أخر الاخبار

رواية عازفه علي وتر قلبه الفصل الخامس5 بقلم ياسمين احمد

رواية عازفه علي وتر قلبه 

الفصل الخامس5 

بقلم ياسمين احمد

فى شقه زهرة أرتفع رنين منبهها الصغير الموضوع فوق الكومدينو الذى بجانب الفراش عده مرات لترفرف هى بأهدابها ثم فتحت عينيها وأمسكته بأناملها وظلت تنظر اليه لعده ثوان فقد كانت عقاربه تشير الى الرابعه والربع صباحا وكان الوقت مايزال مبكرا لذهابها الى المدرسه التى تعمل بها لذا قامت بأغلاقه وأعتدلت من فوق الفراش ثم خرجت من غرفتها وتوضأت وأدت صلاه الفجر فى وقتها وعادت مجددا لتستلقى فوق الفراش ثم غفت فى ثوان معدودة وبعد فتره وجيزه من غفوتها جاء والديها فى المنام وبالأخص والدها الحبيب الذى كان يوصيها الأهتمام بشقيقها الوحيد كما طلب منها الا تحزن على حالها ففرج الله أقرب مما تتخيل هى ثم أبتسم لها وودعها بأبتسامه مريحه فوق شفتيه لتفتح هى عينيها فى تلك اللحظه بتثاقل ثم رمشت عدة مرات وأمسكت الجسر الذى بين عينيها بالسبابه والأبهام لتتنبه سريعا أن مارأته كان مجرد حلم ليس الأ لتتململ من فوق الفراش وهى تتنهد بضيق وتأفف ثم أعتدلت وعادت لتمسك منبهها من جديد لتتسع مقلتيها عن أخرهما بصدمه فقد كانت الساعه تشير الى السابعه الا ربع أى أنها قد تأخرت عن موعدها للذهاب الى المدرسه هذا بجانب شقيقها الذى قد تأخر بدورة عن ذهابه الى مدرسته لتعاود وهى تزفر بأحباط ثم نزلت من على الفراش بأستعجال وهمت بفتح باب الغرفه وتوجهت مسرعه نحو غرفه شقيقها وأيقظته ثم قامت على عجل بأحضار بعض الأطعمه الخفيفه لهم وعقب نزولهم من الشقه أشارت بيدها الى سيارة أجرة كى يوصل شقيقها الى حيث وجهته ..أما عنها هى فلقد أختارت سبيل الركض كى تصل فى وقت قياسى وعقب أقترابها من البوابه الرئيسيه للمدرسه حتى تسراعت دقات قلبها بشدة فهى تخشى ما ستتلقاه من المديره من توبيخ بسبب تأخرها ثم دعت من داخلها أن يمر الأمر مرور الكرام وعقب دلوفها الى المدرسه صدق حدسها حيث أستوقفتها المديرة بوجه عابس وقطبت مابين حاجبيها بأستنكار شديد ثم أجابت عليها بأمتعاض وبنبرة شبه تهكميه. 


-: مالسه بدرى ياأستاذه زهرة أيه نموسيتك كحلى ولاأيه؟ 

أبتلعت زهره ريقها بصعوبه شديدة ثم نكست رأسها فى الأرض بخجل شديد ثم قالت بصوت خافت : معلش ياحضرة المديرة أصلى راحه عليا نومه. 


زمت مديرة المدرسه شفتيها بضجر ورفعت أحدى حاجبيها بأستهجان وعدم أقتناع ثم ظهرت على زاويه فمها أبتسامه ساخره وقالت بحنق وهى ماتزال تشعر بالأستياء من حديث زهرة : راحه عليك نومه؟ أستاذة زهرة الكلام دة مش هنا دى مدرسة محترمه مش تيكيه أهلك تيجى وقت ماأنتى عاوزة ولعلمك لو أتكرر تأخيرك مره تانيه هيتشطب عليكى وهيتخصم من مرتبك أتفضلى على حصتك بلا دلع بنات. 


