رواية انسحاب الفصل الثالث والعشرون 23بقلم حكاوي مسائية

 


رواية انسحاب 

الفصل الثالث والعشرون 23

بقلم حكاوي مسائية


كانت تتابع مسلسلا على التلفزيون، تحسد البطلة وتتمنى أن تكون مكانها ،حتى انها لم تنتبه للحوار بقدر ما انتبهت الى ثياب الممثلة وزينتها.

سمعت الباب يفتح فانتبهت للقادم ،إنه "زوجها"ابراهيم ،القى عليها نظرة ساخرة قبل أن يتوجه الى غرفته .

عادت إلى انشغالها بالمسلسل، لم تعره انتباها ،فهي أيضا لا تعترف بهذا الزواج.

منذ ليلتها الأولى، علمت أنه لن يسهل لها دخول عالم التمثيل،ولخص لها حياتها معه خلال سنة قادمة في جملة واحدة :

-لن تكون بيننا علاقة من أي نوع ،اعتبري أننا شركاء في السكن ،أما عن التمثيل فانسيه طالما انت على ذمتي.خروج من البيت بإذني وإلا اتصلت بأبيك ليعيد تربيتك.

تعرف ان أباها مثله طالما رفض تصرفاتها،ولكن طالما لم يسمع عنها ما يشينها اعطاها  حريتها،وبمجرد أن فضحت اسمه ودنست شرفه ،ألصقها بشريكها في الجريمة ،كأنه يعاقبهما معا ،تعلم أنه سينصر البراهيم عليها،ويعطيه الحق في أوامره ونواهيه،ولهذا التزمت جانبها تنتظر أن تمر السنة وتتخلص من قيد الزواج.

توجهت نحو غرفتها ،فحسب الاتفاق او الأصح، قرار ابراهيم لأنه لم يترك لها مجالا للنقاش،قرر أن يكون لكل منهما غرفته الخاصة ،داخل البيت ،غريبان يشتركان السكن ،وإذا اضطرا للظهور معا قدما صورة زوجين سعيدين.

استلقت على سريرها ،ومثل كل ليلة زارها طيف طليقة أخيها كاميليا.تعرف أن ظروف زواجهما متشابهة ،مهما تذمرت نهارا ،تحمد الله ليلا أن ابراهيم ليس كمراد ،وأن ليس بحياته واحدة مثل لينا او اخت مثلها .يمر امام عينيها شريط إهاناتهم لتلك المسكينة ،وتحس أن هذا جزء صغير جدا من عقابها على ما فعلت بها.

سمعت صوت تكسير بالمطبخ ،فهبت مسرعة ،غافلة عن لباسها الليلي،وقفت بباب المطبخ تسأله

-ماذا حدث؟

-على الأقل يا بنت الناس ،نظفي هذه الفوضى بعد أن أكلت ،وراعي انك تسكنين ببيتي وعلى نفقتي ،قومي بشيء بديل ،تذكري من ملأ الثلاجة واتركي له نصيبه مما طبخت .

-انا لست خادمتك .

-ولا زوجتي،اعملي مقابل لقمتك، واريحي نفسك ،لن تنفعك حيل العاهرات ،لقد رأيت جسمك من قبل وأخذت منه ما أردت.

دفعها بعنف يزيحها عن طريقه ،سمعت باب غرفته يغلق بعنف ،لأول مرة يهينها ،بل لأول مرة يكلمها ،ولأجل ماذا ؟ ليأمرها أن تطبخ وتنظف ،متى طبخت او نظفت في حياتها؟ هي بالكاد تستطيع أن تأكل ما خلطت على النار لترد الجوع ،مهما كلمت امها لا تزورها ،لأن أباها اقسم بطلاقها لو دخلت بيت ابنتها ،وطبعا أنانيتها غلبت أمومتها ،حتى انها لم ترسل لها أكلا مع السائق او الخادمة ،فاضطرت أن تعصر معلوماتها عن الطبخ وتجرب ،وكلما تذوقت إبداعها تأكدت من فشلها ،فتأكل منه مايسد رقمها وتتخلص من الباقي.

عادت إلى فراشها، وكأن طيف كاميليا يجلس على طرفه ،مرة أخرى تذكرت انها كانت تتقن الطبخ،وزادت على ذوقها  وجبات خاصة بزوجها المريض،رغم أنها لم تدخل بيتها الا نادرا ،ولكنها تذكر أنه كان نظيفا مرتبا، به رائحة العود المهدئة. 

تزوجها مراد وهي مهندسة بشهادة الامتياز ،ورغم شقاءها معه ،كانت ربة بيت ممتازة ،وبعده أصبحت ندا له وأخذت الدكتوراه في الهندسة ،من أين لها هذه الإرادة ،وهل انا فاشلة كما يقول ابراهيم ،و هل تنتظرين رأي ابراهيم ،انظري الى نفسك وحياتك ،هل نجحت في شيء او أتقنت اي عمل ،حتى دورك كابنة رجل معروف فشلت فيه وفضحته، لو كانت كاميليا ابنته لكانت ذراعه اليمين ،لابد انه كان ليفتخر بها ولا تفارقه في حله وترحاله،إذا كان حتى ابراهيم يراك دون مستواه،فأنت فعلا فاشلة .

