أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل التاسع والعشرون والثلاثون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني2 الفصل التاسع والعشرون والثلاثون

 بقلم ريناد يوسف

عدت أيام وأيام الحزن كان مخيم فيهم على شام وربيعه، والتنين حاسين بغربه وسط البيت اللي ليهم فيه سنين عايشين والمفروض مولفين عليه، لكن اتضحلهم إن الوطن والبيت مش الارض والحيطان، له ديه طلع قلب كبير يحبك ويساعك بكل مافيك.. هو ديه الوطن الحقيقي، وبموت عديله ضاع الوطن واتهد البيت واتشردت سكانه. 


ورجعت شام لخدمة البيت والشقا من تاني، مع انها مرجعتش كيف لاول واتغيرت فيها حاجه تانيه جنب قلبها اللي اتكسر ونفسها اللي عافت الدنيا.. ضعف نظرها خالص من كتر البكا اللي بكته على عديله، لدرجة إنها توبقي شايفه الحاجه وفلحظه عيونها يغبشوا والرؤيه توبقى ضبابيه وتفضل تفتح وتغمض فيهم مده علي مايرجعوا تاني يشوفوا زين، وديه سببلها مشكله وخصوصي لو عتعمل حاجه تحتاج تركيز وملاحظه طول الوكت ومينفعش اللي عيعملها يغفل عنها واصل. 


وديه لاحظته ربيعه على امها، وفوراً راحت لأبو دراع تترجاه يخلى ابوها كرار يوافق يودى امها لحكيم في المركز تكشف على عنيها اللي هيضيعوا منها وتفقد نظرها وساعتها هتترمى رمية الكلاب.


ووعدها ابو دراع إنه هيكلم كرار بس يعاود ويخليه يوديها للحكيم.. وقال لربيعه انه لو وافق هو اللي هيودي شام بنفسه، 

وياخدها هي كمان معاهم؛ عشان يوريها الدنيا بره البيت ديه عتكون عامله كيف..وربيعه اول ماسمعت إكده حست قلبها طاح عالارض من الفرحه، وفضلت تتنطط قدام ابو دراع وتضحك بدون وعي خلته ضحك على ضحكها وفرحتها، ودار وشه بعيد بخجل وهملها تتنطط براحتها، 

وبعدها شام راحت على البيت جري؛ عشان تبشر امها بالخبر اللي متأكده إنه هيخلى امها تطير من الفرحه اكتر منها.. وهو إنهم اخيراً هيطلعوا بره السجن ديه وينولوا الحريه.. حتى لو كانت حريه مؤقته وليوم واحد.. لكنها هتزيح عن قلوبهم سجن عمر بحاله. 

وبالفعل ربيعه بلغت امها، وشام قعدت على حيلها وهي مش مصدقه اللي عتسمعه من بتها، وفضلت تتخيل في شكل الشوارع والبلاد والبندر والسوق بتاعه اللي مشافتهوش من اكتر من ١٥ سنه، وتسأل حالها ياهل ترى كل شي قاعد كيف ماشافته أول مره ولا اتغير؟ 

وهمست لروحها إن كل حاجه اكيد هتكون اتغيرت.. بس اللي واثقه انه متغيرش هو ابو قلب حديد، اللي أول ماهتطلع هتجرى عليه وتترمى جوا قلبه وتقوله كد ايه وحشها واشتاقت لشوفته، وإنها كانت تسمع حسه كل يوم وعارفه إنه عينادم عليها ويسأل، وطول الوكت يقولها انه فاكرها منسيهاش، بعكس ابو قلب من لحم ودم اللي مافكر حتي يسأل عليها ويعرف اخبارها ويطمن على احوالها، وتلاقيه عايش حياته ومتنعم بمباهجها ولا كأنهم فيوم من ليام كانوا متواعدين عالجواز ولا قلوبهم نبضت لبعض بالمحبه. 

❈-❈-❈


أما ممدوح فكان قاعد على الشط عند المعديه بتاعة البلد، وسرحان وعمال يرمى زلط صغير فى الميه، واتوقف فجاة لما سمع حس منتصر واد عمه سلام عيقوله:

ايه الهم اللي شايله ديه كله ارحم نفسك الهم هيموتك، وكل ديه عشان ربيعه المفعوصه داي..فين قوة الرجال ياواد عمي. 

رد عليه ممدوح وهو عيتنهد بوجع:

العشق معيخليش في الرجال قوة يامنتصر، إنت بس لو عايز تهد راجل وتذله وتوجعه حط فطريقه وحده وخليه يعشقها، وكتها مهيوبقاش منيه ولا من قوته شي.

سمعه منتصر وسكت مردش عليه، لكنه صدق كل حرف عيقوله، عشان ممدوح عمره ماكان ضعيف ولا قليل حيله غير قدام ربيعه وعند امر يخصها، 

وطول عمره عيراقبه لما يكون عيتطلعلها وعيشوفه واحد تاني خالص غير ممدوح اللي يعرفه! 

فلعن العشق واللي عيعشقوه، وحلف بحياته عمره ماهيحب ولا هيخلي قلبه يدق لمره مهما حوصول، وهيفضل محتفظ بقوته ورجولته وكرامته اللي من وجهة نظره عيروحوا مع الحب، وميعرفش إنه وقت الحب عيعمى البصر والعقل، ويغيب الفهم والادراك، والقلب هو اللي عيكون ربان السفينه ويحركها حسب رياح الشوق واللهفه ماتوديه. 


❈-❈-❈


أما حدا بيت توفيق

بدور قاعده عالدكه ومقعده امها قبالها وعتقولها بلهوجه:

قومي يمه قوام شيعيلي حد من عيال اخواتي للدايه يجيبها كني حبلت يمه كني حبلت. 

ردت عليها عدويه بهدوء:

ومالك فرحانه قوي إكده ليه كيف ماتكون اول نوبه ليكي تحبلي؟!


بدور: مش اول نوبه بس النوبادي فرحانه بيها قوي؛ عشان عزت يشوفني ولاده ويحبني لما يلاقيني عزقلطله في العيال على طول، بالك انتي هو عيقول عاوزش منك عيال بس اني عارفاه كداب، واللي جواه غير اللي عيقوله، ديه عيموت فيا وفعيالي. 

هى قالت إكده وفكريه ونعمه اللي كانوا قاعدين قريبين عليهم وسامعين، حطوا اديهم على خشومهم وكتموا ضحكتهم، وحتي عدويه بصتلها بإستنكار، وهزت اديها وقامت شيعت واد معروف الصغير على الدايه يجيبها تكشف على بدور؛ عشان تهدا وتقعد على حيلها. 


ومعداش وكت كبير ودخل واد معروف سالم وهو جايب معاه الدايه اللي السن خد من صحتها وبقت مشيتها على كدها وحيلها راح وعتستعين بعصايه فى المشي، ووصلت بعد مشقه لبيت نعيم، 


واهناك كشفت على بدور وطمنتها بالخبر اللي ريح قلبها وقالتلها إنه حبله، وخدت منيها الحلاوه الزينه، وطلعت وهملتها وهي واعيه الدنيا مش سايعاها من الفرحه. 


واول ماوصلت قصاد بيت المقاول، وقفت قصادة وبصت عليه، وبعد تردد حسمت امرها ودخلت تلقط رزقها اللي هي عارفه هتجيبه كيف.. 

وأول مادخلت وشافت ربيعه بت شام، نادمت عليها وسألتها توبقى بت مين، ولما ربيعه قالتها بت شام معرفتهاش، 

بس لما قالتلها بت كرار عرفتها؛ عشان خابره زين إن كرار محداهوش غير بت وحده، واللي هى من مرته الاولانيه الغريبه. 

سألتها بعد إكده على شوقيه مرت ابوها وقالتلها تنادملها عليها من فوق.. واول ماشوقيه نزلت وشافت الدايه انضربت بالغضب، لانها متوكده إن الدايه جايه ترمي برودها عليها وتاخد منيها فلوس، 


وهي بمجرد ماعتشوفهاعتفتكر كل اللي جرا زمان، وكل اللي هي فيه ديه واللي سببه الغلطه اللي غلطتها واللي خلت كرار اتغير عليها، وبعد ماكان خاتم في صباعها بالمحبه، بقى مداس فرجليها بس من غير محبه، وبصراحه سلطة المحبه عتوبقى احلى وأمتع. 


