رواية حبيبتي الكاذبة
الفصل الخامس والثلاثون
والسادس والثلاثون
( قسوة الاميـر )
توقف فجأة وهو يلهث بعنـف ، طالعهـا بنظراتٍ قاسية قلقة في آن واحد ! ، ثم إنحنـي بجسـده وحملهـا بين ذراعيه ليتفاجئ
بـنجـاة تدلف وهي تقول بصدمة : أمير آآ ... صمتت مصدومة وهي تراهـا ساكنـة بين يديه لتقول بشهقة : أنت عملت فيها ايه يابني ؟؟؟
كذلك دلف زياد والبقية ليهتف أمير بصرامة : مش عاوز حد هنا ، كله يطلع برا !!
زياد بصدمة : يا أمير إهدي أنت عملت فيها ايه ، دي قاطعة النفس يابني !
كرر أميـر بصوت جهوري : إطلع برة يا زياد من فضلك وخدهم معاك محدش يتدخل !!
زياد محاولا تهدئته : طب آآ ...
قاطعه مرة أخري بعصبية : بره بقي !!!!!
فما كان منهم إلا الخروج من الغرفة مجددًا ، بينما سار أميـر إلي الفراش ووضعهـا عليـه لينتصب جالسًا بعد ذلك إلي جوارها ، أخـذ يلتقط أنفاسـه اللاهثه بصعوبة وهو يرمقهـا بعدم تصديق ، أهذه أروي التي أحبهـا وعشقها بكل جوارحه ، هذه التي أهداها حياته وأصبحت ملكًا لها ، أهذا جزاء الاحسان والمعروف منه ... !
هكـذا راح يُفكـر وهو ينظر لهـا بدقة متابعـًا حركة أنفاسهـا المنتظمـة ، ووجهـا الذي أصبح ملئ بالكدمات أثر صفعـاته القوية لها ..
نهض ثم أخذ زجاجة عطره ، وعاد إليهـا مرة ثانية جالسًا بجوارهـا .. ثم أخذ يفيقها حيث وضع قطرات من العطر علي ظهـر يده وقربهـا من أنفهـا عدة مرات ، فإبتدت هي بالإفاقة وفتحت عينيها ببطئ فأصابها الرعب مجددًا مجرد أن رأت عينيه القاسيتانِ تنظرانِ لهـا بقوة ...
إزدردت ريقها وأفلتت دمعة حارقة هبطت فوق وجنتها وجسدها يرتعد بخوف منتظرة إستكمـال العقـاب منه ..
شعرت بيديه تجذبانها من ذراعيها لتجبرها علي الجلوس ، وصوته الغاضب إخترق مسامعها وهو يقول : بتضحكي عليا أنا ؟؟!! .. بتستغفليني ! أنا مش قادر أصدق حقيقي مش قادر أصدق ، مصدوم صدمة عمري ، بقي أنتي تطلعي بتاعة رجالة !!!
أخذ قلبها يتسارع في دقاته وهي تهز رأسها نافية ، ثم قالت بصوت متقطع أثر بكاؤها : و.. والله مـ ماحد لمسني غيـرك أنت فاهم غلط
صاح بها بحدة : أخرسي ! .. أنا خلاص مش هصدقك مهما عملتي أنتي كذابة وخاينة أنا بكرهك عارفة يعني ايه بكرهك !
إنهمـرت العبرات بغزارة فوق وجنتيها وهي تشهق عاليًا بمرارة فلقد أصابت كلمته قلبها لتجعله يتمزق ألمًا !!
لتسمع صوته يصيح مرة أخـري : إزاي مثلتي عليا ولبستي قناع البراءة إزاي خلتيني أصدق إنك طاهرة وشريفة ! وقال ايه أنا أول راجل في حياتك أتاريكي لافه ودايره .. !
فقالت هي بإعتراض وصوت متحشرج : لأ محصلش أنا اه كنت عايشه في بيت وحش وأمي ست مش كويسة لكن أنا معملتش زيها و...
قاطعهـا بسخرية : معملتيش زيها ! .. لسه هتكدبي تاني صح ؟؟
إبتلعت ريقها بمرارة وتابعت :
أنا كذبت عليك بس مخنتكش ، هو سامي الي هددني ومضاني علي شيك بـ ١٠٠,٠٠٠ ج ، وقالي لو معملتيش الي عاوزه هسجنك وأنا إضطريت أهاوده عشان كنت خايفة يسجني فعلا ، ولما لقيتك كويس حبيتك ومرضتش أعمل الي هو عايزو ولا أديله الملف
حرك رأسه بنفي قائلًا بغضب : كذابة .. كذااااابه ، كفاية إنك عندك ام وقولتيلي معنديش ، متفقه مع سامي !!!! وكنتي بتعملي نفسك مش عرفاه ، ياااه علي الجبروت بتاعك .. وجاية دلوقتي عوزاني أصدقك وفوق كل ده تبقي عايشه في دعارة وقرف !
قالت بخزي : مش ذنبي أن إتولدت في بيئة بالشكل ده وخوفت أقولك تسبني
صاح بهـا بعنف وهو يجذبهـا من خصلات شعرها : وكده بقي مش هسيبك !!! أنتي خرجتي من حياتي للأبد
فردت من بين بكاؤها وهي تتألم من قبضة يده علي شعرها: بس أنا حامل في إبنك أنت والله العظيم إبنك أنت
صر علي أسنانه وتابع : وأنا ايه يضمنلي أنه إبني أنا ها قوليلي اثق فيكي إزاااي !!!!
فقالت بألم : أقسم بالله أنت أول راجل في حياتي ، وأنت أكيد عرفت كده يوم جوازنا إزاي بقي مش مصدق !
تابع بصرامة : عادي أكيد عملتي عملية ترجعك بنت تاني ، ما هو كل الشمال الي زيك بيعمله كده !
