أخر الاخبار

رواية عازفه علي وتر قلبه الفصل التاسع9 بقلم ياسمين احمد

رواية عازفه علي وتر قلبه 

الفصل التاسع9 

بقلم ياسمين احمد

أن طال الغياب أو قصر فقلبى أصبح بكى متيما 

فغيبى متي شئتى فأنا للهوى عاشقا. 

------------------------------------------

مر مايقرب من أسبوع وزهرة ممتنعه عن الذهاب الى المعهد حيث كانت تجلس داخل شقتها فوق أحدى المقاعد القريبه من منضده السفرة مستندة بمرفقها على الطاوله وواضعه باطن كفها فوق صدغها الأيسر بشرود تام ليلاحظ شقيقها بدوره صمتها وشرودها المستمر لذا دنا منها بخطوات بطيئه حتى أصبح قريبا منها ووضع كفه الصغير فوق كتفيها برفق لتنتبه سريعا اليه ثم أستدارت برأسها نحوه وماأن رأته هو يواسيها حتى أبتسمت له بحنو وأمسكت باطن كفه وطبعت عليه قبله حانيه ليسألها رامى مستفسرا عن سبب صمتها المتواصل. 


-: مالك ياأبله أنت بقالك أسبوع مش بتروحى المعهد وعلى طول وشك دبلان وحزينه فأيه السبب؟


عادت زهرة لتبتسم أبتسامه لكنها بدت ذابله ثم زفرت متنهده بأحباط وقالت بنبره شبه مختنقه: أبدا يارامى مافيش حاجه ماتشغلش بالك. 

 

لم يقتنع رامى بردها المقتضب عليه ليقول هو بثقه : على رامى برضه؟جثى بكامل جسده أمامها حتى أصبح فى مستواها ثم أجابها بتأكيد :أبله زهرة أنا أخوكى صحيح صغير فى السن لكن بفهم وبحس باللى قدامى من نظره عينيه ها أحكيلى بقى أيه اللى مضايقك!! 


أحتارت زهرة بماذا عليها أن تجيب فشقيقها مصر على معرفه سبب حزنها لتستهل حديثها قائله بكذب : أصل شديت مع سها شويه وعلشان كده ماليش مزاج أروح المعهد. 


وللمرة الثانيه حديث زهرة لم يقنع عقل الصغير ليقول ببراءة وبنبره تأكيديه:مش ممكن طبعا لأن أبله سها طيبه جدا ومش ممكن تزعلك لدرجه أنك ترفضى تروحى المعهد الأ أذا كان فى سبب تانى وأنتى مش عاوزة تقوليلى عليه. 


شعرت زهرة بالأندهاش الشديد من حديث شقيقها كأنه قرأ مابداخلها لتقول بأرتباك بدى واضحا فوق ملامحها البريئه : سبب !! صمتت لثوانى معدودة ثم عاودت لتستكمل حديثها بضيق وأنفعال :ولا سبب ولاحاجه وأتفضل يلا روح مدرستك علشان متتأخرش أكتر من كده. 


أندهش رامى من أنفعالها الزائد عليه ليهم بالأعتدال فى وقفته وظل يربت على كتفيها بحنو ثم زفر متنهدا بقله حيله وقال بحزن شديد : على راحتك ياأبله مش هغصبك على الكلام كل ماهنالك أنى كنت عاوز أطمن عليكى سلام عليكم. 


أولى رامى ظهرة لشقيقته ثم تأهب كى يذهب الى مدرسته وعندما هم بفتح باب الشقه كى يرحل حتى أستوقفته زهرة قائله بصوت قوى وحازم :مش تتأخر فى الرجوع من المدرسه ومالكش دعوة بطارق ونبيل خالص لأنهم ولاد مش كويسين وشوفتهم أمبارح وهما بيعزموا عليك بسجارة. 


أستدار رامى برأسه نحوها بدهشه لكنه سرعان ماأجاب عليها قائلا بنبره مؤكده : بس أنا رفضت أخد منهم حاجه. 


قامت زهرة من مكانها وأقتربت من شقيقها ثم قامت بأحتضان وجهه بكفيها وأبتسمت له بود لتقول هى بثقه شديده نحو شقيقها : أنا عارفه دة لكن الأمر مايسلمش خد حذرك منهم وبس أرجوك يارامى علشان خاطرى سيبك من الأولاد دول وبعدين ماأنت عندك وليد ولد مهذب ومحترم وعارفه مامته كويس وبيحبك وبيخاف عليك أما الأتنين دول فأبعد عنهم خالص أتفقنا ياحبيبى.


تحدث رامى بقله حيله : حاضر ياأبله أوعدك عاوزة حاجه تانيه.

