رواية انسحاب
الفصل العشرون 20
بقلم حكاوي مسائية
كانت ببيت عائشة حين دخلت عليهن أمنية تحمل جاد وتتبعها المربية
-اهلا أمنية ،كنت سأمر عليك قبل أن أعود إلى البيت
-وها أنا اختصرت الطريق.
-غدا نجتمع للعشاء في بيت يوسف ،كنت قررت أن نجتمع اليوم ،ولكنني لم أجد من يعد الأكل اليوم .
-اعذريني كامي، لن أستطيع،علي أن أكون في البيت الكبير مع عامر .
اعتلت الدهشة وجوه الجميع
-مع عامر!!!!
-زوجته لطيفة ماتت ،او بالأحرى قتلت ،واليوم الدفن والعزاء .
اسمعنني، باختصار لأن الوقت ضيق جدا ،جاء عندي ،واستسمحني وحكى لي عن ظروف وفاة لطيفة ،واتفقنا أن نبدأ صفحة جديدة.
العيون التي تحملق بها جعلتها تسرع
-اخ واخته ،فقط ،اخ واخته.
الوحيدة التي تداركت نفسها والموقف ،كانت سعدية
-المهم أن تجعلي خطوطا حمراء لا يتعداها ،قد تفكرين به كأخ ولكن لن تضمني نظرته إليك، هل فعلا نظرة أُخُوَّة، ثم إياك أن تتفوهي بكلمة عن جاد حتى تتأكدي من نواياه.
بعد طبعا ،واطمئني، ودعتهن وقبلت جاد وغادرت مسرعة .
دار الحديث بعدها عن الفقيدة ،وظروف وفاتها ،بينما جاد مع مربيته في الحديقة ،ثم ودعت صديقتها وأمها بعد الاتفاق على موعد العشاء .
كان البيت رغم اتساعه، مليئا بالمعزين ،وقفت الى جانب أمها وأم الفقيدة ،تتلقى معهما العزاء من النساء، بينما وقف بين جده وعمه يتلقى العزاء من الرجال.
لاحظت غياب أمه، فهمست لأمها
-أين أم عامر ؟ لم أرها.
-لا أدري ،كلما سألته عنها يرفض أن يجيب ،ولكن أباك وجدك
يعلمان.
حز في نفسها حزن والدة لطيفة على ابنتها ،ولكنها حملتها نصف مسؤولية ما حدث،كيف تقبل أن تزوج فتاة بحالتها ؟!
بعد العشاء (وهي وليمة عشاء يحضرها كل المعزين)غادر والدا لطيفة ،وبيد الأب مغلف الظاهر ان به مبلغ ليس يسيرا.
دخلت الى المكتب لتسأل جدها
-جدي ،أين ام عامر؟
-طالتها التهمة هي ورقية ،وكيل الملك لم يصدق أنهما لم تتفقا مع القاتلة ،لولا أننا تدخلنا وشهدنا لصالحهما،غير أن عامر لم يسامح والدته،دليله عليها معاملتها السيئة للفتاة المسكينة ،اشترط عليها حتى يشهد لصالحها أن تعود إلى بلدة أبيها وتنسى وجوده.
-ورضيت بشرطه ،فضلت حريتها على ابنها.
قام من على كرسيه ،ولف ذراعه حول كتفيها
-أمنية يا ابنتي،أم عامر لا تحب غير نفسها ومصلحتها،ثم انها لو سجنت لن ترى ابنها ،وتسبب له فضيحة الأفضل انها رضيت بشرطه ،و ابتعدت عنا.
ثم أخبريني!كيف جئت لتحضري العزاء ؟
-زارني عامر ،واتفقنا أن نفتح صفحة جديدة كاخ واخته.
-وجاد ،ألن تخبريه عنه؟
-جدي،عامر فقد زوجته وابنه للتو ،لو أخبرته أن جاد ابنه لن أضمن رد فعله.
كان يهم أن يدخل بعد أن فتح الباب،فسمع جوابها ،تسمر في مكانه ،ثم تقلد شجاعته ودخل.