إبتلعت إهانته وقالت برجاء : حرام عليك متظلمنيش ، وعموما تعالي نعمل تحليل DNA وهتعرف إذا كان إبنك ولا لأ !!
ظل ناظرًا إليها بقسـوة إلي أن قال أخيرًا بحدة : ده شئ أكيد ويا ويلك لو طلع مش مني ، أقسم بالله لأخليكي تقضي بقية حياتك كلها في السجن !! .. أما بقي لو إبني فأنتي هتقضي فترة حمله هنا مش أكتر من خدامة وزي ما وجعتيني هوجعك يا أروي وعلي قد الحب الي حبتهولك هوريكي اسود أيام حياتك وعمري ما هسامحك مهما طال الزمن
ظل جسدها يرتعش خوفًا من نظراته القاسية ، لينهض هو متجهـًا إلي خارج الغرفة تاركًا إياها تبكي بحسرة علي حالهـا وما وصلت إليه.. من عذاب !!
......................
هبط هو الدرج حتي نزل إلي الأسفل ، ليسرع زياد نحوه قائلًا بجدية : ايه يا أمير عملت فيها ايه ؟
رد عليه بجمود : الموضوع ده محدش يدخل فيه ، ولا يسألني في أي حاجة أنا مش مستحمل كلمة من حد !
حاول زياد تهدئته وهو يقول : طب إهدي بس كل شئ وله حل ، بس طول ما أنت متعصب كده مفيش حاجه هتتحل أبدًا !!
لتقول نجـاة بتأكيـد : صح ، زياد عنده حق يابني لازم تهدي وعلي فكرة مراتك حكتلي كل حاجة وهي مكنش قصدها تخدعـك و.. ...
قاطعها بغضب : أنا مش هسمع أي مبررات سخيفة !! ...
أنهي جملته وإتجه صوب الباب ليهتف زيـاد قائلًا : طب رايح فين ؟!
لم يجيبه أميـر إنمـا خرج متجهًا إلي سيارته ليستقلهـا وينطلق بهـا ..
......
لتصعد نجـاة إلي الأعلي بعد ذلك تتبعهـا دارين وماهيتاب .. !
غضبت نجاة ما أن رأت حالة أروي وتلك الكدمات المتفرقة في أنحاء جسدها ، بينما قالت دارين بصدمة : معقولة أمير يضربك بالشكل ده !
إنفجرت أروي باكيـة لتتجه نجاة نحوها معانقة إياها بحنان وهي تقول بمواساه : يا حبيبتي يابنتي ، حقك عليا أنا ..
قالت أروي من بين بكاؤها : والله غصب عني ، غصب عني مكنش قصدي أجرحه أو اوجعه هي الظروف الي حكمت
فقالت نجاة بإشفاق : إهدي .. إهدي يابنتي ، ربنا يصلح ما بينكم يارب .. ثم قالت موجهه حديثها لـ دارين : دارين دوري كده يمكن تلاقي مرهم كدمات ولا حاجة يابنتي ..
أومات دارين وفعلت ما قالته ..
لتقول أروي بحسرة : أمير عمره ما هيسامحني ، وكمان مش مصدق إن الي في بطني منه ، أرجوكي ساعديني هو بيحبك وبيسمع كلامك خليه يسامحني ...
ظلت نجـاة تواسيها وهي تربت علي ظهرها برفق ثم قالت بتنهيدة : الي فيه الخير ربنا يقدمه ، أنا هكلمه ويارب يسمعلي بس أنتي بطلي تعيطي لأن العياط مش هيفيد بحاجة أبدا
تنهدت أروي طويلًا وهي تمسح دموعها بهدوء ، فآتت دارين بعد ذلك بدهان للكدمات وجدته في أحد الأدراج ، لتقوم نجاة بوضعه علي وجهها برفق وكذلك الظاهر من جسدهـا ..
...................
في منزل السيدة كوثـر ..
ظلت سلمـي تشكو إلي والدتها همها وما فعلـه خالد ، فقالت كوثـر بجدية :
- وهو مد إيده عليكي ليه ؟
فأجابتها سلمي بحنق : كله بسبب طنط نعمة ، هي الي علي طول تعاملني وحش ولما زهقت قولتلها إنهـا قليلة الذوق ..
فقالت كوثـر بعتاب : ومن إمتي وانتي بتقلي أدبك يا سلمي ، لأ عيب مهما عملت مترديش لأن أي راجل مش هيسمح لإهانة أمه يابنتي
سلمي بضيق : بس ده أول مرة يمد إيده عليا يا ماما ، أنا زعلانة منه أوي
كوثر متنهدة : هو تصرف غلط منه ، بس أنا مفيش في إيدي حاجة أعملهالك ولا هتدخل بينكم عشان معملكوش مشاكل أكتر .. ودلوقتي يا سلمي مقدمكيش حل غير إنك تكسبي رضا حماتك بأي وسيلة ، عشان ترتاحي انتي وجوزك ، خلاص هي عمرها ما هتتنازل وتعاملك كويس يبقي سبقي أنتي بالخير ومرة بعد مرة يمكن تحن ولو محنتش يبقي جزائك عند ربنا يابنتي
صمتت سلمي وهي تتنهد بحزن ، لتتابع كوثر مردفة : ياما قولتلك بلاش تسكني مع حماتك مردتيش ، وقولتي لأ وصممتي
سلمي بجدية : عشان كانت كويسة وبتحبني وانا كمان كنت بحبهـا ، ومكنتش أعرف أنها هتعمـل كده !
ردت كوثـر بحكمة : راضي حماتك وجوزك يا سلمي عشان تعيشي مرتاحة ، أنتي الي إختارتي من الأول يبقي تتحملي إختيارك ، وياريت متحكليش حاجة تاني عشان مزعلش من خالد ، أنا بحبه ومتهزيش صورته قدامي خلي مشاكلكم بينكم ومع نفسكم ... أنا خلاص مش حمل مشاكل كفاية أخوكـي البايظ !!
....................
في شركـة سامـي ..
