رواية سهر الفهد الفصل الخامس والعشرون25بقلم داليا السيد


 
 رواية سهر الفهد

الفصل الخامس والعشرون

بقلم داليا السيد



إصابات

صرخت سهر وجدها يسقط فوقها وصوت الرصاص يدوي بالقاعة وصرخات الموجودين الذين تسارعوا بالخروج 




سقطت سهر على الأرض وجدها يعلوها دون أن يفتح عيونه أو يكلمها وهي تصرخ به 

“ جدو، جدو ماذا حدث؟"





أبعدته على الأرض لتدرك أن الرصاصة أصابته بظهره فصرخت في هلع "جدو، جدو اجيبني، فهد، أين فهد؟"

ولكنها لم تجده فما أن انطلق الرصاص حتى أصابت الجد الرصاصة وتحرك فهد قبل أن تصيبه الرصاصة الثانية بكتفه ولكنه تلقاها وهو ينطلق إلى مصدر الرصاص ولاحظه الرجل فأسرع يهرب، تبعه فهد بقوة دون أن يعبأ بألم كتفه، وبالطبع سرعة الفهد لا تماثلها سرعة فهو مدرب على أعلى مستوى طوال سنوات عمره وهو يمارس الرياضة من أجل القوة والرشاقة وقد نجح في ذلك 






انقض فهد على الرجل ولكنه لم يكن خصم سهل ودخل فهد مع الرجل في معركة حادة سقط فيها كلاهما وعادا مرة أخرى وتفوق الرجل على فهد لأن فهد مصاب ولكن فهد قاوم إلى أن انتفض ولكمه بقوة ليسقطا، نهض الرجلان ليبرز الرجل سكين لمع تحت ضوء القمر الباهت وانقض على فهد ولكن تفاداه الأخير بمهارة هجم الرجل مرة أخرى إلى أن أمسك فهد بمعصم الرجل واشتبك الاثنان الرجل يحاول غرز السكين بجسد فهد وهذا الأخير يقاوم إلى ان ضغط الرجل بيده الأخرى على إصابة فهد فتألم فهد وأفلتت يده فغرز الرجل سكينه بجانب فهد الذي صرخ مرة أخرى من الألم ونهض الرجل ليهرب ولكن فهد وضع ساقه بطريقه فتعثر الرجل بها وسقط بينما كان فهد قد نزع السكين من جانبه بألم وقذفها بقوة لتنتهي بصدر الرجل الذي سقط على الأرض 

نهض فهد بصعوبة وانقض على الرجل وكال له العديد من اللكمات إلى ان فقد الوعى سقط فهد بجانبه من الالم الذى يشعر به بينما وجد بيل يلهث خلفه 

“ فهد يا إلهي فهد! أنت مصاب بشدة"

قال فهد بألم واضح "اربطه، كي..لا يهرب، واتصل بالشرطة، سهر؟"

قال بيل "لا أعرف جدها مصاب بشدة وهي.."

تحرك فهد بصعوبة دون أن يسمعه عائدا إليها، ولا يشعر بذلك النزيف الشديد الذي كان بجراحه، وصل إلى البيت واستند إلى الباب ودخل سمعها وهي تصرخ وتنادي باسمه وهب راقدة بجوار جدها والدماء تلطخ كل شيء وقد انفض البيت ولم يوجد أحد من المدعوين فهتف بصعوبة 

“ سهر"

نظرت إليه واتسعت عيونها وهي ترى الدماء تسيل من كل جسده فصرخت وهي تسرع إليه "فهد لا، فهد"

ما أن وصلت إليه حتى سقط بين ذراعيها وقد اطمئن أنها بخير، سقطت به على الأرض وهي تصرخ من وسط دموعها 

“ فهد لا، فهد أنت وعدتني ألا تتركني مرة أخرى، لماذا فهد؟ لماذا كل مرة تتركني؟ فهد رد، فهد لا تذهب أرجوك"