حركت زهرة رأسها بنفى ثم قالت بنبرة تأسفيه : عاوزة سلامتك وماتزعلش  منى لأنى أنفعلت عليك.


أرتمى رامى بين أحضان شقيقته وأحتضنها بقوة فهى مصدر آمان له لتقبله هى من أعلى رأسه بحنو شديد وقالت بمداعبه يشوبها بعض الجديه: يلا أتفضل بقى على مدرستك يابطل. 


أبتعد رامى عن محيط ذراعيها ثم أبتسم بدوره لها وودعها وهم بالتوجه نحو مدرسته بعدما طيبت زهرة بخاطرة وأغلقت باب الشقه ثم زفرت متنهده بحزن وعاودت للجلوس مجددا وشردت فى الموقف الأخير الذى وضعها سامر فيه.

**************************************

وعلى الجانب الأخر كان القلق قد بدأ يتسرب الى قلب سامر بسبب غياب زهرة وأزداد قلقه وخوفه عندما أصابه هاجس بأنها قد تكون تعرضت لمكروة أو أذى على يد فوزى ,,,هذا بجانب أن الأيام كانت تمر عليه بثقل دون وجودها بالمعهد وفى كثير من الأحيان كان يبحث بعينيه عنها عله يجدها لكن دون جدوى ليقطب مابين حاجبيه بضيق وزفر متنهدا بحسره وأحباط..وكان أيضا يعزف بعدم تركيز كما لاحظت سها ذلك الحزن الكامن داخل عينيه والذى بات واضحا أمام الجميع ,,,وبعد أنتهاء اليوم الدراسى قرر هو بحسم الذهاب بنفسه للأطمئنان عليها لذا خرج من المعهد وصعد بداخل سيارته وبدأ بقيادتها متجها نحو شقه زهرة وماأن وصل الى هناك حتى أوقف محرك السياره بداخل الحى وترجل منها بثبات شديد وهم بأغلاق أزرار جاكت حلته ودلف الى داخل البنايه ثم بدأ بالصعود فوق الدرج حتى وصل أمام باب شقتها وهم بقرع الجرس لتقوم زهرة من مكانها بتثاقل وفتحت الباب لتجدة يقف أمامها بمنتهى الهدوء والرزانه لتقطب مابين حاجبيها بأستنكار بسبب مجيئه اليها ثم مالبثت أن قالت بنبره شبه ساخره. 


-: خير ياأستاذ سامر ياترى أيه مناسبه الزيارة الشريفه دى النهاردة؟

أندهش سامر بسبب أسلوبها وحديثها الفج معه ليقول هو بجديه شديده: طيب مش هتقوليلى أتفضل الأول؟


تعمدت زهرة وضع كفها الصغير فوق حافه سدابه الباب وجسدها كحاجز بينما كانت يدها الحره تمسك بها الضلفه المقابله كنوع من الرفض الشديد لدلوفه ثم هتفت بشبه نبره ساخره : متأسفه والله مقدرش أدخلك الشقه تانى كفايه أنى عملتها قبل كدة وفوزى فضحنى فى الحته كلها.


أتسعت عين سامر بصدمه ثم نظر الى يدها الرابطه فوق الباب بقوة ليشعر هو بالآسى فى بادئ الأمر لكنه سرعان مانكس رأسه فى الأرض بخجل ثم قطب مابين حاجبيه بضيق وقال بحزن دفين : على راحتك طبعا أنا حبيت أطمن عليكى مش أكتر ومتأسف لأنى جيت فى توقيت مش مناسب ووعد منى لكى أنها هتكون أخر مرة أجى فيها لحد هنا أنا بس حبيت أستفسر منك أنتى ليه مابتجيش المعهد وليه مابتحضريش معنا دروس البيانو كعادتك على العموم بأعتذرلك تانى وأشوف وشك على خير.


أولى ظهرة لها وعندما كان على وشك الرحيل أذ أستوقفته زهرة وهى تقول بنبرة شبه قاسيه يغلفها الكبرياء والشموخ : عاوز تعرف أنا ليه مابجيش المعهد ؟ أقولك لأنك ببساطه أستهزأت بيا وسخرت منى وكدبت ونفيت وجودك رغم أنك كنت موجود فعلا فى المعهد اليوم دة وكنت فى أوضه البيانو حتى لما سألت البواب أكدلى أنه هو اللى فتحلك باب المعهد ودخلت وخرجت قبل ماأجى أنا لكن السؤال المهم بقى ليه أنت ليه عملت كده !!للدرجه دى أنا بالنسبه لك مدعاة للسخريه والأستهزاء؟


