رواية حبيبتي الكاذبة
الفصل الثالث والأربعون
والرابع والاربعون
بقلم فاطمة حمدي
(لقاء الأحبه )
صف سيارته أمام منزل عمته ، وراح يترجل من
السيارة وقلبه يخفق بعنف .. دلف من مدخل البناية وصعد الدرج بتلهف
، إلي أن وصل أمام الشقه ولم يتردد لحظه فطرق الباب بخفة ..
صدره يعلو ويهبط أثر صراع الأيام الماضية ..
بينما هي أسرعت نحو الباب تخشي أن لا يكون هو ومازال لا يسامح ولا يغفر !!
إزدردت ريقها بصعوبة بالغة وفتحت الباب لتصطدم عيناها بعينيه المشتاقتين ، خفق قلبها وإزدادت سرعاته ليسود صمت متوتر بينهما لا يجرؤ إحداهما علي شقه !! فقط لغة العيون تتحدث .. عتاب ولهفه وإشتياق !!
وأخيرًا تجرأت ونطقت إسمه الذي إشتاق هو لسماعه من بين شفتيها : .. آآ .. أمير
في أقل من ثانية كانت بين أحضانه معتصرا إياها بين ذراعيه ليدفن وجه في عنقها مستنشقًا رائحتها بعمق مُغلقًا عينيه بإستمتاع ..
لم تصدق هي أنها بين ذراعيه بالفعل ، هل سامحها !!؟ ..
إنفجرت باكية وهي تتشبث به بشدة تخشي إبتعاده مرة ثانية ، تعالت شهقاتها بمرارة وهي تهتف بلا وعيٍ منها : أنـ أنا أسفه .. أنا أسفه !!
فما كان منه إلا أن تقدم بها للأمام خطوة حتي يتمكن من غلق الباب بقدمه ، وعاد ليضمها ٱلي صدره رابتًا علي ظهرها برفق ..
لقد إشتاقت إلي لمسته الحانية ونظرته العاشقة فهل عُدت لي يا أميري من جديد ، هل مازلت تحبني هل انت بالفعل تعانقني !!
ليأتيها صوته متأوها بخفوت : اه يا أروي وحشتيني .. وحشتيني اوي ..
ثم أبعدها عنه برفق وأخذ يمسح دموعها بتنهيدة حارة ، فرفعت هي يديها تقبض علي كفيه وهي تقول مُتسائلة من بين بكاؤها : سـ سامحتني ؟
تطلع إلي عينيها ليقول بإبتسامة حانية عاشقة : مسامحك .. مسامحك يا أروي .. مسامحك من قلبي ..
ألقت بنفسها في أحضانه مرة ثانية معانقة إياه بقوة ثم تفوهت بخفوت : مـ مش مصدقه ، آآ أنت سامحتني و.. ورجعت تحبني ومش بتكرهني !؟
قال هامسًا : عمري ما كرهتك رغم كل الي حصل ، مكانتك في قلبي زي ما هي !
رفعت حاجبيها بدهشة وتراجعت للخلف قليلًا لتسلط عينيها علي عينيه وهي تقول بحزن : بس .. بس أنت قولتلي إنك بتكرهـ ...
وضع سبابته علي شفتيها مانعا إياها من الحديث ، ليقول بجدية : كنت بقول أي كلام عشان كنت مجروح منك يا أروي مكنتش عارف أنا بعمل ايه ولا عاوز إيه ، كنت ضايع !!
أنا آسفة ! .. قالتها بصدق وندم نابع من قلبها الحزين ، فإبتسم هو وإحتضن وجهها بين كفيه ليمسح بإبهامة تلك الدموع الحارقة ..
ثم قال بتنهيدة مؤلمة : أنا كمان قسيت عليكي بس كان غصب عني ، لو كنتي قولتيلي كنت هقف جنبك وبرضو هحبك ! بس خلاص أنا مسامحك وهننسي الي فات يا ... يا حبيبتي !
إبتسمت بإتساع لسماعها هذه الكلمة الغالية علي قلبها .. حمدت ربها مرارا بداخلها علي هذه النعمة التي كادت أن تضيعها من بين يديها..
عانقته مرة ثانية بحنان بالغ والفرحة تغمر قلبها ، إستنشقت رائحته الرجولية وهي تمرمغ رأسها في كتفه لتتفاجئ به يحملها وتشتدد ذراعيه عليها هاتفًا بإشتياق : وحشتييييييني
أبعدت هي رأسها عن كتفه وراحت تسند جبينها علي جبينه قائلة بمشاكسة : مش أكتر مني ده أنا كنت هموت عليك يا أميري ..
غمز لها بحب ولينتهي وقت الكلمات ليأخذها في عشقه الخاص .. عشق الأمير فقط ..
.............................
إستقلت سهيلة سيارة سليم الذي جلس إلي جوارها وقاد السيارة منطلقا بها ..
فقال بمرح وهو يُطالعها بإعجاب : الحمدلله الهدوم طلعت مظبوطة عليكي ..
أومأت رأسها بخجل وهي تقول بإمتنان: شكرا جدا علي مساعدتك !
رفع أحد حاجبيه قائلًا بعتاب : مفيش شكر بينا أكيد أنا نفسي أساعدك أكتر من كده .. أنا لحد دلوقتي مش مصدق الي حصل بقي أنتي سهيلة ! وقاعدة جنبي كده عادي !!
ضحكت سهيلة بخفوت : أنا أصلا مش قادرة أستوعب لحد الآن لدرجة حاسة إن حد هيصحيني وافوق من الي أنا فيه ده !
رد عليها متنهدا وهو يتابع الطريق : فعلا ربنا قادر على كل شئ الحمدلله .. تعرفي أول ما شوفتك حسيت بحاجة غريبة معرفتش ايه هي لأنك شبه والدتك جدا فقولت دي شبه مرات عمي الله يرحمها بس بصراحه مجاش في بالي إطلاقا إنك بنتها سبحاااااان الله !
إبتسمت سهيلة بحزن : الله يرحمها
قال سليم متساءلا بدهشة : هي أختك فين صحيح ؟؟
أجابته سهيلة بهدوء : أروي إتجوزت رجل أعمال من إسكندرية هنا !
أومأ برأسه وقال بتعجب : ياه هي كبرت كده كانت صغيرة جدا ساعتها ولسه بترضع كمان .. اكيد هتتصدم زيك لما تعرف
سهيلة بتأكيد : أكيد ومش هتستوعب زي ما أنا مش مستوعبة
ضحك قائلًا : ولا أنا !!
..................
في منزل السيدة نعمة ..
جلست السيدة كوثر علي طرف فراش نعمة بعد أن آتت لتطمئن عليها حينما علمت من إبنتها أنها مريضة وملازمة للفراش ..
قالت نعمة بخجل واضح في نبرة صوتها : والله ما عارفة أودي وشي منك فين يا أم ماجد ، كتر خيرك يا حبيبتي علي زيارتك ليا !
إبتسمت الأخيرة بتفهم ثم أردفت بعتاب : عيب يا أم خالد إحنا جيران وعشرة عمر والنبي وصي علي سابع جار !
