رواية انسحاب الفصل السابع والعشرون 27 بقلم حكاوي مسائية

 


رواية انسحاب 

الفصل السابع والعشرون 27

بقلم حكاوي مسائية 


أخبرهم يوسف بعزمه كتابة عقده على عائشة ،بارك الجد والعم وهللت كاميليا وعانقته سعيدة  

-أخبر حنة والباقين أن يستعدوا وأرسل لهم سيارة الشركة وسيارتي ليحضروا يوم الجمعة .

أمر الجد.

-ريثما تجهز كل الوثائق اللازمة ،ويكون الحفل يوم السبت.

-حاضر ،سأفعل.

-وأنا سألتقي بعائشة وأمنية ونختار قفاطين للحفل.

-قفطانك علي انا .

قال جدها.

-يلزمني اثنان ،فأنا اخت العريس واخت العروس.

-والثاني علي ،المهم أن تتألقي. 

قال العم،فضرب يوسف رأسها

-انتهازية. 

-حقي ،فأنا كاميليا المنصوري.

هزت رأسها بشموخ وكبرياء ،فابتسم لها الشيخان. 

-الى اللقاء،سأذهب إلى عائشة .

خرجت مسرعة فرحة لأخيها وصديقتها.

-تشع جمالا لما تفرح.

-ولحظات فرحها قليلة ،أراح الله قلبها .هل كلمتها؟

-نعم يا اخي ،احترت معها ،كلما ظننت انها لانت لكلامي ،تتغير في لحظة كأنني ما كلمتها.

-وكذلك معي يا جدي ،حاولت مرارا، لا أعلم ما الذي يغيرها فجأة.

-كنا سندخل غرفة مراد حين سمعناه يحدث أمه عن كاميليا،أردتها أن تسمعهما، أمه مستعدة أن ترجو عفوها، ظننت أن كلامهما سيرضيها ،ولكنه زادت غضبها ورحلت.

-لماذا ،ماذا سمعت؟

-تحدث عن أمنية، وتمنى لو يكون له ولد من كاميليا ،أكد لأمه أنه لا يريد أبناء إلا منها.

عادت كلمات عائشة تتردد بعقل يوسف .(اجبرها على الإجهاض ، قال لها انها أحقر من أن تكون أم أولاده)

-يحق لها أن تغضب بعد ما فعله بها .

-ولكنني كلمتها ،و كادت أن....

-حديثه عن الأولاد ذكرها بابشع ما فعله بها ،كاميليا كانت حاملا، فأجبرها على الإجهاض رافضا أن تكون هي بالذات ام أولاده.

-لا حول ولا قوة الا بالله ،أستغفر الله العظيم.

ردد الشيطان.

-كانت الضربة القاضية لقلبها،بعد أن تعافت من الإجهاض هجرته وتخلت عن كل مستحقاتها مقابل الطلاق.

-شيء واحد قد يشفع له عندها،مرضه،إن أشفقت عليه ،أما بعد ما سمعت منك ،جريمه لا تغتفر، أن تقتل لأم ابنها ،أن تحرمها من أمومتها ،لا ،وتنتقص منها و تقرر انها لا تصلح أن تكون أما ،لقد تجاوز كل الحدود.

-لهذا قالت لي صباحا أنها لم تشفَ من بشاعة ما عانته معه.

-جدي،أظن أن الأفضل أن تسمعه ،مهما قلنا لها ،ومهما أثرنا شفقتها وايقظنا حبها له،لن نجد له مبررات تقنعها، الأفضل أن يكلمها هو ،سأحاول معها لأجعلها تقبل أن تسمعه ،وندعها تقرر ،ربما أننا بضغطنا عليها نذكرها بمن ألقاها سابقا بين يديه ،ربما ترى أن الهدف واحد وإن تغيرت الطريقة والأسباب،فلندعها تقرر وحدها ،وهي عاقلة لتتحمل نتيجة قرارها.

-نِعم الرأي.  أذهب انت لتكلم حنة كما قلت لك.سنخرج انا وعمك نتجول في مركز المدينة. 