-لا تخافي يا ابنة عمي.
فوجئا بدخوله،و لكنها تظاهرت بالقوة
-لست خائفة ،ألم نتفق انك أخي وسندي !
-وانا كذلك،ولكن لم اخفيت عني وجوده ؟ أعني ابني.
لم تستسغ سماع كلمته الأخيرة ،ولكنها تابعت
-لم اخفه عنك ،انت لم تسأل،وانا لم أقل.
-احممم، وهاقد عرفت ،أمنية كانت حامل منك لما طلقتها ،وانجبت جاد ،انت تعرف ظروف زواجكما وبعده طلاقكما،و انا من قرر أن لا تعرف بولادة جاد.
-وكيف تقرر الا أرى ابني طيلة سنوات؟
-وهل تزوجتها عن حب أو رغبة في اولاد منها ،لا هذا ولا ذاك.
أطرق برأسه ،يعلم أنه من أذاها،وخسر ثقة جده ،ولكن..
-ولكن هذا لا يبرر أن تخفوا عني وجود ابن لي ،لو كنت أعلم ل..ل..
-ماذا كنت ستفعل ؟ القرار لم يكن لك في يوم ،والدتك كانت تخطط وانت تنفذ ،لو علمت بولادة جاد لخلقت لنا مشاكل لا نهاية لها
-ما كنت لأتزوج.
قالها كصرخة ألم .
-وترغم أمنية على الرجوع إليك.
-كنتُ أحق بها وهي أحق بي .
تدخلت أمنية بلطف
-يا ابن عمي ،يا اخي ،بالنسبة لي كنت دائما الأخ الأكبر وكريم اخانا الصغير ،جدي أرغمني على الزواج ،وانت لم تفعل شيئا يقربني منك ،لا أريد أن ادكرك كما لا أريد أن أذكر ،جاد هو الشيء الجميل بيننا ،حتى لو علمت قبل هذا ماكنت لأعود إليك زوجة .
رفع بصره إليها، نظرته تائهة
-ولكن...
-العلاقة التي بيننا اليوم هي أقرب ما يمكن أن يكون بني وبينك،لا أريد أن أدخل معك في مهاترات القانون ،ومن أحق بالحضانة ،حتى هذا أحب أن يكون باتفاق وتراضي لأجل جاد .
-عامر ،جاد ابنك ،ولك حق الزيارة، وكل نهاية اسبوع يقضيها معنا هنا ،ولو رضيت ،وانتبهت لنفسك ،ورجعت عن غيك وتصرفاتك السابقة ،تزوج هنا معنا ،واملأ البيت علينا احفادا.
-عامر ،يجب أن تصدق أن لا المال ولا الأرض تفرقنا،انت وكريم حفيدي اليوسفي ،انت منا ولنا ،بعد جدي وابي انت كبيرنا .
-وهذا أقصى ما أريده منك بني ،أن تكون بعدي وبعد عمك كبير العائلة ،سندا لأمنية وكريم .
قام لا يكاد يستقيم ،تائه بين اعتقاد رسخته أمه بعقله ،وتصديق لكلام دخل قلبه قبل سمعه.
كان يوسف يأخذ حماما ،بينما كانت كاميليا وعائشة ترصان الأكل على الطاولة .
-جئت أدعوك للعشاء ،كانت تقلدها بسخرية، والعشاء معد تحت الطلب ،وحتى الأطباق انا من ارصها،دعوة ماذا هذه.
ابتسمت سعدية
-ليست دعوة للأكل بل لنرى بيتها الجديد ،ونتعرف عليها وعلى أخيها.
-أصبت خالتي،انا أصلا كنت سأكتفي بتقديم الشاي ،ولكنه يوسف من أصر على العشاء.
-لو كنت اعرف أن الأخت تجعل اخاها ممسحة اخطاءها لما بحثت عنك.
ضحكت سعدية ،بينما علقت عائشة
-لا ،استعد لما هو ألعن، سأخبر أخي، سينتقم لي أخي، سيضربك أخي ،وفي حالتك، شركة أخي، سيطردك اخي،لن اعمل اليوم فالرئيس أخي، وهكذا.
