أخر الاخبار

رواية عازفه علي وتر قلبه الفصل الثاني عشر12 بقلم ياسمين احمد

رواية عازفه علي وتر قلبه 

الفصل الثاني عشر12 

بقلم ياسمين احمد

عقب وصول سامر بسيارته داخل الحى حتى ترجلت زهرة من السيارة بهدوء وتوجهت نحو البنايه ودلفت بداخلها ثم بدأت بالصعود فوق الدرج حتى وصلت أمام باب شقتها لتهم بفتح الباب ودلفت لتقع عينيها بأتجاه عمها وأبن عمها اللذين لم تراهما من قبل فى حياتها ولا تعرف عنهما شيئا على الأطلاق لتحملق فى وجههم بدهشه وحيرة شديده ليبادلوها هم نفس النظرات ثم سألتهم مستفسرة عن أنفسهم . 


-: أهلا وسهلا مين حضرتكم ؟

قام حمدان من مكانه وأخذ يعدل من جلبابه وعمته وقال بثقه: أنتى زهرة صوح؟


حركت رأسها بالأيجاب دون تعقيب منها ليجيب هو عليها بتأكيد وحزم : أنى أبجى عمك حمدان وده ولد عمك عواد.


أتسعت عين زهرة عن أخرهما بصدمه وشعرت بأن الدنيا تدور من حولها  وضاقت عليها بما رحبت لتقول بضيق : أنا مش فاهمة حاجه!! 


عاد حمدان للجلوس فوق الكرسى الذى كان يجلس عليه ثم أشار اليها كى تجلس بجانبه وتحدث بنبرة يلمؤها العزم والحزم : أجعدى لول جنبى أهنه وأنى هأحكيلك عن كل حاجه بدك تعرفيها.


سارت زهرة عده خطوات وهى تجر قدميها جرا حتى وصلت نحو عمها لكنها بدلا من أن تجلس بجانبه أخذت أحدى المقاعد القريبه منها وهمت بالجلوس أمامه ليقوم رامى بدورة مهرولا نحوها وهو يرتعد من الخوف فهو يخشاهم ويهيبهم لتقوم بضمه على الفور وسارعت بلف أحدى ذراعيها خلف ظهرة لكى تدعمه توآزرة وطمئنته أنها بجانبه ولاداعى لكل هذا الخوف ليميل عواد الجالس بجوار والده برأسه نحو الأخير ثم تحدث بهمس شديد بالقرب من أذنه : دى طلعت حلوة جوى جوى يابوى أنى ماكنتش مفكرها أنها أكدة ياخرابى لهطه جشطه.


نكزة حمدان من مرفقه بقوة كى يصمت ثم عاود الأخير موجها بصرة نحو زهرة التى كانت ماتزال محدقه اليهم بذهول بسبب تلك المفاجأه الغير متوقعه والغير مفهومه شاعرة بالأستياء من الأمر برمته لتستطرد هى سؤالها وحديثها نحو عمها بحيرة : معلش أنا محتاجه منك توضيح أزاى تبقى عمى وده أبن عمى وبابا الله يرحمه عمرة ماجاب سيرة لنا أو حكلنا عنكم؟


تحدث حمدان بصوته الغليظ القوى وهو ينظر الى زهرة بمكر : شوفى يازهرة يابتى أبوكى الله يرحمه يبجى خوى غير شجيجى هتجوليلى كيف هأحكيلك كل حاجه علشان تطمنى لنا وتتأكدى أننا مش بنضحك عليكى واصل جولى لول صل على البنى.


أستطردت زهرة قولها بهدوء : اللهم صل على النبى. 


تغيرت بنبرة حمدان لتصير هادئه ثم تحدث بثقه : شوفى يابتى.....بدأ عمها بسرد القصه من أولها بأستفاضه حيث أن جدها الراحل قد تزوج مرتين حمدان هو الأبن الأول من زوجته الأولى بينما محمد هو الأبن الثانى من الزوجه الثانيه ,,وأن الأخير عندما شب وأصبح شابا يافعا وأنهى تعليمه الجامعى بتقدير جيد جدا ثم أدى الخدمة العسكريه على أكمل وجه ليقرر بعدها ترك الصعيد بمحض أرادته والتوجه نحو الأسكندريه وبدأ برحله البحث اليوميه عن وظيفه بمؤهلة الجامعى لكن للأسف كلما تقدم بأوراق مؤهلة الى أى شركه للعمل بها كان مديرى الشركات يرفضون تعيينه بحجه أن المكان شاغر وليس لديهم مكان له ولما يأس عن وجود عمل مناسب له أضطر للأشتغال عاملا فى أحدى محلات البقاله الكبرى لكن صاحب البقاله كان متعسفا معه لأقصى درجه حيث كان يعطيه القليل من المال بعكس باقى العاملين داخل تلك البقاله ومع ذلك كان قانعا حامدا بما رزقه الله وكان لأزما منه بتوفير كل قرش يحصل عليه لأسيما عندما تعرف على والدتها فيما بعد وهى تشترى منه طلباتها اليوميه وأصبحت زبونته الدائمه ليقع فى غرامها سريعا وعرف منها عنوانها ثم قرر خطبتها من عمها آن ذاك نظرا لأن والدها كان متوفيا ورغم أعتراض العم تزويج والدتها من والدها لأن عمله وراتبه متدنى جدا وغير مناسبين لحالتهم ومكانتهم الأجتماعيه ولن يستطيع تلبيه كافه أحتياجات بيته من المتطلبات الأساسيه الأ أن والدتها أصرت على موقفها لأنها كانت تحبه بدورها وتزوجت بأقل الأمكانيات الممكنه رغم رفض أهلها مثل تلك الزيجه وأستقرت حياتهم ,,وعندما وصل الى مسامع الجد أن أبنه الأصغر قد تزوج بفتاة من فتيات المدينه ثار وهاج ورفض أعطائه أى شىء من ماله الخاص كما تبرأ منه تماما وبعد عام من زواج والدها بوالدتها رزقهم الله بها لكن ساءت الأحوال الماديه أكثر فأكثر ولم يستطع تلبيه كافه متطلباتهم التى زادت بمجيىء زهرة الى الحياه وكان لأبد أن يعمل عملا أضافيا كسائق على سيارة أجرة كى يحسن من دخلة بجانب عمله الأساسى,,وبعدها بسنتين توفت الجدة أثر أذمه قلبيه حادة ليتعب الجد بدورة عقب وفاة زوجته وندم وحزن حزنا شديدا بسبب قسوته على أبنه مطالبا أياه مسامحته عن تلك المعامله الجافه والقاسيه من جانبه وبعد سنوات طوال من مرضه رحل عن الحياه بهدوء,,كانت زهرة تستمع الى حديث عمها بعدم أستعاب ففجأة ظهر لها أهل من العدم ولديهم علم بكافه تفاصيلهم الدقيقه فقد كانت شاردة تماما غير مصدقه ماسمعته أذانيها كأنها تعيش فى كابوس حقيقى لذا أصبحت عينيها متحجرة جامدة كالزجاج باردة وخاليه من أى حياه ليقوم عمها بأخراج بعض الأوراق من جيب جلبابه تثبت نسبها اليهم سواء أقتنعت أم لا لتقوم الأخيرة بمد يدها المرتعشه والمرتجفه وأخذت الأوراق منه على مضض وبدأت فى مطالعتها وظلت تقرأ ورقه تلو الأخرى بصدمه متساءله فى نفسها أذا كانت تلك الأوراق حقيقيه وأنهم أهلها فأين كانوا طيله السنوات الماضيه المنصرمه لماذا لم يكونوا متواجدين بجانبها يوم وفاة والدها ولماذا لم يفكروا فيها أو حتى السؤال عنها أوعن شقيقها ولو لمرة واحدة,,وعقب أنتهاءها من قراءة الأوراق رفعت بصرها نحوهم بأعين حزينه تلتمع بالدموع التى أبت بكبرياء النزول فوق وجنتيها ثم سرعان ماظهرت على جانب زاويه شفتيها أبتسامه ذابله وأستطردت لتقول بسخريه مريرة ظهرت داخل حلقها. 

