رواية سهر الفهد الفصل الحادي والعشرون21بقلم داليا السيد


 
 رواية سهر الفهد


الفصل الواحد والعشرين

بقلم داليا السيد


حب

عاد إلى المدينة كالمجنون وهو يعلم أن الأمر لم يخرج من والدها ومونيكا ولكن لماذاـ قابل بيل بالشركة الذي قال 



“ ماذا ستفعل فهد؟ لابد من إبلاغ الشرطة إنه خطف" 







كان يضع رأسه بين يديه وهو يحاول أن يفكر بالأمر والآن يشعر بألم فب صدره وإحساس قاتل بالذنب لأنه تركها، عيونها ترجته ألا يتركها ولكنه لم يفعل قال بقوة 






“ اللعنة أنا السبب ما كان يجب أن أتركها، هي كانت على حق أنا السبب أنا الذي تركتها تضيع مني"






احمرت عيناه من الغضب أو الحزن أو الخوف عليها، ابتعد بيل ثم قال "كان عليك ألا تفعل فهد بعد ما حدث أمس"






نظر إليه بقوة وهو يعلم أنه على حق فقال "ولكني فعلت فضاعت بيل لقد ضاعت مني أنا فهد عاجز عن أن أجد المرأة الوحيدة بعد هدى التي ملأت حياتي، والآن ماذا“

هب وأمسك الهاتف واتصل ببرج المراقبة "أريد بيان بكل الطائرات التي مرت بالمرفأ اليوم، نعم توماس ألا تفهم؟"

ثم أغلق الهاتف بقوة فقال بيل "أعتقد أنك لابد أن تبلغ الشرطة حياتها الآن بخطر ولا يمكن المجازفة"

هز رأسه وقال "أنا لن أنتظر الشرطة لست ضعيف أو هزيل أنا الذي سأجد امرأتي ولن يوقفني شيء وبعدها سأعرف من وراء ذلك لينال عقابه" 

حدق بيل به بقوة ولم يرد لأنه لا يفهم أي شيء

ما أن ركبت الطائرة واستدارت لتنظر إليه حتى ارتفعت الطائرة كالعادة ولكنها لاحظت أن الوقت طال قبل أن تلتفت إلى قائدها فلا تجده الرجل الذي عرفته فقالت 






"أنت، أنا لا أعرفك، إلى أين تأخذني؟"

لم ينظر إليها الرجل ولم يرد شعرت بالخوف والقلق ولا تعلم لماذا شعرت أنها محاولة خطف فقالت بغضب 

"أنت اعدني إلى المدينة"

ولكنه لم يرد، أخرجت الهاتف كي تتصل بفهد ولكنه أخرج مسدس ووجهه إليها وقال "لا داع آنسة واتركي الهاتف الآن" 

تراجعت عندما رأت المسدس فأعادت الهاتف إلى جيب بنطلونها ثم نظرت حولها فعرفت الجزيرة الخاصة بأمها جزيرة العواصف ودون أن تفكر أو تتردد كانت تتحرك ببطء إلى باب الطائرة دون أن يشعر الطيار ثم ألقت بنفسها من ارتفاع شاهق دون أن تعرف ماذا سيكون مصيرها؟

اصطدمت بالماء البارد بقوة وظلت تسقط إلى الأسفل من شدة السقوط إلى أن استعادت نفسها وسبحت تحت الماء بقوة قبل أن تعود الطائرة أدركت أنها قاربت من الشاطئ كما لاحظت أن الطائرة استدارت وعادت فغطست إلى الأسفل بقوة مرة أخرى وهي تسبح بمهارة تعلمتها منذ نعومة أظافرها إلى أن ذهب صوت الطائرة وشعرت أن صدرها سينفجر فارتفعت لتشهق بقوة، أسرعت إلى الشاطئ قبل أن تعود الطائرة ثم اندست بين الأشجار بذات الوقت الذي عادت فيه الطائرة مرة أخرى للبحث ولكنها كانت قد اختفت بين الأشجار 