أخيرا حللت حياتها و تصرفاتها لتًخْلُص الى حقيقة فشلها الذريع، وماذا بعد؟ 


دخل مكتب صديقه وسام ،تكاد السعادة تقفز أمامه، يعلنها بابتسامته وإقباله على الحياة .

تغيير لايمكن ألا يرى ،فكيف والناظر إليه عالم بحاله 

-أراك سعيدا يا صاحبي ،دامت سعادتك ودامت أسبابها.

-أجمل دعاء ،اللهم آمين.

-هههههههه  ،هيا اجلس واحك لي.

-والفحص ؟

-لبس قبل أن أعرف سبب سعادتك ،هاه تكلم .

أخبره عن لقاءه امس مع يوسف ،متحمس هو أن يخطو نحوها بتأن حتى يستعيد حبها ويكسب ثقتها،مستعينا بوعد أخيها أنه لن يكون ضده 

-ولكن لا تنس تهديده لو أسأت إليها او احزنتها.

-ادع لي أن تقبل قربي ،وانا أقسم أنني لن أكون سببا لحزنها ما حييت. 

-بعد أن رأيتك اليوم ،لن أكف عن الدعاء لك بحب كاميليا وقرب كاميليا .ههههه،تعال معي إلى قاعة الفحص.

-أخشى أن اتوتر.

-لا تخف ،سأحقنك بمهدئ يجعلك شبه مخدر ،لن تحس بشيء.

بعد الفحص ،أعطى أمرا للممرض أن يساعده ليرتدي قميصه وسترته ثم يرافقه الى المكتب ،وخرج مسرعا ،يكاد لا يتنفس.

جلس ورأسه بين يديه ،يا إلهي ،لقد تطور المرض بشدة ،دخل مراد وتهاوى على الكرسي امام المكتب ،لاحظ تغير صديقه

-ماذابك؟

-صداع ،صداع يداهمني منذ فترة ،ومسؤولية المستشفى لا ترحمني.

-كلف أحدا ينوب عنك ،وسافر أياما لتجديد نشاطك .

-قد أفعل ،انا فعلا احتاج أياما بعيدا عن العمل .

-هاه ،ماذا وجدت وقد أدخلت عينك السحرية بجوفي؟ 

-لا جديد ،قرحتك ملتهبة ،سأكتب لك مسكنا ،واستمر على حميتك ،سأتصل بك للمتابعة قريبا.

-ألم أقل لك أنني بخير ،وأصبح احسن لما أحقق مرادي.

-أرجو أن تبلغ مرادك يا مراد ،وعاجلا جدا .

-فكرت أن أرسل لها باقة ورود ،مارأيك؟

-هل تعرف ماذا تفضل؟

-للأسف لا.

-إذن ارسل باقة متنوعة ،من كل الأنواع وكل الألوان.

-ستكون كبيرة جدا ،اريد شيئا صغيرا وملفتا.

--اليوم ارسل باقة ورد بكل الألوان، غدا ارسل لها باقة من زهرة الكاميليا،وبعده باقة زهور برية ،غير ،ولكن لو استطعت أن تكون لك عين قريبة منها فتعرف اي باقة أحبت لكان احسن.

-عائشة ،سأطلب من عائشة .

-بالتوفيق يا صاحبي.

ودعه مبتسما ،وعاد لشروده في نتيجة الفحص. 


وصلتها باقة من الكاميليا اختلفت بين الزهري والأبيض والأحمر ،قربتها الى انفها تشم عبيرها وهي تفتح المغلف الصغير ،أخرجت البطاقة المكتوبة بخط اليد :-الى أجمل كاميليا في الوجود.

عرفت الخط ،فألقت الباقة في سلة المهملات.

دخلت عائشة في نفس اللحظة 

-ماهذا ،باقة كاميليا ؟ لماذا تلقينها ؟

همت أن تأخذها فرأت البطاقة 

-اتركيها عائشة .

أمر لا جدال معه ،اخذت البطاقة خلسة واستقامت واقفة

-من ارسلها؟

-شخص تأخر كثيرا. غيرت الموضوع،هل ستخرجان ؟

-نعم ،تعالي معنا ،نأكل ونعود بسرعة.

-لا ،انا افكر في رسومات ديكور الجزء المنتهي من مشروع ****بافريقيا.

-لا تأكلي بكافتيريا الشركة ،سأحضر لك وجبتك معي ،لن نتأخر.

-لا تهتمي حبيبتي،هيا اذهبي واقضي وقتا ممتعا .