أخذت تحرك وجهه بجنون وعادت تصرخ وهي تضم رأسه إلى صدرها في ألم وخوف وحزن "يا الله أبي وزوجي؟ أنا لن أتحمل، يا رب رحمتك يا رب آه فهد لا تذهب أرجوك، فهد"

نظر بيل إليها وقد شعر بالشفقة من أجلها ثلاث ساعات وهي تقف على قدميها بجانب غرفة العمليات، اتجه إليها وقال

“ أرجوك سهر اجلسي قليلا ستنهارين"

لم تتوقف الدموع وهي تقول "أنا انهرت وانتهيت بيل هذين الرجلين هما حياتي كلها ليس لي سواهم لم أحب إلا هما ولم أعرف غيرهما لو ضاعا ضعت، ضعت بيل"

أبعد عيونه بألم وحزن ولم يجد أي كلمات، تقدم الضابط منهم وقال "سيدتي لابد أن أعرف ماذا حدث؟"

نظرت اليه فأخذه بيل وابتعد فهي لن تقو على الكلام لا عقلها يميز شيء ولا لسانها سيقول أي شيء، حتى الكلمات تعجز عن وصف شعورها؛  ربما الضياع كما قالت، وربما الألم أو الخوف، عندما ابتسمت الأيام ومنحتها الرجل الذي كانت تحلم به أتت الآن الأقدار لتنزع منها اثنين وليس واحد وفي تلك الليلة







، ليلة العمر الليلة التي كان هو وهى ينتظرونها، ما هذه القسوة التي تعاملهم بها الأقدار؟ أين رحمتك يا رب؟ أكيد الآن ستكون رحيم لأني لا أعترض على أقدارك ولا أطلب عدالتك ولكني فقط أرجو رحمتك .

فتح باب العمليات فجأة وخرج طبيبين تحركت ببطء في فستانها الذي تلون بالأحمر من الدماء، وتبعها بيل وضابط الشرطة 

قال الطبيب "لقد نجا الجميع"

زادت دموعها وهي تهمس "الحمد لله، الحمد لله"

قال الضابط "ما مدى خطورة إصاباتهم؟"

قال الطبيب الأول "مستر محمود إصابته بالظهر لكن لم تصب العمود الفقري هو فقط السن ربما يضعف قدرته على الشفاء السريع، الرجل الآخر إصابته بسيطة السكين بالصدر لكن ليست خطر بالصباح سيخرج من العناية"

حاولت أن تتماسك وهو يكمل "مستر فهد بنيته قوية مما ساعده على تحمل الإصابات ورغم أنه نزف كثيرا إلا أننا نقلنا له دم وأخرجنا الرصاصة من كتفه، إصابة السكين هي التي كادت تصيب الكبد بمليمتر لذا مرت على خير هو ربما يبقى قليلا بالعناية حتى يستعيد وعيه"

أغمضت عيونها وابتسم بيل وقال "متى سيخرجون من العناية؟"

قال الطبيب الثاني "ليس اليوم طبعا، ما زال أمامهم بعض الوقت"

كاد الرجلان يتحركان عندما قالت "أريد أن أرى جدي وزوجي فهد"

هز الطبيب رأسه وقال "لا سيدتي حالتهم لا تسمح ليس قبل الصباح"

تراجعت فقال بيل "هل تجلسين الآن؟ سيكونون بخير"

هزت رأسها وجلست وهي تحاول أن تستعيد نفسها، ها هو سيعود إليها، كم تشتاق إليه وإلى نظراته التي تمتلئ بالحنان، ابتسامته التي تملاء دنيتها سعادة، سيعود هي تعلم أن الله لن يتخلى عنها ولن يحرمها منه ولا من جدها سيعودان إليها ..

