أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل التاسع والعاشر بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني2 الفصل التاسع والعاشر 

بقلم ريناد يوسف

دخل كرار من الباب كيف الاعصار وأول ماابو دراع شافه عرف أنه هيعمل مصيبه،

فراح على شام اللي هبت واقفه من الخوف، ووقف قدامها وفرد دراعاته وبص لكرار بتحدي وقاله:

مد يدك واني همد يدي وشوف يد مين هتدشمل اكتر ياكرار.

كرار بغضب:

-بعد من قدامي يابو دراع الوكت ديه مينفعشي اي حد يعترض طريقي، وفين الفاجر التانيه معدومة الكرامه اللي دخلت بيتي واني منبه مفيش كلب ولا كلبه منهم يدخله؟ 

عزام في الوكت ديه كان دخل ورا كرار باللاحق وواقف وراه واول ماشافه عيلولج بعنيه ويدور علي بسيمه ويسأل عليها قاله بنبرة تحذير:

-مرت اخوي محدش ليه صالح بيها ولا حد هيمسها، اني كتال اللي يده تتمد عليها او تلمسها لمس.

كرار لفله ومسكه من قب جلابيته وبدون انذار ضربه بالبوكس فوشه، وبعدها اداه روسيه خلاه اتطوطح من شدتها وقاله وهو عيشد فيه علي بره:

-انت كمان ايه اللي دخلك إهنه، خلاص بيت المقاول بقي سويقه كل من هب ودب يدخله؟ اطلع بره ياكلب متنجسش ارض البيت بقدامك النجسه.

عزام رد عليه وهو عيقاوم فيه بكل قوته:

-اوعا هملني اني مطالعشي غير ورجلي علي رجل بسيمه.. بسيييمه.. بسيممممه اطلعي وتعالي، يابسيمه انتي رحتي وين، وديتوها وين ياغجرر، بسيممممااااااه.

ردت عليه بسيمه بعلو حسها من ورا الباب:

-تخافش ياعزام اني إهنه، تخافش عليا مفيش حاجه هتجرالي حدش يقدر يعملي حاجه واصل.

خلصت كلامها ودخلت فبيت ابو دراع تفتش، ولقت سكينه كبيره مسكتها ونومت البت على فرشة ابو دراع، ووقفت ورا الباب متأهبه ومستعده لأي حركه من كرار وهي واخده قرارها إنها هتعمل حاجه من تنين لو حاول يقربلها،

 يأما هتكتله وتخلص عليه وتخلص اختها منه ومش مهم هي تروح فداهيه تروح، ياما لو مقدرتش عليه تكتل حالها وتوبقي ماتت بشرفها مرفوعة الراس.


أما ابو دراع فانتهز فرصة إن كرار ملهي يطلع عزام من البيت وبص لشام وبأمر قالها:

-قوام عالبيت واتداري خليني اعرف اطلع اختك وانفدها من ادين كرار.. يلا اجررري.


شام فضلت بصاله لثواني لكنه جز علي سنانه وكرر عليها كلامه بطريقه متقبلش الجدال، وهي النوبادي نفذت لانها حست انها لو منفذتش أبو دراع هيتصرف معاها بعنف، وممكن هو بنفسه يضروبها، فجريت عالبيت جري وقفلت الباب عليها، لكنها فضلت وراه واقفه وحاطه ودنها عليه لعلها تسمع اللي هيحصل وقلبها عيرجف رجف من الخوف علي اختها.


كرار عاود بعد ماطلع عزام وقفل عليه البوابه وهمله يكسر فيها ويزعق بعلوا حسه علي بسيمه، وهو ميت من الرعب عالأمانه اللي سلمهاله اخوه ووصاه عليها الف وصيه وبرضك مصانهاش. 


وكرار ووقف قدام ابو دراع وقاله:

افتح الباب ديه يابو دراع وطلع بت المصحون داي.

ابو دراع بتحدي:

-هفتح وهطلعها، بس والله والله ياكرار لو يدك اتمدت على المخلوقه لاكون كاسرهالك كسر تحتار الاطبه فتجبيره.


كرار:

-خلي بالك إنت زودتها قوي يابو دراع وبقيت عتتدخل فاللي ميخصكش، واني ساكتلك وعقول دلوك يلمها دلوك يتعدل، لكن مفيش، ومن اليوم وطالع ياابو دراع أني متبري من رباط الدم اللي مابينا وفضيت الاخوه، وانت من الساعادي غريب عني ومليكش اي صالح بيا.


أبو دراع سمع حديت كرار وقرب عليه بثبات وقاله:

-تعرف ياكرار داي احسن حاجه عميلتها فحياتك كلها،تعرف ليه؛ لأن رباط الدم اللي كان بينا والاخوه اللي كنا متعاهدين عليها هي اللي كانت منعاني اعمل إكدده..


خلص جملته وبكل قوته ادى كرار روسيه خلاه فقد السيطره على ثباته واتطوح فى الهوا، وقوام مسكه من قب جلابيته وكمل.. طبعا إنت خابر إنى مععملش حساب لاي حد غريب ولا عخاف على زعل حد واصل، ومن إهنه ورايح ياغريب اتلقى وعدك مني..

 خلص واداه روسيه تانيه اشد واقوى خلت عيون كرار زاغوا وخلاص هيقع من طوله، لكن ابو دراع مسكه و قعده عالمصطبه ووقف قدامه وقاله:

-اني لأخر دقيقه ععاملك كيف البني آدمين بس إنت مينفعشي حد يتعامل معاك غير كيف مالناس عتتعامل مع الخنازير.. ودلوك ياكرار.. فرحك بعد بكره صوح.. وطبعاً عايزه يتم على خير وتحضره وتفرح من غير يد مكسوره ولا رجل، ولا فيك إصابه تمنعك من الجواز، وعشان ديه يوحصول تسمع كلامي اللي هقوله بالحرف وتنفذه من غير نفس.. 


اخت شام هتطلع دلوك وهتروح وعينك متترفعش عليها ولا لسانك ينطوق عليها بحرف واحد سامع.

وبتك بكره هتاجي معاي نسجلوها ونطلعولها شهاده ويوبقالها إسم كيف الخلق والعالم، ومرررتك لو قربت ناحيتها النهارده هخليك شهر بحاله متقدرش تحرك صباع، ولو قدرت ترفع رمش عينك بس توبقي تحمد ربنا.

كرار:

-مرتي اصلا هتروح مع اختها، خلاص شافت اختها ووقع عليها اليمين وبقت طالقه، فهتاخد بتها ويفارقوني، وان كان عالبت مهتتكتبش على اسمي ولا تتحسب من عيالي لو موتني حتي.

