أخر الاخبار

رواية ذكريات امراه الفصل التاسع عشر19بقلم هناء النمر


رواية ذكريات إمرأة

الفصل التاسع عشر 

بقلم هناء النمر


عادت سارة للمنزل بعد السادسة مساء ، يكاد الإرهاق يقتلها ، وجدت المنزل هادئ على غير العادة ، بدأت تبحث عن الجميع


 ، وجدت ريم فى غرفتها منشغلة بصفحتها على الفيس ، سألتها 



....اختك فين ونور كمان مش سامعاله صوت ؟

...رغد مع نور فى اوضته ومعاهم سهام ....

....سهام مين ؟

...أخت سناء ، جت انهارضة ، سناء قالتلى انك وافقتى تشغيلها هنا ..

...أه ، هى جابتها على طول كدة ، ونور عمل معاها ايه ؟

...دخلتله صح ، جابتله بازل على شكل طيور وحيوانات ، من وقتها وهم بيلعبوا بيها بعد ما خلص home wark بتاعه. ..



...كويس ، هغير هدومى وبعدين أنزل اشوفها. ..

...بالمناسبة ، فى واحد اتصل يسأل عليكى وقال إنه هيجيلك هنا على الساعة 8 ....


...مين ده ؟ ..

...عم حمدى ...

...عم حمدى ! 

...هو قال اقولك كدة وبس وانتى هتفهمى ...

...طيب ، انا طالعة ....

اتجهت لغرفتها ، ودوامة من الافكار تتيح بالاخضر واليابس فى عقلها ، ودقات قلبها تتصارع فى النبض .



خرجت من غرفتها مرتدية عباءة سوداء بها تطريز بسيط على اليد وطرحة شيفون سوداء ، سوف تستقبل الضيوف الغير مرغوب فيهم بها ...

دخلت غرفة نور ....السلام عليكم ...

...عليكم السلام ورحمة الله ...

...أنتى سهام ..

...أيوة يادكتورة ، ازى حضرتك ...

...الحمد لله ، انتى محجبة ...

...أيوة ...

...ولابسة الحجاب هنا ليه ، إحنا معندناش رجالة ، ...

...بصراحة اتكسفت اقلعه ، وبعدين انا شايفة حضرتك لابساه ..

...أنا جايلى ضيوف دلوقتى ، وكمان بقابلهم فى الصالة اللى برة ، يعنى مفيش رجالة بيدخلوا البيت ...

...حاضر هقلعه ..

..وابقى هاتيلك هدوم مريحة شوية تقعدى بيها هنا ، ولا اقولك انا عندى حاجات هنا هجيبهالك ، ماشى ، نور فين...

...فى الحمام ومعاه أنسة رغد ...

....تعرفى تعملى قهوة ..

...أيوة طبعا ...

...ممكن تعمليلى فنجان قهوة لو سمحتى. ..

...حاضر ..

خرج نور من الحمام ووجد أمه ، جرى عليها واحتضنته بشده ، فقد كان هذا الوجه الملائكى من الأسباب الأساسية التى تدعم قوتها حتى الآن .

....وحشتنى خالص ..

...وانتى كمان ياماما ، وحشتينى اوى ...

..كنت بتعمل ايه ؟

...رتب الطيور لوحدها والحيوانات لوحدها ، واللى يرتب أسرع هو اللى من حقه يحكم على التانى ، وأنا فزت كتير اوى على رغد وسهام ...

....برافو عليك ، انا مش عايزة حد منهم يفوز عليك خالص ...


التفتت لرغد ...ازيك يارغد ، عاملة ايه ...

...الحمد لله ياسارة ..

...إيه معندكوش مذاكرة ولا ايه ، دا انا جايبة سهام مخصوص عشان نور ميعطلكوش عن المذاكرة ...

...مليش نفس ، مش قادرة افتح كتاب ...

...لا بالله عليكى انتى وهى ، نس لازم نضيع ، لازم نبقى أقوى امتحاناتكوا قربت ولازم تستعدوا ، وأنا عند وعدى ، كل اللى



 طلبتوه لما كانت ماما موجودة هجيبهولكوا لو جبتوا تقديرات كويسة ...

...إن شاء الله. ..

دخلت سهام تحمل القهوة لسارة 

...اتفضلى يادكتورة ، فى واحدة مستنية حضرتك تحت اسمها مها ...

...مها ، ومطلعتش ليه ..

...أنا رفضت اخليها تطلع ...

...ليه ؟

...ما انا معرفهاش ..

