رواية سجن العصفورة الفصل الثامن والتاسع بقلم داليا الكومي


 روايةسجن العصفورة

الفصل الثامن والتاسع 

بقلم داليا الكومي


بعد يومين هبة تحسنت كثيرا واستاطعت النهوض من فراشها بمفردها..الممرضة التي كلفها ادهم بخدمتها لم تتركها لحظة واحدة حتى وقت النوم كانت تنام في غرفه الصالون الملحقة بغرفتها...لم ترة مجددا منذ يوم العملية لكن اسمة كان يتردد دائما...ادهم البسطاويسى 

اكتشفت انة شخصية مسيطرة جدا والجميع يخشاة ويحترمة ...كانوا دائما يتحدثون عنة...عن قوتة وقوة قرارتة لكنهم ايضا كانوا يتحدثون عن انسانيتة ومساعدتة للجميع.... 

اكتشفت انة استدعى افضل طقم جراحة في المستشفي لمعاينتها وكانوا في انتظارها عند وصولها بالاسعاف ...في دقائق تجمع افضل طاقم في المستشفي بدون نقاش ....اوامر ادهم لا نقاش فيها... 

سألت نفسها مرارا عن مدى معرفة العاملين في المستشفي بعلاقتها بأدهم..؟..لم يتجرأ احد منهم عن سؤالها عن علاقتها بة وهى ماذا تستطيع القول .... 

في مرور الطبيب الصباحى عليها اليوم سمح لها بالخروج مع تعليمات مشددة بالراحة لمدة اسبوع هبة ضحكت في سرها بسخرية مريرة من وضعها...- راحة هو انا عندى غير الراحة...؟ 

بعد ان قرر الطبيب خروجها فوجئت بحضورالماس الي المستشفي فهى لم ترها منذ ان تركتها قبل العملية ... الماس احضرت لها حقيبة كبيرة ممتلئة بملابسها مما اثار دهشة هبة .. 

- لية الغيارات دى كلها يا مدام ...انا هخرج علي البيت مش هحتاجهم......الماس هزت كتفيها وقالت بروتنية ....- اوامر ادهم بية هبة سألتها بدهشه ....- ادهم طلب منك تجهزى شنطة كبيرة لية وتجبيها المستشفي ؟؟؟؟ طيب قالك هنمشي امتى ؟ اكملت لنفسها...هرجع امتى لسجنى...؟ 


لدهشتها الماس قالت ....- ادهم بية بلغنى انى احضرلك الشنطة واساعدك تلبسي ومقالش اي حاجة تانية 

الماس جاسوس ادهم وخادمتة المطيعه تنفذ تعليماتة حرفيا.... وبالطبع لن تسألة عن المزيد من المعلومات مالم يعطيها اياها بنفسة ...هى فقط تنفذ هبة جلست تنتظر بملل..اخيرا الماس تلقت اتصال علي هاتفها.. 

- ايوة يا فندم هي جاهزة 

المكالمة انتهت ...كلمات موجزة انهت المكالمة وحددت مصيرها...وهاهى مستعدة ... مستعدة للعودة للسجن...احست بالظلم ...مرضها عظم من احساس الظلم والقهر لديها ...ستعود لشقتها مريضة وحيدة وسجينة ... 

هبة انتظرت اتصال اخر من السائق كالمعتاد ...لكن ماحدث اذهلها. . 

طرق خفيف علي باب غرفتها تبعه دخول ادهم بنفسة للغرفة واشارتة لالماس بالخروج... الماس خرجت فورا... 

ادهم تعمد الحديث بجدية ..كلامة كان خالي من اي تعبير... 

- الافضل في الفترة الجاية انك تفضلي في بيتى...صمت للحظات ثم اكمل فترة النقاهة بتاعتك محتاجة عناية ومكان مفتوح فية جناين وهوا نضيف الشقة بتاعتك مش مناسبة.. 