ابو دراع:

-اول هام شام مشافتش اختها ولا اختها شافتها، اختها شافت البت بس، يعني يمينك موقعش وحجتك باطله.

تاني هام البت هتتكتب باسمك ولو على موتك ديه يوحصول زي ماقلت، اعتبر نفسك في عداد الاموات، واندلي البندر هات كفنك ونقيه علي عجب عينك؛ عشان بكره اخر النهار دفنتك. 

وبدال ماتتزف عالعروسه هتتزف علي قبرك.. اني قلت اللي حداي وانت عقلك فراسك تعرف خلاصك.

خلص كلامه وراح علي باب البيت فتح غلقه، وبمجرد مافتحه شاف بسيمه واقفه وراه وماسكه السكينه فيدها، لكنها بمجرد ماشافته رمت السكينه من يدها وبصتله بصة شكر وامتنان، وراحت عالبت شالتها وطلعت بيها، ووقفت قدام ابو دراع وقالتله بنبرة صوت قاصده انها تشق مسامع كرار شق:

-تسلم ياواد الأصول وتسلم البطن اللي شالتك.. تسلم وتعيش وربنا يزيدك قوه ويبارك فصحتك ويشد عضل يدك اللي عتوقف العايب عند حده وتعلم قليل الربايه الأدب.

خلصت كلامها وبصت لكرار بصة قرف، ومدت البت لأبو دراع وكملت كلامها:


-كنت لاول عخاف علي اختي من البيت ديه واللي فيه، بس بعد ماشفت وقفتك داي راح كل الخوف.. واتوكدت ان اختي وبتها ربنا سخرلهم اللي هياخد حقهم وينصفهم، وخلقلهم من قلب القهر والذل والظلم ضهر عفى يتداروا وراه،ربنا مايحرمهم منك ولا يحرمك من لين القلب ياابو القلب الطيب، والمفروض ديه يكون اسمك مش اسمك ابو دراع.

خلصت كلامها وهملت ابو دراع متبسم ووشه غدى لونه اوحمر من خجله وهو عيسمع كلام بسيمه، واتحركت ناحية البوابه وهي رافعه راسها قدام كرار بتعالي، وعيونها عتصب عليه شماته صب.. لكن وقفها حسه وهو عيقول:


-منعتهم من شام دخلوا البيت بحجة البت، طب عليا الطلاق بالتلاته وشام تكون طالقه مني ومحرمه عليا كيف امي واختي ماحد منكم يشوف البت تاني ولا ينضرها، ولو شفتوها تكون شام طالقه مني، يلا خليني اشوفك هتدخلهم إهنه كيف يابو دراع ولا هما هيلفوا ويدوروا ويحتالو كيف عشان يدخلوا إهنه.


خلص كلامه وبص لبسيمه بتحدي، وبسيمه بصتله بطرف عينها ومردتش عليه، بعكس بركان النار اللي جواها وعايز ينفجر فيها، لكنها عملت حساب للي خد حماها ودافع عنها، ومحبتش إنها تصغره وتخلى كرار يسمعه كلمه تندمه على دفاعه عنها. 

ووصلت البوابه وفتحتها وطلعت لعزام اللي لقيته منتهي من الخوف وبمجرد ماشافها قدامه شدها من ملسها قوام طلعها بره البيت المشئؤم ديه لحتي ارتاح وبلع ريقه وردت فيه الروح، وزعق فيها بعلوا حسه:


-يلا بينا يلا ربنا سترها معانا لحد إهنه، والله كان معاه حق همام فخوفه عليكي، ووالله كان فاضل دقيقه وحده بس ولو مطلعتيش كنت هاصرخ كيف النسوان عشان استنجد بالناس يطلعوكي من جوه كيف ماقالي همام واني ضحكت عليه وكتها. 


اتبسمت بسيمه غصب عنها وراحت معاه عالمستشفي وطول الطريق قلبها عيتقلب من إحساس لأحساس متناقضين، بين نار قهرها من كرار، وبين حس اختها ووش بتها اللي عاملين كيف النسمه الباردة اللي عتهب عالبدن فعز شهر ٧ تنعشه وتبرد جوفه.

❈-❈-❈

عند عبد الصمد فبيته

عبد الصمد طلع عالغيط يشتغل فيه كيف كل يوم، وبشاير ودهب قاعدين في البيت لحالهم عيتسامروا ويشوفوا مع بعض هيجيبوا ايه في جهاز بشاير وفي الاثناء داي باب البيت خبط. 

ردت بشاير وقامت تفتح، وبمجرد مافتحت الباب قلبها اتنفض وهي واعيه السيد واقف علي الباب، واول مافتحتله وشافها قدامه الضحكه شقت خشمه شق، وهمسلها بصوت حنون:

-كيفك يابركة دعا الوالدين؟ 

بشاير بلعت ريقها ومردتش ونزلت عنيها للارض بحيا والسيد كمل:

-عمي عبصمد قاعد في البيت ولا لساه فالغيط مجاش؟ 

بشاير:

-له لساه في الغيط. 

السيد: 

-اني خابر بس كنت عايز اتوكد، اصله النوبه اللي فاتت قالي إنه هيحصد محصوله النهارده، واني استاذنت من المعمل وجيت قلت اساعده واخلي يدي بيده فالحصاد واخفف عنيه الحمل هبابه. 

قوليلي غيطكم فانهي ناحيه؟ 

بشاير:

-اليمه القبليه تاني غيط بعد القنايه. 

السيد:

- تمام.. خدي دول جبتهملك مخصوص عشان تحلي خشمك اللي يستاهل الحلوا كله. 

بصت بشاير ليده الممدوده من غير ماتمد يدها، وهو هز يده باللي شايله وقالها:

-يابوي خدي مني دا كسفة اليد واعره قوي، وعيبه وانتي العيبه متطلعش منك اني خابر.. خدي خليني الحق عمي واعمل معاه حاجه

قالها ورفعت بشاير عنيها عليه وهو هزلها دماغه بتشجيع، فمدت بشاير يدها وخدت منه الكيس، وهو قوام اتحرك من قدامها ومشى قاصد غيط عبد الصمد، وهي وقفت دقايق تراقبه وهو ماشي، ومتعرفش ليه عيونها فضلوا متعلقين عليه، وبعد ماغاب عن نظرها لحتنها دخلت وقفلت الباب، 


وراحت بالحاجه عند امها وقالتلها إن السيد جه وجابهم وراح لابوها الغيط.. ولما فتحت الكيس ولقت جواه علبه فتحتها شافت فيها حلويات اشكال والوان شكلها حلو قوي ومتزوقه اول مره تشوفهم، فمدتها لامها فرجتهالها، وامها خدت منهم وحده كلتها وبشاير بعدها ابتدت وكل في الحلويات اللي عمرها ماداقت فحلاوتهم، بس خلت منهم لابوها وحتى للسيد خلتله، لانها قالت فنفسها انه اكيد جابهم وشافهم ومداقهمش، وتلاقي نفسه يدوقهم.. وقامت بأمر من امها مسكت وزه ودبـ.ـحتها وعلقتها تطيب وعجنت دبداب وابتدت تجهز غدا لابوها والسيد لما يعاودوا من الغيط. 


