أخر الاخبار

واية ذكريات امراه الفصل الثالث والعشرون23بقلم هناء النمر


رواية ذكريات إمرأة

 الفصل الثالث والعشرون

بقلم هناء النمر


غادر الجميع الساعة الثانية عشر فى منتصف الليل ، كان أحمد هو من قاد السيارة التى استقلتها سارة وأخواتها ، وكان


 يتبعهما سيارة أخرى بها مجموعة من رجال الأمن 


.

ظنت سارة فى البداية انهم سيسافرون بالسيارة ، لكنها وجدته يتجه للمطار ، وبنظرة استفسار له ، رد عليها بكلمات موجزة




...أنتى كنتى متخيلة أن احنا هنروح الفيوم بالعربية ، عندك استعداد تقضى اكتر من 6 ساعات فى الطريق ؟



كانت سيارة أخرى تنتظرهم فى الممر ، بعد 10 دقائق وصلوا أمام طائرة ، أقل وصف لها أنها رائعة ، كانت صغيرة فى الحجم



 بالمقارنة بالطائرات العادية ، فرحت بها الفتاتان بشكل لا يوصف ، لكن روعة ما بداخلها اكثر بكثير من خارجها ، كانت



 وكأنها صالة رائعة تحتوى على كل شئ ، ومطبخ تحضيرى بسيط ، وغرفة نوم صغيرة ، وحمامين ، أحدهم فى مقدمة



 الطائرة ، والآخر فى نهايتها ، حتى نور رغم صغر سنه الذى يجب أن يشعره بالخوف من هذه الأشياء التى يراها لأول مرة


 ، لكنه أخذ يجرى هنا وهناك ، ويحاول اكتشاف كل مكان على الطائرة . 



عندما جلس الجميع وربطوا الأحزمة ، أقلعت الطائرة بهم .

كانت سارة تجلس بالقرب من أحمد ، ظلت تنظر له وفى داخلها


 تساؤلات لا تنتهي ، كانت تعلم أنه غنى ، ولكن ليس لهذه الدرجة التى تمكنه من امتلاك طائرة خاصة

 .

...بتبصيلى كدة ليه ...

... كنت عارفة انك انسان غامض اوى ، ووراك كتير اوى معرفتوش ولا هعرفة ،،، بس ....

.. 

...بس ايه ؟

...مش عارفة ...

...كل ده عشان الطيارة دى ، على فكرة دى اشتريتها من سنتين بس ، يعنى مكانتش عندى وقت ما كنتى تعرفينى ،



 كنت مقضيها على طيارة جدى ...

...هو كمان عنده طيارة ؟

....طبعا ، ده سليم نورالدين ...

...بالمناسبة ، هو هيوافق على جوازك منى ؟

...اكيد مش بسهولة ، بس انا أحمد ياسارة ، مش أى حد تانى ..

تجمدت ملامح سارة من تلميحه ، ماذا يقصد ؟ هل يقصد


 هشام ؟ هل اجبره سليم نورالدين على التراجع عن فكرة الزواج منى ؟ وهل وافقه هشام على ذلك ونفذ له رغبته بهذه السهولة ؟



لم يبدوا لها انه ممن يجبرون على شئ كهذا ، فقد كان يبدوا مستقلا وشديد الاعتزاز لشخصيته وقوتها .



استمرا فى النظر لبعضهما وكأن كل منهما يسمع أفكار الآخر 


....هو ده بقى اللى حصل ..

...هو ايه ؟

...أنت فاهم انا أقصد ايه ...

...سألتك قبل كدة وبس ألم تانى ، يفرق معاكى اللى حصل معاه ياسارة ؟ 

...وأنا جاوبتك قبل كدة وبجاوبك تانى وبنفس الإجابة ، انا أعرفه من اكتر من سنتين ، معملش معايا حاجة وحشة ، يعز عليا لو عمل فيا كدة ...



...بس كدة ...

...تقصد ايه ؟ شاكك فى اتجاه مشاعرى ...

... لا طبعا ، ولا واحد فى المية حتى...

....أمال تقصد إيه ؟

....ولا حاجة ، هو انتى قولتى ايه للبنات عن الرحلة دى ...