ردت نعمة : بس أنا معملتش كده أنا بعت العشرة الي بينا .. سامحيني ياختي معرفش عقلي كان فين ساعتها
أردفت كوثر بجدية : مجراش حاجة يا أم خالد ، ياما بيحصل والنفوس ترجع تهدي تاني .. ربنا يهدينا جميعا
نعمة بتأمين : اللهم امين ، ثم أكملت بتنهيدة : صحيح الصديق وقت الضيق وأنتي ونعم الصديقة يا كوثر ربنا يباركلك أنتي وبنتك مسبتونيش في محنتي
هزت كوثر رأسها وقالت : ربنا يشفيكي يا أم خالد
ساد الصمت قليلًا .. ثم أردفت نعمة بتساؤل : وماجد عامل إيه هو ومراته ؟!
أجابتها كوثر بإمتعاض : أهم كل يوم خناق ليل ونهار لما بقيت مش قادرة أستحمل دول كأنهم أعداء وسبحان الله كان هيموت ويتجوزها دلوقتي لا هو طايقها ولا هي طيقاه !!
نعمة بهدوء : ربنا يهدي سرهم ..
كوثر وهي تومئ برأسها: يارب
...........
وصلا سليم وسهيلة إلي الشقة التي إستأجرها مؤخرًا حينما إنتقل من عمله إلي الأسكندرية ..
دلف من مدخل البناية وإتبعته سهيلة بخطوات متمهلة مرتجفة فـ لا تزال مصدومة لم تستوعب !!
صعدا إلي أن وصلا أمام الشقة ليفتح سليم الباب بالمفتاح ويدلف قائلًا بهدوء : إدخلي ..
إبتلعت سهيلة ريقها ودلفت بحذر ، وما أن أغلق سليم الباب هتف مناديا علي والدته : ماما .. يا أم سليم أنتي فين ؟!
آتاه صوتها الحنون من الداخل : أنا هنا يا حبيبي في المطبخ جاية أهو
أردف سليم بمزاح وهو ينظر إلي سهيلة : بسرعة عشان معايا ضيوف .. ثم أخفض صوته ومال قليلًا علي سهيلة ليتابع : النهاردة اليوم العالمي للصدمة .. أنهي جملته ليضحك بمرح
لتأتي بعد ذلك والدته من المطبخ قائلة بإبتسامة : ضيوف ميـ.......
تفاجئت بسهيلة وحملقت بها بصدمة ، وكذلك سهيلة التي فغرت شفتيها بذهول وهي تطلع إليها ، أنها هي .. هي المرأة التي إلتقت معها علي شاطئ البحر ذات مرة !! هل هذه زوجة عمها ؟! يا لها من صدفة !
أخيرًا نطقت نبيلة وقد إرتفعا حاجبيها بدهشة وهي تتفوه بخفوت : أنتي !
بينما قال سليم بإستغراب : إيه ده أنتي تعرفيها يا ماما ؟؟
هزت نبيلة رأسها بإيجاب : أيوة أنا شوفتها قبل كده علي البحر لما قولتلك أنا نازلة أتمشي وهي ساعتها كانت بتعيط وشكلها كان حزين أوي !
رفع سليم حاجبيه بدهشة وتابع : سبحان الله إيه الصدفة دي .. ثم تابع بإبتسامة : إنتي عارفة دي مين ؟؟
حركت نبيلة رأسها ببلاهة ، ليردف سليم بثبات : إحم .. دي سهيلة بنت عمي !
لم يظهر أي تعبير علي وجه نبيلة التي نظرت إلي سهيلة المبتسمة لتعاود النظر إلي سليم وهي تسأله بتعجب : سهيلة مين وعمك مين ؟!
ضحك سليم عاليًا ثم أردف من بين ضحكاته : إيه يا ماما الصدمة أثرت علي الذاكرة ولا إيه ، عمي مصطفي هو أنا عندي كام عم !! دي سهيلة وأختها أروي إلي إتخطفوا من زمان من وهما لسه صغيرين !!
شهقت نبيلة بصدمة وإنفرجت شفتيها بذهولٍ تام بينما إتسعت عينيها علي وسعهما وتطلعت إلي سهيلة بتركيز مُتأملة ملامحها الهادئة التي تُشبه ملامح أمها الراحلة إلي حد كبير ، ولكن كيف .. كيف !! لا لا يعقل أبدا !!
آفاقت من شرودها علي صوت سليم وهو يقول بتوضيح : أنا كمان إتصدمت زيك يا ماما بس أنا إتأكدت إن هي سهيلة
قالت نبيلة بإرتجافة : آآ .. أيوة .. بس .. بس إزاي ..
صمتت قليلًا لتندفع نحوها بحركةٍ واحدة معناقة إياها بقوة وهي تهتف بحنان : يا حبيبتي يابنتي معقولة أنتوا عايشين .. أنتوا عايشين علي وش الدنيا !!
أبعدها عنها برفق وهي تتأملها مرة ثانية بدقة وتهتف بإبتسامة : إزاي .. إزاي مأخدتش بالي أول مرة شوفتك فيها وأنتي شبه أمك كده ، يا سبحانك يارب .. أنتي سهيلة بشحمك ولحمك .. يا حبيبتي يابنتي
ضحك سليم علي كلمات والدته العفوية ، ليقول مازحًا : طب خليها تقعد وتاخد نفسها يا ماما الأول .. !
سحبتها نبيلة معها إلي الصالون ، لتقول بتساؤل : إنت لقيتها إزاي يا سليم
سليم متنهدا بمرح : أتغدي الأول وبعدين أعترف يا باشا !!
ضحكت سهيلة بخفوت وهي تطرق رأسها للإسفل بينما إحساس الدفئ والأمان يتسرب إلي قلبها المجروح المُنهك ليجعله يطمئن قليلًا بأن القادم أجمــل !
......................
وقفت في المطبخ تدندن بسعادةٍ لا توصف وهي تتنقل في أنحاءه بخفة الفهد تطهي طعاما له مخصوص ، بينما الإبتسامة ترتسم علي شفتيها دون وعيٍ منها كلما تذكرته وهو يحملها ويهبط بها الدرج قائلًا بهمسٍ أذابها : يلا علي بيتنا يا رورو ..
ضحكت بخجل وأكملت ما تفعله بحب لتتفاجئ بنجاة تهتف بمراوغة : سيدي يا سيدي محدش قدك يا رورو .. ربنا يسعدك ويهديلكم الحال يا حبيبتي
إبتسمت أروي : يارب يا عمتو أنا فرحانة أوي أوي ومش مصدقة نفسي خالص ، وحاسة إني بحلم !
ربتت نجاة علي كتفها ثم قالت بهدوء : لا دي حقيقة والحمدلله أمير رجع لطبيعته دورك بقي إنك تحافظي علي علاقتكم دي وتكوني إتعلمتي من الخطأ وتبقي شاطرة لو متكررش تاني
حركت أروي رأسها بعلامة النفي قائلة بصدق : أنا لو هموت مش هكذب تاني !.. ثم أكملت ببراءة : ياه أنا حرمت .. حرمت
ضحكت نجاة ثم تركتها لتستكمل طهو الطعام بمساعدة السيدة "سحر " ..
حتي إنتهت أخيرًا وأخذته معها وصعدت إلي غرفتهما ، لتدلف وتراه مازال بملابسه ممدًا بها فوق الفراش ، فعبست قليلًا وسألته بهدوء : ليه مش غيرت ..