-إلا العمل ،أما أن تتقوى بي فأنا فخور بذلك.
جلس على الاريكة قرب سعدية
-مرحبا أمي، شرفت بيتي.
-الله يرضى عنك يا ولدي.
لمح كاميليا تأخذ عائشة نحو المطبخ لتجلبا باقي الأطباق.
-لو يمكن أن اكلمك على انفراد ،أمي.
-بكل سرور ،بعد الأكل سآمر الفتاتين بالجلي وترتيب المطبخ ليكون لنا الوقت الكافي للكلام .
وفعلت كما وعدته
-كاميليا ،اريد فنجان شاي من يدك ابنتي.
كاميليا فهمت ،وجرت خلفها عائشة
-تعالي ساعديني ،نرتب المطبخ لأعرف أين أجد الشاي والسكر .
-الا تعرفين بعد؟
-كم لبثت هنا لاعرف،ثم أنني لن ابقى .
-ماذا ؟ وأين ستذهبين؟
-لأعيش مع ماما سعدية ،وهذا يصبح بيتك انت .
-ومن قال أنني سأوافق؟
-وافقي يا حبيبتي ،أسعدي قلبي بأحب الناس الى قلبي ،انت ويوسف.
ضمتها إليها بينما دمعت عيون عائشة.
في الصالون ،تكلم يوسف
-بدون لف ولا دوران ،انا اخطب منك عائشة .
أسرع في الكلام كأنه يلقي قنبلة .
ابتسمت سعدية .
-وبدون لف ولا دوران ،كنت أعرف ،وانا موافقة .
-صحيح؟
-صحيح ،كلمتني عائشة ،وبعدها كاميليا ،انا مقتنعة بك كزوج لابنتي يكون ابنا لي ،عليك أن تقنع عائشة .
-سؤال واحد ،هل بحياتها شخص ما؟
-لا ،وانا اعرف ابنتي ،ولو كان لعلمت كاميليا ولما شجعتك أن تتقدم لعائشة .سؤال بسؤال،هل تحبها ،أم انك رأيتها تصلح لتقارب في الأفكار والمهنة.
-اي تقارب ؟ إذا كانت لا تكلمني إلا متحفزة! أنا أحببتها منذ رأيتها، ولكنني أريدها أن تحبني ،لأنني يوسف ،يوسف فقط ،من غير اعتبار للشركة ولا أنني رئيسها في العمل ،ولا حتى لأنني اخ كاميليا.
-هذا الأمر بيدك ،كل ما علي أن اساعدك ،انا وكاميليا.
جاءت كامي تحمل الشاي
-أخيرا، نسيت أنني طلبته.
ثم نظرت نحو عائشة
-السيد يوسف طلبك مني ،قلت أن امرك بيدك.أما عني انا فأنا مرحبة به .
-وانا أيضا موافقة بصفتي اخت العروس.
-يبقى أن توافق العروس.
اجابته.
-بشرط.
-وانا موافق.
-وافقت قبل أن تعرفه ،ماذا لو طلبت نصف الشركة مهرا لي.
-إذا كان صاحب الشركة تحت أمرك ،هل يعز عليك نصفها .
-وانا لا أريد ،لا نصفها ،ولا عشرها، شرطي أن تطول مدة الخطوبة حتى أنهيها انا ،إما بالزواج إذا ارتحت لك ،او ..
وضعت كامي يدها على فم عائشة
-لا يا عيوش ،سترتاحين له ونفرح بك .
-على بركة الله ،متى نعلن الخطوبة ؟
-اختر انت اليوم الذي تأتي فيه مع اهلك .
نظر الى اخته.
-متى موعد حفل شركة فايز؟
-اليوم الأربعاء، مممم،بعد عشرة أيام ،نهاية الأسبوع المقبل.
-نعلن الخطوبة نهاية هذا الأسبوع، سأهاتف جدي ،وهو سيقرر من يحضر معه.
