أخر الاخبار

رواية عازفه علي وتر قلبه الفصل الثالث عشر13 بقلم ياسمين احمد

رواية عازفه علي وتر قلبه 

الفصل الثالث عشر13 

بقلم ياسمين احمد

داخل منزل الحاج حمدان النجدى كانت عقارب الساعة المعلقه فوق الجدار تشير الى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل وكل من بالمنزل نأمون ,,أما عن عواد فقد كان ممددا فوق مضجعه موليا ظهرة لزوجته وظل يتململ فى دون توقف بعدما جفى النوم عينيه ثم أعتدل وأزاح الغطاء من فوقه وأستدار برأسه نحو الأخيرة وظل ينظر اليها بتمعن شديد وعقب تأكدة أنها أستغرقت فى النوم حتى قام من جانبها بهدوء وأخذ الكوفيه الموضوعه فوق حماله الملابس التى بجانب خزنه ملابسه ووضعها على جلبابه فوق أكتافه القويه وأخذ يتسحب خلسه وخرج من الغرفه بحذر فوق أطراف أصابعه ونزل الى الطابق الأرضى واضعا نعليه تحت أبطه ويسير حافى القدمين لكى لا يصدر صوت ثم قام بلثم فمه وأنفه جيدا بالكوفيه وظل يتلفت حوله يمينا ويسارا بضع ثوان زيادة فى التأكد والأمان وخرج من المنزل وأتجه نحو أرضه وظل يسير فيها بعقل شارد عن كيفيه أحضار زهرة اليه حتى ولو كان بالأكراة وبعد تفكير عميق ومضنى جال بخاطرة فكرة أختطافها لكنه لايمكنه فعل ذلك كى لايسبب لنفسه المزيد من المتاعب وبالأخص مع والده وزوجته التى ترفض وجود ضرة معها فى نفس المكان وأذا كان ولأبد عليه الأستعانه بمن يقوم بتلك المهمة عوضا عنه ولكن من ياترى !!! من يمكنه تسهيل تلك المهمة له ظل فترة طويله من التفكير حتى قطع تفكيرة ذاك الذى كان يتعقبه ويمشى خلفه طوال الوقت ولم يشعر بوجودة بسبب شرودة ليربت ذلك الغامض فوق كتفيه وأنتفض عواد بفزع وأستدار برأسه نحوة ليجدة مخيمر صديقه وساعدة الأيمن ليزفر بأرتياح وقام بأزاحة الكوفيه من فوق وجهه وبانت عروق رقبته البارزة غيظا وغضبا منه وظل ينظر اليه بشزر وكان على وشك أن يرد عليه برد لازع لولا أنه تمسك بأعصابه فى اللحظه الأخيرة كى لايندم هذا بجانب أن مخيمر جاء اليه فى الوقت المناسب ليحل تلك المعضله التى حيرت عقله سحب عواد نفسا عميقا ثم علت فوق شفتيه أبتسامه ثعلبيه ماكرة وأخذ يربت فوق كتف صديقه وتحدث بهمس وبفحيح أفعى لا تليق الأ به.


-: رغم أنك رعبتنى الا أنك جيت فى وجتك .

نظر اليه مخيمر بعدم فهم وأستطرد ليقول بحيرة : أنى مافهماش أيتوها حاجه ممكن تفهمنى واحدة واحدة أكدة عاوز تجول أيه ؟


تلفت عواد حوله بحذر ثم همس فى أذن مخيمر بصوت خافت : فتح ودانك معايا يامخيمر وأسمعنى زين.


بدأ عواد يقص عليه حكايه زهرة من أولها لأخرها وأن جدها قبل موته شعر بالندم الشديد أتجاه أبنه وعندما رفض الأخير أخذ أى مال منه أضطر لكتب جزء من ثروته لحفيدته ويقدر بحوالى 10 أفدنه من الأراضى الزراعيه كحق أنتفاع ,,وأنه (عواد) لايرغب فى أن تأول أى قطعة زراعيه لأى أحد مهما كان حتى ولو كانت لأبنه عمه ذات نفسها لذا سافر برفقه والده اليها فى الأسكندريه كى يعرفوها بأنفسهم لكنهم أخفو عنها حق ميراثها من والدها الراحل كما أهانتهم أهانة بالغه فى حقهم ولم تكتفى بذلك بل قامت بطردهم شر طردة وأنه يسعى بشتى الطرق الممكنه كى يتزوجها ثم بعد ذلك يحصل على الميراث أذا وافقت هى بذلك لكن كل ذلك لن يتم مادامت زهرة غير موجودة لذا كان لأزما عليه التفكير فى بديل أخر الأ وهو خطفها وأحضارها اليه ويحاول أقناعها بالزواج منه وطلب من صديقه برجاء أن ينفذ طلبه حتى ولو كانت بالقوة الجبريه لتتسع عين مخيمر عن أخرهما بصدمه وذهول بسبب تفكير عواد الشيطانى ليستطرد الأول حديثه بعصبيه شديدة .


-: أنت أكيد أتجننت عاد ياعواد عاوزنى أخطف بت عمك علشان تتجوزها غصب عنيها لع وكومان عاوزها تحبك!! وهتحبك كيف وتستأمنك على نفسها وأنت بتفكر بطريجتك دى ,,دة درب من دورب الخيال وأنى مجدرش أعمل أكدة واصل وحتى لو طاوعتك ونفذت اللى فى نفوخك تفتكر هى ممكن تخضع لك بسهوله أكدة وتجولك شبيك لبيك أنى خدمتك وبين يديك أنت بتحلم ياعواد بص أنى من رأيى المتواضع والمحدود بجولك أعطيها ميراث أبوها من جدها يابن الناس وفضك من السيرة دى بجى. 


أمتقع وجه عواد بالغضب الشديد وأمسك مخيمر من تلاتيب جلبابه بقوة وهو ينفث فى وجهة بشراسه وظل يهزة وينهرة بشده وعاد ليستطرد قوله بحدة وحنق : أحسنلك تنفذ اللى أمرتك بيه يامخيمر لصالحك لأنك لو أصريت على موجفك دة هتشوف منى وشى التانى وأنى مش حابب أتعامل بيه وياك ومش بس أكدة دة أنت كومان مش هتشوف ضفر بدور بت خالتى واصل وأنى عارف جوى أنك بتحبها وبتعشجها ونفسك تتجوزها النهاردة جبل بكرة فها جلت أيه ياصاحبى هتنفذ كلامى من سكات ولا!!! 


جز مخيمر فوق أسنانه بغيظ وتأفف بسبب تحكمات عواد وألقاء التعليمات عليه كأنه طفل صغير ليقول بضيق ووجه ممتقع بالغضب : أنت بتمسكنى من يدى اللى بتوجعنى ياعواد؟


لانت ملامح عواد الغاضبه ثم أرخى قبضه يدة من على الأخير  مستطردا قوله ببرود أشبه بالصقيع وأصرار ليس له مثيل : حاجه زى أكدة.


