أخر الاخبار

رواية عازفه علي وتر قلبه الفصل الرابع عشر14 بقلم ياسمين احمد

رواية عازفه علي وتر قلبه 

الفصل الرابع عشر14 

بقلم ياسمين احمد

عقب وصول سامر أمام البوابه الرئيسيه لمنزله حتى دلف بالسيارة الى الحديقه المحيطه بها وترجل منها وبصحبته رامى ,,أما عن عينيه فقد كانت كفيله بفضح مشاعرة وعن أى حديث يمكن أن يقال حيث كانت أمارات الحزن والخوف على زهرة باديه فوق وجهه الوسيم لكنه بدى متماسكا كى لايظهر بمظهر الضعف أمام أحد وكى لايزيد من الخوف فى قلب الصغير وماأن وطئ بقدمه داخل الشقه حتى وجد والدته تجلس فوق كرسيها الهزازمغمضه العينين أقترب منها وطبع قبله فوق أعلى رأسها لتفتح هى عينيها وقطبت مابين حاجبيها بدهشة وأستغراب لأن أبنها رحل وعاد فى وقت قصير جدا على غير العاده وهذا الأمر جعلها فى حيرة من أمرها لتتجه ببصرها نحو الصغير الذى كان يقف بجوار سامر بحزن بينما كان الأخير يضع أحدى ذراعيه فوق كتفه محاولا التخفيف عنه الأ أن والدته لم تفهم سر مايحدث حتى قطع هو حيرتها متنهدا بأحباط وأستطرد ليقول بأسى ولوعه : دة رامى أخو زهرة هيبيت عندنا كام يوم ......صمت برهة وجف حلقه وأبتلع ريقه بصعوبه شديدة وعاد ليكمل بمرارة ولوعه: علشان ... علشان زهرة أتخطفت .


شهقت والدته بصدمه ووضعت يدها فوق فاها من هول ماسمعته وسرعان ماتحولت صدمتها الى حزن عميق بدى فوق ملامحها لتتحدث بحزن وعويل : أيه أتخطفت ؟بنتى أتخطفت ياسامر؟ 


حدق سامر فى وجه والدته بدهشه مستغربا حديثها عن زهرة بتلك التلقائيه والعفويه كأنها أبنتها التى من صلبها ليسألها بتعجب : بنتك!  


نظرت ثناء الى عمق عين أبنها وهى تعلم جيدا أنه يحب تلك الفاتنه الرقيقه التى سلبت لبه لتهتف بثقه ويقين تام : أيوة بنتى بنتى اللى مخلفتهاش وأعمل حسابك من دلوقتى تأب وتغتطس تدور عليها وتجيبها لحد هنا سالمه غانمه أنت فاهم ؟


زفر سامر بآسى وحزن وجلس بجانب والدته ثم سألها بحيرة : أيوة ياأمى بس أنا خلاص خلصت أوراق سفرك وكل حاجه جاهزة ولازم تسافرى فى أسرع وقت علشان تعملى العملية لأن حاله قلبك بتتعب أكتر وأنا مش حمل خسارتك كمان مش معقول هتستنى زهرة لغايه لما ترجع .


تحدثت ثناء بحزم قاطع : وأنا مش متحركه من هنا ولا هأعمل العملية غير لما ترجع بالسلامة وأطمن عليها بنفسى غير كدة مافيش كلام تانى ممكن يتقال.


كان سامر يعلم علم اليقين أن والدته شديده العناد وعندما تحكم رأيها فى شىء فلابد وأن ينفذ حتى ولو كان فوق رقاب الجميع ليستطرد سامر قوله بحزم : أطمنى ياأمى أنا هأعمل المستحيل علشان الأقيها لأنى كمان خايف عليها زيك بالظبط ومش هستريح ولاهيهدأ لى بال غير لما أعرف طريقها ومش هاسكت غير لما أرجعها بنفسى من اللى خطفوها...قام من جوار والدته وأتجه صوب رامى الذى لم يجف الدمع من عينيه لحظه ليجثو الأخير أمامه وأخذ يمسد فوق شعرة بحنو مستهلا حديثه بهدوء : رامى أنت مانمتش من أمبارح حبيبى ومحتاج تنام كويس وزى ماوعدتك أبله زهرة هترجع والله العظيم هترجع بس توعدنى الأول أنك تبطل عياط أتفقنا. 


أومأ رامى رأسه بالأيجاب دون أن يعقب ليستدير سامر برأسه نحو والدته وقال بتأكيد : أمى أنا هطلع مع رامى دلوقتى أوريله الأوضه اللى هايبيت فيها وبعد كدة هسافر عند أهل زهرة لأزم أعرف هما خاطفينها ليه وعاوزين منها أيه.  


عاد سامر ليستدير برأسه نحو رامى ثم سأله بأهتمام : رامى عمك وأبن عمك لما كانوا عندكم أخر مرة قبل خطف زهرة ماسمعتش منهم بالظبط هما ساكنين فى أى محافظه فى الصعيد؟


ولأن رامى كانت حالته النفسيه سيئه جدا ولاتسمح له بتذكر شىء حرك رأسه بنفى ليقوم سامر بقطب حاجبيه بضيق وقام بأمساك كتفى الصغير بقوة وتحدث اليه بشىء من الحده والعصبيه : رامى أرجوك حاول تركز معايا أكتر من كدة أكيد هما لما كانوا عندكم قالوا قدامك هما من أى بلد لكن حزنك على أختك مش مخليك عارف تفكر كويس وطبعا مقدر الحاله اللى بتمر بيها لكن على الأقل حاول تشغل دماغك وتفتكر أى حاجه. 


ساد صمت مطبق على الثلاثه بينما كان سامر ووالدته ينظرون الى رامى منتظرين منه أن يقول أى شيئا يريح بالهم بينما ظل الصغير يفكر بأمعان شديد الحديث الذى صدر عن عمه وسرعان ماقال بثقه : أعتقد أنهم من محافظه قنا. 


تحدث سامر بنبرة هادئه وخافته نحو الصغير رغم حالته النفسيه التى كانت تعكس ذلك : رامى أنا مش عاوز أعتقاد أنا عاوز كلام مؤكد علشان هبدأ أتحرك بناء عن كلامك أنت متأكد أنهم من محافظه قنا؟ 


أومأ الصغير رأسه بالأيجاب وقال بتأكيد: أيوة ياأنكل.


تبادل كلا من سامر ووالدته النظرات فى بينهم بصمت ليعاود الأخير التحدث بنبرة حازمه وقويه : أمى أنا طالع أغير هدومى وهنزل أسافر لأزم أعرف حكايتهم أيه بالظبط. 


