رواية سهر الفهد الفصل الثالث والعشرون23بقلم داليا السيد


 
 رواية سهر الفهد


الفصل الثالث والعشرون 

بقلم داليا السيد


بحبك

عندما استيقظت مع الفجر كان من البرد الذي لفها لأن النار انطفأت من تلك الريح القوية التي كانت تهب بالخارج 



ومن الغيوم التي ملأت السماء، عرفت أن هناك عاصفة قادمة فقد أخبرها أنها سميت 



جزيرة العواصف من كثرة العواصف التي تهب عليها وسرعان ما انشقت السماء بنور البرق واستعدت هي لصوت الرعد القوي، انكمشت على نفسها وحاولت ألا تفزع فقد اعتادت على الأمر ولم تتحرك من مكانها فقد حماها الكهف من الأمطار الشديدة التي انهمرت بغزارة وازدادت الريح حتى كادت تقتلع الأشجار وازداد شعورها بالبرد وهي ترتجف ولم تملك إلا أن تبق بمكانها رغما عنها لأن العاصفة لم تنته إلا بعد منتصف النهار

عندما بدأت السحب تنقشع والأمطار تتوقف وتبدل الجو كالمعتاد تحركت إلى الخارج كان عليها أن تكمل ما بدأت قبل أن تأتي عاصفة أخرى وأسرعت تلملم تلك الأغصان التي حطمتها العاصفة وعادت إلى الرمال حيث جمعتها وأتت بتلك الفروع التي ستربط بها الأغصان ببعضها وظلت تعمل إلى أن




 انتصف الليل تقريبا أصيبت بالعديد من الجروح ولكنها لم تهتم كلما ربطت غصنا بالآخر زادت أمل في النجاح فاستمرت إلى أن انتهت مع شروق الشمس وقد شعرت أن الأمر لن يكون يسيرا، هي لا تعرف الاتجاه الصحيح وليس لديها شراع للريح كي تدفعها ولكن لا يهم ستصنع مجداف وتفعلها بنفسها دون شراع ..

عادت إلى النبع اغتسلت وهي تشعر بألم بكل جسدها وتناولت بعض الثمار الطازجة ثم قررت أن تنال قسط من الراحة قبل أن تشرع فى الذهاب بالقارب..

كانت الضربة قوية على رأسه ولكنها لم تفقده الوعي، فلت جيمس من يده وما أن استعاد نفسه وأدرك أن المرأة هي التي ضربته فاستدار وصفعها بقوة على وجهها فصرخت وسقطت على الأرض بينما أسرع جيمس ليهرب من فهد الذي أسرع خلفه

انطلق الرجل بكل قوته بين الشوارع المظلمة ولكنه اعترف أن الرجل ليس بضعيف وأخيرا وصلا إلى شارع سد فتوقف جيمس واستدار في فزع ليواجه فهد الذي بطء من سرعته وهو يتقدم تجاه الرجل ويلتقط أنفاسه قبل أن يقول 

“ والآن لا مفر مني إما أن تتحدث وأما أن تموت"

تراجع جيمس إلى أن التصق بالحائط ثم قال "أنا لا أعرف ماذا تريد مني"

شغل فهد الفيديو وقال "أعتقد أن هذا يساعدك على التذكر أليس كذلك؟"

أحفض الرجل نظره وقال "لا أعرف شيء"

لكمه فهد في وجهه بقوة عدة لكمات ثم قبض على ملابسه وقال "إذن أنا لست بحاجة إليك"

قبض فهد على عنق الرجل بقوة وبدأ يخنقه ببطء والرجل يحاول إبعاد فهد عنه ولكن لم تكن تدريبات فهد القوية من أجل لا شيء،وأخيرا هتف الرجل بصعوبة 

“ سأخبرك، أرجوك اتركني لا تقتلني، أرجوك"

خفف فهد من قبضته ونظر بعيون الرجل بقوة وقال "أقسم ألا أرحمك لو كذبت"

هز رأسه وقال "لن افعل، لقد سقطت بالمياه بجانب جزيرة العواصف هي التي ألقت نفسها صدقني، أنا كان من المفترض أن أنقلها إلى أحد الأماكن التي طلبوها، ولكنها ما أن رأت المسدس بيدي حتى ألقت نفسها بالمياة ثم اختفت ولم أجدها استدرت وعدت أكثر من مرة ولكنها لم تخرج من المياه"

تراجع فهد قليلا هو يعلم أنها ماهرة بالسباحة والغطس ولكن هل يمكن أن تكون قد فعلت ذلك الجنون وألقت نفسها وسط المياة؟ نظر إلى جيمس وعاد يضغط على عنقه وقال بقوة 