اما عبد الصمد فكان شغال في الغيط عيحصد، ومركز ومش منتبه، وفجاه سمع حس السيد من وراه:

-الله يعطيك العافيه ياعمي، زين اني لحقتك قبل ماتخلص، اوعى عنك انت بزياداك لحد إهنه. 

قال كلمته وهم بقلع جلابيته وقوام خد المنجل من يد عبد الصمد ونزل فى الزرع حصاد بهمه ونشاط، وعبد الصمد قعد عالبطال، وابتسم وهو شايفه شغال موطرحه

 واتمني في اللحظه دي لو معاه واد كان زمانه دلوك مريحه من الهم وواخد موطرحه في الشقا كيف ماعيمل السيد دلوك. 

لكنه استغفر ربه وحمده علي عطيته ورزقه، وابتدا يحكي مع السيد ويرد عليه لغاية ماخلص السيد حصاد ولمله المحصول علي بعضه، وبعدها ابتدوا يحملوا الفاصوليا عالعربيه الكارلوا عشان يروحوه البيت وينشروه عالسطوح. 

وأول دور روحوا بيه هما التنين السيد وعبد الصمد عشان يوريه يصمده فين، 


ولما وصلوا البيت، ابتدا السيد ينزل في المحصول ويطلع فيه عالسطوح لحاله، وحلف علي عبد الصمد مايطلع معاه قشايه وحده. 

وفي الادوار اللي باقيه كان السيد يروح يحملها ويجيبها لحاله من الغيط ويطلعها، لغاية ماخلص المحصول كله.. وطول ماهو شغال دهب وعبد الصمد مراقبينه وابتسامتهم علي وشوشهم، وخصوصي عبد الصمد اللي السيد زاح من فوق كتافه تعب كان شايل همه من وجع ضهره اللي كل مايعمل مجهود يفكر عليه. 


اما بشاير فكانت روحة السيد وجيته في البيت قدامها مخلياها مش عارفه تركز فحاجه، وخصوصاً وهو عينه عليها في الرايحه والجايه، ويتبسملها من تحت لتحت، وهي بالعافيه ماسكه ابتسامتها من الظهور على وشها، وعتصبرها وتقولها له مش دلوك اوانك واصل، لسه بدري عليكي. 


❈-❈-❈

عاودت بسيمه مع عزام للمستشفى، وهي في الطريق وصت عزام إنه ميحكيش حاجه لاخوه عن اللي حصل، ويقوله إنها قابلت اختها وبت اختها وجات وبس إكده، 

وعزام وافقها الرأي لان همام فيه اللي مكفيه، وكمان عشان ميفتحلهوش سين وجيم ويقعد يقوله كل هبابه احكيلي ايه اللي حوصول حتي لو حكاله الف مره. 

وبمجرد دخولهم عليه، غمض همام عيونه براحه وهو واعيها واقفه قدامه صاخ سليم، 

من بعد مالافكار السوده والخيالات هلكته هلك من الخوف عليها. 

وهي اول مادخلت قوام راحت عاالميه تسقيه لأنه في المده داي كان زمانه شارب ياجي عشر مرات، وبالرغم إنها خابره إن شربه تسابيل وحجج عشان تقرب منه، الا إنها النوبادي هي اللي راحتله من غير مايطلب، لانه سمحلها تروح لاختها ومهانش عليه تبعد عنه، وعشان إكده شافت إنه يستاهل، والعين بالعين والتقدير بالتقدير، والبادى بالحنيه يستاهل الحنيه. 

❈-❈-❈

خلص النهار، وعدى الليل، وادي ليله تانيه تمر من ليالي كرار الطويله، وأول ماصبح الصبح وفطر، هم عشان يطلع من المندره يروح لدوار العمده، لكن وقفه ابو دراع اللي طلعله من البيت شايل البت الصغيره على اديه وقاله بصوت حازم:


-وقف عندك.. اياك تكون نسيت الاتفاق بتاع عشيه، لو انت نسيت اني معنساش وإنت خابر، لو عايز تروح للسنيوره بتاعتك هات بطاقتك وتعالى معاي نسجلوا بتك، غير إكده إنسى الطلعه وإنسى الحركه وإنسى الجواز من اساسه. 


كرار وقف وهو مدي ضهره لأبو دراع ومش راضي يبص فوشه ولا رد عليه، وكان عيفكر إنه يمشي ويهمله ويكمل مشواره لبيت العمده، لكن خوفه من ابو دراع، وإنه لما عيهدد عينفذ خلاه اتراجع عن رغبته، ولف عاود للبيت، وجاب بطاقته من سكات ورجع واتقدم على ابو دراع ومشى قدامه للمستوصف من غير ولا كلمه، وغصب عنه اتكتبت البت بإسمه(ربيعه كرار توفيق كارم) 

بامر من ابو دراع خلاه اتحلف واتوعد يشيلهاله فنفسه لاخر العمر وماينسهاله واصل.. والبت حتي لو اتكتبت باسمه مهيعترفشي بيها. 

وطلع من المستوصف وراح علي بيت العمده وهو مهموم، لكنه متوكد إن بصه وحده لعيون شوقيه هتزيل كل الهم وتمحى القهر. 


اما ابو دراع فعاود للبيت بالبت ولقى امها شام واقفه في الجنينه مستنياه على نار، واول مادخل من بوابة الجنينه جريت عليه وخدت ربيعه منه، ورفعت عنيها عليه بتساؤل، وهو طمنها وقالها:


-اطمني ياام ربيعه، بتك اتكتبت علي اسم ابوها، وكام يوم وامسكك شهادة ميلادها فيدك.. وطول مااني على وش الدنيا متعتليش هم، أني اللي خدت حماكم انتي وبتك واللي هيهوب عليكم رداده هيكون ابو دراع، واني لكرار والزمن طويل. 


شام بصتله واتخنقت بالدموع وقالتله:

-روح ياشيخ ربنا مايوقعك فديقه ابدا، ربنا يفرح قلبك ويسوقلك الخير سوق وانت قاعد فموطرحك. 


اتكالها ابو دراع علي عنيه وقالها:

تسلمي ياام ربيعه، ودلوك خشي ببتك جوا واني هروح ارعى غنماتي اتأخرت عليهم. 