أستدار سامر بكامل جذعه نحوها ثم حدق اليها بدهشه وسرعان ماعاد مجددا للوقوف أمامها عائدا للنظر الى يدها الممسكه بمقبض الباب مستهلا حديثه بأعتذار وأسف على موقفه السخيف معها : عندك حق فى كل كلمه قلتيها وبصراحه أستاهل أكتر من كده لأنى كنت يومها رخم وزودتها معاكى حبتين ومش عارف أيه اللى ممكن أعمله علشان تنسى وتسامحينى ....زفر سامر زفره مطوله بأسى وأكتست كامل ملامحه الرجوليه الوسيمه بالحزن والحسرة ثم عاود مستكملا حديثه بنبرة شبه مهزوزة: اليوم دة من لخمتى وحزنى على بابا وأنا بزورة فى قبرة نسيت النوتات الموسيقيه فى الشقه فكنت مضطر أرجع تانى علشان أجيبها ونسيت وسيبت باب الأوضه متوارب وأنتى لما جيتى البواب دخلك لأنه عارفك ولما دخلتى الأوضه وبدأتى تعزفى أنا كمان كنت رجعت وشوفت الباب مفتوح فقررت الدخول ولما شوفتك بتعزفى وقفت من بعيد أتابعك وكنت معجب جدا بأدائك الجميل لكن مجاش فى بالى خالص أن الريحه اللى كنت حاططها هتملى المكان كله ...صمت برهة ثم حاول بلع ريقه الذى جف بصعوبه وأكمل حديثه بنبره هادئه: كنت شايفك وأنتى بتتلفتى حواليكى لأنك متأكده أن فى حد معاك فى أوضه البيانو ..كل اللى بأرجوة منك أنك تنسى لأن الموضوع مش مستاهل أنك تأخدى موقف معادى ضدى وكمان مش من حقك أنك تخدى موقف متفرد لوحدك وتقولى مش جايه المعهد أنتى كنز ثمين وموهبه جبارة خسارة تضيعيها بسبب عنادك دة.....عاد للصمت لعدة ثوان معدودة ثم قال بلهجه هادئه وواثقه تحمل من بين طياتها الكثير من المشاعر المرتبكه التى سيطرت عليه فى الآونه الأخيرة : أصلك ماتعرفيش المعهد وحش من غيرك قد أيه. 


تدارك سامر تسرعه فى حديثه الأخير ليكمل بنبرة يملؤها الأرتباك والتلعثم :آآ أقصد يعنى أنك شاطرة ويجى منك طب بلاش كدة مافكرتيش فى زمايلك اللى بيحبوكى وزعلانين علشان مابتحضريش معاهم ....نظر سامر على عمق بنتيها الجميله التى تشبه الشيكولا بعيون ملتمعه لتشعر هى بالخجل الشديد والأرتباك وتحاشت النظر اليه وظل الصمت مطبق عليهم لعدة دقائق أخرى ليقرر الأخير قطع هذا الصمت ثم قال بجديه واضحه : ياريت تفكرى فى كلامى وبتأسفلك لأنى سببت لك أزعاج سلام عليكم.


أولى ظهرة لها ونزل بخطوات مسرعه تفاديا وتجنبا لأحراجها بينما أغلقت هى الباب على نفسها وتنهدت بحيرة ثم قررت الدلوف داخل غرفتها وعندما همت بأغلاق نافذه الغرفه أذ وجدته يقف أسفل البنايه مستندا بجذعه العلوى على باب سيارته ويضم ساعديه أمام صدره وعينيه مصوبه بأتجاه نافذتها لتشعر زهرة بالدهشه والحيرة بسبب تصرفه ذاك ثم أرتسمت فوق شفتيها أبتسامه هادئه وحركت رأسها بيأس ثم أغلقت النافذة وتوجهت نحو الفراش وألقت بنفسها عليه ووجهت بصرها نحو سقف الغرفه وشردت فى حديثه ورقته الشديده معها وبقت على تلك الحال لبعض الوقت حتى أستسلمت فى النهايه بنوم عميق ..أما عنه هو فقد شعر بالأستياء والأحباط ليقرر الصعود داخل السيارة وتحرك بها على هواده وظل يقودها حتى وصل أمام الباب الأمامى للحديقه الخضراء المؤديه لشقته ثم دلف بها ووضعها بالجراج المخصص لها وترجل منها ثم سار بضع خطوات بسيطه حتى وصل أمام باب الشقه وفتحها ثم دلف بهدوء كى لايوقظ والدته فهو يعلم أنها فى هذا الوقت تكون نائمه ليقوم بخلع حذاؤة وجاكت سترته وبدأ بفك أزرار كم القميص وقام بثنيه وأزاح الكرافت وسار بضع خطوات نحو الأمام حتى وصل الى الشرفه الواسعه الموجوده بالطابق الأرضى وجلس فوق الكرسى الموجود فيه بأرهاق وأغمض عينيه بأستسلام وشرد عقله فى كل مامر به من حياته وحتى ذهابه الى زهرة وعودته الى البيت مره أخرى ولم يشعر بوقع أقدام والدته التى كانت تنزل على الدرج بتمهل حتى خطت بقدميها الأرض لتلمحه  وهو يجلس بالشرفه ثم بدأت تسير بخطوات بطيئه حتى وصلت اليه وأخذت تربت فوق كتفيه بحنو لينتفض من مكانه بفزع وفتح عينيه ثم أستدار بوجهه اليها دون أن يعقب لترى الأخيرة نظرة حزن تكسو داخل سودويتيه والتى كثيرا مايحاول أن يخفيها لكن سرعان ماتفضحه لتسأله والدته بأهتمام عن سر ذلك الحزن الكامن داخل عينيه ليقوم هو بسرد ماحدث معه وقامت الأخيره وبتلقائيه منها بالتربت على كتفيه ثم مالبثت أن قالت بعتاب. 