حرك مخيمر رأسه بأحباط ويأس ثم قال بنفاذ صبر : والمطلوب ؟

تنهد عواد بأرتياح شديد فهو عندما يصر على تنفيذ شيئا فلابد أن يكمله على أكمل وجه ثم ظهرت على جانب زاويه فمه أبتسامه ثعلبيه ماكرة وتحدث بحزم : أسمعنى وفتح ودانك .....


أتسعت عين مخيمر عن أخرهما بصدمه ومن يستطع التحدث لكنه حاول بلع ريقه الذى جف ثم مالبث أن أستطرد قوله بخوف ورهبة حقيقيه :أيوة بس اللى أنت بتطلبه منى صعب جوى ياعواد .


قام عواد بعدل هندامة بثبات كأنه ربح فى مزاد أوفى معركه ثم عاد ليهتف بمنتهى الثقه : مافيش حاجه هتبجى صعبه عليك يامخيمر أنت بس ورينى شطارتك ولك عليا لو نجحت فى الخطه اللى رسمتهالك كويس أنى هفاتح خالى فى موضوع جوازك من بدور ها أتفجنا؟


زفر مخيمر بتأفف لكنه أعتزم تنفيذ ماطلبه منه عواد فى سبيل الفوز والزواج من حبيبه قلبه بدور .

*******************************************

بعد قيام الضابط شادى بأيصال ألهام نحو شقتها وأمنها من الخارج بالحرس المدججين بالسلاح كى يحموها دلفت اليها مجبرة بعد أن هاجرتها ذلا بسبب زوجها السابق لتتجه الى الطابق العلوى على مضض وعند تخطيها بقدميها نحو غرفه الزوجيه وفتحتها حتى شعرت بالأشمئزاز والنفور لمجرد الدلوف اليها وأستعادت المعاناة التى عانتها كثيرا بسببه لتقرر على الفور أغلاق باب الغرفه وأتجهت الى غرفه أخرى وأضاءت المصباح وأحكمت أغلاق الباب عليها جيدا كما شرعت بأغلاق النوافذ والستائر المعتمه زياده فى الأطمئنان وألقت بحقيبه يدها فوق الفراش بأهمال ودلفت الى الحمام علها تهدىء من حدة توترها بعدها خرجت وهى ترتدى برنس أبيض يغطى كامل جسدها لتتجه نحو التسريحه وقامت بتجفيف وتصفيف شعرها القصير وعقب أنتهاءها أتجهت نحو الفراش ثم ألقت بنفسها عليه بأرهاق ومدت يدها لألتقاط حقيبتها وأخرجت منها هاتفها الجوال تستطلع كل ماهو جديد فى عالم الأزياء والموضه والجمال عن طريق الفيس بوك والأستغرام لكنها لم تجد أى جديد لتقوم بغلقه بملل ووضعته جانبها وأطفأت المصباح حتى بدت الغرفه مظلمه تماما لتتثأب بعمق وخمول واضعه يدها فوق فاها وأغمضت جفنيها لتنعم بنوم عميق,,وعلى الرغم من أنها أصبحت بمأمن عن أذى وسيم الأ أن الكوابيس عادت لتطاردها بشراسه طوال فترة نومها وأستيقظت من فوق المضجع بفزع وبرنسها متعرق بشدة رغم برودة الجو الذى تتمتع به ألمانيا فى هذا الوقت من العام فقد كانت ألهام تلهث بفرط بسبب ما كانت تعانيه أحلام مزعجه وفجأة صدح صوت هاتفها الملقى جانبها بأهمال لتنتفض من مكانها برعب حقيقى لكنها سرعان ماهدأت عندما وجدت رقم الضابط يضىء شاشه هاتفها لتعاود الجلوس بحذر وألتقطت هاتفها بأيدى مرتعشة وفتحته وأجابت عليه بصوت مختنق وضعيف خرج منها بصعوبه شديده. 


-: أيوة ياحضرة الظابط خير بتتصل بيا ليه فى وقت متأخر زى ده؟


قهقه الضابط بملء فاه تعقيبا على حديث ألهام ليستطرد قوله بدهشه :وقت أيه اللى متأخر يامدام أنت عارفه الساعه كام دلوقتى؟ الساعه 3 ونص العصر وأنا موصلك لشقتك الساعه 2 بالليل يعنى حضرتك نايمه بقالك 13ساعه متواصله. 


فرغت ألهام فاها بصدمه ولم تستطع أن تنبت ببنت شفه فتلك الستائر شديده العتمه الموجودة بالغرفة تجعل الشخص فى حيرة من أمرة كما خيل اليها أنها لم تنم سوى ساعه أو ساعتين فقط ولم يأتى على بالها أنها نامت كل تلك المدة بينما لاحظ الضابط صمتها الغريب ليسألها مستفسرا بحيرة. 


-: روحتى فين يامدام؟

أنتبهت هى على صوت الضابط لتقول بأهتمام : أيوة ياحضرة الظابط أنا معاك.


سألها الضابط بحزم : ها !!جاهزة علشان تروحى المحكمة وتشهدى ضد جوزك؟


سألته مستفسرة عن موعد بدأ الجلسه ليجيب هو عليها بتأكيد : الجلسه هتبدأ الساعه 5ونص يعنى لأزم نكون موجودين قبلها بوقت كافى داخل القاعه.


أومات برأسها بأستسلام وهتفت قائله بهدوء : تمام قدامك قد أيه على مايتجى؟

تحدث الضابط بتأكيد : ربع ساعه وهأكون عندك. 


حركت ألهام رأسها بالأيجاب فى صمت وأغلقت هاتفها وبعد فترة وجيزة بدأت بأرتداء ملابس فضاضه مريحه وخرجت من الشقه لتجده يصطف بسيارته على بعد أنشات بسيطه من شقتها لتسير هى متجهه نحوة وقامت بفتح الباب الأمامى وصعدت داخل السيارة جانبه بينما أنطلق هو بالسيارة وتحرك بها نحو وجهتهم وعقب وصولهم أمام قاعه المحاكمه قامت ألهام بضم كفيها ببعضهما البعض وجسدها يرتعد بخوف حقيقى لتقول وهى منكسه الرأس وبصوت مختنق خافت خرج من جوفها بصعوبه.  


-: أنا خايفه أوى ياحضرة الظابط من المواجهة دى دة أنا ماصدقت أنى خلصت منه أرجع أقابله هنا كمان كدة كتير أوى على أعصابى . 


تفهم الضابط مخاوفها وقلقها المتزايد ليقوم بوضع كفه فوق كفيها وقام بالضغط عليهم بقوة لطمأنتها لكى يحمسها ثم أستطرد قوله بمنتهى الحزم والقوة : أنا متفهم طبعا شعورك وقلقك دة بس مش وقته خالص أنا عاوزك قويه ومتماسكه عن كدة ولما تدخلى القاعه تدخلى بقلب جامد وتعترفى بكل شىء للقضاة وماتنسيش أنك طرف أصيل فى القضيه دى بجانب القضايا اللى عليه وكل واحده أتأذت بسببه هتعترف عليه فى المحكمة مدام ألهام لازم اللى زى وسيم دة ياخد جزاؤة الرادع علشان يكون عبرة لغيرة أتفقنا .


