الفصل السابع والثلاثون
بقلم فاطمة حمدي
( توبة )
دلف بهـا إلي المنزل بعد أغلق الباب بقدمه لينزلها علي الأرض ...
فساد الصمت بينهما للحظـات وهو ينظـر لهـا بعتـاب وغضب ، إلي آن قالت هي بخفوت : خوفت عليا ؟
إبتسم ساخرًا وتابع بحزم : ما أنا قولتلك أنتي إنتهيتي من حياتي ، أنا خوفت علي الي في بطنك بس !
تنهدت بيأس ثم أردفت بثبات : أنت لازم تسمعني أنا مخنتكش ، أنا حبيتك و...
قاطعهـا بحدة : إخرسي بقي ، كفاية كدب كفاية !
هتفت بإعتراض : لأ مش هخرس ، أنا خوفت أعرفك حقيقتي خوفت تسبني وتمشي وارجع أعيش في البيت بتاع .... بتاع أمي وأتعذب من اول وجديد والله عمر ما حد لمسني أنا عشت حياتي كلها بعاني وبتألم ويوم ما قابلت سامي آآ...
قال مقاطعًا بسخرية : أيووة إتفقتي معاه عشان تسرقي الملف والفلوس من عندي مش كده ؟
صاحت به بلا وعيٍ منها :
لأ لا مش كده هو الي أجبرني ولبسني تهمة وكان هيدخلني السجن أنا إضطريت أجي اشتغل عندك عشان مقضيش بقية حياتي في السجن !! ولما جيت وعرفت انك كويس حتي من قبل ما أحبك اقسمت إني مش هخونك ومرضتش أعمل الي هو عايزو ! .. كان ممكن أوي أروح اديله الملف وأهرب ومكنتش انت هتعرف توصلي !
نظر إلي عمق عيناها وتابع مردفـًا بحزم : ما أنتي قولتي أتمتع بالفلوس لوحدي بقي ، وفي داهية سامي ، طالما لقيتي مغفل يحبك ! .. للأسف مش مصدقك وهتفضلي في نظري كذابة وخاينة ..
أنهي جملته وسار نحو الدرج وما أن صعد درجتان حتي سمع صوتهـا الحزين وهي تهتف بإنهيـار :
ومفكرتش في مرة ليه ضحيت بعمري فداك ؟؟ يوم ما أخدت الرصاصة بدالك برضو كنت بضحك عليك !!! يوم ما قولتلي ايه الي واجعك وانك علي طول شايف الحزن في عنيا ده كله عشان كنت بتألم وأنا بكذب عليك ، أيوة كذبت أنا كذابة بس مش خاينة ولا خدعتك أنا حبيتك حبيتك وخوفت أصارحك تتخلي عني كذبت عشان مكنتش هتتقبلني في حياتك ، إرحمني بقي كفاية
إلتفت لهـا ثم صاح بغضب : وأنتي مالك تكذبي عليا ليه قوليلي وسبيلي حرية الاختيار أقبل مأقبلش أنا حر لكن تكذبي لأ .. لا يا أروي ياما قولتلك بكره الكذب ومبعرفش أسامح كان قدامك ميت فرصة تقوليلي الحقيقة بس انتي سكتي وسكتي لييه ؟؟؟ عشان خاينة عارفة يعني ايه خاينة !
حركت رأسها نافية وتابعت بصوت باكي متألم : لأ لأ أنا مش خاينة مش خاينة ، أنا حبيتك من قلبي والله حبيتك اكتر من أي حد ..
جثت علي ركبتيها باكية بإنهيار وهي تردد بمرارة : والله ما خنتك .. والله
شعر أن قلبه يصرخ من الأعماق ، يُريد جذبها إلي أحضانه وينسي أي شئ ويلقي به وراء ظهره إلا أنه لم يقدر علي العفو !! ..
القلب يلين والعقل يرفض بشدة ، هي كاذبة ولن أغفـر ! ...
صراع .. هو صراع داخله ومعركة لا يريد الإنهزام فيهـا ، لا يريد الضعف أمام عشقه لهـا ، لذا تماسك وصعد مُسرعا إلي غرفته تاركا إياها تبكي بيأس بعد أن أكد لها أنه لن يغفر لها .. !
ما إن دلف غرفته أغلق عيناه بشدة وهو يرتمي علي الفراش بإرهاق لاعنا قلبه الذي حن لها ويريدها بجواره وأبدا لن يتركها تضيع من بين يديه فهي عشقه وملاذه وحبه الوحيد ...
تفاجئ بـ باب الغرفة يُطرق فإذن بالدخول ، لتدخل نجـاة ثم تغلق الباب خلفها وهي تقول بجدية : ممكن أعرف إيه الي أنت عملته ده ؟؟ إزاي تطرد أختها من البيت ، من إمتي وأخلاقك بالمنظر البشع ده عيب يابني عيب أوي بجد عليك !
زفـر أمير بضيق ولم يُجيب عليها ، لتقول هي بهدوء : يابني فكر شوية مع نفسك وكفاية تعب لنفسك وليها ، علي فكرة معادن الناس بتبان ولو هي وحشة أوي كده كان هيبان عليها أو علي الأقل بعد ما عرفت كذبتها كانت هربت وإختفت لكن هي متمسكة بيك لحد ما تسامحها وتعفو عنها ، ده ربنا بيسامح أنت مش هتسامح !!
قال أمير بصوت مرير : بس أنا بشر ، بشر يا عمتي ، يوم ما إتصدم صدمة زي دي تكون من أقرب الناس ليا ، مراتي !! كذبت عليا ليه لما هي مظلومة ليه مقالتليش الحقيقة ليه !
نجاة بهدوء : غلطة عادي احنا بشر بنخطأ ونتوب ولازم نلتمس لبعض الأعذار يابني
صمت أمير وهو يحملق في الفراغ ، لتتابع نجـاة بإبتسامة : أنا عارفة إنك هتسامحها عشان بتحبها وعشان إبنك الي في بطنها كمان ، خد وقتك وفكر علي مهلك بس بلاش قسوة معاها ممكن ؟
تنهد بعمق قبل أن يردف بنبرة جادة : طيب ..
نهضت نجـاة وهي تتنهد بإرتياح ثم قالت بخفوت : ربنا يهديك يارب ..
توجهت إلي الخارج ليتسطح هو علي الفراش ويشرد في من أحبها وخدعته دون قصدٍ منها..
......................
جلس زياد بصحبة زوجته دارين يتسامران بينما ماهيتاب جلست بغرفتها تتصفح الانترنت كعادتها ..
قالت دارين هادئة : زيزو ، ايه رأيك في الموضوع بتاع أمير إبن خالك ده ؟ هل مراته تستاهل الي بيعمله فيها ده ، طنط نجاة قالتلي أنه مبهدلها خالص !
زياد بجدية : معاه حق ، أنا لو مكانه كنت هعمل أكتر من كده !
صُدمت دارين فقالت بتساؤل : يعني لو أنا عملت كده ، كنت هتضربني بالمنظر ده ؟
زياد بتأكيد : ده أنا كنت قتلتك مش ضربتك بس ، إحنا هنا في مصر يا حبيبتي مش امريكا !
دارين بتعجب : الموضوع ملهوش علاقة لا بمصر ولا أمريكا ، ده حكمة واخلاق ، بدل ما يعمل كده كان سمعها وحاول يعرف ليه كذبت ويعرف اسبابها ، طنط نجاة قالتلي إنها مظلومة وعانت في حياتها كتير وبصراحة أنا كمان مصدقه إنها كويسة ، يعني هي مش ذنبها أبدا إنها إتولدت في بيئة بالشكل ده ! .. محدش بيختار أهله يا زياد
رد عليها بهدوء : وكمان مش من حقها تكذب لازم قبل ما تتجوز تصارح الإنسان الي حبها بكل شئ مش تروح تتجوز كده ولا يهمها حاجة !