-: عاوز تعرف رأيى بصراحه!! أومأ سامر رأسه بالأيجاب دون أن يعقب لتستأنف والدته حديثها بمنتهى الجديه والصرامه : أنت غلطت ياسامر لما كدبت عليها وعلشان كدة هى حبت تعاقبك بعدم مرواحها المعهد على العموم ماتقلقش لأن واضح من كلامك أن البنت دى معدنها طيب جدا وعلى نيتها يعنى بتزعل بسرعه وبتصفى بسرعه كلها يومين تلاته وهترجع المهم قول يارب.


قال سامر ممنيا نفسه بأمل ورجاء :يارب ياأمى أتمنى ذلك.

************************************

توالت أيام عده وسامر يمنى نفسه أن تأتى تلك الجميله الى المعهد لكن طال غيابها ما جعله يشعر بالأحباط واليأس فمنذ ذهابه اليها أخر مرة لم يعرف عنها شيء كما أنه دأب بنفسه عن السؤال عنها كى لايكثر القيل والقال وتبدأ الشائعات أوأن يقال عنهما كلام غير صحيح ليتنهد بعمق وأسف ثم قرر الدلوف داخل غرفه البيانو بثبات متمنيا من داخلة لو بأمكانه الأطمئنان عليها لمجرد الأطمئنان فقط ,,ثم جلس كعادته وبدأ بشرح مادته وفجأة صدح صوت الفتيات مرددين أسمها بحماس شديد ليستدير برأسه ووجدها بين الحضور  ماجعله يزفر بأرتياح شديد ثم بدأ العزف بسعادة بالغه ,,لتمر أيام أخرى وبدأت حفلات الغناء على مستوى واسع وعلى كافه الأصعدة فى معاهد الموسيقى فى شتى محافظات الجمهوريه وقد كانت زهرة تعزف وتغنى بصوتها العذب الذى يطرب الألباب والعقول لكن وعلى مايبدو كما يقول المثل لاشىء يدوم على حاله ففى أحدى الأيام جاءها أتصال من مديرة مدرسه شقيقها وأبلغتها أنه تعب فجأة وأشتد عليه المرض وهو يمرح برفقه أصدقاؤة أثناء فترة الراحه بين الحصص حيث شكى من ألم شديد فى بطنه جعله يصرخ بأستمرار وكان لزاما على زهرة الأسراع فى توجهها نحو مدرسته وعرضه على الطبيب المختص لتشخيص حالته وبعد أنتهاء المكالمه أسرعت  وتركت المعهد على غير هدى دون الأستماع الى أحد فقلقها على شقيقها أفقدها التركيز عن أى شىء أخر, أما عن سامر فقد أتى الى المعهد متأخرا على غير عادته وعقب دلوفه داخل غرفه البيانو لم يجد أى أثر لزهرة ليزفر متنهدا بضيق وأحباط ثم قطب مابين حاجبيه بأستنكار وصدح بصوته القوى والجهورى مردفا حديثه بحدة .  


-: الآنسه زهرة ماجتش ليه النهاردة هى ماتعرفش أننا بدأنا الحفلات!! يعنى مافيش أى أعذار أو غياب من فضلكم حد يتصل عليها فورا ويقولها تيجى على وجه السرعه بلاش تهريج ولعب عيال.


ساد صمت طويل ومطبق فوق شفاه الفتيات ليعيد عليهم الحديث مرة أخرى بحدة أكبر من سابقتها : أنا مش بكلمكم مش بتردوا عليا ليه؟


بلعت سها ريقها بصعوبه ثم أستهلت لتقول بأرتباك وتلعثم بسبب قوة وصلابه صوته: أصل يا أستاذ سامر يعنى أصل آآآ.