“ أنت كاذب أنا لا أصدقك سأقتلك لست بحاجة إليك"

فزع الرجل وأخذ يقاوم وهو يقول بصعوبة "أقسم أني أخبرتك الحقيقة، هب القت نفسها بالمياه ولم أراها بعد ذلك صدقني، حتى تلك المرأة رفضت إعطائي باقي حقي من المال لأني لم أكمل مهمتي وهددتني لو أخبرت أحد بالأمر ستقتلني، هذه هي الحقيقة"



خفف فهد من قبضته مرة أخرى ثم قال "حسنا أنا سأتركك ولكن لو رأيتك مرة أخرى بالقرب من المرفأ أو لو فكرت أن تمسها مرة أخرى لن أرحمك هل تفهم؟ وأنا لا أهدد أنا أنفذ"

هز الرجل رأسه في فزع فتركه فهد وانطلق مختفيا في الظلام وقد اتخذ قرار واحد

نامت كثيرا وعندما استيقظت كان الليل قد نزل والبرد عاد من جديد أشعلت نارا أخرى كي تعيد إليها الدفء ثم شعرت بالجوع ورغم الخوف من الظلام المحيط إلا أن ضوء القمر منحها بعض الأمان فخرجت لإحضار بعض الثمار شعرت بالألم ما زال بكل جسدها و مع ذلك نزلت إلى الغابة الصغيرة أحضرت بعض الثمار واتجهت إلى قاربها الصغير، اطمأنت عليه وكادت ترتد عندما سمعت صوت قارب 






وبالفعل لاحظته يقترب من بعيد انتابها الخوف وأسرعت إلى الأشجار في فزع وخوف؛ هل عرفوا مكانها فأتوا ليبحثوا عنها؟ لقد ظنت أنهم لن يفعلوا بعد كل تلك الأيام، اختفت بين الأشجار ولكنها سمعت صوت القارب يقترب أكثر فعاودها الخوف أكثر وزادت دقات قلبها  فأسرعت إلى كهفها الصغير ربما تختبئ به

مضى وقت غير طويل حتى سمعت صوت يناديها فعادت دقات قلبها تتسارع ..

أسرع تاركا جيمس ثم انطلق إلى المرفأ كان الوقت قد تأخر جدا وخف الزحام كثيرا راقب المرفأ من بعيد فلم ير أي رجال للشرطة تسلل إلى الداخل ومنه إلى مرفأ القوارب حيث النورس قاربه ركبه بسرعة ولم يلاحظه أحد، أداره بسرعة ثم انطلق به في المياه، الآن قلبه يخبره أنها هناك نعم هي أقوى من أن تهزمها المياه هو يثق بقدرتها، قلبه يخبره أنها بخير وتنتظره وهو ذاهب إليها ولن يعود بدونها

انطلق في المياه بأقصى سرعة إلى أن اقترب من الجزيرة فهدء منها إلى أن استقر بالقرب من الشاطئ، كان الظلام يحيط الجزيرة إلا من ضوء القمر الذي اضاء له الشاطئ وما أن استقرت قدماه على الرمال حتى تحرك بخفه عليها ولكن لفت نظره شيء ما بعيدا أسرع إليه ليجد ذلك القارب الذي كانت سهر قد أعدته لهروبها فابتسم وقال 

"قطتي الشرسة لا تستسلم أبداً"

ناداها ولكن ما من مجيب فانطلق إلى الأشجار وهو يعلم أنها بالتأكيد بجوار النبع فقد أحبت المكان مثله، ما أن وصل هناك حتى وجد المكان خاليا ولكنه لم يفقد الأمل فنادى بأقوى ما لديه 

“ سهر، سهر أنا فهد،سهر أين أنت؟ أعلم أنك هنا سهري أين ذهبتِ؟"

لم تصدق نفسها عندما سمعت صوته فأسرعت إلى الخارج ووقفت تتأكد من صوته ثم هتفت "فهد"

ما أن سمعها حتى التفت إليها وقد ارتج قلبه من السعادة، سمعها مرة أخرى تنطق باسمه "فهد"

أسرع إليها بكل ما أوتي من قوة كما أسرعت هي تنزل من الجبل وهو أيضا كلا منهما يتشوق للقاء الآخر وأخيرا ألقت نفسها بين أحضانه تبحث عن الدفء والأمان، أخيرا أتى إليها لم يتركها