دارين بإيجاب: تمام معاك حق ، بس متزعلش مني تصرف أمير متعجرف وهمجي ، مش من حقه يضربها ، كان ممكن يطلقها لو مش عاوزها وخلصت الحكاية ، أما بقي لو بيحبها في طرق للعقاب كتيرة بدل الضرب ، يعني يخاصمها مثلا ولو فعلا ميقدرش يستغني عنها يحاول يسامحها ويفهم منها ليه عملت كده !
زياد متنهدا : كل ده ماشي ، لكن الصدمة وحشة ! يعني ايه مراتي الي إختارتها تطلع كذبت عليا عندها اهل وقالت معنديش وفجأة يلاقيها متفقه مع عدو ليه وعايشة في مكان ما يعلم بيه إلا ربنا !! صدمة عمره طبعا وهو كمان مش ملاك يعني بشر من لحم ودم إنهار وفي أشد غضبه إتصرف كده وخصوصا أمير يعني عصبي لأبعد درجة لما بيقلب ممكن فعلا يضيع نفسه والي حواليه ..
مطت دارين شفتيها بإستنكار وتابعت بضيق : بس برضو ده همجي ومتعجرف
رفع زياد حاجباه وتابع : لمي نفسك يا دارين أخرجي أنتي من الموضوع ده !
دارين بتذمر : ما أنا بره الموضوع أصلا بس بقولك وجهة نظري وبعدين متتكلمش معايا تاني أنا بقولك أهو !
زياد بإندهاش : ليه بقي إن شاء الله !
دارين بغضب طفولي : عشان أنت ممكن تعمل زيه وتضربني لو عملتلك حاجة !
ضحك قائلًا وهو يضمها إليه : لأ يا دودو مش هوصل لدرجة طبعا ولا عمري همد إيدي عليكـي يا حبيبي ، وبعدين أنتي حاجة والباقي كله حاجة تانية أنا محظوظ بيكي يا دودو
إبتسمت دارين وقالت : زياد أنا لو كنت إتولدت لقيت أمي زي أم أروي كان زماني زيها بالظبط لأن ببساطة مين هيعلمني ديني والغلط والصح ؟ .. بصراحة يعني هي تُشكر علي محافظتها علي نفسها رغم كل الي شافته وإن فعلا محدش لمسها دي حاجة تحسب ليها وإحنا لازم يكون عندنا رحمـة ومنحاسبش الناس بدل ما نحاسبهم ناخد بإبديهم صح ولا لاء ؟
زياد بمرح : كلام زين برضو ، معاكي حق يا دودو ، أنا هكلم أمير في الموضوع ده بس يارب يسمع وميتغباش عليا أنا كمان !
ضحكت دارين قائلة : لا هيسمع إن شاء الله وأنا كمان هروح أشوف أروي بكرة ممكن يا زيزو ؟
نهض زياد قائلًا بنعاس : ممكن يا قلب زيزو بس دلوقتي تعالي ننام عشان فصلت خلاص ..
نهضت دارين خلفه ليصعدا الدرج معا .. حتي وصلا إلي غرفتهما فقالت دارين بإيجاز : هروح أشقر علي ماهي يا زيزو وجاية إدخل أنت ..
زياد مازحًا : إوعي تنامي في أوضتها لأقتلك !
دارين ضاحكه : متخافش ... ثم توجهت إلي غرفة ماهيتاب لتدلف ..
ما إن دلفت حتي أغلقت ماهيتاب الحاسوب سريعـًا بتوتـر ، فعقدت دارين ما بين حاجباها وقالت بجدية : مالك يا ماهيتاب إتاخدتي كده ليه ومش علي بعضك ؟؟
أجابتهـا ماهيتاب بتلعثم : مـ مفيش حاجه يا دارين ، هو أنتوا لسه صاحيين ؟؟
دارين بهدوء وهي تجلس جوارها : أيوة وكنا هنام دلوقتي بس جيت أطمن عليكي ، هو في ايه ؟
ماهيتاب بإرتباك : مفيش هيكون في إيه يعني ؟
مطت شفتيها وتابعت : مش عارفه ، ممكن تفتحي اللاب وتوريني كنتي بتعملي إيه ؟؟
إبتلعت دارين ريقها بتوتر وهي تقول : ليه يعني هو أنتي هتحققي معايا ، أنتي مالك أصلا يا دارين لو سمحتي بلاش التطفل بتاعك ده !
دارين بحدة : بصي يا ماهيتاب محدش بيكون خايف كده إلا لو عامل حاجة غلط وبصراحة بقي أنتي شكلك مش عاجبني بقالك فترة ، ومن واجبي أعرف أنتي بتعملي ايه متنسيش إننا صحاب قبل ما نكون أخت زوج ومرات أخ ! ياريت تحكيلي أنتي بتعملي ايه ؟
تنهدت ماهيتاب قبل أن تردف بخفوت : بس توعديني متجبيش سيرة لزياد !
دارين بنبرة جادة : طب إحكي !
قالت ماهيتاب بحذر : بصي ، أنا بكلم شاب علي الفيس بوك وبيحبني وبحبه
ردت دارين بهدوء : كنت متأكدة علي فكرة ، بس فهميني حب إزاي وأنتي لا شوفتيه ولا شافك ! ؟
ماهيتاب بلا مبالاه : عادي بعتله صورتي وهو كمان !
دارين بصدمة : ينهارك أسود يا ماهيتاب ، بعتيله صورتك ، يابنتي ده ممكن يطلع مش كويس ويعمل بالصور حاجة بجد أنتي غلطانة جدا
ماهيتاب بحدة : مش هيعمل حاجة ، هو شاب كويس وهيجي يتقدملي بس أما يكون نفسه ، عشان هو مش غني وعلي قد حاله ..
تنهدت دارين بعمق وأردفت : وأنتي ايه يضمنلك أنه صادق يعني ؟؟ جايز جدا يكون بيضحك عليكي أو بيسلي وخلاص !
ماهيتاب بنفي : لأ هو بيكلمني في الموبايل كمان وكان بيتكسف جدا يطلب مني فـ ...
صمتت فجـأة لتتابع دارين بصدمة : كملي ! ... كان بيطلب منك فلوس ؟
أومأت ماهيتاب بحذر لتتابع دارين بإنفعال : وإنتي بعتيله ؟؟
أومأت ماهيتاب مرة ثانية ، لتقول دارين بحدة : بعتيله إزاي وأنتي مش بتشوفيه ؟!
ماهيتاب بخفوت : عن طريق ڤودافون كاش !
نهضت دارين قائلة بحزم : أنتي هبلة والواد ده بيضحك عليكي مفيش راجل محترم يقبل ياخد فلوس من بنت يبقي مش راجل أصلا ، وأنتي بكل بساطة مصدقاه !!
لم تقتنع ماهيتاب بحديثها فقالت بضيق : يا دارين لو سمحتي وطي صوتك زياد هيسمعك
دارين بغيظ : خايفة عشان بتعملي حاجة غلط ، زيك زي الحرمية الي بتسرق ، إرجعي عن الي أنتي فيه ده يا ماهي ! عشان غلط في غلط وربنا مش هيبارك أبدا في حاجة زي كده عشان في الضلمة ومن ورا اهلك ، أهلك الي مدينك الثقة وأنتي بسهولة بتخوني الثقة دي ، حرام وأوعي تقنعي نفسك إن ده حب ده هبل وقلة أدب !