ذهبت إلى أمنية ومن تم ذهبتا إلى عائشة ،تعالت زغاريدهما،فرحة ام عائشة وسعت الكون ،أخيرا ستفرح بابنتها ،وتطمئن عليها مع رجل شهم ذي مروءة. 

-اعدي لنا شايا يا خالتي ،وانت يا عائشة ،تعالي لنختار قفاطيننا جئت بمجلات عديدة .

-ليس لدينا وقت لنخيط قفاطين يا كامي، نشتري الجاهز .

-ولهذا جئت بمجلات متخصصة ،تعالي نختار ونبحث،وجدنا ما اخترناه كان بها لم نجد نأخذ شبيها به .

-كامي!!أنا اعرفك تختارين الغالي مذ كنا ندخر الدرهم على الدرهم ،لا ترفعي سقف راس المال!!!

-الغالي للغالي حبيبتي. جدي وعمي سيدفعان ههههههه.

-انت جدك وعمك سيدفعان، والعروس أكيد أن العريس سيدفع ،وأنا؟

عضت كامي على ابهامها 

-لا تكوني بخيلة يا أمنية ،أنت أغنانا جميعا.

وضعت يدها أمام وجه كاميليا 

-الله اكبر ،قل أعوذ برب الفلق،  تحسدينني يا كامي؟!

-ههههههه،لا والله، إنما أذكرك فالذكرى تنفع المومنين،  من كثرة ما عاشرتنا  ربما نسيت .

-أمنية لم تنس،ولكنها بنت أصول ،لا تتباهى بغنى أسرتها، وتراعي صاحبيتيها، ليست محدثة نعمة.

-قولي لها يا خالتي ،(الله يجيب اللي يقول الحق).

-تعالي لتختاري او اختار لك انا؟

جلست بين صديقتيها ضاحكة .

-هات لأختار ،وأخبر جدي أن ،غيرت نبرة صوتها تقلد طفلة،أن كامي سيشتري لها جدها قفطانين. 

-ألم أقل انك بخيلة ،تريدين ابتزاز جدك؟

-وما الفرق؟ انت أيضا مهندسة وحسابك بالبنك ماشاء الله ،وتبتزين جدك.

-تعلمين ،انت على حق،فرحت لأنه بادر هو وعمي ،أحسست كأنني طفلة تشتري ثياب العيد .

شردت عائشة ،لا جد ولا أب ،وحتى الأخ، شعاره بَحْ ، ليته يبادر فقط وهي مستعدة أن ترد الصاع صاعين.

-قفطان عائشة انا من ستدفع ثمنه.

-من أين لك أمي ،انا كفيلة بنفسي.

-دون علمك او علم أخيك ،ادخرت مال زواجك ،اختاري ما تشاءين. 

-يوسف سيدفع يا خالتي .

-هو حر ،ولكن قفطان قران ابنتي علي. العادة ولن نغيرها، حتى انت يا عائشة لن تدفعي شيئا ،هذا واجبي وانا مستعدة له .

تبادلت أمنية وكاميليا النظرات ،لقد شطحت بهما الفرحة ونسيتا يُتم عائشة .تفاهم سريع مر عبر العيون .لتغيرا الحديث بعيدا عن مصادر الأموال.

عائشة بنت نفسها من جديد بعملها ومجهودها الخاص ،لن تحتاج من يدفع مقابل مشترياتها ،ولكنها تحتاج تلك الكلمة ،انا كفيل بك،تحتاج ذاك السند ،قولي ما تحتاجين وانا مستعد ، تحتاج جذورا تروي فروعها اهتماما وحضورا. 


استأذنت أمنية فتبعتها كاميليا ،الظاهر أن كل واحدة خرجت بمفردها ،ولكنهما التقتا اول الشارع

-أذينا عائشة دون أن نحس.

-تصرفت كما كنت دائما معها ،على سجيتي،لأننا كنا متشابهتين في كل شيء ،حتى في ظروفنا،غفلت عن الاختلاف الجديد علي.