هبة لم تحاول الاعتراض.... المرض والوحدة ارهقوها ...فهى تحتاج الان للشعور بالحماية .. بالامان والا سوف تجن ...الوحدة في ظل ظروفها الحالية غير محتملة...هو قال فترة نقاهة ...فليكن ستقبل بعرضة ..ستخرج من سجن صغير لسجن اكبر ...لكنة كان العرض الوحيد المعروض عليها هبة تجنبت النظر الية وهزت رأسها بالموافقة...موافقتها السهلة اذهلتة وكأنة كان مستعد لجدالها ...عينية اتسعت بصدمة ولكنة تمالك نفسة بسرعة و ضرب الجرس فوق سريرها...اقترابة منها ارسل ذبذبات في كل جسدها قلبها خفق بعنف....الممرضة دخلت بكرسي متحرك وساعدتها علي الجلوس علية ...الماس دخلت وتناولت حقيبتها المعدة مسبقا... اما ادهم فغادرغرفتها دون اضافة المزيد من الكلام... 


الممرضة دفعت الكرسي بلطف واوصلتها الي سيارة فان سوداء مفتوحة السائق تناول الكرسي من الممرضة وادخلها بالكرسي في السيارة في مكان مخصص للكرسي ...السيارة مصممة لاستيعاب الكرسي المتحرك الممرضة والماس ركبوا بجوارها في الخلف ..السائق سحب الباب واغلقة ثم انطلق الي وجهة مجهولة... 

جميع نوافذ السيارة كانت تحمل زجاج بلون اسود داكن وايضا مغطاة بستائر سميكة .... السيارة مريحة وسريعة تليق بالمليارديرادهم البسطاويسى ومرضى مستشفاة الفخم 

هبة اغمضت عينيها واسندت رأسها علي النافذة الصغيرة بجوارها واستسلمت للنوم .... 

لم تشعر بالوقت ولم تتمكن من معرفة المدة التى قضتها السيارة منذ ان غادرت المستشفي ...صوت باب السيارة وهو يفتح ايقظها من نومها ...منذ عمليتها وهى دائما بحاجة للنوم ... 

بنفس الروتين السابق..السائق ساعدها علي النزول من السيارة وسلم الكرسي وهى مازالت لم تغادرة للحظة الي الممرضة المنتظرة ... وصلوا امام باب حديدى ضخم مزخرف بالزجاج الملون....فتاة شابة في تايور اسود رسمى منقوش علي جيب الجاكت العلوى اسم عبير.. استقبلتهم 

واوصلتهم لمصعد داخلي.... 

هبة بدأت تستوعب مكانها ...السيارة اوصلتها حتى باب سفلي في قصر كبير من الداخل...استنتجت انة يؤدى الي موقف للسيارات تحت الارض والمصعد يرفعهم حتى القصر نفسة... 

الفتاة ذات اليونيفورم الاسود اوصلتهم للطابق الثانى من القصر جناح مميز مخصص لهبة وبجوارة غرفة صغيرة للممرضة 

عبير قالت لهم بأدب .... 

- اي حاجة تطلبوها بس اضغطوا الجرس ...انا اسمى عبير وهكون المساعدة الشخصية للهانم.. 


51

الكلمة افزعت هبة بشدة ...مساعدة شخصية ...هانم..؟ ... بالتاكيد هناك شيء ما غير مفهوم... 

عبير ساعدت الممرضة وارقدوا هبة علي السرير بلطف هبة سألت عبير....- فين الماس اية حصل ؟ 

عبير ....- الماس موجودة تحت مع الخدم بس انا اللي هكون مسؤلة عن خدمتك 

عبيرغادرت الغرفة لبعض الوقت وعندما عادت كانت تحمل صينية عليها عصير وشاي وقهوة وانواع عدة من فطائر لذيذة وبعض الحلويات الفخمة التى لم تري هبة مثلها من قبل... 