زفرت ماهيتاب بحنق ، لتتابع دارين : لو مرجعتيش عن الهبل ده أنا هقول لزياد عشان تبقي عارفه لأني عمري ما هسيبك تمشي في سكة غلط وأضلل عليكي لان الصاحبة الي بجد هي الي تنقذ صاحبتها من الهـلاك مش تعوم علي عومها لحد ما تغرق !!
إنفعلت ماهيتاب وتابعت : لو قولتي لزياد هنخسر بعض يا دارين
دارين بجدية : ماشي وأنا موافقة أحسن ما تخسري حياتك وترجعي تندمي ، إلا لو وعدتيني إنك ترجعي عن الضلال الي بتعمليه ده !
قالت ماهيتاب بضيق حتي تتخلص فقط منها حالـيا : طيب موافقة ، تصبحي علي خير بقي
دارين بهدوء : وأنتي من أهله يا ماهيتاب بس صدقيني لو كلمتيه تاني متزعليش مني هقول لزياد يمنعك بطريقته ! ...
أنهت كلامها وخرجت من الغرفة ، فزفرت ماهيتاب بضيق وقالت بضجـر : أوف ، معقدة أوي !
......................
ذهب ماجد بصحبة مايا إلي منزله بعد إن عقد قرانه عليهـا وأصبحت زوجتـه شرعـًا ، وقف يطرق الباب بتوتر من رد فعـل والدته حين تعلم بتلك الزيجة المفاجئة !
فتحت كوثـر الباب ، ثم رمقته بإستغراب وهي تحول بصرها إلي مايا بذهول ..
ليقول ماجد وهو يدلف إلي الداخل : مساء الخير يا ماما !
قطبت كوثر حاجباها وقالت بتعجب : ايه ده ؟ .. أنت جايبها معاك ليه دي ؟
ٱزدرد ماجد ريقه وتابع بحذر : دي مايا مراتي يا ماما !
لطمت كوثر علي صدرها وهي تهتف بعدم تصديق : بتقول مين ؟؟
إتجهت مايا نحوها لتقول ببكاء : أنا مكنش ليا مكان أروح فيه والله يا طنط ، خالتي طردتني من البيت ومكنش ليا حد غير ماجد ، والله يا طنط هعيش معاه علي الحلوة والمرة ومش هزعجك أبدا !
حركت كوثر رأسها بذهولٍ تام ، ثم أردفت بعدم إستعياب : أنا مش قادرة أصدق ، أنت إتجوزتها بدون موافقتي يا ماجد ؟؟؟ ينهار أسود ومنيل
ماجد بتوسل : كنت هاسبها تبات في الشارع يعني يا ماما ! .. عشان خاطري يا ماما متكبريش الموضوع بقي
كوثر بحدة : لالا أنت خلاص ضعت عليه العوض ومنه العوض فيك يا شيخ أعمل إيه معاك
توسلت إليها مايا وهي تهتف ببكاء شديد : والله أنا عمري ما هزعجك أبدا ، ولو عوزاني خدامة ليكي معنديش مانع بس أرجوكي تقبليني عندك أنا مليش حد في الدنيا دي دلوقتي غير ماجد أرجوكي يا طنط تقبلي ..
شعرت كوثـر بالإشفاق عليها ولكنها قالت بتجهم : وفين أهلك ؟؟
مايا من بين بكاؤها : أهلي ماتوا وأنا كنت عايشة مع خالتي وهي زهقت مني وطردتني في الشارع ومعدتش ليا مكان اروحه ..
وكذلك قال ماجد بتوسل : أرجوكي يا ماما تقبلي هي هتعيش معانا لا عاوزة شبكة ولا شقه ولا حاجة خالص ، ياريت توافقي !
وقفت كوثـر في حيرة ، فبطيبة قلبهـا صدقت هذه الفتاة ، وشعرت بالإشفاق عليهـا فإن طردتهـا ستضيع في الشوارع .. هكذا راحة تُفكر كوثر بحسن نية ، أردفت أخيـرًا بقلة حيلة : ماشي موافقة ، وكله عند ربنا وبثوابه بس أعرف أنت ومراتك لو صدر منكم أي حاجه أنا هطردك أنت وهي والي أوله شرط أخره نور تمام ؟!
إبتسم ماجد بإتساع وقال : تمام .. وكذلك قالت مايا بإبتسامة : شكرا يا طنط !
تنهدت كوثـر ودلفت إلي غرفتها ، ليبتسم ماجد وهو يسحب معه زوجته إلي غرفته ، ليبدأ معها حياته الزوجية التي بُنيت علي غش وخداع فماذا كُنت تعتقد بعد أن حطمت مِئات الفتيات ؟؟ هل تُجازي بمن عٙفت نفسها ! ... ؟؟؟؟
...................
عاد خالـد من عمله مُرهقـًا ، دلف ليتفاجئ بالمنزل هادئ مُرتب والزينة مُعلقة في السقف بشكل جميل ومُبهج ، إندهش قليلًا وإبتسم وهو يري سلمي تقبل عليه وهي في كامل زينتهـا ، لتبتسم له وهي تقول برقة : حمدالله على سلامتك حبيبي .
عانقهـا بإشتياق ثم أردف هامسـًا : الله يسلمك يا لوما ، هو إحنا عندنا حفلة النهارده ؟
أومأت برأسهـا وتابعت بسعادة : أنا حبيت أغير الروتين شوية واعمل حاجة تفرحك ، عملت تورتة صغيرة وعلقت زينة وبلالين ، وبصراحة كمان عاوزة اصالح طنط نعمة ، ياريت تصحيها ونقعد مع بعض كُلنا ، وكمان عندي مفاجأة حلوة أووووي !
خالد بفضول : بجد ، ايه هي ؟
سلمي بدلال : إدخل صحي مامتك وصالحني عليها الأول ..
جذبهـا خالد من يدها وسار بها إلي غرفة والدته ثم دلف ليهتف بخفوت : ماما ... ماما قومي
تقلبت نعمة في الفراش وقالت بنعاس : في ايه يا خالد بتصحيني ليه ؟!
خالد بهدوء : قومي عشان عاوزك في موضوع مهم يا أم خالد ..
نهضت نعمة بتثاقل لتقول بضيق : في ايه يا خالد ؟
إبتسم خالد وتابع بمرح : عشان خاطري يا ماما بقي عاملي سلمي كويس وإرجعي زي زمان ، سلمي طيبة وبتحبك والله وهي الي أصرت أصحيكي عشان تتصافوا مع بعض
زفـرت نعمة بضيق ، وقالت بحدة : أنت مصحيني من عز نومي عشان تقولي الكلام الفارغ ده !
خرجت سلمي من الغرفة فظن خالد انها غضبت مُجددًا ، فهتف بجدية : سلمي
ردت سلمي : جاية يا خالد لحظة واحدة ..
عادت بعد قليل وهي تحمل حقيبة كرتونية شيك .. ثم مدت يدها في إتجاه نعمـة وقالت بإبتسامة : دي هدية بسيطة يا طنط نعمة ، ياريت تقبليها مني
إبتسم خالد بإتساع لزوجته ، بينما قالت نعمة بجدية : بمناسبة ايه دي
اجابتها سلمي بهدوء : بمناسبة إننا نفتح صفحة جديدة مع بعض ، وأنتي تعامليني زي زمان وأنا اعاملك زي ماما ، وأي حاجة صدرت مني بعتذرلك عنها ، أنا آسفة عشان غلطت فيكي أوعدك مش هتتكرر تاني يا طنط نعمة ..