نزلت شوقيه السلم، وخدت الدايه على جنب بعد ماامرت ربيعه تدخل تعمل شاي، وبمجرد مادخلت ربيعه الموطبخ بصت شوقيه للدايه وبغل قالتلها:

جايه عايزه ايه انتي، مش عرفتي من زمان إن كرار كشف السر جايه تهددي بأيه تاني؟ 

الدايه بمسكنه:

اخص عليييكي اخصص.. بقا إكده يامرت المقاول تتلقيني بالمشوح والملوح واني اللى اتوحشتك وجايه عشان اشق عليكي واشوف خبرك ايه، ومحبلتيش ليه تاني بعد الوادين؟! واديكي حاجه تخليكي تحبلى وتجيبي التالت يخاويهم! 


ردت عليها شوقيه ببرود:

له متشكره منك معاوزاشي منيكي حاجه، اني وكت مااحب احبل هروح للحكيم في البندر يديني علاج زين واحبل طوالي، مش اعشاب ليهاشي عازه ولا ليها فايده، خلاص زمنك وزمن اعشابك ولى ياعجوزة البين. 

الدايه بخبث:

إيهييه.. معلهش يابنيتي يمكن صوح دلوك اني وحاجتي مبقاش لينا عازه.. بس زمان كان لينا كل العازه وكنا عنستروا الولايا ونستتوهم فبيوت يدخلوها ويتملكوها ويسرحوا ويمرحوا فيها على راحتهم.


كان وين الحكيم وكتها وكان فين علاجه الزين ديه؟ 

ولا كانت البنته هتعرف رقبة الحمامه من وين؟! 

القصد.. اوبقي روحي انتي للحكيم وخليه يعالجك.. واني هروح لضرتك اعالجها.. ضرتك اللي قلبتلها بيت الولد بإس جوزك عشان تجيبش عيال تاني.. دلوك هروح اعدلهولها تاني واخليها تجيب لجوزك الولاد وتملاله البيت وتقعد عالحجر وتنزلك بوادينك اللي فرحانه بيهم دول ومكتفيه.. هعالجها واقول لكرار اني عالجتها واوبقي اتفرجى على فرحته وكتها.. 

خلصت كلامها وهمت عشان تلف وتمشي من قدام شوقيه، لكن شوقيه مسكت دراعها وقفتها وقالتلها وهي عتجز على سنانها:

بالك لو سمعت انك عيملتي حاجه زي إكده ياعجوزة البين انتي، بالله العظيم اكون قاطعه خبرك قطع.. 

ردت عليها الدايه بنبرة كيد:

اوبقي اقطعيه خبرى اني إكده إكده قربت اموت وميهمش خبري ياجي لحاله ولا على يدك. 

شوقيه ردت عليها بحاجب مرفوع:

مستبيعه يعني! 

الدايه:

وضارباها صرمه.. اوعى يلا همليني وسيبي دراعي خليني اروح للغلبانه داي خليها تلحق تجيبلها واد من جوزك تتعكز عليه في كبرها. 

ردت عليها شوقيه بعصبيه مكتومه:

وقفى إهنه وقفت الميه فزورك.. قولي عايزه ايه واخلصي. 

الدايه وهي عتبصلها بعيون عتلمع من الطمع في الدهب اللي لابساه ومسكت دراعها رفعته ومشت يدها عالغوايش اللي لابساهم وقالتلها :

كلك نظر عاد يامرت المقاول. 

نفضت شوقيه يدها منها وبحركه سريعه غاضبه قلعت من يدها غويشه دهب ومدتهالها وهي عتقولها:

خدي حار ونار في جتتك، بس اسمعي، وربي لو شفت وشك جوا البيت ديه لأكون فاحته ودافناكي وماأخلى الدبان الازرق يعرفلك طريق جره، فاهمه ولا له؟ 


خطفت الدايه من يدها الغويشه وردت عليها وهي عتنطط الغويشه على يدها تشوف تقلها:

متقلقيشى مهتشوفيشي وشي ولا قفاى حتى،

 مع اني عتوحشك والله وعتوحش دهبك وقرشيناتك، بس يلا ربنا يفرجها من موطرح تاني.. خلصت كلامها وضحكت بسماجه ولفت عشان تمشي.. 

لكنها وقفت متفاجئه وهي شايفه شام وراها واقفه بكباية شاي.. شام اللي خلت بتها تقعد تنقى الرز وقالتلها هي اللي هتطلع الشاي موطرحها؛ عشان ربنا يريد إنها تسمع اللي فاق الخيال، تسمع جبروت وقهر وظلم كرار ليها المدفون ليه سنين،


 واللي كانت مفكره إنه مفيش جبروت ولا ظلم اكتر من اللي عامله فيها وفبتها، لكن ماخفى كان اعظم وأشد وأوجع.

 بصت للدايه بوجع واتفكرت كل الالم اللي قاسته بعد ولادتها، وبطنها اللي قعدت اسابيع تغيب ويجيلها فيها وجع يخليها تعض الارض، ولا هي ولا ستها عارفين سبب الوجع، وحوريه اللي مكانتش تعذر وجعها وكانت تخليها تخدم رغم الالم.. وغمضت واتنهدت بقلة حيلة وبعدها فتحت وبصت للدايه وبقهر المظلوم  قالتلها:

طابور ظلامى اللي هيقفوا قدامي يوم الموقف العظيم زاد نفر.. ومش مسامحاكى ولا هسامحك.. والدهب اللي فرحانه بيه ديه الهي ماتلحقي تتهني بيه الا تصرفيه عالحكما اللي مايلقولك طب ولا دوا. 

خلصت كلامها ولفت ودخلت الموطبخ بخطوات بطيئه مكسوره، وعلى الرغم من انها مكانتش عايزه تخلف من كرار ولا عمرها اتمنتها، لكن كونه يستبيح جسمها ويخرب فيه على هواه.. الحته داي وجعتها فوق وجعها وجعين.. ودخلت الموطبخ وهي عتحسبن من كل قلبها على كل اللي ظلمها فيوم من الأيام. 


أما الدايه فطلعت من البيت قوام وبلهوجه قبل ماشام تفوق من صدمتها وترجعلها تقضى عليها لما تستوعب اللي عملته فيها، وإفترضت إن السكينه سارقاها دلوك، متعرفش إن الاستسلام  والمسالمه طبع شام مش وليد لحظة صدمه. 


 دخلت شام الموطبخ وقعدت مسهمه شويه، وبعدها دموعها نزلوا بحسره على حالها، وربيعه فوراً قامت تهديها وخدتها فحضنها وهي فاكره إنها نوبه جديده من حزنها على ستها عديله، أو نوبه من نوبات حنينها واشتياقها لأهلها اللي عتنتهى بالبكا زي إكده..وبعد ماغلبت ربيعه على ماسكتت امها، هملتها وطلعت تجيبلها لمونتين من الجنينه عشان تعملها كباية لمون تهديها هبابه. 

وبمجرد ماطلعت شافت ممدوح ومنتصر داخلين من بوابة الجنينه، اتجاهلتهم  وراحت علي شجرة اللمون عشان تجيب منها، وممدوح لما شافها ساب منتصر وراح عليها، وابتدا يقطفلها اللمون وهو عيقولها بغضب:

متطلعيش الجنينه تاني مره وتفضلي تتنططي وتمطي روحك كيف العرسه عشان تتلافى لمون ولا غيره، اني كل عشيه هجيبلك اللمون اللي تعوزيه وارزعهولك في البيت. 

ردت عليه ربيعه بغضب اكتر:

قولتلك قبل سابق ياممدوح انت ليكش حكم عليا، وهطلع الجنينه وكت مااحب وحدش يقدر يحوشني، فهمت الحديت ديه فهمت، مفهمتش توبقى إنت قليل فهم عاد. 