شد عليها بأقصى قوة، ضمها إليه لربما أودعها داخل قلبه وأغلق عليها





 بضلوعه كي لا تبتعد عنه مرة أخرى همس "سهر، يا الله سهر الحمد لله كنت أعلم أني سأجدك هنا، آه سهر كدت أموت من الخوف عليك"

كانت تسمع دقات قلبه المتسارعة وهي سعيدة وانسابت دموعها مما أصابها في بعده 

أبعدها بلهفة وقال "أنت بخير؟ هل أصابك أي مكروه؟ آه سهر أنا آسف أنا السبب، ما كان يجب أن أتركك، أنا آسف"

ثم جذبها إليه مرة أخرى وكأنه يريد أن يتأكد أنها معه وليس حلم، همس وهي بين أحضانه "أحبك سهر، أحبك بجنون ولا يمكنني أن أعيش لحظة بدونك"

ابتعدت ونظرت إليه وهي لا تصدق ما قال، انهمرت الدموع غزيرة مع انهمار المطر وهي تقول "ماذا؟ ماذا قلت؟ أنت ماذا يا فهد؟ أنا لم أسمعك أنت ماذا؟"

أحاط وجهها بيديه بحنان وقال "أحبك سهر، نعم لم أكن أريدك إلا لأني أحبك ولأن قلبي كان يأمرني أن أبقيك بجانبه لأنه لا يمكن أن يعيش لحظة بدونك، أنت حياتي التي لم أعشها وحياتي التي أريد أن أعشها معك حبيبتي أنت سهري"

ثم عاد وجذبها إليه بقوة أكثر ثم انطلق الرعد لتفزع ابتعدت وقالت "هناك هيا"

تبعها إلى الكهف الذي أمضت به لياليها في خوف وبرد لكن الآن لا، الآن لم يعد للخوف مكان فهو معها حبيبها الذي انتظرته ها هو قد عاد إليها 

استقرا جالسين داخل الكهف الصغير فنظر إليها وقال "حبيبتى أنت بخير؟"

هزت رأسها فضمها إلى صدره فقالت "لا تتركني مرة أخرى فهد، لا أريد أن أعيش تلك الأيام مرة أخرى"

قبل رأسها وقال "حاضر حبيبتي، أعدك ألا أفعل، أنا آسف، لم أكن أتخيل أن يفعلوا ذلك"

نظرت إليه وقالت "هو ومونيكا أليس كذلك؟"

هز رأسه وقال "نعم سهري، والأكثر من ذلك أنه أبلغ عني الشرطة واتهمني بأني من خطفك"

تراجعت وقالت "يا إلهي! أنا لا أصدق، كل هذا من أجل المال"

أبعد شعرها المبلل عن عيونها وقال "نعم لابد أن نبلغ عنهم جيمس الطيار سيشهد عليهم أنا لا أثق بهم"






ولكنها  قالت "لا فهد لا يمكن أن أبلغ عن أبي يكفي أن يرحلوا ويتركونا، أنا لا أريد أن أضر أحد خاصة إذا كان أبي"

نظر لعيونها وقال "ولو أني لا اطمئن لذلك ولكن كما تشائين حبيبتي سأفعل ما تريدين"

عادت إلى صدره تلتمس الحنان فقال "آسف سهر أني لم أكن حصن الأمان الذي كنت تتمنين ولم أكن موجود وقت الخطر، آسف سهر سامحيني"

أراحت رأسها على صدره وقالت "ولكني كنت أعلم أنك ستكون من ينقذني ويعيدني لذا ستظل حصن الأمان لي إلى الأبد فهد"

عاد البرق والرعد ولكنها لم تعد تخاف لأنها معه بين ذراعيه هو أمنها وحصنها، أغمضت عيونها ونامت بدون خوف أو كوابيس أو حتى إحساس بالبرودة.. 

ضمها إليه بقوة ربما يعيد لقلبه الطمأنينة لأنها عادت إليه ويعيد إليها الأمان إلى أن شعر أنها نامت بين أحضانه فقبل رأسها وتركها وقد شعر بمدى حاجتها للراحة 

عندما داعبت الشمس عيونها فتحت عيونها لتجد رأسها على صدره وأنفاسه تضرب جبهتها تأملته وهو نائم كانت ملامحه جميلة رغم أن لحيته كانت قد نمت بشكل غير سوي والإرهاق بدا عليه، عادت برأسها على صدره وهي تسمع دقات قلبه الهادئة وذراعه تحيطها بقوة وكأنما يخشى من أن تذهب منه مرة أخرى