ظلت نعمة صامته وهي تطلع إلي الشال التي جلبته لها سلمي بمناسبة دخول فصل الشتاء ، صمتت طويلًا دون أي تعبيرٍ منها إلي أن قالت أخيرًا بخفوت : أنتي جاية تضحكي عليا بكلمتين يعني ؟
صُدم خالد من رد فعلها ، فقال بجمود : حرام عليكي بقي يا ماما ، برضو مفيش فايدة فيكي !
تنهدت سلمي بيأس وتابعت بخفوت : طب أعمل إيه عشان ترضي عني !
قالت نعمة بجدية مصطنعة : كفاية جوزك ياختي راضي عنك هو أنا يعني رضايا هيعملك ايه !
خالد بنفاذ صبر : صافي يا لبن بقي يا ماما
إبتسمت نعمـة وقالت : حليب يا قشطة
تنهدت سلمي بإرتياح ، ثم إقتربت تقبلها من وجنتها ، وقالت بمرح : يلا عشان ناكل التورتة بقي !
نهض خالد وهو يضحك وكذلك نعمة وتوجهوا ثلاثتهم إلي الصالة ، فقال خالد مُتساءلا : صحيح مقولتليش المفاجأة يا لوما ؟
أخذت سلمي نفسا عميقا ثم تابعت بثبات : أنـا حامــل !
إتسعت إبتسامته أكثر وأقبل عليها معانقا إياها بفرحة : يا حبيبي ألف مبروك يا روح قلبي
وقالت نعمة بإبتسامة : مبروك يابنتي ربنا يكملك علي خير ..
سلمي بسعادة : اللهم امين
.................
إلهي وقفت دموعي تسيل .. وقلبي بـ بابك باكا ذليل ... فذنبي كبير وزادي قليل ... فمُن عليا بعفوٍ جميل .... آتيت أجرُ خطايا السنين .. آتيت إلي أرحم الراحمين .. وكُلي إعتقادٌ وكُلي يقين بأن لديك شفاءُ العليل ... سألتُك مغفرةً للذنوب .. وسترا لما مسنا من عيوب ... فأنت إلهي طبيب العيوب ... وأنت الذي تُقل الذنوب ..
كانت دموعها تتساقط فوق وجنتيها بغزارة وهي تسمع هذه الكلمات عبر هاتفهـا المحمول وقلبها يتمزق ... فلقد ضاقت بها الدنيا وغُلقت الابواب من جميع الإتجاهات ولكن باب الله مفتوحا دائما لا يُلغق في وجه أحدا يُريد التوبة ، عندما تضيق الدنيا يُنزل الله رحمته علي عباده ويريد أن يتوب عليهم ويغفر لهم ولو وصلت ذنوبهم عنان السماء يغفر الله ولم يُبالي .. !
أرادت سُهيلة التوبة أخيـرًا وهي تضرع إلي خالقها بعد أن إردت إسدال الصلاة الذي إشترته مؤخرًا وكذلك إفترشت سجـادة الصلاة أمامهـا لتُصلي عليها صلاتها الأولي بعد أن أغلقت باب غرفتها واحكمت غلقه حتي لا تسمع ضجيج هؤلاء السفهـاء !
بكت .. بكت كثيرًا دموعا حارقة تلهب قلبها المُنهك الذي يصرخ من الاعماق بجملة واحدة " يارب أريد الفرار "
جثت سهيلة ساجدة وهي تبوح بكل مافي قلبها إلي خالقهـا ، وهي تردد باكية .. سامحني وأعفو عني يارب .. أعفو عني وإرحمني .. وخذ بيدي يا الله "
كانت هذه الكلمات تخرج من صميم قلبهـا وهي تبكي بإختناق .. لتستكمل صلاتها إلي أن أنهتها وإنفجرت باكية مُجددًا وهي تردد من بين شهقاتها :
يارب إنقذني يارب وجهني للطريق الصح أنا مش عارفة أعمل إيه وأروح فين ، سامحني علي كل أخطائي وافعالي الحرام علي كل تهاون في حق نفسي علي كل إيد لمستني في الحرام سامحني علي ذنوبي الكتيرة أوي يارب ، إعفو عني وإنقذني من هنا يارب ألاقي مخرج يارب أتوسل إليك أنقذني وإعفو عني يا أرحم الراحمين أنا توبت ومحدش هيلمسني تاني حتي لو هموت توبت يـــارب ..
................
بعد منتصف الليل في الثالثة صابحـًا ..
نهض أمير من فراشه وهو يزفـر بضيـق فإنه لم يغفي منذ أن تسطح... قلق للغاية ومشتت يشعر أن قلبه يؤلمه ولا يستطيع النوم ..
خرج من غرفته وهبط درجات السلم بتمهـل إلي أن وصل للردهة ، حتي وجدها تتكوم منكمشة علي نفسها علي الأريكـة العريضة ..
وقف ينظـر لها بتأمل وهي نائمة ، قسمات وجهها تبدو حزينة ومُتعبة جدا ، الدموع تركت أثر علي وجنتيها وجهها أصبح شبه خالي من الدماء من شدة حزنهـا ..
رق قلبه لهـا ولحالهـا المُحزن ، إقترب منها وإنحني لمستوي الأريكة فوجدها تأن بخفـوت وكأنهـا تُنازع ، حبات العرق تنبع من جبينها وجسدها يرتعش فتسرب القلق إلي قلبه وهو يضع يده فوق جبهتها ليجد حرارتهـا مُرتفعة فإنقلع قلبه عليها وقال بخفوت : أروي أنتي كويسة ؟
لم يأتيه رد منها فكانت غافية وكأنهـا في ملكوت آخر ، مد يده ليرفعها قليلًا ويده الأخري وضعها أسفل ركبتيها ثم حملهـا وصعد بهـا إلي غرفتهما ومن ثم وضعها علي الفراش برفق وهو يقول بقلق : أروي فتحي عينك سمعاني ؟
أيضـًا لم يأتيه رد منهـا فقط تململت وهي تتأوه بخفوت وترتجف بشدة .. فما كان منه إلا أن جذب الغطاء عليهـا ودثرها جيدا وقلبه يتألم منها ولهـا ، فإحتار هل يداوي جرحه أم جرحها !!
خرج من الغرفة وهبط الدرج مُجددًا ثم إتجه إلي المطبخ وفتح البراد (الثلاجة) .. وأخرج منها ثلج وأحضر مناديل ورقيه حتي يفعـل لها كمادات ..
صعد ودلف إلي الغرفة مرة ثانية وجلس إلي جوارهـا وبدأ في عمل كمادات لخفض حرارتها ...
الفصل الثامن والثلاثون
(إشتياق )
تنفس الصبـاح وأشرقـت شمـس يوم جديد ، ظل أميـر جالسـًا إلي جوارهـا طوال الليل فلقد قام برعايتها حتي إنخفضت حرارتهـا وقد إطمئن قليلًا عليهـا ، نهض ثم دلف إلي
المرحاض وإغتسل ومن ثم أبدل ملابسه وخرج من الغرفة .. تقابل مع عمته في الرواق ، فقالت بإبتسامة : صباح الخير يا أمير
رد عليها بهدوء : صباح النور
فقالت متسائلة : هي أروي فين أنا دورت عليها في البيت كله وملقتهاش ، راحت فين ؟
أجابها متنهدًا بثبات : نايمة جوة في الأوضة ، كانت تعبانه وعندها سخونية ، الحرارة نزلت شوية بس هي شكلها تعبان ، أنا عندي شغل كتير النهارده ، ياريت تتصلي بالدكتور يجي يشوفها يكون أحسن وأنا هبقي أتواصل معاكي بالتلفون !