اغلقت الباب خلفها ،واستندت عليه

-آالآن يا مراد ؟ آالآن وقد التأم الجرح و غفا الألم؟

طرقات صغيرة على الباب جعلتها تبتعد قبل أن يفتح ،تعرف انه يوسف،لن يخرج قبل أن يدعوها ككل مرة ،وترفض ككل مرة ،تريده أن يكون مع خطيبته، أن يعيشا معا لحظاتهما سويا ،يصنعا ذكريات جميلة تؤثث حياتهما معا.

-قالت عائشة انك لن تخرجي اليوم أيضا.

-بعد أن تنازل العميل عن اختيار الرخام ومواد التشطيب،يجب أن نسرع لنسلم الشطر الأول ،ولا تنس أنني مازلت لم ابدأ رسومات الديكور .

لمح الباقة المهملة ،وبعين خبير لاحظ الحزن بعينيها.

-هذا كل شيء ،ألا تخفين عني شيئا؟

دفعته نحو الباب

-هذا كل شيء ،أذهب واستمتع بوقتك،هيا .

نظرت الى الباقة ،حملت السلة كما هي ،واخرجتها الى الكاتبة 

-خذي هذه بعيدا . 


يجلسان الى المائدة ،كانت تأكل وهي شاردة ،وهو يراقبها متسائلا عن سبب شرودها، أعادها الى الواقع رنين هاتفها 

-الو ،السلام عليكم .....نعم انا المهندسة عائشة ....اهلا سيد فايز .

فتحت مكبر الصوت ووضعت الهاتف على الطاولة .

-أرجو ألا ازعجك او اؤخرك عن عملك.

-لابأس انا الآن في استراحة الغذاء ،كيف اخدمك.

-أعلم انك صديقة كاميليا ،بل اخت لها ،وهي تحبك وتثق بك .

-والمطلوب سيد فايز ؟

-أرجو أن تساعديني،اريد فرصة أخرى، فرصة لأكفر عن ذنبي ،لو سمحت.

-سيد فايز ،الفرصة ليست انا من يسمح بها ،وانا لن اخون ثقة صديقتي واشجعها على العودة إلى جحيمك .

-ارجوك آنسة ،انا بادرت وأرسلت لها باقة زهور ،ولن اكل ولا أمل حتى احظى بها مرة أخرى.

-تحظى بها لكسب رهانك مع نفسك ،مازلت لم تتجرع مرارة انها من رفضتك واصرت على الطلاق،انا لا أثق بك سيد فايز .وباقتك كان مصيرها القمامة ،فلا تتعب نفسك.

-مرارة الانفصال عنها لا تبارح حلقي،صحيح،ولكن ليس كبرياء بل حبا ،أقسم انها لو ترضى وتعود إلي سأكون تحت قدميها .

أشار لها يوسف أن تنهي المكالمة 

-سيد فايز ،انا اعتذر ،يجب أن أعود إلى مكتبي ،وداعا .

اغلقت قبل أن تسمع جوابه  وضعت يدها على صدرها تهدئ روع قلبها.

-اهدأي،اهدأي،توقعت ان يتصل بك.رأيت الباقة وخمنت انها منه.

فتحت حقيبتها واخرجت البطاقة 

-اخذتها ولم ترني. 

أخذها وقرأ مافيها قبل أن يمزقها .

-هل سألتها عن الزهور ،ماذا قالت؟

-قالت انها من شخص تأخر كثيرا.

تنهد واسند ظهره الى الكرسي.

-كانت حزينة ،بادِرَتُه كما قال اعادت إليها الماضي ،لا أظنها ستغفر له يوما.

-لقد احبته ،احبته وهو لا يعلم بوجودها ،ورغم كل ما فعله بها ،لم يمت الأمل بداخلها،حتى ذاك اليوم ،فعل ما غيرها مئة و ثمانين درجة ،لم تخرج يوما من بيته مهما فعل ،ولما خرجت ،خرجت لألاَّ تعود.

-ماذا فعل لتأخذ قرارا وتنفذه؟

-سأقول لك ،حتى لا تتعاطف معه مهما قال لك،لقد  ارغمها على الإجهاض ،رجته أن يترك لها جنينها وتبتعد عنه ،ولكنه أمعن في إذلالها، قال أنه لن يرضى أن يكون أولاده منها هي.

ظهر الغضب بعينيه جز على اسنانه واحكم قبضته حتى لا يسبه.

-اهدأ ،كاميليا انتهت منه وتجاوزته، بينهما الآن مسافات ،مهما ركض لن يصل إليها، ولا أظنه سيفعل ،لأنه سيتعب بسرعة .

-لقد اخذ مني وعدا الا أقف ضده ولا أظهر لها رفضي له،لو كنت أعلم لطردته وما استمعت له.

-لن تحتاج أن تخلف وعدك ،انا متأكدة انه مهما قال او فعل ،لن تسامحه. 


اتعبه خبر باقته الأولى، ولكنه لن يكسر مجدافه من اول موجة ،نادى على الكاتبة 

-مدام سميرة ،ارسلي باقة ورد بيضاء الى المهندسة كاميليا،ضعي معها هذه البطاقة .

