رواية انسحاب الفصل الثالث وثلاثون 33 والاخير بقلم حكاوي مسائية

 


رواية انسحاب 

الفصل الثالث وثلاثون 33 والاخير 

بقلم حكاوي مسائية


حل يوم العقيقة ،مراد يزداد وهنا وضعها، يتشبث بحياة تبتعد عنه بإصرار قاس،دعت كاميليا وسام ومجدي أما أسرة مراد فقد حضروا بعد الولادة ،جاءت أمنية وعامر وأصر كريم أن يرافقهما مع جاد .

يوم العقيقة هو يوم الختان أيضا، لم تغفل حنة تفصيلا صغيرا من عاداتنا في المناسبتين، البست الصغير الأبيض ،وكذلك أمه قفطانا أبيضا مطرزا بحرير أخضر ،التف الصغار والكبار حولها وهي تضع الصغير في الغربال ،ثم في الكسكاس(إناء خاص بالكسكس)،ثم بخرته وبخرت أمه وسط الزغاريد والصلاة على النبي وتحت عيون عاشقة دامعة.

مدته لخاله ،الذي امتطى صهوة جواد وقد ارتدى زي الفرسان التقليدي ،ليجول به في الحديقة والنساء يغنين:

(ما نختن ولدي حتى يجي خالو ،،، ويركبو قدامو ويعطيه من مالو)

مده لمجدي الذي مده بدوره لوسام ،ودخلا به غرفة حيث ينتظره مختص بختان الأطفال ،وتعالت الموسيقى والغناء لتصم أذني والديه عن صرخته.

خرج به يوسف ،كأنه اختطفه من معذبه ،هدهده ونفحه مبلغا من ماله كما تريد التقاليد.

دخلت به كاميليا لتسكته وترضعه حتى يحس بالأمان بين يديها ،تتبعها عينا مراد الذي عجز أن يدفع كرسيه بنفسه ،فأسرع إليه كريم يدفعه نحو محبوبيه.

-رأيت ابني يا كريم؟

-نعم يا عمي إنه جميل جدا.يشبهك.

-هل حقا يشبهني؟

-نعم ياعمي ،وسأعتني به كما وعدتك.

-وانا مطمئن إليك واعتمد عليك.

سمعت كاميليا حوارهما فسالت عبراتها. 

-هو صورة مصغرة منك يا مراد .

-هذا لأنك تحبينني

-أكيد ،بل أعشقك ،ولهذا اسميته مراد.

أمسك يدها

-سامحتني يا قلب مراد.

-سامحتك ،بل كأنني ما أخذت على خاطري منك يوما.

-أرجوك ،لا تذكري لي السيء مني ،تذكري أيامنا الأخيرة فقط.

-مستحيل،لأنني أحببتك في جميع حالاتك،احببتك حتى قبل أن تعرف بوجودي ،وأحبك كما احببتك اول يوم.

-ضميني إليك، أحتاج إلى حضنك كثيرا.

ضمته واحست بدموعه ساخنة على كتفها .

بعد انتهاء الاحتفال ،جاء صديقاه لتوديعه.

-مبارك ومسعود يا اخي .

-الله يبارك فيك ،اجلس يا وسام وانت يامجدي .

-جئنا نودعك، سنرحل.

-ابقيا معي ،هما يومان او ثلاثة، ارجوكما.

نظرا الى بعضهما ،غشت أعينهما الدموع ،فهما قصده.

-سنزورك قريبا.

-لايا مجدي ،اريدكما الآن ،وعودا مرة أخرى، لابأس.

دخل يوسف وقد سمع آخر الحديث.

-سنبقى كلنا ،مازلنا لم نشبع من مراد الصغير. 


استيقظت ليلا وقد زاد ألم بطنها عن الأول ،قامت الى الحمام تغسل وجهها بالماء البارد لعل هذا الدوار والغثيان يفارقها 

-مابك حبيبتي؟

-دوار وألم ببطني .

-سأحضر لك شيئا ساخنا لتشربيه.

نزل الى المطبخ ،يبحث عن شيء لايدري ماهو .أسقط  علبة زجاجية من شدة ارتباكه، خرجت إليه كاميليا

-اعذريني اختي ،ايقظتك .

-لا ابدا ،كنت مستيقظة فسمعت تهشم العلبة على الأرض.المرادان لا ينامان. عم تبحث؟

-عائشة مريضة ،وكنت أريد أن اعد لها مشروبا ساخنا.

-مابها عائشة؟

حكى لها ماتحسه فقالت:

-لا تعطيها شيئا ،سأصعد إليها ،لم يبق للفجر الكثير ونسأل حنة .