أومأت نجـاة برأسهـا وقالت مبتسمة : حاضر ، متقلقش عليها دي في عنيا ، وبعدين لو تاخدها في حضنك كده وتطبطب عليها هتخف وتبقي زي الفل صدقني
تنهد بعمق قبل أن يردف بجدية وهو ينظر إلي ساعة معصمه : أنا ماشي يا عمتي عن إذنك ..
فقالت سريعـًا : طب مش هتفطر ؟
حرك رأسه نافيًا وهو يتجه نحو الدرج : لأ ، يلا سلام .. ثم هبط الدرج ليخرج ويستقل سيارته مُنطلقـًا بهـا ..
شرد بذهنه وهو يتذكرها أمس عندما كانت تتفوه بإسمه وهو يفعل لها الكمادات ، لقد إشتاق لإسمه وهو يُنطق من بين شفتيها ، وخاصةً عندما تُناديه "أميري" .. لاحت إبتسامة حزينة علي شفتيه كلما تذكرهـا وأكمـل سيره بهـدوء
..............
دلفت نجـاة إلي الغرفة لتجدها لا تزال نائمة في ملكـوت آخـر ، إبتسمت وقررت تتركها تنعم بالراحة فهي تعلم حجم معاناتها في الأيام السابقة .. إقتربت منها بحذر وأخذت صحن المياه الذي به الكمادات ، ثم خرجت من الغرفة بحذر وأغلقت الباب براحة شديدة حتي لا تفيقها ..
..........
ذهب أميـر بعد مرور ساعـة إلي شركتهُ ، دلف إلي مكتبه ثم جلس علي كرسيه ، ليقول بجدية : خير يا طارق ؟
رد طارق الواقف أمامـه بثبات : عرفت إن سامي بيتردد علي شركة مأمون كتير بس لحد دلوقتي معرفتش إيه السبب !
عقد أمير ما بين حاجباه وتابع مردفًا بإستغراب : بيعمل إيه مع أمجد ، غريبة جدا
طارق بهدوء : يمكن في شغل بينهم ولا حاجة
أمير بنفي : لأ ، أمجد مبيشتغلش مع سامي إطلاقا ، قولي إيه أخبار التسجيل سمعت حاجة جديدة .. ؟
حرك طارق رأسه بنفي وأردف قائلًا : لأ ، مش بسمع غير حاجات تقرف بينه وبين السكرتيرة بتاعته ..
أمير وقد تجهمت ملامح وجهه : إنسان قذر .. طيب روح إنت يا طارق علي شغلك وبلغني بالجديد أول بأول ..
أومأ طارق برأسه وخرج من مكتبه ، ليصطدم بزياد الذي قال مرحا : بس قدامك يا كوتش ..
ضحك طارق وسار إلي مكتبه ليدلف زياد إلي المكتب قائلًا بمرح : صباح الي بتغني
إبتسم له أمير وتابع بهدوء : أهلا يا زياد خطوة عزيزة ، مش عوايدك يعني تيجلي الشركة ؟
زياد وقد إرتفع أحد حاجبيه : أمشي يعني ولا أعمل إيه ناو
أمير ضاحكا : ناو ، أنت كمان هتعمل زي العيال الفرافير وتقولي ناو
ضحك زياد قائلًا : اهااا ما أنت بتضحك وحلو أهو يا عم أومال معيشنا في حالة رعب ليه بس
أمير بجدية وهو يرفع سماعة الهاتف : تشرب إيه
أردف زياد بغمزة : قهوة مظبوط
قال أمير بنبرة جادة : إتنين قهوة يا طارق من فضلك .. ثم أغلق الخط ، ليقول مُتساءلا : طبعا الي جابك هنا أمر خطير ومستعجل كمان ، خير بقي ؟
تابع زياد بجدية : إيه أخبارك مع مراتك ؟ مش ناوي تستهدي بالله ولا إيه ؟
تنهد أمير وأردف بهدوء : أنت جاي عشان كده ؟
أومأ زياد برأسه وتابع : بصراحة آه ، لأننا شبعنا نكد بسببك كفاية بقي إرحم نفسك وإرحم مراتك معاك ، إحنا بشر ولازم نسامح بعض كفاية بقي وإبدؤا صفحة جديدة مع بعض !
ضحك أميـر بخفوت وراح يستند بمرفقيه علي سطح المكتب ليتابع بحزمٍ هادئ :
- هو أنا ليه حاسس أنكم شايفين الموضوع عادي ومحدش حاسس أبدا بالجرح الي بينزف ده ، ليه محدش بيقدر إني إتخدعت من أقرب إنسانة ليا ، يا زياد أنا محبتش حد قد
ما حبيت أروي فجأة دخلت حياتي بدون مقدمات وبقت الحاجة الحلوة الي في حياتي كنت بخلص شغل وأجري علي البيت عشان أشوفها وتهون عليا تعب الشغل حسيت بالدفئ وجو العيلة الي إفتقدته وفجأة كده برضو بدون مقدمات إتصدم فيها قولي انت لو مكاني هتعمل ايه
رد زياد : كلنا مقدرين حاجة زي كده طبعا ، بس أنت برضو خدت حقك ومسكتش ووجعتها زي ما وجعتك تبقوا خالصين ، ربنا بيسامح وانت لازم تسامح برضو لأن انت لو مبتحبهاش كان زمانك طلقتها ومهمكش الي في بطنها ولا أنت برضو عندك شك أنه مش منك ؟
أغمض عينيه وهو يفرك جبهته بحيرة ، ليتابع زياد مواصلًا ؛:
علي فكرة أنت لو عندك ذرة شك أنه مش منك صدقني ما كنت خليتها علي ذمتك لحظة واحدة ! ..بص أنا مش بدافع عنها هي غلطانة محدش يقدر يقول غير كده بس كلنا بنغلط والأحسن كمان بقي إنها ندمانة علي غلطها ده ومتمسكة بيك ، فياريت تديها فرصة وتدي لنفسك فرصة برضو
ظل أمير صامتا وهو يستمع إليه ، فقال زياد مكملًا : علي العموم القرار ليك فكر مع نفسك وأنا متأكد إنك هتسامح عشان أنت بتحبها
أومأ أمير برأسه فتابع زياد بمزاح : يلا خليني اشرب القهوة وأتكل أشوف أكل عيشي يخربيت معرفتك ..
ضحك أمير أخيـرًا علي مزاحه ، ثم دلف طارق حاملًا القهوة ليضعها أمامهما ويخرج ، ثم تناولاها معا وسط مزاح زياد المتواصل ..
..............
تململت أروي في الفراش وهي تفتح عينيها ببطئ، نظرت حولهـا بصدمة ونهضت بتثاقل ، متي آتت إلي هنا وكيف ؟؟
إتسعت عينيها وهي تقول بخفوت : معقولة أمير الي جابني هنا ؟
تفاجئت بنجاة تدلف بعد أن فتحت الباب وهي تقول بإبتسامة : صباح الخير يا أروي ، أنا سيبتك تنامي براحتك ومحبتش أزعجك
قالت أروي بإرهاق : هو أنا ايه الي جبني هنا ؟
ضحكت نجاة وقالت بمرح : أمير يا ستي الي جابك هنا
أروي بصدمة : معقولة ؟
نجاة بتأكيد : اه والله ، أنتي كنتي تعبانة وهو سهر جنبك طول الليل وعملك كمادات وقالي كمان أخلي بالي منك ايه رأيك بقي
إبتسمت أروي وأردفت بعدم تصديق : يعني هو سامحني خلاص !