عبير...- اي خدمة تانية يا هانم...؟ 

عقل هبة الصغير الذى لم يتعود علي مثل ذلك التعقيد من قبل احس بالحيرة...دنيتها كانت محدودة جدا سلطان كان كل حياتها هبة هزت راسها ...- لا شكرا 

الممرضة فحصتها جيدا ثم اخذت علاماتها الحيوية بالاجهزة العديدة الموجودة في حقيبتها ولاحقا ساعدتها علي الاكل وشرب بعض القهوة ثم قالت ..- وقت العلاج يا انسة هبه ...هبة اخذت علاجها باستسلام ...احست وكأنها دمية يتم تحريكها بالخيوط ...وجميع الخيوط تتجمع في يدة ...في يد ادهم ليحركها كيفما شاء ومتى شاء 

الممرضة امرتها بلطف.. - دلوقتى لازم ترتاحى كويس...نامى شوية وانا هكون جنبك لو احتاجتى اي حاجة رنى الجرس... ثم غادرت وتركتها فريسة لافكارها 

ادهم نقلها من سجن لسجن..من سجن صغير لسجن كبير ...ولكن علي الاقل هذا السجن لة حديقة خلابة..

هبة تزكرت الحدائق الجميلة التى شاهدتها اثناء صعودها في المصعد الزجاجى ...منظرالحدائق من زجاج المصعد كان خرافي كأنها حديقة سحرية منعشه وكأنها تعيش تتنفس ...كأنها حية... في حياتها لم تري زرع بمثل هدا الجمال الخلاب ... 

تسألت بدهشة ...- مين الفنان اللي صمم الجنينة الفظيعة دى ...؟ قررت زيارة الحديقة عندما تستطيع السير ...التجول فيها يطيل العمر بعد تفكير طويل غلبها النوم بسهولة كعادتها في الفترة الاخيرة 

مر اسبوع منذ يوم عمليتها وثلاثة ايام منذ انتقالها للقصر...ادهم لم يحاول رؤيتها ابدا علي الرغم من انها كانت تعلم بوجودة في القصر...وفي بعض الاحيان كانت تسمع صوتة امام باب جناحها ولكنة لم يدخل مطلقا اليها الالم في بطنها خف بدرجة كبيرة واستاطعت المشي بدون مساعدة... تمت معاينتها في الصباح من قبل طبيبها الذى طمئنها ان صحتها اصبحت علي ما يرام وانها تستطيع الحركة بحرية ولكنه منعها من ممارسة الرياضة والمجهود العنيف وابلغها ان الممرضة لم يعد لوجودها ضرورة اسبوع كامل وادهم قام بشراء وقت الممرضة ليل نهار كانت مثل ظلها..الممرضة اخيرا تحررت وتستطيع مواصلة حياتها ...سوف تستطيع الخروج ...رؤية عائلتها ...والعودة لعملها مجددا... اما هى فستظل حبيسة هبة علمت من الممرضة سهى ان أدهم دفع لها مبلغ خيالي في الاسبوع الذى قضتة في مرافقتها ... اموال ادهم لا تنتهى وهو يسخرها لتنفيذ اوامرة بكل سهولة ...جميع مشاكلة يستطيع حلها بالمال" بالكثير من المال" وهى الاثبات الحى علي ذلك 

بعد ان سمح لها الطبيب بحرية الحركة..عبير عرضت عليها نزهة في الحديقة.... 

يااة اخيرا... هبة طبعا وافقت بلهفة وقبلت يدها لتستند عليها ...عبير ساعدتها علي ارتداء ملابسها ...اختارت لها فستان اخضراللون لة نفس لون عينيها مشطت شعرها الحريري بضربات سريعة من الفرشاة...هبة علمت ان عبير كانت تعمل من قبل في مساعدة الفنانات في اختيار ملابسهم وتمشيط شعرهم وعمل زينة وجوههم "لبيسة كما يسمونها" عبير اخبرتها ان ادهم عرض عليها الوظيفة منذ اسبوع وانها وافقت فوراعندما عرفت الراتب الشهري الضخم المخصص لها بالاضافة للسكن والاكل المجانى 

ادهم عرض عليها الوظيفة منذ اسبوع ... تقريبا في يوم دخولها الي المستشفي اوبعدها بيوم ... تسألت والفضول يمزقها ارادت معرفة اذا ما كان ادهم وظف عبير خصيصا لها ام انة كان سيوظفها علي أي حال ...... 