 

-: ولما أنتم أهلى بجد طب كنتم فين كل السنين اللى فاتت دى كلها!! ليه مافكرتوش تسألوا علينا ولو لمرة واحدة من باب المجاملة !!كنتم فين يوم بابا ما مات جايين دلوقتى بتقوليلى كده بكل بساطه أنكم أهلى والمفروض أنى أصدقكم !! ...زفرت زهرة زفرة مطوله شاعرة بغصه فى قلبها وحزن أجتاحها بالكامل لتعود وهى تتحدث بنفس المرارة : للأسف أنا ماليش أهل ومش معترفه بيكم أصلا ..أنا ماليش فى الدنيا دى غير أخويا رامى وبس أما بقى بالنسبه للأوراق اللى فى أيدى دى فحضرتك تبلها وتشرب مياتها.


أمتقع وجه حمدان بالغضب الشديد بسبب حديثها الفج معه ليستطرد هو حديثه بحنق : أنتى مش مصدجانى ولاأيه أنتى بردك بنتنا اللى من لحمنا ودمنا يازهرة.


هتفت زهرة بتحطم وأنكسار : للأسف مش قادرة أصدقكم .....صمتت برهة ثم زفرت متنهدة بأحباط وعادت لتقول بشبه نبرة مختنقه: طول السنين اللى فاتت دى كلها كنتوا بتعتبرونا مجرد سراب بالنسبه لكم ومش موجودين فى حياتكم أصلا عاوزنى دلوقتى أرحب بيكم وأفتح دراعاتى لكم وأترمى فى حضنكم لا وكمان بتقولى بفشخرة أنى من لحمكم ودمكم بجد مش عارفه أقول أيه.


قامت زهرة من فوق الكرسى وأعتدلت فى وقفتها بثبات ثم توجهت نحو باب شقتها وفتحته بهدوء وأستدارت بكامل جذعها نحوهم وهى ترمقهم بأشمئزاز وجمود ثم أستطردت قولها بمنتهى الكبرياء والشموخ وأصرار لايقبل فيه أى نقاش أو مجادله : أتفضلوا من غير مطرود .


أتسعت عين حمدان بصدمه وأصيب بذهول بسبب تلك الفتاة ذو اللسان السليط والمتعجرفه المتكبرة والعنيده التى تقوم بطردهم بكل سهولة ليمتقع وجهه بالغضب وقام بتكوير قبضه يدة بقوة وأقترب منها حتى أصبح فى مقابلتها وأستطرد ليقول بحنق وبلهجه تحذير شديده : أكدة بردك يابت أخوى بجى أحنا جايين لحد أهنة وجاصدين خير لكى وحكيتلك عن كل حاجه وفى الأخر بتطردينا من شجتك ماشى الكلام بس أبجى أفتكرى أهانتك لينا فى جلب بيتك الظاهر أن أبوكى ماعرفش يربى صوح بخاطرك يابت محمد.


مدت زهرة يدها بالأوراق الخاصه بنسبها نحو عمها ليرمقها الأخير من فوق كتفيه بأزدراء وأستنكار ثم أخذ منها الأوراق بحده وخرج هو وأبنه من شقه الأخيرة ورحلوا بخفى حنين وغضب شديد أجتاحهم بعدما فشلوا فى أقناعها برأيهم ليجز الأخير فوق أسنانه بغيظ وعصبيه حتى أصدرت أزيز خفيف ثم أستطرد ليقول بحقد .


-: بجى أكدة يابت محمد ماشى بكرة هتندمى على طردك لنا.

زفر عواد زفرة مطوله وتنهد بيأس وأحباط ثم رفع بصرة نحو والده وسأله مستفسرا عن الخطوة التى يجب عليهم أتخاذها فيما بعد : وبعدين يابوى البت طارت من يدنا خلاص ومش هنعرف نأخد منيها لا حج ولا باطل ده غير أنها عنيدة وصعب الضوحك عليها.


كان الصمت مطبق تماما من جانب وجه حمدان وأخذ يقلب الأفكار فى رأسه فى أكثر من جهة ثم تساءل فى نفسه كيف يجعل زهرة تعتذر لهم عن أسلوبها الفج والقاسى معهم وكيف يجعلها ترضخ لهم بمحض أرادتها ورغبتها وأذا نجح فى الخطوة الأولى فكيف سيفاتحها بشأن ذهابها والعيش داخل منزل الأخير كل ذلك كان يشغل تفكيرة وعقله الى أن خرج من طور صمته ذاك وأستطرد ليقول بفحيح أفعى : أتجل ياعواد وسيبنى أوزن الأمور صوح وبلاش أستعجال ولك عليا هأجيبها لحد عندينا فى أجرب فرصه وساعتها أبجى فاتحها فى موضوع جوازك منيها ومش تفضل تلت وتعجن كتير لحد ماتشوفها جدام عينك وبعد أكدة حاول تحببها فيك لحد ماتنول غرضك منها بالجواز وبعدين هأبجى أعرفها على حكايه ورث بوها من جدها وأنك الوحيد اللى هتجدر تحفظة من أى غريب يطمع فيه ولما تأمنلك ساعتها هى هتتنازل عن كل حاجه بمزاجها ولحد ما دة مايحصل مش توجع نفوخى أتفجنا ولا أجول كومان.


زفر عواد بيأس ثم قال بقله حيله: أمرك يابوى اللى شايفه صوح أعمله.

هتف حمدان بحزم : يلا نرجع البلد علشان محدش يجول أننا أستعوجنا عليهم والحديت يكتر وأنى مش عاوز وجع جلب .

قال عواد بضيق : أمرك يابوى.