صاح سامي بشراسة :
- الله يخربيتك يا ماجد الله يخربيتك يا شيخ ، الصفقة طلعت مقلب من أمير والشركة ضحكوا عليا وباعولي ساعات مضروبة ، اااه انت عارف خسرت كام في أم الصفقة دي ؟؟؟؟
ماجد بضجر : وأنا مالي أنا مجرد سمعت وبلغت مليش دعوة
تأفف سامي وهو يطيح بكل شئ علي سطح المكتب ويصرخ بإهتياج ..
فقال متوعدًا بحقد : ماشي يا أمير وحياة أمي لردلك القلم قلمين !!
بينما كان أمير يسمع حديثهما عبر هاتفه بواسطة جهاز التسجيل المزروع أسفل مكتبه ، ليضحك بإنتصار وهو يتحدث بسخرية : أما نشوف مين الي هيرد القلم يا كلب ..
ثم ضغط أمير زر ألاتصال بهاتفه بعد ذلك ، وأنتظر حتي آتاه الرد من سامي الذي قال بعصبية : ايه بتتصل تشمت ، متفرحش كتير ده أنا هنسفك من علي وش الدنيا !
ضحك أمير مقهقهًـا ، قائلًا بتهكم : إيه رأيك ، ضربة معلم صح ؟؟ .. ولسه الي جاي أحلي متستعجلش علي رزقك ، دي قرصة ودن خفيفة حسابك التقيل جاي يا سامي الكلب .. !!
ثم أغلق الهاتف تاركـا النار تنهش قلبه حسرةً علي أمواله التي خسرها في هذه الصفقة ..
................
إتصلت أروي علي شقيقتها سهيلة ، لتخبرها بما حدث ، حتي صُدمت سهيلة قائلة بحزن : يا خبر ! .. إزاي يعمل فيكي كده يا أروي إزاي
أروي بحزن : والي أنا عملته مش سهل يا سهيلة أنا كذبت عليه كتير ، وهو إتجرح مني أنا مسمحاه علي أي حاجة ، بس لو سبني هموت ، والله هموت يا سهيلة
مسحت سهيلة علي وجهها وتابعت بتجهم : أووف ، لحد إمتي هنفضل نتبهدل من كل الناس ، أنا تعبت .. تعبت
ردت أروي بحسم : ياما قولتلك تعالي نهرب يا سهيلة مسمعتيش كلامي ، شوفتي وصلنا لحد فين !
سهيلة وهي علي وشك الإنهيـار : وكنا هنروح فين فيييين ، لكلاب السكك تنهش فينا !!.. ولا نشتغل عند أي حد ويغتصب اي واحدة فينا بعد ما يشربنا مخدر ، كنتي عاوزنا نهرب علي فين ، هو أنا سهل عليا الي أنا فيه ، الكلام سهل يا أروي بس الفعل صعب صعب !!
قالت أروي بضيق شديد : طب إهدي يا سهيلة ، إهدي أنا مش مستحملة ، ربنا يرحمنا برحمته
آتاها صوت سهيلة الباكي : يارب ... أنا هجيلك بُكرة أطمن عليكي يا أروي سلام ..
ثم أغلقت الخط لتستكمل بكاؤها المرير وتُفكر ماذا تفعـل وكيف تنفد من هذا الوحل الذي غُرقت فيه عنوه !!
..............
عـاد خالد إلي منزله مسـاءًا ، أغلق الباب ودلف ليمر علي المطبخ في طريقه ليجد سلمي في الداخل تطهـي الطعـام ، فتنهد وهو ينظر لها بإشتياق إلا أنه تجاهلهـا ودلف إلي الغرفة ، فعبست سلمي بوجههـا وإتبعته لتدلف خلفـه ثم أغلقت الباب وسارت نحوه قائلة بجدية : ليه مش حضنتني زي كل يوم ؟
تجاهلها أيضـًا وأخذ يفك أزرار قميصه ، فإقتربت منه وأخذت هي تفكها بهدوء ، فقال هو بجدية مصطنعة : إبعدي عني يا سلمي !
حركت سلمي رأسها نافية بإعتراض ، وقالت هادئة : هو أنت كمان زعلان مني بعد ما ضربتني بالقلم علي وشي وخلتني أعيط طول اليوم !
تنهد خالد وقال عابسا : أنتي غلطتي ، وقليتي أدبك وإستفزتيني كمان ، ما أنا علي طول بجبلك حقك بس بطرقتي أنا ولازم زي ما برضيكي أرضي أمي مش كده ولا إيه ؟
سلمي بدلال : ما أنت رضيت أمك وضربت مراتك ينفع كده يعني ؟
تطلع خالد إلي عينيها وقال بهدوء : وأنا قولت مراتي إستفزتني ، وقلة أدبها وأنا معرفش سلمي قليلة الأدب ، أنا أعرف بس سلمي المؤدبه الطيبه غير كده معرفهاش
إبتسمت سلمي وقالت بطيبة : طيب خلاص أنا آسفة يا خالد ، وعلي فكرة إعتذرت لطنط نعمة كمان بس هي مش رضيت ، أنت إبقي صالحنا علي بعض ماشي ؟
رفع خالد أحد حاجبيه وتابع بحزم : مش لما أصالحك أنا الاول أبقي أصالحكم !!
حاوطت سلمي عنقه بذراعيها وتابعت بخجل : طيب صالحني بقي ، والله أنا زعلانة منك وعيطت كتييير لحد ما عنيا وجعتني
ضحك خالد أخيرًا علي عفويتهـا ، وراح يُقبل جبينها بهدوء ثم تابـع هامسًا : متزعليش مني يا لوما ، آسف إني مديت إيدي عليكي ، غصب عني خرجت عن شعوري ، أوعدك مش هتتكرر تاني ، بس أنتي كمان توعديني تسمعي كلامي ، ماشي ؟
أومأت سلمي برأسهـا وتابعت بسعادة : اوعدك يا حبيبي ، هسمع كلامك علي طول علي طووول
ضحك وهو يضمها إليه بحنان ، ثم همس في آذنها : هي ماما نامت ؟
أومأت له وهي تدفن وجهها بين ضلوعه ، ليضحك هو بمرح قائلًا : حلو قوي ، خير ما فعلت !