ممدوح رد عليها بغضب وهو عيتقدم ناحيتها كيف مايكون ناوى عالشر:

انتي تسمعي الحديت من غير نفس، ياإكده يأما..قال كلمته ورفع يده عليها لأول مره وهو حاسس إن عيارها فلت عليه ولازمن يكبح جموحها هبابه عشان يقدر يسيطر عليها، ومفيش غير الضرب هو اللي هيجيب النتيجه اللي هو عايزها، وفعلا يده كانت هتنزل علي وشها وهى حامله كل خوفه من إنها متكونش من نصيبه وتضيع من بين اديه،، 

لكن وقفه أبو دراع وهو عيمسك يده الهاويه قبل ماتوصل لخد ربيعه وقاله بغضب:

يدددك بدال ماأكسرهالك.. اوعاك تفكر تمدها عليها فيوم من ليام.. والله ياممدوح اندمك عالساعه اللي ولدتك فيها امك وجابتك عالدنيا. 


ممدوح بغضب:

سيب يدي ياعم ابو دراع، البت فاعت فيها ولازمن تتربى، وبعدين داي بت عمي واني ليا حكم عليها برضاكم أو غصب عنكم. 


رد عليه ابو دراع وهو عيزيحه بعيد زيحه بسيطه لكنها كانت لممدوح بمثابة دفعه قويه خلته رجع خطوه لورا:


مش بمزاجكم هبابه تكون بت عمكم وهبابه تاني ولا تعرفوها.. ربيعه ليكش حكم عليها غير فحاله وحده، لو قسمتلك واتجوزتها، غير إكده لسانك يتطاول عليها اقطعهولك، يدك تطول عليها اكسرهالك.. 


ومن إهنه ورايح اياك اشوفك تعترض طريقها ولا توقف قبالها، والجنينه هتطلع فيها زي ماتحب وديه اخر كلامي وعايز اسمعك تتكلم بعديه. 


خلص كلامه وشاور لربيعه برقابته عشان تروح عالبيت وهي طاعت وفورا مشت، وبعدها بص لممدوح اللي كان باصصله بعتب، لكنه اتجاهله واتجاهل عتبه وزعله، ورفع عصايته اللي عيسوق بيها غنمه على كتافه، ومشى من قدامه وراح لغنماته، 


وهمله واقف معارفشى يعمل ايه فاللي هو فيه ديه مع ربيعه ولا لاقي حل لعمه وابوه عشان يوافقوا، 

ولا لاقى حل معاها عشان تلين من ناحيته وتحبه وتديه ريق، عشان يحارب بيها وليها الدنيا كلها لغاية ماياخدها. 


شويه وأبو دراع رفع عينه وشاف كرار داخل من بوابة الجنيه، شاورله بيده وكرار شافه وراحله، وبعد السلام قعد جاره، وأبو دراع دخل في الموضوع على طول:


شام عنيها واجعينها ولازمها زياره للحكيم، واني قولتلها اني هستأذنك واخدها اوديها للحكيم واخد ربيعه كمان معاها. 


بصله كرار وسكت هبابه وسرح بعيد وبعدها رد عليه وقاله:

له متروحش، تشيع حد يجيبلها قطره على إكده، ولا روحلها للمزين هاتلها منيه قطرة شبه زفره وجنزاره وعنيها هتوبقي عال العال. 

أبو دراع بصله بإستغراب وقاله:

وليه يعنى متطلعشي وتروح للحكيم واني معاها قلتلك. 

رد عليه كرار بإصرار:

له شام مهتطلعش من البيت واصل، اللي محتاجاه تشيع عليه، انما طلعه من البيت لحد ماتموت مش هيوحصول، وديه اخر كلام حداي. 

خلص كلامه وقام راح عالبيت وهو عيتخيل لو شام طلعت من البيت وهربت معاودتش مره تانيه، كيف هيكون البيت من غيرها، وهي برغم هدوئها وسكوتها، الا انها ماليه موطرح لو فضى هيوبقي البيت عفش قوي وكتها، وكفايه إنها قاضياله كل طلباته وعتعرف هو عايز ايه وعيتعمل كيف وميته وتعملهوله من قبل مايطلبه. 


دخل كرار البيت، وبمجرد دخوله ربيعه شافته وطلعت جرى على ابو دراع بحماس ولهفه تسأله عمل ايه فموضوع روحتهم للبندر؟ 

وهو اول ماشافها جايه تجرى عليه عرف إنها جايه تتطمن على إن اللي قال عليه هيتنفذ، فنكس وشه للارض بخجل، وهي اول ماعيمل إكده فهمت طوالي، فوقفت قباله تلقط انفاسها وبيأس وخيبة أمل سألته:

مرضيشي صوح؟ 

هزلها أبو دراع دماغه بتأكيد لكلامها، وهي ابتسمت ابتسامه مكسوره وقالتله:

ماهو لو وافق مش هيوبقى كرار وهيتعاير بالرحمه اللي هتنزل على قلبه. 

خلصت كلامها وهمت تمشى، لكن وقفها حس ابو دراع وهو عيقولها:

امك هندلى البندر واجيبلها قطرة غُباش زينه ياربيعه وهتروق عليها عنيها بأذن الله، وكمان هطلع دلوكيت اجيبلها برهم ترمايسين تدهن منيه عنيها قبل ماتنام كل عشيه وعيونها هيوبقوا عال العال، هي بس تبعد عن الدخان هبابه، داي بقت كيف نافخ الكير معياخدش غير اذى لهب النار. 


خلص كلامه واستنى ربيعه ترد عليه، لكنها مشت من غير ماتنطق بحرف واحد، وهو عارف زين قوي إن فرحتها اتكسرت وعشمها في الطلعه من البيت وشوفة الدنيا راح عالفاضى، وديه حسسه بالتقصير وبغل اليد وإنه خذلها لأول مره وديه خلى قلبه وجعه عليها. 


وعاودت ربيعه لشام وبلغتها برفض ابوها لطلعتهم من البيت، وكالعادة شام اتقبلت الخبر ببلادة مشاعر وإحساس ميت، لانها من ساعة مادخلت البيت ديه وهي عمرها مااستنت الفرحه ولا حست إنها هتاجيلها فيوم من ليام، فمبقتش فارقه معاها.. أما اللي فرقت معاه قوى هي ربيعه، اللي كانت معتبرها فرصه للخروج من النار للجنه اللي عتسمع عنيها في الحواديت ونفسها تشوفها. 


شويتين وقاموا التنين عشان يريحولهم هبابه فأوضتهم، وهما ماشيين شافوا شوقيه عتلبس فى الملس بتاعها وتقول لورده بنبرة كيد:

وررده، لما ياجي كرار قوليله اني خدت العيال واندليت البندر عشان اوديهم المولد وجيبلهم حاجه حلوه من البندر، وقوليله كمان اني واني معاوده هجيبله معاى حاجه حلوه قوى من البندر، حاكم البندر ديه مليان حاجات تزغلل العين واللي عيروحه معيشبعش من حلاوة الشوف. 

خلصت كلامها وبصت لربيعه وامها تكيدهم زي كل مره عتروح فيها البندر، وتحسسهم إنها واخده سُلطه لا يمكن هما ياخدوها، وطلعت تتمايل وهملت ربيعه وامها عيتحسروا على همهم التقيل. 


واثناء ماكانت طالعه وقفت في الجنينه على حس ممدوح وهو عينادم عليها ويقولها:

مرت عمى، يامرت عمي استني. 

اندارت شوقيه وبصتله وهي مستغرباه؛ عشان ممدوح بالذات دوناً عن اهل البيت يكاد يكون كلامه معاها معدوم، ومعيحتكش بيها واصل، ومبعد خالص وهي مفسره ديه إنه من حبه لربيعه وامها وميله ناحيتهم.. 

وقف ممدوح قبالها وبأدب مبالغ فيه قالها:


يامرت عمي اني عايزك في خدمه انتي بس اللي هتقدري تعمليها.. ومن بعدها اني خدامك وكل طلباتك اوامر، لو طلبتي لبن العصفور ينحلب ويتجابلك بالعَجل 


اتبسمت شوقيه وهي خابره زين طلبه، وقالتله بمساومه متقبلش الجدال:

موافقه بس تعيش خدامتي لاخر العمر، ومتفكرش إنك تعليها عليا فيوم من ليام.. تفهمها إن مرت ابوها ستها وتاج راسها وخدمتها واجبه لأخر العمر. 


هز ممدوح دماغه بالموافقه فوراَ ورد عليه قوام:

اعتبريه حوصول واعتبريها تحت مداسك من أول يوم اكتب فيه عليها، اني كل همي أنى اطولها واكسرها بس، وبعدها تغور لجهنم الحمرا. 