وكما قالت ،بقيت هي مع عائشة بينما ملأ هو فراغها قرب المرادين. 

بعد صلاة الفجر ،نزلت حنة نحو المطبخ ،بينما دخلت من بابه الخلفي الدادة التي قاربتها سنا.

سمع يوسف حركتها فأسرع الى جدته.

-صباح الخير حنة .

-صباح الخير يا ولدي،أراك قادما من غرفة اختك هل زوجها...

-لا،لا يا حنة ،كامي صعدت الى عائشة لتعرف مابها ،وانتظرك لتريها 

-سأصعد إليها الآن.

دخلت بعد أن اذنت لها كاميليا.

-مابها اختك يا كاميليا.

-تعالي يا حنة ،عائشة تحس بدوار وغثيان وألم ببطنها.ظننتها دورتها الشهرية ،ولكنني أشك في شيء آخر .

اخذتها بحضنها 

-مابك يا ابنتي؟هل أكلت ما لم يناسبك؟

-بالعكس حنة ،كلما أردت أن آكل يغلبني الغثيان واكاد أستفرغ.

لمعت عينا لجدة واتسعت ابتسامتها 

-ولم تبكين ،هل تخافين المرض؟

-غصبا عني تنزل دموعي ،والله لا أعلم سبب حزني.

-متى حِضت آخر مرة ؟

-لا أذكر ،العمل الكثير لا يترك لي وقتا لأفكر .

-أكثر من شهر؟

-أكثر .

-ربما سنفرح قريبا ،ولكن لنتأكد سيأخذك يوسف الى طبيبة العائلة .

هيا اجهزي لنفطر معا قبل أن تذهبا. 

عادت عائشة ويوسف ،الكل ينتظر مترقبا إلا وسام ومجدي اللذان آثرا الخروج الى مجلس الحديقة ،يشربان قهوتهما ويتركان مجالا لخصوصية العائلة.

من ابتسامة يوسف تأكدت حنة ،فأطلقت زغرودة ،تبعتها أخرى من ام يوسف وثالثة من فاطمة .

جاءت كاميليا تدفع الكرسي بمراد الذي يضم إليه صغيره .نزلت عائشة تأخذه منه وهمست لهما.

-سألد له كاميلياته. 

ابتسم مراد 

-اجعليها تحبه 

-اوصه أن يعشقها ،وعلي الباقي.

عانقتها كاميليا

-مبارك ومسعود يا حبيبتي،المهم أن تكوني بخير .أمسحي دموعك .

ضحكت 

-يبدو أن هرمونات الحمل نكد .

-الله يكون في عون أخي يوسف.

بارك لهما الجميع بمن فيهم أمنية التي قالت

-سبقتني لتحجزي مراد الصغير!

-كأنما تعلمين الغيب!

قالت الجدة 

-المهم يا حنة ،لن نترك مراد لغيرنا ،إحدانا ستنجب له كاميليته. 

همس مجدي لوسام.

-لولا مرض مراد لحسدته  على هذه العائلة .

-تحسد الأقرع على حاجبيه ،اسكت ،لولا هذه العائلة لمرت أيامه الأخيرة عذابا.

سعال كاد يخنق مراد جعل وسام يجثو على ركبتيه أمامه.لا حظ الدم بفمه ،أخذه الى فراشه.

-يجب أن ننقله الى المستشفى .

أمسك يده وأشار له أن يقترب .

-اتركني أموت وسط أهلي ،لا أريد أن أموت وحيدا .

امتلأت عليه الغرفة  نظر الى الوجوه كلها دامعة حزينة ،استقرت عيناه على حبيبته ،رفع يده يدعوها ،فلبت النداء وارتمت بحضنه

-قاوم يا مرادي ،لا تستسلم .

ضمها بما بقي فيه من قوة 

-هاتي ابني ،واطلبي طه .

أمر الجد أن يخرج الجميع ،ولم تبق معه إلا كاميليا وهو يحضن الصغير .

دخل طه ،فابتسم له مراد 

-لم تقل لي هل أتممت مهمتك .

فتح طه هاتفه واراه عدة صور ،المجلس كما تخيله لولا صغر الأشجار ،ولكن لا بأس ،لقد اختار شجرة الحور لنموها السريع ،قريبا ستُظِل بفَيئها المكان ،اغصانها المتدلية بحزن تجعلها الأنسب للمكان،أما شجرتي الياسمين فهي سنة واحدة ويملأ عبيرهما الأجواء.

-أحسنت يا طه ،أشكرك أخي.