خرجت لتنفذ الأمر، اتصلت بمحل الزهور ،الذي ارسل الساعي يحمل الباقة ،وضعت بين الورود البيضاء المغلف الصغير وامرت الفتى أن يذهب إلى حيث ذهب سابقا هذا الصباح.

كان يستعيد كلام عائشة :(انا لا أثق بك سيد فايز )

-آااااه،إذا كنت انت يا من سمعت فقط ،لا تثقين بي ،فكيف بمن عاشت وعانت، الطريق طويلة وصعبة الى قلبك حبيبتي ،ولكنني مستعد أن اقتلع قلبي بيدي واقدمه لك لو كان هذا يرضيك. 


حل يوم السبت ،الكل يستعد لحفل شركة فايز بقاعة افخم الفنادق.

كانت مع عائشة بغرفتها تقفان امام المرآة 

اتسعت ابتسامتيهما 

-ذوقك رائع يا كامي ،وفكرة الفساتين أروع!

-ألم أقل لك ؟ حفل متعلق بعمل ومشاريع،لن ينفع أن نحضره بالقفطان،ولا أن نذهب بلباسنا العادي،الحل ،هو الوسط ،فستان أنيق طويل ،مع خمار مناسب،نخرج من إطار المكتب دون أن ندخل دائرة العرس.

-هههههه،نعم يا لالة ،ثلاث سنوات بباريس مدينة الموضة والفن.

-هههههه،كأنني كنت أذهب إلى حفلات هناك ،وانا كنت بين الدراسة والأمومة.

ولكنني كنت كلما أتممت رسم ديكور صالون ،أقص صورة عارضة أراها مناسبة والصقها عليه ،ثم ابتعد ،وارى هل اكتملت اللوحة أم اختل فيها شيء.

-الفن والذوق ،يمتد من العمل حتى الأكل مرورا باللباس،وانت فنانة يا فنانة.

-هيا بنا يا مهندسة ،لابد ان خطيبك قد عرف عنك كل شيء من خالتي.

-قلت انها زوجة ابي ولم يصدقني احد .

-بل معسول كلام أخي يجعلها تقر وتعترف.

كانتا تنزلان السلم ضاحكتين.رفع اليهما بصره ،ولم يقف،بل أسند ظهره الى ظهر الأريكة قائلا.

-حضري لنا العشاء يا أمي ،لن نذهب إلى الحفل.

-كيف ،بعد أن قضيت يومين اقنع كاميليا ونصف يوم بين المحلات لنختار زيا ملائما واليوم بين حمام وكريمات ،حتى اخفي السيد عيوش ،تقول لن نذهب؟

-لا،اطمئني ،هاقد عاد السيد عيوش.

-ماما ،انت معي ام معه؟

-أمي مع الحق ،كيف أذهب إلى حفل مع شمس وقمر ،إما أن احسد فأبيت محموما ،أو اقتل فأبيت مسجونا.

مسحت ام عائشة على رأسه 

-قل أعوذ برب الفلق،لا بأس عليك يا ولدي.

-هيا جلسا بجانبي لترقينا أمي قبل أن نذهب ،اللهم سترك يارب.

ضحكت الفتاتان ،ولكنه أصر أن ترقيهم ام عائشة ،قبل أن يخرجوا وهي تدعو لهم. 


دخلت تتأبط ذراعه زوجها ابراهيم ،وتوجهت نحو أبيها واخيها،سلموا على بعض، وسألت عن امها 

-لم تأت 

-لماذا بابا ،هل هي مريضة 

أمسك مرفقها وسار بها هامسا بابتسامة لأجل العيون المترصدة

-لم أدعها،و من يسألك ،هي مسافرة مفهوم ؟ أين ماما ،كأنني لا أعلم أنها لم تسأل عنك منذ غادرت البيت.اذهبي الى زوجك ولا تفارقيه هيا!

رآها تدخل بفستانها الزهري الطويل ،يخفي مفاتنها ولكنه يبرز جمال بشرتها وسواد عينيها ،بدر وردي ،صدق من سماها كاميليا. اليد التي امتدت تضم خصرها جعلته ينتبه الى من يرافقها ،كان وسيما ببذلته الرمادية ،فارس بين حوريتين،يحيط خصر كاميليا بيد ،ويمسك يد عائشة ذات الفستان الأزرق بيد .

خمن أنه ارتبط بعائشة ،فتقدم يصافحه 

-أهلا بك يوسف ،شرفتنا انت والآنسة اختك والمهندسة عائشة .

-اهلا بك مراد ،مبروك بداية العمل بالمشروع ،بالتوفيق إن شاء الله.

جال بنظره يبحث عن طاولة بمكان مناسب ،قبل أن يستأذن من مراد ،ويسحب رفيقتيه نحو طاولة بركن بعيد شيئا ما.

ما كادوا يجلسون حتى جاء فايز مرحبا ،واخذ مجلسه معهم 

-ماعدت قادرا على تعب الحفلات والاستقبالات 

-أترك التعب لابنك واسترح انت.

-ولهذا أنا هنا ،لن أجد رفقة افضل منكم،ولن أترك المكان لفضولي يزعج راحتكم.