....قولتهم أنهم مكتئبين بعد وفاة ماما ومش عارفين يذاكروا ، لازم يغيروا جو عشان يقدروا يكملوا ...

...كويس د سبب مقنع ، وفعلا هتغيروا جوا ، هناك الجو تحفة ...

بعد أكثر من ساعة ونصف ، هبطت الطائرة فى مكان وجهتها ، عندما خرجت من الطائرة وجدت نفسها فى مكان هبوط للطائرة بكم صغير ، كل هذا وسط امتداد بصرى من المساحات الخضراء 

...احنا فين ؟

...فى المزرعة ...

...نعم ، المزرعة فيها مكان لهبوط الطيارة، هى كبيرة اوى كدة ...

...احكمى بنفسك ...

وجدت سيارة كبيرة تنتظرهم ، وجو من الترحيب العارم من الموظفين بصاحب المكان ، شقت السيارة طريقها وسط هذا الكم الهائل من الجمال ، وصلوا لمبنى رائع ، رغم حجمه الكبير يبدوا بسيطا فى التنسيق كبيت ريفى جميل ، 

...يظهر أن احنا هنستمتع بجد ...

...فعلا ...

...أنت واقف كدة ليه ، مش هتدخل معانا ولا ايه ؟

...لا ، انا هرجع دلوقتى عندى شغل وحاجات كتير لازم تجهز عشان موضوع اهلك ده ، انا كدة اطمنت عليكى ، اكتشفى المزرعة براحتك ، وعيشى يومين بهدوء ، بعيد عن المشاكل اللى فى حياتك كلها ....

ظهرت سيدة تبدوا فى نهاية الأربعينات ، كانت ترتدى عباءة بسيطة ، 

...دى زينب ، مسؤولة عن البيت هنا ، هتكون تحت أمرك فى اى حاجة تطلبيها ، سلميلى على ريم ورغد وبوسيلى نور ...

ثم تركها وذهب 

لأول مرة تكتشف أن عقلها بهذا الحجم ، صغير جدا لدرجة أنه لا يتحمل كل ما يحدث لها ، ارتعبت من صوت زينب الذى قفز فى اذنها مرة واحدة 

...تأمرى بحاجة ياست سارة ...

...هم راحوا فين ...

...بيتفرجوا على البيت ...

...ممكن تعمليلى قهوة بعد اذنك ، هعمل تيليفون بسرعة كدة وهاجى ...

اتصلت سارة بمها التى وجدت منها أكثر من خمس مكالمات فائتة 

...إيه ياسارة ، مبترديش ليه ، كنت عايزة أطمن انكوا وصلتوا.

. .. وصلنا من شوية ، بس أحمد رجع تانى ...

...على طول كدة ..

..بيقول عنده شغل ..

...مش مشكلة، هبقى أحاول اجى اقضى معاكوا يوم ...

...اوك ، انا هقفل عشان الشوف الليلة دى هترسى على ايه ...

...خدى بالك من نفسك ياسارة ...

...هنا ، مين هيأذينى هنا ؟ دا انا فى قارة تانية يابنتى ...

...ههههههههه، والفضل لواحد صاحبنا ، قصدى حبيبنا ...

...اتلمى يامها ، و روحى شوفيلك حاجة اعمليها ...

...ماشى ، سلام ...

...سلام ...


مر أكثر من ثلاثة أيام ، لم يحدث فيهم الكثير ، قضتهم سارة فى التأمل فى الهدوء والجمال الموجود حولها ، وريم ورغد ونور استمتعوا بالمكان جدا وقضوا وقتهم فى التجول والجرى مع الخيول .

أما عن مكالمات أحمد مع سارة لتسأله عما يحدث ، فكانت الإجابة بسيطة وموجزة ...لا شئ جديد ...

وفى اليوم الرابع حضرت مها ومعها تالا على نفس الطائرة لقضاء يومين معهم ، وكان لوجودها أثر جيد على سارة ، فطالما كانت مها جليس جيد لسارة ، فهى تحبها وتفضى لها بما فى داخلها بلا حرج أو خوف .