أومأت والدته رأسها بالأيجاب دون أن تنبت ببنت شفه داعيه من داخلها أن يوفق أبنها فى رحله سفرة ..بينما صعد هو ورامى الى الدور العلوى ليقوم الأخير بتبديل حلته الرماديه بحله سمراء وأعطى للصغير ثيابا كان قد أشتراها وهم فى طريق العودة الى الشقه وطلب منه بأن يأخذ قسطا من الراحه ريثما يعيد اليه شقيقته. 


لكن قبل رحيل سامر من الغرفه سأل رامى بحيرة : رامى فى ألغاز كتيرة أوى عالقه بذهنى ومحتاج أفهمها منك ليه عمك وأبن عمك مافكروش يسألوا عنكم غير دلوقتى؟؟كانوا فين طول السنين اللى فاتت دى كلها !!!مع العلم أنهم ببساطه كانوا ممكن يزوروكم بما أنهم قرايبكم أشمعنى دلوقتى بالذات؟ أكيد فى حاجه غامضه ومبهمة فى الموضوع دة لأنهم مش ممكن يخطفوها لمجرد أنها طردتهم من الشقه بس !!!. 


زفر بأحباط وقام بتحريك كتفيه بعدم معرفه ليجيب علي سامر بحيرة أنتابته: معرفش ياأنكل معنديش فكرة عن سبب خطفهم لأختى لكن لما فتحتلهم باب الشقه خوفت جدا من منظرهم وملابسهم اللى كانت تحوى أنهم مش من هنا بجانب أنى عمرى ماشوفتهم قبل كدة وحتى نظراتهم المريبه ليا كانت مخوفانى جدا منهم وبعد شويه كانت أبله زهرة رجعت من المعهد وقابلتهم بأستغراب يومها حاولت أنها تخفف عنى حدة توترى وبعدين عمى أعطاها أوراق تثبت نسبنا ليهم وقال أنه يبقى أخو بابا الله يرحمه بس مش شقيقه ومعرفش هما عملوا كده ليه.  

 

زفر سامر بضيق لعدم معرفه السر الحقيقى الذى يجعل العم يقوم بخطف أبنه أخيه ليستطرد قوله بهدوء : رغم أحساسى أنى بمشى جوة حلقه مفرغه ملهاش أول من أخر ومش عارف أوصل لحل نهائى يريحنا كلنا لكن تأكد أنى هبذل كل مافى وسعى علشان خاطرها وخاطرك أنت كمان.


قال رامى بحزن دفين : أنا واثق منك ياأنكل وعارف أنك مش هتيأس وهترجعها ربنا معاك ...صمت برهة وأستطرد قوله بشكر وأمتنان : متشكر لحضرتك على الهدوم اللى جيبتهالى جت على مقاسى بالظبط. 


مسد سامر فوق شعر رامى بحب وهتفت بثقه ويقين : مش تشكرنى لأنها حاجه بسيطه جدا لكن أشكرنى لما أختك ترجع ونبقى مطمنين عليها أتفقنا.

أوما الصغير رأسه بتفهم وقال بأبتسامه باهتة : أتفقنا ياأنكل.

***************************************

نزل سامر وجثى فوق ركبتيه أمام والدته وقام بأمساك كفها وطبع عليه قبله رقيقه ثم سرعان مارفع بصرة اليها وقال لها برجاء : أدعيلى ياأمى ربنا يسهل الأمور والأقيها .


أبتسمت ثناء بود وقامت بالتمسيد فوق شعرة بحنو قائله له برضا: داعيلك يابنى ربنا يسهل كل أمورك وترجع زهرة لأننا كلنا بنحبها مش كدة ولا أيه !!!


كان الحزن يسيطر على ملامح سامر ليومئ برأسه بالأيجاب وقام بتودعيها وخرج من الشقه وتحرك بسيارته بسرعه الريح عازما على تحقيق هدفه وبالفعل سافر الأخير الى محافظه قنا حيث أستمر فى القيادة عدة ساعات متواصله دون أنقطاع وعقب وصوله الى أحدى الطرق المؤديه الى كفر حمدان النجدى وجد رجالا تابعين لعواد يقطعون عليه الطريق بالعصى والشوم ليقول واحد منهم بصوت قوى وغليظ : وجف عندك ياولد وأرجع مكان ماكنت.


أستنكر سامر رد فعل هؤلاء الرجال ليقوم بالترجل من سيارته وبدأ بالتقرب منهم بتحدى واضح وتحدث بضيق وعصبيه مفرطه: مش من حقكم تمنعونى أنى أسوق عربيتى فى طريق عام دة نوع من الهمجيه وقله ذوق منكم وسعوا خلونى أكمل طريقى. 


تحدث شخص بأستفزاز نحو سامر : لع لحد أهنة مافيش أى غريب يدخل عندينا واصل أرجع يابن الناس بدل ماتلاجى العصى والشوم نازله فوج نفوخك طوالى. 

 

تعصب سامر وبلغ به الغضب مداه بسبب أستفزازهم المتكرر له ليقول بحده وحنق : أنا عاوز أقابل كبير المنطقه دى وده من حقى على فكرة.   


تحدث أخر بسماجه : عندينا أهنة كلهم كبارت المنطجه تجصد مين فيهم.


لأنت ملامح سامر المتجهمه وتحدث بنبرة هادئه : عاوز أقابل الحاج حمدان النجدى أو أى طرف من عيلته.


نظر رجال عواد الى بعضهما البعض بدهشه وذهول بينما أستطرد أخر قوله بنزق وسماجه: مافيش أهنة حد بالأسم دة بجولك أيه ياأخينا أنت يستحسن ترجع لدارك لأننا مابنسمحش بدخول حد غريب طرجنا بجى.


شعر سامر باليأس والأحباط ما جعلة يضطر للجوء الى أحدى أقسام الشرطه لأبلاغهم بما حدث معه وأن هؤلاء الرجال قطاع طرق ولم يسمحوا له بعبور الطريق لكن الضابط الفاسد والمسؤول عن القسم كان مقربا جدا من عواد بسبب أن الأخير ساعده فى الوصول الى منصبه بالوساطه والرشوى ليقول له ببرود وعدم مبالاة بأنه لايمكنه فعل أى شىء حيال هؤلاء لأنهم أقوى منه بمراحل ولربما قاموا بتهشيم سيارته وأحداث فوضى وشغب ليخرج سامر من القسم بخفى حنين بعدما فشل فى الوصول الى منزل حمدان ليصعد فى سيارته عائدا الى الأسكندريه لاسيما أنه لايملك القوة الكافيه لهزيمة عشرة رجال دفعه واحده غير أنه لم يجد أى خيط رفيع يوصله الى مكان مالكه قلبه بسبب تعنت الجميع معه حاول مرارا وتكرارا الرن على هاتفها الخلوى لكنه كان دائما مغلق وخارج التغطيه ليجر أذيال الخيبه وعاد اليأس يتملك منه وعقب وصوله البوابه الرئيسيه لمنزله حتى دلف بالسيارة الى الحديقه ومنها الى الشقه مرورا بصعودة الى غرفته وأغلق الباب على نفسه رافضا التحدث حتى الى أقرب الناس اليه,,وفى صبيحه اليوم التالى ذهب مجبرا الى المعهد ولم تكتفى حالته النفسيه السيئه ألا أنه تلقى توبيخا عنيفا من العميد بسبب عدم أبلاغه بالتغيب ليبدأ سامر بسرد شرح موقفه لتستع عين العميد تدريجيا بصدمه وقام بضرب يدة فوق سطح مكتبه بقوة وأستطرد ليقول بغضب وحده.


