رواية الام معطرة الفصل التاسع9والعاشر10بقلم فاطمة خضير محمد


 رواية ألام معطرة 

بقلم fatima kh.d 

فاطمة خضير محمد 

الفصل التاسع  والعاشر 

--------------------

لحظة.... كل ما تحتاجه لحظة لتتغير حياتك نحو الأفضل أو الأسوء

-----------------------

يقود سيارته و الأفكار تعصف داخل رأسه فبعد أن أقترب منها كثيرا الأن عاد و أبتعد أكثر بسبب خطأ لم يقصده تنهد بثقل شديد كان تائهاً لم يشعر إلا وهو يوقف سيارته أمام منزل صديقه و أخيه رائد ترجل من سيارته قاطعاً المسافة المتبقية بقدمين ثقيلتين دخل للمنزل بعد أن أستقبله رائد جلس صامتاً حزينا يشعر بثقلً على قلبه حثه رائد على التكلم ليرتاح قليلاً فسرد عليه ما حدث

- لقد جرحت أفنان بما قلته... أعلم أنها تألمت كثيرا على عائلتها.. لم أكن أعرف أنها بالقرب مني و ألا لما تفوهت بتلك الكلمات أنا أهتم لأمرها..فأنا أحبها أتألم لرؤيتها حزينة هكذا و أنا السبب بذلك لا أعلم كيف أسعدها.. حتى الأعتذار لا يكفي الأن

ربت رائد على كتفه 

- جاد.. أعطها بعض الوقت لتفهم موقفك..هذا مجرد سوء تفاهم بينكما و سيزول بعد فترة فقط أنتظر قليلاً 

تنهد الأخر بحزن يشوبه الندم وهو ينهض من كرسيه 

- أمل ذلك.. علي الذهاب فقد حل الليل.. وداعا 

سار معه مودعاً 

- وداعا 

عاد بأتجاه غرفته حالما دخل أسرعت سيمار نحوه وهي تراه متضايق وقد عرفت السبب 

- رائد هل جاد بخير..

أبتسم لرؤية لهفتها و قلقها عليه أخذها بين ذراعيها مقربا أياها لصدره

- لا..ليس بخير... أفنان متضايقة منه

حاولت التخفيف عنه

- لا تقلق كل شيء سيكون بخير سيجاوزان هذا الأمر

رد عليها بحزن أكبر 

- لا أعتقد ذلك طالما زوجة والد جاد معهما فأنهما لن يسعدا مهما حدث هي ستدمر علاقتهما 

تفاجأت مما سمعته 

- أحقا ما تقوله 

أومأ برأسه موافقاً

- أجل أنها تستطيع تحطيم العلاقات بكل سهولة و تحويل الأكاذيب إلى حقائق ذلك لديها مثل الفن أنها أمرأة محتالة جدا و للأسف جاد لا يعرف ذلك يظنها ملاكاً و هي في الحقيقة شيطان بل و أسوء من ذلك 

أبتلعت ريقها بصعوبة

- بدأت أخاف منها لمجرد سماع كلامك عنها 

أحتضنها بسرعة مطمئاً أياها 

- لا تخافي أنا هنا معكِ هي لن تقترب منك 

أحاطت عنقة بذراعيها تنظر لعينيه بقلق و توتر 

- و ماذا عن جاد و أفنان...

ملس على وجهها بحب 

- لا أعلم أتمنى أن يساعدهما الرب 

____________________________

تجلس على كرسيها الكبير الفخم و أبتسامة أنتصار تحتل شفتيها و تطغى على وجهها بالكامل ... دخلت لوالدتها فأستغربت حالتها دنت منها قليلاً لتسألها مشيرةً بأناملها 

- أمي أراكِ سعيدةً جدا اليوم ما سر هذه الأبتسامة 

أطلقت ضحكة صاخبة يملؤها الخبث 

- أيرام أنا سعيدة جدا اليوم بسبب ما حدث بين جاد و أفنان 

تسألت بأستغراب أكبر من الذي قبله 

- ما الذي حدث عندما لم أكن متواجدة 

ردت الأخيرة متنهدة براحة كبيرة تعتلي قلبها 

- سأخبرك.. 