سقطت على الأرض وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها المتسارعة وتتحكم في الخوف الذي تملكها وهي لا تعلم هل أساءت التصرف أم أحسنت؟ يمكنها البقاء هنا وحدها عدة أيام ولكن لو بقت مع من خطفها فلن تكن بخير ثم من الذي فعل ذلك؟ ولماذا؟ لا تعلم لماذا فكرت في والدها ومونيكا 

ظلت الطائرة تذهب وتعود عدة مرات إلى أن ابتعدت وكأن الطيار يأس من البحث، بالطبع أخرجت الهاتف ولكن المياه قد تسربت إليه فلم يفتح، رغم أنها تعلم أنه مضاد للماء، ولكنها ظلت بالماء مدة طويلة، أعادته إلى جيبها وتحركت إلى مكان آخر ولكن هي تعرف أنه لا مكان آخر أفضل من هنا للاختباء أو عند النبع لو احتاجت الماء والثمار تملاء المكان لتناول الطعام ولكن إلى متى ستظل هنا؟ وكيف سيعرف فهد مكانها؟ يا الله ما الذي يحدث لها؟ ومن وراؤه؟ 

حل الظلام وبدأت ترتجف من البرودة التي تسللت إليها والخوف من وجودها بمثل ذلك المكان وحدها في هذا الظلام، كانت قد عثرت على بعض ثمار المانجو تناولت واحده ثم اتجهت إلى النبع وشربت بعض المياة وظلت جالسة بجوار النبع ثم بدأت تتأمل ما حولها وأخيرا قامت واتجهت إلى الجبال الصغيرة تسلقت إحداها بصعوبة إلى أن وجدت فتحة بداخله وكأنه كهف صغير ترددت قبل أن تدخل وقد شعرت بالدفء قليلا رغم الظلام .

انكمشت على نفسها في محاولة لأن تحصل على بعض الدفء والأمان إلا أن تلك الأصوات بالخارج أثارت الخوف فيها فزاد الرعب بقلبها ولم تعرف ماذا يمكنها أن تفعل؟ 

تحرك فهد خارجا من الشركة والغضب يتملكه عندما رن هاتفه فأجاب بقوة "توماس أخبرني شيء"

قال الرجل "في الثالثة سجل الرادار طائرة في اتجاهها للجزيرة ولكنها دارت عدت مرات فوق جزيرة العواصف ثم عادت هنا مرة أخرى"

ركب سيارته ومعه بيل وانطلق وهو يقول "من كان يقودها؟ ويل قال أنه لم يكن موجود"

قال "فعلا لم يكن ويل ولا أحد هنا يعرف من الذي قاد الطائرة في ذلك الوقت، أنت تعلم أنه مرفأ خاص بنا لا يدخله أحد غريب"








تحرك فهد بالسيارة وسط الزحام رغم الظلام الذي حل على المكان وقال "حسنا توماس حاول أن ترسل رجالك لتقصي أي شىء غريب ربما يساعدنا"

قال الرجل "حاضر فهد سأفعل لا تقلق"

أغلق الهاتف فقال بيل "إلى أين ؟"

حدق في الطريق ثم قال "أولا سنزور مريضنا جاك ثم هناك مكان لتجمع الطيارين ربما نزوره أيضا "

لم يرد بيل وفهد يحاول أن يركز على الطريق ولكن صورتها كانت تغلق عليه كل الرؤيا لم ير سواها بعيونها القاتلة وقوتها التي جذبته وابتسامتها التي سقط صريعها، لقد تملكته تلك المرأة بقوة وأصبحت رفيقته التي لا تنفصل والروح التي لا تنشق عن البدن، ترى أين أنت سهري أجيبيني أيتها المرأة التي سلبتيني قوتي وعقلي وأصبحت كالمجنون بحضورك وغيبتك