قال كلمته واتحرك من قدام شام، وهي رمحت على ستها عديله تفرحها بالخبر اللي مكانوش مصدقين إنه هيوحصول، ولا إن كرار هيرضى يكتب البت علي اسمه من الاساس، لكن ابو دراع طلع قده وقدود ووعد ونفذ. 

❈-❈-❈

وعدى نهار تاني، وجات اطول ليله فحياة كرار، الليله اللي بعدها حنته وكتب كتابه، ومع اذان الفجر جات الطباخين تجهز والجزارين جابوا الدبايح وابتدوا يجهزوا للحنه، وساعات اليوم اللي كانت تمر طويله، في اليوم ديه عدت فلمح البصر، وجه الليل قوام، وفيه صفوت وسلام ومعروف وقفوا جار كرار مهملوهش لحاله، وجابوله المزين في المندره، وحنوه وفرحوه الفرحه اللي مفرحاش فجوازته الاولانيه، والناس كلها جات نقطته النقطه اللي كان ابوه ينقطها للناس، وحوريه امه كانت ماليه البيت زغاريت، برغم انها معاوزاش شوقيه ولا فرحانه بيها، لكن عشان تكيد شام وعديله كانت عامله حالها فرحانه. 


أما حدا شوقيه فكانت طول الحنه عماله ترقص وفرحانه ومقاعداشي على حيلها واصل، لدرجة ان الحريم كلها استغربت فرحتها الزايده، وبالذات امها اللي كانت طول الوكت باصالها وعتمطق فريقها الناشف، ومتهيألها إن بتها كيف ماتكون عترقص فرقصتها الاخيره، أو عتفرفط كيف طير مدبـ.ـوح وعيتشال ويتدق حلاوة روح. 

نفق الجحيم الجزء الثاني


 الفصل الحادى عشر


راحت شام على اوضة شوقيه وابتدت تنضف فيها وترتب، وشوقيه كانت واقفالها بالمرصاد، وطول الوكت عيونها عتاكل فيها وكل، وفرزتها من ساسها لراسها، وابتدت تجز على سنانها وهي شايفه كل الحسن اتجمع واتعجنت بيه شام عجن ومفهاش غلطه! 

واتوكدت إن كرار حتماً ولابد ماهييجي يوم ويشتهيها ويروحلها، وخصوصي انها حلاله، وإن معركتها معاها هتكون صعبه قوي، وعشان تبعد كرار عنها وتبعدها عنه هتبذل جهد واعر قوي، والمعركه هتوبقي شرسه لابعد حد.

 لكنها همست لنفسها إنها كدها وهبابه كمان.

 ❈-❈-❈


عند كرار في الشغل 


كرار: 

وقف ياكرار اني اللي هركب اللودر من اليوم وطالع. 

سلام بإعتراض:

-اللوادر الاربعه متقسمين اني ومعروف تنين، وصفوت وعزت تنين، لو عايز تركب لودر خد واحد من اللي راكبينهم خواتك. 

كرار بإعتراض:

-وتفرق ايه اللي واحد من خواتي ولا واحد منك او من معروف مادام في الاخر الفلوس كلها عتتحط علي بعضها؟! 


سلام:

ومادام الفلوس عتتحط علي بعضها ليه الاتركب لودر؟ متركب حفاره ولا جرافه! 

كرار: 

-والله اني عرتاح لسواقة اللودر اكتر من ايوتها حاجه تانيه من المعدات. 


سلام:

له وانت الصادق إنت عترتاح للي عيجيبه اللودر عشان شغله كتير وعيتحاسب بالساعه وفلوسه زينه. 

كرار:

والله مادام ديه رأيك يوبقي إنت راكب اللودر عشان إكده. 

سلام:

ايوه راكبه عشان إكده واللي عيزمر معيغطيش دقنه، وهي لافيها خوف ولا حيا، وبعدين كيف مااحنا راكبين لودرين انتوا راكبين لودرين مقسمه لحالها يعني. 


كرار بعد كلام سلام سكت ومتكلمش، واتوكد إن فعلا كلام شوقيه صوح، وان الميه عتسير من تحته ومهواش حاسس، والكل ابتدا يحوز لروحه ويحط فجيبه وهو قاعد، وفاكر إن اللي عيتعمل عيتحط على بعضه وكله في البيت كيف حال لاول ايام ابوه!


مشى سلام بعد ماخلص كلامه مع كرار وركب اللودر بتاعه وطلع بيه، 

وكرار فضل واقف موطرحه شويه يشوف هيعمل ايه وهيتصرف كيف، وفى الاخر ركب جرافه وطلع بيها عالمكان اللي وصفهوله صفوت اخوه وهما طالعين، وقاله إن فيه شغل مطلوب هناك بالجرافه وأول شي قرر يعمله لما يعاود البيت إنه هيتحدت مع عمه بخصوص الموضوع ديه. 

❈-❈-❈


حد عبد الصمد فى بيته

دهب:

عبصمد اني هاخد بشاير وهنندلو البندر عشان ابتدي اجيبلها في جهازها وحده وحده وعلى ماياجي معاد الجواز نكونوا مخلصين كل حاجه ومفيش حاجه ورانا. 


عبد الصمد:ومالوا خديها وروحوا، والفلوس اهي معاكي واشتريلها كل اللي نفسها فيه وفرحيها، اني شايف إنها راضيه بالجوازه ومرتاحه وحاسس إن ربنا هيكرمها دوناً عن خياتها اللي حظهم مرمر عيشتهم. 

دهب بصت لبشاير وشافتها عتحلب في البقره ومبتسمه ابتسامه خفيفه وملامحها مرتاحه، وفعلا بشاير أول وحده من بين خياتها تكون مرتاحه فجوازتها، فدعتلها دهب فى سرها ربنا يكمل فرحتها على خير وتكون مستنياها ايام حلوه. 

دقايق عدت من السكوت وانتبه عبد الصمد ودهب وحتى بشاير لصوت خبطات عالباب، وبعدها سمعوا الحس اللي خلى بشاير اتلغفنت وهي عتحلب وحاولت تعدل قعدتها واتخربطت احوالها لدرجة إنها بدأت تحلب بعيد عن الماجور! 


السيد:

-يااهل الدار، صاحيين ولا اعاود بلدنا واجي وكت ماتصحوا؟ 

اتبسم عبد الصمد ودهب كمان وقام عبد الصمد يفتح الباب، وبمجرد مافتح الباب وشاف السيد قاله بضحكه:

وه، يابوي بايت تحلم بينا ولا ايه، ايه جايبك من غبشة الصبح بدري إكده قبل حتى الزرزور مايصحى من نومه؟ 

السيد رد عليه وهو عيمد دماغه جوا البيت ويلولج جواه:


هو ياعم لو على الاحلام والله انتوا مابقيتوا تفارقوا احلامي لا ليل ولا نهار، ولو عالجيه بدري فاني قاصد اجي الحقك قبل ماتروح الغيط؛ عشان اخد معاك اليوم من اوله واساعدك في العزيق. 