-: وأنت أزاى تفضل ساكت يوم بحاله من غير ماتقولى طب على الأقل كنت أتصلت عليا وبلغتنى باللى حصل كنت أتصرفت لأن فى واحد صاحبى ظابط وماكنش هيتوانى فى أنه يدور عليها وكان هيرجعها حتى ولو كانت فى أخر الدنيا.


زفر سامر بأحباط وقال بنبرة حزينه وضيق علا فوق أنفاسه : ومين قالك أنى ماعملتش كدة ؟ ده أنا لجاءت للشرطه علشان يساعدونى لكن للأسف تعنتوا معايا ومحدش أفادنى بحاجه..ثانيا مش حابب أعرف حد فى المعهد بحكايه خطف زهرة والموضوع يكبر ويحصل شوشرة وكمان وعدت أخوها أنى أرجعها وأنا لسه عند وعدى وكلمتى له وأن شاء هألاقيها.


سأله العميد بأستفسار : طيب هتتصرف أزاى وهتعمل أيه؟

قام سامر بتضييق عينيه بتحدى وأستطرد قوله بأصرار وعزيمه: مش عارف لكن أكيد هلاقى حل ومش هيأس أبدا.


تحدث العميد برجاء : ياريت يكون بسرعه ياسامر علشان الحفلات متعطله خصوصا أنكم مش متواجدين أنت وهى.


تنهد سامر بحرارة وتحدث بحزن تملك منه :وأنا كمان محتاج لده النهاردة قبل بكرة ...كل اللى طلبه من حضرتك أنك تدعيلى أوصل لها بسرعه وكمان ياريت محدش من البنات يعرف بموضوع خطفها علشان مايحصلش أى قلق يأثر عليهم بالسلب وبالأخص أن زهرة بالنسبه صديقتهم المحبوبه والمقربه ليهم.


قال العميد بتحفظ : حاضر وعد أن محدش يعرف أى حاجه رغم تحفظى على كدة أنما لابد من السكوت علشان ميحصلش بلبله ونفسيه البنات تتعب ..أثناء حديثهم لم يكونوا على درايه بأن سها سمعت حوارهم وهى تمر بالقرب من مكتب العميد ما جعلها تشهق بفزع وصدمه وترقرقت عينيها بالدموع ودعت ربها فى سرها أن يطمئن قلبها على صديقتها الوحيده والقريبه الى قلبها .

***************************************

فى منزل حمدان النجدى كان الأخير قد سافر بصحبه ولديه عواد وعتمان لأحدى محافظات الوجه البحرى لأستيراد الأسمدة الخاصه بالمحاصيل الزراعيه وقبل سفرهم بيوم واحد أمر عواد أثنين من رجالة بالوقوف أمام باب المنزل كى يمنعوا زهرة من الهروب ..أما عنها هى فقد ذهبت الى بيت العائله مرغمه وليس بمحض أرادتها بعدما أقنعها عمها بأن بيته هو ملاذها وأمنها وعقب وصولها وجدت نفسها محاصرة بين راويه ونوارة زوجات أولاد حمدان اللأتى كن يتعمدن مضايقتها فى غياب أزواجهن حيث أقتربت راويه من الأخيرة وقامت بأمساكها من شعرها بعنف لتقول بسخط وضجر. 


-: جوليلى ياحلوة شعرك دة ولاعيرة؟

حاولت زهرة التملص من بين أنياب تلك الشرسه التى مازالت تمسكها من شعرها بغل وحقد ملأ قلبها لكن المسكينه فشلت فى أبعادها لتقوم نوارة بأبعاد سلفتها عن زهرة بصعوبه وأستهلت قولها بسخط وألم .


-: آآآة شعرى والله العظيم شعرى ماهواش عيرة ولاحاجه .

لوت راويه شدقها بأستخفاف ورفعت أحدى حاجبيها بحقد من تلك الجميله الواقفه أمامها بتحدى وأبتسمت بسماجه وعادت للتقرب من زهرة وقامت تلك المرة بوضع أحدى أصابعها فوق صدغ الأخيرة وظلت تتلمسه وأستهلت لتقول بسخريه ونزق : وكمان ملغمطه وشك بكيلو بويه علشان تبانى أنك حلوة وأنتى لاحلوة ولاحاجه مش تتغرى فى نفسك أكده..صمتت برهة وعادت لتكمل بنفس وتيرتها الساخرة : عارفة أنى لو كنت بحطت من البتاع اللى فى وشك دة هأبجى أحلى منيكى بكتير. 


شعرت زهرة بالأهانه بسبب تلك الكلمات الجارحة التى تصدر كل ثانيه من فم راويه لتستطرد قولها بعند وكبرياء : لاأطمنى أنا مابحطش فى وشى حاجه دى طبيعتى اللى ربنا خلقنى بيها وبعدين اللى أنتى بتقولى عليه دة أسمه ميك آب ياجهلة مش أسمه بويه.


أستشاطت راويه بغضب بسبب تلميحات زهرة الساخرة منها وكادت أن تشتبك معاها لولا تدخل نوارة للفصل بينهما ليمر يومين أخريين كانت الأخيرة تحبس نفسها داخل الغرفه التى تبيت فيها منذ أن وطئت بقدميها داخل بيت عمها وحتى لا تصطدم براويه ولكى لايحدث بينهما تعارك وتشابك بالأيدى وفى أحدى المرات كانت تجلس زهرة فوق أحدى الأرائك البلدى بالأسفل منكمشة على نفسها تستند بمرفقها على رأس الأريكه شاردة واضعه باطن كفها فوق صدغها الأيسر وظلت تتحدث من داخلها الى متى ستظل حبيسه سجينه داخل جدران هذا البيت الكبير والعتيق فكل مايشغلها هو شقيقها ومن يهتم لأمرة ويرعاه ثم سرعان ماظهرت فوق ثغرها أبتسامة خافته عندما تذكرت سامر مرورا بكل المواقف المضحكه والغير مضحكه التى مرت بهما لتلاحظ نوارة وراويه شرودها لتستطرد قولها نحو سلفتها بعتاب.


-: بكفايكى بجى ياراويه كل يوم شبطه وخناج مع زهرة من يوم سفر عمى بالله عليكى خفى علي البت شوي دى شكلها طيبه وعلى نيتها جوى.