ابتسمت سارة ورغد مما فعلت سهام 

قالت سارة ...غريبة ، ومها سكتتلك كدة عادى لما رفضتى...

وقالت رغد 

..بصى ياسهام ، مها تبقى صاحبة سارة وزى اختنا تمام ، يعنى تعتبر من أصحاب البيت ...

...أنا آسفة ..

أجابت سارة...حصل خير ،انا نازلاها. ..

أخذت سارة قهوتها ثم نزلت للطابق الأول ، فوجدت مها فى قمة غضبها . قابلتها بابتسامة على هذا الموقف

...بتضحكى على ايه ، مين دى ؟

..دى سهام أخت سناء ، جبتها تقعد مع نور فى الوقت إللى أنا مشغولة فيه ..

...وأنا مالى انا ، انا مشوفتيش كانت بتتكلم أذاى ، عارفة لولا الظروف اللى انتوا فيها ، وربنا كنت عملتها ممسحة للبيت ..

...هههههههههههههههه ، ممسحة ، البنت متعرفكيش ، وبعدين رد فعلها ده عجبني ...

...ياسلام ، والله ، الفهولك فى ورقة ..



...ههههههههه ، مقصدش معاكى انتى تحديدا ، أقصد رد فعلها مع شخص متعرفهوش، خلاص بقى يامها ... 

....تصدقى ، وحشتنى ضحكتك ، شكلك كدة احسن من امبارح شوية ...

...الحمد لله، خروجى للشغل أثر شوية ..

...والبنات ؟

...كويسين برده ، صممت انهم يروحوا الجامعة ، يغيروا جو ، الموضوع هياخد وقته برده ، تعالى ندخل المطبخ ، نعمل قهوة تانى ، البت عاملاها خفيفة اوى ، وبعدين فى حاجة عايزة احكيهالك ...

...قهوة لا ، خليها شاى ، خفى من القهوة شوية ...

...ماشى ...

بدأت سارة تقص على مها حكاية أهل والدها الذين ظهروا فجأة وكلام والدتها عنهم ، والعم الذى سيأتى بعد قليل 

...ليه مقولتليش من ساعتها ...

...هتفرق ايه ؟

...تفرق كتير يابنتى ، كنت أقول لطارق ، وانتى تقولى لأحمد وهشام كمان ..

...حيلك حيلك ، هو انا هعمل حفلة ، ده مجرد كام راجل رامولى كلمتين ومشيوا ، معرفش آخرهم فين ... 

...هو احنا لسة هنستنى لما نعرف آخرهم ، افرضوا طلعوا زى ما قالت والدتك واذوكى انتى واخواتك ، نعمل ايه ساعتها ، مش كدة وبس ، إحنا لازم نكلم شركة أمن ، يبعتلك body gards للبيت هنا ...

...بس بس ، ايه ، اصبرى بس اما نشوف هيعملوا ايه وبعدين نتصرف ، ولو سمحتى يامها ، متقوليش لحد على اى حاجة لحد ما أقولك ، فاهمة ..

لم تكمل كلامها حتى وجدت جرز باب الفيلا يسد الارجاء ، 

...أهم جم ، خليكى هنا وخدى بالك من البنات ، مش عايزة حد يجيلى هناك ...

...هتقابليهم لوحدك ..

...أيوة طبعا ، مش عايزاهم يحسوا أنى ضعيفة ...


خرجت سارة لباب الفيلا ، ضغطت على أحد الأزرار القريبة من الباب ، فانفتح الباب اليكترونى 

... دخلت سيارة جيب حديثة ووقفت أمامها ، خرج السائق وفتح الباب الخلفى للسيارة ، ظهر منه عمها حمدى فقط ،

...غريبة ! فين بقية الجيش ، جاى لوحدك ليه ؟

ابتسم لها ثم رد عليها بلهجته الصعيدية 

...بتتريجى يابت دولت ...

...بنت دولت تانى ، هو ايه حكايتكوا، هو فى بلدكوا بتندهوا الناس بأسماء أمهاتهم ولا ايه ..

...مش بجولك بتتريجى ، فى ناس يندهوكى باسم أمك كأنها شتيمة ، وناس تانية يندهوكى باسم أمك لأجل يفتكروها بيكى ويزودوا حبك فى جلوبهم يابتى ...

احست سارة بالمرارة والحزن فى اخر كلماته ،وقالت

...مش فاهمة ، حضرتك تقصد ايه ؟

...متخديش فى بالك ، هفضل نتكلم على الباب اكدة ، ايه ، مش عايزة تدخلينى بيتك ولا ايه ؟

...أذاى ، انا بنت أصول برده ، وأمى ربتنى كويس ، عمرى ماأطرد حد يجيلى بيتى ، اتفضل ..

