أخر الاخبار

رواية ذكريات امراه الفصل الثلاثون30بقلم هناء النمر


 روايةذكريات إمرأة 

الفصل الثلاثون 



برغم انطلاقهم بالسيارة من الساعة السابعة ، إلا أنهم وصلوا متأخرين عن ميعاد ابتداء مراسم الحفل فقد تقرر ابتدائه فى



 الساعة التاسعة ، بالطبع فاتهم كلمة البداية من سليم نورالدين ، 

كانت الحفلة ضخمة جداً بالمعنى المفهوم ، تم إقامتها فى المساحة الخالية بين الثلاث مصانع ، نافورة فى الوسط ،


 يقابلها مسرح منخفض نسبيا لفرق الغناء ، تم دعوة اهم رجال الأعمال فى مصر والوطن العربى ، وعدد كبير من الإعلاميين والفنانين ، 



دخل طارق ومها وتبعتهم سارة وحدها ، كانت ترتدى فستان كريمى هادئ يميل للون البنى ، وطرحة ساتان بنية اللون ،


 فتنته عندما رآاها من بعيد ، هل هى جميلة إلى هذا الحد أم هو من يراها دائما جميلة. لكنه غضب وشعر بغيرة عارمة عندنا



 رأى جاسر يقترب منها ، سلم عليها باليد ، وكل منهما يبتسم للأخر ، هو يعلم جيدا حبيبته وأيضا صاحب عمره ، لكنه كره


 المنظر هكذا ، لم يشعر جاسر إلا ويد أحمد تمتد ليدها وتسحبها بهدوء من يده ، قائلا


...الايد دى بتاعتى انا ، ممنوع الاقتراب أو التصوير


ولثانية بسيطة تعلقت عين أحمد بعين جاسر وكأنه نوع من التحدى ، فهمه جاسر ولاحظته سارة ،

انسحب جاسر مبتسما وهو يقول 

...ماشى ياعم، هنيالك بالإيد وصاحبتها ، بس يارب تاخد بالك منها ...

التفت لسارة وهو يقول بنغمة تحزيرية 

...ممنوع حد يسلم عليكى بالايد مرة تانية ، اوكى ..

...لأ مش اوكى ، ايه إلا حصل دلوقتى ده ...

...إيه ، بغير عليكى ، مش من حقى ولا ايه ...

...غريبة ، بتغير من مين وعشان ايه ، إذا مكنتش من مجتمع مسموح فيه كل شئ ...

...متقارنيش بينك وبين المجتمع اللى انا منه ، وبعدين اغير من أى حد ومن أى حاجة براحتى ..

...احنا ناوى نتخانق ولا حاجة ...

...بالعكس الليلادى بالذات مينفعش نتخانق. ..

...اشمعنى ، هتفهمى بعدين ، اتفضلى ندخل. .

..اوكى ...

لم يدرك كل منهما أن الحفل مملوء بالأعين التي راقبت ما حدث ، بداية من الجد مرورا بهشام وهيا ، وعمات أحمد وبنات عمه ، حتى جاسر الذى ابتعد عنهم ليراقب حديثهم من بعيد ،

وبالطبع كل منهم يضع الكثير فى جعبته ليفرق الاثنين ، لكن هيهات ، أحمد ليس بالشخص الهين الذى يترك شيئا للظروف . 

وقفت سارة مع مها مرة أخرى ، واتجه أحمد لجده بعدما أشار له ليأتي ليسلم على بعض الضيوف ،

...إيه مالك ياسارة ، مكشرة كدة ليه ؟

...مدايقة ، ياريتنى ماكنت جيت ..

..ليه بس ، دى الحفلة حلوة ، وكمان ...

...وكمان ايه ، فى ايه ؟

...حاولى تمسكى نفسك عشان هشام جاى وراكى ...

...هشام ، كملت ، كدة خناقة رسمى ...

...مساء الخير ياجماعة ...

ردت مها ...مساء النور ياهشام ، اذيك ...