سرعان ما سردت لها ما حدث و كيف أوقعت بين جاد و أفنان ببساطة بينما أتسعت أبتسامة أيرام لسماع ما فعلته والدتها 

---------------------------------------------------

واقفاً على الشاطئ يتنهد بأستياء لما حدث و يتألم أكثر لتذكر حزنها وألمها و الأهم عيناها الباكيتان اللتان تعاتبانه لجرحها بهذه الطريقة.. عاد لمنزله والأرهاق يتملكه يسير بتعب نحو غرفته فتح الباب ببطىء لكي لا يزعجها أقترب بهدوء نحو السرير تسلطت أنظاره علىتلك النائمة و ملامحها التي تعكس حزنها حتى بعد نومها تنهد بثقل شديد لا يعلم كيف يصلح ما سببه 

----------------------------------------------------

فتح عينيه فتقع أنظاره على السرير الخالي من دفئها نهض ليستعد بسبب تأخره دقائق و كان ينتهي من أرتداء ملابسه ليتوجه لخارج الغرفة فتطوف عيناه المنزل بحثاً عن من أمتلكت أنفاسه نادى بصوت عالً بالقرب من المطبخ 

- شاريل... 

أسرعت ملبيةً ندائه 

- نعم سيد جاد 

جال بعينيه المطبخ بأكمله 

- شاريل أين أفنان..

- لقد غادرت مبكرا إلى المركز 

أومأ برأسه متفهماً سرعان ما قادته قدماه للخارج متمتماً بالشكر 

- شكرا لك 

---------------------------------------------------

تسير في ممرات المركز شاردة الذهن لتتفاجأ به يقف أمامها بجاذبيته المهلكة الأنفاس أرتبكت قليلاً سرعان ما تداركت وضعها و ثباتها تمتمت بغضب 

- أنت.. 

حاول التكلم بثبات موضحاً

- أفنان.. أرغب بالتحدث معكِ 

ما أن أستمعت لكلماته حتى قاطعته بحدة رامقتاً أياه بنظرة غاضبة معاتبة بأنً واحد

- لدي محاضرة الأن 

أستدارت بسرعة لتغادر سرعان ما أمسك يدها متشبثاً بها محدثاً أياها بنبرة تكاد تكون متوسلة 

- أسمعيني أولاً..

رق قلبها لسماع نبرته المتوسلة المليئة بالحب نحوها لكن أبحرت ذاكرتها بما قاله عن عائلتها وألمها قلبها أكثر لتستعيد شخصيتها الشرسة لترمقه بنظرات أكثر حدة من سابقتها 

- ما الذي تفعله أترك يدي جاد 

أومأ برأسه نافياً بأصرارٍ أعجبها لكن لم تظهره 

- لالن أتركها قبل أن تسمعيني 

رفعت أحد حاجبيها بتحدٍ واضح له 

- أمتأكدٍ من ذلك...

تلاقت نظراتهما بتحدٍ غريب بينهما فهمس بالقرب من وجهها بنبرة متحدية عاشقة 

- متأكد لن أتركها طالما حيت.. أبدا حبيبتي 

زحفت أبتسامة صغيرة نحو شفتيها مزينة بالخجل أخفتها ببراعة عن أنظاره و تحدثت بمكر يلتمع بعينيها 

- أخبرك للمرة الاخيرة أترك يدي و ألا..

قطعت تهديدها لتكمله بنظراتها الماكرة فهمس و هو يقترب أكثر 

- و ألا ماذا.. 

هدأت قليلاً و ما كان إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة سرعان ما تعالى صراخها الذي أفزعه ومزق غشاء أذنيه 

- ساعدوني... النجدة.. النجدة 

حاول أسكاتها و محاولة فهم ما يحدث معها 

- أفنان.. لماذا تصرخين ما الذي حدث 

أستمرت بالصراخ غير مبالية بحديثه حتى مجيء شخصان من الأمن الخاص بالمركز التعليمي اقتربا منها بسرعة مبادراً أحدهما بسؤالها عندما توقفت عن الصراخ 

- سيدتي.. ما المشكلة.. أخبريني ..

تظاهرت بالخوف تمثل البكاء الذي أصاب جاد بالدهشة و الاستغراب 

- سيدي هذا الرجل يضايقني.. أ ... أنظر كيف يمسك يدي...

حاولت سحب يدها من قبضته لكن بلا جدوى توجهت أنظار رجلا الأمن نحو جاد و قبضته المحاوطة لمعصم أفنان .. صاح به 

- أنت أترك يدها .. لماذا تضايقها 

تنفس جاد الصعداء محاولاً الهدوء و عدم الغضب 

- أعتقد أن هنالك سوء تفاهم 

رد عليه الأخر 

- لا يوجد سوء تفاهم أنت تضايقها و ألا لما طلبت المساعدة.. أترك يدها و ألا أخذتك لمركز الشرطة 

ازداد تمثيلها لتتوسل أكثر 

- سيدي ساعدني.. أنظر أنه لا يترك يدي 

أقتربا رجلا الأمن ليفصلا بين جاد و أفنان 

-أتركها بسرعة.. 