وأخيرا تحرك فاصطنعت النوم أبعد يده قليلا فتحركت هي الأخرى مبتعدة، نظر إليها كما فعلت وقالت "لقد نمت كثيرا ولم أشعر بشيء، متى ذهبت العاصف؟"





تحركت ولكنه أعادها إليه وقال "بعد الفجر، كنت كالطفل البرئ حبيبتي"

أخفضت عيونها وقالت "فهد ألن نعود؟"

مرر يده على وجنتها ثم إلى عنقها وجذبها إليه وقال "لم لا نقضي هنا بعض الوقت و"

ولكنها ابتعدت بسرعة كالعادة إلى الخارج ونزلت إلى الاسفل فابتسم وتبعها ببطء وقال "ألن تكفي عن ذلك؟"

قالت وهي تبتسم "أكف عن ماذا؟"

كان يتحرك باتجاهها وهي تتراجع فقال "سهر انتظري"

قالت "لا، أريد أن أعود سنتسابق إلى القارب"

قال وهو يتبعها "وإذا وصلت قبلك أقبلك"

قالت "لن تفعل"

وأسرعت قبله عبر الأشجار فابتسم وانطلق الفهد إلى القارب بطريق مختصر وخرج الاثنان من بين الأشجار بنفس الوقت ليسرعا إلى القارب ولكنه وصل قبلها ولكن لم يتقدم إلى القارب فتوقفت ولم تكمل فابتسم وقال 

“ قطتي خسرت"

تراجعت وقالت "لا، أنت تغش، أنت تعرف طرق مختصرة وأنا لا"

تقدم تجاهها وهي تتراجع قليلا فقال "سهر هيا اعترفي بالهزيمة وسددي دينك"

قالت بقوة "أبداً لن أفعل، وأنت تعلم ذلك"

أشاح بيده وقال "المصيبة أني أعلم، ومع ذلك أموت فىب شجاعتك وقوتك قطتي، والآن ماذا؟"

لم يشعر أنها كانت تجذبه في دائرة لتأخذه بعيدا عن القارب وبالعكس تقترب هي منه لذا ما أن بدء يقترب منها حتى استدارت وأسرعت إلى الماء لتلمس القارب ولكن يده كانت تسبقها وهو يحيطها بذراعه ويديرها بقوة ليلمس ظهره القارب وتقع هي فريسة بين أحضانه فتصرخ من الغيظ 

“لا، فهد اتركني فه.. "

ولكنه كالعادة لم يمنحها الفرصة لتكمل وإنما التهم شفتيها بقوة الشوق والعشق الذي ملاء قلبه تجاهها وبمقدار الخوف الذي كان يملك كيانه عليها، قاومته كالعادة 





ثم ما لبثت أن أحاطته بذراعيها وهي تشعر أنها نست كل ما كان، ذراعيه أعادتها لحلمها الجميل عن الزواج والأسرة والأولاد من ذلك الفهد الذي ملك قلبها وكيانها 

استجابت وكأنها تتأكد من أنها عادت إليه وأنها تملكه نعم ذلك الفهد ملك لها هي وحدها 

وأخيرا ترك شفتيها ولكن لم يبعدها وهمس "هل تحبيني سهري؟"

لم تفتح عيونها وإنما أخفت وجهها بصدره فضمها إليه بقوة وقال "لا أحتاج أكثر من وجودك معي حبيبتي كي يقر قلبي"

ثم حملها ليرفعها على القارب وتبعها وهو يقول "لابد أن نعود حبيبتي، الشرطة تبحث عني وعنك"

اتجه إلى غرفة القيادة وتبعته وهي تبتسم وقالت "ربما تخطفني مرة أخرى فهدي"

ابتسم وجذبها إليه وقال "ربما حبيبتى، كنت أنتظر يوم الزواج على أحر من الجمر وها هو يمر وأنا أتحسر عليه"

ضحكت وقالت "ترى وماذا سيكون الحل؟"

نظر إليها وقال "اليوم سأكتب كتابك سهري ولا يهمنب حفل أو زفاف لا أعلم كيف تركتك أمس دون أن .." 

ابتعدت بسرعة من جانبه في خجل إلى الأسفل فضحك بصوت مرتفع وقال "ولو سهري، اليوم ستكوني زوجتي أنا الهمجي المتوحش"

ابتسمت وهي بالأسفل، لقد كانت تريد أن تكون زوجته الآن قبل أمس





 فهى تحبه وتعشقه وهذا الحب لابد أن يحيا



 بالنور وفي الحلال هكذا تعلمت وهكذا لابد أن تكون..

             الفصل الرابع والعشرون من هنا



تعليقات