..................
أرجع أمير ظهره علي المقعـد بعد يوم عمـل طويل تعمد هو أن يجهـد نفسه فيه حتي ينسي جراح قلبه المؤلمة ، ولكن كيف ينسي والجراح تنزف وجعـًا !!
نظر إلي دبلته الموجودة داخل إصبعه ، ليخلعها وهو يتأملهـا بحـزن طغي علي ملامـح وجهه ، ليتذكـر عندما أهدتها له أروي عندما إشتري لها شبكتها الألماس ..
فلاش باگ ..
تفاجئ بها تدلف إلي مكتبه في المساء وهي تحمل علبة قطيفة حمراء ، ثم اعطتها له بإبتسامة جذابة ، فأخذها منها وقال هادئا : ايه ده ؟
فقالت بمرح : أنت جبتلي الشبكة بس نسيت نفسك وأنا بقي حبيت أكون أنا الي جبتلك الدبلة وكمان كتبت عليها إسمك وتاريخ خطوبتنا البسيطة دي ..
إبتسم أمير وتمعن النظر إلي الدبلة ، فوجد جملة "بحبك أميري " محفورة من الداخل وبجانبها تاريخ الخطبة التي لم يحضرها أحد غيرهما ..
رفع نظره إليهـا وقال هامسًا : وأنا كمان بعشقك
إقتربت منه وأمسكت يده ثم ادخلتها في إصبعه وهي تبتسم له بحب وقالت : بحبك يا أميـري ..
باگ
صر علي أسنانه بغضب وهو يكاد أن يحطم المحبس داخل قبضة يده ، ثم قال في وعيد : ماشي يا أروي ، ماشي !!
ثم أدخلها في إصبعه مُجددًا ليتفاجئ بطارق الذي دلف قائلًا بهدوء : حضرتك طلبتني ؟
أومأ أمير برأسه وقال : أيوة ، عاوزك تشوفلي حد يراقب سامي ، كل خطوة بيخطيهـا عاوز يكون عندي علم بيها بيروح فين ويجي منين كل تحركاته !
طارق بجدية : تمام ، هشوف حد يخدمني في الموضوع ده
أمير متنهدا : سريعا يا طارق ومش هاكد عليك عاوز الموضوع في سرية تامة
أومأ طارق برأسه ، لينهض أميـر قائلًا : أنا ماشي ، لو في حاجة ضرورية كلمني أو أجلها لبكرة ..
ثم توجه خارج المكتب ومن ثم المصعد ليهبط به ويستقل سيارته منطلـقا إلي البيت
.......
بعد مرور ساعة ..
وصل إلي الفيلا ، ليدلف ويجد عمته تنتظـره في الردهة ..
أقبلت عليه وقالت بجدية : ممكن اتكلـم معاك وتسمعني بقي يا أمير بجد مينفعش كده !
أمير متنهدا بحزم : عمتي من فضلك أنا تعبان وهطلع أتخمد ، وأي كلام عندك وفريه ومتتعبيش نفسك لأني مش هسمع وسبيني اتصرف زي ما أنا شايف
نجاة بإعتراض : لأ ، لازم تسمع البنت يابني كانت خايفة تحكيلك أنت مش شايف نفسك عامل ازاي حاجة تخوف بصراحة وإزاي تضربها كده دي برضو إنسانه !!
صاح أمير : تحمد ربنا إني مخنقتهاش بإيديا دول ورمتها في الشارع !! ..
نجاة بنفاذ صبر : طيب ممكن تهدي وتسمعلها وتحلوا مشاكلكم بهدوء
سار أمير نحو الدرج وقال بجدية : أنتي هتباتي معانا يا عمتي ؟؟
أومأت له وقالت بحنق : أيوة في أعتراض ولا إيه ؟؟
حرك رأسه بعلامة النفي وقال : لا ، تصبحي علي خير ..
ثم صعد الدرج ، لتتنهد نجاة وتقول : ربنا يهديك يارب ..
فتح أمير باب الغرفة ، فوجدها نائمة في وضـع الجنين منكمشة علي نفسهـا ، وقف ينظر لهـا ورغم غضبه وجرحه منها إلا أنه أشفق عليهـا وهو يري العلامات ذات اللون الأزرق أثر صفعات الحـزام ..
فتعمـد هو أن يُصدر صوتًا فآفاقت مذعورة وجلست تنظر له برعب شديد ..
عقد حاجباه معا وقال بصرامة مخيفة : قومي من هنا !
إزدردت ريقها وقالت بإرتباك : هـ هروح فين
أجابها بغضب : روحي في داهية مش عاوزة اشوفك قدامي ، قومي !
أومأت له برأسها وتحاملت علي نفسها وهي تنهض من الفراش ، وقبل أن تخرج من الغرفة قال بقسوة :
- مكانك تحت ، عند دادة سحر ، سمعاني ولا لاء ؟
تنهد بضيق ، ثم قالت بخفوت : لأ ماسمعتش ، أنا تعبانة ومش قادرة أنزل تحت ..
إقترب منها فتراجعت للخلف قائلة وهي تهز رأسها بإيجاب : سمعاك ، هنزل ..
ثم خرجت من الغرفة وهي تبكي بألم نفسي وجسدي في آن واحد ، فأقبلت عليهـا نجـاة وإحتضنتها ، لتقول أروي من بين شهقاتها : أمير بقي قاسي عليا أوي ، والله أنا بحبه وعمري ما حبيت غيره ... بس أنا هستحمل لحد ما يسامحني ...
الفصل السادس والثلاثون
في صبـاح يوم جديد ..