عجز طه عن الرد امام هذا المراد الذي دخل قلوبهم ليحزنهم بمغادرته عالمهم.

تعالي الى حضني يا كاميليتي 

ضمها ليه بيد والأخرى يضم صغيره الغافي 

-لا تحزني علي ،افتحي قلبك للحب فأنت تستحقينه، تستحقين عاشقا يجعلك ملكة عالمه ،ويقدم لك فروض الطاعة والولاء، عيشي حياتك كما تمنيت أن تعيشيها معي لو لم أخذلك.

وضعت أناملها على فمه

-لم تخذلني ،يكفي انك عدت لي كما حلمت بك ،محبا عاشقا ،لا أريد غيرك ،وقلبي معك أينما تكون فكيف احب دون قلب ،سأعيش لك ولابننا. 

-لو غفر لي ربي ورحمني ،فلن اطلب في الجنة غيرك زوجة .

-انتظرني إذن ،ولا تقل لي عيشي مع غيري ،قلب واحد وحبيب واحد ،هو انت يا مرادي.

-قبليني يا حظي من الدنيا.

قبلته كما لم تقبله من قبل ،أودعت قبلتها شوقها وعشقها وحزنها ووداعها 

اختلطت دموعهما، همس وهو يقبل وجنتها.

-لا تنسيني ،اعتني بابننا واحبيه ،علميه وأحسني تربيته.

خذيه ونادي جدك وعمك ويوسف وابي.

دخل عليه رجال الأسرة الأربعة، ابتسم لهم 

-أوصيكم بكاميليتي، لا تدعوها للحزن ،لو جاءها من يستحقها زوجوها ،اعتنوا بمراد ،وحفظوه القرآن ،ربوه واحبوه كما ربيتم واحببتم خاله يوسف.

ابي ،اعتن بنفسك وأمي وسارة ،لا تحزن علي فأنا ظني بربي حسن ،لا تنسى مراد الصغير ،اعتني به ،ولو أرادت كاميليا أن تبقى هنا مع أهلها زرها ومراد ،يوسف سيكون مكاني الى جانبك ،لا تبتئس أبي فأنا سأكون بين يدي ربي وهو أرحم بي.

-سامحني بني ،سامحني يا نبض قلب أبيك.

-أنا أعلم أنك لم تبتعد عني رغبة ،أعلم أنك تهرب من حزنك في العمل ،أعلم أنك لا تصدق أن ابنك سيغادر قبلك ،اِعلمْ أنني سأرتاح .

اجهش فايز باكيا ،رفع مراد بصره الى يوسف.

-يوسف ،الخال والد يا يوسف ،جدي اقرأ لي .

ودعه يوسف وعمه حسن باكيان ،وبقي الجد وأخوه يرتلان القرآن على مسامعه.وابوه يسند جبينه على كف ابنه باكيا.

رفع سبابته اليمنى متشهدا و انتهى...

اقترب الجد ،مسح عنه العرق الذي تصبب من جبينه وغطى وجهه 

-يرحمك الله بني.

مسح دموعه قبل أن يلتفت الى أخيه الذي  كان هو أيضا يمسح دموعه 

-ناد الدكتور وسام ،وباشر إجراءات الدفن والعزاء. 


-كم مر على وفاة مراد ؟

-أربع سنوات .

-وهل تزوجت بعده؟

-اسألي هل عاشت بعده،لا يا عمتي(نعم ،كما فهمتم ،أمنية ابنة ابن عمي،وانا في مقام عمتها)،ربما تظنين أن الحب تاه وسط الزحام كما تاهت مبادئ وقيم عاشت عليها أجيال قبلنا ،ولكن الحب داء ،لو أصاب قلبا تملك منه ،انظري ،لما قررت أن احكي لك عنا ،ذهبت لأستأذنها ،وصورتها وهي غافلة كعادتها كل صباح ،تذهب إلى مجلس المدفن، كأنما اعده لها .

نظرت الى شاشة الهاتف،رأيتها تجلس على كرسي من خشب شبيه بالأريكة، تضم إليها طفلا جميلا جدا ،وتقرأ بمصحف، تملص الطفل من حضنها ونزل يركض حولها وهي تتابعه ضاحكة وتقول شيئا غير مسموع.

ماذا تقول له؟

-مثل كل أم ،تعال هنا ،هل ترى ابنك يا مراد ،إنه لا يهدأ.

تكلم أباه كأنه معها ،وحكاية قبل نوم الطفل سرد لمزايا أبيه ،محت من ذاكرتها السنوات العجاف الثلاث.

