:"حبيت أطمن عليك عشان النهاردة لاحظت إن حضرتك تعبان شوية". هند

إبتسم بخبث و هو يرسم عدة مخططات في

رأسه متناسيا وجود زوجته بجانبه و التي كانت تراقب جيدا ما يفعله.

تمددت ليليان على السرير ثم جذبت الغطاء عليها

باحكام و تغمض عينيها محاولة النوم و تجنب التفكير في واقعها....

لكن هيهات فما تعانيه في حياتها اكبر من تنساه بسهولة نظرات زميلاتها الطبيبات و كذلك الممرضات اليوم اللواتي كن يرمقنها بشفقة لا تبارح خيالها و لو للحظة...و تلك المسماة هند التي كانت تبتسم لها بلؤم عندما مرت بجانبها في الرواق.. هناك شيئ يعلمه الجميع عداها....

ظلت أفكارها تجرفها يمينا و يسارا حتى غرقت في نوم عميق...

صباح اليوم الموالي....

إنطلقت سيارات الألفي خارج بوابة الفيلا متجهة نحو المزرعة... سيارة يقودها عمر و بجانبه هبة و سيارة يقودها السائق و في الخلف تجلس ثريا و فتحية و معهما فادي الذي كان يراقب بحماس الطريق من بلور السيارة اما السيارة الأخرى فيقودها سائق و في الخلف يجلس شاهين و بجانبه كاميليا و خلفهم سيارات الحراسة الخاصة.

رفع شاهين الوشاح الصوفي الذي كانت تلفه زوجته على كتفيها و ظهرها قائلا :"بردانة..."

نفت كاميليا برأسها و هي تجيبه :"لا...العربية دافية"

أومأ لها و هو يتحسس جبينها للمرة العاشرة هذا اليوم فهو منذ أن إستيقظت صباحا و هو يعاملها

كطفلة إختار لها ملابسها و ساعدها في نزول الدرج

و تناول فطورها متجاهلا إعتراضها و سخرية عمر منه و نظرات هبة ووالدته المتعجبة.....

جذبها نحوه لتتكئ برأسها على كتفه براحة و هو يمسد شعرها بأصابعه ليشعرها بالأمان و الانتماء له هو وحده.

في مستشفى البحيري.....

داخل غرفة أحد المرضى تقف ليليان بجانب السرير و هي تضع يديها في جيبي معطفها الطبي الأبيض

و تبتسم بسعادة لذلك الصغير الذي نجى من الموت بأعجوبة بعد تعرضه لحادث مروري رفقة والده و الذي لحسن حظه نجى هو الاخر و يقبع في غرفة أخرى غير بعيدة عن غرفة إبنه...


ليليان بمرح :"إيه أخبار البطل النهاردة.. ؟؟

الطفل ببراءة :" انا كويث بث عاوض اثوف بابا هو

كمان ضربه الراجل الثرير....

كتمت ليليان ضحكتها على ظرافة هذا الصغير

الذي كان يتكلم بلهجة جادة و كأنه رجل كبير

لتجيبه هي الأخرى بجدية مماثلة لكنها مصطنعة

:"متخافش بابا كويس بس هو نايم دلوقتي

نص ساعة كمان و حتيجي ماما عشان تشوفك".

أومأ الطفل بطاعة لتربت ليليان بحنان على رأسه قبل أن تلتفت إلى الخلف بسبب صوت الباب الذي

فتح لتدخل الممرضة و التي أعطيتها ليليان تعليماتها

بشأن الأدوية التي يجب أن تعطيها للصغير قبل أن تغادر.....

في مكان آخر كانت شيماء تراقب من بعيد تلك

الشمطاء هند كما أسمتها و التي إتجهت منذ قليل إلى الاسانسير و هي ترفع رأسها بتكبر....

لوت شيماء ثغرها بحنق و هي تتمتم داخلها بتصميم:" الحية دي اكيد رايحة فوق للدكتور أيهم....

حقول لمريم يمكن تنفعني بفكرة".

أخرجت هاتفها لترسل رسالة لمريم لتخبرها بما رأته

منتظرة ردها قبل أن تتحرك و تكمل عملها....

وصلت هند إلى مكتب أيهم الذي إستقبلها

بابتسامته الرائعة التي تزين وجهه الوسيم

هند بصوت ناعم :" صباح الخير يا دكتور أيهم إزاي

حضرتك؟.

أيهم بابتسامة :"تمام يا دكتورة هند إتفضلي ".