إرتدي أمير ملابسه بعد أن آفاق من نومه وإغتسل ، ثم توجه خارج الغرفة وما أن سار بضع خطـوات حتي وجـدها تخرج من إحدى الغرف الموجودة في الطابق ..
فتوهجت عيناه بحمرة الغضب وهو يتجه نحوها قائلًا بحدة :
كنتي بتعملي ايه هنا ؟؟
قالت وهي تطالعـه بخوف : كنت نايمة جوه مع طنط نجاة ..
صر علي أسنانه وجذبها من ذراعها بحركة مفاجئة ، ليهتف بصرامة أخافتهـا :
أنا قولت مكانك تحت عند سحـر ، كلامي يتسمع أنتي فاهمة ولا لاء ؟؟
تألمـت من قبضته ، وقالت ببكاء : أنا كنت هنزل عمتك هي قالتلي لأ وأصرت عليا
خرجت نجاة من الغرفة لتقول بحدة : في ايه يا أمير علي الصبح ، أنا الي قولتلها تنام معايا في الأوضة ، متدخلش أنت بقا !!
أمير بإعتراض وهو ينظر إلي أروي بغضب : لأ هي هتنفذ الي بقوله أنا وبس ، ولو سمحتي يا عمتي متدخليش ..
إتسعت عيني نجـاة وقالت بضجـر : أنت إزاي بتكلمني كده !! .. ومش عاملي أي إحترام ؟!
ترك أمير ذراع أروي وقال بجدية وهو ينظـر إلي عمته :
لأ ، أنتي علي عيني وراسي يا عمتي بس مش عاوز حد يتدخل في الموضوع ده بالذات وأنا حر مع .... تابع بسخرية : مع مراتي الكذابة !
أنهـي جملته وهبط الدرج حيث إتجـه إلي طاولة الفطـار ..
بينمـا إصطحبت نجـاة أروي معها لتهبطان الدرج ، فوقفت أروي تقول بخوف : أنا مش هفطر ..
فقالت نجاة بحزم : أنتي مكلتيش أي حاجه من إمبارح إقعدي افطري متخافيش ! أنا معاكي ..
جلست أروي بجانب نجـاة وهي تنظر إلي أمير بحذر مُنتظرة تعنيفهـا منه مرة أخري إلا أنه ظل ينظر لها بصمت نظرات حادة غاضبة تحمل العتـاب أيضـًا ..
ثم تنهد وأخذ يتناول طعامه وكذلك فعلت نجـاة ، وأخذت أروي تلتقط بعض اللقيمات دون شهيـة وهي تتابع حركـات أميـر ونظراته القاسية لها من حين لآخر ..
فقالت نجـاة بهـدوء : أنا هروح أبص علي ماهيتاب النهـاردة وإحتمال أخليهـا تقعـد عند زياد شوية لأن أنا مقيمة معاكم لفترة هنا هغير جو ولا أنت عندك إعتراض يا أمير ؟؟
حرك أمير رأسه نافيـًا ثم قال بهدوء : معنديش يا عمتي ..
تنهـدت بإرتيـاح وقالت بإبتسامة : أنت هتخرج دلوقتي ؟
فقال بجدية : لأ ، هخلص شوية شغل هنا علي اللاب هبقي أروح الشركة آخر النهار ..
أومأت نجـاة براسهـا وقالت بحذر : طب هو أنا ينفع أخد أروي معايا وأروح أشوف ماهيتاب ؟!
أمير بنفي : لأ مينفعش لا في خروج ولا دخول ليها نهائي ..
تنهدت نجـاة وقالت بقلة حيلة : طيب ، بس أنا مضمنكش بصراحة أسيبها معاك ازاي بقي ؟
أميـر بإيجـاز : متخافيش ..
نهضت نجـاة ثم قالت بخفوت : أنا مش هتـأخر يا أروي إن شاء الله ساعة أو ساعتين بالكتير وجاية ..
نظـرت لها أروي بتوسـل كأنها تترجاها بأن لا ترحل وتتركهـا مع ذاك الأمير الذي أصبح وحش كاسر ..
فنظرت لها بإطمئنان وتابعـت بجدية : متخافيش ، هو لو ضربك تاني أنا بجد هزعل جدا وعمري ما هكلمه ، سامع يا أمير ؟
أخذ أميـر يتناول طعامه وهو يومئ برأسه بدون إهتمـام ، بينما قالت نجـاة :
يلا سلام مؤقت يا أروي .. ثم تركتها وإتجهت صوب الباب لتنصرف ويرتعد جسد أروي مع قفلة الباب ..
وقفت لعدة لحظات ، ثم تحركت لتصعد إلا أنه أوقفـها بصوته الصارم ، حين قال بتجهم : علي فين ؟؟
إزدردت ريقها وتسمرت مكانهـا برهبه ، فهتف هو بصوتا صارما : تعالي ..
إستدارت له وسارت في إتجاهه ونظرت له قائلة بخفوت : نعم
فقال هو بقسـوة :
لمي الاطباق دي وديهـا المطبخ ، ولا فاكرة نفسك ست البيت ده ولا حاجة ، أنتي خلاص زيك زي الخدم الي هنا بالظبط !!
نظرت له طويلًا بعدم تصديق ، فأين أميرها الحنون العاشق .. الذي أصبح قاسي عنيف ..
فكرر بجمود : سمعتي ؟
أومأت برأسهـا وإنصاعت له حتي تتقي شره ، وتتجنب بطشه و إلا سيفعل ما لا يحمد عقباه ..
أخذت تلملم الصحـون وإتجهت إلي المطبخ وسط نظراته الغاضبة ، بينما هو يريد عناقهـا حتي يُكسر أضلاعهـا غيظًا منها وعشقـًا فيهـا ، فرغم ذلك قلبه يعشقـها إلا أنه سينتقم منها علي ذلك الجرح الكبير هكـذا أقسم هو بوعيـد ..
عض علي شفته السفلي بغيظ شديد ، يود خنقهـا ورميهـا إلي حيث آتت لكنه لم يفعل ..