...الحمد لله ، اذيك ياسارة ...

...الحمد لله ، اذيك انت ...

...تمام ، مبترديش عليا ليه فى التيليفون ...

..عادى ، بس مبتكنش الظروف سامحة ... 

أشارت مها بهدوء لسارة فى الاتجاه الآخر ، كان أحمد يسير باتجاههم ومعه عمها حمدى ، بالطبع لاحظ هشام ويبدوا أن الرسالة وصلته من هذا ،

...مساء الخير ...

..مساء النور ، ازييك ياعمى ، هو انت ليك فى الحفلات دى ...

...أبدا يابتى ، جاسر هو اللى جال أنى لازم اجى ، عشان اشوف شغله ، والله يابتى ما انى فاهم حاجة لحد دلوجتى. .. 

أجاب أحمد 

..انا هفهمكم كلكم كل حاجة دلوقتى حالا ، بس بعد اذنكم سارة ثوانى ...

بدون الإجابة من أحد ، مد يده وامسك بيد سارة وتحرك بها لمكان بعيد عنهم نسبيا 

...فى ايه ياأحمد ، مش تفهمنى ...

...أنت ليه مستعجلة كدة ...

...مبحبش أبقى زى الأطرش فى الزفة. ...

...اطرش ههههههههه، طيب ياستى ، انا سبق قولتلك أنى حددت ميعاد الفرح ، صح ...

...وبعدين ...

...وبعدين ايه ، انهارضة فرحك ياعروسة ...

...نعم ، انت مجنون ، مينفعش ...

... مجنون بيكى ياسارة ، ومش هسمح لمخلوق يبعدك عنى تانى ، واللى مينفعش لازم ينفع ، مادام انا عايزه ينفع ...

أنهى كلماته وهو يعود بظهره للخلف ويبتعد عنها ،

...ارجع يامجنون ، هتعمل ايه ...

...هو انتى لسة شفتى جنون ، هتشوفى دلوقتى جنانى على أصله ...

ثم استدار وابتعد عنها ، عادت هى للوقوف مع عمها ومها وهشام وانضم لهم جاسر وطارق ،

أما أحمد كان فى طريقه للاستيدج الذى يقف عليه أحد الفرق تعزف موسيقى هادئة ، عندما استوقفه جده قائلا 

...احمد ، انت مش مركز مع ضيوفك الأساسيين فى الحفلة، ومركز مع ناس تانية ...

..بالعكس ياجدى ، اللى انا مركز معاهم هم الأساس الأهم ...

...يعنى إيه ؟

...هتفهم حالا ، هى الناس كلها مستعجلة انهارضة ليه ، ولا انا اللى بارد ...

أكمل طريقه للمكان الذى يريده ، تاركا جده فى حيرة من أمره .

فجأة سمع الجميع صوته يصدر من مكبرات الصوت التى تملأ المكان ،

...مساء الخير ياجماعة ، شرفتونا انهارضة ، 

طبعا انتوا عارفين ان السبب الأساسى للحفلة دى علشان افتتاح مجمع المصانع التانى لمجموعة نور الدين ، لكن بالنسبالى انا السبب الأساسى للحفلة دى حاجة خاصة بيا انا ، وهتكون مفاجأة للكل ، بس قبل ما أقولها ، كنت عايز احكيلكم حكاية ، بصراحة، انا بعتبرها حكاية عمرى ...


زاد انتباه الجميع لما سيقول ، يبدوا أن مفاجاته ستأتي بثمارها وستكون صاعقة للجميع .

أما سارة فقد توقعت ما سيقوله ولكنها كذبت نفسها 


أكمل أحمد كلامه ... معظمكم عارف أنى كنت عايش فى اميريكا ، حياتى كانت هناك ودراستى كمان ، مرجعتش هنا غير من 5 سنين ، لما كنت فى اخر سنة فى الجامعة ، قابلت بنت ، مصرية ، كانت بتدرس هناك بمنحة من رجل أعمال ، منحة قدمها لجامعة القاهرة لمساعدة اكتر طالب متفوق فى جامعة مرموقة برة مصر ...


