أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل الثالث والثلاثون والرابع والثلاثون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم

 الجزء الثاني2 الفصل الثالث والثلاثون والرابع والثلاثون

 بقلم ريناد يوسف

ابو دراع حس ان الدنيا عتلف بيه وانفاسه عتديق، وخلاص روحه عتروح منه، وحط يده على قلبه بوجع، وكل اللي يشوف حالته يقرب منه ويسأله ماله، وهو مش قادر يرد على حد، وبعد كام دقيقه سكوت قام وقف علي حيله مره وحده وبعلوا حسه ابتدا ينادم عليها بإسمها:

ربيييعااااا.. يااااااربيعااااا وين رحتتتي.. ربيعععععااااا.

كانت يعيط ويلف كيف المجذوب يدورها في الوشوش، وحتى الحريم الرايحه وجايه كل اللي يشوفها من قفاها لابسه ملس ويشتبه فيها انها ربيعه يروح عليها ويلفها عليه بعنف، وفضل إكده لحد ماتعب وحسه قرب يروح من كتر العييط عليها، وبرغم إن التعب بلغ بيه مبلغه، الا انه ماستسلمش، وفضل برضك يلف وينادي، ولغاية اخر لحظه عنده أمل انها ترد عليه.. ولكن بعد مايقارب من ساعه من اللف والمنادايه والزعيق وسؤال الناس عليها، ابتدا اليأس يتسلل لقلبه فى أنه يلاقيها تاني، ولكن عقله رافض مجرد الفكره نهائياً، وكل اللي عيتردد فذهنه كيف اطلع من البيت بيها واعاود بلاها؟ كيف اضيعها فدنيا متعرفش فيها اي حاجه، كيف تروح من بين اديا كيف ماالميه عتتسرسب من بين الصوابع..


 واثناء تفكيره ديه شهق كيف مايكون واحد مغمى عليه وحد كب عليه جردل ميه متلج، وبعدها خد نفس عميق بإرتياح معرفلهوش مثيل فى عمره كله، وهو عيحس بحاجه اتخبطت في ضهره جامد، وبعدها ادين اتسللوا من تحت دراعاته عشان يطوقوه ويحضنوا وسطه!


فغمض عيونه وهو حاسس بنبضات قلبها اللي سمعت فى قلبه، وبس انتبه لحاله فك اديها بسرعه من حواليه، ولف عليها وبحركه سريعه مسك ودنها وشدها لتحت خلاها اتألمت جامد، وهي عتحاول تشيل ايده من ودنها، ومش عارفه ترد عليه لما سألها من بين سنانه بغضب:


غورتى وين من جارى ياكلبة البرك انتي، كيف ترمحى فدنية ربنا اللي معارفاشي فيها حاجه وتبعدى عنى من غير ماتقولي، خلصى انطقي وقولي كنتي فين؟ 

ردت عليه ربيعه بحس ماليه الالم من وجع ودنها اللي بين صوابعه و عيفرك فيها بغل:

آيي طب همل ودني واني اقولك.. طب استنى طيب..وكملت بسرعه عشان تخلص من الالم بعد مااتوكدت ان ابو دراع مهيسيبش ودنها غير بعد مايسمع جوابها علي سؤاله:

اااي.. رحت مع وحده شافتني عتفرج علي القماشات المطوه، وقالتلي انها حداها احسن منهم في البيت، وقالتلي اتمشى معاها خطوتين بس وبيتها قريب مش بعيد عشان انقى كل اللي يعجبني ونعاودوا قوام. 


ابو دراع وهو عيشد علي ودنها اكتر:

هااا وبعدين كملى؟ 

فواصلت ربيعه كلامها:

وخدتني وقالت يامشى، وكل مااسألها قربناش نوصلوا تقولي لسه، واني قلبي اتوغوش لما حسيت اننا بعدنا قوى وانها ضحكت عليا لما قالتلي ان بيتها قريب، وبعدها وصلنا للبيت وفتحته وقالتلي ادخلي، بس اني بصراحة ربنا خفت، وحسيت بحاجه فقلبي عتقولى متدخليش فيه حاجه عفشه مستنياكي جوه.. ولما مرضتش ادخل معاها قالتلي طب استنى هدخل اجيبلك القماشات، ودخلت البيت وغابت شويه كتار واني مستنياها وهي معتطلعش، وفى الاخر شفت واحد فى البيت شكله يخوف وهي قربتله وحكت معاه كلمتين وهما التنين بصولي ببصه قشعرت جسمي، فأنارجعت لورا خطوتين تلاته بخوف، وهي لما شافت خوفى جات عليا ووراها الراجل ديه وشكلهم ناووين عالشر.. جريت منهم بكل حيلي وهربت، وعرفت ارجع على إهنه تاني عشان كنت عحفظ الشوارع اللي مشتني فيها. 


وحده وحده خف ابو دراع مسكته لودنها، لغاية ماسابها خالص، وهي رفعت دماغها وفضلت تفرك فودنها بألم.. 


اما ابو دراع فبصلها بشفقه على حالها، لأنها مش عارفه تميز بين الصح والغلط، بين المفروض والمحظور في التعامل مع الناس، والعالم اللي بره الاسوار اللي عاشت طول عمرها وراها، عامله كيف العيله الصغيره اللي معارفاشى اللي يضرها من اللي ينفعها.. فشدها وقعدها عالارض وقعد جارها وقالها بحنيه ونبرة نصح:


بصي ياربيعه.. الناس اللي حواليكي داي ملامحها تبان عاديه وفيهم اللي تحسى طيبة الدنيا فوشه وكلامه، 

لكن اوعاكى تمشى ورا شوف عينك في الناس، البشر بالذات معيتعرفش معادنهم ونواياهم واصلهم غير بالعشره والافعال.. 


وطول مالنفر لا عاشرتيه ولا شفتي افعاله اياكي تصدقيه وتمشى وراه عالعمياني، دايماً حطي فبالك إنه ممكن يكون واحد مش زين ورايد بيكى الاذى.. فانتي تجتنبى اذاه، واللي تقدري تستغنى عنه منهم حتى وانتى محتاجاه، ولقيتي بديل ليه وبطريقه اسهل ومفيهاش خطر خدى البديل قوام.. 


يعني مثلا المره اللي خدتك تشوفي حداها فبيتها الخلجات، اتطلعى حواليكي وشوفي السوق مليان كيف بالقماشات اللي قلبك يحبها، بلاها من المدسوس واللي منعرفوهش وناخدو من المضمون. 


هزت ربيعه دماغها بتفهم وسكتت هبابه وبعدها رفعت عيونها عليه وبتلقائيه قالتله:

خفت وانى عجري واهروب من المره اني أعاود إهنه ملقاكش، خفت متلقانيش وترجع من غيري عالبلد واني اتوه ومعرفش اعاود تاني.

رد عليها ابو دراع بعد ماخد نفس جامد ونفخه مره وحده كيف مايكون عيطرد معاه كل الخوف الباقى جواه من فقدانها:


مكنتش هعاود البيت تاني لو مكنتش لقيتك، كنت ههيم في الشوارع ادور عليكي وياالاقيكي واعاود بيكي يأما اتوه في دنية ربنا زي ماانتي تايهه. 

ابتسمت ربيعه وبدون وعي ميلت على كتفه وحضنت دراعه، وهو بس عيملت إكده نشكها وبحزم قالها:

ربيعه اوعاكي مره تانيه تقربى مني إكده، عميلتيها مرتين ، مره لما حضنتيني وادي المره التانيه، البت لا تقرب من راجل ولا تخلي راجل يقرب منها ولا يلمسها غير لو من محارمها او جوزها، 

وطبعا انتي عارفه المحارم الاب والاخ والعم والخال والجد.. غير إكده له.. واني ولا واحد من دول يوبقى قربك منى ذنب ولمستك ليا معصيه ليكي وليا، واني عشت العمر كله من غير معاصي او ذنوب من النوع ديه فمتاجيش انتي على آخر الذمن وتركبيهاني.