شعرت زهرة بالأهانة والأستياء والضجر من مديرة مدرستها بسبب تجريحها وتوبيخها لكنها أبت الخنوع لترفع رأسها بكبرياء وشموخ حتى تلاقت عينها بعين المديره بتحدى واضح ثم قالت بحزم : أطمنى ياحضرة المديرة دى هتكون أول وأخر مرة أتأخر فيها عن أذنك علشان حصتى مش تتعطل أكتر من كدة. 

 

أولت زهرة لها ظهرها وأسرعت الخطى حتى أختفت من أمامها متجهة صوب فصلها أما عن المديره فقد قطبت مابين حاجبيها بغضب وأستنكار وقامت بضرب كفها بالكف الأخر دلاله على أستياءها من الأمر برمته ثم تحدثت بصوت شبه مسموع : بنات أخر زمن صحيح جايه متأخرة ربع ساعه عن ميعاد حصتها وكمان مش عاجبها. 


لاحظت أحدى المعلمات التى كانت على وشك دلوف حصتها أن المديرة تحدث نفسها لتسألها بأستفسار وفضول : بتقولى حاجه ياحضرة المديرة ؟


أنتبهت المديره الى صوت المعلمة حيث أستدارت اليها بكامل جسدها  ورمقتها بنظرات ناريه وهى تستشيط غضبا ثم قالت بحزم وحده : مالكيش دعوة وأتفضلى أنتى كمان على حصتك.


أنقضى اليوم الدراسى بعدما قامت زهره بشرح مادتها للبنات الصغيرات عن كيفيه العزف على الآلآت الموسيقيه ثم توجهت بعدها نحو محل الملابس الذى تعمل به حيث لم تسلم أيضا من مغازله صاحب المحل ونظراته الماكرة لها بين الحين والأخر التى كانت تنم على أنها فريسه سهله بالنسبه له لكنها كانت قويه وظلت تصده وتمنعه من مضايقتها وبقت صابرة راضيه بحالها فكل مايهمها العمل من أجل سداد الأيجار المتأخر عليها والذى لم تسدد منه سوى شهرين فقط هو عمل شقيقها فى ورشه النجارة وفى المساء عادت الى حيها ليقابلها ذاك المدعو فوزى بأبتسامته السمجه حيث دنا منها بطريقته المنفره والمزعجه ثم قال لها بنبرة ثعلبيه ماكرة . 


-: ها ياست البنات فكرتى فى عرضى اللى عرضته عليكى قبل كدة ؟ 

رفعت زهرة أحدى حاجبيها بأستنكار ثم زفرت زفرة مطوله بضيق وتأفف منه وقالت بشبه نبره حاده: بقولك أيه ياعم فوزى حل عن دماغى الساعه دى أنا راجعه مصدعه ومش شايفه قدامى وعاوزة أطلع أنام وأرتاح شويه فياريت تريح نفسك وتريحنى وتبطل كلام فى الموضوع ده لأنى مش موافقه بالأذن بقى. 


تركته وهو يستشيط غضبا وحنقا منها أما عنها هى فقد توجهت نحو البنايه فى صمت ومنها نحو الدرج بخطوات مسرعه حتى وصلت أمام باب الشقه وعقب دلفوها تجاهلت وجود شقيقها الذى كان بأنتظارها على أحر من الجمر لتتوجه نحو غرفتها وقامت بصفق الباب خلفها بقوة الأمر الذى أصاب رامى بالدهشه والحيره أما هى فقد جلست فوق حافه الفراش ثم أجهشت بالبكاء تنعى حظها فى الحياة ثم أستلقت فوق وسادتها ودموعها تسبقها فوق وجنتيها بغزاره حتى خارت قواها ونامت دون حتى أن تبدل ثيابها. 