-اهلا وسهلا سيد فايز . 


لمحها تختال بفستان احمر عاري الظهر ،تتقدم نحوه كأنها صاحبة المكان ،تقتنصها عدسات المصورين. 

أسرع نحوها قبل أن تتوسط القاعة وامسك ذراعها يجرها نحو الباب

-مالذي جاء بك؟

-جئت احضر حفل الشركة مثل كل مرة .

التفت الى الحراس على الباب

-هل رأيتم دعوة الآنسة ؟

-لا سيدي ولكنها قالت....

-ماذا قالت؟ ولماذا جُعِلت الدعوات؟ ومانفع وقوفكم هنا.لايدخل إلا من معه دعوة ،مفهوووووم.

وانت يا فنانة ،لاداعي لأن تحرجي نفسك أكثر، اذهبي من هنا ،وإياك ،إياك أن أراك قرب احد من عائلة فايز.

عاد يمسح العرق عن جبينه،يحمد الله أنه رآها قبل أن تدخل مرمى بصر كاميليا.

استقبله مجدي قائلا

-ألم تدع أمنية؟ 

-لا ،لم أجد مبررا او صفة لأدعوها. 

-صفة محامية كاميليا او صديقتها

-محاميتها ليست محامية الشركة 

-ادعها لأجلي يا اخي!

-مجدي،لقد طردت لينا للتو ،وانا فعلا على اعصابي.

رأته يتكلم بتوتر مع صديقه،إشارات يديه تدل أنه قد يتهور على احد بسهولة ،تذكرت غضبه المظلم،اخرج شريط أقراص من جيبه وابتلت أحدها.

هل يعقل أنه تمادى من الخمر الى المخدرات.

احست بالضيق 

-أليس لهذا الفندق حديقة ؟

-بلى ،في الخلف ،تعالي أدلك عليها.

-استرح انت سيد فايز ،سآخذهما انا ،لابد ان رائحة السجائر ضايقتهما.

وقف ،واحط كتفيها بذراعه وضم كف الاخرى بيده.وتوجه بهما نحو الحديقة .

-مابك كامي؟

-لاشيء ،لابد انها رائحة السجائر فعلا.

-اجلسا هنا قرب المسبح ،سأحضر شيئا تشربانه.

أشار لعائشة أن تهتم بها ،يحس ان لوجود مراد قربها علاقة باختناقها،الرعشة التي شعر بها تحت يده تنبئ انها ترهب شيئا ما.

-مابك كاميليا؟

-لاشيء ،ماكان علي أن احضر .

سمعت من ترحب بها 

-سعيدة أنني رأيتك كاميليا.

-اهلا سارة .

-أقدم لك زوجي ابراهيم عتيق .

-اهلا وسهلا سيد عتيق .

-يمكنك لن تذهب عزيزي ،سأبقى مع كاميليا .

استئذان مغلف بلطف تفاهم بين زوجين ،حذرها أن تفارقه او تأتي بفعل يحرجه،وتريد أن تكلم كاميليا على انفراد.

جاء يوسف ،بكأسي عصير 

-خذي اشربي هذا سيهدئك. وهذا لك عائشة ،تفضلي.

-وانا ،ألا كأس لي؟

انتبه لوجودها 

-اعتذر ،لم ارك آنسة .

-وكيف تراني وانا وسط نور فاتنتين 

-اهلا وسهلا

انقذه منها مراد يأخذه بعيدا

-يا أخي ابعد يدك عنها قليلا ،نصف الحضور لايعرف انها اختك ،تدخل ممسكا يد عائشة ومتخصرا كاميليا ،هارون الرشيد انت.

-أولا ياسيد مراد ،تعلم ألا تنطق اسم إحداهما والأفضل أن تسميهما مدام المنصوري.

-هل اقول مبروك؟

-الله يبارك فيك،ثانيا انا لا يهمني كلام الناس مادمت لا أقرب لا العيب ولا الحرام ،واحدة اختي والثانية زوجتي .

-على الأقل يا اخي راع وجودي،والغيرة لاتميز بين أخ او صديق.

-وبأي حق تغار عليها ؟

-بحق عشقي لها،بحق قلبي الذي يعتصر ألما في بعدها.بحق عيني التي لا ترى سواها،بحق حبها الذي يسري بدمي ،بحق هيامي بها الذي يكاد بُذْهِب عقلي.

-أين كان كل هذا وانت تعذبها ،وتهينها ،وتجهضها ،وتأنف أن يكون أبناءك منها،ثم كيف عاش قلبك بعدها سنينا ،ولم يذهب الهيام عقلك شوقا اليها ،ورأت عينك غيرها وأعلنت ارتباطك بها.

-لم أعلن شيئا.

-صمتك كان تأكيدا للشائعات، هه أفقت بعد أن أضعت محطتك سيد مراد .

تركه حيث هو ،وذهب ليأخذ مجلسا قرب حبيبتيه ويترك لهما المجال للحديث مع سارة.