أجابها بإرهاق وهو يعتدل جالسًا : مش قادر يا أروي حاسس إني مُرهق جدا
وضعت أمامه صينية الطعام التي تجمع بين الأكلات المُفضلة له .. معكرونة بإضافة اللحم المفروم والبشاميل .. وفراخ صنعتها خصيصا له وقطع لحم أيضا كما يُحب ..
ثم راحت تربت علي ظهره برفقٍ وهي تقول هامسة : حبيبي ، لازم تاكل كويس وتنام كويس والإرهاق هيروح أنا عملتلك الأكل الي بتحبه كله
إبتسم لها وجذبها من يدها ليجلسها إلي جواره ، ثم همس : يبقي تاكلي معايا يا رورو
أومأت برأسها بسعادة وهي تقول مُبتسمة : حاضر .. ثم أخذت تطعمه بيدها بينما هو يلتقط منها الطعام بنهمٍ وهو يقول بحزمٍ هادئ : كده برضو تسبيني من غير مكرونة بشاميل المدة دي كلها !
ضحكت برقة وهي تتابع بمرح وتطعمه مرة ثانية : بس عمتو كانت بتعملها بدالي وكمان أنت مكنتش عاوز تاكل من إيدي .. !
توقف عن الطعام لحظةٍ وهو يتابع بمزاح : بصراحة المكرونة بتاعة عمتي ملهاش طعم حاجة كده أستغفر الله
كتمت أروي ضحكاتها وهي تقول بجدية : عيب يا أمير لو سمعتك تزعل منك !
ضحك هو وتابع : كنت باكلها غصب عني عشان مزعلاهاش كتر خيرها عمتي قامت معانا بالواجب وزيادة
أومأت أروي برأسهـا وتابعت بتأكيد : اه ربنا يباركلها طيبة أوي وعاملتني كأني بنتها بالظبط
قال أمير بجدية مصطنعة : طيب يلا كُلي بقي ولا هنقضيها رغي !
عبست أروي بوجهها قبل أن تردف بتوسل : لأ بالله عليك مش تقلب عليا تاني !
ضحك وهو يطعمها بيده قائلًا بمرح : حاضر يا رورو
إبتسمت بإتساع وهي تبتلع الطعام : وحشتني كلمة رورو منك يا أميري
بادلها إبتسامتها بإبتسامة حانية قبل أن يردف بمرح : هغرقك دلع من هنا ورايح ..
تشاركا الضحكات إلي أن إنتها من تناول الطعام ولملمت أروي الأطباق لتهبط بهم إلي المطبخ ، بينما نهض أمير ليبدل ثيابه ويغتسل وما إن إنتهي توجه إلي الفراش متسطحا عليه بإرهاق ، فدلفت أروي مرة أخري قائلة وهي تغلق النور : نام يا حبيبي وانا هنزل أقعد مع عمتو نجاة ..
أشار لها بيده وهو يُضيق عينيه قليلًا ، فذهبت له ليجذبها من يدها قائلًا بجدية : نامي جنبي
إعترضت أروي قائلة : بس أنا مش كابس عليا النوم يا حبيبي نام إنت وإرتاح عشان مش أزعجك !
قال بنفي ولهجة آمرة : أنا عاوزك جنبي يلا إطلعي بقي متتعبيش قلبي عاوز أنام ..
صعدت إلي جواره لتتفاجئ به يجذبها برفق حيث أراح رأسها علي صدره وذراعيه عانقتاها ليطبع قبلة أخيرة فوق خصلات شعرها ويغلق عينيه بإستمتاع وثوانِ معدودة وكان في سُبات عميق .. !
.............
قص سليم علي والدته ما حدث أثناء تناولهم لوجبة الغداء ، بينما تأثرت نبيلة جدا وأردفت بحزن : يا حبيبتي ده أنتي إتعذبتي أوي الله ينتقم منها دي لازم تتسجن العمر كله يا سليم أوعي تخرجها من السجن !
سليم بتأكيد : هنقضي بقية حياتها في السجن طبعا !!
نظرت نبيلة إلي سهيلة وتابعت بحنان : ساعة لما شوفتك لو كنتي حكتيلي كان زماني خدتك معايا من وقتها بس إنتي مشيتي وسبتيني !
إبتسمت سهيلة وتابعت بخفوت : كنت خايفة أحكي لحد معاناتي لادبس في مصيبة جديدة
أومأت نبيلة بتأكيد : صح معاكي حق تخافي ولسه أروي لما تعرف ، ياخبر أنا مش مصدقة نفسي ، قوليلي هي أروي شبهك كده ؟
حركت سهيلة رأسها بالنفي قائلة بإبتسامة : مش أوي هي مختلفة في الشكل ، هي سمرة وعيونها خضرة !
نبيلة بإندهاش : يعني زي مصطفي ، أبوكي كده بالظبط !
شردت سهيلة في هذه الكلمة "أبوكي " ما أجملها كلمة لم تعرف لها معني نهائيًا ورغم صدمتها هي مشتاقة .. مشتاقة وبشدة لذاك الرجل الذي يُسمي بـ آباها !!
.....................
في فيلا زياد ..
عاد من عمله ليدلف ويجد المكان ساكن هادئ ، إستغرب قليلًا فيوميا تركض إليه زوجته دارين تحتضنه وتمزح معه ، فهتف مناديا عليهـا بتلهف ، إلا أنه سمع صوت شهقاتها يأتي من قرب فإلتفت لمصدر الصوت ليجدها تبكي بإختناق وهي تجلس علي إحدي الآرائك في الردهة ، تعجب بشدة لحالتها وركض نحوها بقلق ليجثو علي ركبتيه أمام الأريكة قائلة بلهفة : دارين حبيبتي مالك ، بتبكي ليه ؟
لم يأتيه رد منها فعاد يسألها مجددًا بقلق بالغ : يا دارين في إيه ردي عليا .. ؟؟
رفعت وجهها لتنظر إليه وهي تقول من بين بكاؤها : كـ كنت . . فـ فاكرة إنـ إني حامل بس .. بس مطلعش في حمل .. أنهت جملتها وإنفجرت باكية مجددًا ليصر زياد علي أسنانه بغيظ لقد ارعبته وإنقلع قلبه عليها بسبب تافه مثل هذا من وجهة نظره !!
زفر أنفاسه وجذبها إلي أحضانه بعنف وهو يقول بحزم ؛: بتستهبلي يا دارين ، موتيني من القلق وفي الآخر تقوليلي مطلعتش حامل !
لكمته دارين في صدره بقبضتها الصغيرة وهي تقول بعتاب من بين بكاؤها : وده مش سبب كافي يخليني أبكي ولا أنت مش عاوز تبقي أب ؟!!
مسح علي شعرها بهدوء ثم رفع وجهها إليه ليطبع قبلة هادئة علي جبينها ، ثم قال هامسًا : يا حبيبي عاوز طبعا بس انا مستغرب بتبكي ليه إحنا مكملناش تلات شهور يعني لو محملتيش الشهر ده هتحملي الشهر الجاي أو الي بعده.. هو أنا يعني مسافر لا سمح الله ولا حاجة !!