تحدثت راويه بسخط وضجر :طيبه وعلى نيتها هه ..والنبى مافى حد على نياته غيرك أنتى يانوارة ومش دريانه بملعوب الستات دى بتتسهوك جدامك بس علشان تصعب عليكى أنما دى من اللى مابيجولوا عليها ياما تحت السواهى دواهى أنى لو أطول كنت جطمت رجبتها ورأسها اللى حطاها فى السما ولاكأنها بنت برام ديله أنى رايحه لها. 


أمسكت نوارة سلفتها من رسغها بقوة كى تمنعها من التهور وأخذ الأمور بتسرع أتجاة لتهتف برجاء : معلش تعالى على نفسك وأتعاملى معاها باللين أتفجنا.

زفرت راويه بأستياء ثم قالت على مضض: طيب هحاول. 

 

ذهبت راويه ونوارة بأتجاه زهرة الجالسه بشرود لتحمحم الأولى بتأفف جعلت الأخيرة تنتبه لها وأعتدلت فى جلستها وقطبت مابين حاجبيها بغضب وظلت ترمقهم بتحفز ثم تحدثت الى كليهما بتحذير : لو حد منكم قرب منى مش هيحصله كويس فاهمين ولالا. 


نكزت راويه سلفتها من مرفقها وهى تبتسم بسخريه ومالت برأسها نحوها ثم قالت بهمس ونزق : هه فاكرانى هخاف منيها دة بعدها. 


وقفت راويه أمام زهرة بتحفز وسرعان ماظهرت على جانب زاويه شفتيها أبتسامة ساخرة وقالت بأستخفاف : بجولك أيه يامحروسه حدانا أهنة كل واحده منينا سواء أنى أو نوارة بنعمل الوكل كلاته وبصراحه أكدة الدور عليكى النهاردة فأنى بجول تجصدى الشر معايا وتجومى من سكات تعملى الوكل بنفسك ودة لمصلحتك طبعا ها جلتى أيه؟ 


قالت زهرة بشموخ وكبرياء : خلاص مافيش مشكله بس لازم تعرفى أنى بعرف أعمل كل حاجه بنفسى ومش محتاجه حد يعدل عليا تمام . 


جزت راويه على أسنانها بسخط من تلك الجميله الواقفه أمامها بثبات والتى تعادل جمالها بمراحل لتقوم بألقاء جلباب حريمى بلدى واسع نحوها  وأستطردت قولها بعند : أكدة طب أتفضلى أخلعى خلجاتك دى ورينا شاطرتك بجى طالما واثجه من نفسك يلا ياحلوة أتحركى جدامى لجل ماأوريكى المكان اللى هتخبزى فيه العيش وبعد ماتخلصى خبيز هتعملى الوكل كلاته يلا وبلاش تحطى مناخيرك فى السما علشان ماتجعيش فوج رجبتك. 

   

أمسكت زهرة ذلك الجلباب الحريمى بين يديها وفركته بين أناملها تتلمس خيوطه القويه والمتينه بأعجاب ورغم علمها بأن خامته من نوع ممتاز الأ أنها قالت لراويه بأستفزاز مطلق : ياااااى بلدى أوى الجلابيه دى وواسعه جدا مش هينفع ألبسها خالص لو سمحتى هاتيلى واحده تانيه غير دى بس تكون شكلها شيك ومظبوطه أوك.


تصاعدت وتيرة الغضب على ملامح راويه بسبب أستفزاز زهرة لها وكادت  تشتبك معها لولا تدخل نوارة التى منعتها من فعل ذلك لتقوم الأولى بمسح يدها على وجهها حتى هدأت وأبتسمت بسماجه وقالت بعند : لع مافيش غير أكدة وهتلبيسها يازهرة ولو ماتوعطنيش هتشوفى راويه بحج وحجيجى وهطلع كل زرابينى عليكى فأحسنلك يابت الناس تلمى الدور علشان أنى خلجى ضيج وعلى الأخر منيكى أتفضلى خلصينا بجى فى يومك اللى مش فايت دة. 


قامت زهرة بتبديل ثيابها بالجلباب الحريمى بضيق وضجر تحت بصر راويه ونوارة حتى وصلت الى المكان المنشود حيث كان مكان ريفى قديم ذو سلمات خشبيه لتنزل من فوق الدرج بتمهل ظنا منها أنه سينهار عليها حتى وطئت بقدميها الأرض لتزفر بأرتياح شديد ووجدت فرن بلدى دائما ماكانت تراه فى أفلام العربى القديم لكن لم يخيل أنه سيأتى يوما وتراه حقيقه مؤكدة أمام عينيها كانت تشعر بالأنبهار وظلت تجوب ببصرها يمينا ويسارا بأعجاب لتقوم راويه بدفعها بكلتا يديها عده خطوات الى الأمام بحقد وأشارت بيدها نحو كيس كبير مملوء نصفه بالدقيق لتتحدث بأستخفاف . 


-: يلا يا حلوة شوال الدجيج جدامك أهوة ورينا بجى همتك. 

أتسعت عين زهرة عن أخرهما بصدمه ثم هتفت بأستنكار : أيه دة أنا هعمل الدقيق اللى فى الشوال دة كله لا طبعا مش هيحصل وعلى فكرة كدة كتير وأسلوبك أوفر أوى أنا مش هستحمل كدة أبدا.


رمقتها راويه بشزر وأخذت تحرك كتفيها بلامبالاة ثم قالت ببرود: أذا كان عجبك.


زفرت زهرة بضيق وقالت بأستياء : لا طبعا مش عاجبنى ولا أأصر الشر بدل ماتقتلينى ولاحاجه. 


أعطت راويه لزهرة أناء كبير وقامت الأخيرة بأخذة منها وقامت بصب الماء فوق الدقيق وبدأت بعجنه حتى أصبح متجانسا تماما وبدأت بفردة بأتقان ووضعته داخل الفرن البلدى واحدا تلو الأخر بهمه وسط أعجاب وأنبهار من جانب نوارة وأستياء وحنق شديد من جانب راويه ورغم أرهاق زهرة وتعبها بسبب كثرة العمل الا أنها لم تشكو بل كانت تعمل بنفس راضيه قنوعه بينما كانت نوارة مشفقه عليها لتقوم الأخيرة بأخذ سلفتها بعيدا عنها وأستهلت لتقول بعتاب : بكفايه بجى ياراويه البت خلاص هتخلص منينا دى تعبت من كتر الخبيز والوكل اللى حطاه كلاته عليها ياريت بالك يصفى من ناحيتها وتهدى شوى أنى من رأيى أنكم تبجوا أصحاب أحسن وتتعودوا على بعض.