********************************************** 

بعد مرور أسبوعين أخريين أستيقظ سامر كعادته وقت الصلاه وقام بأداء ركعتى الفجر ثم توجه بعدها نحو الطابق الأرضى ومنها نحو البيانو الخاص به ثم جلس أمامه وأخذ يعزف عليه بتركيز شديد وفجأة ظهرت أمامه ملامح زهرة بوجهها البرىء وتذكر كيف تفننت فى أيغاظته عن طريق مقالبها الكثيره والمتكرره التى كانت تفتعلها معه وكيف تسببت له فى الكثير من الأحراج وأخرها مشاداتها مع نهال مقررا بدوره ألتزام الصمت ولم يعقب على ماحدث وقتها ولم يدافع عنها رغم علمه صدق حديثها الى أن تم فصلها وطردها من المعهد ليتوقف عن العزف ثم زفر زفرة مطوله بأسى وأحباط وأغمض عينيه بحزن فليس من طبعه أن يصمت فى مواقف كهذة ثم شرد فى كل مامر به من حياته الى أن أستيقظت والدته وتوجهت بدورها الى الطابق الأرضى ومنها نحوه ثم أخذت تمسد فوق شعرة بحنو ووقفت بجواره لتلاحظ هى فى عين أبنها نظرة أنكسار وآسى سبق أن رأتها من قبل لينتبه هو سريعا اليها وقالت هى بصوت حانى ودافىء.


-: مالك يابنى فيك أيه بقالك شهر متغير على غير العاده حتى لما بتصحى بدرى بتنزل تقعد قدام البيانو وتفضل تعزف عليه بالساعه والساعتين لغايه لما النهار يطلع أحكيلى ياسامر أيه اللى مضايقك أوى كده يمكن أقدر أساعدك.


تنهد سامر بحسره ثم وضع باطن كفه فوق صدغه الأيسر وقال بحيرة : والله ماعارف أبدا منين ياأمى. 


نظرت اليه والدته بنظره مطوله وأبتسمت أبتسامه خفيفه ثم قالت بمكر : قولى أيه اللى شغلك أوى كدة يمكن يكون عندى حل ليك.


بدأ سامر يقص على والدته عن زهرة منذ أن ألتقى بها أول مرة فى المعهد وكيف كانت تثير عصبيته وتتعمد أغاظته كلما سنحت لها الفرصه بذلك وكيف تسببت له فى الكثير من المواقف المحرجه وماتلاها بعد ذلك من مشاداتها مع نهال وأنه خذلها بصمته الى أن قام العميد بطردها هذا بجانب أنه لايعرف عنوان عملها لكى يذهب اليها ويقدم لها أعتذار رسمى لتقوم والدته بمعاتبته على ذلك ليؤكد لها أنه سيصلح ما أفسدة كما سيطلب منها مسامحته وأن رفضت فسيتوسط الى العميد لأعادتها الى المعهد كانت والدته تستمع اليه بأمعان شديد ثم عادت لتبتسم أبتسامه هادئه وأخذت تربت فوق كتفيه بحنو ثم قالت بمنتهى الهدوء والرزانه.


-: أعمل اللى أنت شايفه صح واللى يمليه عليه ضميرك بس أنا حابه أقولك على حاجه مهمه أوى ياسامر.


حدق اليها بأمعان وبتركيز شديدين ثم سألها مستفسرا بحيره : أيه هى ياأمى؟


أجابت عليه ثناء بثقه : مش كل البنات بنفس تفكير ألهام ومش معنى أن زهرة شبهها بالظبط أنها تكون نسخه منها أفتح قلبك للحياة من تانى يابنى مش كل البنات زى بعضها وزى مافي الوحش فى الحلو برضه حاول تعمل توازن بين عقلك وقلبك علشان الكفتين يبقوا قدام بعض وربنا يريدلك اللى فيه الخير.