رفعت ألهام رأسها بثبات وقامت بأبعاد كفها ببطء عن كف الضابط ثم أستدارت برأسها نحوة وأستطردت لتقول بتصميم : عندك حق الخوف مش وقته أنا هدخل وهأواجهه ومش هخاف بعد النهاردة . 


ترجلت ألهام من سيارة الضابط ودلفت الى داخل قاعه المحاكمه للشهادة وعقب رؤيتها لوجه وسيم ومديرة اللذين كانوا خلف القضبان حتى أقشعر بدنها بشده لكن حديث الأخير لها قبل دلوفهم جعلها متماسكه لتسير بهدوء نحو القضاة وهيئه المحلفين ,,وعلى الجانب الأخر كان يقف مترجم بالقرب من منصه القضاة كى يترجم لهم حديثها المصرى الى اللغه الألمانيه وجلست هى فوق الكرسى الذى يبعد عده خطوات عن المنصه وبدأت بسرد وقائع حياتها مع ذلك الزوج الديوث عديم النخوة والرجوله وكيف ذاقت على يديه مرار الذل والهوان وبعد أن أنتهت من سرد الوقائع كامله دلفت عده فتيات وأعترفن عليه أنه كان على وشك بيعهن فى سوق الرقيق ولولا مطاردة الشرطه له لصرن مذلولات ليس لهن قيمه ولاشرف فى المجتمع الغربى وقبل رحيل ألهام من قاعه المحاكمة بعد الحكم عليه فى قضيه من ضمن عده قضايا أخرى حتى رمقها وسيم بشر وحقد دفين وقام بأمساك سياج القضبان الذى هو خلفه بكلتا يديه وظل يهزة بقوة قائلا لها بصراخ هستيرى وبفحيح أفعى متوعدا أياها . 

  

-: هتدفعى التمن غالى ياألهام سمعانى لسه تصفيه الحساب اللى بينا مخلصش هتدفعى التمن يامجرمه. 


تعالت الأصوات داخل القاعه بأعتراض وأستياء بين الحضور عقب ترجمه المترجم لتهديد وسيم الصريح لها ليقوم القاضى بالطرق على الطاوله التى أمامه بمطرقته كى يهدأ من بالقاعه وفى ثوان وجيزة ساد صمت مطبق على الجميع لتستدير ألهام بكامل جسدها نحو الأخير وأصرت على الوقوف أمامه بثبات وقوة وضيقت عينيها بتشفى وأستطردت لتقول بهمس وبرود وأستفزاز . 


-: لا ياوسيم الحساب اللى بينا خلص خلاص لسه بقى حسابك اللى هتناله هنا فى السجن لحد ماتعفن مع السلامه يابيبى. 


تعالت الأصوات مجددا بينما خرجت ألهام من القاعه رافعه رأسها بكبرياء وعزيمه وبرفقتها الضابط بعد أن تنفست الصعداء زافرة بأرتياح شديد وأستدارت نحوة وهتفت بشكر وأمتنان شديد : متشكرة ياحضرة الظابط لولا تشجعيك ليا ماكنتش هتجيلى الجرأة أنى أبقى واقفه متماسكه كده. 


أبتسم الضابط لها بترحاب وأستطرد ليقول بهدوء : مش تشكرينى دلوقتى أشكرينى لما توصلى المطار وتخطى برجلك جواة وتكونى فى أمان يلا بينا بقى نطلع على السفارة المصريه علشان يخلصوا أجراءات عودتك لمصر. 


أومأت رأسها مرحبه بذلك وصعدت داخل سيارة الضابط وتحرك بها منطلقا نحو سفارة مصر فى برلين وعقب دلوفهم اليها طلبوا من أحدى العاملين بها لقاءا مع السفير لأمر هام ليومىء الرجل رأسه بالأيجاب وأنصرف فى الحال ..وبعد فترة وجيزة دلف السفير لمقابله ألهام وقام بالترحيب بها وجلس أمام مكتبه وأستطرد قوله برزانه. 


-: أهلا وسهلا يامدام أأمرى.

تنهدت ألهام براحه وقالت بحزم شديد : أنا عاوزة أرجع مصر أعيش وسط أهلى.


أومأ السفير رأسه بتفهم وتحدث بنبرة هادئه : مافيش أى مشكله خالص كل اللى عاوزة منك صورة البسبور بتاعك كامل علشان نقدر نطلع لك عليه التأشيرة وأول مايتم الحجز هنبلغك على طول ...صمت السفير برهة وهو يتساءل فى نفسه أذا كان بأمكانها العودة الى مصر بمفردها فلماذا لجاءت اليهم ليكمل حديثه اليها بفضول : معلش يامدام كنت حابب بس أسالك سؤال. 


أومات ألهام رأسها بالموافقه وقالت بأتزان : أتفضل أسال ياسيادة 

السفير. 


تحدث السفير بنبرة هادئه :كان ممكن جدا تحجزى لنفسك وترجعى بلدك من غير ماتلجأى لنا. 


بدأت ألهام بسرد وقائع قصتها كامله على السفير وبأنها تشعر بالخوف الشديد بسبب بطش وأجرام زوجها السابق رغم أنه أصبح قابعا داخل جدران السجن لكنها تخشى أنه يرسل أحدا لقتلها أذا ماعلم أنها تود العودة الى مصر لاسيما أن لديه مساعدين طلقاء فى كل شبر من برلين ولم يتم القبض عليهم بسبب عدم وجود أدله كافيه ضدهم ولن يهدأ الأ أذا تخلص منها لذا أضطرت للجوء اليهم كى يأمنوها حتى تعود الى أرض الوطن بسلام.


تفهم السفير موقفها ليبتسم أبتسامه خفيفه ثم قال بنبرة لينه : أطمنى يامدام أحنا هنحميكى لحد ماترجعى بلدك أتفضلى هاتى بسبورك أكلف حد هنا يعمل منه صورة طبق الأصل ولما نحجزلك هبلغك وكمان هنرسل معاكى طقم حراسه لحد ماتوصلى المطار وتركبى بالسلامه أى خدمه تانيه أقدر أقوم بيها؟


حركت ألهام رأسها بنفى ثم قالت بأمتنان: متشكرة ياسياده السفير .


أعطت ألهام البسبور الخاص بها للسفير للأطلاع عليه وبعد أن أنتهى طلب من أحد العاملين بالسفارة بعمل اللازم وبعد مدة أعاد اليها البسبور ثم قامت الأخيرة بمصافحه السفير بحرارة وخرجت برفقه الضابط الذى قام بدورة بأيصالها نحو شقتها وعقب ترجلها من السيارة أمر الأخير الحرس المكلفين بحمايتها بأخذ الحيطه ووضع نصب أعينهم حمايتها ..أما هى فدعت ربها أن تمر الأيام الباقيه على مايرام حتى تعود الى بلدها آمنه.