الاجابة وصلتها فورا عندما اكملت عبير ... 

- البية طلب منى يوم ما عرض علي الوظيفة انى اهتم بيكى بس.. يعنى شغلي كلة معاكى ...اساعدك تختاري اللبس اللي يناسبك واجهزلك شعرك ومكياجك...وصيفة ليكى يعنى.. 

بس الصراحة مكنتش متوقعة انك جميلة كدة ...انتى مش محتاجانى اطلاقا اللي اشتغلت معاهم قبل كدة كنت بحولهم تمام ...لمساتى كانت سحرية ... 

ادهم بية عرفنى عن طريق الفنانة فريدة جمال كنت مساعدتها الشخصية وعرض علي الوظيفة وانا وافقت وبصراحة اكتر ما صدقت .... 

فريدة انانية وعصبية وكانت بتعاملنى بترفع كأنها اشترتنى ....لو تشوفيها من غير لمساتى مش هتصدقي 

كمية المعلومات اللي استقبلتها هبة اكبر من استيعاب عقلها..حاولت ان تحلل المعلومات بالتدريج عساها تتمكن من الاستيعاب ..ادهم وظف عبير خصيصا لها...ادهم علي علاقة بفنانة تسمى فريدة جمال والتى من المفترض انها مشهورة لكن للاسف هبة تجهل تماما أي شيءعن عالم المشاهير والفنانين ...سلطان كان متشدد جدا ورفض دخول التلفازالي بيتهم وبعد موتة هبة لم تتجرأ علي كسراي قاعدة من قواعد حياتها ...من قواعد سلطان...القراءة كانت تسليتها الوحيدة ...كانت تطلب كتب في الفن والتاريخ والادب من عزت الذى كان يرسلهم لها فورا ثقافة اكتسبتها من مدرستها الثانويه ...الوقت اغلى من ان نضيعة في التفاهات وهى كان لديها الكثير والكثير من الوقت 

اول علاقة لها بالتلفاز كانت في غرفتها في المستشفي ...ثم في جناحها في قصر ادهم...اذا فكيف لها بمعرفة المدعوة فريدة جمال ؟؟؟ 

عبيرتناولت علبة مكياج وبدأت في اضافة لمسات بسيطة من المكياج عليها لاول مرة في حياتها تستعمل المكياج ...تحديد عيونها بالكحل الاسود اظهر جمال عينيها واتساعهم وروعة لونهم ...ملمع الشفاة اضاف لمعة لشفاها الوردية..... 

هبة شاهدت نفسها في المراة واندهشت من التغييرالكامل في منظرها من شعرها لفستانها لوجهها....تقريبا لم تتعرف علي نفسها ...بلمسات بسيطة غيرتها عبير بالكامل...اصبحت هبة جديدة اجمل واكثرغموض وجراءة عبير امسكت بذراعها برفق وقادتها الي الباب ....- نبدأ التمشية ؟ هبة هزت رأسها بالموافقة وهبطت معها الي الحديقة فهناك سوف تستمتع بمساحة حرية اكبر ولو لفترة مؤقتة...

**سجن العصفورة**

الفصل التاسع والعاشر


هبة استقبلت كل لحظة من لحظات نزهتها في الحدائق الواسعة الملحقة بالقصر بلهفة شديدة ...حاولت ان تخزن في زاكرتها اكبر قدر من الصور تسترجعهم فيما بعد عندما تعود لسجنها... 

فرصة نادرة لن تعوض ويجب استغلالها جيدا ...مجددا ادهم يظهر حسن تقديرة للامور فدعوته لها للاقامة في قصرة انقذتها...لربما الان كانت استسلمت لاكتئابها لو كانت خرجت من المستشفي علي شقتها ...تجربة اقامتها في القصر تجربة فريدة لن تنساها مطلقا ليتها تراة لتشكرة علي دعوتة .. 