تصنعت عند العبوس قبل أن تجلس بأناقة على الكرسي المقابل و هي تقول بنبرة معاتبة أجادت تصنعها

:" انا بكره الرسميات جدا على فكرة و خاصة مع الناس القريبين مني...ممكن تناديني هند لما نكون لوحدنا طبعا".

ختمت كلامها بغمزة ليضحك أيهم بقوة قبل أن يجيبها :" تمام يا هند...اصلا ماعادش تنفع الرسميات

خاصة بعد اللي حصل ما بينا إمبارح....

طأطأت هند رأسها بخجل مصطنع و هي تتذكر قبلتهما يوم أمس في مكتبه... فركت يديها بتوتر قبل أن تتحدث بصوت خافت :"أنا آسفة بس....

قاطعها أيهم بصرامة :"و تتأسفي ليه؟ بالعكس إنت عبرتي على حاجة جواكي ".

هزت رأسها نحوه تتطالعه بنظرات خبيثة تخفيها تحت قناع البراءة :" يعني مش زعلان مني....

أيهم بنفي و هو يقدم لها أحد الملفات :"دي تفاصيل المؤتمر بتاع ألمانيا.. الاسبوع اللي جاي إيه رأيك تروحي معايا بدل الدكتور أنور....

أخذت هند من يده الملف لتتصفح الأوراق باهتمام واضح قبل أن تهتف :"بجد دا انا أكون محظوظة جدا عشان أحضر المؤتمر الطبي داه....

رفعت رأسها نحوه ترمقه بابتسامة قبل أن تسترسل

في كلامها :" بجد حتاخذني معاك يا دكتور أيهم ".

أيهم بإيجاب :" طبعا إنت دكتورة شاطرة جدا و تستاهلي فرصة زي دي.... ".

إرتسمت إبتسامة الانتصار على شفتي هند قبل أن تعود من جديد لتتصفح الأوراق باهتمام.

بعد نصف ساعة كانت هند تتجه نحو مكتبها أخرجت هاتفها من جيبها لتتصل بأيعد الذي أجاوبها فورا بصوت بدا عليه الضيق :

"أيوا يا دكتورة هند ".

هند:" متهيألي سمعت كل حاجة بنفسك يا دكتور".

أسعد بصوت متألم :"أيوا سمعت و تأكدت كمان قبل

ما أسمع حوارك معاك.... المستشفى كلها بتتكلم عليكم".

قهقهت هند بصخب قبل أن تجيبه بصوت واثق

:" الناس كلها سمعت إلا مراته الهبلة لسه نايمة هاي وذانها..

قاطعها أسعد بجدة و هو يلكم سطح مكتبه بقوة هاتفا بحنق :"إحترمي نفسك و إياكي تجيبي سيرتها على لسانك القذر داه... انا عارف كويس إنت غايتك إيه بس ميهمنيش.. انا كل اللي يهمني ليليان.... ليليان و بس ".

أغلق هاتفه في وجهها و هو يشتمها بغضب :" عمري ماشفت في حقارتهم هما الاثنين بس إيه لايقين على بعض جدا... انا لازم اتصرف مش حسيب ليليان تحت رحمة الواطي جوزها...

______________________________________

دخلت السيارات إلى بوابة المزرعة الكبيرة لتشهق هبة بإعجاب و هي تخرج رأسها من نافذة السيارة لتتأمل المساحات الخضراء الشاسعة التي كانت

تمتد لأميال بعيدة ليضحك عليها عمر و هو يجذبها

إلى الداخل قائلا :" بتعملي إيه يا مجنونة أقعدي مكانك.....

هبة بحماس :" المكان تحفة يا عمر مش قادرة أستنى

عشان اشوفه كله....

توقفت السيارات أمام الفيلا لتفتح هبة باب السيارة بسرعة و تسير باتجاه عمر الذي مازال يضحك على

جنونها أمسكت يده لتحثه على السير نحو الحدائق الخضراء التي سلبت أنفاسها بجمالها الطبيعي

الخلاب ليوقفها عمر هامسا في اذنها :"يا مجنونة مش دلوقتي إستني شوية ندخل جوا نرتاح شوية

و بعدين حنطلع كلنا مع بعض".

عبست بحنق و هي تلتفت لترى بقية العائلة يخرجون من السيارات إستعداد لدخول الفيلا.... أومأت له بموافقة ليحيط عمر كتفيها بذراعه و يتجها إلى الداخل....

نزل شاهين من السيارة ثم مد يده لمساعدة كاميليا على النزول... سارا إلى السيارة الأخرى ليفتح الباب و يحمل فادي و ينزله على الأرض ثم حمل والدته ووضعها على الكرسي المتحرك الذي أخرجته

فتحية من صندوق السيارة الخلفي....