وبعد رحيل الضابط دلفت ألهام داخل الشقه وبدأت الصعود نحو غرفتها وعقب دلوفها قامت بأشعال المصباح وفتحت الستائر والنوافذ كى تجدد من هواء الغرفه وبدأت بتبديل ثيابها لكنها لم تكن على درايه بأن هناك من يتربص بها ويصوب بندقيه قنصه نحوها فى البنايه المقابله والمطله أمام نافذتها لكن واحدا من الحرس المكلفين بحمايتها لاحظ لامعان تلك البندقيه من البنايه المقابله وفهم أنها مصوبه نحو تلك الجميله وقبل توجيه القناص طلقته نحو صدر ألهام تلقى هو طلقه واحدة أصابته فى الرأس من الحرس ليردة قتيلا فى الحال وبعد فترة وجيزة لاحظت الأخيرة تجمع سيارات الشرطه وسيارة أسعاف أمام باب شقتها لكنها لم تفهم سر مايحدث من حولها لتنزل مهروله وفتحت باب الشقه لتجد الضابط قد عاد ويتحدث مع الحرس بعصبيه مفرطه لتسأله هى مستفسرة عما يحدث. 


-: فى أيه ياحضرة الظابط وليه عربيات الشرطه كتيرة كدة؟ وعربيه الأسعاف بتعمل أيه هنا !!أرجوك أتكلم وريحنى. 


قال الضابط بتحفظ وشده وحزم : من فضلك يامدام ألهام لمى حاجتك كلها حالا ويلا علشان هوديكى لمكان محدش يعرف يوصلك ليه. 


تحدث ألهام بنبرة شديده العصبيه وعند على معرفه الحقيقه كامله: وأنا مش هتحرك من هنا غير لما أعرف أيه اللى بيحصل بالظبط.


ضم الضابط كفيه أمام بعضهما وأخذ ينظر اليها بأستجداء لكنه مع ذلك تحدث بنبرة هادئه ورجاء حار: أرجوكى يامدام لو سمحتى أسمعى الكلام ولو مصرة تعرفى فأوعدك أنى هأحكيلك على كل حاجه لما نوصل أتفقنا .


صعدت ألهام مجددا وقامت بلملمة ملابسها فى حقيبه صغيرة وهى تتمتم بكلمات غاضبه وغير مفهومة وأستياء مما يحدث ثم نزلت مرة أخرى وخرجت من الشقه وصعدت داخل سيارة الضابط فى صمت ليتحرك الأخير منطلقا بها بسرعه الريح حتى وصل الى هدفه فى وقت قياسى وأوقف محرك السيارة وأستدار برأسه نحو الأخيرة التى كانت ملامحها غاضبه وصامته بسبب تعنت الضابط معها ليقول الأخير لها بهدوء 


-: بأختصار يامدام وسيم بعت قناص علشان يتخلص منك وحياتك بقت مهددة بين اللحظه والتانيه فأضطريت أجيبك هنا فى الشقه المتواضعه دى صحيح هى حوليها فراغ لكن أأكدلك أن محدش يقدر يوصلك هنا وعلشان الأحتياط واجب حطيت لك بودى جارد قدام باب الشقه بس أهم حاجه أنك تقفلى جميع المنافذ عليكى ...بينما كانت هى تشعر بالأستياء والضجر لكن الضابط عاد ليتحدث لها بطمأنه : عارف أنك خايفه وهيفضل الخوف جواكى لحد ماتسافرى..وأنا لسه عند وعدى لكى أنى أأمنك لحد ماتركبى الطيارة وتوصلى بالسلامه. 


أومات ألهام رأسها بأحباط دون تعقيب منها وترجلت من السيارة ودلفت داخل تلك الشقه الصغيرة والمتواضعه ذو الأضاءة الخافته لتقوم بوضع حقيبه ملابسها بأهمال فوق الأرض الأسمنتيه الرطبه بفعل الرطوبه ودلفت الى غرفه يبدو من جدرانها المتهالكة أنها قديمه جدا بجانب فراشها الرث بسبب طول المدة ورائحتها المنفرة لتزفر بضجر وعدم رغبه فى البقاء فيها ثانيه واحده لكن ليس أمامها بديل أخر لذا رضخت بها كحل مؤقت لتقوم بتنفيض الفراش من التراب العالق بها وشرعت بأغلاق النوافذ بشكل محكم وقامت بتبديل ثيابها وتمددت عليه حاولت أن تنام لكن هيهات فالنوم جفى جفونها وبقت مستيقظه حتى بدأت تباشير الصباح تهل. 

*********************************

أنضم مؤخرا فرقه غناء موسيقيه من معهد أخر لكنهم كانوا من الرجال وكان هذا بناءا على طلب من العميد للبدأ فى حفلات موسيقيه موسعه على مستوى محافظات مصر بأكملها وأظهار كافه المواهب الشابه والمتجددة لذا كان لأبد من وجود تلك الفرقه الكامله التى يطلقوا عليها أسم الكورال الغنائى والمكونه من فتيات ورجال ,, هذا بجانب أن الكثير منهم كان معجب بأداء وأخلاق وجمال زهرة وتواضعها وكان من بين هؤلاء الشباب ذاك الشاب الطموح صلاح الذى يسعى دوما لتحقيق أهدافه وغايته وحاول مرارا وتكرارا التودد اليها بشتى الطرق لكنها كانت فى كل مرة تصدة بأدب ثم ترحل من المعهد فى صمت كى لا تسبب المزيد من المشكلات وفى أحدى المرات وأثناء فترة الأستراحه بين الحصص خرج سامر من غرفه البيانو ولمح بعينيه ذلك الأخير وهو يتودد لزهرة ويتحدث معها بحجه أخذ رأيها فى بعض الأمور المتعلقه بالبروفات الأ أنها كانت تتحدث معه بتحفظ وتأدب كأى فتاة أخرى ولكن أثناء حديثها معه تطايرت وتناثرت خصلات شعرها البنى اللأمع فوق وجهها الأبيض بفعل هبوب الرياح فما كان منه سوى أن قام بحركه لاأدرايه بأزاحه تلك الخصلات المتمردة خلف أذنيها وهذا الموقف جعلها تشعر بالحرج والأستياء وقامت بأبعاد يده من فوق وجهها ووبخته على فعلته تلك وحذرته من عدم تكرار هذا الأمر مرة أخرى ,,أما على الجانب الأخر فقد كان هو يتابع الموقف بأعين مشتعلة غاضبه وأنتفضت عروق رقبته البارزة بفعل جز أسنانه عليها بقوة وبنار الغيرة تكوى قلبه ليقوم بالتقدم نحوهم وعقب أقترابه قطب مابين حاجبيه بأستنكار وغضب حقيقى فقد كان سامر يحاول السيطرة على أعصابه المنفلته قدر المستطاع ليرمق صلاح من فوق كتفيه بأزدراء ونظرات ناريه قاتله كانت كفيله بحرقه وهو فى مكانه لكنه مع ذلك أستدار ببصرة ووجه حديثه نحو زهرة بنبرة شبه هادئه . 


-: آنسه زهرة زمايلك مستنينك فى الأوضه بتاعه البروفات لو سمحتى أدخلى أتمرنى معاهم لأنى هبدأ الحصه كمان شويه ده غير أنى محتاج أتكلم مع الأستاذ صلاح على أنفراد.