عبد الصمد:

ياولدي مينفعشي كل يوم والتاني مهمل شغلك وجايني، وكل عيشك هيتقطع إكده! 

السيد:

-له متخافش اني عستأذن من حكيم واد الشيخ وهو اول مايعرف اني جاي اساعدك عيسمحلي طوالي وعيمشيلي يوميتي كمان. 


عبد الصمد رد عليه وهو عيوسعله الطريق يدخل:

والله يشكر الاصيل واد الاصول، وتشكر إنت كمان ياسيد.. طيب ادخل نفطروا لاول قبل مانروحوا الغيط الا تلاقيك لسه مافطرت. 

السيد وهو عيدخل البيت بفرحه:

-والله ياعم لما عكون جايكم عشبع من الفرحه كني واكل خروف ومتربع فبطني. 


خلص جملته ووقف والضحكه شقت خشمه وهو واعيها قاعده تحت البقره وعتحلب، ووشها أوحمر كيف حبة الطماطم الطايبه على عرشها، ومبتسمه وعيونها اتعلقوا بيه، فقال بعلوا حسه عشان تسمعه وهي بعيد مع دهب امها:


إصباح الخير عليكم، الله يعطي العافيه للناس الحركه النشيطه اللي قايمه تشوف اللي وراها من الصبح البدري. 

ردت عليه دهب الصباح، 

وبشاير بس اتبسمت ورجعت بصت للماجور اللي بين رجلها وركزت في الحلب وكملت وقامت تجهز مع امها الفطور، ولأول مره تجمعها مع السيد طبليه وحده ويقعدوا ياكلوا مع بعض، وطول الوكت بشاير من اللخمه اللي ملخوماها الوكل كذا مره يقع من يدها على هدومها، وديه يزود إحراجها قدام السيد، وفي الاخر قامت من ع الوكل خالص عشان تخلص من الموقف البايخ ديه،

 والسيد أول ماقامت ضحك عليها بدون صوت، وقلبه كان طاير من الفرحه ببشاير الخير؛ اللي ربنا قسمهاله، وعمال يحمد ربه طول الوكت عليها وهو واعي حسنها وجمالها وخجلها اللي زايدها حلا ومخليه عايز ياكلها وكل. 


❈-❈-❈


اما حدا همام في المستشفي

خبط الباب بتاع الاوضه ورد همام، وكان حكيم اللي عالباب، وسمحله همام بالدخول فدخل وبص لهمام وابتسمله بعد ماصبح عليهم، وراح علي همام وقف جنبه وقاله:

-كيفك اليوم يابطل، اني جايلك بخبر زين قوي، الداكتور طمني عليك وقال إنه هيفكلك جبس اديك النهارده، وكمان قال أنك تقدر تروح بيتكم تكمل علاجك فيه لغاية ميعاد فك الجبس عن رجلك. 

همام سمع كلام حكيم وبدال مايفرح بص لأديه المجبسين وغمض عنيه بالم وهو عيهمس لروحه:

-يعني خلاص الحجه اللي كانت عتقربها مني وتخليها تقعد جاري هبابه معادش ليها وجود؟ يعني خلاص هتحطلي الحاجه جاري وتقولي اتلافي وحدك وامسك باديك، ولا هشم ريحتها ولا تسندني على دراعها وتقربني ليها مره تانيه؟ 

حكيم مكانش فاهم حالة الحزن اللي سيطرت علي همام مره وحده، وفسرها على إنه مقهور على حاله، لانه طلع من بيتهم على رجليه ومعاودله طريح الفراش، فقعد جاره وابتدا يخفف عنه ويوصفله فجزاة الصبر على الإبتلائات، وإن ربنا مش عيعمل شي الا لحكمه يعلمها وحده، 

وبرغم إن همام ميعرفش ايه الحكمه من ورا أنه يتشل وهو في العمر ديه، الا إنه حمد ربه على كل شي، وبص لبسيمه واتبسم واحتسب إن أجره علي مرضه هما شوية القرب اللي قربتهم منه واللي لولا تعبه مكانش يحلم بيهم منها، وحتي لو بغرض الشفقه هو راضي. 


وفعلا جه الدكتور وخد همام على أوضة فك الجبس وراح معاه حكيم واخوه عزام وفكوله جبس اديه، ورجع همام على اوضته متحرر من قيود الجبس، لكنه اتقيد بسلاسل البعد اللي خلت اديه مغلوله ومهيقدروش يلمسوا توب بسيمه لمس حتى من إهنه ورايح.

 ❈-❈-❈


عند بيت المقاول

عديله:

ياشام متخافيش إكده دول هبابة صخانه ويروحوا لحالهم، قومي بس انتي هاتيلها لمونه دعكيها بيها وهي تروق وتوبقي زينه. 

شام بخوف علي بتها اللي كد الكف وسخنه زي النار بين اديها:

ياستي لمونة ايه بس اللي هتنفع في السخونه داي؟دي البت كيف الجمره! 

عديله : 

اسمعي بس انتي حديتي وهتشوفي بعد ماتعملي اللي قولتلك عليه بهبابه إنها هتوبقى مليحه ومابيها الا العافيه. 

فقامت شام مغلوبه على امرها تعمل الحاجه الوحيده اللي فيدها، وطلعت للجنينه تجيب لمونه من اقرب شجره عليها. 

ووصلت اول شجره وابتدت تهزها عشان تنزل لمون، ولما مقدرتش ابتدت تشب تحاول تطول اي لمونه، وابو دراع من بعيد شاف محاولاتها الفاشله، فساب غنماته وجه عليها، ووقف جارها ومد يده واتلافالها الليمون بمنتهي السهوله ومدهولها وهو بيقول:

كنتي بعتي مندوح بدال ماجايه بروحك واني كنت هديه اللي انتي عايزاه. 

ردت عليه شام وهي عتاخد من يده اللمون بلهوجه:

مندوح مقاعدشي والبت عيانه ومقدرش اصبر عليها.. خلصت جملتها وجريت ناحية البيت وهو سألها بقلق:

عيانه مالها كفاله الشر؟ 

ردت عليه شام بحس عالي عشان يسمعه:

سخنه قوي وغاديه كيف جمرة النار ياحبة عيني. 

خلصت جملتها وكانت وصلت لباب البيت فدخلت، وفضل أبو دراع واقف موطرحه، وقلبه نغزه على حالها وخوفها علي بتها؛ اللي حاسس إنها من ساعة ماجات خففت عنها كتير، وشغلت وكتها وصبرتها عاللي هي فيه،

 وخاف احسن تروح منها ويروح معاها صبرها، والحاجه الوحيده الحلوه اللي عايناها عالايام واللي فيها وظلم البشر. 