لم تصدق سارة نفسها ، هل سيحكى حكايتها معه فعلا ، هل سيقول أنها كانت تعمل مدبرة لمنزله ، هل سيخبر الجميع عما حدث بينهما ؟


تابع أحمد روايته ... الغريب بقى أن هى متعرفش أن اللى قدملها المنحة دى هو نفسه ، سليم نورالدين 

اتسعت عينا سارة من المفاجأة ، وكان رد فعل جده بنفس الطريقة ، ونظر كل منهما للأخر .


...وطبعا هو كمان ميعرفش هى هتكون ايه بالنسباله بعد كدة ، المهم فى الموضوع، انى اول ما شفتها شدتنى بشكل قوى جدا ... 

أكمل كلامه وعينا كل منهما معلقة بالآخر ، وكأنهما منعزلين عن العالم الذى يحوطهما ، ويبدوا أن جميع الحاضرين لاحظوا عن من يتكلم من نظراته لها ، وتحوطها كل العيون تنظر لها .


...حاولت أقرب منها ، رفضتنى ، رفضت كل خطوط الاتصال بينا ، مكانش قدامى حل غير أنى اتجوزها ، وبرده وافقت بعد عذاب ، وافقت بشروطها ، رغم انه كان اتفاق عملى جدا وكأنه عقد شراكة ،رغم كدة ، سنة كاملة ، عشت فيها أجمل مشاعر ، من غير أى كلمة حب ، كل واحد فينا ملتزم باللى يخصه فى الاتفاق ده ، لكن المشكلة كانت عندى انا ، 

للأسف حبيتها ، غرقت فيها بشكل مقدرتش حتى اقاومه ، مبقتش قادر أبعد عنها ، واتأكدت من كدة لما نزلت إجازة مصر تزور أهلها ، قررت فى الوقت ده أن أقولها ، لكن للأسف، أول ما رجعت ، كانت محضرالى مفاجأة رائعة ، طلب طلاق ، 

رجعت وبدل ما تقولى وحشتنى ، قالتلى طلقنى ، وكانت مصممة تماما عليها ، وطبعا قصاد تصميمها ده مرفضتش ، طلقتها ، ومشيت ، ولما سألت عليها بعدها بيومين ، عرفت أنها اعتذرت عن منحتها ورجعت مصر ، من غير حتى ما أعرف السبب ، 

سنين بدور عليها ، كنت هتجنن اعرف هى فين وعايشة ازاى ، لكن للأسف مقدرتش اوصلها، 

حاولت أعيش ، اتجوزت مرة واتنين ، ومفيش فايدة ، دورت عليها فى كل ست عرفتها ، وقربت منها ، 

وبرده مفيش فايدة ، لكن فجأة وبدون أى مقدمات ،

لقيتها قدامى ، تفتكروا ياجماعة ، لو أى حد منكم مكانى ، يعمل ايه ؟


رد عليه معظم الحاضرين الذين انفعلوا تماما مع حكايته .........تتجوزها طبعا ....

أصاب الذهول سارة من هذا التفاعل ، وبدأت عيناها تمتلئ بالدموع ، أما أحمد ابتسم وقال 


...بالفعل ، هو ده اللى هعمله ، أبقى مجنون لو سبتها تروح منى تانى ...

ترك المايك من يده ، ونزل من على الاستيدج، واتجه صوبها والجميع يبتعد من طريقه حتي وصل إليها 


ابتعد عنهم بخطوتين كل من كانوا يقفون معها ، 

اقترب هو منها ومد يده فى جيب سترته وأخرج علبة مخملية صغيرة ، فتحها وأخرج منها خاتم رائع صغير الحجم بفص ماسى كبير ، امتدت يده به وهو يقول 


... الخاتم ده معايا من اكتر من سبع سنين ، جبتهولك يوم ما سبتينى ، كانت هدية رجوع عشان اقولك بيه وحشتينى ، دلوقتى بيه برده بقولك

،،،،،،،تتجوزينى ياسارة ،،،،،،،،،

عند هذه اللحظة لم تستطع منع دموعها ، جهشت بالبكاء وهى تومئ له بالموافقة ، وتعلقت فى رقبته أمام الجميع ، حضنها ودار بها وسط تصفيق حاد من الحاضرين ، وتحت أنظار المزهولين أيضا ، حتى أنهم لم يستطيعوا رفع يدهم للتصفيق ، بالطبع منهم الجد وهشام ومعظم عائلة أحمد خاصة السيدات منهم .