كانت كاميليا تقفز من الفرحة ،تعانقهم متنقلة من حضن الى آخر
-وأعلن، انا اخت العريس وانا اخت العروس.
ضرب رأسها.
-لم أعرف انك مجنونة .
وصلتها رسالة فتحت الهاتف لترى سارة باحضان ابراهيم
-هائل ،وقعت تحت يدي يا سارة الكل**ة
اجرت اتصالا
-سأرسل لك صورة ،والباقي عليك.
وما كادت تمر ساعة حتى رن هاتفها بوصول الخبر.
الصورة وتحتها سؤال:هل تتقرب سارة فايز للنجم ابراهيم عتيق من أجل الدور الشاغر في مسلسله القادم.
بالطبع كانت أول المعلقين بقذف سارة عبر حساباتها الوهمية .
وسرى الخبر كالنار في الهشيم ،ما مر عليه يوم كامل حتى أصبح حديث الساعة لكل معارفهم.
نظر الى شاشة هاتفه ،واحس بالألم بمعدته
-انا أحاول أن انظم حفلا لأذكر الناس أننا شركة محترمة ،وأعلنت عن بداية مشروع هو اصلا ابتدا العمل به منذ شهور ،وانت يا سارة تصرين أن تغرسينا في وحلك ووحل امك.
القى الهاتف،وأسند رأسه على ظهر الكرسي
احس بوحدته،حتى مجدي لم يره من ثلاثة أيام، لا يذهب إلى مطاعمه،وأغلق هاتفه.
مد يده الى درج المكتب يأخذ مسكنا للألم.ورأى أباه يدخل وقد ظهر الغضب بعينيه وشحب وجهه
-رأيت آخر أخبار الكلبة سارة؟
وضع كأس الماء قرب علبة المسكن
-رأيته،خبر مشرف،ما تكاد فضيحة تنسى حتى تظهر لنا فضيحة أخرى.
-كأن أحدا يتعمد ذلك ،هل يكون يوسف المنصوري؟
-ليس هو .
-كأنك تعرف من يكون؟
-لينا،صديقتنا المقربة لينا،بعد أن طردتها من حياتي ،وانكرت أنني نويت الزواج منها يوما ،أصبحت تضرب تحت الحزام.
-والعمل ،يجب أن نتصرف.
-لو كنت مراد امس ،لأحضرت هذا الإبراهيم واجبرته أن يكذب الخبر ويقول أن الصورة مركبة ،بل ويمدح أخلاق ابنتك
-وما الذي يمنعك؟
-أبي،يكفي أنني ابن حرام و..
حاول أن يقاطعه ولكنه أشار إليه أن يصمت واكمل
-وعشت عمري عاصيا لربي،بين زجاجات الخمر واحضان النساء ،انا بلغت الأربعين، وتبت الى الله ،لن أفعل ما يغضبه بعد اليوم،يكفي ما ضاع مني ،يكفي.
-سأتصرف انا ،سأرغمه أن يتزوجها،بالقوة ،او بالمال ،سأرغمه.
ابتسم ،يا لسخرية القدر ،هاهو ابي لأجل مصلحته،سيرغم شخصا على الزواج من ابنته.
-تعددت الطرق والفعل واحد.
انتابته نوبة ضحك ،جعلت أباه يغادر المكتب غاضبا.بينما ختم ضحكه الهستيري بنوبة بكاء.
بمنزل منزوي بعيدا عن قرية صغيرة ،يكاد يختفي بين الأشجار، خصوصا انه يجاور غابة كبيرة ،كان يجلس بشرفة الطابق الارضي،ينظر إلى امتداد الغابة أمامه ،منذ سمع انها مطلقة ،خرج يقصد صديقه مراد ،أخبره بما سمع ،وانها زادت قلبه طعنة حين قالت أن لها من طليقها ولد .
-هل تحبها يا مجدي؟
-نعم أحببتها، ولكنني لم أكن اعرف،بنيت لها صورة بخيالي،محامية ناجحة ،ملتزمة ،خلوقه، جميلة .لم أكن أتصور انها قد تكون مطلقة واما.