وراح على غنماته دخلهم الحوش بتاعهم وقفل عليهم ورجع يشوف اللي مستنيه من شغل ومشقه في الجنينه. 

❈-❈-❈


خلص عزت شغله علي اللودر وعاود بدري عن الرجاله، عاود اول واحد فيهم، ودخل البيت وقعد يرتاح،

 وفي الاثناء داي بدور استغلت قعدته لحاله وفضلت رايحه جايه قدامه بدلع، وكل همها تلفت نظره ليها ويناغشها بكلمه حلوه، ولا يتكلم معاها عن فرحهم اللي قرب، او يقولها اي شي. 

لكنه طول الوكت كان باصص بعيد عنها، ولما تتعمد إنها تعلي حسها عشان يبصلها كان يغمض عنيه ويجز علي سنانه كأنه سمع صفارة انذار بغاره مش حس خطيبته اللي خلاص مفاضلش كتير ويتجوزو. 

وعزت لما شاف إن بدور زودتها زعق فيها بعلو حسه وقالها:

-ماتقعدي علي حيلك خيلتيني راحه جايه قدامي تتنططي كيف النسناس إكده ماااالك فيكي ايه؟ 

غوري شوفيلك سجره اقعدي فوقيها وكني جاكي الحزن. 

بدور وقفت وبصتله بزعل ولسه هتعاتبه وتحط يدها فوسطها وتاخد وضع الهجوم لكنها اتراجعت وهي واعياه عيميل بسرعه ويقلع الشبشب من رجله، وطبعاً مش محتاجه ذكاء عشان تعرف هو هيعمل بيه أيه والشبشب هيستقر فين. 


دخلت بدور المطبخ تجري واتعنقلت فأمها عدويه اللي كانت قاعد في الموطبخ وعتغربل الغله، وقعدت جارها قوام وهي عتقولها:

دسيني يمه دسيني عزت هيمواتني. 

عدويه بأستغراب:

هيمواتك ليه عيملتيله ايه ياقزينه؟ 

بدور: والله يمه ماعميلت حاجه، اني كنت رايحه وجايه في البيت لحالي وهو عينه عليا منزلهاشي، ومره وحده لاقيته عيقولي اقعديلك على جنب وبطلي روح وجاي قدامي وقام على حيله عايز يضروبني. 


عدويه ضحكت بعد ماسمعت حديت بدور وردت عليها بعد مارجعت لغربيل الغله مره تانيه وقالتلها:

معذور يابنيتي، ديه من غيظه عشان مزغلله عنيه وراحه جايه قدامه ومقادرشي يطولك، فتلاقيه عيطلع شوقه ليكي قسوة عليكي، وانتي كمان خفي عليه يابدور وبطلي كيد فيه وروح وجي قباله،

 خلاص كلها شهرين وتتجوزوا وتوبقي علي ذمته ويوبقي حلالك استري علي روحك وعلى الوِليِد. 

الحريم اللي في الموطبخ كلهم اول ماسمعوا حديت عدويه بصوا لبعض وضحكو ضحكه مكتومه وداروا خشومهم باطراف طرحهم، عشان ضحكهم ميبانش، وحتي ورده اخت بدور ضحكت معاهم ودرات ضحكتها، وحوريه لما شافتهم عيضحكوا اتبسمت علي ضحكهم وشاورتلهم عشان يسكتوا،

 وهما بعد ماخدوا الضحكه سكتوا ورجعوا كل وحده لشغلها اللي فيدها مره تانيه. 

اما بدور فسمعت حديت امها وابتسمت ومسكت طرف جديلتها وابتدت تضفر فيها وردت علي امها بدلع:

إيوه إيوه يمه، حتي اني قلت إكده برضك، اصله كان عيبصلي قوي وعينه كانت عتاكلني وكل. 

ردت عليها امها بتأييد:

إيوه يابنيتي مش عقولك. 

بدور: عيحبني قوي يمه وحتي لو مقالش اني خابره لحالي، واد عمي عاد وعيتدلع علي بت عمه ولازمن اتحمله، وبعدين ضرب الحبيب كيف وكل الزبيب حلو ومعيوجعش مهما كان واعر. 


كانت عتتحدت وعينها على شام اللي مكفيه عالكانون وعتعمل فى كراويه لبتها ومش معاها واصل. 

وطلعت من الموطبخ بكنكة الكراويه وهي مهمومه وواخده الكل فوشها ومبصاش لحد كيف ماتكون مشايفاش حد حواليها. 


وبمجرد طلوعها من الموطبخ، عزت اتعدل فقعدته وعيونه التنين جريوا وحضنوها بشوق، وفوراَ ابتسامه عريضه غزت شفايفه، وفضل متابعها لغاية مادخلت أوضة سته عديله وقفلت الباب وراها، وكل ديه هي مرفعتش عينها عليه ولا خدت بالها من وجوده اصلا. 


لكن اللي خدت بالها ليه ولحالته وللعشق والعطش اللي فاضوا من عيونه وهو باصصلها.. هي شوقيه مرت كرار، اللي كانت واقفه علي باب اوضتها ومسنوده عليه ومربعه اديها وعتراقب الوضع، ونفخت لبانتها وطرقعتها بصوت عالي خلت عزت انتبه لوجودها، وهي اتبسمتله بخبث كيف ماتكون عتقوله اني عرفت الفوله وكيالها كمان. 

واتحركت بعدها شوقيه عالموطبخ وهي حاسه بأول انتصار ليها، وأنها وصلت لنقطه هتخدمها فاللي جاي، وعرفت إن البيت ديه مليان أسرار هتخليها تلعب بأهله لعب. 

وبدأت اللعب بكرار، وتاني اللعب مع ضرتها وسلفها، ولسه حاسه إن اللي جاى احلا، وانها هتطير سكان البيت ديه من حواليها كيف ورق الشجر الناشف اللي عتاخده الريح فوشها بمنهي السهوله. 


دخلت شام الاوضه وحطت كنكة الكراويه جار السرير، وخدت بتها من ستها عديله، ضمتها لصدرها وميلت عليها وجستها بخدها وشهقت وهي عتبص لستها وتقولها:

ياستي البت كل مالها وحرارتها تعلى اكتر واكتر، ياستي هي مالها بس؟ 

أمانه يارب متاخدها مني بعد معطيتهاني وفرحتني بيها، رضيت بالظلم ورضيت بالذل ورضيت بالاهانه وهصبر على كل اللي جاي بس عشانها هي، لو خدتها مني توبقى خدت مني كل الصبر ومهتحملشى وإنت خابر، يارب ماتكلف نفسي بالفراق اكتر من وسعها، بزياده فارقت عشقي وفارقت اهلي وفارقت بلدي وفارقت الدنيا كلها، 

خليلي بتي يارب ومش عايزه من الدنيا حاجه تانيه، خليني بس اشمها كل يوم واشوفها قدامي وخلى البشر تظلم فيا وتطغى ميعملش حاجه طول مامعاي دوا روحي. 