...المأذون جاهز ومستنى. ..

...نعم ، دلوقتى ؟

...طبعا دلوقتى ، كل حاجة جاهزة ...

...مينفعش ياأحمد ، انا مش جاهزة وبعدين اخواتى ...

..بس بس ، متكمليش. ..

أشار بيده فظهر أخواتها من خلف الناس وهم يبتسمون لها بالموافقة ، 

...اسمعى بقى ، وكيلك موجود ، عم حمدى هنا ، وشهود فرحك موجودين ، سليم باشا بنفسه ..

نطق الاسم وهو ينظر له وكأنه لا يقبل منه الرفض 

...والشاهد التانى جاسر ابن عمك ، اخواتك موجودين ، ومها كمان موجودة ، عايزة حد تانى غير كدة ، اؤمرى وهجيلهولك لحد عندك ...

... احمد ،،،انا ،،،

...بس وافقى ياسارة ، خلينا نبدأ نعيش ...

اماءت برأسها له ، ابتسم لها ورفع يدها وقبلها ،


وبدأت مراسم كتب الكتاب وسط التهانى والقبلات من بعض الأشخاص ، والكره وعدم التصديق من آخرين ، والغيرة والحقد من فئة ثالثة ،

أما هى فقد كانت فى عالم آخر تماما ، لم ترتفع عينيها عنه وعن فرحته الناضحة من عيونه ، 

هل ستعيش ، هل آن لها الأوان لكى تحيا ، هل انتهت أيام وليالي الوحدة والبكاء على الأطلال ، لطالما عاش فى حياتها مجرد ذكرى وحلم ، هل سيتجسد الان أمام عينها ويملئ حياتها ، 


وللأسف كان لها كل الحق للخوف والبكاء بل والنحيب أيضا ، يبدوا أن القدر لن يحقق لها مناها ، لقد كتب عليها أن تكون امرأة الذكريات ويبدوا أنها ستبقى هكذا ، سيبقى الحب فى حياتها مجرد ذكريات ،،،،،


عندما أنهوا اجرائاتهم وامضائاتهم ، اقترب منها ، اقترب من زوجته وحبيبته ، قبل يدها ورأسها ، مد يده ومسح دموعها ، سحبها من يدها لترقص معه على موسيقى لطالما عشقها الاثنان ، لطالما سمعاها ورقصا عليها ، ومارسا عليها كل مشاعر الحب والرومانسية المطلقة التى لم يعشها كل منهما إلا مع الآخر .

وفى لحظتها كان خط النهاية ، بل البداية ولكن لسلسلة أحزان جديدة لامرأة الذكريات ،


رصاصة ، مجرد رصاصة ، انطلقت من مسدس مجهول واتجهت أظهره مباشرة ، رصاصة دفع ثمنها الجد لتستقر فى صدرها هى ، ولكن كان لعائلتها رأى آخر ، هدم الجدار الذى احتمت به ، نهايته هو وليس هى ، لكل منهما رأيه وهدفه والنتيجة ضياعه وضياعها معه ، 

لا نعلم هل عاش أم مات ، هل عاشت هى الأخرى أم ماتت ، دائما ياسادة تكون الكلمة للقدر ، مسار حياة كل فرد فينا ليس بيدنا ، مهما حاولنا التحكم فيه ، 

فكلمة النهاية ، تكون فقط للقدر ،،،،،،،،،،

          الفصل الحادي والثلاثون من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close