أخر الاخبار

رواية ذكريات امراه الفصل الثالث والثلاثون33بقلم هناء النمر


 رواية الذكريات إمرأة 

الفصل الثالث والثلاثين 



...فى حاجة مهمة لازم تعرفيها، لأن دلوقتى انتى الوحيدة اللى تقدرى تتصرفى لكن للأسف ممكن تدايقك ...




... قول ياجاسر ، هو فى اكتر من اللى انا فيه ...


....ابن أحمد ، آدم ، مات ...




...ايه ؟! هو أحمد مخلف ....


...أيوة ، عنده ابن اسمه آدم ، من واحدة أمريكية ...


..من امتى ؟ ومات أذاى ...


...عنده 3 سنين ، عنده ايدز. ..


...ايدز ، فى السن ده ، وراثة يعنى ...



...من أمه ، كانت مدمنة ، وأحمد مكانش يعرف أنها مدمنة ، ولما عرف سابها ، وطبعا مكانش فى حمل فى الوقت ده ،



 تقريبا بقى اتصابت بالمرض وهى حامل ، ونقلته للولد ، المهم أن بعد ما أحمد سابها بسنتين ، كان نسيها اصلا ، جاله مكالمة


 منها ، قالتله أنها فى مصحة وان معاها طفل عنده سنه ، والطفل ده يبقى ابنه ...


...سكت ليه وبعدين ...


...كبر دماغه ، تصور أنها بتشتغله عشان فلوس ولا حاجة ، لحد ما المصحة نفسها اتصلت بيه بعد 3 شهور ، تبلغه أن الأم ماتت


 ،والطفل عندهم ، وآلام هى اللى سابت رقمه قبل ما تموت ، طبعا راح ، وشاف الولد ، وعشان يتأكد عمله DNA , وطلع ابنه


 فعلا ، سابوا فى المصحة وصرف على علاجه ، وبقى بيزوره كل فترة ، وانهارضة المصحة اتصلت بيا ، وبلغتنى أن الولد


 مات ، وأنهم عايزين حد يروح يستلمه فى خلال 48 ساعة والا هيدفنوه فى المدافن العامة هناك ...



....اتصلوا بيك ازاى ...


...احمد سايبلهم رقمى كرقم بديل ، لو موصلوش ليه ..


...وبعدين ، هتعمل ايه ...


... أنا ممكن أكبر دماغى ، ويدفنوه هما وخلاص ، بس المشكلة أن أحمد ارتبط بيه اوى فى الفترة الأخيرة ، وقال مرة انه عايز يدفنه هنا فى مصر ، وفى نفس المدفن اللى هيدفن فيه ...


... يعنى هتسافر ...


...هى دى المشكلة اللى خلتنى اجيلك واقولك ...


...إيه ؟


...أنا مينفعش ، لازم حد زات قرابة رسمية بأحمد ، ويأخذ ورق من هنا يثبت حالته الصحية ، وأنه صعب يروح ، عشان يرضوا يسلموه الطفل ...


...ومين ينفع لكدة ؟ ...


... أنتى ياسارة ...


...أنا ؟ 


...أيوة ...


....أمه وابوه وجدته ميتين ، وملوش أخوات ، ياإما انتى بصفتك مراته ، ياإما جده ، وطبعا انتى عارفة جده وقلبه الجاحد ، هيقول على الطفل يغير فى داهية ...


...على رأيك ، إذا كان حفيده نفسه ، بيتصرف على أساس أنه خلاص مات ، وعمال بيلم فى فلوسه ، يبقى هيقول ايه على حفيد مجهول النسب ...


...بالظبط ، يبقى مفيش غيرك ...


..أنا مينفعش اسيب أحمد كدة واسافر ...


...مينفعش حد غيرك ، وأما يفوق هيقدر اللى انتى عملتيه ده ، وبعدين الموضوع كله مسافة سفرك ، يعنى وقت الطيارة ، وتروحى المصحة على طول ، تستلميه وترجعى على نفس الطيارة ، وأنا هاخده منك فى المطار ، واروح ادفنه ، وانتى تعالى على هنا اطمنى على أحمد ...


...هشوف ..


...هتشوفى ايه ، حالا ..


..دلوقتى ...


..أنا كنت متأكد انك مش هترفضى ، عشان كدة جهزتلك طيارة أحمد ، بس طبعا من غير ما حد يعرف ، هتطلعى من مطار القاهرة ، وترجعى عليها ، يلا ياسارة ، مفيش وقت ....