سكتت ربيعه وهزتله دماغها بطاعه، وبعدها قام وهي قامت زيه، وراحوا جابو الحاجه بتاعتهم من مكان ماسابها ابو دراع وكملوا لف، وطول الوكت أبو دراع عينه على ربيعه حارساها ومقاوطاها وخايف حتي يرمش احسن يفتح ميلقهاش مره تانيه. 


وأخر ماخلصوا شر كلل حاجه هما عايزينها، وقف ابو دراع فى نص السوق يبص عالحاجه اللي بقت جرن كبير مكوم فوق بعضه، واتلفت حواليه بحيره وقرر إنه يجيب جرار بمقطوره يروح بيه الحاجه الكتيره داى، مع انه كان نفسه يفسح ربيعه اكتر ويجيبلها جلاطه يدوقهولها، عشان ياما اتمنى قبل سابق يجيبه و يدوقوهولها، لكن للاسف عبال مايوصل البلد هيكون ساح ومفضلش منه شي.. لكنه همس لروحه إن الايام جايه وهيجيبها كل يوم والتاني ويدوقها ويشتريلها كل اللي تشتهيه نفسها وهيوريها اللي عمرها ماشافته. 


اما ربيعه فمن كتر ماشافت غرايب وعجايب اليوم ديه وشافت الدنيا الواسعه والناس بمختلف اشكالها، وشافت اللي عمر عينها مانضرته، كانت حاسه انها مش عايزه ولا حاجه من الدنيا ولا اكل ولاشرب ولا حاسه باي جوع او عطش من بعد ماعينها اكلت وشربت وروحها ارتوت. 


لكن ابو دراع أبى الا انه يشبع جوعها من الوكل كمان، فأشترالها سميط وجبنه ودقه، وقعدها علي جنب وقعد معاها ياكلوا سوا،

 وكانت احلى أكله كلتها ربيعه فعمرها كله، حست فيها حلاوة الدنيا كلها، برغم انها أبسط شي، لكن الوكل عيحلا تبع حالة البنى آدم النفسيه. وربيعه كانت نفسيتها فى السما. 


خلصوا وكل، وربيعه طول الوكت كانت خجلانه وتاكل وهي مداريه وشها بطرحتها ظعشان الناس اللي مش متعوده على وجودها وسطهم، ولا متعوده تاكل قدام حد واصل،

 لكن تشجيع ابو دراع ليها خلاها كملت وكل لغاية ماشبعت، وشالت حته من السميط لأمها اللي كانت تحكيلها عليه وتوصفلها فحلاه، 

وابو دراع لما شافها علفلف فى السميطه وتربطها فطرحتها اتبسم وعرف انها واخداها لامها.. فنادى علي بتاع السميط واشترالها منيه ٣ كمان عشان لو حبت تاكل مع امها منه في البيت تاني..


 وسأل ابو دراع على جرار بمقطوره ملقيش، لكنه لقي عربيه نص نقل بتاعة اخو واحد من البياعين اللي سألهم، وحرسله فرشته وشيعه جابهاله، وحمل عليها الحاجه كلها وركب هو وربيعه ووصف للسواق الطريق اللي عيودي لبلدهم من ع الزراعي، ورجع بربيعه اللي كانت حاسه طول ماهي ماشيه نفس إنها فحلم وخايفه تصحى منيه متلاقيش منه شى. 

❈-❈-❈


وأخيراً وصلوا البيت، وابو دراع ساعد ربيعه تنزل، وهي بمجرد مانزلت من العربيه جريت عالبيت بفرحه عشان تحكي لامها كل اللي شافته النهارده واللي جرا معاها، وبمجرد مادخلت من البوابه لقت امها مستنياها على المصطبه قدام بيت ابو دراع،

 وأول ماشافتها قامت على حيلها وفتحتلها اديها، والتانيه دخلت في حضنها بلهفه وشوق والتنين ضموا بعض بلهفه وشوق كيف مايكون بقالهم سنين غايبين عن بعض، وديه راجع لأنهم اول مره يفترقوا عن بعض من ساعة مااتولدت ربيعه، وطول العمر كانوا مع بعض وحوالين بعض فنفس المكان. 


وبعد دقايق من الحضن بعدت ربيعه عن حضن امها وبصتلها وهي مبتسمه، وشام ضحكت وهي واعيه فعيون ربيعه كلام كتير قوي، كلام على كد الفرحه اللي واعياها عتشع من عيونها وباينه على تقاسيم وشها المنوره وعلى حركة عنيها السريعه. 

وبالفعل أول شي قالتهولها ربيعه وكانت متقصده انها تستهل بيه كلامها وعارفاه عيعني لأمها ايه:

شفت حبيبك يمه.. شفت ابو قلب حديد وبلغني السلام ليكي وبلغته سلامك وطمنته عليكي.. صرخ يمه من فرحته اول ماشافني كيف مايكون عرفني بتك ومن ريحتك. 

اتبسمت شام وحطت يدها على قلبها اللي دق لذكرياتها مع ابو قلب حديد، وذكرياته وصفارته والسطح وانتظارها ليه، وغمضت عيونها وهي عتروح بخيالها هناك وتقف في نفس المكان وتحس إنها رجعت عاشت الموقف من  تاني، وربيعه كل ديه ومستمره توصف فيه وفشكله وركابه وحركته، وشام واعيه كل اللي عتقوله ربيعه قدام عنيها بالملى. 


اما ابو دراع فأبتدى ينزل في الحاجه من فوق العربيه عشان يدخلها البيت، 

وبمجرد ماوصل عند ربيعه وشام اتنحنح وهو واعى شام رايحه فدنيا غير الدنيا بخيالها ومغمضه، وربيعه عماله تحكي وتتنطط قدامها، وبمجرد ماسمعو حسه التنين انتبهوا، ربيعه بطلت كلام وشام فتحت وبصتله، وهو قالهم بأمر:


خشوا فضولي طريق عشان ادخل الحاجه داى فأوضتكم. 

بصتله شام وبعد تفكير لثواني ردت عليه وقالتله:

له يابو دراع الحاجه داي خليها حداك فبيتك متوديهاش البيت حدانا، انت خابر إن عزت وصفوت معيطلعوش حريمهم ولا عيجيبولهم حاجه من البندر، وكل خلجاتهم من البلانه، والحاجات اللي علي كتفك داي تزغلل العين وتهفف النفس واني معاوزاشي وحده فيهم تبص وتتحسر علي حالها، 

وبعدين الحاجه عتتنفس والناس عتستكترها، خلي الحاجه حداك وخلينا مداريين علي شمعتنا من العيون. 


وحتى انتي ياربيعه اياكي تحكي قدامهم عن البندر ولا اي حاجه شفتيها فيه ولا تعملي كيف ما مرت ابوكي عتعمل وتقعدي تكايدي فيهم بطلعتك، دول غلابه ويدهم قصيره حرام. 


هزتلها ربيعه دماغها بفهم وطاعه، وابو دراع اتبسم ورد عليها وقالها:

والله ياام ربيعه إنك بت أصل وعينك ونفسك شبعانين، عشان مايتفاخر بالشي غير الجعان المحروم، او اللي بلا اصل وبلا اخلاق، واني اشهدلك بالاصل والاخلاق والشبع.. روحي ربنا يراضيكي ويرضى عنك. 

خلص كلامه وراح باللي علي كتفه علي بيته، ودخل الحاجه وحطها عالسرير، وربيعه خدت شام تفرجها عالحاجات، وابو دراع مستمر يحول ويجيب، وشام تتفرج بخشم مفتوح من جمال الهدوم والحاجه والفرش والبطاطين، وفرحانه كيف مايكون جهاز بتها اللي رايحه تتجوز بحق وحقيق،

 وخصوصي وهي واعيه ربيعه هتفر من فرحتها بالحاجه، واثناء الكلام والفرجه فتحت ربيعه طرف طرحتها المصرور وطلعت منيه السميط والدقه، ومدتهم لامها اللي ضحكت اول ماشافتهم ومدت يدها عليهم وخدت منهم وابتدت تاكل قوام، وهي عتفتكر لما كانت امها دهب تشتريلهم منيه لما كانت تاخدهم هي وبشاير وبسيمه للبندر، ويمشوا ياكلوا فيه في الطريق، وطعمه مع المشي والفرجه والناس واجواء البندر عيوبقي شي خرافي ولا اي اكله في الدنيا تضاهييه. 