نهض عن كرسيه وسار متجها إلي المطبخ إلي أن دلف ، ثم قال بجدية : إعمليلي فنجان قهوة يا دادة من فضلك ..
فأومأت سحر رأسها قائلة بهدوء : من عنيا ..
ثم أشار لـ أروي لتأتي له ويخرجا إلي أن وقف في الردهة وقال بلهجة آمرة :
- عاوز المكان يتنضف عشان بقي مقرف ، قدامك ساعة واحدة يكون كل ده بيلمع !!
زفـرت أروي بضيق وهي تطلع إلي المكان .. فكان كل شيئا نظيفا مُرتبا ليس بحاجة إلي التنظيف ، فقالت بإعتراض وتذمر :
- بس كل حاجة نضيفة ، ليه كده أنت عاوز تنتقم مني وخلاص
رفع أحد حاجبيه وهو يقترب منها أكثر : ما أنتي شاطرة وبتفهمي أهو ، يلا .. بدل مش هيحصلك كويس !
إزدردت ريقها بخوف وهي تومئ برأسها ، ثم قالت بتنهيدة مؤلمة : حاضر ..
ثم تحركت من أمامه ليجلس هو جاذبًا حاسوبه ليتابع عمـله عليه بضيق ..
لتأتي سحر بعد دقائق بالقهوة وتضعها أمامه ، وإبتدت أروي في تنظيف المنزل ، فشهقت سحر وهي تقول بإستغراب : أنتي هتنضفي بنفسك يا بنتي ، ما الدنيا نضيفة وزي الفل أهي ..
فقال أمير بنبرة حادة : روحي شوفي شغلك أنتي يا دادة !
وقفت ثوانِ مذهولة ، لكنها إنصرفت بعد ذلك إلي المطبخ ، لتستكمل أروي ما قاله أمير أو بالأحرى ما آمرها به ..
...........................
في شركة سامـي ..
خرج من مكتبه ثم إتجه إلي مكتب ماجد ودلف ليقول بغضب :
- أنت لسه هنا ، مش قولتلك تمشي ملكش شغل عندي بعد الي حصل !!
ماجد برجاء: أنا خلاص مش هلاقي شغل في أي حته ، ومينفعش تمشيني كده ده عيب في حقك يعني !
سامي بحدة : مممم ، طيب بس بشرط ، تنفذ الي هقولك عليه بالحرف !
ماجد بطاعة : ماشي قول الي عندك ..
قال سامي مضيقـًا لعيناه بمكر :
- أنت أكيد كنت عامل علاقة مع أي موظفة من موظفين أمير صح ؟!
ماجد بإندهاش : اه ليه ؟؟
تنهد سامي وتابع بتوعد ؛: أنت بقي هتتصل بأي واحدة تكون واثق منها وتقولهـا الي هقولك عليه ده بالظبط !
............
ظلت تنظف وهي تمسح حبات العرق عن جبينهـا وتنظر له متابعة حركاته ، شعرت بالإرهاق فوقفت تلتقط انفاسهـا بضيق ..
ثم شعرت بالغثيان فركضت إلي المرحاض لتتقيئ ، فإنقلع قلبـه عليها ونهض خلفهـا ليقف علي عتبة الحمام إلا أنه لم يربت علي ظهرها كما إعتادت منه ، وظلت القسوة طاغية علي ملامـح وجهه ، إلي أن رفعت وجهها الشاحب وهي تتأوه بخفوت ، فنظرت له بصمت لينصرف من أمامها بعد أن إطمئن عليها قليلًا ...
خرجت هي بعد ذلك وهي تجفف وجههـا بالمنشفة ، سارت هي تستكمل ما كانت تفعله حتي قال بصوتٍ متصلب ؛: كفاية ! ..
تنهدت بإرتياح لتتفاجئ بالباب يقرع وتتجه سحر لتفتح وتدلف سهيلة فإتسعت إبتسامتهـا وركضت نحوها معانقة إياها بإشتياق حتي إنهمرت دموعها وهي تقول بحزن : وحشتيني أوي يا سهيلة
إلا أنه نهض وقال بغضب وقد بدأت النيران تشتعل بداخله : أنتي ايه الي جابك هنا ؟؟
صُدمت سهيلة وإتسعت عينيها ثم قالت بعدم تصديق : ايه !
كذلك عقدت أروي حاجباها بضيق ليستكمل أمير بحدة :
- اطلعي بره ، وإياكي تفكري تيجي هنا تاني
لتصيح أروي : ايه الي أنت بتقوله ده !! أنت أكيد إتجننت !
تابع أمير وعيناه تتوهج بغضب جلي : أخرسي أنتي مسمعش حسك !
شعرت سهيلة أنها رخيصة بلا ثمن ، طعم الإهانة مرر حلقها ، لقد عجزت عن الكلام وهي تنظر له بدون أي تعبير ، إلي أن قالت أخيرًا بخفوت :
- أسكتي أنتي يا أروي وإسمعي كلام جوزك ، أنا ماشية أنا بس كنت جاية أطمن عليكي !
فصاح بها أمير بشراسة : عاملة نفسك طيبة ومسالمة ، جيتي وقولتيلي أروي ملهاش حد ، أروي وحيدة وغطيتي علي كذبكم أنتوا الاتنين وجاية دلوقتي تعملي فيها البريئة ، أنا مش قادر أصدق أن في وقاحة بالشكل ده !
ردت عليه سهيلة بهـدوء : بكرة تعرف إن إحنا أكتر ناس إتعذبنا وإتبهدلنا ، ومش هتعب نفسي بالكلام وأبرر وخلاص لأن عارفة مفيش فايدة ، بكرة أكيد الأيام هتثبتلك كل حاجة ... عن اذنك..