اتبسمت شوقيه بإعجاب بكلامه ورفعت راسها بغرور وردت عليه:

خلاص هملني يومين وهفرحك. 


خلصت كلامها ومسكت ادين عيالها التنين ومشت، وكل نظرات ممدوح المليانه بإحترام مزيف، وملامحه البشوشه اتغيرت للغل والكره وهو عيراقبها عتبعد ، وهمس لروحه من بين سنانه:

اخدها بس، اخدها ياولاد الك. لب واني اللي هدوس على رقابيكم كلكم واخطفها واطفش بيها من البيت ديه خالص. 

❈-❈-❈


على اخر النهار طلعت شام تاخد حطب للكانون من اللي عيكومه ابو دراع قدام الباب؛ عشان يكون قريب عليهم، وشافته وهو داخل من البوابه وشاورلها عشان تستناه، وهي نزلت الحطب اللي بين اديها ووقفت استنته، وبمجرد ماوصل حداها رمى عليها السلام وهي ردته، ومدلها كيس كان ماسكه فيده وهو عيقولها:


خدي ياام ربيعه داي قطره والبرهم اللي قولتلك عليهم، مرضيتش استنى لبكره ورحت النهارده اندليت البندر وجبتهملك.. 


القطره ٣ مرات في اليوم علميهم صبح وضهر ومغرب، والبرهم فى الليل تحطي منيه قبل ماتنامي.

ربيعه خدتهم منيه وهي عتتشكره، وهمت عشان تدخل لكنه وقفها وهو عيقولها:

استني ياأم ربيعه، ابوكي شيعلك القرشينات دول مع الشيخ حكيم والشيخ حكيم اداهمنى واني رايح البندر. 


خلص كلامه ومد يده فجيبه وطلع القرشينات، وشام مدت يدها عليهم بلهفه كيف ماعتعمل كل مره، وشمتهم وشمت فيهم ريحة المسك اللي ابوها عيحط منيه وغمضت عيونها وحست كانها فحضنه وعتشم ريحته، وبعد كذا مره تشم فيهم الريحه عاودت الفلوس لابو دراع تاني وهي عتقوله:

خليهم معاك ياابو دراع إنت اللي عتشتريلنا الحاجه، إحنا هنعملوا ايه بالفلوس ماانت عارف.. واخصم منيهم حق العلاج ديه لو كنت جايبه من حداك.


رد عليها ابو دراع وهو عياخدهم منيها:

فلوسك اللي حداى كتير وربنا مبارك فيها ياأم ربيعه، وأي حاجه تعوزيها انتى أو ربيعه أطلبيها وتاجيلكم في التو والحال. 


ردت عليه شام بإبتسامه ممتنه:

ربنا يخليك لينا ومايحرمنا منك ياواد الاصول يابو قلب طيب.. والله ياابو دراع ماعارفه لولاك ولولا ستي عديله كنت هعمل ايه في البيت ديه اني وبتي وهنعيشوا كيف؟! سبحانه اللي عيسخر الناس للناس ومعينساش عبده حتى لو محبوس بين جدران الظلم!


خلصت كلامها وشالت الحطب وخطت كام خطوة ووقفها حس نديم واد سلام وهو جاي يجري من بره وعيقول:


عم ابو دراع عم ابو دراع تعالا اتفرج عالحادثه اللي عالسكه الحديد، القطر كل الدايه وفرمها وخلى اللي يشوفها ميعرفهاش، بس الناس عرفتها من خُرجها المرمى جار السكه. 

طلع أبو دراع جرى مع نديم يشوف ايه الحكايه، ويلم مع الناس من وسط الحجاره اللحم اللي اغلب الناس عتخاف تروح يمه كل مالقطر ياكل حد، الا اصحاب القلوب القويه بس، واللي ابو دراع على راسهم طبعاً. 


اما شام فاتحركت علي البيت وهي حاسه بإحساس متضارب، مابين شماته متقدرش تنكرها، ومابين إحساس بالذنب من دعوة دعتها عالدايه فلحظة غضب وباب العرش كان مفتوح.. ومابين امتنانها لحبيبها اللي خدلها بتارها من اللي أذتها بمجرد ماشافها قدامه وجات في طريقه.. 

بس إحساسها بالذنب كان اكبر إحساس فيهم واقوى، لكنها صبرت روحها بإنها لو مش مظلومه مكنش ربنا استجابلها، وفنفس الوكت حست بالندم لأنها بدعوتها داي خدت قصاصها من الدايه فى الدنيا وهي كانت عايزه تاخده في الاخره من حسناتها.. وقررت من بعدها إنها مش هتدعى على حد واصل حتى لو ظالمها، وطلبت من ربنا إنه يأجل القصاص من كل اللي ظلمها للأخره؛ عشان تاخد حقها بحكم من اعدل القضاة، واللي حكمه مافيش بعديه استئناف واصل. 


خلص اليوم وجن الليل وسكنوا شام وربيعها فحضن بعض، وطبعاً ربيعه قطرت لأمها الأول ودهنتلها البرهم، وغمضوا وهما عيفكروا في المستقبل المجهول اللي مستنيهم ومابينلهوش ملامح. 


والصبح فاقوا التنين على صوت قرآن الفجر زي مامتعودين، فقاموا اتوضوا وصلوا الفجر حاضر، وكملت ربيعه نوم، وفضلت شام كالعادة قاعده على سجادة الصلاة، قرت وردها اليومى وفضلت تسبح على السبحه الخشب اللي ورثتها من ستها عديله، واللي كل يوم تسبحلها عليها ١٠٠ مره على روحها، وتدعيلها بعدهم بالرحمه وتقرالها الفاتحه، وتكمل تسبيح لنفسها لغاية ماتبزغ الشمس من جوف السما وتنفخ انفاسها الدافيه على الدنيا وتصحى النايمين. 


وبمجرد طلوع الشمس قامت شام حلبت وشالت الظاطه، وبعدها دخلت عالموطبخ تجهز الفاطور لكرار اللي زمانه نازل على شغله، ومعاه طبعاً عزت اللي معيهملش ساعة الصبح تفوت ولا يرضى يطلع من غير ماياخد كفايته من البص على شام سرقه من ورا عيون كرار، كيف مايكون صباحه ميكملشي من غير ماعيونه يتصبحوا بيها. 


عزت اللي كل مايصحى الصبح، ينزل يتسحب من جار بدور وميصحيهاش ويسبقها على تحت؛ عشان تكون شام اول اصطباحته وبداية يومه، واللي عيستبشر بوشها ويتأكد وقت مايشوفه إن الرزق عياجي على شوفته، وإقتناعه ديه مجاش من فراغ، لأن اليوم اللي معيشوفهاشي فيه قبل مايطلع عيحس إنه يوم منحوس وحتى رزقته قليله. 


أما كرار فبعد مافطر وهم قايم علي شغله وقفته شوقيه وهي عتقوله:

استنى ياكرار عايزاك فحاجه. 

وقف كرار واتافف من غير مايبصلها وسألها بديق:

عايزه ايه؟ 

بدون مقدمات ردت عليه بصيغة امر وقالتله:

جوز ربيعه لممدوح ياكرار. 

لف عليها وهو مستغرب وسألها وهو مضيق عنيه:

وانتي ايه موصلحتك فى القصه داي؟ 


ردت عليه شوقيه وهي عتربع اديها علي صدرها:

ليا موصلحه وعيالي ليهم موصلحه وحتى انت ليك.. البت داي لو خدها واحد مدلدل ممكن زمامها يفلت من يده وساعتها مهيوبقلهاشي رداد، وعيالي هيتلطوا من عمايلها وهيتعايروا باللي محسوبه عليهم اخت، والعرق دساس وإنت خابر، وعشان إكده داي لازمن تفضل في البيت ديه محبوسه لغاية ماتندفن فيه زي مااتولدت فيه، تفضل مع امها في الموطرح الوحيد اللي ينفع يقعدوا فيه. 


رد عليها كرار بغل وهو مش طايقها:

خابر زين اني ياشوقيه إن العرق دساس، عشان إكده طول عمري عدعى إن ربنا مايرزقني ببت منك. 