عبير انتزعتها من افكارها ...نبهتها بلطف .... 

- انا اسفة مش قصدى اضايقك ..بس مش كفاية كدة انتى لسة ضعيفة بعد العملية 

هبة انتبهت الي انها بدأت تشعر بألم بسيط ..... 

- انا فعلا تعبت بس كنت زهقانة ومحستش بالتعب الا لما انتى نبهتينى 

- انتى لسة مشفتيش الجزء الخلفي من القصر هناك حمام السباحة والجنينة الخصوصية بادهم بية 

الجنينة والحمام مكان مغلق ما فيش حد يقدر يدخل هناك الا بإذنة .. 

لو تحبي تعالي ريحى هناك شوية 

عبيرسندتها برقة ...مشوا خطوة بخطوة ...دخلوا الي القصر مرة اخري الريسبشن الضخم يضم اكثرمن اربعة صالونات من افخم الانواع ...طاولة 

الطعام الكبيرة كان لها اثنى عشر كرسيا ... 

عبير اشارت الي باب مغلق وقالت .... 

- دة مكتب ادهم بية ..فية صالون وحمام ...دخولة ببطاقات اليكترونية خاصة مافيش غيراتنين مسموح ليهم بدخولة ...ادهم بية و مصطفي المساعد الشخصي واهم راجل بعد ادهم ....بيباشر الشغل لما ادهم بية يسافر 


سميرة رئيسة الخدم هى اللي بلغتنى بالمعلومات دى وقالتلي انها بتدخل تنضف المكتب كل يوم بس لازم يكون مصطفي موجود وهى بتنضف دنيا جديدة غريبة عليها ..منذ اليوم الذى قررادهم عمل الصفقة فية مع سلطان وحياتها تتحول ...صفقة من المفترض في خلاصتها ان يستفيد الطرفين ...ادهم تخلص من زواج لا يرغب فية وهى تخلصت من الفقر والتهديد....سؤال ينهش عقلها بقوة لماذا اختارها هى ...؟ 

اسم فريدة اقتحم افكارها...ربما ادهم تزوجها كى يتمكن من الحياة بحرية وانفلات...تخلص من مشكلة زواجة الغير مرغوب فية واحتفظ بعلاقاتة الانثوية الغير شرعية ...ظاهريا لة زوجة ...بس هى في الحقيقة مجرد غطاء ...تخلصت من افكارها بصعوبة فعلي أي حال ما شأنها هى بادهم وخططه طالما هى ايضا تستفيد... 

الصالون ينتهى بابواب زجاجية تطل علي حوض السباحة المميز في تصميمة والحديقة الصغيرة...الابواب لها ستائر تحمل لون مارون غامق طياتها القصيرة تغطى فقط نصف الابواب العلوى 

عبير اقتربت من الابواب ...وادخلت بعض الارقام علي جهاز شبية بالالة الحاسبة مخفي جيدا تحت الستارة السميكة وقالت .... 

- انا معايا اذن من البية بدخول المنطقة دى عشان اوصلك لما تحبي تتمشي فيها... 

بمجرد انتهاءها من كتابة الارقام علي الجهاز ...الابواب فتحت فورا عبير ساعدت هبة علي الدخول الي منطقة المسبح.. اجلستها علي طاولة لها مظلة بلون ابيض...اراحتها علي مقعد من مقاعد حوض الاستحمام المريحة المصنوعة من قماش سميك وقالت .. 

- انا هروح اطلب لحضرتك مرطبات اكيد انتى عطشانة 

عبير تأكدت من جلوس هبة براحة علي المقعد المخطط بالاصفر وذهبت لطلب المرطبات لها... 


ايضا من مميزات اقامتها في القصر معرفتها بعبير فهى علي الاقل تحمل المشاعر وليست الة مثل الماس ... ايقنت انها بسهولة قد تصبح صديقة لها اذا ما توفرت لهم المدة اللازمة لتأصيل تلك الصداقة... 