دفع الكرسي ببطئ أمامه ثم إلتفت إلى فتحية قائلا

:"خذي فادي لأوضته عشان يغير هدومه...."

أومأت له بطاعة ثم أمسكت فادي من يده لتدخل به الفيلا....لحقتها كاميليا بسرعة إلى الداخل لتدفعها

بعيدا عن الصغير و هي تهمس لها بغضب :"مش

قلتلك قبل كده مش عاوزة أشوفك قدامي و لو صدفة... سيبي الولد و إياكي تقربي منه ثاني ".

فتحية بصوت منخفض :" بس البيه هو اللي أمرني و انا مقدرش أقله لا...".

إستدارت كاميليا لتجد البقية يدخلون الفيلا... شاهين

يدفع كرسي والدته بحذر أمامه و ورائهما عمر و هبة يتحدثان بهمس و يضحكان....

شاهين بتساؤل :" في إيه؟؟


كاميليا بتلعثم :"و لا حاجة.... انا كنت بقول لفتحية

إن أنا حهتم بفادي...".

شاهين بهدوء:"بس إنت تعبانة... سيبيها حتاخذه فوق تغيرله هدومه و حتنزله... ".

حدقت كاميليا بفتحية عدة ثوان قبل أن تختطف يد

فادي منها بحركة سريعة قائلة بنفي :" لا مفيش داعي... انا حبقى أعمله كل حاجة ".

لم تنتظر حتى تسمع جوابه لتجر الصغير ورائها

تاركة شاهين يبتسم بخبث قبل أن يشير للاخرى

بالانصراف.

أمضت هبة كامل اليوم و هي تتجول في المزرعة

فاستمتعت بمشاهدة الحيوانات و ركبت بلاك، حصان عمر و لعبت مع اللايجرز هي و فادي عكس كاميليا التي رفضت الاقتراب منهم و إكتفت بالجلوس مع ثريا لمشاهدتهم من بعيد...

و في المساء حضر لهم الخدم وليمة كبيرة في الحديقة.

بعد بعض الوقت إستأذنتهم ثريا للذهاب إلى النوم

فهي متعودة دائما على الخلود إلى النوم في وقت مبكر كذلك فادي الذي داهمه النعاس بين أحضان

كاميليا و التي أصرت على أخذه بنفسها إلى غرفته

و الاهتمام به و قد لاحظ الجميع ذلك فهي طوال اليوم كانت تعامل فتحية معاملة غريبة و لاتسمح

لها بالاقتراب منها او من الصغير..

دلفت هبة غرفة نوم فادي لتجد كاميليا تدثره بالغذاء، جلست على حافة الفراش تنتظرها حتى تنهي ما تفعله.

نظرت لها كاميليا بتعجب متسائلة:"مالك يا هبة

عاوزة حاجة؟؟

هبة بإيجاب:" أيوا عاوزة أتكلم معاكي شوية

في كلام كثير اوي لازم نحكيه لبعض إنت إحكيلي

على حياتك الجديدة بعد الجواز و انا ححكيلك

عني انا و عمر..... "

قاطعتها كاميليا فجأة بصوت خافت :" هبة إنت معاكي موبايل صح "

قلبت هبة عينيها بعدم إعجاب لأسلوب صديقتها

ظنا منها ان تحاول مماطلتها لتجيبها بملل :" أيوا "

أخرجت الهاتف من جيبها لتختطفه كاميليا من يدها ثم تتجة بسرعة إلى الباب تغلقه باحكام و تضغط أزرار الهاتف بارتعاش..... بعد ثواني سمعت صوت

نور و هي تقول :" أهلا ياهبة إزيك...

قبضت كاميليا على الهاتف بيديها الاثنتين و هي تضغط بعنف على شفتها السفلى محاولة عدم البكاء عند سماع صوت أختها بعد ثلاثة أسابيع طويلة

كاميليا بصوت متحشرج:" انا كاميليا يا نور..... إزيكيا حبيبتي واحشاني....

قفزت نور من مكانها لتصرخ بصوت متحمس :" كامي

إزيك إنت يا قلبي واحشاني عاملة إيه و ليه تلفونك مقفول طول الوقت.....

مسحت كاميليا دموعها التي إنهمرت بصمت ثم تحدثت بصعوبة :"انا كويسة يا نور متقلقيش.... انا كنت برا مصر ووصلنا النهاردة....و خذت تلفون هبة عشان أكلمكم.... ماما فين عاوزة اكلمها ".