عاد حمدان وعواد من حيث أتوا,,أما عن زهرة فعقب رحيلهم من الشقه حتى قامت بسحب كرسى لها وجلست عليه ووضعت كفيها الأثنين فوق وجهها وأجهشت فى بكاء مرير تنعى سوء حظها فى الحياة حتى عندما علمت بأن لها أهل كان من المفترض أن تشعر حيالهم بالراحه والأمان والطمائنينه لكن ماحدث كان عكس ذلك فهى شعرت نحوهم بالأستياء والنفور والكرة فمن المفترض أن يكونوا أمنها وملاذها وقت حاجتها اليهم لكنهم أكتفوا فقط بأعطاءها بعض الأوراق التى لاتسمن ولاتغنى من جوع حتى عمها لم يقوم بضمها الى صدره وأحتضنها أو حتى طلب منها مسامحته عن تقصيرة أتجاهها هى وشقيقها بعد تلك الأعوام الطوال كانت تبكى وتشهق بقوة على حالها ليقوم رامى بالتقرب اليها وظل ينظر اليها بأسى وحزن ثم أخذ يربت فوق كتفيها بحنو بالغ ليستطرد قوله بلوعه.


-: أبله زهرة أوعى تضعفى أبدا الناس دول مش مننا ومانعرفهمش وبصراحه كدة مش قادر أستوعب لحد دلوقتى أنهم أهلنا أرجوكى بلاش تخليهم يهزموكى ويحطموكى بكلامهم اللى زى السم ده.


رفعت زهرة وجهها الباكى نحو شقيقها ثم قامت بضمه نحو صدرها وظلت تمسد فوق شعرة بحنو وهمت بمسح دموعها من فوق وجنتيها ورفعت وجه شقيقها اليها وأبتسمت له أبتسامه ذابله حزينه ثم أستطردت لتقول بتأكيد وثقه شديده.


-: عارف يارامى أنت الوحيد اللى بتقدر تخفف عنى حزنى بس أطمن ياحبيبى مافيش قوة فى الكون دة كله تقدر تهد أختك أو تجبرها على حاجه هى مش عاوزاها أختك قويه وصامدة زى الجبل مافيش حد يقدر يكسرها أبدا ثانيا ودة الأهم أننا مش محتاجين لهم ولا عاوزين منهم أى حاجه وزى ماأنت لسه قايل أحنا مانعرفهمش ودلوقتى يلا علشان نتعشى وأذاكرلك دورسك علشان وراك مدرسه بكرة. 


أبتسم رامى أبتسامه باهتة ظهرت فوق محياة رغم حزنه على حاله وحال شقيقته ليقول بمشاكسة كأنه يؤدى التحيه العكسريه : تمام يافندم .


قهقت زهرة على خفه دم شقيقها وظلت تداعبه بحب ثم توجهت نحو المطبخ وشرعت بأعداد كل مالذ وطاب من طعام وتناولوا الطعام وذاكرت له وبعد أن أنتهت أوصلته نحو غرفته ووضعته فى فراشه وبعد تأكدها أنه قد نام بعمق تركته وتوجهت نحو غرفتها ثم أغلقت على نفسها الباب وأرتمت فوق فراشها ورفعت بصرها نحو سقف الغرفه بشرود وألتمعت عينيها بالدموع وظلت تتسأل بينها وبين نفسها لما أصبحت قلوب البشر أقسى من الحجر ولما دوما حظها فى الحياة قليل ظلت على هذا المنوال مايقرب من نصف ساعه كامله حتى داعب النوم جفونها ونامت بعد أرهاق شديد لعقلها بسبب كثرة التفكير.

************************************

فى صبيحه اليوم التالى ذهبت زهرة كعادتها نحو المعهد ووجهها شاحب كشحوب الموتى ويعتلى فوق ملامحها الرقيقه الحزن والألم والأحباط حتى جميع صديقاتها لاحظوا ذلك بمن فيهم سها فقد كانت الأولى تتحاشى ببصرها والحديث مع من يقابلها وكان الصمت والشرود هو لغتها حتى سامر لاحظ ذلك بدورة منذ دلفوها الى غرفه البيانو حيث كانت تضع مرفقيها فوق الطاوله التى أمامها غير مركزة فى حصه الأخير ورغم عدم علمه سبب حزنها وشرودها الأ أنه طلب من كل فتاه أن تعزف مقطوعة موسيقيه خاصه بها كى يختبر أداء الفتيات فى العزف وبدأت بالفعل كل واحده منهن عزف مقطوعتها حتى جاء الدور عليها فأعتذرت منه بتأدب أنها لن تستطيع تلبيه طلبه اليوم ثم أستأذنت منه وخرجت فى باحه المعهد وسارت بضع خطوات حتى أبتعدت عنهم كى لايرى أحدا دموعها المتساقطه كالشلال بينما هو خرج مسرعا بحثا عنها ليجدها تجلس بعيدا وتبكى بحرقه وألم كان سامر يتألم من أجلها لكن كانت توجد لديه أسباب عدة تمنعه من عدم البوح بمشاعرة أتجاهها ليقوم بأغماض عينه بدورة بحزن ثم عاد بفتحهما من جديد وظل ينظر اليها بأشفاق لاعنا قلبه الذى يلين بسرعه نحوها فقد كان يسترق النظر اليها من بعيد خوفا أن يحرجها ليعاود الدخول مجددا الى غرفه البيانو لشرح مادته وعقب أنتهاء الحصه ذهبت سها نحو صديقتها ووجدتها على حالها تبكى بلا أنقطاع لتقرر الجلوس بجانبها وأخذت تمسد على شعر الأخيرة بحنو لترفع زهرة وجهها الباكى اليها وأرتمت بين أحضانها لتربت الأولى فوق أكتافها حتى هدأت تماما ثم سألتها مستفسرة عن سر تغيرها المفأجى وبكاءها المستمر لتسرد عليها زهرة وقائع ماحدث معها منذ أن ألتقت بعمها وأبن عمها مرورا بطردهم من شقتها حتى تلك اللحظه لتقوم سها بضرب يدها فوق صدرها بصدمه شديدة وزمت شفتيها بغيظ وهتفت بحنق وغضب شديد. 


-: يخربيتهم طب وبعدين هتتصرفى أزاى يازهرة؟

زفرت زهرة زفرة مطوله بأحباط وتنهدت بضيق ثم تحدثت بحزن دفين : مش عارفه ياسها أنا حاسه أنى فى دوامه ملهاش أول من أخر ..حاسه كأنى عايشه فى كابوس حقيقى يعنى هما أخلو مسؤوليتهم عنا طول السنين اللى فاتت وجايين دلوقتى يدوروا علينا أنا بجد مستغربه هو فى ناس ضميرها ميت للدرجه دى !!.