أفلت يد أفنان من قبضة جاد بعد عدة محاولات بسبب أستسلام جاد عندما شاهد تألمها من شدة قبضته فخفف قبضته و من ثم أفلتها أحساسه بالألم يتضاعف لدى رؤيته لها تتألم و لو قليلاً أتجهت أنظار جاد نحو رجلا الأمن مبرراً و مصححاً الموقف 

- أسمعني أنت مخطأ فأنا زوجها.. 

ثم توجهت أنظاره أليها مستكملاً حديثه 

- أفنان أخبريه هيا 

- هل ما يقوله صحيح.. 

خافت لكن تمالكت ذاتها نافية الأمر 

- غير صحيح .. أنا.. أنا لا أعرفه 

صدمة أعتلت وجه جاد مما تفوهت به 

- أفنان ما الذي تقولينه.. أنا و أياكِ متزوجان 

قاطعته بحدة 

- أنا لا أعرفك 

حاول أثنائها عما تتفوه به بسبب غضبها منه 

- أفنان.. أعلم أنك غاضبة مني و تريدين معاقبتي لكن ليس بهذه الطريقة 

ألتزمت أفنان الصمت فيما أكمل جاد حديثه لرجلا الأمن 

- صدقني أنا زوجها و لم يمضي على زواجنا شهر واحد 

وجه رجل الأمن لأفنان سؤالاً أخيراً لينهي الأمر 

- سيدتي..ماذا لديك لتقوليه حول هذا الأمر أستمرت بعنادها و نبرتها العدائية الشرسة 

- سيدي أنه شاب لعوب و قد حاول مضايقتي و أنت لم تفعل شيئا إلى الآن تصرف أرجوك

رد الاخير بهدوء 

- حسناً لا تقلقي أذهبي لمحاضرتكِ و نحن سنهتم بالأمر غادت متمتمةً بالشكر رمقةً جاد بنظرة غير مبالية و باردة تحت أنظار جاد المصدوم و غضبه بدأ يزداد 

- غادر المركز و ألا سأسلمك لمركز للشرطة 

تمالك غضبه بصعوبة بالغة ليغادر بخطوات ثابتة

- حسناً 

-----------------------------------------------------

جالس على الأريكة ينظر بغيظ نحو هذان الأثنان الجالسان أمامه و هما يضحكان عليه دون أنقطاء

بسبب أخباره لهما بما حدث معه في المركز مع أفنان بينما هو غضبه يزداد أكثر بسبب هذين الأثنين اللذين لا يكفان عن الضحك كلما توقفا عاودا الضحك مرة أخرى و السبب الثاني هي أفنان التي جعلته في هذا الموقف مع هذين الأبلهان... لايستطيع تحملهما أكثر لذا بدون كلام رفع أحد حاجبيه بسخرية يحيطها نظرات الغضب سرعان ما توقفت أصوات ضحكاتهما لرؤية تلك النظرة التي تدل على هلاكهما في حال أستمرارهما حتى تكلم رائد من بعد صمتٍ دام لعدة ثواني 

- لا أصدق أن أفنان الفتاة البسيطة الهادئة تفعل بك كل ذلك.. كيف..

تنهد بيأس لا يعلم ما يقول 

- حتى أنا لا أعلم.. كانت غير مهتمةً بي..

قاطعتهما سيمار موضحةً 

- أنها فتاة ذكية هي تعاقبك على ما قلته لكن بطريقتها الخاصة 

نظر جاد لسيمار محللاً ما قالته قائلا بأسى 

- لكن هذا ظلم... أنا لم أقصد ما قلته عن عائلتها

هزت سيمار رأسها متفهمة موقفه 

- لا يهم ذلك الأن فكر كيف تمحي سوء التفاهم بينكما 

أخذ أنفاسه ببطء ثم أخرجها بسرعة 

- لا أعلم... 