أندهشت زهرة من حديثه الهادىء رغم ملامحه المتجهمه والتى كانت تقول عكس ذلك لذا فطنت الأمر وأومأت رأسها بالأيجاب دون أن تنبت ببنت شفه ثم تحركت بأتجاه غرفه البيانو بخطوات مسرعه وعقب أختفاءها عنهم عاود سامر النظر نحو ذلك الشاب وسرعان ماأمسكه من تلابيبه بقوة وظل ينهرة بقوة مستطردا حديثه بتهديد صريح. 


-: لو مديت أيدك على الآنسه زهرة تانى مش هيحصلك كويس المرة دى أنا بتكلم معاك بالذوق لكن أقسم بالله لو أتكرر الموقف السخيف دة أنا مش هأسكت وهأعرف زمايلك أنك بتعاكس البنات اللى هنا.... أرخى سامر قبضته من على صلاح ووضع كفه فوق وجه الأخير وقام بضربه عدة مرات متتاليه برفق كنوع من التحذير وتحدث بنبرة قويه وصارمه : فاهمنى ياأستاذ صلاح ولا أقول كمان.


حرك صلاح رأسه عده مرات موافقا برهبة دون أن يتفوة بكلمه ليعاود سامر حديثه بصرامه شديده : ودلوقتى أتفضل أنت كمان مع زمايلك بلاش تهريج .


هرول صلاح مبتعدا عن أنظار سامر التى كانت لاتبشر بالخير وأختفى فى لمح البصر كى يسلم منه بينما أتجه الأخير نحو غرفه البيانو وبدأ بشرح حصته وهو يتحاشى النظر الى زهرة لتلاحظ هى ذلك وتعمدت الخطأ أثناء العزف كى تثير أنتباهه لكن مافعلته جعله يرمقها بحده وبدأ يصرخ فى وجهها بغضب مسببا لها الأحراج بين صديقاتها حتى أن أنقضى اليوم كاملا وكلاهما يشعر بالأستياء والضجر أتجاة الأخر ليترك هو الغرفه غير عابئا بها لكنها أسرعت وخرجت من الغرفه وقامت باللحاق به ووقفت أمامه بتحدى صارخ وأستطردت لتقول بعند وكبرياء : أستاذ سامر مش هأسمحلك أنك تهينى تانى وسط زمايلى وخد بالك أنا مابحبش حد يتحكم فيا أو يلوى دراعى تمام...هرولت من أمامه بخطى ثابته وسريعه ودموعها تسبقها فوق وجنتيها بغزارة وسط دهشته من لسانها السليط ما جعله يزفر بضيق وحرك رأسه بيأس,,وفى اليوم التالى كانت زهرة وسامر يتحاشون النظر الى بعضهما وكانت تتعمد هى تجاهله وبعد أنقضاء اليوم لحق بها صلاح وقام بالمناداة عليها لتستدير برأسها نحوة وظلت تستغفر ربها فى سرها وزفرت بضيق بسبب ذلك الشاب الفضولى الذى يفرض نفسه عليها لتسأله بأستفسار : نعم خير ياأستاذ صلاح! 


حك صلاح أنامله فى منبت شعر رأسه ثم قال بتردد : لو ماكنش عندك مانع أوصلك فى سكتى لغايه بيتك.

خرج سامر من غرفه البيانو وللمرة الثانيه يشاهد صلاح وهو يقف على مقربه منه ويتحدث مع زهرة متعمدا التقرب منها كى يثير غضب الأخير لكنه أقترب منهم ووجه حديثه نحو الأول قائلا ببرود وعدم مبالاة : لا ياأستاذ صلاح أتفضل أنت شوف مصلحتك فين وأنا بنفسى اللى هوصل الأنسه زهرة لحد باب بيتها خلاص.


حرك صلاح رأسه بالأيجاب فى صمت وسط أستغرابه وفضوله القوى الذى يدفعه دفعا لمعرفه سر تلك العلاقه القويه بين الأستاذ وتلميذته ليزفر بأحباط وأستطرد قوله بقله حيله : ماشى مافيش مشكله عن أذنكم ......تركهم صلاح وهو متأففا بينما رمقها سامر بعتاب وسحب نفسا عميقا وتحدث بثقه شديدة غير قابله للنقاش أو المجادله : أتفضلى علشان أوصلك .


تحدثت زهرة بكبرياء وعند : متشكرة أنا هأخد أى مواصله توصلنى لحد البيت  


تركته وهو فى حاله من الغليان والغضب الذى تملكه بسبب عنادها المستمر معه ليمسد بأنامله فوق منبت شعرة بقوة وخرج من المعهد وصعد داخل سيارته صافقا الباب خلفه بشده وتحرك بها وظل يقودها على غير هدى حتى وصل الى شقته وماأن دلف حتى وجد والدته تجلس بأسترخاء فوق الكرسى مغمضه العينين والنور مطفئ ليقوم هو بأشعال الضوء وذهب بأتجاهها وجثى أمامها وأخذ يربت فوق كتفيها بحنو لتفتح هى عينيها بأستسلام ثم أبتسمت بود وحب لكن ملامحه المستاءة والحزينه كانت كفيله بقرأتها سريعا لتسأله الأخيرة بأهتمام.


-: مالك يابنى مكتئب ليه وأيه سبب نظرة الحزن اللى فى عينك دى؟


شعر سامر بالأرتباك الشديد ولم يعرف بماذا سيجيب عليها ليستطرد قوله بكذب : آآآ أبدا ياأمى مافيش حاجه كل مافى الأمر أن العميد قرر يعمل حفلات غنائيه متواصله وحصص البيانو بقت مضاعفه عليا دة بالأضافه لفرقه الكورال اللى طلبها العميد مننا وأنضمام شباب من معهد تانى علشان تبقى الفرقه كامله وطبعا علشان أعلمهم كلهم من أول وجديد ببذل مجهود خرافى وفي اللى بيعتذر عن عدم المجىء لأسباب تخصهم وحتى لما برجع البيت ببقى مهدود ونفسى أنام لكن بضطر أقعد أشوف أيه اللى ناقص فى النوتات الموسيقيه أكملها وأن نمت مابكملش ساعتين على بعض لكن تأكدى مافيش حاجه مضيقانى.


شعرت ثناء بكذب أبنها لتظهر أبتسامه ماكرة فوق شفتيها وظلت تتفحص ملامحه عن قرب وقامت بتضييق عينيها بدهاء ثم هتفت قائله بمكر : عينك بيكدبوا عليا ياسامر وحاسه أن فى حاجه مخبيها عنى ومش عاوز تقولهالى صح. 


تعرقت جبهة سامر بشدة ثم قال بأرتباك واضح : لا طبعا ياأمى هو أنا يعنى هأخبى عنك ليه؟


أسرعت ثناء بالرد عليه قائله بحزم : الموضوع يخص زهرة صح؟


حرك سامر رأسه بنفى كاذب وعاد ليقول بنفس الأرتباك الظاهر فوق ملامحه : لاياأمى أطمنى الموضوع ملهوش دعوة خالص بزهرة..صمت برهة محاولا أستجماع شتات نفسه وقام بتغير الموضوع بأكمله وسألها مستفسرا بهدوء : أنما قوليلى أنتى صاحيه ليه لحد دلوقتى؟


أستطردت ثناء بخفوت : أبدا مجليش نوم فنزلت وطفيت النور وقلت أستناك علشان نتعشى سوا مع بعض.