أنهي جملته ليضحك عاليًا بينما هي إنهالت عليه باللكمات المتتالية في صدره وهي تهتف بغيظ : يارخم .. يا قليل الأدب .. مخصماك !!
ظل يضحك وهو يضمها إليه بشدة حتي سكنت بين ذراعيه وتكلم هو بجدية بعد أن هدأ من نوبة الضحك : متخافيش يا دودو ربنا كريم وهيرزقك يا حبيبي بلاش الدراما دي مش لايقة عليكي يا مجنونة !
حركت دارين رأسها نافية وقالت بمشاكسة : إشمعنا أروي ما هي حامل أهون إشمعني أنا ؟
- أهون ده الي هو إزاي معلش ؟
ضحكت دارين أخيرًا وقالت : هو كده يا رخم يا زيزو ! ... ثم تابعت بجدية تامة وهي تُشير له بسبابتها : تعلالي هنا ، صليت العصر ولا لسة ؟!
حملق زياد بها ثم قال بخفوت : لسه بصراحة يا دودو ، هقوم أهو أصلي
أمسكت طرف آذنه وقالت بحزم : بص بقا لو أخرت الصلاة تاني هخاصمك إسبوع ، هتقولي ما هو يادارين عندي شغل هقولك الشغل مش أهم من الصلاة ماشي ؟ .. عشان ربنا قال فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون{الماعون:4ـ5}... يعني خليك كده ساهي عن الصلاة وغير مبالي بيها يا ويلك يا زياد من ربنا يا ويلك
إتسعت عينا زياد وقال بمرح : دخلتيني النار وإرتاحتي يا دارين ؟
دارين بجدية : متهزرش يا زياد أنا بكلمك جد دلوقتي !
إبتسم لها وراح يُقبل جبينها بهدوء ثم قال متنهدا : حاضر يا دودو اوعدك أخر مرة .. ربنا يسامحني هصلي في وقت الصلاة علي طول إن شاء الله ...
إبتسمت دارين وهي تقول بسعادة : أيوة كده برافو عليك يا حبيبي
عانقها زياد بقوة قائلًا بحب : متجوز جوهرة يا ناس !!! يخربيت جمالك ...
....................
في المساء ..
في محافظة القاهرة تحديدًا بفيلا مصطفي كارم وأخيه الأكبر محمد كارم ..
دلف بسيارته بعد أن فُتحت البوابة الحديدية ليصفها ويترجل منها بوقار فكان طويل القامة ذو هيبة محتفظا بروحا شبابية رغم سنه الذي قارب علي الستون !! وشعره الاشيب يعطيه وقارا خاص ..
دلف بعد أن أخذ العامل منه حقيبته ليجلس علي أحد المقاعد بإرهاق ، بينما أقبل عليه أخيه محمد قائلًا بإبتسامة : حمدلله علي السلامة يا مصطفي
بادله مصطفي الإبتسامة مرددا : الله يسلمك يا محمد ، سليم ونبيلة مش ناويين يرجعوا ولا إيه ؟
أجابه محمد بهدوء : لما سليم ياخد أجازة هيرجعوا علي طول
أومأ مصطفي برأسه قائلًا بتنهيدة : علي خير .. البيت من غيرهم ملوش طعم بصراحة ، سليم ده إبني الي مخلفتوش هو الي هون عليا إختفاء بناتي !
رد محمد بإبتسامة : ربنا يباركلك ويعوضك خير يا مصطفي
تفاجئ مصطفي بهاتفه يصدر رنين ليجيب عليه قائلًا وهو يضحك بتعجب : جبنا في سيرة القط جه ينط !! لسه بنجيب في سيرتك يا سليم باشا !
رد سليم ضاحكا : ياتري بالخير ولا بتقطعوا في فروتي يا عمي ؟
أجابه مصطفي بجدية : بالخير طبعا يا حضرت الرائد عيب عليك !
تنهد سليم ثم قال بثبات : عمي أنا عاوزك تيجي إسكندرية بكرة بأي طريقة عاوزك في موضوع مهم ومستعجل جدا !
مصطفي بقلق : ليه يابني في إيه ؟؟
سليم بنفي : مينفعش أقولك في التلفون أرجوك يا عمي تيجي بكرة مسألة مهمة ولازم تيجي ماشي ؟؟
تزايد القلق في قلب مصطفي الذي قال : أنت قلقتني جدا طب فهمني حد إتعرضلك ولا إتخانقت ولا فيك ايه ، طب أمك كويسة يا بني !!؟
سليم بإطمئنان : كله تمام يا عمي والله أنا عاوزك في موضوع تاني هستناك بكرة إتفقنا يا دوك ؟
تنهد مصطفي وقال بنفاذ صبر : آمرك يا سليم بيه أما نشوف أخرتها معاك إيه !
قال سليم ضاحكا : تمام ، يلا تصبح على خير وسلملي علي بابا .. أنهي جملته ليغلق الخط ويتعجب مصطفي بشدة فماذا يريد يا تري ؟!!!!!
...............
صباح يوم جديد يحمل في طياته مفاجآت كثيرة ..
بالفعل ذهب مصطفي من الصباح الباكر إلي الأسكندرية بصحبة شقيقه محمد ، حتي وصلا ليستقبلهما سليم مرحبا بهما بإبتسامة واسعة ، فأردف مصطفي بتساؤل جادي : إنطق في إيه يا سليم ؟!
قال سليم بتفهم : إدخل يا عمي طيب ، إدخل يا بابا !
بالفعل دلفا الأخان ولم يكف مصطفي عن الكلام وهو يتساءل ما الذي يحدث ، ليتوجهوا جميعا إلي الردهة ويجلسوا ويقول سليم بجدية : في حد مهم جدا لازم تشوفه يا عمي بس إمسك أعصابك !
صمت مصطفي بإستغراب ليهتف سليم بمرح : سهيلة تعالي !
تعجب مصطفي بشدة إنها علي إسم صغيرته التي إختفت منذ عشرون عاما فمن تلك التي تسمي سهيلة !!
خرجت سهيلة بخطوات متمهلة وجسدها يرتجف بشدة ، بينما قال سليم بهدوء : قربي يا سهيلة
إقتربت سهيلة وهي تبتلع ريقها وأخيرًا رفعت رأسها لتتشابك عينيها مع عيني مصطفي الذي إنتفض قلبه وكأنه تحرك من مكانه ، ليهب واقفًا بصدمة جلية وعقله يحدثه بذهول : أهذه زوجتي الراحلة ولا من ياتري !! إنها صورة منها ما الذي يحدث ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إزدرد ريقه بصعوبة بالغة وهو يُطالعا بذهولٍ تام بينما تساقطت العبرات من عينا سهيلة بدون وعيٍ منها !!
نهض سليم قائلًا بتوضيح : دي سهيلة بنتك يا عمي ! سهيلة الي اختفت من عشرين سنة هي وأختي !!
إزدادت عينيه إتساعا وقد فغر فاه بصدمة جلية ، من ... من .. إبنتي !! !!!!!
كذلك إنصدم محمد الذي نظر إلي سهيلة بذهول بعينان متسعتانِ !!
ليستكمل سليم بهدوء : صدفة غريبة بس دي حقيقة ودي بنتك يا عمي .. بناتك لسه عايشين وعلي قيد الحياه يا عمي لسه فيهم نفس وعايشين !