تشبثت أروي بهـا بشدة وهي تقول بتوسل من بين بكائها : لا يا سهيلة متمشيش
سهيلة بنفي وهي تحاول جاهدة أن تحجز دموعها داخل عينيها : لا لازم أمشي ، أنتي خليكي هنا عشان مفيش مكان تروحيه تاني .. ومتقلقيش هكلمك في التلفون
ثم تركتهـا وإتجهت إلي الخارج فركضت أروي نحوها لتشعر بذراعه يلتف حول خصرها ويجذبها بعنف ثم يغلق الباب بعنف أشد .. فتلوت بألم وقالت بإختناق : حرام عليك .. حرام عليك دي أختي الي مليش غيرها
تركها ليقول بحدة وهو يشير لها بسبابته : لولا الي في بطنك كان زماني مشيتك وراها إنما ده الحاجة الوحيدة الي مخلياني مقعدك هنا ، فتخرسي خالص أحسنلك ومسمحش حسك !
إنهـارت باكيـة وهي تشهق عاليًا ثم جثت علي ركبتيها بضعف فلقد فقدت القدرة علي التحمل أكثر من ذلك ، أخطأت والآن تدفع الثمن الغالي ..
أشفق أمير عليها وعلي حالهـا الواهن ، ثم جذبهـا بقوة ليجبرها علي الوقوف وامسك ذراعيها بقبضتيه وهو يقول بألم داخلي : ليه ، ليه عملتي فيا كده ، أنا آذيتك في ايه خدعتيني ليه يا أروي ليه !
حركت رأسها بهستيريه ولم تستطع الرد ظلت تبكي بحرقة فقط ...
كرر أمير بمرارة : عرفتي كام واحد قبلي ، وكام واحد لمسك غيري ! .. مش قادر أصدق إنك بريئة ومظلومة ، أصدق إزاي وأنتي بنيتي حياتك معايا علي خداع .. عمري ما هغفرلك يا أروي عمري ! .. أنتي قضيتي علي كل حاجة حلوة بينا دمرتيني ووجعتيني من جوه ، أنا حاسس إن قلبي مشروخ ، فقدت الثقة فيكي عارفة يعني ايه فقدت الثقه فيكي !! يعني إنتهيتي من حياتي إنتهيتي !
تركها وإنصرف خارج البيت ، وظلت هي علي تلك الحالة المذريه ، فكما هو يتألم هي أيضـًا تتألم وتأن وجعـًا ...
..........
ظلت تسير ودموعها تنساب لا إراديـًا ، تمحيها دون وعيٍ منها فتبـًا لذلك الحظ ، الذي أوصلهـا لهذا الموقف السخيف وجعل الكثير يتفنن في تعذيبها بهذا الشكل المُهين ..
عادت إلي المنزل محطمة كليـًا مجروحة داخليـًا .. دلفت إلي غرفتهـا لتحطم كل شيئا أمامها وهي تنهـار تدريجيـًا ، لتدلف سهيـر قائلة بذعرٍ : في ايه يا سهيلة أنتي إتجننتي ولا إيه !!
صاحت بإهتيـاج :
الله ينتقم منك علي الي عملتيه فينا ، حسبي الله ونعم الوكيل فيكي الله لا يسامحك أبدا .. أنا بكرهك بكرهك
أنهـت كلامها وإنهارت مجددًا باكية ، لتقول بنحيب : دمرتيني ، وخلتي الي يسوي والي ميسواش يبيع ويشتري فينا ، وملناش وش ندافع عن نفسنا ما احنا عايشين في دعارة وامنا واحدة معندهاش لا حيا ولا أخلاق ولا تعرف ربنا
صرت سهير علي أسنانها وتابعت بشراسة :
- الحق عليا إني شغلتك معايا وبقي معانا فلوس كتير لو كنتي قعدتي عمرك كله تشتغلي مكنتيش هتجيبي ربعها
سهيلة بإنهيار : مش عايزة زفت أنا عاوزة انضف عاوزة أتوب عاوزة أبعد عنك أنتي شر ، شر في حياتي ، بس وربي ، ما حد لامس مني شعراية أقسم بالله ليكون علي موتي والي عندك إعمليه لحد ما أدور علي أي زفت أعيش فيه !
.......................
عادت نجـاة إلي المنزل بعد مرور الوقت .. لتجد أروي جالسـة تبكي بإنهيـار وجوارهـا سحـر تواسيهـا ، فأسرعت نحوهـا قائلة بلهفة :
- أروي ، مالك يابنتي ، أمير مد إيده عليكي ؟؟
لم تجيبها بل ظلت تبكي فقط ، فقالت سحر بحزن :
اختها جت تزورها وأمير بيه طردها يا ست نجاة !
زفرت نجاة بحنق وهي تتابع : استغفر الله العظيم ، والله ده ما في وعيه أصلا .. حقك عليا متزعليش والله ما عارفة أقولك ايه
مسحت أروي دموعها بظهر يدها وهي تلتقط انفاسهـا ..
لتقول نجـاة بإشفاق : تعالي معايا إطلعي إرتاحي فوق يلا
حركت رأسها نافية وقالت بإعتراض : لأ ، أنا مش عاوزة أطلع فوق مش هقدر أتحمل أي إهانة منه تاني ، أنا تعبت خلاص
نجـاة بتصميم : لأ متخافيش ولما يجي بجد أنا مش هسكتله علي الي عمله ده !
فقالت أروي بإصرار: مش هطلع معلش سبيني علي راحتي أنا هقعد هنا علي الكنبة ولو حسيت إني عاوزة أنام هطلعلك ..
ردت عليها بتنهيدة : ماشي علي راحتك ..
لتتركهـا وتصعد إلي الأعلي وكذلك إتجهت سحر إلي المطبـخ ..
ثم نهضت أروي وخرجت إلي الحديقة وإتجهت إلي المسبح لتجلس أمامه وهي تنظر له بشرود وهي تتذكر أول مرة قفزت فيه بمساعدة أمير ..