❈-❈-❈


خلص ابو دراع حويل الحاجه وهملهم بعد إكده ياخدوا راحتهم، وطلع وفاتهم يتفرجوا على اقل من مهلهم، وكان قاصد الصايغ؛ عشان يجيب الدهب لربيعه اللي قال عليه لشام، 

وزياده عليه الدهب اللي خد حقه من كرار ابوها ويفرحهم، لكنه بمجرد ماوصل على اخر الشارع شاف واحد من عمال المعمل بتاع حكيم جاي عليه وبلهفه عيقوله:


فينك ياعم من الصبح، داني جيت ورحت عليك فوق العشر مرات وكل مره ملقاكش، كلم الشيخ حكيم عايزك على جناح السرعه، ومن الصبح متكدر وينفخ ويفش تعالا شوف فيه ايه وعامل ايه معاه ياقزين مخليه طايقش روحه! 


سمع ابو دراع الكلام واتنسم خشمه بالضحكه؛ لانه اتوكد إن خبر خطوبته لربيعه اكيد وصل لحكيم، وتبع الراجل على المعمل من غير ولا كلمه، ومد الخطاوي كمان عشان يرحم فضول وغضب حكيم اللي تلاقيهم قربوا يقضوا عليه. 

وبمجرد ماوصل المعمل وطل من بابه، قام حكيم اللي كان قاعد على المكتب وراح عليه بخطوات سريعه، وبمجرد ماوصل قباله رفع ابو دراع اديه قدامه بإستسلام وضحك وهو عيقول لحكيم:

السلام على اهل السلام، دخلت بالسلام واعزل من السلاح ودخيل عالشيخ حكيم وطالب حمايته. 


وقف حكيم قدامه ورد السلام وبعدها قاله:

لولا سلامك غلب كلامك لقرقشت عضامك. 

خش ياابو دراع وقدم حجتك وتفسيرك قوام، ولو لقيت الحجه باطله والتفسير مدخلش مخي، هفصلك واحقك وادينك ومن غير ماحد يشتكيك عندي ولا يطلب مني رد مظلمه. 

 هعتبرها قضيتي اني، ومظلمتي الخاصه واني هكون المجني عليه والحاكم والجلاد كمان. 

زاد ابو دراع في الضحك اللي ميتناسبش واصل مع موقف حكيم وغضبه وجديته في الكلام، 

وقعد قباله وحكاله الموقف من اوله والاسباب اللي ادت للنتيجه داي، ومع كل كلمه من ابو دراع كانت ملامح حكيم تلين شويه بشويه، وبعد ماعقله فهم بالكامل، رجعت ابتسامته البشوشه تنور وشه من تاني، وعيونه لمعت بالاحترام لابو دراع، وبعد موقفه ديه وصلت غلاوته فقلبه لعلى الدرجات وزاد تقديره ليه، وبندم قاله:


سامحني ياصاحبي علي ظني فيك السوء ولو لساعات معدوده، صوح يابوي إن بعض الظن إثم. 

رد عليه ابو دراع:

ولا يهمك ياشيخ معذور في ظنك ومسامحك من قلبي والله. 

وابتدا يحكيله عيمل ايه في السوق واشترى ايه وايه لربيعه بالمجمل مش بالتفصيل، 

وخده وراحوا عالصايغ بتاع البلد اشتروا الدهب لربيعه، وابو دراع استعان بحكيم فى اختيار الدهب؛ عشان ذوقه حلو فكل شي ومتمدن عنه ومتعلم، واكيد ذوقه هيعجب ربيعه وشام، وفعلا حكيم اختار من بين الدهب احلى وارقى حاجه، وذوقه عجب ابو دراع قوي، ووزنوا الدهب والفلوس اللي مع ابو دراع بتاعة ربيعه نقصت حاجه بسيطه كملهم ابو دراع من حداه، 

وقال مش خساره فربيعه وشام، وعاود بالدهب للبيت، ولما وصل كانوا ربيعه وشام رتبوا الحاجه ونزلوها من ع السرير وعاودوا للبيت الكبير.. 

فقرر ينامله هبابه قبل مايروح يوديلهم الدهبات، وخصوصى إن التعب نال منيه بعد اليوم المتعب ديه والهبطه اللي خدها علي ربيعه واللي خلت حيله باد وجسمه كل مايتفكر لحظة مااتلفت حواليه ملقيهاش يسيب بالعافيه يتلم عليه. 


❈-❈-❈


أما حدا بسيمه 

بسيمه قاعده عتشغل فى طواقى صوف لعيالها؛ عشان تحضرهم للشتويه الجايه، وكل هبابه ترفع عيونها تبص لهمام اللي شايل بته وعمال يلاعب فيها ويكلمها وهي تضحكله وتحضن فيه بمحبه، وهو يضمها عليه بمحبه اكبر.. 

وتتبسم لحنيته مع بته اللي مشافتش زيها منيه عالصبيان، مع انه حنين عليهم برضك.. لكن مش كيف حنيته على عاليا واصل. 

همام مع عاليا بته بسيمه عتحسه عيتحول لواحد تاني خالص، وكأن مخازن حنيه جواه ومحبه عتتفتح ابوابها بس ليها، 

وساعات كتير عيفكرها بابوها عبد الصمد لما كان يقعد وياخدهم في حضنه ويدلع فيهم هى واخواتها، برغم إن البنته مليهاش الجلع على حسب قول الناس كلها، لكن عبد الصمد كان يعمل معاهم اللي كان يمليه عليه قلبه، وادى همام هو راخر، برغم اعتراض امه لواحظ المستمر علي دلعه لبته ومحبته الزايده ليها.. الا إن محبته ودلعه ليها عيزيدوا مينقصوش، وخوفه عليها كمان بعمرها ماشافته منه على حد من اولاده،

 لدرجة انه كل مايطلع من البيت ينبه على الكل ان عاليا ماتطلع بره البيت بروحها الا حد معاها، ولو فمره عاود ولقاها بره البيت لحالها عتلعب وكتها تقوم غاراته على اولاده وعلى امه وابوه، لكن بسيمه يعاتبها عتب خفيف، والكل بات خابر إن همام عياجى قدام بسيمه وعتتهد حصونه، ومعاها عيكون كيف نسمة الهوا مهما كانت حالته ومهما بلغ تعصيبه، لذلك اي حد كان يعمل حاجه ويخاف من حساب همام.. كان يتدارى فبسيمه منه ويطلب منها الشفاعه عنده، وطبعاً بسيمه متدخلش شفيعه لحد عند همام وتترد خايبة الرجا واصل.

 ومع كل ديه ولما تقعد لحالها وتجيب قبالها كل اللي عيعمله ليها وعشانها من بداية جوازهم ومحبته الغير مشروطه بالتبادل، وعطاءه المستمر ليها ولاولادها بدون مقابل، يتحرك قلبها هبابه من ناحيته وتحس إنها هتبتدى تحبه، لكن عند مرحله معينه ويقف قلبها ميرضاش يستمر فإحساسه، ويثبت على موقفه، وكأن تروسه مصديه ومقدراش تدور. 


والإحساس ديه كان تاعبها قوى؛ لانها لا بقت قادره تكره همام كره صريح كيف لاول ولا قادره تحبه، وواقفه فى النص وقلبها عيتمرجح بين النفور والقبول! 


أما اخوات همام البنات، فجيتهم للبيت قلت وبقت نادره، ووكت ماياجوا كل مره بسيمه تشوفهم بقوا اعقل وانضج وأفهم! 


ولما بعدوا عن امهم لواحظ بالقوه وبالغصب من أجوازهم ابتدوا ينسوا كل تعاليمها ويتعلموا الاصول من أول وجديد، وتتبدل طباعهم وإدراكهم للحياة، لدرجة إن أمهم لواحظ ذات نفسها مكانتش مصدقه الانقلاب اللي حصل فى شخصياتهم ومعاملتهم مع الناس، ومعاهم، وانعدام شكوى اجوازهم منهم، وفرحانه بيهم وبقت تتباهى بأنهم معمرين فبيوت اجوازهم، ومش مدركه انهم معمروش غير من ساعة مابعدوا عنها،


وديه كان اكبر إثبات إن اللي يبعد عن الداعم للأذى ينسى ألأذى من اساسه،وإن الام من غير ماتقصد ممكن تكون هي سبب خراب بيوت بناتها. 