شعر سامر بالحرج الشديد بسبب عصبيته المفرطه لتلين ملامح وجهه شيئا فشيئا كى لايثير الخوف فى قلوب الفتيات ليستهل حديثه نحو سها بجديه : أصل أيه ياآنسه سها ماتتكلمى؟


أجابته سها بصوت شبه خافت : أصل جالها أتصال من مديرة مدرسه أخوها  وقالتلها أن أخوها تعب فجأة ولأزم تروح له ضرورى علشان تعرف هو بيشتكى من أيه بالظبط.


هدأ سامر تماما ثم تحدث بنبرة أكثر هدوء : طيب أنا هروح بنفسى أشوف فيه أيه وهأبقى أبلغك تمام. 


ترك سامر هو الأخر المعهد وسط ذهول ودهشه الفتيات ليقرر الصعود داخل سيارته وبدأ يقودها بسرعه مذهله حتى وصل فى وقت قياسى الى مدرسه رامى ليلمح بطرف عينيه سيارة الأسعاف وهى تقف أمام البوابه الرئيسيه للمدرسه ليتسرب القلق من داخله ثم وجدها تخرج من المدرسه مهروله بصحبه شقيقها وأمارات الخوف والقلق باديه فوق ملامحها الرقيقه بينما شقيقها مجهد ويستند علي كتفيها متأوها من شدة الألم ثم قام المسعفون بحمله ووضعوه فوق السرير الصغير ومنها الى داخل السيارة ..أما عنها هى فقد صعدت بجوارة تناجى ربها أن ينجى شقيقها ويسلمه من كل سوء وعقب تحرك سيارة الأسعاف حتى تحرك سامر بدورة بسيارته خلف سيارة الأسعاف حتى وصلوا المشفى ثم أنزلوا شقيقها من فوق السرير المتنقل بهدوء وتروى وزهرة تتحرك معه ثم دلفوا الى داخل المشفى ومنها الى الطابق العلوى ليسرع الأخير بالصعود خلفهم ووقف بجانبها وظل يربت على كتفيها بحنو لترفع هى بصرها اليه بأعين دامعه وحزن شديد لتجدة يبتسم اليها أبتسامه حانيه ظهرت فوق شفتيه وطمأنها بأن شقيقها سيكون على مايرام ,,أما فى غرفه الكشف فظل الطبيب يتفحص رامى بضع دقائق متواصله وبعد الأنتهاء خرج من الغرفه ثم ذهب بأتجاه سامر وزهرة ليقول لهم بعلميه. 

 

-: أخوكى ياآنسه بيشتكى من ألتهاب حاد فى الزايدة الدوديه ولازم يتعمل له العمليه حالا لأن كل ماأتاخرنا كل ماهيحصل له مضاعفات أحنا فى غنى عنها.......كادت أن تسأل الطبيب عن تكلفه العمليه لكن سامر كان أسرع منها حيث أخذ الطبيب وتحدث معه جانبا ثم سأله عن تكلفه العمليه ليقول الطبيب بحرج شديد .


=: بص حضرتك هو الدفع بيتم هنا قبل أجراء أى عمليه جراحيه لأى حد وصدقنى لو كنت أملك مستشفى خاص بيا كنت عملت العمليه للولد بأجر رمزى ومن غير فلوس كمان.  


أومأ سامر رأسه بتفهم ثم أكد للطبيب أنه سيتكفل بكل مايلزم ولكن عليه الأسراع بأجراء العمليه فى أسرع وقت لكى لاتخسر زهرة شقيقها الوحيد ليؤمى الطبيب دورة رأسه بتفهم ..أما عنه هو  (سامر) فقد توجه نحو الطابق الأرضى وظل يسير حتى وصل الى الحسابات وهم بدفع التكاليف اللازمه للمشفى وثمن أقامه رامى حتى يخرج منها معافى ثم صعد مجددا نحو الطابق العلوى حيث دلف الى الغرفه التى بها رامى ووجد زهرة تجلس بجانب شقيقها والحزن يخيم على بنتيها الجميله وتمسد فوق شعرة بحنو ليشعر سامر بغصه وألم فى قلبه فهو لايحب أن يراها بهذا الضعف ليقترب منهم ثم جلس بجوار الصغير وظل يربت على شعرة بحنو ثم أستهل قوله بمداعبه محاولا التخفيف عنهم . 