بقى الحال على ماهو عليه لمدة يومين الى أن بدأت راويه بالفعل تلين فى معاملتها أتجاه زهرة شيئا فشيئا وبدأت تألف وجودها معهم ولم تعد تتحفز لها كما كان فى السابق وبينما كانت الأخيرة تجلس شاردة حتى لاحظت نوارة شرودها وقامت بوضع سبابتها وأبهامها نحو مقدمه وجهها كنوع من التفكير وأستطردت لتقول بحماس شديد : بس لجيتها .


رمقتها راويه بشزر ثم زمت على شفتيها بسخريه وقالت بأستنكار من أندفاع سلفتها المفاجئ : هى أيه اللى لجيتها يالسعة أنتى؟ 


هتفت نوارة بهمس : بما أن زهرة بجت مننا وعلينا وأتعودنا علي وجودها معنا أنتى تروحيلها وتحكي لها باللى سمعتيه بودنك من حديت عمى وعواد وشوفى كيف هيكون ردها.


رمقتها راويه بغضب وأستطردت بحدة : أنتى باينلك أتخبلتى فى عجلك عاد أيه اللى بتجوليه دة يانوارة عاوزانى ببساطه أكدة أروح أرمى نفسى فى النار وأجولها عن اللى سمعته لع يانوارة لع وألف لع دى أسمها فتنه ومش بعيد تأخد الحديت منى وتروح تنجله لعواد بعد مايرجع هو وعمى وساعتها هيصر على موجفه ويطلجنى ويتجوزها أنسى الفكرة دى واصل.


حركت نوارة رأسها بنفى وقالت بثقه : لع ياراويه البت دى مابتطيج ريحه  عواد وبعدين أنتى نسيتى أنه كان سبب فى خطفها عن طريج مخيمر صدجينى دة الوجت المناسب علشان هى كومان تعرف حجيجه عمها وأبن عمها اللى عاوزين يلهفو ورثها بالعافيه لمحى لها بس وشوفى ملامحها هتجول أيه.


زفرت بضيق وقالت بخوف وقله حيله: هجولها وأمرى لله وربنا يسترها بجى.


ذهبت راويه بأتجاه زهرة وعندما أقتربت منها أتعدلت الأخيرة فى جلستها وظلت تنظر بضجر وضيق ظنا منها أنهم سيطالبونها بالمزيد من العمل الشاق لتقوم زهرة بضرب كفها فوق الأخر بتذمر وتحدثت بشىء من العصبيه : لابقى أذا كنتم جايين علشان تطالبونى أشتغلى وتطلع عينى فى شغل البيت تبقو بتحلموا أنا بقالى أربع أيام من يوم ماجيت هنا وأنا بشتغل كفايه بقى حرام عليكم أرحمونى. 


ربتت نوارة فوق كتف زهرة مطمئنه أياها وأستطردت لتقول بهدوء وأتزان : لع يازهرة مش هنطالبك بأيوتها حاجه أحنا جايين نجعد معاكى شوي لاتخافى مننا وكومان راويه عندها حديت مهم لازما تسمعيه منيها لول وبعد أكدة أبجى جولى اللى هواكى فيه.


وزعت زهرة نظراتها بريبه بين راويه تارة وبين نوارة تارة أخرى فعن أى حديث يريدون التحدث معها بشأنه لتبدأ الأولى بسرد مخطط عمها وأبن عمها لتزويجها من هذا الأخير بغرض سرقه ال10 أفدنه التى تملكها من والدها الراحل والذى كتبه الجد قبل موته وأنه بزواجها منه سيؤل له كل شىء بما فى ذلك هى وميراثها لتتسع عين زهرة عن وسعهما وظلت تتسأل فى نفسها أيعقل أن يكون أقرب الناس اليها قد ماتت ضمائرهم الى هذا الحد ونفوسهم بهذا القدر من السوء لتخفض زهرة بصرها فى الأرض بصمت وسرعان ماهددت دموعها بالسقوط وقامت بوضع كفيها فوق وجهها تبكى حظها فى الحياه حتى عمها وأبن عمها طامعين فيها لتربت راويه فوق كتفيها محاوله التخفيف عنها ورفعت الأخيرة بصرها اليها وهى تبكى وتنهدت بحسرة قائله بمرارة ولوعه كست كل ملامحها الجميله.


-: خلاص كدة ولالسه عندك حاجه تانيه هتقوليها ياراويه؟

قالت راويه بأسى : لع مافيش على العموم أنى أكدة خلصت ذمتى من ربنا وجولتلك كل حاجة علشان أريح ضميرى من ناحيتك وكومان تبجى على نور وعندك علم باللى بيحصل من ورا ضهرك ...صمتت برهة وأستطردت قولها بثقه : زهرة رغم أنى فى اللول ماكنتش طيجاكى لكن بعد أكدة أتعودنا عليكى أنى والبت نوارة وماكنش ينفع أنى أفضل ساكته وكاتمه سر خطير زى أكدة لحد ماتجع الفاس فى الرأس عمك وأبن عمك أول ماهيرجعوا هيجبروكى على أنك تتجوزيه بالغصب وأنى عارفه ومتأكدة أنك مش عاوزة عواد ولا ريداه كزوج لكى صوح.


أبتسمت زهرة من بين دموعها لكنها سرعان مافطنت للأمر وسبرت أغوارها  لتقوم بالتربت فوق كتف راويه وهتفت لتقول بثقه ومجالا لايدعو للشك : لا ياحبيبتى أطمنى أنا مش فى دماغى عواد أصلا وعمرى مافكرت فيه كزوج لأنى بعتبرة زى أخويا مش أكتر من كدة.


زفرت راويه بأرتياح لأن زهرة طمأنتها أنها لاتفكر فى عواد سوى كأخ لها لتستطرد قولها بلين وهدوء : طمنتى جلبى وعلشان أكدة أنى هساعدك. 


سألتها زهرة بأستفسار وحماس : بجد هتساعدينى أزاى ؟

قالت راويه بثقه : لو أصر عواد على موجفه وجوازة منيكى وده تجريبا اللى هيحصل...صمتت برهة وبدأت تسرد عليها خطتها المحبوكه التى ستنفذها لتندهش زهرة مما سمعته حتى أنتهت من شرح الخطه كامله لتسألها راويه بأستفهام : ها جولتى أيه يازهرة؟


قالت زهرة بحماس : والله فكرة مش بطاله بس يارب تنجح .

قالت راويه بحزم ويقين تام : لع ماتخافيش من الناحيه دى أطمنى أنى هأعرف أتصرف زين المهم تنفذى اللى هاجولك عليه بالحرف من غير أى غلطه أتفجنا ياجميل. 


قهقت زهرة بملء فاها وقالت بسعاده : أتفجنا ياجميل أنت .