❈-❈-❈


أما حد بيت عبد الصمد 

دهب طلعت من الموطبخ وهي شايله صنية الوكل وعليها العشا ورايحه بيه الأوضه لعبد الصمد اللي بقاله كام يوم تعبان وراقد فى فرشته، وتعب صدره هايج عليه، 

وبس قربت من السيد وشافها بص لبشاير وبعتب قالها:

مقمتيش جبتي العشا لابوكي موطرح امك التعبانه  ليه يابشاير؟ 

ردت عليه بشاير قوام:

قولتلها اقعدي واني هقوم احمى العشا وهي اللي مرضيتش والله. 

ردت عليه دهب كمان:

ايوه صوح ياسيد اني اللي قولتلها اقعدي انتي ودخلت احضر الوكل؛ عشان اني عايزه اعمل الحاجه لجوزي بيدي. 


اتبسم السيد وسكت، ودهب كملت ودخلت الوكل لعبد الصمد، وقعدت جاره عالسرير توكله بيدها، وهو مع كل لقمه يقولها كلمه حلوه ويتغزل فيها كيف مايكون عاشق جديد، وهي ترد عليه بخجل وتقوله تسلم وتعيش ويخليك ليا..ومن وكت للتاني الكحه تقطع كلمة الغزل، ويرجع يكملها من حيث وقف، والسيد وبشاير سامعينهم ومبتسمين على منبع الحب المستمر العطاء، اللي المفروض الناس كلها تتعلم منه.. وبعدها خد السيد بشاير مرته ودخلوا اوضتهم بعد ماعيالهم اتعشوا وناموا، وبدأت طقوسه اليوميه هو كمان في الغزل لبشاير، واللي بقت عادة حداه وحدا بشاير لا هو يقدر ينام قبل مايقولها كد ايه عيحبها وانها دنيته كلها، ولا هى تقدر تغفى من غير ماتسمع حلوا كلامه. 

❈-❈-❈


اما حدا ربيعه، فبمجرد ماعاودت ربيعه للبيت مع امها من بيت ابو دراع، جات عليها بدور جرى هي وورده، وقعدوا جارها؛ عشان تحكيلهم عاللي شافته ومنتظرين منها تشويق ومكايده كيف شوقيه، بس بأسلوب تاني، لكنهم اتصدموا لما ربيعه قالتلهم ان البندر عادي مفيهش اي حاجه حلوه، بالعكس زحمه وناس ملطعه فبعضها، وحكتلهم لما تاهت والهبطه اللي خدتها، وامها سمعت إكده وصرخت وهي عتضروب علي صدرها بخوف، وحتي بدور وورده خافوا واتغيرت فكرتهم عن البندر كلياً،


 بعد ماشوقيه كانت توصفهولهم على إنه الجنه واللي محروم منه كيف مايكون شيطان ومنبوذ من رحمة ربه، وإن اللي عيندلاش البندر مش عايش ولا يعرف حاجه عن  الدنيا ونعيمها! وحتي معرفتهمش انها جابت حاجه واصل، وقالتلهم انها قالت لابو دراع يوبقى يجيبلها على كيفه بعدين وعلى ذوقه. 


وبس اختلت بأمها فأوضتهم فى الليل ابتدت عاد الحكاوى اللي من صوح، والوصف الدقيق لكل اللي شافته، وابتدت تنقل البندر والسوق بكل تفاصيله لعقل امها، وفضلوا طول الليل إكده، وحان الوكت اخيراً واتقلب الوضع، وبدال ماكانت ربيعه اللي عتسأل وتستفسر، بقت هي اللي تحكى وتوصف وشام اللي تسمع.. 

لكن من وسط كل ديه قلب شام كان عيرقص رقص بين ضلوعها لفرحة بتها، ولأول مره تحس بكم الراحه داي والسعادة من ساعة مادخلت بيت المقاول، وطلع صوح الواحد بس يخلف يبتدى يشوف الدنيا بعيون عياله وفرحهم بس هو اللي يفرحه وراحتهم اللي تخلى قلبه يرتاح، وعينسى نفسه وينسى كيانه بالكامل. 


أما ممدوح، فقام تاني يوم الصبح وطلع الجنينه وهو خابر زين إن ديه معاد صحيان ربيعه وطلوعها من البيت للجنينه، فاستناها لغاية ماطلعت فى الميعاد، فجرى عليها ووقف قدامها وبقلة حيله ووعد صريح قالها:

ربيعه متزعليش من جوازك من ابو دراع واوعاكي تشيلي فنفسك وتقولي انك هتتجوزى واحد كد ابوكي، ابو دراع هيتجوزك عالورق وبس؛ 

عشان يحميكي من ابوكي ويحافظ عليكي من بطشه وظلمه مش اكتر، انما جوزك الحقيقى هو اني ياربيعه، اني واد عمك اللي هيكد ويشتغل ليل نهار ويعملك بيت لحالك بعيد عن سجن بيت المقاول، 


وبس تكلملي سن الجواز هيطلقك ابو دراع ويجوزنا لبعض بنفسه، هو وعدنى بإكده وانى وعدته اني هعمل اللى مايعمل عشان اخدك واهروب بيكي من وسط الظُلام دول ونقضوا باقى عمرنا سوا. 


بصتله ربيعه ولسه هترد عليه، لكن سبقها للكلام ابو دراع اللي اتكلم من ورا ممدوح وهو جازز على سنانه بغيظ:


ممدوح ياواد ورده، اسسسمعني زين عشان كلامي ديه هقوله بلساني نوبه وحده، وبعد إكده يدى هي اللي هتتكلم.. 


وقوف مع ربيعه ونص كلمه معاها تاني ممنوع.. وطول ماهى على ذمتي عينك تتطلع عليها تطليعه وحده، اخزقهالك واخليك كريم العين..ماهو مش عيل زيك اللي يركب لابو دراع قرون قدام الناس على اخر الزمن،، دلوكيت الخلق كلها متعرفش الاتفاق اللي بينا، وربيعه قدامهم مرتي واني جوزها، ومش ابو دراع اللي وحده على اسمه يقف راجل يحكي معاها ويتغزل فيها وهو على وش الدنيا وعيشم الهوا.. طول ماربيعه على ذمتي محرمه عليك حتى البصه عليها، توصل لسن الرشد وتتطلق منى من حقك تعمل مابدالك، بعد جوازك منها طبعاً، غير إكده اني قلت اللي حداي وإنت راجل خالف. 


خلص كلامه وشاور لربيعه تدخل البيت، وبص لممدوح بصة تحذير اخيره وبعدها مشى على الحوش بتاعه وهو متوكد إن كلامه فرمان وممدوح لا يمكن يخالفه من خوفه من العقاب؛ لانه اكيد خابر زين ان ابو دراع عيوبقى قاصد كل كلمه وكل حرف عيطلع من خشمه وعمره ماعيحكى حاجه عبث واصلل. 


دخل الحوش بتاعه وفطر غنماته وسقاهم وقفل عليهم، وطلع شاف شام فى الجنينه عتاخد حطب، فهز دماغه بقلة. حيله على مخها الناشف اللي حتى بعد ماجابلها البوابير مش قادره تنسى الكوانين وتبعد عن الدخانه؛ عشان صدرها اللي عتبيت طول الليل تكح وتنبر منيه يروق هبابه! 


وصل عندها وصبح عليها وهي لفت عليه وردت عليه الصباح، ولأول مره من ساعة ماجات بيت المقاول يشوفها فرحانه ومبتسمه وملامحها مرتاحه، ويشوف شكل سنانها، فأبتسم هو كمان على ابتسامتها وقالها:


ام ربيعه اني هندلى البندر النهارده اجيب غرض واجي، بس فيه ناس جاين يرشولي البيت جير ويسفلتولي ارضيته، وطالب منك تطبخيلهم الغدا انتي وربيعه، اني هشيعلكم الطبيخ مع عيل من عيال سلام وانتوا اطبخوا وخلصوا.. ولو جه معاد الغدا عيطى على عيل من العيال يوديهلهم، بس بأذن الله اني هاجي قبل حصة الغدا، وكمان لو فيها تعب تعمليلهم شاى لو طلبوا، هشيعلك كمان السكر والشاي. 