- أذا أستعد للعقاب... لا أحد يعلم إلى متى سيستمر ذلك 

رمقا بعضهما بنظرة غريبة فهز جاد رأسه موافقاً على ما قاله رائد 

- أنت محق فيما تقول

و أفكاره تغوص بشيء مجهول

--------------------------------------------------------

تقرأ بعض المحاضرات بعد عودتها من المركز ظهراً و شعور الراحة يتسلل لقلبها بسبب ما فعلته بجاد صباحاً تشعر أنها أخذت بعضاً من حقها ماهي ألا ثواني و أقتحمت شاريل غرفتها دون أستأذن بأنفاس متسارعة نظرت نحوها لمعرفة ما يحدث 

- شاريل ما بك لماذا أنت مسرعة هكذا.. ما الأمر 

أخذت الأخيرة أنفاسها بسرعة مجيبةً 

- سيدتي..أ.. أنه السيد جاد 

قطبت ما بين حاجبيها مرددةً 

- ما به جاد 

سرعان ما ردت شاريل بكلمات متلاحقة 

- ألافضل أن تري بعينيك.. أرجوك أسرعي 

ما تفوهت به شاريل زرع الخوف بقلبها فأسرعت لخارج الغرفة بأقدام حافية و دقات قلبها تزداد لتوقفها قدماها عند مدخل غرفة الجلوس لتصدم مما ترى





الفصل العاشر

------------------

تجمدت قدماها بينما شهقت بخفوت و ترقرقت الدموع بعينيها لدى رؤيته و الكدمات تملىء وجهه و رأسه المضمد أفزعها منظره و زاد خوفها عليه تراقصت نظراته نحوها و شعاع من الأمل والحب أضاء بقلبه لرؤية لهفتها وفزعها عليه من بعد اليأس الذي تملكه في الفترة الأخيرة أفاقه من دوامة مشاعرة تلك الجالسة بقربه على الأريكة متظاهرة بالخوف لما حدث له 

- أمي أنا بخير ليست أصابة خطيرة كان مجرد حادث بسيط و أنا أترجل من السيارة لم أنتبه للطريق ولتلك الدراجة التي تسببت بالحادث.. أنا بخير لا تقلقوا 

أجابته غير مبالية تحاول أكمال تمثيلها 

- حسناً .. أذهب لغرفتك لترتاح.. 

ثم نظرت لأفنان تأمرها 

- أفنان ساعديه ..

أومأت برأسها مقتربةًمنه بسرعة حالما نهض من مكانه أمسكت بذراعه 

- حسناً جاد تعال معي 

أبتسم لقربها منه بينما وجه حديثه لشاريل 

- شاريل أحضري لي العصير لو سمحتي 

أسرعت نحو المطبخ متمتمةً بالموافقة 

- حالاً سيدي..

أتجها لغرفتهما معاً تتمسك بذراعه وهو يستند عليها حال دخولهما الغرفة ساعدته على الأستلقاء ووضعت بعض الوسائد خلف ظهره فتساقطت بعض من خصلات شعرها على وجهه أغمض عينيه ميتنشقاً عبيرها الذي يأسر أنفاسه لعالم مليء بالعشق.. لحظات و أبتعدت عنه عندما سرت قشعريرة مليئة بعشقه بسبب أنفاسه التي لأمست رقبتها أبتلعت ريقها بأرتباك و توتر واضح هربت بعينيها منه محاولة أجلاء صوتها لتقول هي تسرع هرباً من أنظاره التي تلاحقها 

- سأذهب لأحضر لك العصير..

بينما هو بقي يتطلع لمكانها حتى بعد أختفائها من أمام ناظريه 

---------------------------------------------------------

بمنتصف طريقها قابلت شاريل قادمة تحمل العصير الخاص بجاد توقتا أمام بعضهما 

- شاريل أعطني العصير سأخذه أنا 

مدت شاريل يدها بالكأس لأفنان و باليد الأخرى أعطتها الهاتف 

- تفضلي .. هذا هاتف السيد جاد

ألتقطته أفنان برقة منها 

- حسناً.. شكرا 

عادت أدراجها للغرفة فيما صدح رنين الهاتف معلناً بوصول رسالة نظرت لشاشة الهاتف فرأت رسالة من رائد قطبت ما بين حاجبيها لما قرأت فتحت الرسالة لتصعق من محتواها فتوقفت محلها 

(هل نجحت الخطة.. أفنان ستهتم بك لأنك مريض أستغل الفرصة قدر أستطاعتك لحل مشكلتك معها.. أتفقنا..)