جزت سها على أسنانها بغيظ وأستطردت لتقول بأمتعاض : ناس بجحه بعيد عنك ....صمتت برهة ثم عادت لتكمل حديثها بحيرة : ماأعرفش يازهرة لكن حسيت من طريقه شرحك للى حصل بينك وبين عمك وأبن عمك اللى ظهروا فجأة أن وراهم إن والموضوع كله على بعضه مش طبيعى خالص وزياتهم لكى دلوقتى بالذات محيرة جدا وعليها مائه علامه أستفهام كبيرة ؟؟؟؟


حدقت اليها زهرة بحيرة وأستطردت لتسألها بأستفهام : تقصدى أيه؟

تحدثت سها بدورها بحيرة شديد : ماأعرفش والله يازهرة مقدرش أعرف بالظبط هما بيفكروا فى أيه وأزاى بس بجد مش مطمنه لهم ودة على حسب حديثك معايا عنهم.  


عاودت زهرة للصمت من جديد وهى تفكر فى حديث صديقتها وهل حقا مجيئهم فى هذا التوقيت بالذات شىء غير طبيعى كما قالت أم هناك ماهو أبعد من ذلك بكثير وأن أمرهم مريب لينقضى اليوم سريعا عائدة نحو شقتها ودلفت اليها ومنها نحو غرفتها وأرتمت فوق فراشها وهى تئن من شدة ألالم بسبب الصداع الذى يكاد يفتك برأسها لتقوم بأخذ حبوب مهدئه كى يخفف من ألم رأسها حتى غفت ونامت فى وقت متأخر من الليل وهى تدعو ربها أن ينور بصيرتها لمعرفه السر الخطير وراء تلك الزيارة الغريبه والمريبه من جانب عمها وأبن عمها.

**************************************

فى اليوم التالى .

وفى بيت الحاج مصطفى والد سها كانت عقارب الساعه المعلقه فوق الجدار تشير الى الرابعه الأ ربع بعد العصر بينما كانت الأخيرة تجلس أمام طاوله السفرة الموجودة بالصاله وتقوم بتقميع أقماع البمياء كنوع من مساعده والدتها فى أعمال الطبخ وبينما كانت هى فى قمه أنشغالها أذ سمعت صوت قرع جرس متواصل فوق الباب لتقوم والدتها بالمناداة عليها قائله لها بأمر : شوفى مين على الباب ياسها.


تنهدت سها بحرارة ثم تحدثت قائله لها بطاعة: حاضر ياماما .

نهضت سها من فوق الكرسى بتكاسل وسارت بضع خطوات نحو الأمام حتى وصلت الى باب الشقه وهمت بفتحه لتجد خطيبها أبراهيم يقف على عتبه بابها وممسكا بكلتا يديه باقه من الورود الجمليه بكافه ألوانها وأنواعها يضعها أمام وجهه ثم قام بأبعاد تلك الورود عنه وظل يبتسم لها أبتسامه ساحرة لتحملق هى فى وجهه ببلاهة من تلك المفاجأة الجميله لكنها سرعان ماظهرت فوق ثغرها أبتسامه حب وحبور له ليقوم هو بأعطاء الورود ثم حمحم بحرج شديد وأستطرد قوله بأستفسار .


-: أيه ياسها هتفضلى بصالى كدة كتير طب مش هتقولى أتفضل؟

شعرت سها بالحرج من نفسها لتستطرد قولها بتلعثم : آآآ لالا طبعا أتفضل .


دلف خطيبها على أستحياء شديد ثم جلس فوق أحدى المقاعد القريبه منه بصمت لتقوم والدتها فى تلك اللحظه بالمناداة عليها : مين اللى على الباب ياسها؟


لكن سها لم ترد على والدتها فهى تنسى كل شىء بمجرد رؤيه خطيبها وبعد بضع لحظات خرجت الأخيرة من المطبخ وهى تخفف يدها المبلله بالمنشفه الصغيرة ووجهها عابس وممتقع بالغضب بسبب عدم رد أبنتها عليها وكادت أن تهم برد لاذع عليها لولا أن أنتبهت لوجود خطيب أبنتها ..أما عنه هو فقد قام من فوق الكرسى وأعتدل فى وقفته وهو يتصبب عرقا وخجلا شاعرا بالحرج الشديد بسبب حضوره فى عدم وجود والدها ليقول مستطردا بأسف وأعتذار : أنا آسف جدا والله لأنى جيت فى وقت مش مناسب المهم أزيك ياحماتى عامله أيه؟  


تحدثت الحاجه توحيده بترحيب الشديد : الحمد لله يابنى أنا بخير أهلا وسهلا خطوة عزيزة أتفضل أقعد.....صمتت برهة ثم عادت لتستطرد قولها بأعتذار : لامؤاخذة يابنى مش عارفه أسلم عليك لأن أيدى مش نضيفه وكنت فى المطبخ بعمل الأكل خير أن شاء الله فى حاجه؟.


حمحم أبراهيم بحرج ثم تحدث بتأدب وبصوت خافت : كل خير أن شاء الله أنما عمى فين؟ 


أستطردت الحاجه توحيده حديثها بهدوء : عمك نزل يصلى العصر فى المسجد اللى تحت وزمانه على وصول.


أستطرد أبراهيم قوله بأتزان وهدوء : أنا جيت النهاردة علشان أعرفكم أنى خلاص شطبت الشقه ومافضلش فيها غير شراء العفش بس طالب منكم رجاء تدونى مهلة كمان شهر على ماأخد قرض من البنك بضمان محل عملى وأخلص الأجراءات كلها وبعد كدة هأخد سها تجيب كل اللى نفسها فيه وبعدها نتجوز .......لم يكد يكمل حديثه حتى سمعوا صوت مفتاح الشقه يدور فى الباب فقد كان والد سها,,ليدلف الأخير داخل الشقه وعقب وقوع بصرة على خطيب أبنته حتى ذهب مقبلا نحوهم وعاد أبراهيم مجددا للأعتدال فى وقفته بثبات ثم صافح حماة بحرارة وجبهته متعرقه برهبة وخوف ومن ثم عاود للجلوس وهو يبتلع ريقه بصعوبه شديدة فهو يعلم جيدا أن تلك المهلة التى طلبها رغم صغرها الا أنها ستجعل والد خطيبته يثور وينفعل عليه لكن ما باليد حيله ليجلس والد الأخيرة بدورة فى مقابلته وهو يرمقه بتحفز وصمت قاتل منتظرا منه أجابه شافيه ومؤكدة تريح قلبه بشأن أتمام زواجه من أبنته فهو يعلم أن خطيب أبنته دائما متذبذب فى قراراته ,,أما عن أبراهيم فقد كان يوزع نظراته برهبة بين خطيبته تارة وبين والدها تارة أخرى حتى خرج من طور صمته ذاك وأستطرد ليقول بأرتباك.


