رواية ألام معطرة
بقلم بقلم فاطمة خضير
الفصل السادس عشر
--------------------------
أرتجفت شفتيها من شدة الخوف و كلما أقترب
خطوة منها ضاقت أنفاسها أكثر و أصاب
الهلع قلبها حتى وقف على مقربة منها همست
بأشتياق من بين شفتيها المرتعشتين رغم خوفها الذي يكاد يقتلها
- أبي...
تفوه بكلمات غليظة حادة أسرت الخوف بقلبها أكثر و نظراته أكثر حدة
- عليك العودة معي...
تلعثمت بكلماتها...
- لكن أنا...
قاطعها بسرعة متجاهلاً ما تود قوله
- لا نملك الكثير من الوقت
نظرت خلفه لتطالع أخاها مؤيد بنظرات حب يزينها الخوف و الأنكسار
- سأتي لكن علي أخبار جاد... جاد يكون زوجي
ألقت كلماتها لتبرر لهم أنها لم تفعل شيئا خاطئاً و لكن لم تجد سوى نظرات الغضب منهما
- لا داعي لأخباره فقط تعالي معنا
حاولت أستجماع قوتها
- لا أستطيع ذلك أبي.. فهو سيقلق كثيرا أذا لم أعد للمنزل
قبض على يده محاولاً الهدوء و السيطرة على غضبه
- أخبرتك لا داعي لأخباره
أخرجت هاتفها لأجراء مكالمة هاتفية
- حسناً سأتصل به
-لا
صرخ بها بنفاذ صبر جاذباً الهاتف من يدها ملقياً أياه أرضاً ليتحطم لقطع صغيرة
أرتعبت من صراخ والدها أبتلعت ريقها بصعوبة
- أبي علي أخباره و ألا لن أذهب معكما
أمسك ذراعها بقوة و صرخ بها
- ستذهبين رغماً عنك
حاولت التملص من قبضته لكن بلا جدوى
- لا لن أترك جاد مهما حدث
أصطكت أسنانه على بعضها لشدة غضبه ليهدر من بين أسنانه بتهديد
- ستأتين معنا و ألا فأنني سأقتله هنالك قناص على البناية المقابلة لشركته حالما يخرج سيقتله أذا لم أوقفه أنا
صدمت من ما قاله والدها و أحتل الخوف قلبها على جاد أخذت الأفكار تدور بعقلها و الخوف ينهش قلبها على جاد أغرورقت عيناها بالدموع
- لا... جاد .... سأتي معكما لكن لا تؤذه أرجوك
أقترب مؤيد عدة خطوات مردداً
- جيد... هيا لتحضري جواز سفرك
أجابته بخوف و الحزن يلتمع بعينيها
- حسناً
______________________________________
هائمة بأفكارها الحزينة لم تعلم متى وصلت إلى المنزل ألا عندما أخرجها صوت والدها من متاهة حزنها
- أسمعي جيدا أحضري جواز سفرك بسرعة و لا تحاولي التذاكي و ألا سأقتل زوجك... هل فهمتي
أومأت برأسها و أغرورقت عيناها بالدموع ترجلت من السيارة لتسير لداخل المنزل أوقفها صوت شاريل فمسحت دموعها بسرعة عندما أقتربت منها شاريل لتتوقفا مقابل بعضهما
- سيدتي عدتي بسرعة أليس لديك محاضرات اليوم
حاولت أن تبدو طبيعية أمام شاريل رسمت أبتسامة صغيرة زائفة على شفتيها
- أجل لدي لكنني نسيت بعض الأوراق هنا و قد عدت لأخذها
- هل أذهب لأحضرها لك سيدتي
هزت رأسها نافية
- لا أنا سأحضرها
أسرعت نحو غرفتها قبل أن تفضحها دموعها فلقد بدأت تفقد السيطرة عليها .. أغلقت الباب خلفها سامحةً لدموعها بالنزول أخذت أنظارها تجول بالغرفة ، في كل زاوية يوجد ذكرى جميلة تجمعها بجاد ضحكاتهما التي تزين الغرفةأنفاسه القريبة دائما منها تعطرها و لمساته التي تعشقها
حاولت أستجماع قوتها و عدم أظهار ضعفها أسرعت نحو أحد الأدراج لتفتحه و تأخذ منه جواز سفرها أنه أغلقته فلمحت بجانبه ذلك الرف المخصص لعطور جاد المتنوعة ألتقطت العطر المفضل لديه رشت
القليل منه على يدها لتستنشقه كالمدمنة سرعان ما أنهمرت دموعها مرةًأخرى و تعالت شهقاتها فكتمتها بيدها كي لا يسمعها أحد لحظات أخيرة تودع بها كل ما يخص معشوقها لتغادر الغرفة فقابلتها شاريل
- سيدتي.. ستغادرين
- أجل.. شاريل أهتمي بجاد أرجوك.