وأشارت بيدها فى اتجاه الصالة الخارجية ، دخلا للصالة وجلس على أحد الكراسى ، ظلت هى واقفة ثم سألته 

...تحب تشرب ايه ؟

...دايما عامر ، اجعدى بس عايزة اتكلم معاكى كلمتين ..

...المطبخ هنا ، مش هدخل البيت ...

...يبجى جهوة لو مش هتعبك ...

...ثانية واحدة ...

دخلت للمطبخ التحضيرى البسيط بجانب الصالة ، وهى تصنع القهوة سألت نفسها ، لماذا ترتاح لهذا الرجل ، لماذا تصدقه ، هل بسبب ما قالته أمها عنه قبل وفاتها، إنه انسان جيد وشريف ، لكن أمها لم تتعامل معه من سنين تتعدى الخمسة عشر عام ، والسنين تغير الناس بالتأكيد ، 

قدمت له القهوة وجلست على الكرسى المقابل له 

...اتفضل حضرتك قول اللى عندك ، بس لو فى الموضوع اللى اتكلمتوا فيه قبل كدة ، يبقى مفيش داعى ، اللى عندى قلته ونهينا الكلام فيه ...

...براحة شوية يادكتورة ، واسمعينى للأخر ..

...اتفضل ..

...جولتيلى كلمة المرة اللى فاتت ، مجادرش أنساها ، لجمتنى اول ما سمعتها منك ، جولتيلى أن دولت كلمتك عنى ، بصراحة مصدجتش حتى أنها فكرانى ...

تنهد بمرارة وكأنه يحاول إخراج الحزن مع الهواء الذى يزفره ، ثم أكمل ... والدتك شفت كتير جوى يابتى ، انا مكنتش موجود وجتها ، لما رجعت لجيت كل حاجة تمت من غير علمى ، جوازها من ابوكى وميراثها اللى انا زلت عنه لجدك ، وحتى معرفتش كل ده تم ازاى غير بعد ما جدك طرد ابوكى وأمك من البيت ...


....براحة عليا شوية كدة عشان أبقى معاك على الخط ، أمى لما حكتلى عنك ، كلمتنى عنك كشخص ، مقالتليش أن كان فى حاجة بينك وبينها ...

...كنت متأكد أنها مهتحكيش عن أكده ، كنت متفج انا ودولت على الجواز من جبل ما اسافر ، وأننا هنتممه بعد ما أرجع طوالى ، لكن ابوى الله يسامحه عارف انه لو كان جوزهالى ، كنت هحميها منه ، ومش هسيبه يجرب ليها ولا لميراثها ، وطلبتها قبل ما اسافر ووافق وبعدين سفرنى، و استغل سفرى وجوزها لمحمد اخوى غصب عنها ، وفضل وراها لحد ما مضاها على أرضها كلتها ، ولما رجعت كانت كل حاجة ضاعت ، ومجدرتش أعمل حاجة يابتى ، سامحينى يابتى ، كان نفسى احميها ومجدرتش ...


سكت ونظر للارض وكأنه يحاول التماسك بعد كل ما قال

أما سارة فقد استشعرت الصدق والحزن والندم فى كل كلمة قالها ، فهى قلما ما كان يخطئ احساسها مع أحد ،


...كنت بتحبها ؟

... من أول ما وعيت عينى عليها لمارجعت مع أمها للبلد ، أبوها مخلفش غيرها بعد ساب أمها واتجوز واحدة تانية ، ولما مات رجعوها عشان هى وريثته الوحيدة ... 


...لو كان فعلا كل اللى بتقوله صحيح ، وأنك ندمان انك مقدرتش تحميها ، فالاقدر بيك انك متحاولش تأذى بناتها بعد ما ماتت ،مش تيجى تساعدهم ...

انتفض هو إثر كلماتها الموجهة كالنار له 

...لاه ، لاه يابتى ، انا مش جاى اأذيكوا ، انا جاى امنعهم لو حاولوا يأذوكو ، وهم ناويين يابتى ، مصممين يرجعوكوا بأى تمن ...

...عشان فلوسى، صح ...

...للأسف ، صح ...

...أنت عارف أنى عندى استعداد أى شئ عشان امنعكم ...