-: آآآ ..بص ياعمى أنا عارف أن حضرتك أستحملتنى كتير بس والله العظيم غصب عنى على العموم أنا شطبت الشقه خلاص بس.... وماكاد أن يستكمل أبراهيم حديثه حتى قاطعة الحاج مصطفى بحدة وصرامه وتحدث بعصبيه مفرطه : بس أيه أبراهيم يابنى أيه حجتك المرة دى علشان تماطل فى جوازك من بنتى؟


بلع أبراهيم ريقه الذى جف بصعوبه ثم هتف برجاء حار : أرجوك ياعمى أسمعنى لو سمحت حضرتك عارف أنى بشتغل فى شركه كبيرة بقالى5سنين صح؟ أوما والد خطيبته رأسه بالأيجاب دون أن ينبت ببنت شفه ليستكمل أبراهيم حديثه تباعا: أول سنه من شغلى ربنا قدرنى وحوشت مبلغ كويس أشتريت بيه عربيه بالتقسيط علشان أرتاح من زحمه المواصلات وقرفها والحمد لله خلصت أقساطها وكمان حوشت مبلغ مش بطال أشتريت بيه شقه معقوله وشطبتها من كله مافضلش فيها غير العفش كل اللى طلبه من حضرتك تدينى مهلة شهر واحد بس وبعد كدة هنزل أنا وسها علشان تنقى عفشها وهأعمل لها أحلى فرح كمان وحبيبتى تنور بيتى والنبى ياعمى مش تسكفنى. 


لأنت ملامح والد سها المتجهمة سريعا ثم أستطرد ليقول بحيرة : والله يابنى أنت حيرتنى معاك لكن ماشى طالما هيبقى شهر واحد يبقى مافيش مشكله بس قسما بالله ياأبراهيم لو جيتلى تانى وأتحججت بأى ححج تانيه ماهتعتب عتبه باب البيت دة تانى ودة أخر كلام عندى .


حرك أبراهيم رأسه بنفى ثم أجاب عليه أجابه قاطعه صريحه ونافذة : لالا أوعدك أن شاء الله أنه هيبقى شهر واحد مش أكتر من كدة....صمت برهة ثم وجه بصرة نحو وجه سها المحبب الى نفسه وأستطرد ليقول بحب شديد : هو أنا يعنى ليا كام سها فى الدنيا هى سها واحدة بس.


رمقه والدها بشزر وحمحم بضيق ثم هتف قائلا بلهجه تحذيريه : أحنا كنا بنقول أيه ياأبراهيم يابنى ؟


تدارك أبراهيم خطأه ليوجه بصرة نحو حماة الذى كان يستشيط غضبا وحنقا منه بسبب معاكسته لأبنته أمامة ليبلع الأخير ريقه مجددا بصعوبه ثم قال بثقه : كنا بنقول كل خير ياعمى عن أذنكم بقى علشان وقت البريك خلص ولأزم أرجع الشغل .


تحدثت الحاجه توحيدة بتلقائيه وعفويه : طيب مش لما تأكل لك لقمه الأول يابنى؟


قال أبراهيم بثقه وتأكيد على كل كلمه خرجت من فمه : قريب أن شاء الله ياحماتى لما أكتب كتابى على بنتك وتبقى على ذمتى علشان أبقى براحتى وعلشان كمان مش أسببلكم أزعاج أسيبكم بقى على راحتكم تقعدوا بالعافيه سلام عليكم .....خرج أبراهيم من شقه محبوبته بعدما قام بتوديعها عائدا نحو عمله.

******************************************

بعد مرور يومين من عودة عواد ووالده من الأسكندريه,,كان الأخير يرزع غرفته ذهابا وأيابا بضجر وتأفف وأخذ يجز على أسنانه بقهر بسبب طرد زهرة لهم لتدلف راويه فى تلك اللحظه عليه الغرفه ورأته فى حاله يرثى لها حيث كانت عينيها تجوب مع كل حركه يتحركها هو ذهابا وأيابا أينما خط بقدمه لتزم هى بشفتيها بسخريه ورفعت أحدى حاجبيها بأستنكار وأستهجان ثم أستطردت قولها بشماته.


-: مالك ياعواد رايح جاى ليه أكدة خير كف الله الشر؟

أستدار عواد برأسه نحوها والغضب والحنق يتصاعد من داخله وعينيه تشع بالشر ثم تحدث بصوت جهورى قوى أرعبها : بعدى عنى دلوجتى ياحرمه لأحسن جسما بالله لو أتحدتى معايا كتير لأكون مطلجك هأرجعك لدار أبوكى فاتجى شرى أحسنلك وأخفى من وشى الساعه دى.


كلمات عواد الجارحه لها جعلتها تشعر بالأستياء والضجر منه فها هو زوجها عشرة عمرها يفضل عنها غيرها لكنها مع ذلك أصرت على أستفزازة قائله بتحدى وعند: آة بجى الموضوع أكدة عاوز تطلجنى علشان ست الحسن والدلال اللى عم بتفكر فيها ليل ونهار ومخلياك تلف حوالين نفسك كيف الديك الحيران ماشى ياعواد بس أبجى خليها تنفعك بجى.


حديث راويه جعله يستشيط غضبا أكثر ليقترب منها سريعا ثم باغتها بلى أحدى ذراعيها بقوة وأستطرد قائلا بحدة وحنق : وأنى جلتلك بعدى عن وشى يبجى تسمع الكلام من سكات ومن غير مناجشه علشان مش أتصرف معاكى تصرف مش هيعجبك واصل حلى عن طريجى دلوجتى يابت الناس علشان مش تندمى .


زفرت راويه بحنق وأستنكار ثم أولت ظهرها له وسارت بضع خطوات حتى وصلت الى مقدمه الباب وقامت بأمساك المقبض بقوة لكن قبل رحليها من الغرفه أستدارت برأسها نحو زوجها وقالت بأمتعاض وعتاب :أنى ماشيه ياعواد ولعلمك أنى مابخفش منيك ومن تهديدك واصل ولو على دوار أبويا فهو مفتوح لى فى أى وجت أنى هلم خلجاتى طوالى وراجعه له على الأجل هأحس هناك بالأمان وكرامتى مش تتنهان كل دجيجه والتانيه.