إشتبكت عينيه بعينيها مرة ثانية يا إلهي إنها عينان إبنتي الصغيرة سهيلة ، إنها صورة تبك الأصل من زوجتي !!
إندفع نحوها بحركة واحدة رافعا كفوفه ليحتضن وجهها بينهما وقد ترقرقت العبرات في عينيه وهو يتفوه بعدم تصديق : بنتي .. بنتي !! سـ سهيلة ، لا .. أنتي عايشة
شعرت سهيلة بإحساس غريب جدا عندما لمست يديه وجهها لم تفسره لكنه إحساس رائع مطمئنا جدا !! .. إرتجفت وبشدة أثر لمسته وإزدادت بكاءًا فوق بكاؤها .. أبي .. هل أنت أبي ؟!
عانقها بقوة آلام سنوات تعذب بل ورأي العذاب ألوانًا لقد تمزق قلبه وجعا أثر غيابهما عنه ، شعرت سهيلة أنها تعتصر بين ذراعيه وهو يهتف بإشتياق : بنتي .. حبيبتي .. لا أنتي عايشة علي وش الدنيا !!
إختلطت الدموع لقد تأثر الجميع بذلك الموقف الحزين .. لحظة لم يتخيلها ولا خطرت علي بال أحدهم !!
إستمر العناق لحظات طويلة إلي أن إبتعدت عنها مقبلا كُل إنش في وجهها ليعود ضاما إياها إلي صدره مرة ثانية وهو يردد : بنتي .. ألف حمد... ألف حمد وشكر ليك يارب ألف حمد وشكر ليك يارب
عاد يبعدها عنه سنتي وهو يقول بحنان : أنا أبوكي .. أبوكي يا سهيلة !!
- بـ بابا قالتها بنحيب لترتمي في أحضانه باكية بمرارة ، ليربت علي ظهرها وهو يضمها أكثر : قلب أبوكي يابنتي قلب أبوكي يالله مش مصدق !! إزاي لقيتها يا سليم ؟!
مسح سليم دمعة حارة أفلتت من عينه ليجيبه بثبات : موضوع يطول شرحه ركز أنت مع بنتك وبعدين نتكلم !
سأل مصطفي بقلق : فين أختك .. أروي فين .. مش معاكي ايه ؟!
أجابه سليم بإبتسامة : هي لسه متعرفش أي حاجه بس هي كويسة ومتجوزة وعايشة هنا في إسكندرية !
مصطفي بذهول : متجوزة !! .. طب أنا عاوزها .. عاوزها يا سليم أرجوك هاتهالي !
أزمأ سليم : حاضر يا عمي بس إنت إستريح وإقعد مع سهيلة شوية ..
جذبها مصطفي معه إلي أن جلسا علي الأريكة وهو
يمسح علي شعرها ويقبل رأسها بحنان بالغ ، حتي
أنه قبل يدها بلهفة ثم قال وهو يتأملها : ياخبر شبه أمك أوي أنا إتخضيت قولت مراتي رجعت تاني للحياة ولا إيه !!
ضحك الجميع بمرح ليعود يسألها بجدية : ياتري
كنتوا فين يابنتي السنين دي كلها إحكيلي يا حبيبتي عاوز أسمع صوتك ...
الفصل الرابع والأربعون
(صدمة أروي )
قصت سهيلة علي والدها جميع مُعانتها منذ صغرها حتي الآن ، حٙزن وبشدة لما تعرضت له إبنته من عذاب طوال سنوات ..
أقسم أن ينتقم من تلك التي تجرأت علي فتياته وأخذتهما منه عنوه لعالم سفيه مثلما فعلت ..
ربت الأب علي ظهر إبنته برفق وقال بصوتٍ حنون : هعوضك يا بنتي هعوضك علي كل الي حصلك وإنتي بعيدة عني ..
عاد يضمها إلي صدره مرة أخري وهو يتنهد بأريحة ، لتنعم سهيلة بحنانه المتدفق ذاك الذي حُرمت منه طوال عمرها !
قال سليم بصوتٍ أجش : إحنا بقي نعمل مفاجأة لـ أروي ونروحلها بربطة المعلم !
ردت سهيلة بإبتسامة خفيفة : مش عارفه هتتقبل الموضوع إزاي ، إذا كان أنا نفسي لحد الآن مش مُتخيلة !
طبع مصطفي قبلة حانية علي شعرها وهو يقول بحنان : ربنا فعلا كريم أوي دي أحلي صدمة إتصدمتها في حياتي !
ضحك محمد وهو يقول هادئا : ربنا حب يعوضك يا مصطفي الحمدلله
إبتسم مصطفي وتابع : الحمدلله ، ثم أكمل : ده بقي عمك يا سهيلة صاحب مجموعة شركات كارم وأبو حضرت الرائد ده !
إبتسمت سهيلة له ثم نظرت إلي عمها ليبادلها بنظرة حانية وهو يقول : نورتي عيلتك يا بنتي
تابع مصطفي بجدية : عاوزك تنسي الي فات وتتمتعي في عز أبوكي وتمشي رافعة راسك أنا ضهرك وسندك وأمانك يا قلب أبوكي أنتي
أومأت سهيلة برأسها وعلي وجهها إبتسامة عريضة تردد في ذهنها جملته "أنا ضهرك وسندك وأمانك" يا لها من لحظة جميلة حين تشعر بالامان بعد عناء وقهر .. حين كنت تظن أنك
لن تصلح للحياة ، حين تحكم علي ذاتك بالموت وأنت علي قيد الحياة ولكن يأتي الله بما لا يتوقعه أحد ليجعلك تؤمن أنك مخطئ تماما حين تُحدد مصيرك الذي هو بيده
فقط ، حين يزرع الله الأمل بداخلك حين يفتح لك جميع الأبواب إعلم فقط إنك لجأت لمن يقول للشئ كُن فيكون !!
.........................
مضت الليل بأكمله تنظر إلي وجهه وهو نائم في سباتٍ عميق ، لم تغفو إلا القليل لتعود تتطلع إليه من جديد ، إنه أميرها والحب الأول والأخير كما تحدثت مع ذاتها في ليلتها
الحالمة تلك ، شعرت بالراحة نفسيا وجسديا فيكفيها لمسته وحنانه الذي إشتاقت إليه وبشدة ...
فتح أمير عينيه بتثاقل وتململ في فراشه بتكاسل ليجدها غافيــه ساكنه بين ذراعيه ، إبتسم لها وراح يمرر أصابعه علي
ملامحها الهادئة متذكرا رسالتها التي تركت أثرا كبيرا في قلبه واشعرته بحجم معاناتها طوال عمرها ورغم خداعها عاتب نفسه علي قسوته معها في الأيام الماضية ولكنه أقسم أن يعوضها كل هذه المعاناه ، وكُل لحظة عذاب !!
أبعدها قليلًا عنه حتي يتمكن من النهوض ، بالفعل نهض بحذر ودلف إلي المرحاض وخرج بعد قليل بعد أن إغتسل ليرتدي ملابسه الأنيقه ويمشط شعره بعناية ..
ذهب إليها ليميل قليلًا ويطبع قبلة طويلة علي جبهتها ثم إنتصب واقفا وخرج من الغرفة ليتركها تنعم بالراحة ..