...مهتقدريش يابتى، فمتحاوليش اصلا ، الحل الوحيد جدامك انك تبعدى عنهم ، لازم نشوف حل وسط يبعدهم عنك نوهائى ، انى نفسى مقدرتش عليهم ، بعدت عنهم خالص ، لا بدخل فى اللة بيعملوه ، ولا هم يدخلوا فى حياتى ، حتى ولادى درسوا اهنه فى مصر ، واحد منهم رجع بعد ما خلص والتانى رافض يرجع خالص ...

...والحل ايه من وجهة نظرك ...

...تتجوزى يابتى ، تبجى فى عصمة راجل يمنعهم عنك ...

...افندم ، اتجوز ، هو ده الحل ...

...ومهتلاجبش حل غير ، مش أكده وبس ، ميكونش أى راجل ، لازم يقدر يجف جسادهم ...

...أنت بتقول ان الشر فيهم ، وأن الدم عندهم سهل ، يبقى مين اللى ممكن يقف لهم ...

...يبجى مفيش غير الحل التانى ..

...اللى هو ايه ؟

..تتجوزى واحد منهم ...

..نعم ، انت بتقول ايه ؟ ..

... اسمعينى للاخر بس ، هم مبيئذوش رجالة عيلتهم واصل ، بدهم يوسعوا ويكبروا العيلة برجالتهم. ..

...يعنى انت عايزنى عشان اهرب منهم ، أقوم اتجوز واحد منهم ، تصدق والله حل رائع ...

وقفت سارة غاضبة قائلة ...تصدق فى الاول صدقت وحسيت انك خايف عليا بجد ، جاى تشتغلنى حضرتك ، بتلبسنى فى حيطة ، فاكرنى عيلة صغيرة هتضحك عليها ..

..حلمك عليا بس ، انتى فهمتينى غلط. ..

...غلط ولا صح ، انتهينا ، وحلك مرفوض ..

..براحة يابت دولت ، عندهم استعداد يعملوا اى حاجة عشان يوصلوا لفلوسك ، وأن رفضتى ، ممكن يجتلوكى ، هيعملوها ، وخواتك وابنك يورثوكى ، وهيعرفوا يرجعوا خواتك ليهم ، ماهم صغار وميعرفوش حاجة ...

...أنت بتقول ايه ؟ ايه الجنان ؟

...اللى سمعتيه ، لو أمك عايشة كنت هجولك اسأليها عملوا معاها ايه عشان يخدوا أرضها ...

...وانت عايزنى أعيش نفس السيناريو دلوقتى ، اتجوز واحد منهم عشان يعملوا اللى هم عايزينوا فيا براحتهم .. 


...لاه ، هى دى الحكاية ، اللى هتتجوزيه مهيسمحلهمش باكده. ..

...يعنى إيه ...

...يعنى الفكرة فى مين اللى هتتجوزيه. ..

...يطلع مين أن شاءالله. ..

...ولدى ، هجوزك ولدى ، جاسر ...

...إيه اللى انت بتقوله ده ...

...والله يابتى ، انا خايف عليكى ، جاسر عايش اهنه من اكتر من 15 سنة ، ملهش أى معرفة بيهم لا من جريب ولا من بعيد ، ورافض انه يرجع البلد نهائى بسببهم ، اتجوزيه يابتى ، حتى لو موجتا ، لحد ما يشيلوكى من حسابتهم ، وبعد أكده اعملى اللى انتى عايزاه ، انتى وراحتك ..

..أنت فعلا بتتكلم بجد بقى ..

..طبعا ، انا جلتلو وهو وافج يساعدك يابتى ، عنده استعداد يعمل أى حاجة يكسرهم بيها ، فكرى يابتى ، فكرى كويس ، وهتلاجى أنى عندى حج ، انا هسيبك دلوقتى ، وده الكارت بتاع ولدى ، هو مهندس معماري مشهور ، ومكتبه معروف ، اسألى عنه وفكرى ، بس بسرعة ، لأنهم هم كمان هيتصرفوا بسرعة ...

خرج بهدوء من الصالة ، وهى لم تتحرك من على الكرسى ، وكأنها ثبتت بأغلال فى الكرسى الذى تجلس عليه 


...ده جنون ، مستحيل يكون فى كدة ، يااما أسلم لهم ، يااما اتقتل ، يااما اتجوز بالطريقة دى ، والله واعلم هو صادق فى نيته فى مساعدتى ، ولا هو بيساعدهم هم ،، انا هتجنن ، عقلى هينفجر ،،ساعدنى يارب ،،، ساعدنى ... 

                    الفصل العشرون من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close