كان سامر يستمع الى والدته بأهتمام بالغ وظل يقلب حديثها فى عقله مرة بعد مرة حتى مر الوقت سريعا ثم هم بطبع قبله حانيه فوق جبينها وأستاذن منها للذهاب الى المعهد ..وعقب وصوله أصطف بسيارته فى مكانها المخصص وترجل منها بثبات ثم دلف ليجد سها تجلس فوق أحدى المقاعد فى باحه المعهد شاردة وحزينه لذا فكر بينه وبين نفسه أن يسألها عن حال زهرة وأتخذ قرارا بالمضى قدما نحوها وعقب وصوله اليها حمحم بحرج لترفع الأخيرة بصرها اليه وتغيرت ملامحها فى ثوان وأمتقع جهها بالغضب الشديد وأحمرت وجنتيها ثم همت بالنهوض فى صمت وأشاحت ببصرها عنه كى لاينفلت لسانها وتتفوه بكلام جارح له لكنه كان أسرع منها حيث أستوقفها وقام بالمناداه عليها برجاء لتستدير هى بكامل جسدها نحوه ثم أجابت عليه بأمتعاض وبوجه عابس.


-: خير ياأستاذ سامر ؟

تحدث سامر بنبرة رجاء حارة : آنسه سها ماتعرفيش الآنسه زهرة بتشتغل فين دلوقتى؟


حدقت سها فى وجهه بتعجب من سؤاله لتستطرد حديثها بشبه نبره حاده : عاوز تعرف مكانها ليه ها؟ مش كفايه أنكم جيتو عليها وأولها أنت وسكت ومدافعتش عنها وفى الأخر أنطردت من المعهد .....صمتت برهه ثم عادت لتكمل بضيق: أستاذ سامر لو بتفكر تروح لها المكان اللى بتشتغل فيه علشان تحرجها أو تتسبب فى قطع عيشها فأسفه مش هقولك على مكانها.


أتسعت عين سامر عن أخرهما بصدمه وحدق فى وجه سها بدهشه ورفض أتهامها المباشر بأنه من تسبب فى طرد صديقتها ليستهل حديثه بهدوء تام عكس أستنكاره وضجره منها : أولا ياآنسه بلاش أسلوب التهديد والترهيب ده لأنى مبخافش غير من اللى خلقنى ثانيا مش هقبل أتهامك ده ثالثا صحبتك هى اللى بدأت رغم أنى حذرتها كتير ومع ذلك هى أصرت على مضايقتى رابعا وده الأهم أنى مش المسؤول عن المعهد علشان أقول مين يمشى ومين يفضل بالأضافه أنى مابطلبش منك طلب غريب أنا بقولك هى فين علشان عاوز أروح أطمن عليها.


أجابت عليه سها بسخريه لاذعة : لا والله بجد كتر ألف خيرك الصراحه ثم أن حضرتك عارف عنوان بيتها ماتروح لها وتعتذرلها بنفسك دة أذا كان عندك النيه أصلا.


جز سامر فوق أسنانه بغيظ حتى صدرت صرير خفيف ليستهل حديثه فيما بعد بضيق شديد: آنسه سها أنا بتكلم معاكى بمنتهى الأدب ..ثانيا هأبقى أروح لها البيت بعدين وللمرة الأخيرة بسألك زهرة بتشتغل فين علشان لو أصرتى على عنادك ده أنا هتصرف بطريقتى وهوصل لها بنفسى.


نظرت سها اليه بدهشه ثم رأت فى عينيه نظرة حزينه دائما مايحاول أخفاءها عن الجميع كى يثبت لمن يراه أنه لايأبه لأحد لتجيب هى عليه بقله حيله : حاضر هأديلك عنوانها بس بالله عليك ياأستاذ سامر بلاش تحرج زهرة لأنها بنت غلبانه ويتيمه وملهاش حد فى الدنيا بعد ربنا غير أخوها وكمان مش تعرفها أنى عرفتك عنوانها ولو هى سألتك قول لها أنك فضلت تدور عليها لحد ما لقيتها.