لم تغفل لحظة واحدة وكلمات رأت الأطباء شعرت بالخوف ولكنهم كانوا يبتسمون لها. في الصباح أحضرت لها هالينا ملابس أخرى غيرتها وأسرعت إلى مكانها، كان بيل قد ذهب وعاد مرة أخرى مع الضابط الذي قال 





“ والآن، سيدتي هل نتكلم؟"

هزت رأسها وحكت ما حدث فقال "هل تشكين بأحد "

نظرت إلى بيل ثم قالت "نعم، وسأخبرك الآن " 

ابتسم بيل وهز رأسه ليوافقها على ما ستفعل فهي لن تجازف مرة أخرى بحياة أحد منهم 

انتهت فقال بيل "أنا أطلب حماية لمدام سهر منهم هي ليست أول مرة يا فندم"

هز الضابط رأسه وقال "نعم وأنا سأفعل وسنحاول البحث عن المشتبه بهما إلى أن يفيق المتهم ونأخذ أقواله هو الآخر"

على الظهيرة أفاق المجرم وأرشد على أن من طلب منه ذلك رجل برازيلي. 

وأخيرا خرج الطبيب وقال "يمكن إخراج مستر محمود لقد استقرت حالته"

قالت بلهفة "وفهد أريد أن أره"

قال الرجل "لم تستقر حالته بعد، بمجرد تحسن الحالة سأخرجه"

قالت برجاء "أريد أن أراه من فضلك"

ولكنه قال بإصرار"لا سيدتي حالته لا تسمح"

تراجعت إلى أن التصقت بالحائط وعادت الدموع تعبر عن الألم والحزن وكذلك الخوف الذي يملأ قلبها عليه وهمست من داخلها 

"فهد حبيبي لا تتركني، لن أقو على الحياة بدونك، أنت تخيفني فهد فأنا الآن أخاف بشدة وأريدك كي يعود إلي الأمان، هيا فهد عد إلي أرجوك ولا تتركني، هدى كانت تعلم أني سأحبك وأتزوجك وأعيش معك هنا وها أنا فعلت والآن لن تخلف ظنها فهدي، أنا انتظرك حبيبي ولو انتظرتك لآخر العمر"

خرج جدها إلى غرفة عادية قاومت أن تلقى رأسها على صدره وتبكي بقوة فأبعدت عيونها فقال "سهر ابنتي"

أمسكت يده وقبلتها وقالت "أنا لا أستحق حياتك جدو"

ابتسم وقال بضعف "وما معنى حياتي بدونك حبيبتي؟"

بكت مرة أخرى فقال "اهدئي يا سهر أنا بخير أين فهد؟"

رفعت رأسها بدموعها وقالت "فهد اصيب هو الآخر وما زال بالعناية، أنا أخاف عليه جدو، أخاف عليه جدا"

أغمض الرجل عيونه وقال "لم أتخيل أن ابني يمكن أن يكون سببا في تعاستي وتعاسة ابنته، آسف حبيبتي لم أحسن تربيته"

لم ترد والألم يملؤها والصمت وجد طريقه اليها وهي جالسة بجانب جدها وعاد إليها بيل فهمس "لم يجدو والدك ولا امرأته"

قالت بتساؤل "رحلا؟"

هز رأسه "لا يوجد ما يثبت رحيلهم أخطأ فهد عندما تركهم يوم خطفك"

هزت رأسها وقالت "أنا السبب، أنا التي طلبت منه أن يتركه ظننت أنه أبي ولن يفعل ما يضرني، لم أظن أن يفكر بقتلي"

ابتعد بيل وقال "أنت وفهد سهر، لقد أطلق الرصاص عليكما أي أراد قتلك وقتل فهد حتى يحصل على كل شيء، ما لا تعرفيه أنه خسر كل أمواله بسبب القمار





 وفشل آخر ثلاث أفلام له مع مونيكا، لذا أتى يبحث عن المال كي يعوض خسارته وينتج هو فيلم لها ولنفسه من أموالك"

أغمضت عيونها، إنها لا تتألم لأنه لا يمثل لها إلا اسم في الأوراق الرسمية  وهي أدركت ذلك فعلا بعد ما فعل كل ذلك. 

دق الباب ودخلت الممرضة وقالت "الطبيب يطلبك مدام"

انقبض قلبها ونظرت إلى بيل ثم انطلقت إلى 




الخارج والخوف والفزع يتصارعان داخل صدرها من أجل حبيبها 


تعليقات