ردت عليه ربيعه قوام:

من عيونى ياابو دراع طلباتك أوامر. 

رد عليها بإمتنان:

تسلم عيونك ياأم ربيعه.. يلا انى ماشي، وصوح اوعاكى تطلعي انتي ولا ربيعه من البيت ونبهى على باقى حريم البيت واني هشيع لبيت عمى نعيم انبه عالحريم اللي هناك كمان فيش وحده تطلع منهم النهارده. 

هزتله شام دماغها بطاعه، واتحركت ناحية البيت، لكن وقفها حس ابو دراع اللي قالها:

استنى صوح، خدي دول كنت هنسى وهطلع بيهم.. لفت شام عليه وشافته حط يده فجيبه وطلع منها صره حرير من بتوع الدهب، ومدهالها وهو عيقولها:


ديه دهب ربيعه، لبسيهولها وقوليلها أبو دراع عيقولك مبروكين عليكي تتهنى بيهم انشالله. 


جات تمد شام يدها عشان تاخدهم، لكن ابو دراع لم يده بيهم تاني وهو واعي شوقيه واقفه على باب البيت ومسنوده عالحيطه مراقباهم وحاطه يدها فنصها ومراقبه الموقف كله، فغير الكلام قوام وقال لشام:

ولا اقولك.. عيطيلي ربيعه هلبسها دهبها بنفسى؛ عشان تحس انها اتشبكت من صوح.. وبس قال إكده دخلت شام وهملته واقف فى مواجهة شوقيه اللي عتبصله بسخط كيف ماتكون عايزه تهجم عليه وتاكله.. 

وهبابه وطلعت ربيعه من جوه ومعاها شام، ووراها ورده وبدور اللي بس سمعوا شام عتقولها ابو دراع عايز يلبسك الشبكه، هملوا اللي فيدهم وجريوا وراهم يتفرجوا، 

وبمجرد ماطلعت ربيعه فتح ابو دراع الصره وطلع منها اول شي الكردان اللي بمجرد ماطلعه كل الواقفين شهقوا من كبره ومن جماله، وخصوصى لما لافاه لربيعه ولبسته وسد صدرها كله.. وبعد الكردان طلع ٦ غوايش تعبان مفيش وحده فبيت المقاول لبست زيهم قبل سابق، وعطاهملها لبست فى كل يد ٣، وبعدهم لافالها الحلق اللى على شكل الجنيه الدهب وخلت امها لبستهولها، واخر شي عطاها ٤ خواتم لبست فى كل يد تنين.. وبعدها رفعت اديها تتفرج فيهم وتضحك بفرحه، وهي متصيغه والدهب عيلمع فالادين البيض الحلوين هياكل منهم حته، وأمها عماله تكبر وتسمى فسرها وتقرا قل اعوذ برب الفلق من عيون حريم عمامها ومرت أبوها.. اللي عيونهم هتطلع من محاجرها عالدهب، 


وقوام شدتها من قدامهم ودخلت بيها وهملتهم هما فاتحين خشومهم بصدمه وواقفين مطارحهم. 


وأبو دراع راح على بيته وعاود بشاى وسكر ولافاه لورده تعطيه لشام ونبه عليهم بنفسه فيش وحده فيهم تطلع من باب البيت النهارده.. وهملهم ومشى، وهما دخلوا عالبيت يجروا فرجليهم جر من اللي ابو دراع عيعمله ويجيبه لربيعه من امبارح. 

واللي زاد الطينه بله وهو راجع بعد الضهر وجايب معاه قلاب ومحمل فوقه اوضة نوم ملوكي مدهب مفيش واحد من بيت المقاول جاب اختها، وابتدا يدخل فيها هو والرجاله، وكل ديه مراقباه شوقيه من فوق البيت ومستكتراه على ربيعه، وأصلاً ابو دراع نفسه مستكتراه على ربيعه، وهمست لروحها بغل:

والله وعطاكى ياربيعه يابت شام الخدامه ياام ضب وهتتساوى بحريم الدرب! 

 بس وعيونك يابت شام  ماهخليكي تتهنى ولا تفرحي.. واني وانتي ياربيعه انتي وامك والزمن طويل، وحتي ابو دراع معاكم لازم يطوله من الحب جانب.

رواية نفق الجحيم الجزء الثانى الفصل الرابع والثلاثون

❈-❈-❈


دخل أبو دراع أوضة النوم وحطها قدام بيته بعد مافرش تحتها الحُصر عشان متتبهدلش من الارض، لغاية تاني يوم لحد ماتنشف صبة الأرض، وبعد مامشيت الناس شيع لربيعه وشام عشان يفرجهم عالأوضه، وبمجرد ماطلعت شام وشافت الأوضه، على الرغم من فرحتها بيها وخوفها من العين تصيب بتها بسبب اللي ابو دراع عمال يجيب ويكوم فيه، الا إنها حست بديقه بسبب فرحه واعياها فعيون أبو دراع، وخافت يكون مفكر روحه عريس من صوح وحب يعيش فرحة العرسان! 

وبس توبقى ربيعه حلاله وقدام عيونه ميقدرش يمسك روحه وغريزته تتغلب عليه، وتحركه كيف ما كل راجل عتحركه غريزته.

 لكنها نفضت الافكار داي من دماغها ومرضيتش تفترض فيه غير الخير لأنها مشافتش منيه الا كل خير، فمش هترمى ١٥ سنه عشره طيبه عالارض وتتجاهلهم عشان مجرد شك ملوش اساس. 


أما ربيعه فكانت عتتلمس الورود المحفوره على اوضة النوم وهي متاخده من جمالها وحلاوة منظرها، ولونها المدهب اللي يزغلل العين، وعامله كيف أوض الملوك. 

 ونفس رد فعلها واكتر كان رد فعل كل اللي شاف الغرفه، وشوقيه فضلت تبص من بعيد وحلفت لازمن تجيب غرفه احلا واجمل منها، ومتخليش حد فبيت المقاول يعلى عليها ابدا، وخصوصا بت شام. 


❈-❈-❈


نصب ابو دراع اوضة النوم والمنجد جابله المرتبه القطن والمخدات، وقال لشام وربيعه يرصوا حاجة ربيعه فيها، وفعلا دخلت شام وربيعه رصوا الحاجه فى الدولاب ونضفوا البيت تنضيفه تمام، وطلعوا التنين عشان يروحوا، لكن أبو دراع نده عليهم وراحوله في الجنينه في الموطرح اللي قاعد فيه، 

وشاورلهم يقعدوا، وقعدوا جاره وصبلهم شاى من اللي عامله عالدمسه، وسألهم لو نفسهم فى حاجه تانى أو ربيعه ناقصهأ اى حاجه، والتنين قالوله لا مفيش حاجه ناقصه.. وهمست شام لنفسها.. ينقص ايه بعد كل اللي جبتهولها ديه، داي هتلبس اللي محدش لبسه، وهتنام على خشب وعفش محدش نام عليه، والاحلا من ديه كلها إنك هتطلعها من سجنها!


وبعد ماسمع ردهم قرر إنه يجيبلها من نفسه اى حاجه وكل حاجه يشوفها وتعجبه. 


وبعدها قاموا شام وربيعه دخلوا البيت، ويادوب هما دخلوا وشوقيه مرت كرار لبست الملس بتاعها وطلعت قوام هى وعيالها قاصده بيت ابوها. 


أما شام وبتها فقعدوا فى الموطبخ وكل وحده تبص عالتانيه كل هبابه ويبتسموا بسعادة.. وأول ماخلصوا اللي وراهم شام خدت ربيعه عالأوضه بتاعتهم.. 