كانت زهرة تشعر بأنفراجه كبيرة بعد تلك المشكله التى تمر بها والتى كادت أن تعصف بها لولا مجىء راويه فى الوقت المناسب لتحل تلك المعضله الخاصه بزواجها من عواد لتتفرغ فيما بعد للهروب والعودة الى الأسكندريه حيث شقيقها الذى ينتظرها على أحر من الجمر والى صديقتها وقبلهم سامر الذى ملك قلبها وحبها له يسرى فى دمائها رغم عدم أفصاحها عن مشاعرها ولما لا فهو الوحيد الذى وقف بجانبها فى السابق وهو القادر على الوقوف مرة أخرى للتصدى لأبن عمها الجشع الذى يريد أن يورثها رغما عنها .

*********************************************

سافر سامر مرات ومرات الى قنا وفى كل مرة كان يستوقفوة رجال عواد الذين كانوا يتعمدون قطع الطريق عليه ويقفون له بالمرصاد ويمنعوة من المرور حتى يأس تماما ..وكان يذهب الى المعهد لكى يواصل حصصه بينما عقله مشغول بزهرة وفى أحدى المرات وهو يعزف على البيانو أخطأ أكثر من مرة وجميع الفتيات لاحظوا ذلك ..أما هو فقد أخفى عن الجميع حقيقة خطف زهرة كى لايثير القلق فى نفوس صديقاتها ..أما عن سها فكانت حالتها سيئه جدا ولم تذق طعما للنوم منذ أن عرفت أن صديقتها المقربه قد أختطفت حاولت كثيرا الأتصال عليها من هاتفها الخلوى لكن دون جدوى حتى أنقضى اليوم بطوله وعندما خرجت من المعهد وجدت خطيبها ينتظرها بسيارته أمام بوابه المعهد لتصعد جانبه دون أن تتفوة بحرف والحزن يخيم على كل ذرة من ملامحها ما جعل الأخير يستغرب حزن خطيبته الذى لاحظه عليها منذ فترة ليوصلها الى أحدى المطاعم القريبه وهى كما هى صامته واضعه كفها فوق صدغها الأيمن وشاردة فى الفراغ الذى أمامها من الخارج بينما كان هو يراقبها فى صمت وقام بطلب الطعام لهم عله يستطيع أن يخرجها من حزنها ولكن هيهات فسها كانت فى واد وخطيبها فى واد أخر ليزفر أبراهيم بضيق وسرعان ماقام بالتربت فوق كفها الباسط فوق الطاولة بحنو كى تنتبه له وسألها مستفسرا بحيرة. 


-: مالك ياسها وشك مش طبيعى وحزينه بقالك فترة أحكيلى يمكن أقدر أساعدك .


وأستدارت سها بوجهها نحوة ونظرت اليه بعيون دامعه وقالت بمرارة : زهرة أتخطفت ياأبراهيم قلبى واكلنى عليها آوى والأستاذ سامر سافر أكتر من مرة عند أهلها فى الصعيد وبرضه مقدرش يتوصل للمكان المخطوفه فيه حتى أنا حاولت أتصلت عليها كتير بس تليفونها دايما مغلق وغير متاح أنا هتجنن من كتر خوفى وقلقى عليها ومش عارفه أعمل أيه.


رشف أبراهيم رشفه بسيطه من كأس العصير الموضوع أمامه ثم سألها بدهشه : طب وأنتى عرفتى منين أنها أتخطفت؟


زفرت بلوعه وأختنق صوتها وقالت بصعوبه شديده: سمعت بالصدفة الأستاذ سامر وهو بيكلم العميد فى مكتبه وقال أنها أتخطفت واللى خطفها أبن عمها لكن للأسف محدش يعرف السبب وليه عمل كدة.


أجهشت سها بالبكاء حتى أن كل من بالمطعم لاحظوا ذلك وظلوا يحدقون اليها بدهشه بينما قام أبراهيم بالتربت فوق كفها بحنو حتى هدأت ليستهل حديثه بجديه : معلش ياسها أن شاء الله تطمنى عليها قريب المهم خليكى معايا شويه علشان عندى خبر حلو أوى هيفرحك.


مسحت سها دموعها بمحرمه ورقيه ونظرت اليه بأهتمام ثم سألته بأستفهام : خير أن شاء الله ياأبراهيم؟


ظهرت أبتسامه واسعه فوق شفتى أبراهيم وحمحم عدة مرات ونظف حلقه ثم قال بثقه : خلاص ياحبيبتى كلها كام يوم وهتبقى مراتى وحبيت أعزمك النهاردة علشان أقولك أنى هاجى بكرة أخدك أنتى وباباكى ومامتك تنزلى تنقى العفش بتاعك على ذوقك وبعدها نكتب الكتاب ونعلى الجواب ياجميل أنت.


حركت سها رأسها برفض وقالت بأصرار : لاياأبراهيم ماينفعش دلوقتى لا الوقت ولا الظروف متاحين لدة وبعدين مقدرش أعمل فرحى طول ماصديقه عمرى مخطوفه وبعيدة عنى أن شاء الله لما ترجع بالسلامه أبقى أفكر فى موضوع جوازنا .


فرغ أبراهيم فاه بصدمه وظل محملقا اليها بذهول بضع ثوان ثم أنتفض من فوق كرسيه كمن لدغة عقرب وقال بعصبيه شديدة :نعم قلتى أيه!! يعنى أيه مش هتتجوزى غير لما تطمنى على صاحبتك أنتى أكيد بتهزرى صح ؟


حركت رأسها بنفى وقالت بتأكيد : لاطبعا مابهزرش أنا بتكلم جد عمرى ماهبقى فرحانه وزهرة مش موجودة جنبى دة أنا حتى معرفش هما بيعاملوها أزاى. 


تصاعدت وتيرة الغضب فوق ملامح أبراهيم حتى وصل الى مداة ليجيب عليها ببرود عكس عما بداخله من ثورة : ماشى ياسها على راحتك خالص بس خدى بالك أنا أستحملت فوق طاقتى وأعملى حسابك لو متجوزناش فى خلال أسبوع أعتبرى الموضوع أنفض وماترجعيش تعيطى وتقولى سابنى ليه بصى يابنت الناس أنا هاسيبك يومين أتنين لحد ماأعصابك تهدى وتعرفى تفكرى كويس وتخدى قرار نهائى وبعد كدة لنا قاعدة تانيه عن أذنك. 