همست بغضب وهي تتوعد له و أكملت سيرها وهي تضغط على الهاتف بقوة 

- هكذا.. جاد أنت تمثل علي... دخلت الغرفة تنظر له بنظرات لم يعرف ماهي أقتربت منه لتعطيه العصير ليتناول منه القليل و يضعه جانباً 

رمقته بنظراتها البريئة التي تعصف بقلبه هامسة أسمه 

- جاد 

استحوذ ندائها لكامل حواسه و مشاعره كأنه لم يصدق سماعها 

- نعم

رمقته بنظراتها التي تسحره ملقية كلماتها عليه

- أنا السبب بما حدث معك لأنني.. لأنني تعاملت معك بطريقة سيئة عندما جئت للمركز لتحادثني ولكنني لم أستمع لك و ضايقتك أيضا .. أعلم أنك تأذيت مما فعلته 

بدأت تبكي أمامه مما أشعره بالحزن و الذنب بأنً واحد حاول أن يكلماها لكن هي لم تسمح له و أستمرت بالبكاء أكثر وهي تحادثه 

- لا تتكلم أرجوك... أنا.. أنا أشعر بالذنب لما فعلته و متضايقة من نفسي كثيرا أشعر أنني سيئة جدا 

قاطعها بسرعة مبرراً و مصححاً الموقف 

- لا لستِ كذلك ..و ..

لكنها أسرعت قائلة : جاد لقد أخطأت بحقك أنا... رمشت بعينيها الممتلئتين بالدموع و أنفاسها تتسارع ثم سقطت أرضا فاقدة للوعي ترك السرير مسرعاً نحوها يرفعها عن الأرض ضاماً رأسها لصدره أنفاسه تكاد تنقطع من الخوف عليها مسح على وجههابرفق محاولاً أفاقتها ويداه ترتعشان وصوته المرتبك 

- أفنان أفيقي أرجوك أنا بخير لم يحدث لي شيء كان مجرد تمثيل...وأنا لم أتعرض لأي حادث فعلتُ ذلك لكي تكلميني و يحل سوء التفاهم بيننا أفيقي أرجوك 

أنسابت دموعه بقهر و الندم يستوطن قلبه حملها بين ذراعيه ليضعها على كأنها أغلى ما يملك مبعداً شعرها المتناثر بعضه على وجهها منحنيا عليها ملمساً على خديها بلطف و صوته المتوسل يخترق قلبها قبل أذناها 

- أفنان كنت أكذب.. أنا بخير هيا أفيقي... 

فتحت عيناها و بنفس الحظة دفعته بقوة بعيدا عنها هاتفة بغضب 

- أنت كاذب 

الصدمة أحتلت وجهه مردداً بتئتئة 

- ماذا...أفنان أنت بخير 

تركت السرير لتقف بمواجهته مشيرةً بأناملها عليه 

- أجل فعلت ذلك لأعرف حقيقتك و لأجعلك تعترف بكل شيء حقا جاد لم أتوقع هذا منك 

تحدث معترفا و الارتباك يستحوذ عليه وهو يمسح دموعه بظهر كفه 

- أفنان أنا أسف و لكنني كنت أريد حل سوء التفاهم بيننا .. 

أوقفته عما يريد قوله محدثة بنفاذ صبر 

- بعد ما فعلته لن أصدقك أبدا..

ثم أستطردت محذرةً أياه 

- بعد الأن لا تجرؤ على الأقتراب مني أو محادثتي.. 

ثم أشارت بأصبعها لنفسها ثم أليه بتوعد 

- أنا وأنت لا شيء يجمعنا بعد الأن 

غادرت من أمامه لخارج الغرفة بخطوات سريعة بينما هو يقف بندم متحسراً على تدهور علاقته بأفنان أكثر و في سره يلعن رائد 

- تباً لك رائد و لأفكارك... 

----------------------------------------------

مر أسبوع بأكمله وهي بعيدة عن أحضانه يشتاقها و يشتاق لسماع صوتها دائما... تبتعد عنه و لا تكلمه أطلاقاً .. أنامله تتحسر على عدم لمسها لخصلات شعرها السوداء التي تغرقه في بحر سواده ورائحتها تنعش أنفاسه المتعبة ببعدها يتظاهران بالأنشغال بالاستعداد لترتيبات حفلة الإعلان عن زواجهما وها قد حان الوقت لذلك كانت حفلة راقية جدا تضم الكثير من المدعوين الأثرياء من طبقة رجال الأعمال مثل جاد لكن هي لا تعرف اخداً منهم سوى رائد و سيمار اللذان قدما من أجل جاد و أفنان خصوصا و أن رائد لايطيق رؤية زوجة والد جاد لذا أبتعد كثيرا عنها خلال الحفلة محاولاً عدم الاحتكاك بها لأي سبب كان 