-ولماذا تبكين الآن؟

-حبست دموعي أمامها،إن لم أشعر بها انا فمن سيفعل ،فرحتي أنستني كل شيء.

-(البكا ورا الميت خسارة)المهم كيف نساعدها ونرفع معنوياتها.

-سأذهب إلى أخيها ،أدفع له ليقف معها ،ويتظاهر أنه سيتكفل باحتياجاتها. 

-كأنها لا تعرفه حق المعرفة ،ثم إنني لا أضمن أن تخبرها زوجته ،خطأ مقصودا،أنك اتفقت معه.

-صحيح ،قد تفعل لتغيظها وتفسد فرحتها.

-عندي الحل ،سأكلم جدي وأمي ،أمي تشتري قفطانا مناسبا للعروس، وجدي يفاجئها أنه وليها ويقدم لها القفطان هدية .

-وهل سيحضران ؟

-طبعا ،هي من ستدعوهم كلهم ،نسيت انها تصاحبت وأمي .

-قد يحضر عامر ؟ 

-ممكن ،بعد هدنة الأخوة بيننا ،لن يحرجني وجوده .

-اتبعيني ،لاشرب قهوة ونتحدث .

توجهتا نحو إحدى المقاهي ،وانزويتا بركن بعيد 

-لم تخبريني ،ماذا عن مجدي ،فكرت في عرضه؟

-نعم ،وأجبته. 

حكت لها ما كان في لقاءهما الأخير.

-أمس،أمس؟رأيته بالمستشفى ،يظهر عليه الحزن حسبته كذلك بسبب صديقه.

-وما كنت تفعلين بالمستشفى؟

-كنت وعمي ،نزور مراد .

-تزورين مراد؟ 

-نعم ،وقبل أن يذهب بك خيالك الجامح،لا لم أسامحه.

بدورها حكت لها عن مرضه  و رغبته برجوعها إليه،حديث عمها وجدها ويوسف .

-وانت ،هم أشفقوا عليه أو صدقوه ،انت ما موقفك ؟ شعورك؟

-لست أدري،أتأرجح بين الإشفاق عليه وغضبي منه. ذكرياتي المؤلمة تهاجمني،كلمات عمي ويوسف تتردد بسمعي.يخشون علي الندم وتأنيب الضمير.

-رأيي أن تختلي بنفسك ،زني الأمور ومحصي جوانبها regarde le pour et le contre

-لما سمعته يتمنى أن يكون له ولد مني تذكرت تلك الليلة.

-لن أقول أنه انتقام ،بل تذكرة أن الأيام دولب دائر ،تلك الأيام نداولها بين الناس،هاهو يتمنى ما رفضه بالأمس ،فهل يعتبر؟

-قولي هل له وقت ليعتبر. 

-إلى هذا الحد !!!

-بين حديث وسام عن الأمل الكثير من اليأس ،ولكنه كما قال عمي ،محارب ،و المريض صديقه المقرب ،أكثر من دافع ليبذل كل جهده عساه ينتصر على المرض الخبيث.

-اشفق على مراد ، ماذا لو قلت لك اعطيه فرصة ،اسمعيه لعل له اسباب تجهلينها. 

-ما من سبب يعطيه الحق أن يقتل ابني.

-الذي هو ابنه أيضا ،اسمعيه، ثم احكمي.

-قلت لك ،يريد مني اولادا ،يعني أنه يحلم أن نتزوج من جديد .

-وأنت تفكرين بنفسك ،وحدك ،هل تخيلت نفسك أما؟

-مثل كل النساء ،نعم،احلم أن أكون أما.

-هذه المرة ،حاولي أن تضعي صورة لأب أولادك، مع نفسك ،دون تأثير من أحد، فقط اتركي نفسك تحلمين ،الحلم سيجيب على سؤالك :هل أسامحه؟

لو كان هو بطل حلمك ،ابدأي بأن تسمعيه،لو كان الأب المفترض غيره ،إن أشفقت عليه عامليه معاملة الصديق ،و ساعدي دكتوره على علاجه.