خلص جملته ووسعت عيون شوقيه بصدمه، وخصوصي وهي واعيه شام واقفه على باب الموطبخ هي وربيعه اللي كانوا جايين يشيلوا الفطور وسمعوا كلمته.. وردت عليه بعيون عتقدح نار:


كرررار اني قلت اللي حداي، ربيعه هياخدها ممدوح ومفيش كلام بعد اللي قلته. 

رد عليها كرار بنديه وغضب اكبر:

واني بتي هجوزها على مزاجي وعطيت كلمه لعريسها وهياجي الجمعه الجايه هو واهله وحريم بيته عشان يقروا فاتحتها والخميس اللي وراه دخلتها و َكلمه زياده اني مش عاوز اسمع. 


خلص كلامه وسمع حس من وراه عيسأله بغضب:

وياترى مين العريس اللي عطيته كلمه ديه ياكرار افندي؟ 

لف كرار على ابو دراع وعقد اديه ورا ضهره ورد عليه وهو باصص للفراغ:

محمود ابو الدنف. 


برق ابو دراع عنيه بصدمه وهو عيستوعب كرار قال ايه لتوه! وبعد مااستوعب رد على كرار وقاله:


اتجنيت انت ياكرار عالاخر صوح؟ عايز تديها لواحد كد ابوها وكمان متجوز ومخلف وعياله اصغر واحد فيهم اكبر منها!، إنت ايه ياخي والله مالاقيلك وصف اوصفك بيه.. انسى اللي قلته دلوك ديه خالص. 

شام سمعت كلام ابو دراع عن العريس اللي عايز كرار يجوزه ربيعه بت ال١٤ سنه وضربت علي صدرها بخوف وبصوا لبعض هي وربيعه وشافوا نفس الخوف فى عيون بعض وقلبهم التنين رجف من الصدمه. 

أما ابو دراع فمسكتش وبص لربيعه وسألها بحزم:

انتي ياربيعه موافقه على واد عمك ممدوح ولا له؟ 

ردت عليه ربيعه قوام:

له ياعم مموافقاشي.. ولا موافقه عالعريس العجوز ابو حريم كمان. 


بص ابو دراع لكرار بعد ماسمع رد ربيعه وكمل.. وجوازها من ممدوح كمان تنساه بعد ماسمعت ردها، وحرف زياده فموضوع جواز ربيعه قبل عالاقل خمس سنين من دلوك لو ربنا عطانا العمر وعشنا لوكتها مسمعش. 


خلص كلامه واتحرك على بره ووقفه حس كرار وهو عيقوله بحزم:

عطيت كلمه اني يابودراع. 


رد عليه ابو دراع بإختصار:

الحسها مهياش او نوبه ليك. 


كرار: له يابو دراع، ربيعه هتتقرا فاتحتها الجمعه الجايه وكتب كتابها ودخلتها الخميس اللي وراها ديه امر محسوم. 


رد عليه ابو دراع وهو على نفس وضعه:

-لو راجل اعملها. 


كرار رد عليه بأستبياع: 

وعزة جلال الله لهعملها. 

وكتب كتاب ربيعه ودخلتها الخميس الجاي له الخميس اللي وراه، ولو هعادى الدنيا كلها وادوق الموت الف مره مهتنازلش عن قراري،

 ربيعه بت شام قعادها فبيتي مش هيطول اكتر من جمعتين.. وقلت اللي حداي واللي عايز يعمل شي يعمله. 

نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الثلاثون

❈-❈-❈


خلص كرار كلامه وطلع على بره كيف الاعصار قدام عيون ابو دراع اللي كانوا عاملين كيف عيون الغول من كتر الغضب، ووراه طلع عزت اللي منطقش بكلمه ولا اتدخل في الحديت من اساسه، وكأن ربيعه داي لا بت اخوه ولا تعنيه. 


وبص أبو دراع لشام وربيعه وقالهم وهو متقصد إنه يقول الكلام ديه قدام شوقيه: 

تخافيش ياشام بتك محدش هيقدر ياجي نواحيها، وكمان تزعلوشي من اللي سمعتوه دلوك ديه.. اصل من زمان إكده العايبه لو كلمتها تلهيك وتجيب اللي فيها فيك.. انتوا شاش عالراس يابوي، والشرف لو يخيروه يوبقى بني ادم هيكون شام وبتها، وكفايه انك ياام ربيعه من ساعة ماجيتي عالبيت لا حد مسكك جايبه راجل للبيت، ولا عتتدسدسي فمندره فنصاص الليالي. 

ودلوك خشى انتي وبتك وطمنوا قلوبكم، طول ماابو دراع عايش حدش هيقدر يغصبكم على حاجه. 

قال كلامه وطلع وهمل شوقيه تفور وتغلى منه من معيرته الصريحه ليها، واللي حتي كرار معيجرؤش يعملها، وتبصله بنفس الكره اللي كانت تبصله بيه حوريه ونفس السخط عليه وعلى السلطه اللي واخدها في البيت ديه وعلى اهله وعلي كرار بالذات بدون اي وجه حق، له وكمان عيتوعد للناس ويخافوا منه كانه قباض ارواح! 


وبدأت بعدها تزعق في شام وبتها وتديهم أوامر وطلبت دبداب ومبوخيه وكنافه وكله لازمن يتعمل النهارده مره وحده؛ عشان هتزور بيه امها، وكل ديه عشان تكرب على ربيعه وامها وتخليهم طول النهار قدام الكانون وسط دخانه مياخدوش نفسهم، وتخلص فيهم كيد كرار وابو دراع ليها. 


أما ابو دراع  فكان لساه واقف بره البيت قريب على الباب وسامع كل حاجه قالتها شوقيه، ولؤمها وخبثها على شام وبتها، فطلع بكل غضب وراح على السوق، وهناك اشترى وابورين جاز واحد كبير وواحد صغير واشترى سبرتايه، وكل ديه من ماله الخاص، وعاود بيهم للبيت، وخد جركن من غاز المكنه ونادم على شام وبتها استأذنهم ودخل الموطبخ وشغلهم البوابير وعلمهم يولعوهم ويطفوهم كيف، ونبه عليهم وكت يخلص غازهم يقولوله عشان يعبيهم، وديه عشان يرحم شام من دخان الكوانين اللي هلك عنيها، وشوقيه برغم إن البوابير ماليه الدنيا الا انها مصره متدخلهاش البيت لشام؛ عشان متريحهاش. 

أما ربيعه فالفرحه مكانتش سايعاها باللي عيمله ابو دراع، وبصت لامها بفرحه وقالتلها بأمر:

خلاص يمه من إهنه ورايح مفيش كوانين ولا دخنه، من اليوم وطالع بقى حداكي اللي بشطة كبريته يولع ولا يحتاج نفخ ولا سك. 

خلصت كلامها وبصت لامها اللي كانت باصه للوابور وسرحانه وردت عليها بتوهه:

إيوه بس حسه عالي قوي وعفش.. وبعدين ناره صغيره مهتلفش الحله كلها من جميع جانب.. وكمان اني عحب قيد الكانون.. طفيه طفيه وجعلي راسي طفيه. 


ربيعه بغضب:

والله مااطفيه وهيقعد شغال إكده وهنعملوا عليه كل حاجه من إهنه وطالع، ولو عالصوت بكره تعتادي عليه، بزياداكي ياام ربيعه شقى واعرفي طريق الراحه. 


خلصت كلامها وراحت عشان تعجن عجين الدبداب وبعد منيه تروب عجينة الكنافه وتعجن المبوخيه في الاخر، وكل ديه وهي عتسخط على مرت ابوها وتدعى فسرها بإنها تطفحه هي وامها بالسم الهاري، امها اللي حداها الخدامين بالكوم وجايه عالغلابه تشقيهم. 


اما شام ففضلت باصه لنار البابور وسرحت فيه وهو عيضخ لهب من جوفه بلا توقف ولا خفوت! 

ومتعرفش ليه الذكرى خدتها ليوم موت حوريه واتفكرت الليله اللي تسبقه كمان.. اتفكرت يوم ما قامت من النوم مفزوعه بعد ماحلمت بحوريه واقفه على جرف عالي وعتبص لتحت وشكلها عايزه تنط، وشام تزعق عليها وتقولها متنطيش هتموتي ارجعي وبرضك حوريه نطت من الجرف، ولما راحت شام بصت عليها لقتها واقعه علي حجر وميته وغرقانه فدمها، وفضلت تقولها قولتلك ارجعي قولتلك ارجعي ليه سمعتيش الكلام؟ وهملتها ومشت وهي واعيه الطيور الجارحه اتلمت عليها تنهش في جتتها. 