هبة استغلت الفرصة وتأملت المكان من حولها...ادهم لة ذوق رفيع في كل ما يختار ...اثناء تجول عيونها في المكان لمحت ادهم يخرج من غرفة الغيار الموجودة بجوار المسبح ...كان يرتدى شورت سباحة قصير جدا ويحمل منشفة كبيرة في يدة مخططة ايضا بالاصفر مثل المقاعد... 

ادهم كان يتجة الي الحوض ولم يلحظ وجودها حتى الان .... 

لاول مرة في حياتها عيونها تري رجل يرتدى مثل هذا القدر الضئيل من الملابس ....وجهها تلون بكل الالوان المعروفة ... الخجل خشبها في مقعدها.. 

ادهم لمحها وهو في طريقه الي الحوض...صدمة رؤيتها مسترخية على المقعد بجوارالمسبح اوقفتة في مكانة...بدى علية التردد للحظات وكأنة يفكر في العودة من حيث اتى ولكنه عندما لم يلحظ أي رد فعل عنيف من ناحيتها علي وجودة اكمل طريقة للحوض..اختار اقرب مقعد بجوارها وقام بفرش منشفتة علية ببطء شديد... 

ادهم سألها بتردد ....- عاملة اية دلوقتى...؟ 

هبة تجنبت رفع عينيها الية كعادتها وقالت ....- الحمد لله 

ادهم سألها باهتمام حقيقى.....- مرتاحة هنا..؟ في اي حاجة ناقصاكى ؟ هبة اجابتة بامتنان ظهر جليا علي وجهها الجميل ... - لا الحمد لله اردت شكرة علي استضافتها في اثناء اصعب فترة في حياتها ...هو لا يدري كم تأثرت باهتمامة وفي تفكيرة بالتفاصيل ...لكن الكلام انتهى فيما بينهم ......فهما غريبان في الحقيقة ... ورقة زواج هى كل الرابط الوهمى بينهم...كيف ستبدأ معه حوار وتعبرلة عن امتنانها وهى لم تتحدث في حياتها الي أي رجل باستثناء عزت المحامى وسائقها الخاص ...وهم اعتبروها مثل ابنتهم وعاملوها كما كان يعاملها سلطان رحمة الله.... هبة حاولت النهوض.. قررت ترك المسبح له فهى لن تتطفل علي خصوصيتة.. فهو لم يدعوها بل لم يكن يعلم بوجودها عندما اختارالسباحة في ذلك الوقت ...هو تجنب رؤيتها منذ مجيئها اذن لن تضايقة بوجودها الالم البسيط في بطنها عند محاولتها النهوض ظهرعلي وجهها فورا ادهم رفع عينية وركز نظراتة علي وجهها المتألم وقال بصوت متقطع... 

- هبة انتى تعبانة..؟.. في اي الم ؟ هبة ردت بهمس ....- الم بسيط مع الحركة 

ادهم ظهرعلية الاهتمام الشديد ...اقترب منها لدرجة انها احست بأنفاسة علي وجهها وقال ....- تحبي اطلب الدكتور..؟ 

هبة هزت راسها ....- لا دة عادى مع الحركة الالم بيقل كتير الحمد لله ادهم نهض فجاءة وقفزالي حوض السباحة... قطع الحوض مرات ومرات 


تحت نظرات هبة الفضولية ... اهتمامة بألمها اثار مشاعرها ..لسبب ما لم تستطع المغادرة كما قررت وجلست تراقبة 

اطول منها بكثير مع انها دائما كانت تصنف انها من الفتيات ذوات القامة الطويلة... قد يكون اطول منها بحوالي عشرين سنتيمتر علي الاقل ضخم جدا ...عضلاتة متناسقة ومشدودة....شعرة اسود طويل وناعم ملامحة خشنة لكن علي الرغم من ذلك كان لدية جاذبية وغموض ...لون بشرته اغمق من بشرتها البيضاء الصافية بدرجات... تزكرت كلام عزت المحامى ..." ادهم البسطاويسي من عيلة كبيرة في الصعيد" ادهم قطع الحوض عدة مرات برشاقة وفي النهاية قررالاكتفاء وغادر الحوض بقفزة واحدة... تناول منشفتة وبدأ في تجفيف نفسة ... 