تركت راويه له الغرفه وهرولت وهى فى قمه ثورتها ودموعها تسبقها فوق وجنتيها حتى أنها أصطدمت بكتف نوارة دون قصد منها ولم تلتفت لنداء سلفتها عليها لتنزل راويه من فوق الدرج مسرعه وهرولت خارج البيت شاعرة بالضياع وبأن حياتها تسلب منها فى ثوان بسبب تسرع زوجها لتنهار جالسه فوق أحدى السلمات الخارجيه وأجهشت فى البكاء تندب حظها ثم تساءلت فى نفسها أترحل عائدة الى بيت والدها محافظه على كرامتها كما قالت له منذ قليل وتتركه ينعم بزواجه من أخرى أم تتنازل فى سبيل البقاء فى بيت والد زوجها لتخطط لأفساد تلك الزيجه الفاشله على حد وصفها وبعد فترة وجيزة حسمت رأيها حيث أقسمت من داخلها أنها لن ترضخ للذل أبدا ولن تسمح لأى أحد أيا كان أن يحطم حياتها مهما كان الثمن..وعلى الجانب الأخر هرولت نوارة خلفها وظلت تبحث بعينيها عنها حتى وجدتها جالسه خارج المنزل لتتوجه نحوها وجلست بجانبها وحاولت أن تستفهم منها ماحدث لتقص عليها راويه شجارها العنيف مع عواد وأنه قام بطردها من الغرفه وأنه غير سجيته التى تعرفها فعواد الذى كانت تعرفه يوم زواجه منها كان يتمتع بالهدوء والرزانه وتقييم الأمور بشكل جيد أما الأن فأصبح شديد العصبيه ومتقلب المزاج يثور على أتفه الأسباب بسبب تفكيره الدائم فى أرتباطه الرسمى بزهرة وبينما هى تسرد عليها ماحدث ,,أذ دخل فجأة حمدان من الباب الرئيسى لمنزله ووجدهم يجلسون على عتبه الباب الداخلى يتهامسون فيما بينهم بصوت خافت مما جعلة يضرب بعصاة فوق الأرض الرخاميه بقوة لتنتفض كلاهما برهبة ثم صدح هو بصوته القوى والجهورى .


-: الله الله بجى بسلامتكم جعدين بتتحدتوا وسايبين أزواجكم من غير غدا يلا ياحرمه منك ليها أدخلوا حضروا لنا الوكل بسرعه علشان مش تتعاجبوا وأنتم خابرين زين كيف بيكون العجاب جبر يلم العفش....وماأن همت راويه ونوارة بالدلوف الى داخل المنزل كى يقوموا بأعداد طعام الغداء حتى لاحظ حمدان شحوب وجه زوجه أبنه وبقايا من الدموع المتجمعه فوق وجنيتها ليندهش هو من ذلك الأمر وقام بأستوقاف زوجه أبنه الأخر بصوته القوى وأستطرد ليقول بصرامه ولهجه آمرة : نوارة روحى أنتى حضرى الوكل لأنى عاوز أتحدت مع راويه شوي.


أومات نوارة رأسها برهبه دون أى تعقيب منها وهرولت بأتجاه المطبخ أما عن حمدان فوقف بجانب زوجه أبنه ووضع أحدى ذراعيه فوق كتفها وقد لانت ملامحه المتجهمة ثم هتف ليسألها بأهتمام : مالك يابتى بتعطيتى ليه كف الله الشر؟


تحدثت راويه من بين شهقاتها ودموعها قائله بمرارة ولوعه : أبنك ياعمى عاوز يتجوز عليا بنت من بنات البندر. 


أدعى حمدان أنه لايعرف شيئا عن ذلك الأمر ليجيب عليها بحزن مصطنع : لع لع ياراويه يابتى أوعاكى تجولى أكده تانى عواد لا يمكن يعمل حاجه زى أكدة واصل.


زفرت هى بحزن شديد ثم قالت مؤكدة على صحه حديثها : لا ياعمى هو جالى أكده بعضمه لسانه أنه هيتجوز واحدة أظن وذكر أسمها جدامى 

أسمها أيه يابت ياراويه..أسمها أيه .....صمتت للحظات محاوله تذكر الأسم ثم أكلمت سريعا : آه أفتكرت أسمها زهرة وأنها مليحه وزين كيف الورد المفتح.


مسد حمدان فوق شعرها بحنو محاولا تهدأة أستياءها وحزنها ثم هتف قائلا لها بهدوء : وأنتى بردك جميله ياراويه بصى سيبنى أتحدت وياه لأنى معرفش الحديت دة غير منيكى أستهدى بالله أكدة وأنى هأعرف أيه الموضوع بالظبط المهم جومى أغسلى وشك وروحى مع نوارة حضارولنا الوكل على ماأشوف مجصوف الرجبه ده كيف يزعلك الظاهر أكدة أن عجله طج.


أومات راويه رأسها بتفهم ثم ذهبت هى الأخرى لمساعده سلفتها ,,أما عن حمدان فقد كان يجز على أسنانه بغيظ وحنق بسبب غباء أبنه البكرى ليصعد فوق الدرج بخطوات مسرعه نحو الطابق العلوى حتى وصل نحو غرفه الأخير ثم طرق فوق الباب مرة واحده ليفتح له عواد تحت نظرات والدة الحارقه وقام الأخير بدفعه بيديه نحو الداخل وهم بأغلاق الباب عليهم وأخذ يقترب منه ثم أمسكه من تلاتيب جلبابه وظل ينهرة بقوة وقطب مابين حاجبيه بغضب شديد بسبب تسرع أبنه لأنه حكى لزوجته عن موضوع أرتباطه بزهرة ليقول حمدان بحدة وحنق.


-: أنت كيف البهيم ياعواد والواحد مايعرفش يأمنك على سر واصل .

أتسعت عين عواد بصدمه بسبب عصبيه والده المفرطه ثم أستطرد ليسأله بأستفهام : ليه يابوى أنى عملت أيه علشان تجولى أكدة؟


ضيق حمدان عينيه صوب عين عواد بتحذير ثم زفر زفرة مطوله بتأفف وأرخى قبضة يده من فوق جلباب الأخير مستطردا حديثه بأمتعاض : علشان أتسرعت وجولت لمرتك على كل حاجه والحديت مش وجته واصل بس أجول أيه أبنى الكبير غبى ومخة تخين.


أجاب عليه عواد بتبرير : يابوى دى سمعتنا وأحنا بنتحدت يوم ماكنا فى المكتب بتاعك كنت عاوزنى أتصرف معها كيف ماكنش جدامى غير أنى أجول لها عن موضوع جوازى من زهرة.


نظر له حمدان بشك ثم أستطرد قائلا بحذر : أوعاك تكون جلتلها عن السبب الرئيسى؟


قال عواد بأرتباك شديد وهو ينظر الى والده برهبة شديده :ماهو ..ماهو أنى ماكنش ينفع وجتها أكدب وأجول لها عكس اللى سمعته.


زفر حمدان بغيظ وتأفف وظل يحرك رأسه بخيبه أمل ويأس بسبب غباء أبنه ليقول مستطردا بتأفف : أنت عارف دة معناته أيه ؟معناته أن مرتك مش هتسكت عاد وهتفضحك فى البلد كلاتها.


أجاب عليه عواد بثقه : لع راويه مش هتجدر تفتح خشمها واصل لأنى هددتها أن عملت أكدة هأطلجها فى ساعتها.


أستشاط حمدان بغضب بسبب تصرفات أبنه الغير مسؤوله ثم هتف بضجر وحنق: مش بجولك غبى ولا كومان مخك كيف العصفورة وماتعرفش توزن الأمور صوح ربنا يسترها بجى من تصرفاتك دى.