 

-: على فكرة يارامى أختك كانت قالتلى أنك بتحب تلعب ملاكمه يلا بقى يابطل شد حيلك كدة علشان أنا مصمم الأعبك ماتش ملاكمه أنما أيه وهغلبك فيه كمان. 


أبتسم رامى بضعف ثم تحامل على نفسه وأجاب بأرهاق : ماتخافش ياأنكل من الناحيه دى أطمن أنا جاهز للماتش ده وهغلبك.


قهقه سامر بضع ثوانى متواصله وظل يتحدث مع رامى بمداعبه ومزاح الا أن زهرة قطعت عليهم الحديث فجأه عندما سألت شقيقها عن طبيعه ماحدث معه: رامى أنا عاوزه أفهم منك بالظبط أيه اللى حصل ومن غير كدب لأنك نزلت من البيت وكنت كويس ومش بتشتكى من حاجه. 


رمقها سامر بنظرة تحذيريه كى تصمت فلا الوقت والمكان مناسبين لسؤالها ذاك لكنها مع ذلك أصرت على موقفها ليتحدث رامى بأرهاق : أنا بشتكى من زمان ياأبله ولحد مانزلت من البيت كنت بشتكى بس على خفيف وأنا بلعب مع طارق ونبيل عزموا عليا بسيجارة ولما رفضت أنى أخدها منهم فضلوا يضربونى فى مكان الألم وبعدها مقدرتش أستحمل الوجع.


جزت زهرة فوق أسنانها من الغيظ بسبب ماحدث لشقيقها لتقول بحدة : بقى كده طب والله العظيم ماأنا ساكته وهقدم شكوى ضدهم بسبب اللى عملوة فيك.


قام سامر فوق الكرسى ثم أمسك أحدى ذراعيها برفق وأخذها بعيدا عن مسامع رامى ليقول لها بصرامه وهمس شديد : مش وقته اللى بتقوليه ده يازهرة لما رامى يعمل العمليه ويخف أبقى أعملى اللى أنتى عاوزاة أنما دلوقتى لا أخوكى عاوزنا نخفف عنه لأنه أكيد متوتر وخايف من فكرة العمليه أرجوكى حاولى تمالكى أعصابك وبلاش كلام فى الموضوع ده لحد مانطمن عليه أتفقنا.


أومات رأسها بأستسلام دون أن تعقب ثم عادوا للجلوس بجانب شقيقها أما عن سامر فقد ظل يمزح معه كى يخفف عنه قلقه وتوترة وبعد عدة دقائق دلف الطبيب ثم أعطى حقنه مخدرة لرامى وبعد عده ثوان معدودة غاب الصغير عن الوعى ليأذن للمرضات بأخذه نحو غرفه العمليات ,,أما عن زهرة فعقب دلوف شقيقها داخل غرفه العمليات حتى أنسابت الدموع من داخل مقلتيها بغزارة ولم تقوى قدميها على حملها لتجلس عند أقرب مقعد لها وجلس سامر بدورة الى جوارها وظل يربت على كتفيها محاولا طمأنتها مستطردا حديثه بهدوء . 


-: زهرة أرجوكى أهدى رامى محتاج أنك تكونى أقوى من كدة بصراحه عمرى ماكنت أتصور أنك بالضعف دة .


تحدثت زهرة من بين دموع عينيها وصوت شهاقتها تعلو فتعلو : غصب عنى ياأستاذ سامر أنت ماتعرفش أخويا دة بالنسبالى أيه ده هو اللى فاضل لى من بعد وفاة بابا وماما ومش حمل أنى أخسرة هو كمان.


ظهرت شبه أبتسامه هادئه فوق ثغر سامر ليجيب عليها بكل بطمأنه : أخوكى معاه ربنا وأن شاء هيبقى كويس بس أنتى قولى يارب.

قالت زهرة بتمنى : يارب .


كانت زهرة تسير داخل أستراحه المستشفى ذهابا وأيابا وعقب وصولها الى الغرفه العمليات حتى أصبحت عينيها معلقه علي زجاج الغرفه ثم سرعان ماعادت لتجهش بالبكاء أما هو فيظل يواسيها ويخفف عنها بين الحين والآخر حتى أنتهت العمليه بنجاح وماأن خرج الطبيب من الغرفه حتى هرولت هى نحوة ثم سألته بأهتمام عن حال شقيقها ليبلغها الأخير بنجاح العمليه لتزفر هى متنهدة بأرتياح شديد ثم طلبت منه الدلوف والأطمئنان على شقيقها ليسمح لها الطبيب بذلك وعقب دلوفها هى وسامر حتى جلسوا بجانبه لكن رامى كان مايزال غائبا عن الوعى بسبب مفعول البنج ثم أمسكت هى باطن كفه وطبعت عليه قبله مطوله وظلت تمسد على شعره بحزن فكلما قالت فى نفسها أن الدنيا ستبدأ لها فى الأبتسام حتى تعود وتكشر عن أنيابها من جديد أما عن سامر فقد كان يتألم من أجلها وود لو كان فى مقدورة أن يزيح ذلك الحزن عنها وظل ينظر بأشفاق حتى خرجت زهرة عن طور صمتها وأستدارت برأسها نحو سامر ثم قالت له بأمتنان .