***********************


بالفعل وافقت سارة ، رغم صعوبة الموقف فى فكرة استلام جثة وايضا لطفل ، لم يكن الأمر سهلا ، لكنها قامت به فقط من أجله هو ليس إلا ، 


استمرت رحلتها فى حدود 48 ساعة وأكثر من أجل إنهاء الأوراق الرسمية هناك ، 

واستمرت على اتصال مباشر ومستمر بجاسر لتطمئن على أحمد ، وكان الرد دائما أن الحال كما هو ، ولا تغيير ، 

وايضا اتصلت أكثر من مرة بعزت، مدير أعمالها ، لتطمئن على سير العمل فى المراكز ، 


وعند عودتها ، بالفعل انتظرها جاسر فى المطار ، واستلم منها الطفل لدفنه ، 

اتجهت هى بأقصى سرعة للمستشفى، وهى فى الطريق ، اتصلت بمها لتطمئن على نور والبنات ، 


الغريب أنها لاحظت نبرة كلام غريبة من مها وايضا جاسر ولم تفهمها، لكنها لم تعطى للأمر أهمية ، فهى الآن فى أشد الحاجة للاطمئنان عليه ، 


دخلت المستشفى واتجهت من فورها لغرفته، 

أثناء دخولها لاحظت نظرات غريبة من كل من يقابلها، خاصة العاملين بالمستشفى، نظرات اقلقتها وجعلتها تندم على تركها له ، 

تلئلئت عينيها بالدموع، وأسرعت فى خطاها فى اتجاه غرفة العناية المحجوز فيها ، فتحتها فجأة ودخلت ،

تجمدت فى مكانها ، ولم تستطيع الحركة ، فلتت الدموع من عينيها، وهى تري غرفته خالية تماما من أى أثر له ، كل شئ فى مكانه، وسريره مرتب ، جاهز لاستقبال حالة أخرى ،


تحاملت على نفسها واتجهت للخارج ، أمسكت بيد اول ممرضة مرت عليها ، لكنها لم تستطع الكلام ، وهى تشير للغرفة وكأنها تسألها أين هو ؟


أشفقت الممرضة عليها ، فالدور بالكامل راقب علامات حبها له حتى أصبحت حكاية يتحدثن عنها ،

أمسكت بيدها تربط عليها بابتسامة وقالت :


.... متخافيش ، فى غرفة 114 ...


أشارت لها مرة أخرى بمعنى أين هذه الغرفة ؟


...فى اخر الطرقة ...


تركتها سارة وهى تجرى فى اتجاه آخر الطرقة ، وعينيها تتجول بين أرقام الغرف حتى وجدتها ، 


وقفت أمام الباب تحاول تمالك نفسها ، مدت يدها وفتحت الباب بهدوء دون أن تطرق، ومن فتحة بسيطة فى الباب رأته ، نعم ، رأته ، لقد عاد ،


رأته يجلس نصف جلسة على سريره مع إرتفاع الجزء الأعلى من السرير ، كان يتحدث مع شخص آخر لم تتبين من هو من فتحة الباب ،

فتحت الباب لأخره ودخلت خطوة واحدة ،

عندها أحس بها والتفت باتجاهها ،

تعانقت الأعين الدامعة ببعضها، اقتربت بهدوء وبطئ، وقفت أمامه للحظة ، ثم جلست على حافة السرير بمقابلته ، لا يفصلهما شئ ، وجهها أمام وجهه، مدت يديها الاثنين وأخذت تتحسس كامل وجهه ثم عنقه واكتافه وصدره وعينيها الدامعة تتجول معها ، وكأنها تتأكد فعلا انه جالس أمامها بصحة جيدة هكذا ، وبالطبع هو صامت تماما يتابع ما تفعل ، حتى مد يديه واحاط ظهرها ، فاندفعت عليه ويديها تحوطه بقوة ، و دفنت وجهها فى عنقه وهى تبكى بكاء هستيري ، لم تهتم بألمه أو إصابته أو عمليته التى أجراها ، كل ما اهتمت به أنه أمامها الآن ، 


كانت يديه هو تتجول على ظهرها يضمها أكثر إليه ، فقد افتقدها كثيرا ، افتقد حبيبته و عروسه التى لم يقربها بعد ، 

رفع رأسها وابتسم لها ابتسامة عوضتها عن حالة الرعب التى عاشتها للتو ، 


تماسكت وحاولت أن تتكلم 


...أنا ، انا ملقتكش فى ...