زفر سامر بأحباط وأخذ يحرك رأسه برفض وأستطرد قوله بحنو: معلش ياأمى مليش نفس أتعشى أنتى علشان تأخدى الدوا بتاعك ومش ترهقى نفسك بعد كدة وتستنينى لأنى برجع من المعهد متأخر ....صمت عدة لحظات ثم أعتدل فى وقفته وقام بالمناداة على مدبرة منزله لتأتى الأخيرة على وجه السرعه ثم تحدث بحزم وأصرار : من فضلك ياست نعمه جهزى العشا حالا لماما وبعدين طلعيها أوضتها ومش تسيبها غير لما تتأكدى أنها أخدت الدوا لأنى مش هستحمل أن يحصل لها مضاعفات لأقدر الله. 


أومات مدبرة منزله برأسها وأسرعت نحو المطبخ لتلبيه طلبه بينما أستدار هو بوجهه نحو والدته ومال بجذعه العلوى نحوها وطبع عده قبلات رقيقه فوق وجنتيها وقبل كفيها وأبتسم لها قائلا بحنو بالغ : تصبحى على خير ياست الحبايب ربنا يخليكى ليا يارب.


أبتسمت ثناء بود وقبلته من أعلى رأسه وقالت بحب ودعاء خالص : وأنت من أهل الخير روح يابنى ربنا يصلح حالك ويسعدك دنيا وأخرة.


تركها موليا ظهرة وبدأ بالصعود تدريجيا نحو الدرج بخيبه أمل وحزن أخترق قلبه وعظامه داعيا ربه أن ينير دربه ,,أما عنها هى فكانت تراقب صعودة وملامحه الحزينه عن كثب حتى أختفى من أمامها لتتنهد بحسرة على حال أبنها الوحيد فهو بطبعه عندما يحزن ينطوى على نفسه ويرفض البوح لأى مخلوق عما يألمه ويحزنه داعيه من قلبها أن يوفقه الله ويبدل حزنه بسعادة وفرح عما قريب.

*****************************************

فى صبيحه اليوم التالى بعد تلك المشاحنه القويه التى دارت بالأمس بين زهرة وسامر بسبب المدعو صلاح قررت الأخيرة أراحه عقلها لمدة يومين فقط وعدم الذهاب الى المعهد,,,وعقب ذهاب شقيقها الى مدرسته بدلت ثيابها ونزلت من الشقه وأتجهت نحو بيت سها لزيارتها والأطمئنان عليها لاسيما أن الأخيرة لم تأتى منذ أسبوع كامل الى المعهد بسبب ظروف طارئه وعقب أطمئنانها على صديقتها ودعتها ونزلت من شقه الأولى وأشارت بيدها الى سيارة أجرة كى تقلها نحو شقتها وماأن تحرك السائق بسيارته حتى شردت وبدى على وجهها الحزن الشديد بسبب مزاج سامر المتقلب معها لتزفر بأحباط وظلت هكذا حتى أوصلها السائق نحو وجهتها لتستفيق من شرودها وقامت بدفع الأجرة وترجلت منها ودلفت الى البنايه وبدأت بالصعود لكنها كانت تصعد بتمهل وتروى على غير العاده شاعرة بأنقباض شديد فى قلبها لا تعرف سببه وقبل وصولها الى باب الشقة بحوالى خمسة سلمات وجدت راجل يجلس فوق الدرج بأنهاك ويبدو عليه الأرهاق بسبب صعودة المتواصل دون توقف بجانب أن ملامحه لاتبدو مألوفه لديها ولم يسبق لها أن رأته من قبل فقد كان يرتدى جلباب وعمه ويلهث بفرط ويسحب أنفاسه اللأهثه والمتقطعه لتندهش الأخيرة منه ثم سألته بحيرة . 


-: أيوة مين حضرتك؟

تحدث مخيمر وهو مازال يلهث : أعرفك بنفسى لول أنى مخيمر من طرف عمك حمدان وبصراحه أكدة هو تعب فجأة وجتله أذمه جلبيه حادة والحكيم جال لنا أنه حالته خطيرة جوى ومافيش منيها أمل وهو لما عرف أنه بيودع شدلى مكتوب وطلب منى أبلغك لو رايده تشوفيه جبل مايموت . 


رغم عدم أقتناع زهرة بما قاله ذلك الشخص الغريب والمريب الأ أنها ظهرت على جانب زاويه فمها أبتسامه جانبيه ساخرة ولوت شدقها بأستخفاف بسبب حديثه لتهتف ببرود ولامبالاه : ده على أساس أنه سأل عنى طوال السنين اللى فاتت؟


لم يكن مخيمر على درايه بأن حديثه لن ينطلى عليها بسهولة ليستطرد قوله بمكر ودهاء : شوفى ياست البنات أنى مش هجبرك على أيتوها حاجه لكن كل اللى بطلبه منيكى أنك تبصى بعين الشفجه عليه أفرضى يعنى السر اللهى طلع ومات جبل مايشوفك هتفضلى تندمى عمرك كلاته أنك مش ودعتيه على العموم أنا جولت اللى عندى حابه تيجى معايا ماشى مش حابه بخاطرك بجى.


رغم أن هناك ألف سبب وسبب لعدم ذهاب زهرة مع هذا الشخص الغامض وعقلها الذى يطالبها بالتروى وعدم التسرع الأ أن قلبها الطيب رق لحال عمها وشعرت بالشفقه عليه وربما بالفعل يودع الحياه ويريد رؤيتها قبل موته لتتحدث قائله بتسرع من لم يكن فى محله : لالا أنا جايه معاك طالما بيودع أشوفه والمسامح كريم.


أولت ظهرها له بحسن نيه منها وبدأت بالنزول قبله ليبتسم الأخير أبتسامة زهو وأنتصار على نجاح خطته المحكمه والخبيثه وعقب خروجهم من البنايه وفتح لها باب السيارة لتدلف فى المقعد الخلفى وبدأ بالتحرك بها رويدا رويدا ثم أنطلق بها بسرعه مخيفه وبعد وقت قصير أخرج زجاجه من جيب جلبابه وقام برشها فوق وجه زهرة وماهى الأ ثوان معدودة حتى غابت عن الوعى ليستطرد هذا الملعون قائلا بأسى وأسف.

 

-: أسف ياست البنات أنى عبد المأمور بنفذ اللى عليا وبس . 