سؤالة فاجئها ...- بتعرفي تسبحى ؟ 

هبة هزت راسها وقالت ....- ايوة اتعلمت في المدرسة - الحمام هنا فية خصوصية تامة لو حبيتى تسبحى في أي وقت اطلبي من عبير تجهزلك احتياجاتك.... 

هبة هزت راسها مجددا 

انها لا تدرك ماهو سبب الم معدتها الدائم عندما تراة لكنها اصبحت متأكدة الان انها لا تكرهه ابدا ......رائحة عطرة خفيفة جدا بعد السباحة لكنها مازالت تؤثر فيها .... 

قوة شخصيتة المسيطرة المتكبرة تجعلها مهزوزة امامة...ادهم معتاد علي القاء الاوامر ومعتاد ايضا علي تنفيذ اوامرة بدون نقاش بكلمة منة كل حياتها تدار وترتب وبكلمة ايضا منة يستطيع ايقاف حياتها وتدميرها... اذا هو اراد ذلك...هى تدور في فلكة .... 

ادهم رفع يدة وابعد خصلة متمردة قررت الهبوط علي وجهها .. لمستة ارسلت قشعريرة في جسدها كلة ...اغمضت عيناها في ترقب ... 

ادهم اقترب منها اكثروهى مازالت مغمضة العينين... كانت تشعر بالخدر يسري في كل جسدها ولم تستطع الحركة بعيدا عنة ... 

خصوصيتهم قطعت عندما اختارت عبيرالعودة في تلك اللحظة... 

عبيرعادت بصينية فضيه فخمة عليها مرطبات ومآكولات خفيفة مفاجاءة وجود ادهم وقربة الشديد من هبة الجمت عبير لكنها تمكنت من هزرأسها باحترام لادهم الذى اشار اليها بتقديم المرطبات ..... 

هبة اخدت العصير وبدأت تشرب ببطء.... فجاءة ادهم نهض بقوة وقرر مغادرة المكان بدون أي كلمة اخري 

..................

بعد مروراسبوع اخر...هبة تحسنت تماما واستعادت صحتها بالكامل....الم بطنها اختفي تماما ومجهودها عاد لطبيعتة...محنة العملية انتهت اخيرا لم تترك لديها سوى ندبة صغيره طولها ثلاث سنتيمترات في بطنها وزكريات اقامتها الممتعة في القصر 

اكتشفت غرفة الرياضة بجوارالمسبح ...غرفة مجهزة بأجهزة تماثل اجهزة افضل النوادى الرياضية ...لكن جرحها مازال حديثا والطبيب حذرها من المجهود قبل شهور ...حتى السباحة اجلها حتى يتعافي جرحها تماما 


علمت ان ادهم سافرالي الصعيد في سفرة مفاجئه طوال الاسبوع الماضى منذ يوم مقابلتهم عند المسبح بالتحديد ...سألت الماس عن ميعاد رجعوهم للشقة لكن الماس للاسف لم يكن لديها اي اوامر جديدة فيما يتعلق بانتقالهم من القصر...فاكتفت بقول " لما ادهم بية يأمر " 

مر اسبوع اخروهبة تنتظراوامر ادهم الجديدة...عندما يئست من الانتظار طلبت من عبيرابلاغ ادهم برغبتها في مقابلتة...عبير ابلغتها انه سافر من الصعيد الي دولة اروبية وسيغيب لمدة اسبوع اخر... 

انتظرت مرور الاسبوع بصبر ...ان كان من المفروض عليها ان تعيش في السجن طوال عمرها فعلي الاقل ابسط حقوقها ان تختارزنزانتها بنفسها صحيح القصر افضل بكثيرمن شقتها لاسباب لا تحصى ولا تعد.. 