ضحك نجاة بمرح : إن شاء الله هيسامحك بس المهم تفطري دلوقتي عشان إتصلت بالدكتور وهيجي يشوفك آخر النهار ..
تنهد أروي وقالت : ملوش لزوم أنا كويسه
نجاة بتصميم : مينفعش أنتي حامل ولازم نطمن عليكي
دلفت سحر بعد ذلك وهي تحمل صينيه بها وجبة الإفطار ، لتضعها أمام أروي علي الفراش وتبتسم لها قائلة : بالهنا والشفا مقدما يا حبيبتي
ردت عليها أروي بإمتنان : شكرا يا دادة ربنا يخليكي
خرجت سحر من الغرفة ، لتقول نجـاة بجدية : يلا كُلي يا حبيبتي ده أنتي وشك بقي أد اللمونه
ضحكت أروي وقالت بخفوت : لمونة
أومأت نجاة بمرح : اه والله ، يلا ربنا يعدي الأزمة دي علي خير ويهدي الحال يارب
أروي بحزن : يارب ، تفتكري ممكن نرجع أنا وأمير زي الأول ويرجع يحبني من أول وجديد
نجاة بإبتسامة : الي بيحب عمره ما يكره يزعل آه إنما يكره لأ وأنا متأكدة أنكوا هترجعوا زي الأول وأحسن كمان ما هو أنا مش هسافر ولا هسيبك إلا لما تبقوا سمن علي عسل
إبتسمت أروي بإتساع وتابعت بهدوء : يا بخت ماهيتاب وزياد بيكي يا طنط ، كان نفسي يكون عندي أم حلوة وحنينة زيك ، بس الحمدلله علي كل حال ..
ردت عليها بنبرة حانية : إعتبريني والدتك عادي خالص
أومأت أروي رأسهـا بسعادة لتقول نجاة بحنو : يلا يا حبيبتي سمي وكلي
بالفعل بدأت أروي في تناول طعامهـا وظلت تدعي في سرهـا بأن يعفو أمير وتعود حياتهما كما كانت ..
........................
وضع أمير هاتفه علي آذنه ليسمع ما يدور في مكتب سامي .. حيث إستمع إلي السكرتيرة وهي تقول هادئة : أمجد بيه برة
فقال سامي : دخليه بسرعة !
خرجت السكرتيرة ، ليدلف أمجد ثم صافحه برسمية ، وجلس قبالته ، ليقول سامي مبتسمًا : شرفتني يا أمجد باشا ، ياتري ايه رأيك في الي قولتهولك ؟
أمجد بهدوء : موافق ! هكلم أمير وهعرفه أن في طرف تالت هيدخل شريك في الصفقه ، بس لو لعبت بديلك معايا يا سامي هتبقي حفرت قبرك بإيدك !
سامي بنفي : أكيد لأ بس أنت كمان متلعبش بديلك معايا ، ولازم أقتنع إنك معايا مش مع أمير !! .. أنا عارف أنه صاحبك الروح بالروح
ضحك أمجد وقال متهكمًا : لأ الصداقة حاجة والشغل حاجة يا عزيزي وصفقة زي دي متتعوضش وطالما الشركة رفضت تشتغل معاك فأكيد مش هيرفضوا يشتغلوا معايا خصوصا إني هحط أكتر من الي هيدفعه أمير والشركة طبعا هيهمها المكسب والزيادة ، المهم أنت تجيب الفلوس كلها وملكش دعوة بالباقي أنا بعد ما أقوله أن في طرف تالت هعرف أنطره كويس !
سامي بمكر : تمااام وده هيبقي مقلب معتبر لأمير
أمجد بحدة :لو أمير عرف إتفقانا بالموضوع صدقني هنسفك يا سامي !
أومأ سامي برأسه وقال بجدية : عيب عليك طبعا مش هيعرف ... ثم تابع ضاحكا : تشرب إيه بقي ؟
أردف أمجد بجدية : قهوة يكون كويس ..
بينما صُدم أمير وهو يستمع إلي حديثهما عبر هاتفه ، لتتسع عينيه بغضب وهو يقول بعدم تصديق : حتي أنت يا أمجد !!
.......................
في فيلا الأمير ..
خرج الطبيب من غرفة النوم بصحبة السيدة نجـاة ، ثم أردف بجدية : نزلة برد بس ، هي كويسة الحمدلله
تنهدت نجـاة بإرتياح وقالت : الحمدلله ، شكرا يا دكتور
ثم سارت معه حيث هبط الدرج بعد أن أعطاها ورقة مدون بها الأدوية التي ستحتاجها ..
دلفت بعد ذلك إلي الغرفة لتقول بإبتسامة : هخلي عم سعيد يجبلك الدوا وأعملك حاجة تاكليها بقي يا رورو ماشي ؟
أروي بإمتنان : شكرا يا طنط بس مش عاوزة أتعبك
نجاة بحدة : مفيش تعب ولا حاجة وبعدين ايه طنط دي ، مش إتفقنا تقوليلي عمتو أو ماما
إبتسمت أروي وقالت بخفوت : ماشي يا عمتو ..
نجاة بمرح : أيوة كده ، إرتاحي بقي وأنا هجيلك كمان شوية ..
بالفعل خرجت نجـاة من الغرفة وهبطت الدرج لتتفاجئ بدارين التي أقبلت عليها معانقة إياها بإشتياق ، فقالت نجاة بدهشه : إيه المفاجأة الحلوة دي يا دودو
أردفت دارين بمرح : جيت أطمن علي أروي وعليكي يا ماما
إستكملت نجاة بتساؤل : أومال ماهيتاب مجاتش معاكي ليه ؟؟
مطت دارين شفتيها وقالت متنهدة : قاعدة علي طول علي اللاب بتاعها ومش بتقوم غير تاكل أو تشرب حتي مش بتذاكر أساسا
نجاة بنبرة جادة : طيب لما أشوفها ماشي يا ماهيتاب ..
تابعت دارين : هي فين أروي
قالت نجاة هادئة : فوق في أوضتها إطلعي إقعدي معاها
أومأت دارين برأسهـا وصعدت درجات السلم حتي وصلت إلي الغرفة وطرقت الباب بخفـة ، حتي آتاها صوت أروي التي قالت : إدخل ..
دلفت دارين وهي تبتسم ثم أردفت : سلام عليكم
بادلتهـا أروي الإبتسامة وهي تقول : وعليكم السلام
قالت دارين مستفسرة : طمنيني عليكي اخبارك ايه دلوقتي ؟
أجابتها بخفوت : الحمدلله بخير
جلست دارين إلي جوارهـا وقالت بحذر : الحمدلله كمان أثار الضرب راحت ..