وبعد ماصلوا العصر قعدت شام ربيعه قدامها وفضلت تفهم فيها ايه اللي هتعمله مع ابو دراع بعد ماتتجوزه:


شام:

اسمعيني زين ياربيعه، أبو دراع راجل عازب وعمره ماشاف صنف الحريم من قريب، ولا عاش مع حرمه تحت سقف واحد من يوم ماامه ماتت، يعنى أي شي هتعمليه هيتابعه بكل جوارحه وديه هيخليه يتعلق بيكي، فيابنيتي اني عايزاكى تحطى بينك وبين قلبه سور عالى، واوعاكى يتهد. 

خلجاتك اوعاكى ترميهم فكل موطرح ولا تخليهم وراكي في الحمام بعد ماتتسبحي، فرشته اوعاكى تنامى فيها ولا تخليه يشم ريحتك، لبسك قدامه يكون محتشم واتجنبى القعده جاره فى الليل، مش لشين فيه أو خوف منه..  له والله ابو دراع أبو الشهامه والأصول، ومهيعملش فيكي حاجه عفشه واصل، بس اللي اني خايفه عليه هو إن قلبه يتعلق ياربيعه،


 وقلب الراجل لو اتعلق وحب ومطالشى وخصوصى فى السن ديه هتوبقى صعيبه قوى عليه. 


هزت ربيعه دماغها لأمها بطاعه وهى عتحاول تستوعب كلام امها الغريب ديه كله، لكنها متعوده من صغرها إن كلام أمها ليها أوامر واجبة التنفيذ.. حتى لو مش مفهوم بالنسبالها؛ لأن هى اللي شايفه الاصلح والأحسن. 


❈-❈-❈


اما حدا بيت عبد الصمد 


دهب متمدده في الليل جار عبد الصمد، والتنين خلاص عيستعدوا للنوم بعد ماخلصوا حديت مع بعض عن كل حاجه بدهم يتحدتوا فيها، 

وفجأة دهب ابتسمت وهي باصه للسقف ابتسامه واسعه واتنهدت تنهيدة راحه، وبعدها حطت يدها على قلبها وبصت لعبصمد اللي كان باصصلها بتركيز وترقب ومستني تفسير لابتسامتها والتنهيده اللي تبعتها! 

وهي من غير مايسأل جاوبته:

هبت على بالى شام ياعبصمد وأول نوبه لما ياجى طيفها قلبي ميتقبضش ويتعصر، لأول نوبه احس قلبي مرتاح كأنه حس انها فرحانه ومرتاحه! 

اتبسم عبد الصمد لكلامها اللي ريح قلبه هو كمان، وغمض عيونه واستحضر طيف شام وشكلها وضحكتها وكلامها وشقاوتها، وهمس بحنين:

اااخ ياشامة القلب..يارب يابنيتى تكونى مليحه وفاحسن حال انتي وبتك.. بتك اللي نفسى اضمها واشمها وادوقها حنان الجد، واوريها معزة ولد الولد كيف تكون، وخصوصى هي الغاليه بت الغاليه حشيشة القلب والروح. 

وناموا التنين واخر حاجه غمضت عيونهم عليها هي ملامح شام اللي واحشاهم لدرجة وجع القلب. 

❈-❈-❈


أما حدا بسيمه وهمام

همام صحى من نومه على قرآن الفجر، وفتح عيونه من غير مايتحرك، وديه عشان ميصحيش بسيمه اللي نومها خفيف ومن اقل حركه تصحى، وفضل يتأمل فيها شويه قبل مايقرب منها ويسرق منها بوسه خفيفه من خدها، على امل انها متصحاش بعدها، لكن هيهات وهي اول ماقرب منها وحست بانفاسه فتحت عيونها، فخد مبتغاه قوام فى خطفه، وبعد عنها وهو عيهمسلها:


يابوي ايه نومك ديه اللي على طرف عينك، دانى عيتهيألي إنك صاحيه طول الوكت ومغمضه عيونك وبس، ماهو مش معقوله حد يصحى من الحركه ومن النفس! 

اتعدلت بسيمه فنومتها وبصت لفوق وردت عليه وهي عتلم شعرها المنتور على كتافها:

والله كل واحد ونومه عاد، وبعدين مش احسن من اللي نومه تقيل ويقعدوا يطبلوا فوق راسه بالطبل البلدي لحدت مايتعبوا عشان يصحى. 

اتبسم همام ورفعلها حاجبه وهو عيرد عليها:

عارفك تقصديني اني بحديتك ديه، بس والله ياام عمران الناس التعبانه عتنام ملوا عيونها نوم وعتتخبط متحسش، ديه الطبيعي يعني، انما المش طبيعي ان الوحده توبقي مهدوده فخدمة بيت وعيال ومناهدة طول النهار وفى الليل تنام نوم زرزور لو هبت عليه نسمة هوا تصحيه! 

بسيمه: اني مش طبيعيه يابوي، بومه معنامش. 

همام بمحبه قرب عليها وفك شعرها اللي لمته ورد عليها بحنان وهو عيتلمس فخصلاته بين اديه:

قطع لسان اللي يقول إكده على ست البنته كلهم.. انتي يابسيمه يمامه بيضه تسر العين، طاووس يأسر النظر، غزاله تخطف القلب بجمالها، حوريه مليهاش زى وسط البشر، انتى حظى الحلو من الدنيا.

 

بصتله بسيمه بطرف عينها ومردتش ولا عقبت على كلامه، لكن من جواها حست بأنها ارتاحت بعد ماخدت منه جرعتها اليوميه من المحبه والغزل اللي عيرضوا غرور الانثى اللى جواها ويخلوها تكمل يومها بنشاط ونفس مفتوحه! 


قامت بسيمه بعدها واتحركت قدام همام ولبست جلابيتها وطلعت من الأوضه على مصالح يومها اللي بدء.


أما همام فاتعدل وفضل مراقبها وهي عتتمشى قدامه، وكل امنيته في الحياة يفضل قاعد قبالها إكده على طول ومتابع كل حركه وكل لفته منها، يفضل حواليها  ميفارقهاش لحظه لاخر العمر، لكن للاسف مساعى الحياة حاكماه وعتفرقه عنها بالساعات. 


قام اخيراً ولبس نعله وطلع يتوضا عشان يصلي هو كمان، ولقى امه طالعه من اوضتها صبح عليها ومن بعدها ابوه، فصبح عليه هو راخر، ودخل ابو همام اول واحد فيهم الحمام؛ عشان يتوضى ويستعد لصلاة الفجر، وقعد همام جار أمه يستنى دوره، وفى الاثناء داي طلعت بسيمه من الموطبخ بعد مابدات تجهز الفطور، وراحت على اوضة الولاد عمران وعزام عشان تصحيهم لصلاة الفجر، ولواحظ بصت لهمام ولدها وبسيمه معديه من قدامه وشافت ابتسامته ليها وعيونه اللي عيشعوا محبه، فلوت بوزها يمين وشمال وقالتله:

والله ماعارفه ياولدي ليه حالك متشندل على بت عبصمد إكده وكل ماتشوفها يتخربط غَزْلك كيف ماتكون عاشق جديد  واللي عاشقها ملقيلهاش سبيل غير نظر العين!؟ 

ضحك همام بخفه ورد على امه:

طيب ماني عاشق من صوح يمه.. اني عاشق بت عبد الصمد ودايب فيها دوب.. هي داي حاجه اخجل منها ولا اكتمها يعني؟ 


ردت عليه أمه بغيظ:

له يابوي لا تدراي ولا تكتم، خليك إكده كل ماتعدي قدامك تبص عليها وتفتح خاشمك كيف المهبل وتسهسه عليها كيف ماتكون مش مرتك ولا نايمه فباطك طول الليل، خليها تتمرع عليك وتركب فوق كتافك وتسوق. 

رد عليها همام بتوهه وهو واعي بسيمه طالعه من باب الأوضه:

راضي.. والله راضي.. خليها بس تتمرع وتؤمر وتتامر وتسوق كيف مايحلالها، اصلاً اني كلى لحسابها وتحت امرها، هو اني حداي كام ام عمران يمه ولا الدنيا فيها كام بسيمه؟ 


سكتت لواحظ بعد رد همام عليها اللي افحمها كالعادة ومعرفتش تاخد منيه الرد اللي يريح قلبها ويبرد غيرتها من بسيمه ومحبة الكل ليها، 

كيف ماتكون عامله للكل حجاب بالمحبه، بس بينها وبين نفسها عارفه زين إن بسيمه تستاهل المحبه داي وزيادة.. بس هي اللي معارفاشي تحبها عشان مقادراشي تمارس عليها سلطتها. 