زفر سامر زفره مطوله بأرتياح شديد ثم أبتسم بخبث وأجاب بمكر : أكدب يعنى هههههه ماينفعش خالص على فكره.


تحدثت سها بأرتباك : لا طبعا ماقصدتش كدة بس هى لو عرفت منك أنى أديتلك عنوانها هتزعل منى.


تحدث سامر بطمأنه وثقه زائدة : أطمنى أنا هأبعد عنك المسؤليه خالص هاتى بقى العنوان علشان هأطلع من هنا عليها على طول.

*******************************

أعطت له سها عنوان المدرسه التى تعمل بها صديقتها وكذلك عنوان محل الملابس ليأخذ منها سامر العناوين ثم خرج مسرعا من المعهد وسط ذهول الأخيرة وأنطلق بسيارته متجها صوب المدرسه وماأن خرجت زهرة من البوابه الرئيسيه للمدرسه وسارت بضع خطوات حتى ظل هو يراقبها من بعيد دون أن تشعر هى بوجودة وظل يسير خلفها بسيارته ببطىء شديد حتى وصلت الى محل الملابس ثم دلفت داخله وبدأت بتنظيفه ثم قامت بالأعتناء بالملابس وبدأت تضعها فى أمكانها المخصصه بطريقه منمقه ليقرر سامر الترجل من السيارة وبدأ يراقبها من خلف زجاج المحل وهو يبتسم بين الحين والأخر أبتسامه مريحه حتى أنتهت هى من عملها ليسرع هو وأستقل سيارته ثم أبتعد عنها كى لا تلمحه ..أما عنها هى فقد أستقلت سيارة أجرة كى تصلها الى شقتها وسار هو خلف السيارة دون أن تلمحه للمرة الثانيه وبعد أن أطمن الى دلوفها داخل البنايه أنطلق هو بسيارته وذهب الى أحدى المطاعم الشهيرة وقام بشراء بعض الأطعمة البحريه المكونه من السى فود ( فواكه البحر) وأخرى من شرائح اللحم والدجاج ثم توجه نحو أقرب محل للحلوي وقام بشراء علبه كبيرة من الشيكولا ..ثم الى محل الورود وقام بشراء باقه جميله منها ثم أنطلق عائدا مرة أخرى الى حيث شقه زهرة ليقوم بأيقاف محرك السيارة وترجل منها بهدوء شديد ثم دلف الى داخل البنايه وبدأ بالصعود نحو الدرج وهو يلهث بقوة مفرطه حتى وصل أخيرا أمام شقتها ثم هم بقرع الجرس ليفتح رامى الباب والذى ماأن رأة وهو يقف أمامه حتى تغير وجهه وظل يرمقه بأمتعاض وعبوس ليبتسم له سامر أبتسامه هادئه ثم أستهل ليقول بثبات.


-: أزيك يارامى .


أستنكر رامى مجىء سامر اليهم لاسيما بعد أول مقابله لهما فى المعهد وعدم ترحيبه به وثانيا عندما روت له زهرة عن سبب طردها ليقول الصغير بضيق : أيوة موجودة أى خدمه!!!


زفر سامر بقله حيله ثم سأله بأستفسار: طب ممكن أدخل؟

عاد رامى ليجيب عليه بضيق : طبعا أتفضل.


هنا صدح صوت زهرة من داخل المطبخ حيث كانت تقوم بأعداد بعض الوجبات الخفيفه لهم وقامت بالمناداة علي شقيقها تسأله عن من بالباب لكنه لم يجب عليها لتعيد عليه الكرة مرة أخرى لكن دون جدوى لتقرر الخروج من المطبخ وهى تزفر بضيق وممسكه بيدها منشفه صغيرة كانت تجفف بها يدها المبلله لتقول بتأفف.