بصتلها عديله واتصعبت على حالها وهي ماسكه بتها كنها ماسكه روحها فيدها وعتناجي ربها مياخدهاش منها. 


فقامت عديله اتوضت وصلت الفرض اللي عليها ودعت لشام كتير وهي قاعده، ودعت لبتها ان ربنا يحفظهالها ويسيبهالها تفتح عينها عليها وتعيش عشانها وتتصبر بيها عالمر اللي هي فيه. 


معداش وكت كتير وابو دراع كان واقف قدام الباب عينادم على سته عديله بعلوا حسه:

ستي عديله، ستي.. واياستي. 

طلعتله عديله وردت عليه:

-إيوه ياابو دراع، إيوه ياولدي جيتك اهه. 


وصلت حداه ومدلها قرطاس ورق وقالها:

اتلافى مني ياستي ديه دوا شرب لبت كرار اندليت البندر ورحت المستشفي وقلتلهم اني معاي بت في البيت مصخنه، سألوني عن عمرها قولتلهم وعطوني الدوا ديه. 

تاخد من القزازتين معلقه صغيره كل يوم ٣ مرات بعد الرضاعه وامها تقسمهم صبح وضهر وليل وفى المواعيد هي هي. 

عديله مدت يدها بفرحه وخدت القرطاس منيه وابتدت تدعيله بالصحه والستر، لكن قطع دعواتها حس عزت اللي كان واقف وراها وهو عيقوله:

-وإن بأيوتها صفه تعالج عيالنا ياخدام انت وتجيبلهم علاج ودوا؟ 

مين اللي قالك روح هات علاج ومين أمرك، ولا عتتصرف وتجَوِد من حالك؟ 


بصله ابو دراع بنص عينه ومردش عليه ورجع يأكد على سته عديله.. ٣ مرات بعد الرضاعه ياستي وفنفس المواعيد اكدى على شام. 

هو نطق اسم شام من إهنه وعزت ركبته العفاريت الزرق، وهب فيه بعلوا حسه:


-شام فعينك ياقليل الحيا، مفيش ام ربيعه ولا مرت كرار، شام إكده حاف، والله عال والله، والله وجه الوكت اللي الخدامين ترفع فيه التكليف وتنطوق اسم اسيادها حاف إكده من غير القاب!

أبو دراع لف وكان هيمشي ويهمله، لكنه بص شاف بدور واقفه علي باب الموطبخ وشايفه وسامعه، فقرر انه يعلم عزت الادب قدامها كيف مااتهان قدامها، 


وبحركه سريعه مسك عزت واداه روسيه جامده خلاه فقد التوازن وقاله بحسه العالي:

-اني لو لقيت فيكم راجل راح جاب دوا للمسكينه اني لاكنت رحت ولا جيت، بس متبقوشي حرييم وتتحدتوا عالمرجله، وإنت بالذات ياعويل مافي حد قليل ربايه غيرك، عشان اللي يعيل بحد من غير مايعمله حاجه يكون هو اللي ناقص ربايه، وإنت معلتش بأيوتها حد انت علت بأبو دراع،

 وأبو دراع الغلطه فحقه بفوره. 


خلص كلامه ونزل فوق دماغ عزت بقبضة ايده خلاه وقع في الارض محطش منطق، وجات عليه بدور تجري وهي عتصرخ وعلى حسها اتجمعوا كل حريم البيت،  وقعدت جار عزت في الارض وفضلت تهز فيه، وبصت لابو دراع وبعلوا حسها قالتله: - عتضربه ليه شالله تنضرب فيدك يابعيد، كدك هو عشان تصب عليه قوتك الهي ربنا يجردك من قوتك وتقعد طريح فرشتك لا حول ليك ولا قوة. 

بدور نطقت الكلام ديه وابو دراع اتلقاه من خشمها كيف مايكون اتلقى عشرات السهام المسمومه اللي كلها اخترقت صدره مره وحده، 

وبصلها بألم وهي قاعده جار عزت وعتهز فيه وتبكي بخوف، 

وفى اللحظه داي أبو دراع حس إنها عتطلع من قلبه كيف الشوكه ماعتتسحب من الجسم، طلعت بألم بس صاحبها عارف إنه بعدها هيرتاح. 

وطلع من البيت وراح عالجنينه وطلع غنماته يرعاهم، وقعد جارهم وهو عيفكر فمنظر بدور اللي شافها بيه جار عزت وخوفها عليه،

 وحط يده على قلبه، ولأول مره من سنين طويله يشوفه هادي وساكت ومش عيفرفط بين ضلوعه من بعد شوفتها، ولا عيتمني بإنه يشوفها اكتر، ولا عيهتف بإسمها مع كل دقه، كيف مايكون لفظها من جواه لفظ بعد ماسمع دعاها عليه. 

❈-❈-❈


فاق عزت بعد ماأمه وبدور وباقي الحريم قعدوا يفوقوا فيه لغاية مافاق، وقعد علي حيله وفضل يتلفت حواليه ومواعيشي غير نجوم عتنور وتطفى قدام عنيه،

 وكل مايعملوله ميه بسكر يشربها على امل ان الدوخه تخف والنجوم تختفي. 


وفضل ساعتين عالحال ديه لغاية ماعمه واخواته جم وهو عيحاول يعد في النجوم اللي ورهاله ابو دراع في عز الضهر ومملاحقشي على عدهم. 


دخل نعيم من الباب اول واحد ورمى السلام، وشاف بدور بته وحوريه مرت اخوه قاعدين جار عزت وبدور ماسكه فيدها سطل ميه وكل هبابه توديه على خشم عزت وتسقيه منه بوق. 


نعيم بخوف:

-وه، فيه ايه مالك ياعزت ياواد اخوي جرالك ايه؟ واني اللي قلت عاود البيت يتجلع تاريك تعبان، الف لا بأس عليك سلامات. 

بصله عزت ولسه هيرد عليه سبقته بدور وهي عتقوله:

-له يابوي متعبانش ولا حاجه، ديه ابو دراع عطاه روسيه شندله ولافاه بلكاميه علي نافوخه كومه ع الارض محطش منطق. 

عزت غمض عيونه من بشاعة وصف بدور للموقف، وانها طلعته شُرابة خورج قدام الكل، ومدافعش عن حاله ولا صد ابو دراع، 

وحتى لو هي دي الحقيقه المفروض متتقالش إكده واصل! 