فى اليوم السادس ليلا ، اتصلت سارة بأحمد لتخبره أنها تريد العودة لمتابعة عملها ، ليس جيدا ان تترك المراكز بدون متابعة كل هذا الوقت ، لكنه رفض عودتها الآن وطلب منها أن تبقى فى المزرعة لفترة ، رجوعها الآن غير آمن عليهم ، فالصراع على أشده بينه وبين هؤلاء الأغبياء ، ولكنه لم يفسر لها ما يحدث بالتفصيل ، اكتفى باخبارها بخطوط عريضة عن الموضوع حتى لا يقلقها . ورغم كل ذلك فهو يحاول فى كل مكالمة بينهما أن يبعدها عن الموضوع بشتى الطرق ، بالحديث عن ذكرى بينهم ، أو عن موضوع معين فى العمل ، وما أشد ما يسعدها ذلك ، فقد ادمنت مكالماته كما ادمنها هو الأخر ، فهو يطلبها على مدار الساعة تقريبا ، قبل وبعد كل إجتماع ، وهو فى سيارته ، فى الاسانيير ، وبالطبع قبل نومهم ، فأصبح ينام كل منهما على صوت الآخر ، ويبقى الخط مفتوح . 


فى أحد المكالمات ، دخل جده المكتب دون أن يشعر به ، فقد كان مستغرقا تماما فى كلامه معها ، مستديرا بكرسيه وظهره للمكتب وبالطبع الباب ، وكان فى يده بعض الأوراق يقوم بامضائها ، ويتحدث معها بسماعة بلوتوث معلقة فى أذنه .

التفت ليضع الأوراق من يده ، وجد جده أمامه يجلس بأريحية تامة ويضع ساق فوق الأخرى وكأنه فى وضعه هكذا من فترة ،

التقت الأعين فى صمت استمر لثوانى ، وغضب واضح من جهة جده 

..إيه ياسليم باشا ، بتبصلى كدة ليه ؟ 

...بتكلم مين ؟

... إيه السؤال الغريب ده ...

....مين اللى كنت بتكلمها ياأحمد ؟

...واحدة .. 

...منا عارف ، هى مين ، بنت مين ...

...هو فى مشكلة ..

...سمعتك بتقولها ، مش هيقدروا يقربولك لما تبقى حرم أحمد نورالدين ، انت ناوى تتجوز ؟

...وافرض ، ايه المشكلة ؟

...المشكلة انك ناوى تبلغنى زى الأغرب ، ولا يمكن هتبعتلى دعوة للفرح ...

...ههههههههه ، لا مش للدرجة دى ، آمال مين هيشهد على عقد جوازى ..

...من غير حتى ما أعرف هى مين ...

...أولا انت تعرفها ، ثانيا ، ه تفرق فى ايه معاك ، كدة كدة هتجوزها ، وحضرتك عارف ان مبغيرش رأيي والمفروض أن فى اتفاق بينا من زمان على الموضوع ده ...

...اتفقنا أنى اعرف ب جوازك صدفة ، وأنك تخبى عنى مين هى ..

...اهدى ياباشا ، الهدوء احسن فى المواضيع دى 


قطع كلامهم طرقات على الباب وتبعه دخول السكرتيرة 

...الاجتماع جاهز ياأحمد بيه ، والمديرين كلهم موجودين .، وتوزع عليهم الأوراق زى ما حضرتك طلبت .... 

...طيب يانيرة ، سيبيهم ربع ساعة لحد ما اشرب القهوة مع سليم باشا ، ونديهم فرصة يقروا اللى فيه عشان نتفرج على ردود أفعالهم عليه ، وابعتيلنا القهوة لو سمحتى...

...حاضر يافندم ... خرجت مغلقة الباب خلفها


...شوف ياجدى ، سبق واتفقنا أن ليك جوازة واحدة معايا ، وخلاص تمت ، بمشورتك واختيارك ، وأظن انت عشت معايا الموضوع من أوله ، لحد ما اكدتلك استحالة العيشة معاها ، وانتهينا من الموضوع ده ...

...أنت اللى كنت عايز كدة ...

...وايه المشكلة ، انا واحد عايز الزوجة هى الحبيبة والهدوء والسكن اللى أجرى عليه ، وهيا مكانتش اكتر من مجرد آلة مادية متحركة ، ولا المفروض أنى أعيش زييكم ، الزوجة حاجة والعشيقة حاجة تانية ... 