عبست أروي بوجهها وهي تتنهد بحزن دفين ، بينما قالت دارين : آسفة مكنش قصدي أضايقك والله
أروي وهي تهز رأسها بعلامة النفي : لأ مش ضايقتيني ولا حاجة عادي يا حبيبتي
إبتسمت دارين مجددا وتابعت : أنتي طيبه أوي يا رورو
قالت أروي بإبتسامة حزينة : رورو .. ياه محدش كان بيقولي كده غير أمير كنت بحب أسمعها منه
دارين بمرح : بكرة تتصالحوا ويرجع يقولهالك تاني ... ثم تابعت بتساؤل حذر : أنتي بتحبيه أوي كده .. ؟
أومأت أروي برأسهـا وقالت بتأكيد : بحبه أكتر من نفسي ، ونفسي
يسامحني ويرجع يحبني تاني
أردفت دارين مُكملة بإستفسار : حتي بعد الي حصل بتحبيه بنفس المقدار ؟
أومأت أروي مُجددا : أيوة عشان أنا الي غلطانة وخوفي وكذبي هو الي وصله يعمل كده ، يمكن لو إتصرف معايا بالطريقة دي في أي شئ تاني كنت زعلت ومشيت وسبته لكن أنا مش قادرة أزعل منه أنا زعلانة عليه وزعلانة من نفسي وخايفة أخسره
تنهدت دارين قبل أن تردف بإبتسامة : شئ جميل إن الإنسان يعترف بخطأه وعشان كده أكيد ربنا هيسامحك وهيصلح ما بينكم المهم تكوني إتعلمتي فعلا من الخطأ ده مش عيب إننا نغلط لإننا بشر ، العيب إننا منتعلمش ونكرره تاني
أروي بنفي : عمري ! عمري ما هكرر الغلط ده تاني أبدا الكذب دمرلي حياتي ، بس ربنا يعلم مكنتش نيتي وحشة
أمسكت دارين كف يدها وقالت بهدوء : قوليلي يا أروي إنتي بتصلي ولا لأ ؟
حملقت أروي بهـا ، ثم قالت بخفوت : لأ
-ليه .. ؟ قالتها بتساؤل
لتصمت أروي فلم تجد ما تقوله لهـا ..
إستكملت دارين : معندكيش إجابة وده شئ طبيعي ، لأن مفيش سبب يمنعك عن الصلاة غير الكسل والفتور ..ونفسك ضعيفة
رمشت أروي بعينيها وقد شعرت بالخزي ، فأضافت دارين مبتسمة : متزعليش مني أنا بس عاوزة أفهمك كام حاجة بسيطة يمكن تنفعك وتفيدك ، يا أروي البعد عن ربنا بيعمل مشاكل كتير وحياتك بتكون متأزمة دايما تفضلي في مشاكل متواصلة .. ذكر الله مهم جدا في حياتنا وخاصة الصلاه لأنها عماد الدين وعيب أوي لما أكون مسلمة ومبصليش طب أنا كده مسلمة بالأسم بس ؟
طأطأت أروي رأسها وهي تفرك كلتي يديها في بعضهما بخجـل ، فتابعت دارين حديثهـا : أنتي معاكي عذرك في أي حاجة إلا الصلاة لأن الصلاة ملهاش أعذار نهائي ، حتي لو بنموت نصلي برموش عنينا ... عارفة يا أروي لما الآذان يأذن ده معناه إيه .. ؟
رفعت أروي رأسها وقالت بإستفهام : ايه ..
واصلت دارين بهدوء : معناه إن ربنا بيندهلك بيقولك تعالي وآقفي بين إيديا .. شوفي بقي أكتر حد بتحبيه وليكن أمير مثلا لو ندهلك وقالك تعالي هتعملي ايه ؟ .. طبعا هتجري تكلميه .. طب ربنا بقي الي نعمه لا تعد ولا تحصى بيندهلك وأنتي بكل بساطة كده مبترديش .. ينفع ؟
ظلت أروي صامته مُنصته إليهـا لتتابع دارين بنفس الهدوء : أنتي دلوقتي في مشاكل بس مفكرتيش مرة تلجأي لربنا وتسلمي ليه أمورك كلها أو تواظبي مثلا علي الإستغفار الذكر ده مفتاح السعادة لأن كلنا طبعا عندنا ذنوب كفيلة تخلي حياتنا متأزمة كده فلما نيجي إحنا نستغفر .. نصلي .. ندعي ربنا يستجيب واحدة واحدة نلاقي الحياة بتحلو وتهدي .. ومش معني إن ربنا مستجابش الدعاء دلوقتي نقول كده ربنا مش بيقبل مننا لأ غلط ربنا بيقبل بس في الوقت الي هو شايفه مناسب ليكي ربنا أدري بينا مننا ويمكن
ربنا عاوز يسمعك ديما تقولي "يارب" ربنا بيحب العبد اللحوح في الدعاء ..
إبتسمت أروي وأردفت بصوتٍ مُنخفض :
أنا كنت بحاول أصلي كتير لكن كنت بقطع مرة واحدة وأبطل صلاة ومعرفش أرجع تاني
قالت دارين بتوضيح. : لأن لازم تكوني قوية وعندك عزيمة وتجاهدي نفسك لازم تجاهدي نفسك الضعيفة دي وتصري هتحسي الإحساس ده في أول إسبوع من الصلاة هتستمري كمان إسبوع إسبوعين هتلاقي نفسك إتعودتي علي كده ومبقتيش قادرة تستغني عنها تاني كل الحكاية صبر وعزيمة .. !
أروي بخفوت : يعني كل الي أنا فيه ده بسبب إني مبصليش
دارين بتأكيد : جزء كبير من الي أنتي فيه ويمكن كمان ذنوب متراكمة ، ... تابعت دارين ضاحكة : زي مثلا خليتي أمير يتعدي حدوده معاكي قبل الجواز ولا حاجة !
أروي بإندهاش : إزاي ؟
دارين بحذر : يعني مثلا حضنك .. سوري يعني قبلك مسك ايدك كده يعني
أروي وقد إرتفعا حاجبيها : هو مسك إيدي بس لكن والله مش باسني أبدا قبل الجواز
قهقهت دارين قائلة من بين ضحكاتها : مصدقاكي والله .. بس برضو مسكة الإيد حرام .. كلمة بحبك والمغازلة حرام شرعا يا أروي كل دي حاجات بيعملوها المخطوبين وبعدين لما يتحوزا يفضلوا يدورا منين بتيجي المشاكل ميعرفوش إن كل ده ذنوب متراكمة عليهم .. محدش بيصبر لما يكتبوا الكتاب
تنهدت أروي بعمق وقالت : ياه الظاهر أن في حاجات كتير في ديني أنا معرفهاش
دارين بتفهم : أنا عذراكي جدا علي فكرة وكمان فخورة بيكي إنك رغم كل حاجة شوفتيها لسه صامدة وحافظتي علي نفسك ..
إبتسمت أروي قائلة : الحمدلله ، تعرفي سهيلة أختي كمان كويسة أوي وأنا بتمني إنها تلاقي حد.يعوضها خير
دارين بتأمين : يارب ، ربنا كبير وأكيد. هيساعدها ... ثم تابعت بجدية : توعديني تصلي وتلجأي لربنا يا أروي ؟
أومأت أروي برأسها وتابعت : أوعدك
....................
توقفت سيـارة أمجد مأمون أمام شركة الأمير ، وراح يترجل أمجد منها داخلًا الشركة بثبات ، ما إن صعد حتي توجه إلي مكتب أمير فدلف طارق أولا وأبلغه بمجيئه ليدلف
أمجد بعد ذلك إلي المكتب وهو يقول مازحـًا : أهلا بالناس الي ناسيانا ولا بتسأل ..
إبتسم أمير بمجاملة وقال بجمود : أهلا يا أمجد
جلس أمجد قبالته ثم قال بإستغراب : إيه المُقابلة الناشفة دي .. ؟؟
قال أمير محاولا ضبط أعصابه : إيه الي جابك يا أمجد ؟؟
أمجد وقد إحتدت قسمات وجهه : ده سؤال يتسئل يعني ! .. جايلك في شغل عشان...
قاطعه أمير بغضب : أهااا ، جايلي عشان تقولي علي الطرف التالت الي هيدخل شريك معانا في الصفقة صح ؟؟
أومأ أمجد وقال مندهشا : أيوة مالك في ايه يا أمير ؟!