خلص همام وعياله وابوه وضوء، وطلعوا جماعه عالجامع لصلاة الفجر، 

وصلوا بسيمه ولواحظ في البيت، ودخلت بسيمه تكمل الفطور، وراحت لواحظ على عليا اللي صحيت وشالتها، 

وهما يادوبك دقايق وكان حبيبها داخل وواخدها من امه لحضنه، واستهل يومه بتاني اجمل حاجه فحياته من بعد أمها، وبدأ حسه باللعب معاها والملاغيه يعلا مع ضحكتها اللي ابتدت تصدح في البيت وتوصل لمسامع بسيمه، 

اللي اتبسمت كالعادة لمحبة البت وابوها وتعلقهم ببعض.. 

وبين لعبه مع بته مكانش ناسي ولاده من المناغشه واللعب، وأقرت بسيمه من زمااان فى نفسها بإقتناع تام عيتجدد مع مواقف همام مع عياله قدامها ومعاملته ليهم ومعاهم،، انها لو كانت هتتمنى أب لولادها مكانتش هتتمنالهم أب احسن من همام ولا أحن منه، وإن همام كله حسنات ومميزات، وإن لولا الغلطه القديمه كان زمانها معاه اسعد وحده في الدنيا ومتوجاه ملك على قلبها، لكن للاسف ملفه حداها بقى فيه نقطه سوده صعب تنمحى. 


❈-❈-❈


أما حدا أبو دراع 


خلاص النهارده التلات، والخميس باقي عليه بس بكره، فقام ابو دراع الصبح بدرى ولبس خلجاته واندلى البندر، وجاب لربيعه كل حاجه حس انها ناقصاها، وهو فطريقه للبيت شاف قماشات رجالي حلوه قطعله حتتين ووداهم للخياط يخيطهمله ووصاه عليهم بالمستعجل، وهو في الدكانه وعيقيس فيهم اتفكر ربيعه وانها عروسه قدام الناس ولازملها فستان فرح، فسأل الخياط بحيرة:

قولي يامعلم الاقي مين عيبيع فساتين عرس إهنه؟

وصفله الخياط مكان عتتباع فيه فساتين جاهزه، ودله كمان على عناوين خياطات حريمي، لكن ابو دراع استسهل الجاهز، وراح على المكان اللي اتوصفله، وإهناك اشترى احلا واغلى فستان، واختار المقاس باليم على مقاس البت اللي شغاله فى المحل، وخده، وخدله كل حاجته طرحته وجزمته والكفوف البيض، وخدلها كمان بودره وحُمره لما البت عرضتهم عليه وقالتله لو حابب تشتريهم، ومع إنه خابر إنه مش هيخلى ربيعه تحط منهم، لكن برضك قدام الناس وحريم البيت اسمه محرمهاش من حاجه وكبر بيها؛ عشان مقامها يعلا وسطهم. 


وعاود البيت بعدها، وحط الفستان في الصندوق، 

وطلع على حكيم فى المعمل عشان يطلب منه إنه هو اللي يعقدله على ربيعه.. وبعد مااتكلم مع حكيم هبابه واتفقوا، عاود عالبيت وفطريقه خد لربيعه كيس تسالي كبير تسهر عليه الليل.. وشيعهملها مع واد عزت الكبير، 

وهو طلع لكرار عالمندره يشوف معاه هيعملوا ايه يوم الحنه اللي هي بكره ويوم الفرح؟ 

واتفق ابو دراع إنه هيدبح وهيعشى الناس فى الحنه، ويعمل ليلة قرآن، ويعرف الناس كلها بجوازه من ربيعه؛ 


وديه عشان يديها الحصانه بين الناس والحمايه اللي متخليش عين في البلد تترفع عليها فيما بعد لو خطت رجلها بره البيت وديه هيحصل كتير؛ لأنها بقت فحماية ابو دراع وتخصه. 


وبالفعل بيت الليل كله يدبح من خرفانه احسنهم، ويصلخ ويقطع، 

ودخلوا بسببه حريم بيت المقاول انذار طول الليل وسهروا ينضفوا المعاشات بتاعة ٦ خرفان، ويجهزوا التسابيك ويحضروا للطبيخ، 

والصبح بعت شباب البيت كلهم يدعوا المداعى على غدا ابو دراع، وحتي ممدوح كان طالع يلف ويدعى معاهم وهو عيتمنى لو كان عيدعى لغدا فرحه هو.. 


وابو دراع راح بنفسه لحكيم وجابه على يده

.. ومنا لقبل الضهر كان الوكل جاهز يكفى البلد كلها، وابتدت الناس تتجمع 

وقبل مايتحط الغدا حكيم قرر إنه يكتب الكتاب فلاول قبل مالدنيا تتدعك من الوكل.. واستأذن يسأل ربيعه عن رأيها وياخد موافقتها من لسانها.


وبالفعل خده أبو دراع وكرار عالبيت وجابوا ربيعه، ووقفت قدام حكيم اللي بمجرد ماشافها اتبسم وسمى وصلى عالنبي واتعجب عشان كيف مايكون واعي شام قدامه فشبابها! 

وسألها بجديه بعد ماسلم عليها وسألها عن احوال امها:

موافقه ياربيعه علي جوازك من ابو دراع؟ 

ردت عليه ربيعه بدون ذرة تردد وعينها راحت على ابو دراع:

إيوه موافقه. 

وسألها مره تانيه:

طيب ومين وكيلك؟ 

نقلت عيونها النوبادى على ابوها كرار واستنت لحظات قبل ماتشيل عيونها من عليه وتبص بعيد وترد:

عمي عزت. 

جوابها كان صدمه للكل، وخصوصي كرار، اللي بعد كلامها ديه معارفشى هيقول ايه للناس وكت مايقعد عزت موطرحه ويحط يده فيد كرار بداله ويجوزه بت اخوه،


 وهو قاعد جاره لا قبض ولا صرف، فجز على سنانه وغمض قبضة يده وهم يتحرك عليها بغضب، لكن وقفه أبو دراع وهو عيمد دراعه قدامه وبحزم عيقوله:


اوعاك تتجنن وتمد يدك على مرت ابو دراع، قسماً عظماً تطير فيها رقاب، صوح لسه معقدناش بس شهرنا وهي قبلت وبقت فحكم مرتي، يعني هتقل عقلك هقل بيك.

ولو على كسفتك قدام الناس إتدارى إهنه لحدت مانخلصوا وأوبقي تعالي ونتحججوا للناس بايوتها حجه.

وبعدين مغلول من إيه، ديه حق الاب على بته وإنت مش أبوها ولا معترف بيها. 


خلص كلامه ودخل ربيعه بيته وقفل عليها من خوفة إنه يمشي وابوها يعمل فيها حاجه، وخد حكيم وراحوا عالمندره، وهملوا كرار هيموت من غيظه.. 

وكتبوا الكتاب والكل اتفاجأ بإن عزت هو وكيل بت اخوه كرار، واتعجبوا من إختفائه المفاجئ ومصدقوش حجة إن فيه شى طارئ حصل وخلاه يطلع ويهمل كتب كتاب بته مغصوب، لكنهم سكتوا واحتفظوا بإستغرابهم لنفسهم. 


وقعد عزت قدام ابو دراع وجوزه ربيعه، واتكتب كتابهم بالسنه والعرف بدون اوراق رسميه.. بالكلام بس، لانها لساها مكملتش السن القانونيه للجواز.. واتنقلت ربيعه من براثن كرار لعصمة ابو دراع، واتحررت اخيراً من الأسر، وبقت كيف عصفور مكسور الجناح حط علي ضهر صقر، والصقر خده وطار بيه لفوق فى السما اعلى ماكان يتمنى، ووصل بيه للسحاب فموطرح محدش يقدر يطوله فيه ولا يقوى حتي ينظرله بنظرة أذى وهو فحضرة الصقر وحمايته. 