ماذا فعلت بي كى أصبح كالمجنون في بعدك؟ التائه بلا دلي؟ ل واليتيم بلا أهل؟ لم أكن أعرف إلا أنني أريدك والآن أصبحت أعلم أنك إدمانى، بدونك أتكسر على شواطئ الضياع، أنام مفتوح العين كي لا تغيب عيونك عني، بل ضاع النوم الآن في بعدك، أين أنت سهري؟ دليني عليك أعلم انأنكك لن تستسلمي أبداً، ولكن كيف أصل إليك؟ 

عندما وصل إلى جاك كانت حالته صعبه بالتأكيد من الإصابات التي نالها من فهد، لم يكن معه أحد بالغرفة ولا خارجها رغم أن فهد توقع أن يجد مونيكا 

تراجع جاك في ذهول عندما رأى فهد يدخل ويقف أمامه بعد أن أغلق الباب ووقف ينظر إليه بقوة إلى أن قال

“ والآن أريد أن أسمعك"

حدق جاك في فهد لحظة قبل أن يقول "ليس لدي شيء لأقوله" 

اقترب فهد منه وقال "عندي طريقة جيدة لأجعلك تتحدث"

تراجع جاك بفزع وقال "لا أعلم عن ماذا تتحدث مستر فهد"







لم يتراجع فهد وقال وهو يرفع عنه الغطاء وينظر إلى المنطقة التي يخاف عليها كل رجل وقال "أنت تثير غضبي جاك، أخبرتك لو أصابها شيء لن أجعلك تصلح لأي امرأة فما رأيك؟"

وأخرج فهد آله حادة فزع جاك عند رؤيتها وصرخ " لا، لا أرجوك مستر فهد أقسم أني لم أرها منذ ما حدث، لقد كنت هنا من وقتها صدقني لا أعرف شيء"

نظر إليه فهد وقال "ومن الذي يعرف" 

لم يرد جاك فتحرك فهد بيده إلى الجزء الأسفل ولكن جاك صرخ "أرجوك لا، أقسم أني لا أعرف شيء، مونيكا هي التي طلبت مني أن أطارد سهر وأفعل ما فعلت كانت تريد إبعادك عنها أو، أو موتها كي يرثها أبوها، لكن صدقني مستر فهد أنا أخبرتها بما حدث لي ولا أعلم ماذا خططت بعد ذلك؟ أنا حتى لم أرها صدقني مستر فهد"

تراجع فهد وقد أدرك أن الرجل صادق إلى هذا الحد وشكوكه كانت في محلها، نظر إلى جاك وقال "عندما تخرج من هنا لا أريد أن أسمع اسمك مرة أخرى وإلا أقسم ألا أعيدك بلدك مرة أخرى هل تفهم؟"

ارتجف جاك وهو يهز رأسه ويتمتم "نعم، نعم سأفعل"

خرج فهد فنظر إليه بيل ولكنه قال "لا يعرف شيء لكن مونيكا تعرف ولا وقت عندي للبحث عنها لكن لابد أن أفعل"

خرج الاثنان من المشفى وتحرك إلى السيارة وقد تأخر الوقت فقال بيل "والآن ماذا؟"

جلس في السيارة وقال "على الأقل أعرف ما إذا كانوا بالرحلة أم تركوها" 

أجرى اتصالا عرف منه أن مونيكا وأحمد لم يلتزما بالرحلة من بدايتها والآن أصبح لا يعرف مكانهم وأصبح اللعب على المكشوف..