كاد أبراهيم أن يتركها ويرحل لتقوم هى بمناداة عليه برجاء وأستجداء ليزفر بضيق وأستدار اليها وبدى على ملامحه التجهم والعبوس ثم قال بتأفف : نعم عاوزة أيه؟


سألته سها بغباء كأنها لم تستوعب ماقاله لها منذ ثوان : أنت صحيح ياأبراهيم عاوز تتجوزنى؟


لأنت ملامح أبراهيم كثيرا وعاد للتقرب من الطاوله ولكن تلك المرة بجانبها وظل ينظر الى عمق عسليتيها بعشق وهيام وسرعان ماأنفجر ضاحكا بصوت شبه مرتفع على ساذجتها وقام بقرصها من وجنتيها بنعومه وهتف بهدوء : أمال أنا عمال أهاتى فى أيه من الصبح وبعدين أنتى لسه عندك شك فى كلامى أوفى حبى لكى؟


شعرت سها بسعادة غامرة كأنها عصفور كنارى يغرد وأن حلمها بات على وشك التحقق وسوف تتزوج بفارس أحلامها ذلك الذى ملك قلبها وكيانها كله لتبتسم بحبور وقالت بمزاح ومداعبه : أصل بصراحة المفاجأة جميله جدا وماكنتش متوقعاها لأن نص كلامك بيجى فى الأخر على الفاضى. 


قهقه أبراهيم بملء فاه وحرك رأسه بيأس وبعد أن توقف عن الضحك قال بمنتهى الجديه : لا المرة دى جد يلا ياحبيبتى أرجعك الشقه بالمرة أقولهم على الخبر دة وأن شاء الله من بكره هتنزلى تنقى كل اللى نفسك فيه ......صمت برهة وهو مازال ينظر اليها بهيام ومال برأسه نحو أذنيها وتحدث بهمس لتتسع عين الأخيرة بصدمه من جرأته وتوردت وجنتيها بحمرة الخجل الشديد وقامت بضربه بخفه فى كتفه كى تبعده عنها وقالت بشىء من الضيق : عيب ياأبراهيم الكلام اللى بتقوله دة متنساش أننا فى مكان عام أتفضل رجعنى البيت لو سمحت علشان أنا بجد زعلت من كلامك دة. 


عاد أبراهيم ليقهقه بصوت مرتفع ماجعل كل من بالمطعم يحدقون اليه بدهشه ليشعر بالحرج بعد ثوان عاد ليقول بهمس: يابنتى أنتى هتبقى مراتى أيه المشكله بقى.


قالت سها بعند : لما أبقى فى بيتك أبقى ساعتها قول اللى أنت عاوزة.


ضيق هو عينه بمكر وأستهل ليقول بأستفزاز : ده أنا هأقول كلام أنما أيه هيعجبك آوى .


قامت بضربه ضربه خفيفه فوق كفه كى يكف عن الحديث وبعد أنتهاءهم من تناول الطعام خرجوا من المطعم وقام بأيصالها نحو شقتها وعقب دلوفهم قاموا أهلها بأستقباله بترحاب وبدأ بسرد كل شيئا عليهم وعلت السعادة فوق وجوههم لأن خطيب أبنتهم جاد تلك المرة فى تحديد موعدا للزفاف وفى اليوم التالى ذهبوا لأختيار أنسب الأثاث وفى خلال يومين فقط كانت شقه أبراهيم مجهزة ولم يعد يتبقى سوى أيام قليلة على العرس ليتم بعدها كتب الكتاب وأقام الأخير حفل زفاف لمحبوبته فى أفضل القاعات ,,أما عن سها فبدت مثل الأميرات فى ثوب الزفاف ورغم أنها تزوجت بحبيبها الا أنها بقت حزينه لأن صديقتها ليست بجانبها فى يوم عرسها وبعد الأنتهاء من الحفل أخذها أبراهيم وأتجه بها نحو شقتهم ليبدأوا رحلة حياتهم الزوجية السعيده التى لطالما حلما بهما الأثنين وعقب وصولهم حملها الأخير بين ذراعيه وصعد بها نحو غرفتهم ثم أنزلها بتروى وعقب دلفوهم الى الغرفه حتى قام بأوصاد الباب خلفهم لتتورد وجنتيها بحمرة الخجل ثم أزاحت الطرحه من فوق شعرها وحاولت جاهدة فتح سحاب فستانها لكن السحاب كان متشابكا ومعقدا جدا حتى أنها فشلت فى فتحه لتزفر بضيق وتأفف بسبب ذلك الفستان اللعين لتقول لزوجها برجاء.


-: أوووف السوسته ماسكه أوى مش عارفه أفتحها ممكن تساعدنى فى فتحها ياأبراهيم لو سمحت؟


أقترب أبراهيم منها وقام بأبعاد خصله متمردة من شعرها المموج والمصفف بعنايه خلف ظهرها لتظهر عظام أكتافها المرمريه بعنقها الطويل والمغرى ليميل هو عليها وبدأ بطبع عدة قبلات رقيقه شغوفه على طول عنقها لتغمض هى عينيها بأستسلام للمساته وبعد توقفه أستدار وأصبح خلفها مباشرة وقام بشد سحاب الفستان بتمهل ليسقط الفستان على الأرض بينما شهقت هى بخجل شديد وأدارها نحوة لتتقابل نظراتهم العاشقة لثوان معدودة ثم حملها بين ذراعيه وأتجه بها نحو الفراش ومددها عليه وبدأ يبث كل مشاعرة المتأججه لها حتى غرق كلاهما فى بحور من العشق .  

***************************************

كان هاتفها الخلوى لايكف عن الرنين المتواصل لتقوم ألهام بالتململ من على الفراش ثم رفرفت بعينيها وفتحتهما بتثاقل لتزفر بضيق ويأس فهى لم تنم سوى بضع سويعات قليله منذ أن وطئت بقدميها داخل هذا البيت القديم لتقوم بسحب هاتفها بتكاسل وتثأبت بعمق وفتحته وهمت بالرد على المتحدث قائلة بعدم تركيز ونعاس : أيوة مين معايا ؟


 تحدث مندوب من السفارة : أيوة يامدام أنا مندوب عن سفارة مصر وحبيت أبلغك أن التزكرة بتاعتك والتأشيرة جاهزين لأستلامهم . 


أنتبهت ألهام لحديث المندوب بتركيز وقامت بالأعتدال فوق المضجع ومررت انأملها بين خصلات شعرها القصير بعفويه وهتفت بشكر وأمتنان:تمام متشكرة جدا لحضرتكم أن شاء الله بعد ساعه ونص هأكون عندكم.


أغلقت ألهام هاتفها مع المندوب وقامت بالأتصال على الضابط شادى وأبلغته بالأمر وبعد نصف ساعه الضابط مصطفا بسيارته أمام باب البيت ليجدها تقف أمام عتبه الباب من الخارج لتتحرك نحوه وصعدت داخل السيارة جانبه ليقوم هو بالتحرك بالسيارة وظل يقودها حتى أوصلها أمام بوابه السفارة ثم دلفوا اليها وتسلمت كل الأوراق اللأزمه لعودتها الى مصر وفى اليوم التالى أصطحبها لأيصالها نحو المطار وقام بتأمينها هو وأثنين من الحراس حتى وصلت أمام بوابة المطار وقبل دلفوها الي داخل المطار صافحها الضابط بحرارة وأستطرد بشىء من المزاج الممزوج بالجديه. 