-: مش عارفه أشكرك أزاى ياأستاذ سامر على كل اللى بتعمله معايا مرة تدفع لي الأيجار المتأخر والمرة التانيه لما سألت الدكتور مين اللى تكفل بمصاريف العمليه قالى أنت بجد بشكرك من كل قلبى وربنا يقدرنى على سداد الفلوس دى لحضرتك.


تجهم وجه سامر بعبوس ثم قال معاتبا أياها : هزعل منك بجد لو جبتى سيرة الفلوس تانى سواء كان أيجار الشقه أو كانت العمليه لأن أخوكى بعتبرة أخويا  بالظبط وماكنش ينفع نسيبه ,,ثانيا ودة الأهم مش عاوزك كل شويه تقوليلى ياأستاذ سامر قولى سامر وبس.


شعرت زهرة بالأحراج وحدقت اليه بتعجب فكيف يطلب منها أن تناديه بأسمه دون أى ألقاب ليبتسم هو بدورة أبتسامه هادئه ثم سألها مستفسرا بحيرة : ممكن أعرف أنتى بتبصلى كدة ليه؟ 


أجابت عليه زهرة بنفس الحيرة: يعنى علشان بتطلب منى أناديك بأسمك كده من غير أى ألقاب وبصراحه مش متعودة على كدة.


قال سامر بمداعبه وهو يغمز لها بطرف عينه : أبقى قوليلى فى المعهد ياأستاذ أما وأحنا بره المعهد قوليلى سامر وبعدين هو أنتى مش بتقولى لأخوكى يارامى.....أومات رأسها بالأيجاب دون أن تنبت ببنت شفه ليكمل هو حديثه بثقه واثقا من نفسه : خلاص أعتبرينى زى رامى وقولى ياسامر ..ها سامر وبس أتفقنا.


ظهرت فوق ثغر زهرة أبتسامه مريحه هادئه ليبادلها سامر بدورة نفس الأبتسام وظلوا يتحدثون بصوت خافت عن مواقفهم الطريفه التى حدثت بينهم فى المعهد حتى بدأ رامى يستعيد وعيه شيئا فشيئا وظل الأثنين بجانبه حتى يأذن له الطبيب بالخروج من المشفى.

******************************************

فى أحدى محافظات الوجه القبلى وتحديدا فى محافظه قنا نجد رجل فى منتصف الستين من عمرة يجلس فى غرفه مكتبه فوق كرسيه بأريحيه شديدة يدعى الحاج حمدان النجدى وهو الأخ غير الشقيق لمحمد النجدى والد زهرة الراحل ,حيث كان يمسك بين يديه مجموعة من الأوراق يقوم بتفحصها ورقه تلو الأخرى بأهتمام بالغ وأبتسامه ماكرة علت فوق شفتيه ,بينما دلف عليه فجأة الأبن البكرى له ويدعى عواد الذى عقب دلوفه داخل مكتب والدة حتى لأحظ أهتمام الأخير بتلك الأوراق ليقرر الجلوس بدورة فوق أحدى المقاعد القريبه منه ثم سأل والدة بأستفهام وحيرة .


-: الأ جولى يابوى أيه الأوراج اللى فى يدك دى؟


رفع حمدان بصرة نحو ولدة وقطب مابين حاجبيه بضيق ثم أخذ يحرك الأوراق بين يدة بتلقائيه ممزوجه بعصبيه شديده ثم قال بشىء من الحدة : دى ياعواد تبجى وصيه جدك الله يرحمه ماطرح ماراح بيطلب منى جال أيه أنى أوزع الورث بالعدل وأن ضميرة صحى جبل مايموت.


نظر عواد الى والدة بعدم فهم وبدأ يحرك أنامله فى منبت شعر رأسه بحيرة ثم عاد ليقول بنفس الحيرة التى أنتابته : أنى مفهماش أيتها حاجه واصل تجصد أيه أن جدى ضميرة صحى وورث أيه اللى هيتوزع بالعدل بالله عليك فهمنى واحدة واحدة أكدة علشان أنى مخى تخين حبتين.