 ليلتها صحيت عديله على انفاس شام العاليه، ولما سألتها مالك وحكتلها الحلم عديله سكتت، وسرحت بعيد وهي عتهمس بصوت مسموع:

عاشت وهتموت بمخها القاسى وبرضك مش هترجع عن طريق الظلم ولا تعترف بغلطها وتطلب السماح منك ولا من اللي اذتهم بطولة يدها وسرقتها لمالهم! 


خلصت كلامها وعاودت للنوم تاني وقالت لشام تنام الليل لساه قاسم.. لكن شام جالهاشي نوم بعد منظر حوريه اللي شافتها عليه.. فقامت وراحت عليها أوضتها، ودخلت عليها لقتها نايمه ومفتحه عنيها ومبرقه للسقف بخوف.. اتقدمت منها وبحس مهزوز سألتها:

خالتي.. خالتي ام كرار صاحيه ليه.. جعانه اجيبلك حاجه تاكليها ولا عطشانه اسقيكي؟ 

لفت عليها حوريه ببطئ وهي لساها مبرقه عيونها، وفضلت بصالها هبابه وبعدها رجعت بصت للسقف من تاني كيف ماتكون مراقبه حدث مهم عيجرا فى السقف! 

فضلت شام واقفه مستنياها تبصلها ولا تطلب منها حاجه، لكن حوريه لا بصت ولا طلبت بالاشاره كيف ماعتطلب وفضلت مبرقه للسقف! 

فطلعت شام وهي متأسفه على حوريه وحالها، واللي في اللحظه داي عرفت إنها عتصارع الموت بس بطريقه خاصه واكيد مؤلمه بدليل نظرة الخوف اللي فعيونها.. وانها لو طلبت السماح بعيونها من شام في اللحظه داي كانت مستعده تسامحها من قلب خالص وتبريها من كل ذنب عيملته فيها، لكن حوريه اختارت تموت عالجحود، وشام قلبها اتشمع عاللي معبيه من تلاها، وعند الله تجتمع الخصوم، وقت مايكون السماح شعره مابين الجنه والنار والنفس تتمناه ومتطولهوش. 


راحت شام على الموطبخ وحمت ميه واتوضت وصلت قيام الليل، صلت زي ماستها قالتلها ووصتها ونصحتها متهملش صلاتها.. قالتلها قربي من ربك واحتسبي اللي عتعمليه كله وشقاكي لوجهه الكريم، وكانت تجيبلها على اذاعة القرآن الكريم دايما وتخليها تحفظ مع الراديو وتردد وراه لغاية ماعرفت كل الصور الصغيره، 


وكمان البرامج الدينيه اللي كانت تشرح الدين وتفهمه، كانوا هي وربيعه يقعدوا يستمعولها مع ستهم عديله، وكان ديه متعتهم الكبرى. 

وفعلا شام عملت بالنصيحه ومبقتش تفوت فرض ولا تاخره عن ميعاده، وكانت تزيد عالفروض والسنن على كد ماتقدر، وقربت من ربها لدرجة انها شافت إن كل اللي عيجرالها ديه واللي جرالها قبل سابق هين، 

وربنا انزل عليها صبر ورضى خلاها نسيت كل شي واستهونته، بس يبقى الشوق هو اللي مقدرش الصبر يغلبه.. ومع كتر صلاتها وخشوعها بقت تحصلها حاجه عجيبه، بقت تحلم بالشي قبل مايجرا وتحس بيه، كيف مايكون قلبها نال اسمى درجات الإحساس، أو كيف مايكون ربنا من عليها بالبصيره اللي مش عند حد واصل. 


خلصت صلاتها وقعدت على سجادتها تسبح وتذكر الله لغاية مياجي ميعاد الفجر ويأذن وتصليه، لكنها قلقت بعد شويه، وراحت لحوريه تشق عليها وتشوفها لو عايزه حاجه، وبمجرد مادخلت من الباب شافتها معدوله وماسكه القله وحطاها فحجرها وموطيه عليها وشكلها عايزه تشرب ومقادراش ترفعها، فراحت عليها قوام عشان تساعدها تشرب، وبمجرد مالمستها ولسه هتسألها لو عايزه مساعده لقتها مالت بجسمها كله علي جنب، وشافت شام لأول مره فحياتها الجته بعد مالروح فارقتها عيوبقي شكلها ايه، وعلي نفس البصه والتبريقه ميته وعنيها مفتوحين على آخرهم بمنظر يخوف، وكمان ماتت عطشانه ملحقتش تشرب والأ كان صدرها اتبل كيف ماعيتبل كل مره لما تشرب. 


شالت شام منها القله ونومتها، وحاولت تغمضلها عنيها، لكن عيونها رفضوا يتقفلوا، فغمضت هى عيونها  بالم على موتتها العفشه، 

اللي برغم هدوئها لكنها خابره زين ومتوكده إنها اتعذبت في طلوع روحها عذاب لو اللي عيموت عيطلع حسه كانت حوريه صرخت صراخ يسمع الدنيا كلها، لكن إهنه تكمن حكمة ربنا بأن الموت صامت والجسد عيتقيد. 


غطتها وطلعت بعدها بلغت ستها عديله اول وحده بموت حوريه، وعديله حوقلت وهزت راسها بأسف، لكنها ابدا مطلبتش لحوريه الرحمه.. وابتدت شام تصحي باقي البيت وتبلغهم الخبر.. والكل اتقبل الخبر عادي، الا كرار اللي كان حس صراخه وبكاه على امه يشبه زئير اسد غاضب حزين ومتألم.. 

اما عزت فكان واقف فوق راسها وباصصلها بلوم وعتب ومفيش دمعه نزلت منه ولا متاثر، كيف مايكون عيقولها خلي ولدك اللي حبتيه اكتر واحد فينا وبدتيه عالكل هو بس اللي يحزن عليكي.. وصفوت كان جامد في حزنه، صوح كان متاثر برهبة الموت، بس مش التأثر اللي يخليه يبكي ويقطع روحه كيف كرار، ولا يقف علي راسها ساخط كيف عزت. 


وبدأت تاني يوم مراسم الدفنه، وبناتها قاموا بالواجب عديد وندب وصراخ، وكرار عمل لامه اكبر عزا، وجوا بنات عمها كارم اللي عياجوا بس في المناسبات الصعبه.. خدوا عزاها وروحوا كيف الغرب، وخلص عزا حوريه وانقطع عيشها من الدنيا،


 ومبقتش منها غير سيرتها اللي مخلتش حد من عمايلها يذكرها بأي خير.. غير كرار وديه لأنه كان شارب فحوضها وواخد كل طبعها وبالنسباله هي قمة العدل وقمة الحب والعطاء وسنده اللي راح. 

وحزن عليها حزن عيل صغير فقد امه اللي كانت ماسكه يده وعتوجهه، مع انها في الفتره الاخيره مبقاش ليها دور فحياته، الا إن وجودها جاره كان عيمثله الامان. 


وعدت ليام واتنست حوريه كيف ماللي عيموت عيتنسى وتبرد نار فراقه، مع إن البعض نار فراقهم معتبردش، لكن اللي عيعيش لروحه بس.. عيروح في طي النسيان. 

❈-❈-❈


أما حدا بسيمه


قاعده في البيت ومشغله الرحايه وعتدش فى الفريك، ولواحظ قاعده قبالها وشايله بتها الصغيره وعتلاعب فيها، وبسيمه عينها على بتها الصغيره اللي بالها مش مع ستها خالص، وطول الوكت باصه علي امها وعتضحكلها وتشابي عليها.. وهي من وقت للتاني تهزلها دماغها بمداعبه؛ عشان تحسسها إنها منتبهالها..

 وبعد شويه بكت البت، وبسيمه سابت اللي فيدها وقامت عشان ترضعها.. وبمجرد ماحطتها على رجلها ابتدت تغنيلها بحنيه كيف ماعتمل، ولواحظ بصتلها بصة غيظ وقالتلها:


إشمعنا البت عتغنيلها وتدلعي وتهنني فيها والولاد الرجاله قاسيه عليهم؟ 

ردت عليها بسيمه وهي عتتملى فبتها وتبتسم بمحبه.. عشان البت لازمن تاخد الحنان كله، البت كيف الفراشه ام جناح رقيق لازمن لمستنا ليها توبقى حنونه ومعاملتها تكون باللين.. خلف الواد اللي لازمن يتشد عليه عشان يطلع راجل ناشف مش ني، والحنيه عليه تكون في حدود. 