-الصورة التي رسمتها لها ،هل نقص منها شيء بعد أن عرفت؟
-لا ،زاد زاد طفل يمسك بيدها ،وظل رجل خلفها.
-انت لم تحبها ،احببت الصورة التي رسمت لها ،فتاة غير اللائي عرفتهن بمغامراتك، فتاة انت من يدُكّ حصونها،لم يسبقك لها رجل آخر.
-وهل أجرمت لأنني أريدها لي وحدي ؟
-لو فكرت قليلا،هي ستكون لك وحدك لأن طليقها ماض وانتهى .
-لا لم ينته، بينهما طفل ،طفل هل تسمع.
-هي تزوجت ،عاشرته في الحلال، وانت ،كم مرت من واحدة بفراشك، هل تظن أن معظمهن لم يتزوجن؟ الأكيد أن كل واحدة لها الآن زوج وبيت وربما أولاد ،عاشرت وانفصلت عدة مرات ،إنما لأنها في السر ،دون وثيقة ،فهي تعد بكرا رشيدا، والبطل الهمام هو أول فارس يغزو جسدها.
-أمي لن تقبل أبدا.
-لا تختبئ وراء أمك ،لا تخطئ خطأي وانا أعذب زوجتي واسكت ضميري بكلام أمي ،أعط نفسك مجالا بعيدا عن الكل،وفكر ،و تأكد هل تحبها وتريدها رفيقة دربك وحياتك ،إن نعم ،حارب من أجل سعادتك ،لا أمك ولا أبوك سيعيش عذابك في بعدها ،أما لو كنت تبحث عن واحدة تطابق الصورة التي في خيالك،ولا يهم من تكون ،فابحث بعيدا عن أمنية.
خرج يقصد منزله هذا ،وبعد أن طمأن والديه ،أغلق هاتفه،يريد أن يرتب أفكاره ،ويعرف حقيقة مشاعره.
مهما حاول يعود إليها ،كلام مراد يرن بأذنه
-هي طليقة رجل واحد ،عاشرته بعقد شرعي وفي الحلال.مايدريك أن غيرها ستكون مرت بفراش غيرك كما مرت بفراشك الكثيرات؟
كلم نفسه ساخرا
-يقين أجيال قبلنا كانت تلك النقط من الدم ليلة الزفاف ،أما اليوم فحتى دليل البراءة يمكن تزويره. ثم عن أي براءة اتحدث وكم واحدة اباحت لي جسدها ماعدا تلك المنطقة .
أمسك رأسه وهب واقفا
-يا إلاهي، مهما حاولت ترجح كفتها هي،بالعقل هي انظف من غيرها ،وبالقلب هي الاحب والأقرب.
سار يذرع الشرفة جيئة وذهابا
-ولكن أمي لن تقبل أبدا ،أبي مرن يمكن اقناعه، ولكن أمي أبدا،يارب ،يارب.
جاءه صوت مراد
-لا تختبئ وراء امك ،حارب ،حارب ،حارب.
أسرع يدخل الى الحمام ،توضأ وتوجه الى ربه مصليا يستعين به على ما به.
توجه فايز الى بيته ،دخل صارخا باسم ابنته
-سارة ،أين انت سارة .
جاءت أمها راكضة
-مابك ،ماذا تريد من سارة ؟
ازاحها من أمامه بعنف
-ابتعدي ،اشمئز من رؤيتك. سارة .
جاءت تفرك يديها ،وقد شحبت خوفا.
-تعرفين أين يسكن ابراهيم عتيق؟
-لا ،لا اعرف
-واين كنت تلتقين به ،بغرف الفنادق كالزانية.
قال ذلك ونظر إلى نادية متهكما.
-لا يا بابا.
جز على اسنانه
-لاتقولي بابا انت حقيرة رخيصة كأمك، اقري أين تقابلينه.
-والله هي مرة واحدة
-أين؟ تكلمي!