تعجبت شاريل من طلبها فتسألتها
- لماذا هل ستذهبين لمكان ما
تهربت بعينها من شاريل مجيبة أياها
- لا... سأذهب قدمي الطعام لجاد عند عودته لا داعي لأن ينتظرني ربما أتأخر
ثم رددت داخلها بحزن
- لأنني لن أعود أبدا الى هنا أنتهت رحلتي مع جاد
قاطع أفكارها صوت شاريل
- حسناً كما تريدين
هزت رأسها بالأيجاب لتغادر من أمامها لخارج المنزل لتخطو بأتجاه سيارة والدها لتركب بها
- أعطني جواز سفرك بسرعة
لتمد له يدها لتسلمه أياه
- تفضل أبي..
أبتعدت السيارة عن المنزل لكن أنظار أفنان مازلت معلقة عليه حتى لم تعد تراه
______________________________________
تجلس في قاعة الأنتظار الخاصة بالمطار صامتةً حزينة تحاول عدم أظهار خوفها و تأبى نزول دموعها محاولة السيطرة عليها سمعت صوت والدها الغاضب و الخافت لكي لا يسمعه أحد نظرت له ليلقي على مسامعها كلماته الحادة
- لا تحاولي التذاكي و أخبار الشرطة و ألا فأن القناص الذي أستأجرته سيقتل زوجك خلال ساعة أذالم أتصل به
حال سماعها ما تفوه به فقدت السيطرة على دموعها لتومأ برأسها
- لا أبي أرجوك.. لا تفعل ذلك.. أنا سأنفذ كل ما تريده..لا تؤذي جاد رجاءٍ
أدار وجهه للناحية الأخرى متمتماًبغضب
- جيد...
______________________________________
خائفة جدا على جاد ، تمسح دموعها بين الحين و الأخر عند جلوسهم في الطائرة و قبلأقلاعها بعدة دقائق أتصل والدها بذلك القناص و أوقفه
- أنا أوقفته و لكن أذا فعلتِ أي شيء لتهربي سأتصل مجددا به فهو مازال بمكانه حتى نصل
للمنزل
رددت بسرعة وكلام أبيها يطمئنها و يخيفها بذات اللحظة
- لن أهرب
------------------------------------------------------------
تقف أمام البوابة الرئيسية للشركة و معالم السعادة ترتسم على وجهها تمتمت بحب
- سيتفاجئ رائد كثيراً لما سأخبره و سيفرح بكل تأكيد ثم سارت للداخل بخطوات هادئة و هي تعرج و لكن لا يهمها الأمر مطلقا و لا نظرات من حولها لا تهتم لهم لطالما كانت واثقة من نفسها
بينما رائد فقد نفذ صبره من تحكمات والد سيمار به ، حاول الهدوء قدر أستطاعته للتوصل لحلً ما
- أرجوك لا تتدخل في حياتي
رد عليه الأخر مؤكداً
- رائد أسمعني جيدا أبنتي سيمار عاشت حياتها في رخاء و لن تستطيع العيش معك في ذلك المنزل الصغير لذلك أمل أن تأتيا و تقيما معي أو سأشتري لكما منزلاً كبيرا
- لا... لا أستطيع كرامتي لا تسمح لي بذلك
- ماذا.. لكنك أخذت مني المال مسبقاً
نهض من مكانه مردداً بنفاذ صبر و صوته أحتد و تملكه الغضب الشديد
- كنت مضطراً حينها لأن والدتي كانت مريضة و لم أملك خياراً أخر سوى الزواج بسيمار مقابل المال الذي أخذته منك
أقترب منه والد سيمار
- أعطيتك المال مقابل الزواج بسيمار و أنت وافقت
أستدار للجهة الأخرى مردداً
- كنت مضطراً ... أ
توقفت الحروف داخل فمهه حالما شاهد سيمار واقفة عند الباب و عيناها ممتلئتان بالدموع التي تنزل بأستمرار و الصدمة تستحوذ عليها مما سمعت تمتم رائد بأسمها
- سيمار...