-هل تسخرين مني؟ انا احلم به ابا لأبناءي؟  هو دون غيره؟

-قصدي أنك رغم رغبتك ككل النساء أن تكوني أما ،لم تتجاوزي مرحلة الأمل ،هل نظرت يوما الى رجل ،اي رجل ،نظرة امرأة؟ هل أعجبت يوما بغير مراد وشغلت به ولو ليوم واحد ؟ تخيلته زوجك وأب اولادك؟ إن نعم ،فانسي كل ما سمعت عن مراد ومرض مراد ،لو شاء الله سيتعافى بك او بدونك. 


بغرفتها وحدها ،تبكي يتمها،في مثل هذا اليوم تحتاج الفتاة أباها أو أخاها ،مهما استقلت ،مهما ادعت القوة ،لما تكون عروسا ،تعود تلك الأنثى من عصور أخرى ،تريد يدا رجولية تقويها ،ترفع شأنها ،قبل أن تسلمها لرجل آخر. 


اطمأنت إلى نوم ابنها،قبل أن تهاتف جدها ،طلبت منه أن يقترح على عائشة ،لما تكلمه لتدعوه ،أن يكون وكيلها،ثم طلبت من أمها أن تأتي إليها لتشتريان معا قفطانا مناسبا لعائشة . 


أما كاميليا ،فبعد أن كلمت يوسف ،و وعدها أنه سيفعل ما يسعد عائشة ويملأ فراغ أبيها ،توجهت الى غرفتها ،لما استلقت على فراشها ،عاد إليها حديث أمنية .

أطلقت لنفسها العنان أن تحلم حلما حرمته على نفسها رفقا بقلبها الجريح.

(أنا ،أم ،ولم لا ،لقد نجحت مع جاد ،هههههه  لدي خبرة ،أريد بنتا أسميها جميلة ،وولدا أسميه،ماذا سأسميه ؟ لو اخترت انا الاسم سيظن ابوه أنه اسم حبيب قديم ،ههههه ذكاء ،أسميه مراد ،ههههه ،وأبوه يسمعني ولا يغضب ،أبوه، أبوه.)

ماظهرت لها إلا صورة مراد 

-مجنونة انا ،اسمي ابني على اسم حبيبي القديم الذي أراه هو الأب.!!!!

انتظري حتى أراك يا أمنية ،تشككينني في نفسي؟!!!

مرت عليها الساعات وهي تحاول أن تطرد الفكرة من عقلها ،أن تخرج من حلم دخلته بإرادتها فعلِقت به.

طفل يقذف الكرة لتتلقاها قدم رجل ترفع بصرها ليكون مراد ،صغيرة تجري باكية بدمية مكسورة لتسكن بحضن يعلوه وجه مراد .

مراد ،مراد، مراد،  لو كانا منك فلا، لا أريد. آه يا أمنية !لو تطولك يدي الآن!!!!

استيقظت على طرق على باب غرفتها ،دخل يوسف

-صباح الخير 

-صباح الخير حبيبي ،ذاهب إلى الشركة ؟

-لا ،نوبي عني اليوم ،سنذهب انا وعائشة للكشف الطبي،ثم سأفاجئها كما وعدتك.

-حاضر ،أذهب واستمتع ،سأكون بالشركة مكانك ،ويا سيدي مكان عائشة أيضا. 

-أشكرك حبيبتي ،هيا قومي حتى لا تتأخرين، الى اللقاء. 


الكشف الطبي إجراء ضروري قبل موافقة قاضي الأسرة على عقد الزواج ،الكثير يتحايل عليه ،و القلة تقوم به كما يجب .

أسئلة وفحص أولي،إما يطمئن الطبيب ،فيقدم شهادة بالخلو من الأمراض المعنية بالكشف ،او يشككه فيطلب تحاليل مخبرية، والأمراض المستهدفة هي السل ،والأمراض المنقولة جنسيا كالزهري او فقدان المناعة المكتسبة(الأيدز).وفي حالة إصابة احد العروسين يمنع الزواج حتى يتعافى إن أمكن.