-: مدام ألهام عاوز أقولك على حاجه مهمة أوى قبل ماتسافرى وأعتبريها نصيحه من أخ لأخته ياريت المرة الجايه لما تختارى شريك حياتك أبقى أختارى صح أرتبطى بواحد على خلق ودين يراعى ربنا فيكى لأنه أكيد هيخاف عليكى وعمرة ماهيزعلك وأبعدى خالص عن الراجل اللى يدخل لك بالكلام المعسول لأنه هيبقى أونطجى وبياع كلام وربنا يسعدك ويوفقك فى حياتك.  

 

بعد أن أنهى الضابط الحديث معها ودعها ثم صعد داخل سيارته وظل يتابع الأمر أولا بأول من خلال أتصالاته برجاله المكلفين بحمايتها داخل المطار ولم يتحرك من مكانه قيد أنملة الأ عندما تأكد أنها صعدت داخل الطائرة وبدأت تتحرك بها ودعى أن تصل الى أرض الوطن بسلام.    


بعد عده ساعات بدأت تحط الطائرة داخل مطار القاهرة الدولى وعقب ثباتها على الأرض زفرت ألهام بأرتياح شديد لأنها عادت الى بلدها بأمان ولأنها نالت كامل حريتها وأستعدت للنزول منها وبعد الأنتهاء من الأجراءات المتبع أجرائها  بدأت تتسلم حقائب سفرها واحده تلو الأخرى بينما عقلها شرد فى كل الذين أحبتهم بشدة فكم أشتاقت الى أهلها وكم أشتاقت الى سامر الذى أحبها وفضلها على كثيرا من النساء لكنها بغباءها أضاعته وكم كانت مخطئه فى ذلك فها هى قد جنت ثمار خذلانها له وذاقت كل أصناف العذاب والألوان على يد زوجها السابق لتزفر بضيق عقب تذكرها ذلك وعقب خروجها من المطار وجدت والدتها وشقيقها فى أنتظارها على أحر من الجمر لتهرول بأتجاههم وعند وصولها اليهم أرتمت بين أحضان الأخيرة ثم أجهشت فى بكاء متواصل بينما قامت والدتها بضمها الى صدرها بقوة وأخذت تربت فوق ظهرها وظلت تهدهد فيها كالأطفال حتى هدأت ألهام وصعدت فى المقعد الخلفى هى ووالدتها فى سيارة شقيقها الذى ماأن رأها أمامه حتى أستقبلها بترحاب وسعاده بالغه لتستطرد ألهام قولها بأشتياق.


-: يااااه ياماما قد أيه وحشتونى آوى قد أيه كنت مفتقداكم جدا ....صمتت برهة وأختنق صوتها كأنها فى مكان مغلق ليس فيه هواء لسحب أنفاسها ثم عادت لتقول بمرارة : أنا شوفت كتير أوى بسبب وسيم بس الحمد لله خلصت من جوازته الغبرة اللى كان معيشنى فيها .


رغم سعاده مديحه بعودة أبنتها سالمه بين أحضانها الا أنها كانت تنظر اليها بعتاب ثم قالت لها بلوم : أنا ياما أنبح صوتى معاكى وقلتلك بلاش وسيم وأنتى اللى أصريتى تتجوزيه رغم عنا صح ولاغلط.


أبتلعت ألهام ريقها بصعوبه ولم تعقب فوالدتها محقه فى كل كلمه قالتها لها وظلت صامته لبعض الوقت ثم سرعان ماخرجت عن طور صمتها بأن هتفت بألم ولوعه : ماكنتش أعرف أنه بالسفالة والوضاعه دى تصورى ياماما أنه كان بيجيب رجالة أشكال وألوان فى بيته وكان بيطلب منى أنى أعمل معاهم حاجات تغضب ربنا ولما كنت برفض كان بيضربنى كل علقه والتانيه لدرجه أن الكدمات أتملت فى جسمى كله وكانت أحيانا بتفضل أثرها معلمه فيا لمده أسبوعين بس الحمد لله أدينى خلصت منه بعد ماطلقنى وأخد جزاؤة الرادع ودخل السجن وبقيت حرة أخيرا ....صمتت برهة بينما كانت عينيها تجوب كل شبر من أرض الوطن لتستكمل حديثها بحنين: وحشتنى مصر أوى .....وواحشنى سامر جدا ياترى عامل أيه دلوقتى ياترى فاكرنى ولانسينى. 


حملقت والدتها فى وجهها بتعجب بسبب أهتمامها الزائد عن سامر والحديث عنه بتلك الطريقه كأنها لم تكن المذنبه فى حقه لتستطرد مديحه قولها بسخط وضجر : لا والله فيكى الخير أنك لسه فكرة تسألى عنه دلوقتى مش دة برضه سامر اللى أتخليتى عنه فى عز ماكان محتاجلك.


زفرت ألهام بتأفف ثم قالت بضجر : ياماما أنا راجعه بشكيلك همى دة بدل ماتواسينى بتزودينى وبتلومنى كمان.


وجهت مديحه بصرها نحو أبنتها ثم قالت بعتاب : أيوة بلومك علشان سامر راجل بجد شاب طموح وناجح ومهذب مش وسيم اللى عملك من البحر طحينه وزغلل عينك بالفلوس ولما جتلك الفرصه دوستى على الأنسان المحترم وجريتى ورا الفلوس وكانت النتيجه أيه غير أنك رجعتى ندمانه بعد ماشوفتى الذل على يد البيه جوزك. 


نظر خالد الى والدته عبر المرآة الأماميه بعتاب ثم قال بضيق: مش وقته الكلام دة ياماما ألهام راجعه تعبانه بعد مشوار طويل ياريت نقفل عن أى حاجه تفكرها باللى حصلها مع طليقها المهم أنها بقت فى حضنك ولما نوصل بالسلامة وتستريح كام يوم أبقوا أتكلموا وأتعاتبوا زى ماأنتم عاوزين.


زفرت مديحه بقله حيله ثم أستهلت حديثها برجاء ودعاء من قلبها الى ربها :ربنا يهديكم ياولادى ويطمن قلبى عليكم أنا مش عاوزة حاجه من الدنيا غير سعادتكم .


كانت ألهام تشعر بالأرهاق الشديد لذا قامت بوضع رأسها فوق كتف والدتها شاعرة بالأمان ثم رويدا رويدا غفت بين أحضانها لتقوم الأخيرة بطبع قبله مطوله فوق مقدمه رأسها رغم غضبها منها الأ أنها أم مثلها مثل أى أم تفرح وتتألم من أجل أولادها ..أما عن شقيقها فظل يقود السيارة بتروى حتى عاد بهم نحو شقتهم .

         الفصل الخامس عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close