-: أنا مش بندة عليك يارام....بترت كلماتها وتسمرت فى مكانها بذهول عقب رؤيتها لسامر لتجدة يجلس فوق أحدى المقاعد بأراحيه شديده واضعا ساق فوق الأخرى ويبتسم أبتسامه عذبه هادئه لتتغير ملامحها بسرعه البرق من اللين الى الضيق ثم قالت بسخريه : أستاذ سامر بنفسه جه لحد هنا على العموم معلش الشقه مش قد المقام.


كان سامر يجول ببصرة نحو الشقه ثم أنفجر فجأة ضاحكا وبصوت مرتفع مما جعل زهرة تشعر بالأستياء منه ثم أجابت عليه بغيظ مكتوم : ممكن أفهم حضرتك بتضحك علي أيه!! الفقر مش عيب على فكرة.


شعر سامر بالحرج الشديد لكنه سرعان ماتحدث بمنتهى الجديه : على فكرة أنا مش بضحك لأنك فقيرة أنا ضحكت لأنك بتقولى الشقه مش قد المقام آنسه زهرة أنا كنت زيك كدة فى يوم من الأيام بل اسوأ بكتير من حالتك دى لكن صبرت لحد ماربنا فتحها عليا ..ممكن بقى تهدى وتبطلى نرفزة.


شعرت زهرة بالحرج بسبب أندفاعها وتسرعها لتجلس فوق أحدى المقاعد القريبه منها ثم سألته بتوجس وحيرة : أستاذ سامر ممكن أفهم سر زيارتك الشريفه دى؟ وأشمعنى النهاردة؟  


تحدث سامر بثقه : عاوزة تعرفى أنا جيت النهاردة ليه؟

أومات رأسها بالأيجاب ثم قالت بتأكيد : طبعا يهمنى أعرف.  

أستهل سامر حديثه بمكر ودهاء : علشان المعهد من غيرك وحش ....شعر سامر بتسرعه ليقول مصححا عبارته بأرتباك واضح : أقصد يعنى أن زمايلك البنات مفتقدينك أوى. 


ظهرت شبه أبتسامه ساخرة على زاويه فم زهرة ثم قالت بشبه نبرة تهكميه : آة صح بأمارة لما كلكم صدقتم كلام نهال اللى كان كله كدب فى كدب وكدبتمونى وفضلتم السكوت مش كدة. 


تحدث سامر بأسف وأعتذار : أنا آسف يازهرة لأنى خذلتك بسكوتى فى وقت ماكنش ينفع فيه السكوت بس أنتى كمان غلطتى وكنتى بتعملى فيا مقالب كتير المهم أنا جاى النهاردة وطالب منك أنك ترجعى المعهد تانى.


تحدث زهرة بكبرياء ورفض شديد : آسفه مش هيحصل. 

عم الصمت بينهما بضع لحظات معدودة ثم حاول تغير مجرى الحديث : بالحق أنا عرفت أنك أشتغلتى مدرسه فى مدرسة الأمل وأنك مدرسه شاطره وبتعلمى البنات الموسيقي على أوصولها وأخر النهار بتشتغلى فى محل ملابس صح.


أمتقع وجه زهرة بالغضب والضيق لتقول بنبره حاده: أكيد سها ماهى مافيش غيرها اللى عارفه بكل ظروفى وعارفه مكان المدرسه والشغل فى محل الملابس وعلشان كده أديتلك العنوان مش كدة.


حرك سامر رأسه بنفى ثم قال بمكر : سها لا طبعا ثم أن صحبتك ماعدتش بتجى المعهد الأ نادر أوى.


سألته زهرة بحيرة : غريبه أوى الحكايه دى آمال عرفت أزاى؟


كان سامر جاهزا للرد عليها ليستهل حديثه بنبره هادئه جدا: أبدا كنت بمر من هنا بالصدفه ولمحتك وأنتى نازله من الشقه فبعدت عنك علشان مش تشوفينى وبعدين ركبت العربيه وفضلت ماشى وراكى لحد ماروحتى المدرسه وفضلت مستنيكى هناك لحد ماطلعتى وبعدها روحتى محل الملابس وفضلت موجود برضه من غير ماتلمحينى لحد ماأطمنت أنك رجعتى الشقه سالمه ها أى أسئله تانيه.