-في بيت صديقه.
جرها خلفه مسرعا وهي تحاول ألا تقع ،دفعها داخل السيارة .
-أين يقع بيت صديقه؟
ارشدته الى البيت.وقف جانبا ،لأنه رأى بالباب عينا سحرية،وامرها أن تدق الجرس.
فتح الصديق الباب مرحبا،فاجأه فايز وهو يدفعهما معا ويدخل ثم يغلق الباب.
-أين صديقك ابراهيم ؟
رأى الجواب قادما نحوه ،ابراهيم بيده كأس ويسأل
-من يا حمزة .
اخرج فايز من تحت سترته مسدسا وجهه نحوه.
-انا يا صهري العزيز.
شل لسان ابراهيم وحمزة .
-تلعب ببنات الناس، تفضح ابنتي ليقول الناس انها مع نكرة مثلك، اليوم ستموت كأي كلب لن يبكيه احد .
حاول حمزة أن يتحرك نحو الباب.
-لو تحركت جعلتك أقل من امرأة .قف جوار صاحبك. هيااا.
كانت تقف خلف أبيها باكية ،بينما ألجم الخوف الجبانين
-من سلطك على سارة ؟
الكلمات ترفض ان تخرج من حلقه الجاف.
-اجب قبل أن تندم على يوم ميلادك.
-هو ،هو ،الحقيقة ،س،سلطته لينا.
-لينا ،لينا التي لفظناها ورفض ابني أن تكون على اسمه تنتقم في اخته.مارأيك انك ستموت اليوم انت وصديقك ،ولن يخبر عنكما سوى تعفن جيفتيكما
-لا ،ارجوك ،لا ،ماذنبي انا؟
-وفرت البيت وأخذت الصور ، ومن يلعب مع فايز يقبل بشروط اللعبة .
أخيرا نطق الجبان
-انا مستعد أن أكذب الخبر ،وأقول أن لينا ركبت الصور .
-لا يا صغير ،ستكذبه بطريقة ثانية ،تتزوج سارة ، وتتابع من اتهمها في شرفها.
وضعت سارة يدها على فمها
-لا يا بابا ،ارجوك لا.
ماتزال تراه أقل منها ،وتستحق الأحسن منه.
صفعة من أبيها اطاحت بها قرب الآخرين.
-مادمت لا تريدينه، لماذا ضاجعته ،أم الحرام هين في عينيك.
اخرج هاتفه ،وطلب محاميه.
-تعال الى *****واحضر معك عدل ليكتب عقد زواج ابنتي.
-....
-أعلم ،يكتب العقد وتمم انت الإجراءات بمعرفتك.انا انتظر.
جلس على كرسي مقابل للأريكة حيث تهاوى الثلاثة الآخرون،اغمض عينيه لحظة من التعب ،فحاول ابراهيم الوقوف ،رصاصة استقرت بين قدميه جعلته يجفل
-لعلمك ،انا حاصل على جوائز في الرماية ،وحتى لا تقول أنني ظلمتك سأعطيك الحرية بين ثلاثة اختيارات:تتزوج سارة ،وتكذب الخبر ولا تطلقها قبل سنة ،او رصاصة بين فخديك تجعلك شبيها بها او أقل،او رصاصة بين عينيك تريحك من عناء الدنيا .الاختياران الاخيران يشملان صاحبك العزيز .
حاول أن يلم شتات رجولته
-ستدخل السجن للأبد،القانون فوق الجميع.
-كلبان يغتصبان ابنتي ،وهي استنجدت بي ،وقليل من المال مع أساتذة في المحاماة ،وأصبح أشهر رجل دافع عن شرف ابنته.
هتف الصديق
-لا،لا،سيتزوجها ،سيفعل.
ثم همس له :لا تنس أن حمضك لابد مايزال بها بعد ليلة أمس.
ابتلع ابراهيم ريقه بصعوبة ،وهز رأسه موافقا.
وصل المحامي ،مع العدل وكتب العقد الذي شهد عليه المحامي والصديق ،مع مؤخر كبير .