(لماذا تغير معي بعد وعده ؟أيعقل أنه لم يكن يعلم تفاصيل حياتها معي؟هل حكت له لتدافع عن نفسها بعد أن كلمها ؟ احتفلت بكونه محايدا على أمل ان يصبح لي حليفا وهاهو يصبح خصما عنيفا، ماذا كنت ترجو يا مراد ،يوسف اخوها ليس كخالد الذي امتص دمها،يوسف سيحميها منك.

يحميها مني؟ إذا كنت على استعداد لأقدم نفسي فداء لها.

ولكنه لا يعرف عنك إلا الرجل السَّوْء الذي أذل اخته،هاقد أصبح عليك أن تقنع كل من حولها ،لعلك تقترب منها.) 


مدت سارة يدها تمسك بيد كاميليا التي تفاجأت بحركتها تلك

-كاميليا،انا اعتذر ،سامحيني على إساءتي إليك.

-هل تظنين أن من لدغه الثعبان سيحس بقرصة باعوضة؟

ابتلعت سارة الإهانة مع ريقها 

-لقد رٌدّت لي الإهانة ،وتزوجت غصبا كما حدث معك،الفرق أنني لست بريئة،وأبي ستر فضيحتي بدفعي الى حضن لا يريدني. 

-لعلك جربت الحضن الشائك،وأشواكه سامة،تقتلك خلية خلية ،ولكنني لم اهتم يوما لأفعالك حتى اشمت بك اليوم،بالعكس ،كنت أشفق عليك ،ابنة الحسب والنسب ،بين اب محب وأم حنون ،وأخ مستعد أن يتصدر لأي ألم حتى لا يصل إليك ،وانت غافلة عن كل هذه النعم ،ممسكة بذيل واحدة لا اصل معروف لها ولا نسب،تأتمرين بأمرها،ماذا فعلت ؟ جعلتك هدفها لتمرغ سيرة والدك بالوحل.

-صحيح ،كل كلامك صحيح ،تآمرت معها لنشوه سمعتك ،واستعملت ضدي نفس السلاح.

-كل مخططاتها لم تمسني، ولم تهز مني شعرة واحدة ،لسبب بسيط أنني كنت في حمى أخي،لم أسمع بالمؤامرة إلا بعد أن مرت ورد لي اعتباري، احمدي ربك أن أباك اكتفى بزواجك،كان من الممكن أن يغسل عارك بدمك.

-لقد كاد يفعل  لولا قبول ابراهيم بحل الزواج.

-حافظي على نفسك إذن ،بعد أن استعدتها من عبودية لينا والجري وراء حلم الشهرة،لا تضيعيها  ،فقد لا تجدين من يقف لينقدك مرة أخرى.

سمع الحوار ،فقد كان على مسافة قريبة ،أفتخر بأخته،وأسعدته قوتها ،فقام مكتفيا من هذا الحفل البغيض 

-هيا بنا لنذهب،الجو برد فجأة ،هيا.

لم يغب عنهما قصده ،فهو الحفل بارد كالصقيع،تيارات المشاعر السائدة لا تحمل دفءا ،الحضور بين حاسد وفضولي ،ونادم، ومتحفز.

جلس حيث كانت تجلس بجانب اخته،وراح يسألها،ماذا قالت،نظر اليه مجدي ووسام ،عجبا لرجل طرق باب الأربعين كيف اعاده العشق الى المراهقة ،يتلهف على  كلمة تزرع فيه الأمل من جديد .

توجه مجدي ووسام ،بعد نظرة اسف وحزن على مراد ،نحو يوسف الذي يودع السيد فايز ،سلما باحترام ،وتوجه مجدي بالحديث الى كاميليا يسألها عن أمنية، اجابته باقتضاب ،لتنتبه الى حديث وسام الذي قال لعائشة 

-أراك بخير آنسة ،ثم لمح الخاتم ،مبروك ،انتظر دعوتي لحفل زفافك

تدخل يوسف بتملك

-لن أنسى أن أدعوك دكتور وسام ،وأشكر عنايتك بزوجتي.

-هل يمكن أن اكلمك سيد يوسف انت والسيدة اختك .

-تفضل ،انا اسمعك.

-مراد ،أرجو أن تعطيه فرصة .

-لمن اعطي فرصة ،لسكير أصبح مدمن مخدرات ؟

-من قال لك هذا مدام كاميليا؟

-رأيته قبل قليل ،يبتلع قرصا حتى يهدأ بعد نوبة غضب اعترته. 