(إجراء فرض ضمن مدونة الأسرة ).

استقر رأي الدكتور أنهما لم يحسا او تظهر عليهما اعراض مشكوك بها ،مما يبشر بخلوهما من الأمراض المعدية .

-نذهب لنفطر انا جعت.

-كما تشاء ، مارأيك لو تأخذني إلى البيت وهناك أفطر معنا .

-لا،تعالي معي ،سنقضي النهار معا.

-والشركة ؟

-كاميليا كفيلة بها ،تعالي لتختاري معي بذلة للحفل.

احمرت وجنتاها خجلا.

-لم يسبق أن اخترت بذلة.

-وهذا يسعدني ،أن أول بذلة ستختارينها لي انا ،و  عودي نفسك أن تختاري كل ما يخصني ،لن ألبس إلا على ذوقك.

-صحيح؟ هل تثق بذوقي ؟ 

-كما ستثقين بذوقي انا ،من اليوم سأختار ما يليق بك حبيبتي.

بحثه مع كاميليا مساء الأمس، أعطاه فكرة عن ذوق عائشة ،كما عرف المحلات المتخصصة بالزي التقليدي المغربي.فخطط لأن يمر اليوم وقد أنساها حزن الأمس. 


يستقيم على فراشه ،عينه على مدخل الغرفة،ينتظر ،لا ينتبه الى الذي يقف يراقب المحلول ،بعد أن فحص الجرح.

-سأساعدك لتقف ،تحرك قليلا داخل الغرفة .

استجاب دون كلمة ،يخيم عليه الحزن ،شارد لا يعود من شروده .

بعد بضع خطوات ،أعاده إلى الفراش ،رفع جذعه قليلا ،ربت على كتفه وخرج.

(لم يأتي احد منهم اليوم،لابد أنهم رفضوا ،شطحت بك أحلامك يا مراد ،من زيارة واحدة قفزت المراحل لتخطبها من جدها ؟ فهمت المجاملة تسامحا وغفرانا؟)

جاءت أمه يتبعها ابوه .

-كيف انت اليوم يا ولدي؟

-الحمد لله يا أبي.

-له الحمد والشكر ،أرى أن وسام سمح أن ترتفع بجذعك قليلا.

-نعم ،يقول أن الجرح التأم ويمكنني أن استريح قليلا من التمدد على ظهري .

-هل جاء مجدي اليوم ؟

سؤال يريد به أن يعرف إن زاره أحد من المنصوريين. 

-ليس بعد ،لم يزرني أحد.

نادية كانت أقل حذرا

-هل جاءت كاميليا ؟

-قلت لم يأت أحد ،وانا لست من أولويات كاميليا وأهلها.

نظر إليها زوجها لتخرس،وانقذها دخول سارة وإبراهيم.

بعد أن سألت أخاها واطمأنت على صحته ،استغلت وجود أبيها وإبراهيم بنفس المكان لتقول

-بابا،أريد أن أعمل بالشركة ،كلم مدير الحسابات ليدربني فترة قبل أن استلم الشغل.

-ليس دون موافقة زوجك.

جواب لم تنتظره من أبيها،ولا انتظره أبراهيم الذي يعتبر أنه أجبره على الزواج بقوة السلاح،ولكنه أسعده أن يجعل أمر زوجته بيده هو .

-وافق يا ابراهيم أرجوك ،الفراغ يقتلني .

-شرط أن أقلك ذهابا وإيابا، ولا تخرجي من الشركة دون علمي.

-وانا موافقة ،نذهب الآن ،بابا كلم مدير الحسابات ارجوك .

'إذهبي هو يعرفك وسيستقبلك. 

لم يسمع مادار أمامه، مشغول هو بسبب غياب كاميليا.

ودعه أبوه ،وجهته شركة المنصوري.

-مدام كاميليا ،السيد فايز يريد مقابلتك.

-ليتفضل.

اهلا سيد فايز ،زارتنا البركة.

-الله يبارك فيك ابنتي.

-كيف أخدمك سيد فايز .