هبط الدرج بخفة ليجد طاولة الفطار تحضرت وعمته تهتف بإبتسامة : صباح الخير يا حبيبي
بادلها الإبتسامة قائلًا في هدوء : صباح النور يا عمتي ..
سألته بجدية : أومال فين أروي مش هتفطر ولا إيه ؟ ..
قال وهو يجلس : أروي لسه نايمة ، محبتش أقلقها سبتها ترتاح !
أومأت برأسها موافقة : أحسن برضو خليها ترتاح..دي إتعذبت المسكينة .. ربنا يهديك يا أمير
رفع أمير حاجبه بدهشة وتابع مازحا : ليه يا عمتي عملت إيه أنا دلوقتى .. ؟
ضحكت نجاة وأردفت وهي تتناول طعامها : قول معملتش إيه ، ده أنا كنت بخاف منك يابني والله
أمير بإستغراب : ياه ، لدرجة ؟
أومأت رأسها مؤكدة : وأكتر .. يااه الحمدلله إنك رجعت لعقلك وربنا صلح ما بينكم !
شرع أمير في تناول طعامه وهو يضحك بخفوت ، حتي تفاجئ بجرس المنزل يصدر صوتا معلنا عن وصول أحد .. لتتجه سحر وتفتح الباب فأسرع "سعيد" يهتف : ضيوف للست أروي
أومأت سحر رأسها وإبتسمت وهي تنظر إلي سهيلة التي تقف بصحبة والدها وأخيه وإبنه وزوجته ..
قالت سحر : إتفضلوا
بينما نهض أمير وإتبعته نجاة بفضول حتي وصلا إليهم ، رمقهم أمير بتعجب ليحول نظره إلي سهيلة ، شعر بالخجلان منها فلقد طردها ذات مرة من بيته ..
أردفت سهيلة مبتسمة بهدوء كأنها تريد غلق كل ما هو مؤلم وموجع
- إزيك يا أمير ؟
رد عليها بنبرة جادة : بخير الحمدلله وسرعان ما حول نظره لهؤلاء الرجال ذو الهيبة الذين يقفون خلفها بوقار !
تقدم سليم للإمام خطوة وهو يصافحه برسمية : أنا الرائد سليم كارم إبن عم سهيلة وأروي مراتك !
تجمدت ملامحه لثوانِ وكاد أن ينطق ليقاطعه سليم بجدية : وده الدكتور مصطفي كارم والد سهيلة وأروي ... ليستكمل بتوضيح : وده أستاذ محمد كارم عم سهيلة وأروي !
لم يستوعب أمير ما قاله ، عم من ووالد من ؟؟
في حين صافحه مصطفي بإبتسامة وهو يقول بوقار : تشرفنا بمعرفتك يا أستاذ أمير ، سهيلة حكت لنا إنك إتجوزت أروي وحافظت عليها أنا بشكرك جدا إنك حافظت علي بنتي
هز أمير رأسه بذهول تام وهو يقول بصدمة جلية : بنتك مين ؟
وكذلك صدمت نجاة التي أردفت بإستغراب : حضرتك إحنا نعرف إن أروي ملهاش أهل غير أختها و.. وأمها !
قالت سهيلة بتوضيح : كل حاجة إتغيرت وده بابا ، سهير مش أمنا .. سهير خطفتنا وإحنا صغيرين وشغلتنا معاها ..
أردفت نجاة بفضول : طب إتفضلوا مش هينفع نقف علي الباب وبعدين نفهم
دلفوا بالفعل جميعا وجلسوا في الردهة ، ليتحدث مصطفي وعيناه تزوغ في أرجاء المكان بلهفة : هي فين أروي فين !؟
أجابه أمير بإيجاز : لسه نايمة .. ثم أكمل بذهول : في الحقيقة أنا مش فاهم أي حاجه نهائيا !
رد عليه سليم مبتسما : أنا هفهمك !
..............
تبكي بإنهيار بعد أن دفعت الهاتف في الجدار بكل ما لديها من قوة لترتمي صارخة بإغتياظ بعد أن أنهت مكالمتها مع ذلك الشاب الذي أوهمها بحبه وعشقه لها ولكن حين أصبحت جادة تركها كمن يركل حشرة بقدمه !! فما أسوء من إحساس الرخص ذاك !!! ..
ركضت دارين نحوها جالسة جوارها بصدمة وهي تربت علي كتفها : إهدي يا ماهيتاب ، إهدي يا حبيبتي !
صرخت ماهيتاب بألم : ليه .. ليه يضحك عليا .. الحيوان .. الحيوان !!
قالت دارين معاتبة بحذر : ياما نصحتك يا ماهيتاب شوفي وصلتي نفسك لأيه !
إزدادت بكاءا وهي تدفن وجهها بين راحتي كفيها ، لتمسح دارين علي ظهرها برفق ثم قالت بخفوت : الحمدلله إننا علي البر وعرفتي نواياه الخبيثة يا ماهيتاب ، إحمدي ربنا إنه خلصك منه مش تبكي عشان واحد زي ده !! ده حيوان زي ما قولتي بالظبط !
نظرت لها ماهيتاب وكادت أن تتكلم ، لتقاطعها دارين بحسم : أوعي تقوليلي بحبه يا ماهي ، ده مش راجل أصلا عشان يتحب ، أنتي موهومه يا حبيبتي ، موهومة والله سيبك منه وركزي في مذاكرتك دلوقتي
أومأت ماهيتاب رأسها وإرتمت في أحضان دارين لتبكي بضعف وهي تهتف : أنا أسفة يا دارين سامحيني جيت عليكي كتير أرجوكي متقوليش لزياد إني كلمته وأنا لما يجي هعتذرله عن كل الي عملته ..
إبتسمت دارين وقالت بتفهم : إحنا إخوات يا ماهي وأنا عمري ما أزعل منك وإن كان لازم تتأسفي فأنتي لازم تعتذري لربنا الي غضبتيه وعصتيه وعملتي الحرام ونسيتي أنه شايفك مطلع عليكي !
صدمت ماهيتاب قليلًا وهي تحملق بها لتستكمل دارين بإيجاز : قومي يا ماهي إتوضي وصلي ركعتين لله وإطلبي منه يسامحك ... صلي هترتاحي وبعدين تعالي نتكلم ونشوف هنعمل ايه .. اوك ؟
أومأت ماهيتاب برأسهـا ونهضت بتثاقل لتدلف إلي المرحاض ، بينما توجهت دارين لتنحني قليلًا بجسدها وتلتقط هاتفها الذي تحطم أثر دفعة ماهيتاب ، فقالت بحسرة : يا حبيبي يا موبايلي !!ده زياد هيعلقني ..
...............
تململت أروي في الفراش وهي تحاول فتح عينيها الناعستين فلم تجد أميرها بجانبها كما ظنت ، فنهضت جالسة وهي تفرك عينيها : يا تري راح فين ؟ معقولة راح الشغل من غير ما أحس بيه ؟!
تنهدت بعمق ، ونهضت وهي تضع يدها علي بطنها برفق وتبتسم بحنان ثم حدثت جنينها بمرح : إطمن أنا إتصالحت خلاص مع بابا ! الحمدلله .. ثم ضحكت بخفوت ودلفت إلي المرحاض لتغتسل وتتوضأ ، ومن ثم إرتدت إسدال صلاتها لتؤدي صلاة الضحي كما إعتادت في أيامها الأخيرة ..