ضرب بيده على المقود عدة مرات بقوة وقد ضاعت منه كل الأطراف وليس لديه أي دليل يرشده إليها 







أوقفه بيل "فهد توقف لا فائدة من كل ذلك"

اشتعل الألم والغضب داخله وهو يقول "أشعر بالعجز بيل أنا فهد أعجز عن أن أحميها، أشعر بالضعف وهذا يقتلني بيل يقتلني، ماذا أصابها؟ وكيف هي الآن؟ وهل سأراها مرة أخرى أم لا؟ أنا أكاد أصاب بالجنون"

ثم صرخ بقوة "يا الله رحمتك"

ربت بيل على كتفه وقال "كفى يا صديقي، أول مرة أراك هكذا إنها مجرد امرأة يا رجل"

نظر إليه وقد احمرت عيونه غضبا أو حزنا أو ألما أو ربما خليط منهم ثم قال "ليست أي امرأة بيل إنها امرأتي أنا، سهري أنا، سهر الفهد، هل تدرك معنى ذلك؟"

تراجع بيل وهز رأسه من قوة غضب صديقه ثم قال "أدرك ولكن لم أتخيل أن يكون الأمر هكذا وكأنك تتألم صديقي ولست فقط غاضبا"

أبعد عيونه وقال "إذا كانت النار التي أشعر بها تتأجج داخل صدري هو ألم فأنا أتألم، وإذا كانت أنفاسي التي لا تصل لرئتي لأن هوائها لم يعد موجود ألم فأنا أتألم، وأذا كان عجزي يشعرني بالضعف لأني لا أستطيع أن أجدها فأنا اتألم يا بيل نعم اتألم لفراقها اتألم من خوفي عليها اتألم يا بيل اتألم"

ثم أبعد عيونه وقد امتلأت بالدموع فاحترم بيل صمت صديقه وتركه لحظة قبل أن يقول "إذن لقد عرف الحب طريقه إليك يا فهد أنت تحبها يا رجل"

أبعد دموعه بقوة وقد انتبه للكلمة فنظر إلى بيل وقال "حب؟"







ابتسم بيل وقال "نعم الحب الذي لم يدق بابك يوما الحب الذي كنت تراه بين هدى وخليل هو نفس الحب الذي يربطك بها، أنت تحبها يا فهد وليس مجرد رغبه فيها كما كنت تقول"

تذكر كلماتها "أنت همجي وشهواني، أنا لا أحب طريقتك هذه، أنا أرفض طريقتك"

ولكنها لم تذكر مرة أنها ترفضه هو كانت تريده أن يتحدث بلغتها لغة الحب سمع بيل يقول "للأسف أنت كنت تعاملها على أنها من الفلاحين أمثالنا ممن لا معنى للكلمات عندهم ونسيت أنها أتت من مكان مختلف 








مثل أمها، عموما هي لم ترفضك فقط فرقتكم الأحداث وعليك أن تعيدها"

تاهت الدنيا من حوله وانتصبت كلمة حب أمام عيونه، هو الحب إذن يا امرأة، الحب هو الذي ربط بيننا وأنا أعلم أنك تحبينني، عيونك أخبرتني قبل لسانك بل أنت أخبرتيني عندما قلتِ أنه ليس إجبار وأنا لن أتركك ستعودي لي فأنتِ حبيبتي التي خدعني قلبي وأحبها فأضعفني أمامها ولكنه منحني القوة لأحارب من أجلها  

كاد يتحرك بالسيارة عندما رأى ضابط شرطة يدق على زجاج السيارة ففتح الزجاج فقال الضابط 

“ حضرتك صاحب السيارة؟"

هز رأسه وقال "نعم لماذا؟"

قال الضابط "انزل لو سمحت واعطيني رخصك"

نظر فهد إلى الضابط ثم نزل وهو يخرج رخصه ويمنحه إياها، نظر الضابط إليها ثم أشار لزميله وقال "حضرتك مطلوب القبض عليك"

نظر فهد إليه بقوة وقال "ماذا؟ أنا؟ كيف؟ ولماذا"

قال الضابط "بلاغ مقدم من مستر أحمد دسوقي أنك خطفت ابنته




 الآنسة سهر أحمد الدسوقي"

حدق فهد في الضابط ولم يجد أي كلمات يرد بها عليه 



تعليقات