تسرعت زهرة وهى تقول بحده وأنفعال : آة وحضرتك بقى كنت بتراقبنى مش كدة؟


عاد سامر ليحرك رأسه بنفى ثم قال مؤكدا على كل كلمه تفوة بها : لا طبعا مش براقبك ولا حاجه دة مجرد أطمئنان مش أكتر.

 

بالرغم أن زهرة لم تقتنع بأى كلمه قالها سامر لها الا أنها رحبت به تاركه باب شقتها مفتوحا على مصراعيه ثم أستاذنت منه للدلوف نحو المطبخ لأكمال باقى الطعام ليستوقفها هو بالمناداة عليها وتسمرت فى مكانها ثم أستدارت اليه بكامل جسدها وظلت تحدق اليه بأستغراب وبقت صامته ليجيب عليها قائلا بحزم .


-: رايحه فين ؟

قالت زهرة بتأكيد : هروح أخلص الأكل اللى على النار وكمان علشان تأكل معنا عيش وملح زى مابيقولوا.


تحدث سامر بنفى : لا ماتعمليش حاجه أنا عملت حسابى وجيبت الأكل معايا. 

وجهت زهرة بصرها نحو شقيقها بحيره وكذلك فعل هو ثم سرعان مازفرت زفرة مطوله بضيق ثم قالت بتأفف : أستاذ سامر أنت من ساعه ماشرفتنى بمجيك هنا وأنا بسألك أنت جاى ليه؟ لو عاوزانى أرجع المعهد فأعتقد أن جوابى وصلك.


زفر سامر زفره مطوله بأحباط ثم قال بدوره بتأفف وضيق بسبب عنادها : على فكرة أنتى عنيدة أوى ودماغك ناشفه.


قالت زهرة بتصميم وحزم : أنا مش عنيدة ولاحاجه بس ماأحبش أبقى مظلومه وأنت تيجى بكل بساطه وتقولى أرجعى المعهد.


تنهد سامر بقله حيله بسبب أصرارها ليستهل حديثه بيأس وأحباط: طيب ممكن تأكلى معايا السندوتشات اللى جيبتها ولا فى دى كمان هتقولى لا؟


قالت زهرة بلامبالاة : شكرا مش عاوزة منك حاجه.

حرك سامر رأسه بيأس منها وهو يبتسم فى صمت ثم أعطى علبه الشيكولا لرامى وقام بفتح علبه الورود وبدأ بوضعها فى المزهريه المخصصه لها بطريقه منمقه وسط دهشه وضيق زهرة من أفعاله تلك ثم عاود للجلوس مجددا وبدأ بأخراج الطعام من الكيس الموجود بها ثم مد يدة لها ليعطيها السندوتشات واحد تلو الأخر بينما ظلت هى مترددة كثيرا هل عليها أن تأخذهم منه أم لا وهى تنظر الى يدة الممدودة لها بالطعام وفى النهايه أخذتهم على مضض ثم عادت وجلست فوق الكرسى وبدأت بأزاله ورق السولفان من عليها وهمت بفتحها ثم قامت بأزاحه قطع الجمبرى منه وبدأت تضعها فى الطبق الذى أمامها ما جعل سامر ورامى يحدقون الى بعضهما بدهشه لتنفلت من الأخير قهقه بصوت مرتفع حتى أدمعت عيناة من كثرة الضحك ثم سألها عن ماتفعله بحيرة.


-: ممكن أفهم أنتى بتعملى أيه ؟

نظرت اليه زهرة بحاجب مرفوع مستنكرة سخريته منها لتقول بحيرة : أصل الصراحه بابا الله يرحمه جاب من البتاع دة مرة زمان وأنا لما شوفت شكله قرفت منه وحاول وقتها يخلينى أكله بس مقدرتش بس أنا دايما لما بروح أشترى سمك بشوفه عند البياع بس بقرف أمد أيدى عليه حتى لما بابا جابه مسألتش عن أسمه .