وفي الأسفل ..
صُدم أمير حين قص عليه سليم الحكاية بتفاصيلها ، نظر إلي مصطفي ليعقد حاجباه بدهشة .. إنها فعلا عينان زوجتي ولون بشرتها السمرة أنه بالفعل يُشبه أروي إلي حد كبير ، تعجب بشدة للذي يحدث ولكنه إقتنع جدا من حديث سليم ..
أردف مصطفي بصوتٍ رجولي : أنا عارف إنها صدمة بس الحمدلله إن بناتي رجعولي تاني !
أومأ أمير برأسه متفهما وهو يقول هادئا : الحمدلله ..
تفاجئ الجميع بها تهبط السلالم وهي ترتدي إسدال صلاتها وما أن رأتها سهيلة هبت واقفة بإشتياق ، لتندفع أروي نحوها وهي تهتف بفرحة : سهيلة !
تعانقتا الأختان بإشتياق ، لتهتف أروي بسعادة : سهيلة حبيبتي وحشتيني أوي إنتي كنتي فين كده برضو تسبيني قلقانة عليكي !
لتتفاجئ بيد حانية تملس علي رأسها ، فإلتفتت تنظر له بذعر ، ليقترب مصطفي أكثر قائلًا بتلهف وهو يتأمل ملامحها : أروي .. بنتي !
عقدت أروي حاجباها بإستغراب تام وتراجعت للخلف مبتعده عنه وهي تهتف بجدية : إنت مين !
إتجه أمير نحوها ليحاوط كتفيها بذراعه وهو يقول بتفهم لحالتها : ده والدك يا أروي إهدي وهتفهمي كل حاجة
رفعت رأسها تنظر إليه قائلة بصدمه : والد مين يا أمير ، إنت بتهزر ولا إيه ؟!
لم يتحمل مصطفي فإقترب منها سريعا يحاول أن يحتضنها إلا أنها إبتعدت صارخة وإلتفتت لتختبئ خلف أمير متشبثة به بقوة ولقد دفنت وجهها في ظهره ويديها تحاوط خصره بقوة ..
جذبها أمير برفق مرة ثانية لتقف أمامه وهو يقول باطمئنان : متخافيش يا حبيبتي محدش هيعملك حاجة ، ٱهدي يا أروي ..
ولقد صُدم مصطفي من ردة فعلها أيضا لكنه متفهما صدمتها أيضا !!
أسرعت سهيلة تقول : أروي حبيبتي أنا فهمت كل حاجة .. سهير مش أمنا ، سهير كانت خطفانا وإحنا صغيرين ودول أهلنا الحقيقيين يا أروي !
حركت أروي رأسها بعنف رافضة لما تقوله ثم هتفت بخوف : لأ ... لأ يا سهيلة متصدقهمش ده ملعوب من سهير عشان يخدونا يرجعونا تاني ليها أوعي تصدقيهم دول كذابين ..
ثم رفعت وجهها إلي أمير وهي تقول بتوسل والرعب أصبح باديا علي ملامح وجهها : أمير .. دول كذابين عاوزين ياخدوني منك .. إحميني منهم مش عاوزة أرجع لسهير تاني .. !
أنهت كلامها ودفنت وجهها بين ضلوعه باكية بضعف ، فربت هو علي ظهرها وهو يحتضنها بقوة ويقول برفق : يا أروي لأ مش كده أنتي فاهمة غلط يا حبيبتي سهير إتسجنت خلاص !
ظلت تبكي وهي تحرك رأسها برفض تام لما يتفوه به ، فصُدم الجميع وبالأخص مصطفي ليضرب كفا علي كف وهو يقول بحدة : معقوله الست دي دمرت بناتي بالشكل ده وخلتهم خايفين بالطريقة المحزنة دي ، حسبي الله ونعم الوكيل ، أقسم بالله لنفيها من علي وش الدنيا .. صمت قليلًا ليتابع بصوت هادئ نوعا ما : يابنتي أنا أبوكي والله العظيم أبوكي ، أرجوكي صدقيني !
حاول أمير معها مرارا وتكرارا إلا أنها رفضت حتي أن ترفع وجهها عن صدره ، فقط صاحت بذعرا واضحا في صوتها : خـ خليهم يمشوا من هنا أرجوك مش عاوزة أرجع لسهير تاني ، متسبنيش وإحميني منهم !
وبالأخير قال سليم بتفهم : معلش إعذروها يا جماعة مش لازم نفرض عليها تتقبل دلوقتي ، أنا بفضل نسيبها دلوقتي لحد ما تهدي وأهو البركة في أمير هيفهمها بطريقته صح يا أمير ؟؟
أومأ أمير برأسه مؤكدا : طبعا أكيد ، أنا بعتذرلكم جدا بس هي رافضه تسمع أي حاجه لكن وعد بكرة هتكون كويسة وهتتقبل الموضوع
قال مصطفي بمرارة : يعني وعد منك يابني بكرة تكون كويسة وتكون فهمتها إني أبوها ؟!
إبتسم أمير وقال : وعد
أومأ مصطفي رأسه في حزن وقال بألم : يلا يا جماعة ، بينما إقتربت سهيلة لتمسد علي ظهرها وهي تقول بهدوء : بكرة هنجيلك تاني يا أروي إهدي يا حبيبتي وأمير هيفهمك كل حاجة !
رفعت وجهها قليلا لتقول برجاء : بلاش تروحي معاهم يا سهيلة بلاش .. دي مكيدة عشان نرجع تاني ! إحنا ملناش أهل يا سهيلة ملناش أهل ..
ترددت جملتها الأخيرة علي مسامع مصطفى ليحزن وبشدة فإنه شعر بكم الآلام التي حدثت لهما من خلال نظرة عينا إبنته وصوتها المتألم ..
قالت سهيلة بهدوء : أنا همشي معاهم عشان أأكدلك إن هما أهلي وبكرة إن شاء الله هجيلك ، سلام يا حبيبتي ..
توجهت سهيلة معهم إلي الخارج ، ليتوقف مصطفي عند الباب ويرمقها بنظرات شغوفه حانيه قبل أن يخرج متنهدا بحزن ، فتوقع أن يأخذها في أحضانه ويعانقها كما يشاء إلا أنها أبت ذلك العناق وكل ما يحزنه هو الخوف الذي لمسه من خلال نبرة صوتها ..
أردف بعد أن إستقل السيارة موجها حديثه لـ سليم : أنا عاوز أشوف الست دي يا سليم لازم أفهم هي عملت كده ليه !! وحرمتني من بناتي وعذبتهم بالشكل ده .. سامع ياسليم عاوز أقابلها !!
أومأ سليم : حاضر يا عمي بس إهدي ..
زفر مصطفي أنفاسه ، ليلتفت لسهيلة ويبتسم علي الفور وكأن النظرة في عينيها أصبحت مصدر سعادة له ، قال بضحكة خفيفة : الحمدلله إنك مرفضتنيش زي أختك يا سهيلة كان زماني مُت بحسرتي !