لكن وجودها بقربة يجعلها تشعر بالتهديد...يجعلها تشعر بالتمرد ...خافت من ان تتمرد علي حياتها القديمة فكل يوم تقضية هنا يترك اثاره في روحها الخائنة .... كلما عادت اسرع كلما استاطعت تقبل وضعها...تقبلها السابق لحياتها كان كلمة السر التى جعلتها تبتلع مرارة وضعها 

التهديد باحتمالية رؤية ادهم يسبب لها الم غامض في معدتها تعجز عن فهمه...هى الان لا تشعر نحوة بالكراهية اذن فما هو ذلك الاحساس في معدتها كلما رأتة او تزكرتة...؟ 

في الحقيقة هى لم تكن تتعجل ابدا عودتها لشقتها لكنها ارادت ان تعلم متى ستغادر تلك الجنة التى ادخلها ادهم اياها .... 

اعتادت الجلوس في الحديقة بعد العصر لشرب الشاي وتناول الحلويات الفاخرة التى تفننت فرحة الطباخة في تحضيرها...كانت تنتظر الغروب يوميا وهى جالسة بالقرب من النافورة ...هنا علي الاقل عادت لرؤية العصافير وسماعها...منذ يوم انتقالهم الي الشقة وهى مفتقدة اصوات العصافير عند نافذة غرفتها... 


61

كانت تحمل معها بعض الحبوب وتضعها لهم علي حافة النافورة الكبيرة التى تتوسط الحديقة وتجلس تراقبهم بالساعات وهم يأكلون بشهية..اصدقاؤها العصافير سوف يفتقدونها عند رحيلها ... 

- اتفضلي يا انسة هبة 

هبة رفعت عينيها فشاهدت عبيرتحمل قفص ذهبي بداخلة عصفورة جميلة....ريشها بلون اصفر فاقع جدا مطعم بريش صغير يحمل الوان مختلفة عند الذيل ....اجمل عصفورة شاهدتها في حياتها 

عصفورة جميلة ضعيفة محبوسة في قفص ذهبي تزكرت نفسها فورا عندما رأتها... 

عبير اكملت ...- الهدية دى وصلت ليكى من شوية مع وليد حارس ادهم بية الخصوصي 

ادهم ارسل لها هدية ...عصفورة ضعيفة تشبهها بدرجة كبيرة ..محبوسة في قفص ذهبي مثلها 

ياتري اية رسالة ادهم يريد ايصالها اليها بهديتة...؟ 

عبير وضعت القفص علي طاولة جانبية في التراس المفتوح علي الحديقة الرئيسية ...لدقائق ظلت هبة تراقب العصفورة .. الحبوب كانت امامها بوفرة لكنها لم تأكل ...هبة شعرت انها حزينة ووحيدة... 

الذهب يحيط بها من كل جانب لكنة يظل سجن يمنعها عن حريتها... 

العصفورة كأنها كانت تبكى ...سمعت صوت نحيبها الهامس ...حاولت لمس ريشها كى تواسيها ففزعت العصفورة منها وقفزت بعيدا عن لمستها هبة تملكتها رغبة شديدة بفتح القفص للعصفورة...للحرية التي تعانى هى من الحرمان منها ...ربما العصفورة سوف تسعد بحريتها.... وتستعيد غنائها بدلا من بكائها ...بدون تفكير يدها التى حاولت لمس العصفورة اتجهت لباب القفص وفتحتة علي مصرعية ... فتحت الباب امام العصفورة للرحيل ...العصفورة ترددت لبعض الوقت ثم قررت ان تاخذ المخاطرة وتغادر للحرية وطارت باندفاع ..

فى نفس اللحظة هبة استدارت للعودة لداخل القصر...شاهدت ادهم يقف عند مدخل التراس وهو يراقبها باهتمام ...

                      الفصل العاشر من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا



تعليقات



<>