-مخطئة انت سيدتي ،ذاك قرص مسكن للألم،مالا تعرفينه أنه فعلا أدمن الخمر بعدك ،واشتد عليه المرض ،مايكاد يخرج من نوبة قرحة المعدة حتى يغرق في الثمالة ،احترنا انا ومجدي في أمره ،يخصص بضع سويعات لمساعدة والده بالشركة ثم يختفي،لابد أنك تتساءل سيد يوسف عن سبب عرضه لاتفاق التعاون وتبادل الصفقات ،لأنه ماعاد مهتما بالمنافسة ،ولا يستطيع أن يركز كثيرا في عمله،إلى أن رآك ،أصبح يحدثني عنك ،يجلد ذاته لسوء معاملته لك ،ولما يئس منك ظنا انك مدام يوسف المنصوري ،قضى بالمستشفى أكثر من أسبوع، استطعنا أن نستعين بمعالج نفسي كنا انا ومجدي الصلة بينه وبين مراد لأنه رفضه،تعمدت أن أطيل مدة استشفاءه،لأحقنه بمضاد الاكتئاب،بينما تولى مجدي الحديث معه ،فباح له بما في قلبه ،واعترف بحبك ،وعلى وتر التزام السيد يوسف وحسن خلقه عزف مجدي ،وبعد ذلك عرفنا انه يصلي رغم أنه لم يقل ،وأقلع عن الخمر وتوجه الى الله ،الحقيقة أنه بعد فضيحة وسائل التواصل حصل تغيير كبير فيه ،لا نعلم السبب ،ربما لأنه عرف أن من كان يظنه أباك ليس أباك ،ربما لأنه اعترف له بسبب اختياره هو بالذات ليتزوجك.

-وهل لي أن أعرف السبب؟

-مجدي كان حاضرا ،وهو الأدرى بالأمر

-بعد أن  عرفنا أن خالد الداودي ليس أباك ذهبنا إليه ليعترف بما فعل بك ،وقد كانت صديقتك الأستاذة أمنية حاضرة ،وسجلت الاعتراف الذي تحتاجه ،ولكننا لبثنا معه ،وأجبره مراد أن يحكي ماكان تلك الليلة ،فاعترف بتخديرك، وجعلك توقعين على بيع البيت ،وعلى شيك بالمبلغ الذي بالبنك،ثم كيف وضعك بفراش غرفة بالفندق.اما سبب اختياره هو بالضبط فلأن المزعوم أخاك وجد مذكراتك وقرأها وعرف انك تحبين مراد ولن ترفضي الزواج به.

كان يوسف يجز على اسنانه ،ويزيد في ضمها كأنه يريد أن يحميها بين أضلعه. 

-لو علمت مكانه لدفنته حيا ،ابن الكلب.

-المهم انه تغير بعد ذاك اليوم الى الأحسن ،ولكن نوبات القرحة لم تختفي ،أقل توتر يجعلها كجمرة بجوفه، مثل الليلة التي قدم لك حلوى التوت البري وعرف انك تتحسسين منه ،او يوم رأى ابن أمنية يناديك ماما فظن أنه ابنك ،يؤنب نفسه على كل موقف ويضطرب حتى تعود نوبة القرحة،كأنها عقابه.

-دعه يذوق من كأس المرار الذي جرعها إياه.

-ولكنه يا آنسة عائشة وصل مرحلة الخطر ،إنه...

-اصمت يا وسام ،إنه قادم نحونا.

-يجب أن تعرف مدام كاميليا ،أذهب إليه وخذه بعيدا بأي عذر .

أسرع مجدي نحوه.

-أرى وسام مع كاميليا ويوسف.

مازحه مجدي قائلا.

-رأيت كاميليا ويوسف ولم تر عائشة ،تعال ،وسام يسأل عائشة عن صحتها ،لا تنس انها كانت عنده بالعناية المركزة .

-وماله يوسف كأنه يشتعل غضبا

-الغيرة يا اخي ،الغيرة ،وسام نطق اسمها دون ألقاب، ولولا أنه اعتذر لحضرنا مباراة في الملاكمة ،تعال ،نبتعد حتى لا نحرجه، إنه يحاول أن يأخذ دعوة للعرس.

أما وسام فقد فجر القنبلة 

-بعد الفحص بالمنظار تبين أنه ورم بالمعدة .

-هل تتطور القرحة لتصبح ورما ؟

-ممكن ،الخلايا السرطانية تهاجم أضعف مكان بالجسم ،وبسبب دخوله في الكآبة ضعفت مناعته كثيرا ،زيادة على كثرة النزيف المعِدي.

-مما فعل مجدي الآن أظن أنه لا يعلم حقيقة مرضه.

-لا ،لم أخبره ،يوم جاء للفحص كان سعيدا بعد أن كلمك سيد يوسف ،كان يستشيرني أي نوع من الزهور يرسل إليك كاميليا،لو أخبرته سيتخلى عن أمله ،سيدخل في الكآبة مرة إخرى فيغلبه المرض.

-وكيف تنوي علاجه ؟ المسكنات لن يدوم مفعولها ،ومراد ليس جاهلا، سيعرف مرضه من نوع العلاج.

-الورم الذي ظهر في الفحص ليس كبيرا ،أفكر في استئصاله، ولكنه من دونك لن يقبل العملية.

لو تقبلين أن تساعديني على علاجه .

-سأمر عليك غدا ،أريد أن أرى جميع فحوصاته. 

-حدد الموعد وأنا أنتظرك سيد يوسف.