أما أفنان فهي لا تنكر تلك السعادة التي غزت قلبها عندما تم تجهيزها و تزينها كأنها أميرة و ما زاد سعادتها هي قرب جاد منها بكل ذلك الحب الذي يشع من عينيه و الذي ترجم من خلال معاملته لها بطريقة مميزة حيث تأبطت ذراعه لدخول قاعة الحفل لكن سرعان ما أقترب منها ليضمها نحو صدره محتضناً خصرها بعشق و طريقة تقديمها للمدعوين بطريقة مميزة و محترمة عزز ثقتها بنفسها و رسم أبتسامة صغيرة على وجهها و حاول بحب عدم السماح لاحد بذكر عائلتها ليحافظ على سعادتها مرت الحفلة وأنهالت الطلبات على أفنان للرقص لكن جاد يعلم مسبقاً أنها لا ترقص مع أحد غريب أو أمام الملء و هذا ما أسعده أكثر لكون كل شيء بأفنان له وحده حتى لو كانت رقصة أو كلمة مجاملة لذلك حاول الاعتذار للجميع عن عدم رغبتها بالرقص 

أستغل جاد الفرصة ليقترب من أفنان في الحفلة ليبقيها داخل أحضانه لأطول فترة ممكنة مستمتعا بملمسها و أنفاسها و دقات قلبها و بين الحين و الأخر يقتطف قبلةً من خديها الورديين اللذان يشتعلان خجلاً من أفعاله أمام الجميع و مغازلته لها علناً 

أنقضت الحفلة وعاد كلاً لمنزله و جاد و أفنان صامتان كان جاد يعلم إذا حدثها بكلمة فأنها ستثور بوجهه غصباً بسبب أفعاله في الحفل لذلك صمت أما هي كانت تنتظر كلمة منه لتوبخه و تصب جام غضبها عليه لا تنكر أن ما فعله أسعدها لكنه أستغل خجلها أمام الجميع ليقترب منها مرت الدقائق وهيةتنتظر لكن من دون جدوى لذا زفرت بيأس هي لن تحصل على فرصة لتعكير مزاجه الليلة لذلك خلدت للنوم تتنهد بخفوت أما هو يرمقها بين الحين و الأخر يعلم ما يدور برأسها من أفكار لتعكير صفو مزاجه التي لم يعطها الفرصة لنيل ما تريد... أبتسم بحب لرؤيته علامات اليأس ترتسم على وجهها الطفولي و حنقها منه أتجه لينام على الجهة الأخرى من السرير يتابعها بعشق يهيم بعينيه لها و من تعبهما غاصا بنومٍ لساعة تقريبا أستيقض بعدها جاد على صوت أنين أفنان بقربه تتألم نهض من مكانه و ضغط على مصباح الأنارة بجواره ليلتفت نحوها لتزداد دقات قلبه ووتيرة أنفاسه لرؤيتها بتلك الحالة أقترب منها بلهفة يأخذها بين ذراعيه يناديها 

- أفنان.. أفنان ما بك... أفنان حبيبتي أجيبيني ما بك أفنان 

لم تجبه أستمرت بالأنين يصاحبه البكاء فهزها برفق يمسح دموعها فتكلمت بصعوبة 

- جاد أنا أتألم كثيرا.. م معدتي تؤلمني أشعر بسكاكين تقطع أمعائي 

- معدتك... سأطلب الطبيب في الحال 

ألتقط هاتفه بسرعة ليطلب الطبيب الخاص به بكلمات مقتصبة قليلة و تلك بين أحضانه تأن من الألم ثم أرتخى جسدها بين ذراعيه ليلتفت أليها يطالع وجهها ليراها مغمضة العينين حركها قليلاً 

- أفنان.. أفنان حبيبتي تكلمي هيا ما بك لا لا كفى مزاحاً لن أصدقك مثل المرة السابقة.. 

أرتعش صوته وخنقته العبرة مردداً يحتضنها لصدره بقوة يمسح على وجهها وعبراته تسيل على خديه 

- أفنان.. أ.. أفنان أرجوك لا سأموت.. سأموت من دونك 

أردف كلماته الأخيرة بصراخ يعبر عن قلبة المتألم عليها 

                   الفصل الحادي عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا من هنا

تعليقات