******************************************

كانت تقف فى شرفه غرفتها فى الفندق الذى أنتقلت اليه مؤخرا حيث كانت تمسك بين أناملها الرقيقه لفافه تبغ ثم قامت بتقريبها من بين شفتيها الناعمه وسحبت منها نفسا عميقا وزفرته على مهل متأمله بذلك هذا المشهد الجميل والمطل على شرفتها من سحر برلين فى ليلها وصخب أناسها وأضواء شوارعها التى لاتنطفىء سوى عند مطلع الصباح لكن المدهش فى الأمر والذى جعلها فى حيرة من أمرها هو أن زوجها السابق وسيم لم يعد يرسل أحدا خلفها لمطاردتها بعكس الأيام السابقه فهى منذ أن أقيمت فى هذا الفندق والأمور هادئه وطبيعيه حتى عندما تسير فى الأروقه والطرقات تسير دون خوف شاعرة بأرتياح لم تعتادة من ذى قبل وعلى مايبدو أنه هدوء ماقبل العاصفه ثم تساءلت فى نفسها هل حقا وسيم قد يأس منها ولم يعد يرسل أحد ليطاردها !!لكن كيف لالا فقد سبق أن كلف رجلين من رجاله لملاحقتها حتى توصلوا اليها بالفعل فى الفندق الذى كانت تقيم فيه سابقا,,وبينما كانت ألهام فى قمه تفكيرها أذ سمعت صوت باب غرفتها يفتح ثم أغلق بهدوء لتقوم على الفور بأطفاء سيجارتها ووضعتها فى المطفأة الموجودة بالشرفه وأستدارت بكامل جسدها نحو الأمام موليه ظهرها للشرفه بينما كانت غرفه الأخيرة مظلمه ومعتمه تماما بسبب أطفاءها للمصباح لكنها شعرت بخوف شديد يدب فى أوصالها وأنتابتها قشعريرة سارت فى جسدها كله لتقرر السير بحذر شديد متجهة نحو المصباح كى تشعلة ولكن قبل أن تفعل ذلك حتى شعرت بقبضه يد قويه فوق عنقها تخنقها بقوة شاعرة بأن الهواء ينسحب تدريجيا من داخل رئتيها لكنها حاولت جاهدة مقاومة هذا اللص الذى أقتحم غرفتها والتملص منه ولم تفلح بذلك بينما هو ظل يخنق فيها حتى خارت قواها وغابت عن الوعى تماما ولم تشعر بعدها بأى شيء. 


بعد فترة رمشت ألهام بعينيها عدة مرات متتاليه ثم فتحتهما بتثاقل غير أن الرؤيه كانت ماتزال مشوشه لديها شاعرة بصداع شديد يفتك برأسها ولم تتذكر سوى هذا اللص الذى كان يريد التخلص منها بخنقها ورويدا رويدا بادت الرؤيه واضحه أمامها لتتبين أنها ممدة فوق أريكه مريحه وأعتدلت فى جلستها ونظرت الى ملابسها لتجدها ملطخه بالدماء تلفتت حولها لتجد نفسها داخل أحدى أقسام شرطه برلين ومجموعه من الضباط ينظرون لها ويتحدثون اليها بلكنتهم التى لم تفهم منها شيئا وبعد عده ثوان دلف شاب أنيق فى هيئته وملبسه ويبدو من ملامحه أنه مصرى ليتجه نحوها ثم هم بالجلوس أمامها وقام بمد يدة اليها وصافحها بحرارة ثم عرفها بنفسه.


-: حمدا لله على سلامتك يامدام ألهام أول حاجه أحب أعرفك بنفسى أنا المقدم شادى أبو السعود ظابط مصرى بتعاون مع الأنتربول الدولى.


كانت ألهام لاتزال غير مستوعبه ماقاله الضابط لها منذ ثوان لكنها تحدثت اليه مستطردة برجاء : أرجوك ياحضرة الظابط عاوزة أرجع مصر أنا بجد تعبت  ونفسيتى بقت زى الزفت عاوزة أرجع بلدى أعيش وسط أهلى فى أمان بدل القلق اللى أنا عايشه فيه ده.


ربت الضابط فوق كفها برفق ثم سرعان ماأبعد موضع كفه عن كفيها وتحدث بنبرة واثقه : أطمنى يامدام من بكرة هنروح السفارة المصريه وأوعدك فى أقرب فرصه هترجعى مصر بعد ماتخلص الأجراءات كلها. 


كان هناك الكثير من التسأولات المحيرة التى كانت تدور برأس ألهام عن مصير زوجها وهل من هاجمها بالغرفه كان له علاقه به أم أنه كان مجرد لص يريد سرقتها وما سر تلك الدماء التى فوق ملابسها فقد كان لزاما عليها أن تعرف كل شىء لكى تصبح على داريه بما حدث معها لتسأل الضابط بأهتمام. 


-: لو سمحت ياحضرة الظابط أنا عاوزة أستوضح منك حبه أمور وأرجوك تقولى على كل حاجه حصلت لأنى بجد متلخبطه ومحتاجه أفهم.


أومأ الضابط رأسه موافقا ثم تحدث بنبرة هادئه ورزانه: أتفضلى أسالى أنا هنا علشان أسمعك وأجاوبك على كل أسئلتك.


تحدثت ألهام بأستفسار : وسيم فين ومصيرة أيه؟ والراجل اللى هاجمنى النهاردة وكان بيخنقنى دة واحد من رجالته ولا كان مجرد حرامى عاوز يسرقنى وأيه الدم اللى على هدومى دى !!