ردت عليها لواحظ بتهكم:

والله إحنا منعرفوشي إكده ولا ربينا عيالنا كيف ماعتقولي انتي. 

ردت عليها بسيمه بنفس التهكم:

ماعشان إكده مطلعش حد من عيالك متربي.. وسكتت هبابه قصاد صدمة لواحظ وكملت.. غير عزام الله يرحمه.. الواد ديه كيف مايكون مكانش ولدك ولا انتي اللي ربتيه، وعشان مأدب ومحترم مات.. الله يرحمه ويحسن اليه في الجنه ونعيمها الشهيد البطل. 


اما لواحظ فسكتت خالص بعد قصف الجبهه اللي وجهتولها بسيمه، واللي دايما بس تحاول تعدل عليها بحاجه ترد عليها رد يحرق الدم يخليها متعرفش تنطوق خالص. 


لملمت بسيمه روحها وغطت نفسها زين ورمت طرحتها على صدرها لما دخل حمدون حماها من الباب ووراه همام.. وحمدون الاول رمى السلام عام، وبعدها خص بسيمه بالسلام المميز:

الله يعطيكي العافيه يانوارة الدار وعماره. 

ردت عليه بسيمه بإبتسامه:

الله يعافيك يابوي ويعافي بدنك. 

بعد منه رمى السلام همام وبرضك خصها هي بسلام مميز:

يعطيكي العافيه ياكل عافيتي. 

بسيمه:

الله يعافيك ياابو عمران.. قرب خد بتك هقوم اغرفلكم الغدا. 

حمدون:

العيال عاودوا من مدارسهم؟ 

بسيمه:له لسه قدامهم هبابه على ماياجوا

حمدون:

خلاص نستنوهم وناكلوا سوا عشان الوكل عيحلى بلمتهم. 


أيده همام كمان في رأيه وبناء عليه سكتت بسيمه، واستغلت إن همام شال بته وعاودت تدش القمح من. تاني


همام فضل يلاعب في بته هبابه ويضحكلها، وبعدها بص لبسيمه وهي عتدش الغله وبتفكير قالها:

ايه رايك ياأم عمران لو نجيبوا مدشه بالكهربا توفر على ناس البلد الدش عالرحايه وهدت الحيل ديه.. وانتي اول اللي هترتاحي من الدش كل هبابه والتانيه؟ 

ردت عليه بسيمه وهي عتحط الغله ففتحة الرحايه وهي دايره:

فكره زينه ياهمام.. شوف الفلوس اللي معانا كد ايه ويكفوا ولا له وهاتها وحطها جار الطاحونه، وإكده محدش هيطلع غلايه بره طاحونتك ومدشتك. 


ردت لواحظ بجهلها المعهود:

طيب المدشه داي مش عايزه تتشحم بالدم ولا فاكرين كل مره هتتستر معاكم والحديد هيشتغل لحاله من غير ماتروسه تفرملها بنى آدم؟ 

خافوا النوبادي متشتغلش وترموا قرشيناتكم عالارض وتقعدوا جارها كيف الحزانه اللي قعدوا تحت الريعريعه لا طالتهم شروه ولا بيعه. 


ردت عليها بسيمه قوام:

قولتلك قبل إكده لو غلبنا انتي قاعده اهه ومهنعوزوشي حد غريب، دمنا فدقيقنا يوبقي. 

كشرت لواحظ وهمام بإعتراض زعق وقلها:

بسيمه.. بلاها منيه الهزار ديه امي عتاخد على خاطرها. 

بسيمه: عضحك معاها ليكش صالح انت.. وبعدين يعني اني لو عايزه ارميها صوح هقول قدامها يعني؟ 

مش كنت كتفتها في الليل وسديت خشمها وحطيتها في شوال وحطيتها عالحمار ورحت رميتها وشغلت ولا مين شاف ولا مين دري، ومكانش حد هيعرف حاجه واصل؟! 

برقت لواحظ بخوف وهمام غمض لبسيمه علي شفته عشان تسكت، مع إن ابتسامه خفيفه ظاهره علي ملامحه لمزح بسيمه، وحمدون باصص للواحظ وعيضحك من غير صوت وهو شايفها خافت وعنيها زاغوا شمال ويمين.. وهمس لروحه.. تستاهلي ياوجع قلبي.. براوه عليها بت عبد الصمد، والله ملجماكي بالخوف لجيم، والا كان زمانك فايعه عليها وعلينا. 


َفعلا بدأ همام يفكر في موضوع المدشه جديا.. وظاهرياً عشان يكسب منها، لكن الباطن إنه عايز يريح بسيمه من تعب الدش.. ولما عد الفلوس ولقاها تكفي وزياده قوي كمان.. قرر يجيب المدشه والباقي يشتري بيه قراط ارض ويكتبه بإسم بسيمه بدال ارضها اللي باعتها وعملتلهم بيها الطاحونه اللي شغال فيها دلوك هو وابوه وهملوا الدكانه لبسيمه الصبح وعمران بعد الضهر، وخد عهد علي روحه إنه بعد المدشه اي قرش زايد عن مصاريفهم هيشتري بيه ارض ويكتبها لبسيمه، لغاية مايعوضلها ارضها اللي باعتها ويضاعفهالها كمان.. وديه هيكون قليل عليها ومياجيش فأفضالها عليه شي، واللي لو همام طال يجيبلها الدنيا كلها عليها ويحطها بين اديها.. برضك مهيسدهاش. 

برغم إن لسا جواها شوية جفا من تلاه، لكن همام مبسوط ومرتاح معاها ومع جفاها، ودايما يقول لروحه الجفا بالقرب ولا الموت بالبعد..وحامد ربه عليها وعلى اللي عياخده منيها، وشايف إنه كفايه عليه قوي ونعمه وفضل من ربه عليه. 

❈-❈-❈


أما شام ففاقت من شرودها قدام البوابور على حس ربيعه بتها وهي عتقولها:

ام ربيعه.. يمه.. شااامه. 

انتبهت ربيعه وابتسمت وردت على ربيعه بحنين للاسم وصاحبته:

شامه؟!.. اتوحشت اللي كانت عتناديني بيه قوي.. ربنا يرحمها يارب وتكون دلوك عتتمتع بالجنه ونعيمها ومستنيانا هناك واحنا نحصلوها ويتم اللقى اللي مابعده فراق. 


ربيعه قعدت جارها بعد ماغطت العجين يرتاح، ومدت يدها وطت البابور كيف ماعلمها ابو دراع، وبمجرد ماعيملت إكده شام حست براحه من حسه العالي اللي مش معتاداه غمضت علي اثرها عيونها وهمست لربيعه:

مهتحملش الوش بتاعه طول الوكت اني ديه، دا وجع العنين من الدخانه اهون الف مره من وجع الراس من وش الفقري ديه. 


ربيعه اتجاهلت كلام امها عن الوابور وبصتلها وديقت عنيها وعرفت شام من حركتها إن فيه سؤال صعب جاي في الطريق، ديه إن مكانتش موجه من الاسئله لا حصر لها،

 فتاهبت للرد عليها كيف مامعوداها ستها عديله إنها ترضى فضولها وتجاوب علي كل اسئلتها، ودلوك عديله ماتت وإجباري شام لازمن  تتولي المهمه داي، لأن ربيعه فضولها قتال ولازمن تلاقي إجابه مقنعه على كل اسئلتها، والا مش هتسكت. 


وزي ماتوقعت شام طلع السؤال من ربيعه بدون مقدمات:

شام انتي ليه مخدتنيش وطفشتي من البيت ديه ولا اتطلقتى حتي وكنا رحنا لبيت جدي، واللي اعرفه إنه كان هيحطك فعنيه ويصونك وتعيشي كيف الملكه.. ليه يمه رضيتي ولحد دلوك راضيه بالذل ليكي وليا ومفكرتيش تطلعي بكرامتك من البيت ديه اللي كل نفر فيه مسح بكرامتك الارض ، سوا بكلمه او فعل. 