سمعت نداءه وراءها

-كاميليا ،ارجوك اسمعيني.

وقفوا جميعا يحدقون في هذا القادم اليهم وقد زاغ بصره،وشحب وجهه،يندى جبينه عرقا.

--ارجوك كاميليا، حضني الذي كان لك اشواكا سامة مستعد أن احرقه حتى يذوب ،لو كان يرضيك وتسامحيني 

أشار وسام برأسه لمجدي يسأله مابه ،فرفع الأخير يديه إشارة الى انه لا يدري.

-مابك مراد ؟ بماذا تحس؟

وضع كفه على صدره

-هنا،هنا يحترق.

وغاب عن الوعي. 


بمكان آخر كانت أمنية تجلس بغرفتها بالفندق الجميل اوبيرج بين الويدان.

ابتسمت وهي تتذكر وصول عامر مساء الجمعة ،كانت تستعد للنوم بعد أن نام كل من في البيت ،سمعت الجرس والبواب يخبر الخادمة أن السيد عامر أمام البوابة ،واستأذن ليدخل.

عادت تنزل السلم ،وأمرت البواب أن يدخله.

على عتبة الباب الداخلي وقفت متحفزة 

-جاد نائم الآن ،يمكنك أن تعود غدا لتصطحبه.

-سنتأخر إن بت في البيت الكبير.

-تتأخران عن ماذا؟

-سنتأخر نحن الثلاثة عن الرحلة التي أعددت لها.

-اية رحلة ،جاد لن يذهب الا الى بيت جدي.عد من حيث أتيت.

جلس على درجة السلم الرخامي. 

-غدا نستيقظ باكرا ،و نسافر الى سد بين الويدان وشلالات اوزود. 

-ماذا؟ هل جننت ،نسافر أكثر من ثلاث ساعات ذهابا ومثلها إيابا، ماذا استفاد الصغير غير التعب؟

-اهدأي يا أمنية ،تعالي اجلسي بجانبي،أولا سننطلق بعد الفجر ،يكون جاد نائما،ويمكنك أن تنامي انت أيضا،نقضي اول يوم على ضفة بحيرة السد ،وقد حجزت غرفتين بالفندق.ويوم الأحد نذهب لنرى شلالات اوزود ثم نعود.

ارجوك وافقي،الذكرى الوحيدة لأبي لما كنت بسن جاد ،اخذني الى هناك ،ووضع بيدي صنارة صيد واجلسني بجانبه ،وصورة لشلال كبير وأشخاص يسبحون اسفله.

أشفقت عليه ،فقد أباه وهو طفل ،وأمه لم تترك له مجالا ليعيش طفلا بكنف عمه وجده ،قررت أن توافق.

-حسن ادخل لتنام ،ستعد لك الصالحة غرفة الضيوف.

وكما قرر قضوا يوما ممتعا على ضفة البحيرة المحاذية للفندق ،حاول أن يجعل جاد يهدأ ويعلمه الصيد ولكن الطفل كل همه السباحة والركض ،وهو يتبعه سعيدا به.

وهاهي تستعد لتنام وقد أصر أن ينام جاد بحضنه.

وغدا سيذهبان نحو وجهتهم التالية قبل أن يعودوا الى حياتهم الاعتيادية. 


وأمام غرفة العناية المركزة ،ينتظر كل من يوسف وكاميليا وعائشة ومجدي وفايز وسارة التي لا تجف دموعها مهما حاول ابراهيم أن يواسيها. 

أخيرا خرج وسام والدكتور المتخصص بالأورام. 

-مع تاريخ قرحة المعدة ،لا أمل ان يكون ورما حميدا ،لهذا أفضل ألا نضيع الوقت في تحليل خزعة قد يهيج أخذها الورم،الأفضل أن نستأصله كاملا ،ونحلله،لنبدأ العلاج الكيماوي حتى نقضي على اية خلية نائمة .

-هل أخبرته دكتور وسام.

-ليس بعد ،أخشى رد فعله.

لو سمحتم ،يمكنكم الذهاب ،فقط احتاج أن أكلم مدام كاميليا.

دخل يوسف وكاميليا مكتب وسام.

-سأوضح لكما حالته،لو كان محظوظا، بعد استئصال الورم سيحتاح ست حصص علاج كيماوي،وبعد فترة نقاهة وأدوية مساعدة سيستعيد صحته،هذا لو أراد وأقبل على الحياة ،وقد رأيته كاميليا،اليأس يمكن أن يقتله،وكما قلت ،دونك لن يقبل العلاج ،ولو عرف انه مصاب بالسرطان سيظن انك مشفقة عليه،يبقى الحل بين يديك ،تتظاهرين بجهل مصابه،وأخبره أننا بعملية صغيرة نكوي القرحة ليتخلص منها ،مارأيك ؟

-سأعود غدا يكون قد أفاق ،وانا فكرت ،واجيبك


          الفصل الرابع والعشرون من هنا 

             لقراءة باقي الفصول من هنا 

تعليقات