كان مخيمر يقود سيارته بسرعه مذهلة وكانت كلما تفيق تلك المسكينه من وعيها كان يعاود هو برش الرزاز المخدر فوق وجهها كى تفقد وعيها وظل يدعو ربه أن يتم عمله ويوصلها لأبن عمها كما طلب منه وبعد ساعات متواصله نجح فى أيصالها الى بيت عواد من الخارج وأجرى مكالمه له وأبلغه بأن الأمانه قد وصلت ليقوم الأخير بغلق الهاتف والسعاده تعلو فوق ملامحه وفتح باب البيت على مصرعيه لتقع عينيه صوب تلك الحوريه الجميله الغائبه عن الوعى فى سيارة صديقه وجف حلقه وحاول بلع ريقه بصعوبه شديده فها هى أصبحت أمامه حقيقه مؤكدة ليقوم بالتوجه نحوها وقام بأخراجها من السيارة وحملها بين ذراعيه ودلف بها الى البيت ومددها برفق فوق الأريكه وجثى أمامها يتفحص ملامحها الرقيقه بأمعان وأخذ يمسد بيدة فوق شعرها الناعم مرارا وتكرارا ,يحسد نفسه عليها وبينما هو يتأملها بأعجاب وممنيا نفسه بها حتى دلف حمدان الى بيت أبنه وعقب رؤيته لزهرة حتى أتسعت عينيه عن أخرهما بصدمة وأتنفضت عروق رقبته البارزة من شده الغضب وحنقه على أبنه الأحمق ليضرب بعكازة الغليظه فوق الأرض الصلبه بقوة وأنتفض عواد من مكانه بخوف وفزع عقب رؤيته لملامح والده الغاضبه وهو يرمقه بنظرات ناريه صارمه عاقدا حاجبيه بأستنكار ليهدر الأخير بصوت قوى حاد كزير الأسد زلزل المكان كله. 


-: أنت خلاص عجلك طج كيف تخطف بت عمك وتجيبها لحد أهنة أشج خلاجتى منيك ياشيخ .


زفر بضيق وتأفف بسبب كثرة تأنيب والده ليستطرد قوله بضجر وأمتعاض : ماكنش جدامى غير أكدة خصوصا أنك جولتلى هتفكر كيف تجنعها أنها تيجى بخاطرها وبعدها حضرتك جفلت على الموضوع خالص.


وجه حمدان حديثه نحو أبنه بصوت جهورى قوى وغاضب : مش بجولك غبى لع وطلعت حمار كومان عجلك الصغير كيف العجل تمام مابتعرفش تفكر صوح أنى كنت هتصرف وأخليها تلين من ناحيتنا لول وكنت هأطلب منيها تيجى تعيش معنا فى الدوار بمزاجها مش غصب عنيها ياغبى.


زفر عواد بتأفف ثم سأله مستفسرا بحيرة : أهو اللى حصل بجى يابوى وبعدين أنت كنت هتخليها تلين من ناحيتنا كيف ومافيش أى فرصه لده؟ وهو على يدك طردتنا من شجتها ولانسيت!


حرك حمدان رأسه بيأس بسبب غباء أبنه ليستطرد حديثه بنبرة أقل حده عن سابقتها : كنت هشوف أى طريجه أن شاء الله لو وصل الأمر أنى أتدلى كل يوم الأسكندريه مش هتردد كنت أحاول أحنن جلبها علينا لحد ما التلج اللى بينا وبينها يدوب وساعتها كانت هتيجى بنفس راضيه مش أخطفها وأعك الدنيا كيف ماعملت وبعدين أجول أهو اللى حصل بجى للأسف أنت كل يوم بتأكدلى أنك غبى وتصرفاتك أغبى منيك ومش محسوبه ربنا يسترها بجى لما تفوج ...صمت برهة ثم أعاد حديثه نحو أبنه بصرامه : يلا ساعدنى نطلعها فى أى أوضه من الأوض اللى فوج ياهمى التجيل.


صعد حمدان وأبنه وهم يحملوها ثم وضعوها فوق أحدى الأسرة داخل أحدى الغرف ودثروها بالغطاء وتركوها الى أن تفيق وبعد مرور نصف ساعه بدأت زهرة تستعيد وعيها شيئا فشيئا ورفرفت بجفنيها عدة مرات متتاليه وفتحتهما بتثاقل بينما كانت الرؤيه ماتزال مشوشه لديها لتمسك بأناملها الرقيقه الجسر الذى بين عينيها بقوة شاعرة بالأنهاك ودوار متواصل بجانب صداع يكاد يفتك برأسها لتعتدل من فوق الفراش وهى ماتزال غير واعيه وسرعان ماوجدت نفسها فى غرفه غريبه لتنزل من على الفراش وسارت عده خطوات بتمهل خشيه السقوط على الأرض حتى وصلت نحو باب الغرفه وفتحته وأشرأبت برأسها الى الخارج لتتسع عينيها بصدمه وخوف عندما رأت عمها يجلس خارج الغرفه ويبدو أنه بصحه جيدة وكذلك أبن عمها عواد لتصرخ بفزع شديد ليقوم عمها وأخذ يربت فوق كتفيها حتى هدأت وقال بهدوء. 

 

-: أهدى يابتى بالله عليكى أنى عارف أن ولدى الغبى أتصرف معاكى غلط أرجوكى أهدى لول وأنى هحكيلك على كل حاجه.


كانت زهرة توزع بصرها بأعين زائغه بين عمها تارة وبين أبن عمها تارة أخرى بخوف شديد حتى أن جسدها لم يعد يقوى على حملها لتستطرد قوله بحيرة : بس هما قالولى أنك....أنك يعنى بعد الشر بتموت .


سألها حمدان بأستفهام: مين اللى جالك أكدة ؟

تحدثت زهرة بثقه : أظن واحد أسمه مخيمر قالى أن حاله قلبك تعبانه أوى وأنك يعنى سورى بتودع.


أستدار حمدان برأسه نحو أبنه وهو يرمقه بنظرات ناريه صارمه تكاد تحرقه ثم تحدث اليه بصوت قوى يلمؤة الغضب : موتنى وأنى حى ياعواد؟


بلع عواد ريقه بصعوبه وجبهته أخذت تتعرق بشدة ثم قال بأرتباك وتلعثم : آآ غصب عنى يابوى كان لأزما أعمل أكدة وبعدين دى يعنى كدبه صغيرة أضطريت أكدبها وخليت مخيمر ينفذها علشان ترضى تيجى وياه.


أتجه حمدان نحو أبنه الذى كان يرتعد بخوف ورهبة ثم هوى الأخير بيده وصفعة صفعة مدويه فوق وجه عواد جعلت جسدة يرتد للخلف بخطوتين ليستطرد حمدان قوله بمنتهى الغضب والحنق : عارف لو ماكنتش ولدى اللى من لحمى ودمى أنى كنت تبرأت منيك ومن عمايلك السودة ياجليل الربايه يعنى ماكفكش أنك كدبت كدبه هايفه زيك وبعت صاحبك الحيله يجول لزهرة كلام مش صحيح لع وكومان موتنى وأنى لسه حى يابجحتك ياشيخ وكل أكدة علشان تضحك على بت عمك وتجبرها أنها تيجى لحد أهنه بعد عنى ياعواد أخفى من وشى الساعه دى لأحسن جسما بالله ماأعرفك بعد اليوم وأتبرأ منيك بحج وحجيجى أخفى من وشى.