....تعرف ياأحمد ، من يوم ما بدأ عقلك يشوف الدنيا وانا سعيد بيك جدا من وانت صغير كان واضح عليك انك بتشبهنى اوى ، طموح وتحكمك فى أمور حياتك ، وقدرتك على تحمل الصدمات ، وكمان تحويلها لصالحك ، كنت بتتعامل مع كل شئ باحترافية تامة ، عشان كدة نجحت ، ووصلت بسرعة ، حققت مكاسب خيالية فى وقت قصير جدا ، كان فعلا واضح انك هتكون ماتادور عيلة نورالدين فعلا ، عشان كدة كنت حريص أنى ماأخصركش ابدا ، بل بالعكس احميك وأنمى مهاراتك . لكن للأسف الحلو ميكملش ...


...ليه بس كدة ...

...الصفة الوحيدة اللى اخدتها من جدتك ،، قلبك ،، عايز الحب ،،وبتحاول تفرق بين الحب والشغل ، دى ليه وقته ومجاله ، وده ليه وقته ومجاله ...

...والله ياجدى ، أن على حد معلوماتى أن دى ميزة مش عيب ...

...ميزة لكل الناس ، عيب لينا احنا ، أقرب مثل ليك ،،،جدتك ،،، كان عندها ذكاء وسدادة رأى ملهاش حل وكان عندها الأساس المادى اللى سابهولها أبوها ، كان ممكن تعمل بيه معجزات ، بالرغم من كدة ، كل اللى قدرت تعمله شوية مطاعم بمزرعتين عشان يوردوا للمطاعم وبس ، وكله بسبب العيب ده ، لم حبتنى، سابت كل حاجة عشانى لدرجة أنها جت معايا وعاشت هنا فى مصر ، وقبلت تكون زوجة تانية ، وليها الجزء الأقل من حياتى ...

....يعنى إيه ؟ دلوقتى بتلومها عشان عملت عشانك كل ده ...

...لا طبعا ، يمكن كانت هى من اجمل الحاجات اللى حصلت فى حياتى ، وكنت فعلا بميزها فى كل حاجة ، وكانت دايما تقول كفاية عليا قلبك ، لكن فى فرق ياأحمد ، هى ست ، مكانش مطلوب منها أى شئ ، العيب ده خلاها حبت راجل واكتفت بيه عن الدنيا ، لدرجة أن مبقاش عندها طموح فى حياتها إلا أنها تخليه سعيد وبس ، 

لكن انت ، بطموحك وذكائك ، عملت من شوية مطاعم اللى سبتهم لك الثروة دى كلها ، فلو فجأة ظهر العيب ده فى حياتك ، ممكن ينهيك ياأحمد ، ويقتل طموحك ، وأنا مش هسمح بكدة ...

...يعنى انت عايزنى اتحول لشخص يشبهك تماما ، معتقدش ، وصدقنى عندى القدرة أنى اصل ده عن ده ...

...لا ياأحمد ، حاجة من اتنين ، يااما العيب ده يستمر وساعتها هيحصل اللى بقولك عليه ، يااما هدوق اللى انت عايز تعيشه وبعدين هتكون زى ما انا عايز ، ويكون عندك الزوجة حاجة والعشيقة حاجة تانية ، وهفكرك لو كنت عايش ، ولو كنت ميت بقى ، هتفتكرنى لوحدك وقتها ،، ويلا بقى عشان الاجتماع ولا هتبدأ تأثر من دلوقتى ... 


ادار أحمد كرسيه مرة أخرى واسند ظهره عليه ، واغمض عينيه وأخذ يحدث نفسه 

...معقول ، ممكن اعملها ، ممكن اسيبها أو حتى مجرد أنى اجرحها بالشكل ده ، لأ ، صعب ، لأ مش صعب ، ده مستحيل ، 

انا بحبها فعلا ، ومتأكد من ده ، انا بحتاج قدرة من حديد عشان اقدر اسيطر على نفسى وهى قدامى ، مجرد صوتها بس ولو بالتيليفون ، بيزيد ضربات قلبى ، انا فضلت ادور عليها سنين ، 

بس خلاص هى معايا ، مش مهم بعدين هيحصل ايه ، أعيش دلوقتى ، واسيب الزمن يحدد اللى هيحصل .... 

            الفصل الرابع والعشرون من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close