أسرعت سهيلة تقول بصدق : بعد الشر عليك يا بابا ، أروي هتتقبلك وهتحبك زي ما أنا حبيتك هي بس إتصدمت لأنها مش بتثق في أي حد غير أمير عشان كل الي إتعاملت معاهم أذوها ! منها لله سهير هي السبب ربنا ينتقم منها ..
بينما كان سليم ينظر لها من حين لآخر في المرآة متابعا حديثها دون تشعر بإعجاب ، فقد كانت تتحدث بعقلانية وثبات ، ورغم تعرضها بعالم السفاء ذاك إلا أنها لم تتطبع بأطباعهم السيئة وتحتفظ برونقها ..
.................
جلس أمير بزوجته أروي علي الأريكة التي لا تزال تتمسك به بشدة تخشي إبتعاده عنها وكأن حياتها أصبحت تتلخص فيه هو وحده !!
تركتهما نجاة وصعدت إلي الأعلي حتي تترك مجال بينهما أكثر حرية ..
أخذ أمير نفسا عميقا قويا وزفره علي مهل ، ثم رفع وجهها إليه برفق وهو يقول بعتاب بعض الشئ : ينفع الي عملتيه ده .. ؟
ظلت صامتة وعينيها تتلألأن بالعبرات ، ليقول بتفهم : عارف إنك مش قادرة تستوعبي حاجة زي كده ، بس إدي نفسك فرصة تسمعي .. وتفهمي مينفعش تصدري دماغك وتقولي لأ وتستخبي كده زي ما عملتي ، أنا كمان إتصدمت بس إستنيت لما فهمت وعرفت ! وإنتي كمان لازم تفهمي
تنهدت بعمق وإنسابت دموعها الحارقة فوق وجنتيها ، مسحها أمير بأنامله وهو يقول بنبرة حانية : بتبكي ليه دلوقتي ؟ خلاص هما مشيوا !
أردفت من بين بكاؤها : أنا معنديش أهل يا أمير ، إزاي يعني ده أبويا وإزاي سهيلة مصدقاهم إزاااي ..
رد عليها بهدوء : إيه المشكلة ؟ مش إنتي كنتي كتبالي في الرسالة إنك عمرك ما حسيتي إن سهير أمك ؟ .. ردي عليا ؟
أومأت برأسها ، ليستكمل هو : طيب يبقي ممكن جدا إنها كانت خطفاكم وإنتوا صغيرين ، ما هو مافيش أم بالبشاعة دي يا أروي ولا إيه رأيك ؟
ظلت صامتة وهي تتذكر عنف سهير معها ، تتذكر إنعدام حيائها وتلك الحياة الفاسدة ، نعم لم أشعر يوما أنها أمي ولم أري منها أي شيئا يدل علي الأمومة .. ولكن كيف .. كيف لي أب ، فأين كان كل هذه السنوات المعذبة ..
ظلت الأفكار تتخبط داخلها حتي شعرت بالتشتت ، لينتشلها أمير من أفكارها وهو يقول بحسم : فكري علي مهلك وبراحتك يا أروي ، ولو هما مش أهلك ليه سهيلة معاهم معقولة هيكونوا بيضحكوا عليها يعني ؟ .. وبعدين مأخديش بالك من قوة الشبه الي بينك وبين أبوكي ؟!
إتسعت عينيها لتقول بخفوت : شبهي !
ضحك أمير وراح يقبل جبينها برفق ثم همس لها : أيوة شبهك جدا يارورو ، لازم تتقبلي الوضع وكمان تحمدي ربنا يا حبيبي إن عندك أهل غير سهير المقرفة دي ! المفروض تفرحي مش تحزني كده
أومأت برأسها وقالت متنهده : بس أنا مش قادرة أصدق معقولة لينا أب وعايش !! وسهير كانت خطفانا الله يخربيتها البعيدة
ضحك علي عفويتها ، ثم قال بتساؤل : أنتوا مسألتوش سهير قبل كده عن أبوكوا يعني أكيد ليكم أب علي كل الأحوال ؟
تنهدت وقالت : سألنا بس كانت بتقولنا أنه مات واحنا صغيرين خالص وهي إشتغلت كده عشان تجيب فلوس !
قطب أمير حاجباه بدهشة وتابع : قوليلي صحيح إزاي دخلتوا مدارس وجامعة كمان ؟؟
إبتلعت ريقها بتوتر وتابعت بخفوت : هي دخلتنا مدرسة بس لحد ما أخدنا دبلوم !
تابع مشدوها : إزاي وأنتي متخرجة من جامعة ومعاكي شهادة كانت في الملف لما جيتي الشركة ؟؟
ظلت صامته تتطلع إليه بخوف ، في حين هز أمير رأسه متابعا : سامي الي زور الشهادة دي صح ؟؟
أومأت رأسها بحذر ، ليصر أمير علي أسنانه وتابع بغيظ : اه يا سامي الكلب ، إبن حرام
أردفت أروي بخفوت : أنا أسفة يا أمير سامحني
إبتسم وهو يُداعب أنفها بأنفه ويقول بمراوغة : مش هسامح إلا لما توعديني تقابلي بكرة أهلك وتتعرفي عليهم وبالأخص أبوكي .. ماشي ؟
أومأت له برأسها ليجذبها ويعانقها بحنان قائلًا : حبيبي
تنهدت بأريحة وهي تتشبث به مجددا وتبتسم
بإتســاع !
.................
ذهب أمير إلي شركته بعد ذلك ، وما إن دلف إلي مكتبه وجد سامي ينتظره بالداخل ، فإبتسم بسخرية وأردف : يا أهلا ..
جلس علي كرسيه وراح يستند بمرفقيه علي سطح المكتب وهو يقول متهكما : ياتري إيه سر الزيارة الي متشرفش دي ؟!
صر سامي علي أسنانه وعيناه تتوهج غضبا ، ليردف بحزم : فين الصور ؟ هو أنا مش نزلت الإعتذار وخلصنا ؟!
تراجع أمير بالمقعد للخلف وقال ببرود : ايه ده ، هما موصلوش ليك ، مع إني بعتهم إمبارح !!
إتسعت عينا سامي وتابع بغضب : بعتهم فين ؟
قال أمير بلا مبالاه : علي البيت طبعا معقولة يعني أبعتهم علي الشركة وأفضحك وسط موظفينك ... صمت ليردف مكملا : أنا قولت أفضحك قدام مراتك واهي ستر وغطا عليك برضو ، إن الله حليم ستار يا سامي !!
هب واقفا قائلًا بغضب جلي : ينهارك إسود !
مط أمير شفتيه وتابع حانقا : أنت شكلك مروحتش البيت امبارح ، ياتري كنت بترمرم مع مين ؟
ضرب سامي علي سطح المكتب بعنف وقال بتهديد صريح : أقسم بالله نهايتك علي إيدي !
رفع أمير أحد حاجبيه وتابع ببرود تام : أعتبر ده تهديد علني وفي مكتبي كمان يا سامي ؟؟
أومأ رأسه بعنف ، ليتابع بصرامة مخيفة : إعتبره زفت علي دماغك ..
أنهي جملته وسار حتي وصل إلي الباب ، ليقف ثوانِ ويهتف بشيطنة وهو يُشير له بسبابته : نهايتك علي إيدي ...