خلص كتب الكتاب وابتدت صوانى العشا تطلع عالمندره مليانه وتعاود البيت فاضيه وتتجدد ولغاية المغرب على دا الحال، ومن بعد كتب الكتاب كرار عاود المندره ووقف وسط الناس، وابتدا يخدم مع الرجاله عالمعازيم.. وخلص اليوم اخيراً، 


وفي الليل جم المنشدين في الصوان اللي اتنصب على طول الشارع والناس كلها بعد مااتعشت حولت عالصوان وابتدا عاد تقديم الشاي والقهوة واحجار الجوزه.


اما ابو دراع فراح عالبيت عشان يغير خلجاته المدعوكين ويلبس جلابيته الجديده، وهو مهدود من التعب وخصوصي إنه الليله السابقه منامش فيها ولا عينه غفلت، بس لازمن يقعد مع الناس ويجاملهم ماهو العريس. 


وبمجرد ماوصل بيته شاف القفل عالباب وهو مش متعود يقفل بأقفال! 

فضرب جبينه بصدمه لما اتفكر إنه من العصريه قافل على ربيعه جوه البيت ونسيها، ودلوك العشا اذن من بدري، ففتح الباب قوام ودخل يدور عليها وهو حاسس بالذنب، ونادى عليها حسين تلاته مردتش، فسكت واكتفي يدور بالعين في البيت، لغاية ماوصل لأوضة النوم الجديده اللي بابها كان مفتوح هبابه، فخبط عليه خبطتين ولما ملقيش رد فتحه بالراحه، ووقف موطرحه لثواني مبرق وهو واعي ربيعه نايمه فوق السرير ورايحه فسابع نومه، وطبعا النايم سلطان ومعيحسش بروحه، فخلجاتها كانوا مكشوفين عن رجليها هبابه، 

فأنتبه أبو دراع ورد باب ألاوضه عليها قوام، ومن الموقف ديه واللحظه داي خد عهد علي روحه إنه مهيدخلش عليها موطرح هي فيه، ولا يقطع خلوتها غير بعد مايستأذنها وتأذنله. 


❈-❈-❈


أما جوا بيت المقاول نفسه، شام قعدت اخيرا وهي مهلوكه من التعب، حالها حال باقي الحريم، وحتى بدور اللي معتعملش حاجه من ساعة حبلها اتحزمت ووقفت عالطبيخ معاهم، 

وشام نفسها تروح تطمن على ربيعه من بعد ماطلعت وراها بدرى، وعرفت باللي جرا وحبسة ابو دراع ليها، واطمنت انه امنها من ابوها،

 ولافتلها وكل من الشباك وخلتها اتغدت، لكنها همست لنفسها بتعب إن لو ابو دراع فتحلها كانت جات لحالها،

 فقعدت وسكتت واستسلمت لنشر عضمها ووجعه، وللكحه اللي بدأت تشوف شغلها اول ماجه الليل اهه، وخصوصي النهارده بعد كم الدخان اللي اتعرضتله من طبيخ اليوم بطوله والليله السابقه كمان. 

❈-❈-❈


أما شوقيه، فكانت الوحيده اللي لا طبخت ولا نفخت ولا حطت يدها فحاجه وكانت طول الوكت متفرجه، واهي قاعده بفارغ الصبر مستنيه ربيعه تعاود من بيت ابو دراع؛ عشان تشوف عليها اي بوادر تفرحها وتحسسها إن اللي عيملته جاب نتيجه.. وابتسمت وهي سرحانه وعتفتكر روحتها لبيت ابوها واللي جرا فيها:


شوقيه:

يمممه اعملي اللي قولتلك عليه وشيعيلي للخطاطه من غير كتر حديت. 

ام شوقيه:

له لازمن اعرف فلاول عاوزاها فأيه وانتي لساكي مجدده العمل لجوزك ومتفكش ولا بطل؟! 

شوقيه بزهق:

عايزاها تعملي عمل لبت شام ضرتي ارتحتي. 

ضربت ام شوقيه علي صدرها بصدمه وقالتلها:

وااه، وليه إكده ياحزينه، ليه اذاكي يطول الناس اللي فحالها، معاكي عيال خافي عليهم احسن العمل يتقلب ويصيبهم هما وعتجرا كتير. طب كرار وقلنا عشان جوزك وتربطيه بيكي، داي عاد عايزه تعمليلها عمل ليه وبأيه؟ 


ردت عليها شوقيه بغل واضح:

عمل بالمرض، بالدبلان، بالسل، بالموت، بالهواس.. عايزه اعملها عمل يدمرها ويموتها قدام عنين امها بالهبابه، عايزاها متتهناش باللي عيجيب ويكوملها فيه ابو دراع، ولا عايزاها تلحق تتهنى بأبو دراع نفسه. 

بصتلها امها وديقت عنيها وهي واعياها عتتحدت علي ابو دراع إكده وسألتها بخوف:

شوقيه اوعاكي تكوني؟ 

ردت عليها شوقيه بياس:

له تخافيش، وحتى لو كنت، مفيش فرصه مع ديه واصل، ابو دراع ابعدلي من نجوم السما ريحي حالك،

 مع إنه يمه الراجل اللي لو الوحده طالته مره تقول توى اللي شفت رجاله، وتزهد فباقي رجالة الدنيا.. معتشوفيش انتي يمه طوله ولا جسمه ولا شكله ولا قوته، ديه عامل كيف الممسوس يمه عيشيل شجره واقعه وينقلها من مكان لمكان لحاله. 


ردت عليها أمها بقهر من كلامها وهي عتتلفت حواليها احسن يكون حد سمعه:


شاله يتجز وبرك ويطولك عزرائيل يافاجره ياللي لو ملقياش حكم كان زماننا عنجيبوكي من بيت كل راجل شويه.. روحي ياشوقيه يابتي يارب تموتي وارتاح منك. 


ردت عليها شوقيه بعدم مبالاه:

مهموتش وقاعده اديني، وخلصى شيعي للخطاطه احسن بالله العظيم اروحلها اني واجيبلكم الكلام ويقولوا بت العمده راحت للخطاطه البيت واجرسكَم بس إكده. 


فقامت امها بقلة حيله تشيع للخطاطه تاجي البيت في السر من الباب الوراني كيف مامتعوده، وسكتت لما تشوف اخرتها مع بتها اللي مشافت صنف الربايه. 


وبعد ساعه جات الخطاطه، وقعدت مع شوقيه وبعد ماخدت اللي فيه النصيب، روحت على بيتها وقالتلها إنها هتشيعلها المعلوم مأكول ومرشوش ومدفون، وديه لما اكدتلها شوقيه إنها عايزه حاجه مظبوطة بأي تمن، 

وإنها مش هتسيبها فحالها لو متمش المراد زي ماهي عايزه.. وعشان إكده الخطاطه حبت تأكد شغلها ب٣ طرق عشان متسيبش فرصه للغلط أو للفشل. 


وعاودت شوقيه للبيت ومعاها غنيمتها، وأول شي عملته إنها رشت الميه على عتبة بيت ابو دراع، ودخلت جواه وفي الاوضه الجديده دست العمل.. وخلت الميه بتاعة الوكل والشرب للأخر، وبس شافت شام النهارده عتغرف وكل وعرفت إنه لربيعه سهتها وحطت فيه العمل، وبإكده اتطمنت وحطت فبطنها بطيخه صيفي. 


أما ربيعه فبعد مافضلت نايمه كيف القتيله ومن كابوس لكابوس يقطع النفس ومعارفاش تفوق منهم ولا قادره تقوم، مع انها حاسه انها صاحيه، صرخت صرخه زلزلت بيت ابو دراع ورجته رج وهي واعيه ابشع مخلوق في الدنيا عيفتح عليها باب الاوضه ويدخل، ومنظره دب فقلبها الرجيف وحست انه جاي يخلص عليها، فصرخت ومع صرختها صحيت من النوم، وقامت تتلفت حواليها بزعر وهي سابحه فعرقها وحاسه إن صدرها طابق عليها، وإن كل ديه مكانش حلم بالمره. 


   الفصل الخامس والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

لقراءة الجزء الاول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close