تركه عواد وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة وتأفف بينما أستدار حمدان برأسه نحو زهرة الباكيه بجانب وجهها الذى كان يعلو فوقه الدهشه الممزوجه بالألم وخيبه الأمل ليقوم بالتربت فوق كتفيها بحنو ورفع وجهها اليه ومسح دموعها وتحدث بهدوء : أنى آسف يابتى على اللى عمله عواد وصاحبه معاكى أنى فعلا كنت هتدلى الأسكندريه علشان أحنن جلبك علينا وأطلب منيكى تسامحينى على مجاطعتى لكى وكنت هطلب أنك تيجى تعيشى معنا أهنة لكن صدجينى أنا ماليش صالح واصل باللى عمله ولدى ومعرفش أصلا أنه هيتصرف من نفوخه التخين عاوزة ترجعى لدارك أرجعى كيف مابدك مش همنعك لكن أهنه هتلاجى الأمان والحب اللى كنتى مفتجداهم طول عمرك أنى هسيبك تستريحى شوى وتفكرى فى حديتى زين تصبحى على خير يابت أخوى. 


تركها حمدان وهى فى حيرة من أمرها فهى لايعنيها أى شىء فى الوقت الراهن سوى خوفها وقلقها على شقيقها الذى يجلس الآن فى الشقه وحيدا ومن المؤكد أنه منهار لتتنهد بآسى ولوعه ودلفت الى الغرفه فى صمت وأرتمت بجسدها على الفراش وأجشهت فى البكاء تنعى حظها حتى من أقرب الناس اليها وظلت هكذا لتغفو أخيرا بعدما أرهقت عقلها كثيرا بالتفكير فمنذ أن عرفتهم وهى لم تجد منهم غير القسوة مرورا بحجه تعب عمها لأختطافها وأجبارها على الأذعان لهم.

*******************************************

فى شقه زهرة كان رامى يسير فى الشقه ذهابا وأيابا على غير هدى وحالته يرثى لها حيث لم تذق عيناه طعما للنوم منذ الأمس لاسيما أن شقيقته التى هى بمثابه أمه متغبيه عن المنزل ,,فمنذ أن عاد من المدرسه أنتظرها كثيرا ظنا منه أنها متواجده بالمعهد من أجل الحفلات الموسيقيه التى أشغلتها عنه مؤخرا حتى تجاوزت عقارب الساعة الى الواحده والنصف بعد منتصف الليل حاول مرارا وتكرارا الأتصال علي هاتفها لكنه كان دائما مغلق وخارج نطاق التغطيه ليقوم بالأتصال على هاتف سها ولكن هاتفها كان مغلق أيضا وأصبح فى حيرة من أمرة ولم يعرف كيف يتصرف لذا نزل من الشقه وأشار بيده الى سيارة أجرة كى تقله الى المعهد وماأن وطىء بقدمه نحو البوابه الرئيسيه حتى وجد الباب مغلقا بالقفل وهذا أن دل فيدل على أن شقيقته لم تأتى من الأساس ليعود الى الشقه بخيبه أمل حتى هلت تباشير الصباح ونزل متجها نحو المعهد وماأن خط بقدمه نحو الداخل حتى قابل سامر ليندهش الأخير من مجىء رامى فهو يعلم أنه متواجد داخل مدرسته فلماذا أتى وأين زهرة !!!ليستطرد سامر قوله بحيرة لهذا الصغير الذى كانت ملامحه باهتة حزينه .


-: رامى؟ مش المفروض أنك تكون فى مدرستك دلوقتى ..الله وأختك فين؟


كان رامى ينظر اليه بأعين زائغة ملتمعه بالدموع وبقى صامتا دون أن ينبت ببنت شفه ليعيد عليه سامر الكرة مرة أخرى وتحدث بنبرة حاده: مبتردش عليا ليه يارامى فين زهرة؟ 


أجهش رامى فى البكاء ثم تحدث بنبرة خافته وبصوت مختنق ضعيف خرج من جوفه بصعوبه : أختى .. أختى مش موجودة أصلا فى البيت من أمبارح ياأنكل رغم أنى لما نزلت علشان أروح المدرسه كانت موجودة وطلبت منى أنى ماأتاخرش ولما رجعت ملقتهاش حاولت أتصل عليها كتير تليفونها مغلق وأتصلت بأبله سها تليفونها برضه مغلق أنا هتجنن عليها ياأنكل ومعرفش أعمل أيه أو أتصرف أزاى.


أتسعت عين سامر عن أخرهما بصدمه من حديث رامى وتملك الخوف من قلبه ليستطرد قوله بقلق بالغ : يعنى أيه أختك مش موجودة هتكون راحت فين؟ صمت برهة وأخذ يفكر بأمعان شديد وعاد ليسأل الصغير بأستفهام : طيب يارامى ملكوش قرايب هنا مثلا حد من خالتها أو عماتها أوحتى أعمامها حد فيهم تعب فأضطرت تروح عندهم وماعندهومش شبكه علشان تتصل عليك !!!.


حديث سامر جعل الصغير ينتبه سريعا لتتسع عينيه بصدمه وذهول فلربما قد تم أختطافها من قبل عمها أو أبن عمها ليقول وهو يشهق ببكاء متواصل : كدة يبقى أحساسى صح أختى أتخطفت ياأنكل واللى خطفها عمى بس هو مش عايش هنا هو عايش فى الصعيد لأن لكنته غيرنا خالص. 


قطب سامر مابين حاجبيه بأستنكار وأستهجان وقال بحيرة أنتباته : طب وعمك أيه مصلحته من كدة ؟ 


تحدث بمرارة من بين دموعه المنهمرة : هو وأبن عمى كانوا جم من فترة يزورونا وقالولنا أنهم أهلنا لكن أبله زهرة ماأقتنعتش بكلامهم وطردتهم من الشقه وأنا خايف يكونو أذواها أو عملوا فيها حاجه .


عاد رامى ليبكى وصوت شهقاته تعلو فتعلو لينحنى سامر بجذعه وجثى فوق ركبتيه أمامه وظل يمسد بيده فوق شعر رأس الصغير وأستطرد ليقول بثقه : ماتقلقش يارامى أن شاء الله خير أوعى تيأس أبدا من رحمه ربنا ربنا رحمته واسعه أوى أوعدك أنى مش هنام ولأ هيغمضلى جفن غير لما الأقيها وأرجعها لحضنك تعالى معايا دلوقتى علشان هتقعد عندى لحد مانشوف هنعمل أيه أو هنتصرف أزاى يلا تعالى. 

 

أومأ الصغير رأسه بالموافقه وخرج مع سامر من المعهد ..أما هو فالقلق والخوف أعتصر قلبه أعتصارا وأصاب ثناياة لأنه لن يتحمل أبدا فكرة أصابه تلك الزهرة الجميله بأى مكروة صحيح أنها فى بعض الأحيان تثير جنونه وعصبيته وتجعله يكاد يقبض على عنقها لكن قلبه لن يتحمل فقدها أو أصابتها بأى أذى آخذا عهدا على نفسه أنه سيفعل المستحيل من أجلها مهما كلفه الأمر حتى لو كانت حياته ستكون فى سبيل أنقاذ حياتها.

         الفصل الرابع عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close