قهقه سامر مرة أخرى وحك بأنامله فروة شعر رأسه بحيرة ثم تحدث بيأس : آنسه زهرة بجد مش عارف أقولك أيه أنتى صعبانه عليا أوى.

سألته زهرة على مضض: طيب هو أسمه أيه؟


تنهد سامر بقله حيله ثم أجاب عليها بثقه : دة أسمه جمبرى ياآنسه وطعمة حلو آوى آوى.


زمت زهرة شفتيها بأزدراء ثم قالت بأشمئزاز : يع دة لالا مستحيل يكون طعمة حلو خالص.

قال سامر بمداعبه : طعمة جميل جدا كمان حتى دوقى كدة.


أمسك سامر بقطعه الجمبرى ثم قرب يدة من شفتيها لتتلاقي أعينهم بنظرة مطوله لم يستطع الأثنين فهمها لتمد هى يدها وأخذتها منه على مضض وبأستحياء وحرج ليحمحم هو أيضا بحرج واضح ثم سرعان ماأبعد يدة عنها وبعد ألحاح من الأخير بدأت تأكل قطعه الجمبرى مجبرة لكنها مع كل مضغه منها وبتروى شديد أعجبها طعمه ثم بدأت تأكل بهدوء ليرفع هو بصره نحوها ولاحظ على جانب زاويه شفتيها القليل من المايونيز ليسرع الأخير بأخراج منديله من جيب جاكت حلته وقام بمسح المايونيز من فوق شفتيها لتتلاقى الأعين مجددا وشعرت زهرة برجفه تسرى فى أنحاء جسدها بسبب لمسته تلك وتوردت وجنتيها بحمرة الخجل الشديد ثم أشاحت ببصرها  عنه ليتدارك هو فعلته وأبعد يدة عنها شاعر بالأحراج الشديد وخيم عليهم صمت طويل دون أن ينبت أحدهما ببنت شفه وظلوا يتناولون الطعام دون أى حديث يذكر حتى أنتهو ليقرر سامر قطع هذا الصمت الرهيب حيث قال بجديه شديدة .


-: آنسه زهرة أرجوكى فكرى تانى فى طلبى لعودتك للمعهد أنتى أنسانه جميله الخلق ومهذبه وشاطره ويجى منك وهيكون لكى شأن عظيم فى المستقبل ويمكن تكونى كمان مغنيه مشهورة طبعا بغض النظر عن الكام موقف اللى عملتيهم فيا فياريت تعيدى حساباتك من تانى وأنا منتظر منك رد بالموافقه وهتوسط للعميد أنه يرجعك.


بعد حديث مطول بين سامر وزهرة بشأن عودتها الى المعهد من عدمه أستاذن الأخير منها وودعها ولكن قبل نزول سامر من شقه الأولى كان المدعو فوزى صاحب العقار كان ينزل بدوره من شقته وسمع الحوار الذى دار بين سامر وزهره وشعر بالأنزعاج الشديد بسبب ترحيبها بأستاذها وكيف سمحت له بالدلوف الى داخل شقتها دون رقيب ليجز هذا اللعين فوق أسنانه بحنق وسخط عازما من داخله على تهديدها أو ترهيبها أن لم تدفع ثمن الأيجار المتأخر عليها والقبول بالزواج منه وأن أبت أو رفضت فسوف يصعد الأمر ضدها حتى لو أضطر لفضحها فى الحى بأكمله لتظهر على زاويه فمه أبتسامه صفراء مثله ثم قرر العودة الى شقته مرة أخرى وشرد فيما حدث ورأه بأم عينه وأخذ يفكر فى حيله لأبعاد سامر عن طريقه فهو يشكل عقبه بالنسبه له ولكى يخلو له الجو مع زهرة على حد خياله المريض.

           الفصل السادس من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close