دون مقدمات ،أمسك يدها 

-بحق صداقتنا السابقة ،لو تذكرين لي موقفا جميلا معك ،ارحميني من حزني على ابني ،ظهري وسندي في الدنيا.

-سيد فايز ،لا أنكر أنك كنت الشعاع الوحيد في ظلمة تلك الأيام ،رغم سلبيتك، ولكن اذكر لك مواساتي وحنانك علي،ولكن المطلوب مني فوق استطاعتي. 

-مراد لا يتكلم اليوم ،عيناه معلقتان بالباب يترقب دخولك،أرجوك ،لو يئس قد يرفض العلاج،او قد لا يستحمله. 

-سيد فايز ،هذا ابتزاز عاطفي،لا أستطيع، كلما رأيته رأيت وسمعت قسوته، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

-مراد سيموت .

-مراد قتلني يوم قتل طفلي،من قال أنني أحيا ،قلبي ميت ،روحي ميتة ،الجسد هو ما يحيى مني لأن الأجل لم يحن بعد ،ابنك الذي تخاف عليه قتل ابنه بكلمة منه ودفع ليتخلص منه.

-تاب وندم ،إن الله يقبل التوبة عن عباده،كلنا خطاءون وخير الخطائين التوابون.

تطوف بخيالها أحلام ليلة أمس، طفل يلاعبه بالكرة ،وصغيرة تحتمي بحضنه ،يتردد بعقلها كلام عمها واخيها وصديقتها ،كلهم مهما طالت خطاباتهم، خلاصتها ما يقوله أبوه الآن :تاب وندم ،كلنا خطاءون....

هزت رأسها تطرد افكارا تكاد تغلبها في حلبة الصراع بين كرامتها وطيبتها.

فهم انها تصارع لكي لا تضعف 

-اغفري له وسامحيه، ألا تريدين أن يغفر الله لك؟

-أنا بشر ،فتاة كانت تفتح ذراعيها للحياة فكسرتم ظهرها ،حطمتم أحلامها ،دمرتم حياتها ،صعب ،صعب أن أخذل نفسي مرة أخرى وأسامح في حقها.

دخلت نادية تمسح دموعها 

-أرجوك ،ارحميه ،تركته يرفض أن يجيب متخصص الأورام الذي جاء يحدد موعد الجرعة الأولى ،يرفض الكلام ،أغمض عينيه ويرفض أن يفتحهما. 

نظرت إليها ،هذه هي الحماة المتسلطة ،التي تآمرت مع عشيقته ضد زوجته ،هل تعانقها وتطمئنها كما في الروايات والأفلام القديمة ؟ هه ،طبعا لا.

-ولينا حبيبته،التي من مستواه ومستواك، الجميلة التي تفتخرين بها ،أين هي ؟ألم تكن تأخذ مكاني امام كل العائلة بمباركتك؟ اذهبي إليها لتقف بجانبه،ليفتح عينيه على جمالها .

دعوني ،ابتعدوا عني ،اتركوني لأنساكم وأنسى أيامكم. 

دخلت الكاتبة على صراخها 

-لو سمحت سيد فايز ،كما ترى مدام كاميليا اعصابها متوترة ،الأفضل أن تعود مرة أخرى.

أخذ زوجته وخرج صاغرا حزينا .

جلست تضع رأسها على المكتب ،خرجت الكاتبة بهدوء وأغلقت الباب.

-أخرج من رأسي ،ابتعد عني ،عش او مت بعيدا عني ،أبَعْدَ أن هنت وهان حبي عندك تطلب أن أعزك وأفرح بحبك، أي جحود هذا ؟ تبكين حزن ولدك ،ألست ابنة إحداهن، لم لم تشفقي علي ولم ترحمي ضعفي.

ابعدوا عني ،آآآآآآه ابعدوا عني.

أجهشت تبكي قلبها ،حبها ،تبكي نفسها وأحلامها ،أخيرا سمحت لضعفها أن يخرج فيضا من الدموع والآهات


                الفصل الثامن والعشرون من هنا 

                   لقراءة باقي الفصول من هنا 


تعليقات