فلاش باگ
قفـز أمير وظل يعوم ثم غمز لها وقال بمرح : يلا إنزلي يا رورو
إعترضت وهي تقول بخوف :
لا لا أنا خايفة يا أمير إطلع خدني
قال بثقة : متخافيش طول ما أنا معاكي هاتي إيدك
إبتسمت له وقفزت حتي تلقاها في أحضانه فتشبثت به بشدة حيث حاوطت عنقه كطفلة صغيرة ، فضحك وقال : متخافيش أنا معاكي .. ثم قبلها بحب ، لتلكمه في صدره فتابع متأوها بمزاح : هسيبك تغرقي
ضحكت برقة وتابعت : واهون عليك يا أميري
إبتسم لها وقال : أبدا يا قلب أميرك ، ده أنتي الحاجة الحلوة في حياتي
باك
عادت إلي واقعـها المرير ، لتتسطح علي حافة المسبح وهي تحتضن نفسهـا وتخشي القـادم من حياتهـا .. لا تعلم كم مر من الوقت وهي علي هذه الحالة ، العبرات تنهمر من عينيها بصمـت ، إلي أن أغلقتهما بإرهاق وغلبها النعاس ...
..................
علي جانب آخر ..
توسلت مايـا إلي ماجد وهي تمسك يده قائلة ببكاء :
- أنا خلاص مبقاش ليا حتة أروحهـا يا ماجد ، خالتي طردتني ومشتني من البيت أرجوك أعمل حاجة مبقاش ليا مكان أروحه !
ماجد بإشفاق :
- طيب خلاص متبكيش خليني أفكر وأشوف هعمل ايه !
مسحت مايا دموعهـا الخادعـة وقالت بمكر خفي : مفيش حل غير إنك تكتب عليا وتاخدني أعيش مع مامتك وخلاص ، أرجوك يا ماجد أنا بحبك ومقدرش أعيش من غيرك !
ذُهل ماجد قليلًا ، ثم تابع بإستغراب : يعني موافقة تعيشي مع أمي !
أومأت له برأسهـا ، ليقول هو بضجر : بس خايف أمي متتقبلش الوضع ده ساعتها هنعمل ايه ..
قالت بهدوء : هتتقبل إن شاء الله ، أكيد هتتعاطف معايا !
مط شفتيه بحيرة ثم قال بإستسلام : ماشي يا مايا موافق ، يلا نروح للمأذون .. !
.....................
في ڤيلا زيـاد ..
عاد من عمله مُجهدا ، ثم دلف بعد أن فتح الباب بالمفتـاح ، ليتفاجئ بـ ماهيتاب تهتف وهي تقول بمرح: حمدالله علي السلامة يا زيزو
رفع زياد حاجباه وتابع بإستغراب : ماهيتاب ، ايه الي جابك ، قصدي أهلا يا روحي
ضحكت دارين وهي تتجه نحوه قائلة : ماهيتاب هتنورنا وهتقيم معانا فترة كده وهنبات أنا وهي مع بعض ونسهر زي أيام زمان !
رفع أحد حاجبيه وتابع بغضب مصطنع : تسهري مع مين يا حبيبتي ؟ .. اهااا ده عند الماما الي في أمريكا ياروحي ، أمشي حضريلي الأكل بلاش قلة أدب !
قهقهت دارين وكذلك ماهيتاب التي قالت من بين ضحكاتها : كده يا زيزو مش عاوزني أبات معاكم أنا زعلانة منك
زياد بجدية : باتي ياختي البيت واسع إنما بيات مع بعض نووو ، دارين مينفعش تبعد عن جوزها مش كده يا دودو .. ؟ أنهي جملته غامزًا لها بمرح ، لتضحك دارين ثم تقول بحزم : قولي صليت النهاردة ولا لاء ؟؟
أومأ زياد قائلًا : أيوه يا دودو بس لسه مصلتش المغرب بصراحة
دارين بحدة : فورا تطلع تصلي وإلا هقلب علي الوش التاني يا زياد فاهم ولا لاء ؟؟
إقتـرب زياد منها ليقوم بدغدغتها وهو يقول بمزاح : يا جامد يا دودو أموت أنا .. لتتعالي ضحكاتها الرنانة وهي تقول بصوت لاهث : لأ .. زياد لا آ ..
ضحكت ماهيتاب ثم ذهبت إلي المطبخ وهي تتمتم بخفوت : مجانين ..
تفاجئت دارين بزياد يحملها فوق كتفه ويتجه بهـا إلي الدرج ، لتقول بخجل : يا زياد عيب ماهيتاب هنا !
فهتف بمرح وهو يصعد بهـا الدرج : خدي راحتك يا ماهي !!
................
مرت ساعة ساعتان ثلاث ساعات .. حتي عاد أمير ، ودلف بعد أن صف سيارته ، دخل من الباب وصعد إلى غرفتـه بإرهـاق ، ظن أنه سيجدها بالداخل إلا أنه لم يجدها ، فتذكر أنه أجبرها علي الإقامة بالأسفل ..
أصابه الفضول للإطمئنان عليهـا فهبط الدرج ليتجه إلي المطبخ والردهة وكل مكان داخل الفيلا إلا أنه لم يجدهـا ..
خرج مجددًا ربما تكون في الحديقه ، زاغت أنظـاره إلي أن وجدهـا علي حافة المسبح كمـا هي ، فإتسعت عينيه برعب فإن تحركت سنتي واحد لسقطت في المسبح علي الفور !
أسرع نحوها ثم إنحني ليحملهـا لتفتح هي عينيها وتطالعه بصـدمة ، فصاح بهـا بغضب :
أنتي مجنونة ، حد ينام هنا لو كنتي إتقلبتي كنتي وقعتي علي طول !
لم تستوعب هي أنه يحملها ويصيح بها وأنهـا نامت بالفعل في مكانهـا !
ثم إستمعت إلي صوته الصارم يهتف : كل تصرفاتك غلط في غلط .. !
أنهي جملته وسار داخلا بها مجدداً ...