نور بفرحة:"ماما في المطبخ إستني شوية حخليها تكلمك....

كاميليا باندفاع :" لا يانور خلاص يا حبيبتي انا حبقى أكلمكم وقت ثاني....سلميلي عليها و قوليلها

إن انا كويسة و بابا و كريم كمان ".

نور :"حاضر حقلها بس إنت حتيجي إمتى عندنا؟؟

كاميليا بحزن حاولت أن تخفيه:" مش عارفة بس قريب إن شاء الله يلا مع السلامة يا نور حكلمك بكرة... ".

أنهت المكالمة بسرعة دون أن تسمع جواب نور

مخافة ان يسمعها أحد الخدم و ينقل الاخبار لزوجها.

تنفست الصعداء و هي تبتسم لهبة رغم الدموع التي

كانت تلمع في مقلتيها...لتسارع الأخرى باحتضانها

رغم عدم فهمها لما يحصل معها.

بعد أن هدأت كاميليا إبتعدت عنها لتجلس على حافة

الفراش بجانبها.

هبة بعدم فهم :"أنا مش فاهمة حاجة إنت ليه كدبتي

على نور و قلتيلها إنك كنتي برا مصر...

كاميليا بصدق :" عشان شاهين أخذ تلفوني مقدرتش

أكلمهم من يوم ما تجوزت...

شهقت هبة غير مصدقة لما اتفوه به صديقتها متسائلة :"بس ليه؟؟

كاميليا بنبرة مستسلمة:" منعني إني أكلم عيلتي او أي حد أعرفه...".

هبة باستدراك :"و انا إلى كنت فاكراكي بتقضي شهر العسل عشان كده قافلة موبايلك ".

تنهدت كاميليا بحزن قبل أن تردف بصوت مختنق :" انا مقدرش أحكيلك كل إلي حصل معايا بالتفصيل بس اللي أقدر أقولهولك إني شفت كل أنواع العذاب و الذل معاه...كل اللي حكيتلك عنه زمان ميجيش نقطة في بحر اللي عشته في الأيام اللي فاتت... حاسة إني كابوس فظيع و مش قادرة أصحى منه

بس إللي مهون عليا إني قدرت أنقذ عيلتي من الفقر

و أمنت مستقبل نور و كريم عشان ميتعذبوش زيي...

أجهشت كاميليا بالبكاء و هي تتذكر كل العذاب الذي تعرضت له لتضمها نور إلى صدرها محاولة تهدئتها...

.

:"مش عارفة أقلك إيه يا كامي أنا و الله مكنتش أعرف إن كل داه حصل معاكي.... بس... بس انا شايفاه بيتعامل معاكي كويس داه بيهتم بيكي أكثر من إبنه حتى...

إبتعدت عنها كاميليا و هي تمسح عينيها الباكيتين قائلة" متغركيش المظاهر اللي إنت شفتيه غير الحقيقة....إحنا تأخرنا و لازم ننزل بس أرجوكي

متحيبيش سيرة لماما او نور مش عاوزاهم يقلقوا

عليا...".

أومأت لها هبة بالموافقة رغم حزنها الشديد على

صديقتها الوحيدة التي كانت تعاني لوحدها طوال

المدة الماضية....

في الأسفل......

دخل شاهين و عمر إلى داخل الفيلا بسبب البرد الشديد في الخارج.... جلسا في الصالون يتحدثان

في أمور العمل و الشركات لحين مجيئ الفتيات....

نفخ شاهين بملل و هو ينظر إلى درج الفيلا كل دقيقة متجاهلا سخرية عمر منه :" الحب ولع في الذرة.... و الله عشت و شفت شاهين الألفي واقع....

فينك يا أيهم عشان تشوف اللي أنا شايفه".

رماه شاهين بالوسادة قبل أن يهتف بحنق :" لا خفة... بقلك إيه خليك ساكت أحسن انا اللي فيا مكفيني دلوقتي".

تفادي عمر الوسادة بحركة سريعة و هو يقهقه باستمتاع... لاحظ إبتسامة شاهين التي إرتسمت فجأة على شفتيه لينظر إلى حيث ينطر هو ليجد كاميليا و هبة تنزلان الدرج....

جلست هبة بجانب عمر و قد إرتسمت على وجهها

علامات الضيق ترمق شاهين بنظرات غاضبة و كأنها سهام نارية تمنع نفسها بصعوبة من الانقضاض عليه و إشباعه ضربا و لكما على إيذائه لصديقتها....

تنحنحت قليلا قبل أن تتحدث :"هو ممكن الليلة تبات


             الفصل السادس والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close