....هششششش ، انا كويس ، مفييش أى حاجة . .. 

وجذبها مرة أخرى إليه ، ليضمها مرة أخرى ، أحاطت عنقه بيدها ، ودفنت وجهها فيه بعد أن قبلته ، 


خرجا من غيابهما هما الاثنين على صوت امرأة تقول


...حمدالله على سلامته ياسارة ...


التفتا هما الاثنين فجأة لمصدر الصوت ، كانت عمته شمس وابنها محمود ، وللأسف هشام ،


كانو يتابعون اللقاء بصمت تام ، لجمهم دخول سارة المفاجئ ، ورد فعلها تجاه أحمد .


غفل أحمد تماما عن الموجودين بمجرد رؤيتها أمامه ، أما سارة فلم ترهم من الأساس ، فقد كان تركيزها بالكامل مع الجالس بين يديها الآن ، 


ارتبكت فور رؤيتهم ، وما اربكها أكثر وجود هشام بينهم ورؤيته لهذا الموقف ، حاولت أن تتحرك من مكانها ، إلا أن يد أحمد ثبتتها، رفعت عينيها لوجهه، وجدته يومئ بالسلب ، بمعنى أبقى مكانك ولا تتحركى ، 

ولاحظ الجالسين هذه الاماءة ، أصاب الخجل عمته ، فهى من السيدات الجيدات فى العائلة ، وقليلات أيضا ،

...طيب ، نسيبك بقى ياأحمد عشان ترتاح ...


...شكرا ياطنط ...

قبلته من رأسه وخرجت ، أما هشام فقد أشار بيده فقط ثم تبع عمته هو ومحمود الذى فعل بالمثل .


تبعتهم سارة بعينها حتى خرجوا من الباب ، والتفتت لأحمد مرة أخرى وجدته ينظر لها ، ابتسمت له ،

مد يده ومسح بقايا الدموع من على خدها ، أمسكت بيده وقبلتها ، تحسس خديها بحنان وهو يحيطه بيديه ، 

...وحشتينى ...


...وحشتك ، آمال انا اقول ايه ...


...متقوليش حاجة ، عدى كل حاجة دلوقتى ، بعدين ...


...بعدين ايه ولا ايه ، انا كنت مرعوبة ...


..بس قدرتى ، على قد ما انتى رقيقة اوى ، بس لما بتواجهى ، بتذهلينى ...


..سيبك ، انت فوقت امتى ، وإذاى الجزم دول مقالوليش ، دا انا هقتلهم بس أما اشوفهم ...


...مش مهم فوقت امتى ، المهم أنى متشكر اوى ...


...متشكر ، على ايه ...


...على اللى عملتيه عشان آدم. ..


...أنا معرفش آدم ياأحمد ، اعرفك انت ...


...واحدة غيرك المفروض تزعل لما تعرف حاجة زى دى ...


...واحدة غيرى بقى ، عموما البقاء لله ، ربنا هيعوضك عشان اللى عملته معاه ...


... أنا فعلا كان نفسى يندفن هنا ...


...وهو حصل ...


...وكان نفسى أحضر دفنه ...


..أما تخرج أن شاء الله ، زوره واقراله الفاتحة ...


ضمها إليه مرة أخرى وهو يقول ...عمرى ما حسيت للحظة أنى كنت غلط فى اختيارك ياسارة ...


...وأنا عمرى ما حسيت أن حد عرفنى وحسني قد ياأحمد ، كنت خايفة موت لتسيبنى تانى ، وارجع لوحدى تانى ...


رفع وجهها ونظر اليها وقال 


...يعنى عندك استعداد الزق فيكى بقية عمرك ...


...ياعم الزق وخلصنى ، ما انا مستنياك تلزق من زمان ...


...بحبك ياسارة ، بحبك اوى ووحشتينى اوى اوى ...


تنهدت سارة بعمق وهى تسمع أجمل كلام قد تسمعه فى حياتها ومن أقرب انسان إلى قلبها ، بل الإنسان الوحيد الذى سكن قلبها ، 

فإلى متى سيستمر هذا الإحساس الرائع ؟ 

             الفصل الرابع والثلاثون من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close