الكل دخلوا ورا نعيم وقعدوا بتعب، وابتدا صفوت بالسؤال عن سبب الخناقه واللي وصل ابو دراع لضرب عزت،؟ 

ولما عزت قال السبب الكل سكت، حتي بعد الطريقه اللي حكى بيها عزت وكان عايز يبين أبو دراع إنه شيطان ونيته عفشه. 

الا ان رصيد ابو دراع من الادب والاحترام حدا الكل شفعله رغم انف عزت. 


سلام اول واحد رد وقال لعزت:

-علي فكره ياعزت الراجل مغلطش ويشكر إنه سد موطرحنا،

 واظون داي مهياش اول نوبه يندلى البندر يجيب علاج لحد من عيالنا واحنا في الشغل ومقاعدينش،

 شمعنا النوبادي يعني شفتها عيبه فحقك وحقنا؟ 

عزت بص لسلام وسكت لان كلامه صوح وملقيش رد عليه غير السكوت، وسكوته اكد للكل إن اللي قاله عزت على ابو دراع من باب الكيد مش اكتر، ومحدش مستعد يتصدى لابوا دراع عشان واحد متكاد منيه من غير سبب. 


وبعد فترة سكوت اتكلم كرار بحس عالي:


-يلا كل واحد يطلع الفلوس اللي عيملها النهارده من شغله.. وابتدا بروحه وحط كل الفلوس اللي فجيبه عالدكه جار عمه، وبعده صفوت اخوه طلع كل اللي معاه وحطهم عليهم، وحتى عزت حط يده فجيبه وطلع اللي اشتغل بيه.. ولما جه الدور على سلام ومعروف، بصوا لبعض وكل واحد فيهم مد يده فجيبه وطلع ملاليم لا تذكر جار الفلوس اللي حطوها عيال عمهم!

والنوبادي قبل ماحد يتحدت منهم ويحط اعذار وقف نعيم ابوهم وبزعيق قالهم:


-فيه ايه ياسلام انت ومعروف، هو كل يوم تجيبوا ميلامين وتاجوا تقولوا حجه شكل، وبعدهالكم فلوسكم عتروح وين قولولي؟! 

خلص كلامه ووقف كرار وهو اللي رد عليه بدالهم:

متقلقش ياعمي الفلوس معتروحش فموطرح بعيد الفلوس عتروح فجيوب عيالك يعني فبيتها. 

وقف سلام ورد عليه بعصبيه:

تقصد ايه ياكرار بكلامك ديه؟ 

كرار رد عليه بنديه:

اقصد اللي فهمته ياسلام. 

سلام :

يعني قصدك إن اني واخوي حراميه؟ 

كرار:

والله اللي يكون عارف إن الفلوس اللي عيجيبها من شغله  مش ليه لحاله ويكون خابر إن فيه عهد بإن محدش يخون.. وينسى كل ديه ويغرف ويحط فجيبه، يوبقي مليهش إسم ولا وصف تاني غير إنه حرامي. 


سلام سمع كلام كرار ومسك فى قبه وهم بضربه، وقام صفوت ومعروف يحوشوا، وعزت قاعد يتفرج وممبينش اي رد فعل، ونعيم عشان يفض الخناقه ضرب بعكازه عالارض كذا ضربه ورا بعض وزعق بعلو حسه وقال:


مسمعش نفس حد فيكم، ابعد ياسلام عن كرار وكل واحد يقعد موطرحه، الكلام اللي اتقال كبير ومينفعش فيه الغلوشه عايزين نشوفوا اصل الحديت ونعرفوا كل واحد عايز ايه وايه غرضه. 

كرار بص لعمه وبدون تردد قاله:

كلمه وحده مليهاش تاني ياعمي(العزلانيه) 

الكل بصوا لكرار بإستغراب لأنه نطق كلمه الكل خابر زين إنها بمثابة المُحرم نطقها فبيت المقاول، لكن كرار نطقها واكدها علي مسامعهم مره تانيه وهو عيقول:


-متزعلش مني ياعمي إنت مش زي ابوي ولا عارف تحكم حكمه، وأول حد طلع عن طوعك وحكمك عيالك، 

اللي بقوا يدسوا فجيوبهم ومعاملينلكش قيمه، او يمكن انت اللي مرسيهم وعتعملوا اكده قدامنا وخلاص، وعتعملوا بالمثل اللي عيقول اني واخوي علي واد عمي. 

نعيم شاور لكرار بعكازه وبغضب رد عليه:


احترم حالك ياقليل الربايه، انت واعي روحك عتقول ايه؟ 

كرار: واعي وعارف وقاصد كمان.. وعقولهالك تاني وتالت وقدام الكل، احنا لازمن نعزلو من بعض، نعزلوا من كل حاجه، وكل وشرب ومعدات واراضي وبيوت وكل شبر يتقسم، حقك وحق ابوي واحنا عارفين القسمه زين، ومن بعدها اني واخواتي هنقسموا مابينا اللي هيطلعنا من ورث ابوي.. وطبعاً البنات لادول ياخدوا من ابوهم ولا دول ياخدو من ابوهم وراسين فراسين. 


هز نعيم دماغه لكرار بتفهم، وبص للباقين وبعلوا صوته سألهم:

رأيكم ايه في الكلام ديه انتو؟ 

الكل سكت وطاطا راسه للأرض ونعيم فهم إن الكلام جه علي مرام الكل، والكل راغب في العزلانيه بس مقادرش يقول، وكرار قال اللي فنفسهم كلهم، فقالهم بنبرة صوت حازمه.. 

خلاص من بكره كل شي يتقسم بعدل ربنا وكل واحد يعرف اللي ليه وهو حر فيه. 


هو قال إكده وحوريه حست ان قلبها اتفطر كيف الورثه اللي هتتقسم علي نصين مابين عيالها وعيال عمهم، ولامت كرار علي تهوره وقلة عقله، وهي كانت ناويه إن كل حاجه تكون ليه ولاخواته التنين وبس، لكن خططها كلها فشلت بسببه

اما شوقيه فكانت واقفه علي باب اوضتها عتسمع فكلام كرار وقلبها عيزغرت من الفرحه، عشان مشوار الالف ميل سيادة بدأ اهه بخطوه. 

وعمت دقايق سكوت قطعتها عديله وهي عتتقدم من نعيم وتقوله قدامهم كلهم:

واني كمان ليا ورث فجوزي يانعيم، ليا التمن فكل اللي سابه كارم ابوك وهاخده. وعايزاه فلوس وعلى داير المليم سامع. 

         الفصل الحادي عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

لقراءة الجزء الاول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close