بعد أن خرج العدل كتب المحامي عقدا بشروط فايز ،وأهمها ألا يطلقها قبل سنة .
قبل ابراهيم الشروط المكتوبة ،كما اذعن لتحذير فايز أنه لو أهان سارة او اساء لها فلن يرضى بأقل من موته.
في صباح الغد ،خرج ابراهيم في مشهد مصور ،يحيط خصرها سارة بيده ،ويعلن انها زوجته ،وأنه سيتابع من تجرأ أن يمس شرفها.
خبر جعل لينا تصرخ غيظا ،وتقذف الهاتف نحو الجدار بقوة حتى أصبح شظايا
-ااااااه، أصبحت شريفة متزوجة ،لن استبعد أن تعرض عليها أدوار وقد أصبحت زوجة النجم الشهير .
امسكت شعرها تجذبه وتضرب الأرض برجليها،تكاد تشتعل غيظا.
كان بمكتبه حين دخلت الكاتبة
-ماذا هناك مدام سميرة ؟
-سمعت خبرا ،لا أدري كيف أخبرك به.
-هات ماعندك ،مطرقة من بين المطارق على رأسي .
-مدام المنصوري.
هتف سائلا بقلق
-مابها ؟
-ليست كما كنا نظن ،هي ليست زوجة السيد يوسف المنصوري.
-مدام سميرة ،ارجوك ،يكفي ما سمعنا من أكاذيب عنها
-الأمر ليس كما فكرت ،المهندسة اخت السيد يوسف.
وقف من هول المفاجأة ،بلمح البصر أصبح أمامها
-اعيدي ما قلت
-المهندسة اخت السيد يوسف
شد على كتفيها ،كاد يضمها لولا أنه تماسك .
-انت متأكدة ؟اخوها ،اخوها!
السيدة سميرة ،سكرتيرة أبيه، سيدة بلغت الخمسين ،تعرف معظم حكايته مع كاميليا ،أشفقت عليه ،وضعت كفها على كتفه ،وهزت رأسها مؤكدة.
-أخوها،و مصدري لا يكذب .
-والطفل ،ما حكاية الطفل؟
-لا أدري ،ولم اسمع عن أي طفل ،اسمعني يا سيد مراد ،انت لي كأخ صغير ،المهم الآن انها ليست متزوجة ،أليس كذلك؟
-بلى ،بلى ،أشكرك مدام سميرة ،أشكرك.
اخذ مفاتيحه وهرع نحو الباب يسابق الريح الى صديقه مجدي.وجده على حاله بالشرفة يمد رجليه على منضدة أمامه وبيده فنجان قهوة.
-مجدي ياصديقي اشتقت لك.
-مراد فايز ،اهلا بك يا صاحبي
-هل عندك شيء غير القهوة ،تعرف انها تضر بمعدتي
-سأعد لك شايا خفيفا بزهرة البرتقال.
-وانا جئتك بخبر لا ثمن له.
-ولا حتى بالدولار .
-ولا بالذهب.
خرج له بكوب الشاي
-اتحفني
-كاميليا.
-مابها كاميليا.
-ليست زوجة يوسف
-لا ،لايمكن أن أصدق.
ضرب رأسه
-لاتصدق أفكارك المنحرفة مثلك،يوسف اخو كاميليا.
-متأكد ؟
-بكل تأكيد،غضبي كان يعميني بغباء ،ما سألت يوما عن اسم عائلتها ،ولا قرأت لا عقد الزواج ولا ورقة الطلاق،حتى بعد أن عرفت أن خالد الداودي زوج خالتها لم اكلف نفسي السؤال عن اسم عائلتها.
-لأننا كنا نظنها متزوجة ،ولها طفل من زوجها.
-الطفل،تساءلت وانا في طريقي إليك عمن يكون ،لابد انه هو طفل أمنية.
-ولكنه ينادي كاميليا ماما.
-ربما تعيشان معا وكبر بينهما ،حتى أنني لا اعرف أين تسكن. برمجت عقلي على انها زوجة يوسف وتعيش معه .