نظر والدها نحو الباب ليشاهد مدللته الصغيرة بهذا الحال ليتمزق قلبه حزناً عليها
أقتربت نحوهما ببطئ تسألهما
- ما الذي سمعته تزوجتني من أجل المال و أنت أبي عرضت عليه الزواج بي مقابل أعطائه المال...
صرخت بهما بأنهيار و هي تبكي بشدة
- ما الذي فعلتماه...
أقترب والدها نحوها بسرعة
- عزيزتي سيمار فعلت ذلك من أجلك... رأيتك معجبة برائد فقمت بفعل ذلك.. من أجلك عزيزتي
أجابته بصوت يشهق من شدة البكاء
- لقد أهنتني أبي...
- لا كيف لي ذلك أنا أحبك كنت فقط أريد سعادتك
قاطعته بسرعة
- سعادتي.. و كيف سأكون سعيدة مع شخص تزوجني مجبراً من أجل المال
أقترب رائد منها موضحا
- لا سيمار أنا أحبك...
- لا تكذب أرجوك.. تزوجتني من أجل المال لتستطيع علاج والدتك... أنا لم أتوقع هذا منكما... أكثر شخصين أحبهما يفعلان بي ذلك أنا لا أريد التواصل مع أيً منكما
غادرت المكتب بسرعة و هي تائهة بأفكارها فيما لحقها رائد سائراً خلفها في ذلك الممر الخاص بالشركة
- سيمار أرجوك توقفي.. ما سمعته نصف الحقيقة و أنا بعد زواجنا أحببتك كثيرا.. صدقيني
- لن أصدقك كنت تكذب علي
- أنا أسف
- أتركني و شأني.. لا تلمسني
حاول لمسها لكنها أبتعدت عنه بسرعة كادت تقع و لكن أمسكها رائد يحتضنها من خصرها ملتصقاً بها و الخوف يتملك قلبه عليها
- سيمار أنت بخير
دفعته بقوة بعيدا عنها
- أبتعد لا أريدك أن تقترب مني حتى لو مت ....
أوقفها عن أكمال ما تقول بحزم شديد
- أصمتي.. و لاتتفوهي بهذا الكلام مرةً أخرى.. أنتِ حياتي و لن أسمح بأن تصابي بأي سوء.. أنا أحبك
صرخت به مبتعدةً عنه تسير بأتجاه المصعد
- يكفي كذباً...
أسرع خلفها و حملها بين ذراعيه متجهاً للمصعد بينما تذمرت سيمار
- رائد أتركني.. ألا تسمعني... أنزلني
تجاهل ما تقوله و لم يرد عليها بكلمة بينما هي شعرت بالأحراج من نظرات الموظفين
- توقف عن فعل هذا.... الموظفون ينظرون لنا
دخل للمصعد ينظر لها
- لا يهمني.. أنتِ زوجتي و سأفعل ما يحلو لي معك حبيبتي
أثار كلامه غضبها أكثر فدفعته بقوة
- أنزلني..
أعلق باب المصعد عليهما لينزلها أرضا متمتماً بهدوء
- حسناً أهدئي...