هب أمير واقفا ثم قال بصرامة : إطلع برة يا أمجد ، أنا مكنتش متخيل إنك أنت بالذات تعمل كده تتفق مع سامي وجاي دلوقتي تضحك عليا أنا ؟!!؟؟
زمجـر أمجد وقد نهض هو الآخر قائلًا بضجر : ما هو أنت لو تصبر كان زماني قولتلك كل حاجة رغم إني معرفش أنت عرفت منين أصلا إن إتفقت مع سامي .. ! أنا جاي أقولك سامي قالي ايه وانا ناوي أعمل إيه .. بس خلاص أنا ماشي يا أمير بقي علي آخر الزمن بتطردني أنا من شركتك ؟!
مسح أمير علي وجهه بكف يده ثم قال بضيق : آسف يا أمجد أنا ....
قاطعه أمجد بحدة : بلا أنا بلا كلام فاضي أنا ماشي يا عم
أسرع أمير إليه وقال بجدية : خلاص بقي يا أمجد متحبكهاش ، معلش أنا عندي مشاكل كتير اليومين دول وأنا فهمتك غلط متزعلش مني
تنهد أمجد وقال بعتاب : ماهو مش معقول هخونك يعني المفروض إنك عارف إني بكره سامي ده اد ايه أنت ناسي هو خسرني كام قبل كده !! أنا عاوز أديله الضربة القاضية مش أتفق معاه عليك يا .. صاحبي !
أمير بنفاذ صبر : طب إقعد
جلس أمجد أخيرًا ليقول بتساؤل : أفهم بقي عرفت منين ؟؟
أمير بجدية : في جهاز تسجيل عند سامي في المكتب وسمعت كلامكم كله
أمجد بإندهاش : يا إبن اللذين .. ده أنت فظيع
ضحك أمير وقال : أعمل إيه ما هو الي مش سايبني في حالي .. !
أمجد ضاحكا : لا برافو .. عمتا هو نهايته قربت وهاخد حقي وأجبلك حقك يا صاحبي .. !!
......................
بعد مرور وقت طويل حيث عم ظلام الليل .. إطمئنت أروي علي شقيقتها سهيلة عبر هاتفها وسٙعدت حينما علمٙت بتوبتهـا ، ودعت الله أن يجعل لها المخرج عن قريب ..
أنهت مكالمتها مع شقيقتها ثم أخذت تشاهد ألبوم الصور الخاص بليلة زفافهـا ، إبتسمت بإتساع حينما وجدت صورة وهو يحتضنها ويقبلها من وجنتها مغمضا عينيه كم كانت سعيدة حينها وكم آذاقها هو الحب وغمرها بحنانه !
أغلقت الألبوم وقررت أن تغتسل قبل أن يأتي أمير وتخرج من الغرفة قبل أن يأتي ويعنفها كعادته الأخيـرة معهـا
.........
في شركة الأمير ..
إنصرف أمجد بعد وقت طويل من الحديث مع أمير قد إتفقا علي أشياء كثيرة ..
ثم دلفت إحدي موظفـات شركته بخطوات متمهلة إلي مكتبه وتعمدت أن تترك الباب مفتوح .. إلي أن وقفت قبالته، لتقول بخفوت :
- ممكن حضرتك توقعلي هنا
أخذ أمير منها الملف وقام بتوقيعه علي الأوراق ، ثم مد يده لها قائلًا بجدية : إتفضلي ..
إبتسمت له وإلتفتت ، وما أن سارت خطواتين حتي تعمدت أن تتعثر قدميها في طرف السجادة السميكة وتسقط متأوهه بصوتٍ عالِ ، فنهض أميـر قائلًا بجدية : خدي بالك ..
قالت هي بدموع خادعة : سوري ، بس مش قادرة أدوس علي رجلي خالص
مد يده لها علي مضض وهو يتأفف بضيق ، فمسكت هي يده ونهضت ليتفاجئ بها تترنح وتتصنع السقوط مجددًا فأسندها بيده وهو يقول بضجـر : أوف ، ما تاخدي بالك بقي !
لم يعرف هو أن طرفا أخر أخذ له صوره من الخارج بواسطة الهاتف المحمول في لمح البصر ، لتنتصب الفتاة في وقفتهـا بعد ذلك قائلة بتوتر : سوري يا مستر أمير ، أنا بس دوخت فجـأة كده ، أنا بجد آسفة ..
عاد أمير يجلس علي مقعـده ليقول بحـدة : روحي علي شغلك !
أومأت له وخرجت من المكتب ليغلق عينيه وهو يرفع رأسه عاليـًا ليتذكر نفس الموقف مع أروي عندما سقطت وإنجرحت يدها ، فظهر شبح الإبتسامة علي وجهه تلقائيـًا وهو يتذكر كيف كانت رقيقة مشاكسة
.. ليعود إلي واقعـه وهو يتنهـد بمـرارة ثم نهض وأخذ متعلقاته وخرج من المكتب وهو يرتدي سترته ليمر
علي مكتب طارق في طريقه فقال بجدية : أنا ماشي يا طارق روح إنت كمان وبكرة نكمل..
أومأ طارق برأسه قائلًا : تمام
فإنصرف أمير وذهب نحو المصعد بإرهاق فإنه كان يوما شاقا ومُجهد جدا ..
............
وصل بعد ما يُقارب الساعة ليصف سيارته ويترجل منها
، ثم دلف إلي الداخل ليجد المكان ساكن هادئ ..
صعد درجات السلم بهدوء إلي أن وصل إلي غرفته ، فتح ودلف ليجدها
خالية فظن أنه سيجد أروي متسطحه علي الفراش كما تركهـا ..
تنهد بقوة وخلع سُترته وألقاها علي الفراش ..
ليتفاجئ بباب الحمام الملحق بغرفته يُفتح ثم تخرج أروي وهي تلف نفسهـا
بمنشفة كبيرة وشعرها الطويل منسدلا خلف ظهرها تتساقط منه قطرات المياه ..
صُدمت أروي وقد إتسعت عينيها بهلع وكذلك أمير الذي إبتلع ريقه مُحاولا السيطرة على نفسه .. !
أغلقت أروي عينيها لثوانِ
وأعادت فتحها ثم قالت بتوتر شديد وخوف أشد : أنـ أنـ أنا آسفه كـ كنت هـ هخرج دلوقتي ..
إقترب منها بلا وعيٍ منه ، .. حاوط خصرها بذراعه وجذبها لترتطم بصدره
، فإرتجف جسدها وأغلقت عينيها برعب ممزوج بالخجل ..
لم يشعر بنفسه إلا وهو يقبلها بإشتياق فحقا إشتاق لها وبشدة ..
إبتعد عنها فجأة ولقد إنتشل نفسه من سحرها الذي أخذه لعالم آخر ..
إبتعد ليقف أمام المرآه وصدره يعلو ويهبط بعنف ، .. تركها وكأنها تخدرت
وظنت أنه سامحها .. فإقتربت ليوقفها بصوته الصارم : إبعدي عني !
تسمرت مكانها بصدمة ،
ليهتف هو بجمود وهو يلتفت لها: إلبسي هدومك وأخرجي من هنا !
إندفعت نحوه مرة
واحدة ثم عانقته بقوه : كفاية .. كفاية عشان خاطري أنا تعبت ومش قادرة علي خصامك سامحني و ...
أبعدها عنه بهدوء ، ثم خرج من الغرفة مجددًا رافضا الضعف أمامها مرة أخري ...