-ولماذا تبقى عند جدها ،وعملها؟

-تعمل عن بعد ،تصمم المشاريع وتصحح تصاميم قسم المهندسين ،وترسلها لأخيها وعائشة .

-وهل أنجبت عائشة بنتا كما توقعت؟

-لا ،بل ولدا اسماه يوسف على اسم والده يرحمه الله.وأظن أنني من ستنجب كاميليا صغيرة 

وضعت يدها على بطنها المنتفخة. 

-كأنك علمت جنس الجنين؟

-بنت يا عمتي،وسأسميها زهرة الكاميليا.

نظرت لها بتحذير ،وانا ارفع سبابتي بوجهها

-أمنية ،لا نريد أن تعيش ابنتك قصة تعرفينها جيدا(وانتم أيضا) ،سميها كما شئت حبا في صديقتك ،ولكن إياك ثم إياك أن تزرعي برأسها خيالا عن مراد الصغير ،دعي ذلك لمشيئة الله.

-لن أفعل يا عمتي ،اطمئني .

-وما حال عامر معك ؟

-كما ترينه ،محب و عاشق،جعلني احبه بل اعشقه ،أحس بقربه أنني فعلا ملكة ،لا تتصوري فرحته يوم عرفنا بحملي.كأنه مارزق بولد من قبل.

-نعم ،ولكنه لم يعش فرحة اكتشاف حملك به ،ولا عاش معك أيام حمله ولحظة ولادته،الأمر عنده هو فعلا المرة الأولى .

-وعائشة ،لما علمت أنها بنت ،قالت انها ستمتنع عن حبوب منع الحمل ،الغبية قالت إنها ربما سنة البنات.هههههه.

-لم تخبريني عن فايز كيف حاله بعد ابنه.

-مرض جدا ،واحتار في مرضه الدكتور وسام ،قال أنه الحزن وعدم رغبته في الحياة ،كل التحليلات جيدة ،لا مرض عضوي ظاهر ،ولكنه يهزل يوما عن يوم .

دعا يوما يوسف ،ومحاميي الشركتين ،وضماهما في شركة واحدة FKMللإنشاءات .بعدها بأسابيع توفاه الله الى رحمته.جاءت سارة وزوجها وابنها ليعيشوا مع مدام نادية ،ومازالت تعمل بقسم الحسابات ،وقد تغيرت كثيرا إلى الأفضل بحمد الله.

أم عائشة تعيش مع عائشة وتساعدها على تربية الصغير ،ويزورون كاميليا كثيرا .لقد عادا قريبا من هناك بعد أن ذهبا لرؤية الجد ،فقد أصبح كثير المرض ،تعرفين ،الشيخوخة وامراضها. 

هذا كل شيء عمتي ،انا وعامر تجاوزنا كل شيء ،حتى أنني كما تعلمين سامحت أمه واعتنيت بها في بيتي في مرضها الأخير ،حتى ماتت بين يدي عامر ،وعائشة نسيت انها أحبت يوما غير يوسف ،وكما قلتِ ربما انها لم تحب غير يوسف ،وما عاشته قبله هو إحساسها بالذنب الذي ربطها بياسر ،الوحيدة التي عاشت ومازالت تعيش قصة عشق فريد هي كاميليا ،ترفض أن تفكر في غير مرادها، ويسعدها دور الأخت الكبرى لباقي شباب وفتيات العائلة ،يحبونها كثيرا ،ويستشيرونها في كل صغيرة وكبيرة ،وهي بئر أسرارهم كلهم.كتبت منشورا على صفحتها يوم صحت من صدمة موت مراد ،ومنذ ذلك اليوم لم تكتب منشورا آخر ،انتظري سأريه لك فقد نقلته عنها. 


يقولون اصبري 

وهل للصبر بعدك وجود .

يقولون عيشي وهل بعد انتهاء القلب حياة .

يقولون انك مت ولا يعلمون أنك تعيش بكل خلية بجسدي. 

يخافون علي الوحدة ،ولا يعلمون أنك معي في كل خطوة .

يتعجبون من حبي لك ،وهل خلق الحب إلا لك.

انتظرني ،فظني بربي كظنك:سيرحم قلبينا، وأكون لك وتكون لي . 


             هنا .في كرنفال الروايات. ستجد

.كل.ما هوا جديد.حصري ورومانسى
.وشيق.فقط ابحث من جوجل.باسم
. الروايه علي مدوانة. كرنفال الروايات.وايضاء.اشتركو على

ليصلك. اشعار بكل ما هوه. جديد من اللينك الظاهر امامك        

  🌹🌹🌹🌹 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

                     تمت بحمد الله 

           لقراءة باقي الفصول من هنا 


تعليقات