رآه يخفي ألمه.
-مابك مراد؟
-أولا خذ شايك ،هات ماء لآخذ مسكنا .
-لم لا تذهب إلى وسام ؟ الألم لا يفارقك وأنت تتجرع المسكنات كالسكاكر.
-هات الماء قلت .
نبرة صوته جعلت مجدي يسرع ليحضر كأس ماء.بعد أن أخذ المسكن
-وسام يصر على فحص بالمنظار ،وانا أرفض، قد اتوتر فيتسبب لي في شيء آخر.
-اطلب أن تكون تحت التخدير.
-سنرى ،سنرى ،اخبرني عنك ،ماذا قررت ،انتظر انا سأقول :مادمت ماتزال هنا فأنت لم تستقر على رأي.
-تأكدت أنني أحبها دونا عن النساء ،وانها الأنسب لي أيضا دونا عن النساء ،وأن سعادتي معها هي دونا عن النساء ،ولكن أمي سترفضها هي دونا عن النساء.
-كيف ستتصرف إذن.
-سأبدأ بأمي،هي تبتزني بحبي لها ،وخوفي عليها ،جوابها المنتظر :لو تزوجت بها أنس أنني أمك.
-وماذا ستفعل ؟
-سأبتزها بحبها لي ،وانا لن اتزوج غيرها ،إما هي وإما أعيش كما انا ،اغضب بضعة أيام ،سأقضيها عندك ،وهي تخشى أن أعود إلى سيرتي الأولى بعد أن رأتني أصلي ،و من العمل إلى البيت ،ثم اسلط عليها خالي ،هي تحترم رأيه،سيحدثها بالدين والسنة ،وأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج الأرملة والمطلقة، وانا أقل منه شأنا،اطمئن، ستاخذ وقتا ولكنها ستقبل .
-حُل الأشكال إذن.
-لا ،هذا الوقت الذي ساستغرقه في إقناع أمي، ستظن أمنية أنني غيرت رأيي بها بعد أن عرفت انها مطلقة .
-مادمت متأكدا أن امك ستقبل في الأخير، حارب على الجبهتين، ربما تنتصر بهما في نفس الوقت ،ونفرح بك بعد اسبوعين او ثلاثة .
-سأفعل،مد يده يفتح هاتفه ،وانت ماذا ستفعل مع كاميليا.
-بعد أيام سأراها بحفل الشركة ،وسأكلمها.
-كلم يوسف ،سيفهمك ،رجل مثلك ،اشرح له موقفك .
هتف وهو ينظر إلى شاشة هاتفه
-ماهذا سارة تزوجت!!
-تخيل!ولو عرفت كيف لعجبت لسخرية القدر .
بعد أن حكى له ما حدث
-الفرق هو أن كاميليا كانت بريئة، بينما أبي فعل مافعل ليداري عن فضيحة سارة .
مايزال مجدي تحت اثر الدهشة
-بمسدس ،عمي فايز يحمل مسدسا!!!
-ايام شبابه كانت الخدمة العسكرية إجبارية لبكر الأسرة، وقد كان أكبر إخوته،وبعد عام ونصف في الخدمة ،أصبح مولعا بالاسلحة ،تدرب بناد الرماية والقنص،ويحمل مسدسا مرخصا ،رغم أنه لم يستعمله يوما ،و يقدمه لبحث إلزامي كل سنة .
-وسارة ،أين هي الآن ؟
-ببيت زوجها .
-ليتني أستطيع أن أرى لينا من حيث لا تراني،لا بد انها تنفث نارا كالتنين.
-عجبا ،كلنا متأكدون انها وراء كل هذا.
-طبعا،الصورة مع الخبر الأول بالتأكيد من تدبيرها،وهاهي سارة تزوجت وهي تعض الأنامل من الغيظ.
-هيا بنا ،لابد ان امك اشتاقت لك ،استغل هذا لتخبرها بأمر أمنية، وانا سأذهب إلى وسام ليكتب مسكنا أقوى من هذا .