أبتعدت خطوات عنه وعيناها تدمعان
- رائد لن أسامحك أبدا لما فعلته بي
دموعها أسرت الخوف بقلبه أقترب منها يمسح دموعها و أمسكها من كتفيها بحب واضعاً جبينه على جبينها
- أعترف أنني تزوجتك من المال... ولكنني أحببتك و أنا ممتنً و مدين لوالدك لولا الشرط الذي وضعه لما أستطعت الحصول عليك و أذا عدت للماضي
مرةً أخرى سأفعل ما فعلته مجدداً فقط من أجل الحصول عليك.. بل سأفعلها ألف مرة و لن أندم ما دمت سأحصل عليك و ستكونين حبيبتي و زوجتي
تأثرت بما قال فأشتد بكائها أكثر لشعورها بالسعادة و كلماته تتطوقها بحب لم تعده
مسبقاً كانت كلماته عاصفة من المشاعر التي حلقت بها لعالم أشبه بالجنة و أكثر ما هزها هو دموعه التي يشاركهابها الأن تمتمت وهي تشهق و أبتسامة تزين وجهها
- أيها المجنون...
تجددت السعادة بداخله لرؤية أبتسامتها
- أحبك... أحبك.. و سأموت بدونك
أسرعت بوضع أناملها على فمه تمنعه من التفوه بأي كلمة أخرى
- لا تقل ذلك
قبل أناملها بشوق كبير كأنها أفترقت عنه لمدة طويلة بينما أعتلاها الخجل لفعلته
- أتعلمين أنا متمسك بكِ و لن أفترق عنك لأي سبب.. و أذا أضطررت سأختطفك لتبقي داخل أحضاني...
فضحكت سيمار برقة و خفوت فتسأل رائد بخوف و أنامله تستمر بأزالت دموعها التي ما زالتتنزل على وجنتيها
- لستِ غاضبةً مني
نظرت له بحب
- قليلاً... كان عليك أخباري بالحقيقة
أبتدأ يبرر لها تصرفه وهو يملس على شعرها
- كنت خائفا من رد فعلك و قد كنت محقاً فأنت غضبت لدرجة أنك أخفتني... أنا أسف سيمار
- لاز بأس..
- حبيبتي
تمتم بحب مقبلاً جبينها خجلت كثيرا بسبب توقف المصعد و أنفتاح الباب و تجمع بعض الموظفين ينظرون لهما همست بخفوت
- رائد... أ... أنظر
- ماذا...
أستدار للجهة الأخرى و هو يشعر بالأحراج ليمسك يدها مغادراً المصعد بسرعة
- دعينا نذهب...
-----------------------------------------------------------
يجلسان على السرير داخل غرفتها محتظنا أياها يقربها لصدره أكثر لا يصدق أنها سماحته و هي الأن بين أحضانه يستنشق عبيرها الذين ينعش قلبه تسأل بخفوت
- سيمار هل من شيء مهم اضطرك للمجيء للشركة رفعت رأسها تطالعه بعشق قبل أن تخطر فكرة داخل رأسها لتشاغبه قليلا
- أجل كنت أرغب بأن باخبارك شيء مهم لكن ما سمعته صدمني و لذلك لم أخبرك بما لدي
مسح على وجنتيها بحب
- أمازلتي غاضبة مني ....
هزت رأسها نافية
- لا ولكنني سأعاقبك لأنك أخفيت الأمر عني و لن أخبرك شيئا عليك معرفة ما أردت أخبارك من دوني هيا أبحث و فكر
قطب معجبيه يشعر بالعجز و الحيرة
- لكن أنا كيف سأعرف أنت فقط من تعلمين الأمر
- لا يهمني عليك أن تعرف لوحدك ... حاول .. فربما تنجح
- أذا أعطني أي دليل عن الأمر لكي أستطيع معرفته
أدعت التفكير قليلا لتجيبه
- حسنا أنه خبر سار ويسعدك كما أسعدني لحظة معرفته و هو يخص المستقبل
بدأ يردد كلامها و الحيرة تمتلكه و لم يتوصل لأي شيء
- لا هذا صعب جدا. . سيمار لماذا تعذبينني بهذه الطريقه
درت عليه بأنتصار و أبتسامة مشاغبة ترتسم على وجهها
- أنت تستحق ذلك و أيضأ
أمامك يوم واحد لمعرفة الأمر و ألا ستخسر ... أتفقنا سأذهب لأغير ملابسي بالتوفيق
و هي تنهض تغادر بعيدا عنه أخذت الأفكار تعصف بداخل رأسه
لقراءة باقي الفصول من هنا من هنا