تحدث الضابط مجيبا عليها بأستفاضه وأسترسال : مبدئيا كدة أحب أطمنك وسيم جوزك خد جزاءوة الرادع وحاليا هو مسجون وبيتعاقب على عده جرايم عملها منها الدعارة ..بيع السيدات فى سوق الرقيق ..القتل ..النصب ..السرقه ..وأخيرا الراجل التانى لزعيم عصابه من عصابات المافيا ..دة غير أنه كان متجوز قبلك حوالى سبع مرات منهم الغنيه اللى أتزوجها علشان فلوسها وبعد ماسرق كل اللى حيلتها أتجننت رسمى ودخلت المصحه ..ومنهم اللى أتزوجها بعد ماأقنعها أنه بيحبها ودايب فى غرامها زى ماعمل معاكى بالظبط ولما رفضت أنها ترضخ فى بيع نفسها للرجاله اللى كان بيجيبهم الشقه قتلها .. حتى اللى أتزوجها من نفس البلد ماسلمتش من أذاه وكان بيضربها يوميا ضرب مبرح لغايه لما لقيناها فى يوم من الأيام مرميه داخل مستشفي خصوصى مابين الحياة والموت وأهلها كانوا هيموتوا بحسرتهم عليها وغيرهم كتير وفى كل مرة كان بيتحبس كان بيطلع بكفالة وكان المدير بتاعه اللى أتحبس هو كمان كان بيدفعله الكفاله وبعد كدة أكتشفنا أنه زعيم العصابه اللى زوجك شغال معاهم وطبعا البيه حكالك أنه شغال فى شركه أستيراد وتصدير وده كان مجرد تمويه عن أعماله المشبوهة اللى حكيتلك عليها ... ده غير مساعده ودارعه اليمين ماكس اللى بعد مانجحنا فى القبض عليه وهو بيحرق جثه واحد فى أحدى الجراجات البعيده عن منىء الناس وتحت ضغطنا المتواصل عليه أعترف تفصيليا بكل حاجه وأن وسيم أمرة بالفون أنه يروح مكتبه ينضف الفوضى على حسب كلامه وكان يقصد بده واحد من رجالته اللى قتله بدم بارد بسلاحه الكاتم للصوت ..أما عن الدم اللى فوق هدومك دى فهى دم واحد من رجالته المطيعين والموالين له ولما زوجك عرف أنه مش هيعرف يطلع من ذمه القضايا اللى عليه قال عليا وعلى أعدائى فحب ينتقم منك بتحريضه للراجل ده علي قتلك هتقوليلى طب أنتم عرفتوا أزاى أنه دخل الأوضه اللى أنتى مقيمه فيها تحديدا !! بصى يامدام أحنا كنا متعقبين الراجل ده فى كل تحركاته من ساعه ماأتحرك من بيته لحد ماوصل الفندق ودخلة كمان لأن الفندق مرشق بكاميرات المراقبه فى كل مكان فالمجرم علشان مايثيرش الشكوك حواليه طلب من موظف الأستقبال أوضه نوم للمبيت لمده يوم واحد زيه زى أى حد وطلع السلالم لحد ماأحنا دخلنا بعده بثوانى وشفنا كل تحركاته لكن تعمدنا أنه مايحسش بينا لحد ماأختفى تماما وكمان لأننا كنا لأبسين لبس مدنى علشان منسببش الرعب فى قلوب الناس الموجودة فى الفندق وبعدين روحت لمدير الفندق وطلبت منه أنى أشوف كاميرات المراقبه ولاحظت أنه متجه لأوضتك ومش بس كده ده كمان تعمد أنه يعطل كاميرا المراقبه اللى فى الطرقه قال يعنى ذكى وهيقدر يفلت مننا بجريمته فأخدت مدير على جنب وطلبت منه ألتزام الصمت لغايه مانقبض على المجرم فوافق من غير أى تردد وبعد كدة أعطيت الأشارة لظباط شرطه برلين اللى بتعاون معاهم على أننا نطلع بسرعه قبل مايحاول يقتلك ولما وصلنا للأوضه اللى كنتى فيها لاحظنا أن الباب كان متوارب أو علشان أكون دقيق معاكى أكتر أى حد كان هيمر بجانب أوضتك مش هيلاحظ أن الباب مفتوح الأ أذا قرب منه أوى..ومن الواضح أن لسان الباب ماكنش داخل فى مكانه صح وهو لما دخل الأوضه قفل الباب وراة وماكنش يعرف أنه بايظ وأن مع أقل حركة الباب هيتفتح بسهولة حتى لو كان متوارب ,,المهم لما قربنا من أوضتك سمعنا صوت همهمتك وأنتى بتحاولى تصرخى لكن صوتك ماكنش طالع لأنه كان بيحاول يخنقك وغيبتى عن الوعى فأقتحمنا الأوضه بكل يسر وأشعلنا النور وقبل ماهو يتحرك مكانه علشان يهرب كنا أحنا أسرع منه أطلقنا الرصاص على صدرة ووقع ميت لامؤاخذة فوقك وهدومك أتلطخت بدمه ..كمان عاوز أقولك أنك محظوظه لأنك بخير وربنا خلصك من شر زوجك. 


كانت ألهام تنظر الى الضابط بأعين متسعه من الصدمه من هول ماسردة الأخير عليها ثم حل عليها الصمت التام وظلت تجوب غرفه الشرطه بأعين زائغه فهى تعلم أن زوجها حقير لكن أن تصل به الحقارة للسعى بالتخلص منها بدافع الأنتقام لأنها قررت الهروب منه ومن جحيمه الذى لايطاق ليقطع الضابط صمتها مستطردا بأسى حيالها . 


 -: أنا عارف أنك مصدومه من اللى سمعتيه منى بس أرجوكى أنا عاوزك متماسكه وقويه أكتر من كدة لأنك هتروحى معايا بكرة الأول تشهدى ضده فى المحكمة وتحكى لهيئه المحلفين والقضاة كل اللى حصل معاكى بسببه قبل مانروح السفارة المصريه أتفقنا . 


كان هناك تساؤل محيرا عالق بذهن ألهام تود طرحه على الضابط لتسأله بأستفسار : طيب ياحضرة الظابط ماكنش المفروض أن وسيم يترحل على مصر الأول ويتحاكم هناك محاكمه عادله بما أنه مصرى؟ ليه يتحاكم فى سجون برلين؟ 


أبتسم الضابط بتفهم لكنه حرك رأسه بنفى قاطع ثم أجابها بثقه : يامدام وسيم هيتسجن هنا الأول ويأخد جزاءوة الرادع بحق جرايمه اللى أرتكبها هنا وبعد مايخلص فترة عقوبته هيترحل طبعا على مصر علشان يكمل عقوبه الخيانه لدولته. 


كانت ألهام تشعر بخوف ورهبة شديده لمجرد فكرة ذهابها للمحكمه للأدلاء بالشهاده ضد زوجها السابق ليلاحظ الضابط ثم قال مخففا عنها بأبتسامه هادئه : عارف أنك خايفه ومرعوبه لأنها هتبقى مواجهة شرسه بينك وبينه فى المحاكمة دى بس دة لازم يحصل علشان يأخد حكم نهائى وبكدة تكونى أرتحتى منه للأبد .


أومات ألهام رأسها بالموافقه على مضض ثم سألته بحيرة عن المكان الذى سوف تبيت هى فيه لحين عودتها الى أرض الوطن : طيب ياحضرة الظابط أنا هبيت فين لحد ماأرجع مصر؟


تفهم الضابط مخاوفها ليقول بحزم وثبات : فى شقتك طبعا يامدام وأطمنى أنا هحط بودى جارد قدام الشقه على مستوى عالى من التدريب علشان لو حد فكر يقرب من باب الشقه هما يتصرفوا معاة أعتقد كدة قلتلك على كل اللى عاوزة تعرفيه وتفهميه ودلوقتى أتفضلى معايا علشان أوصلك الشقه ومش هتحرك من مكانى غير لما أتاكد أنك بقيتى فى أمان.


أومات ألهام رأسها بتفهم وتحركت مع ذلك الضابط الشاب فى صمت دون أن تنبت ببنت شفه راجيه من المولى أن يسهل الباقى من أمورها ويهون عليها مواجهة ذلك اللعين فى محاكمة الغد ,, الى أن تعود الى بلدها مع عائلتها فى أمان.

         الفصل الثالث عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close