زفر حمدان زفرة مطوله بتأفف ثم قال بضيق : بأختصار ياعواد جدك الله يرحمه أتعرف على واحدة بس كانت ست جميله جوى وصبيه ومليحه كتير عرفت تضحك عليه صوح لغايه لما صار زى الخاتم فى صابعها المهم أتجوزها على ستك جال أيه الشرع حلل له أربعه وبعد سنه خلف منها ولد سماه محمد بس جبل مايطلع السر الألهى ساب وصيه بتوزيع الورث بالتساوى وكتب فى الوصيه 10 أفدنه ليا و10 لولده من مرته التانيه ..بعدها عرفت من مصادرى الخاصه أن محمد هو كمان مات من فترة جريبه جوى وأن له بنت زين ومليحه كيف أمها فلجه جمر تجول للجمر جوم وأنا أجعد مطرحك........صمت لبرهة ثم علت فوق ثغرة أبتسامه خبيثه وعاد ليكمل حديثه مضيقا عينيه بمكر : ده أنى حتى بفكر أتدلى الأسكندريه وأعرف عنوانها وأعرفها علينا بس مش هأخبرها أيتها حاجه واصل بحكايه ال 10 أفدنه اللى كتبهم جدك لأبوها لأن بموته بجت هى الوريثه الوحيده له وبفكر كمان أنى أجوزهالك علشان تبجى تحت طوعك وأنت بجى تجدر بشويه سياسه وخنكه منيك تخليها تحبك وساعتها ممكن تتنازل عن ورثهالك لأنك الوحيد اللى هتخاف على فلوسها وتحميها ها جولت أيه ياولدى فى الفكرة دى؟ 


ألتمعت عين عواد بجشع وحماس شديد سيطر عليه بسبب حديث والدة فالفكرة راقت داخل عقله بقوة وظل يفكر بأمعان وتركيز ليقرر والدة مقاطعه صمته وسأله فى حيرة : سرحت فى أيه ياعواد ياولدى؟


أنتبه عواد سريعا لصوت والده القوى وأستدار بوجهه نحوة وقد جال فى مخيلته صورة زوجته الأولى ليقطب مابين حاجبيه بضيق قائلا بتأفف : أبدا يابوى بس لو راويه مرتى شمت خبر أكدة ولاأكدة هتبجى سنه سوخه على نفوجى ومش هتفوتها واصل.


رمقه والدة بنظرة أستنكاريه ثم قام من فوق كرسيه وقام بعدل عباءته وظل يقترب من أبنه ببطء حتى أصبح قريبا منه ثم نكزة فى كتفيه بقوة وأستطرد ليقول بحنق : وأنت تعرفها ليه يامغفل أكتم على الخبر المجور ولامن شاف ولامن درى .


حدق عواد له ببلاهة ثم تحدث بعدم فهم : تجصد أى يابوى؟

تلفت حمدان برأسه يمينا ويسارا كأنه يتأكد بأن أحد لايراقبهم ثم عاد ببصرة نحو عواد مرة أخرى وأقترب منه ثم قال بهمس : أجصد أنك هتتجوز البونيه من غير علم مرتك ركز معايا أكده ياعواد وفتح مخك المصدي ده ..أنى هرتب وجت مناسب جول شهر على الأجل أما يخلص محصول الجمح ونجمعه ونحطه فى الزاكيب وبعدين هنتدلى أنا وأنت الأسكندريه ونروح لزهرة شجتها نعرفها بينا وبعدين أبجى زورها لوحديك كل فترة وهى شويه بشويه هتاخد عليك لحد ماجلبها يميل لك ولما تنول مرادك وتتجوزها ساعتها هتكون رهن أشارتك وكل زمام الأمور هتبجى فى يدك المهم ماتخليش مرتك تدرى بأيتها حاجه واصل بالحديت اللى دار بينا دلوجتى فاهم ياعواد ولاأجول تانى.


ظهرت شبه أبتسامه خبيثه فوق ثغر عواد ثم قال بفحيح أفعى : تسلم يابوى وتسلم افكارك النيرة دى.


ظل حمدان وولدة يتسامرون معا بشأن توجههم نحو الأسكندريه لأخبار زهرة بأنهم أهلها وأنهم سندها الوحيد فى الحياة من بعد وفاه والديها صحيح أنهم سيواجهون معها الكثير من المتاعب لأقناعها بذلك لكنهم أخذوا فوق عاتقهم تنفيذ مخططهم اللعين فى الأستيلاء على ورث والدها من جدها ,وعلى الجانب الأخر كانت راويه زوجه عواد تحاول أستراق السمع وسمعت الحوار الذى دار بين زوجها وبين والدة وأقسمت داخلها على أنها لن تجعل زوجها يهنىء بتلك الزيجه مهما كلفها الأمر.

           الفصل العاشر من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close