اتنهدت شام وردت علي ربيعه بوجع:

تاني السؤال ديه ياربيعه؟ 

ربيعه:

وعاشر وعشرين وماليون يمه.. لغاية ماتقوليلي الجواب اللى يرضيني ويخليني اسكت، عشان بصراحة ربنا كل الاسباب اللي عتقوليها داي مداخلاشي مخي واصل.. وشايفه إنها حجج باطله عتصبري بيها روحك علي ضعفك. 


ردت عليها شام بوجع اكبر:

واني ماهما سألتي السؤال ديه ياربيعه حداييش ليه غير نفس الجواب.. وهقولهولك تاني واني متوكده إنه برضك مش هيرضيكي.. قعدت ورضيت فلاول عشان جدك ومن بعدها عشانك ياربيعه، عشان افضل معاكي وميكسرنيش كرار بيكي هو ومرته، مقدرتش اهملك واطلع واني خابره زين ان قساة القلب دول مهياخدهمش بيكي شفقه ولا رحمه.. 


وبعدين ياربيعه الف مره قولتلك الطلاق له، الطلاق ممنوع، الطلاق عار زيه زي عار الفجر والزنا، المطلقه ناسها عيطاطوا راسهم في الارض لو مكانش فيه سبب كبير قوي لطلاقها، وكون اني هتطلق عشان ناس البيت قاسيين علي وجوزي اقسى منهم هلقى الكل يوقف ويقول كلها البيوت فيها إكده وإني عتسبل، وإن مش ديه سبب طلاقي الحقيقي، واني اكيد عشقانه واتطلقت عشان اللي عاشقاه، وتكتر الحكاوي وتكتر القصص، وجدك عبد الصمد حتي لو سكت واتحمل الحديت هيوجعه ويكسر ضهره، وغير إكده انتي كمان ياربيعه هتتعايري بيا لو اتطلقت، وكل هبابه جوزك يقولك يابت المطلقه..ديه لو اتجوزتي يعني.. انتي لساكي صغيره ياربيعه وفيه حاجات كتير مفاهماهاش ولا عارفاها.. واللي اني اعرفه وشايفاه صوح غير اللي انتي شايفاه صوح.. اني مينفعشي عشان خاطر نفسى ادوس على حبايبي واخليهم يتحملوا الوجع عشاني، مينفعشي اكون معيره لابوي اللي عطاني حب الدنيا كله واكونله شوكه فضهره.. اني يابتي من ساعة مادخلت البيت ديه واني عرفت ان نهايتي هتكون فيه، فسلمت امري وعاهدت روحي اني اتحمل، وقلت لنفسي إن ديه نصيبي من الدنيا وخدته خلاص. 


ربيعه هزت راسها بعدم اقتناع وقالتلها:

بس اللي عيملتيه ديه مش صوح خالص يمه، انتي بقيتي على إكده ظالمه مش مظلومه، ظلمتي روحك وظلمتيني معاكي وخربتي حياتنا عشان كلام الناس. 

شام:

ظلم النفس اهون من ظلم الغير، ولو عليكي انتي متظلمتيش فحاجه، انتي لسه قدامك العمر بحاله تعيشيه كيف ماتحبي، اني اتحملت كل شي عشان اكبرك.. واديكي كبرتي، وهبابه لقدام وهتطلعي بره البيت ديه وترفرفي بجناحاتك فى فضا الدنيا الواسعه.. بس ياعالم عاد وكتها هينفع تحطى تاني فحضني ولا هتحرم منك وتحصلي باقي الحبايب. بس وكتها هكون مطمنه عليكي عشان هتوصلي اللي اتقطع.


ربيعه: قصدك ايه يمه؟ 

شام:

مقصديشي حاجه ياربيعة قلبي.. ربنا يكتبلك كل الخير ويرزقك بأحلى حظوظ الدنيا ويعوضني فيكي عن اللي اتقطع مني، كيف ماعوضني بيكي وخلاكي فرحة ايامي العفشه. 

❈-❈-❈


عدت الايام وجه يوم الخميس، ودخل كرار من بره وهو شايل ومحمل هو وعزت وحتى صفوت، اشي لحم واشي فواكه واشي محلويات، وكل ديه ضيافه لخطاب شام اللي جايين بكره، ومن اول ماشافه ابو دراع  من بعيد داخل بيهم، عرف إن لساه مخه الزنخ باقى علي زناخته ومصمم إنه يجوز ربيعه، فراح عليه وغضب الدنيا كله على وشه وبصوت عالي يشبه الرعد قاله:

مش هتعمل اللي فراسك ياكرار وهيكون فيها ياموتي ياموتك. 


كرار: يوبقي موتك، روح. موت حالك يابوا دراع وريحني منك. 

ابو دراع:

ديه اخر حديت عندك ياكرار يعني؟ 


كرار:

ااااخر حديت، اني حلفت يمين ومهرجعش فيه قولتلك، آمن وصدق ومتوجعش قلبي.. خلص كلامه ودخل وهمل ابو دراع متلاع فاللي قافل مخه عليه وشكله مصمم يعمله، لكن ابو دراع عاهد نفسه إنه مش هيخليه يتم واصل. 


ولف واتدور وهو عيفكر يحلها كيف ويمنعها كيف، وهو لافف شاف مرت العمده داخله من بوابة الجنينه، بص للارض وقوام ابتعد من طريقها ومشى ناحية بيته وهو عيفكر في الحل، ويادوبك قعد وشاف ممدوح جاي يجري عليه بإستنجاد ووقف قدامه يفرفط كيف طير مدبوح ويقوله:

الحقني ياعم ابو دراع ربيعه هتروح مني، بت عمي هيجوزوها ويحرموني منها، قولي اعمل ايه واني اللي قلبي وروحي شبوا علي محبتها.. قولي النار اللي جواي داي كيف اطفيها؟ 

بصله ابو دراع واتنهد بقلة حيله، لانه هو الوحيد اللي حاسس بيه في اللحظه داي ومجرب وجعها الكتال، وكيف القلب عيكون محطوط في سيخ على جمر وعيتقلب شمال ويمين عشان تتحرق كل ذره فيه..

 وعشان عارف إن مفيش اي كلام في الحاله داي عيواسي سكت.. سكت ومطمنش ممدوح بحاجه مش فيده ويمكن متتحققش، لان كرار مادام نوى علي جواز ربيعه يوبقى هيجوزها، وإن مكانش لده هيوبقي لغيره، والمسأله مسألة وكت، واي حاجه هتتقال لممدوح دلوكيت هتوبقي مسكن مؤقت، أول ماعمه يعمل اللي فمخه مفعوله هيروح ويرجع يحس بالوجع من أول وجديد.. فقرر إنه يهمله يعيش وجعه، وخصوصي إنه عارف إن مفيش حد عيموت من وجع الفراق. 

❈-❈-❈


اما كرار واخواته فنزلوا الحاجه في الحوش، وكل واحد راح على اوضته يتسبح ويغير خلجات الشغل، 


وشوقيه عرفت ان الحاجات اللي جايبها كرار لفاتحة بته ربيعه، وكانت هتنادم شام وبتها وتكايد فيهم هبابه.. لكن وقفها حس امها اللي سمعته وهي داخله عتنادي عليها، وشوقيه راحت عليها قوام واستقبلتها احسن استقبال.. وبعد السلامات والطيبات قعدوا في الحوش على جنب يتودودوا التنين، وفى الاثناء داي كانت ربيعه عملت الكركديه اللي ام شوقيه معتشربش غيره، وشوقيه وصتها عليه بمجرد دخول امها، واللي لو اتاخرت ربيعه او شام في عمايله وتقديمه تقوم القيامه متقعدش.. 

وقربت منهم ربيعه بهدوء وهي شايله الصينيه عليها كبايتين الكركديه، وشوقيه وامها مستمرين في الودوده مانتبهولهاش.. 

ولما وصلت وراهم سمعت ام شوقيه عتهمسلها وهي عتطلع حاجه من صدرها وتدسها فيد شوقيه بخوف وحرص:


خدي ودوبيهوله فأي عصير كيف كل مره او حطيله منيه على وكله عتتاكل بارده؛ عشان مينفعش يتحط فحاجه عتترفع عالنار يفسد. 

شوقيه خدته وقوام حطته فصدرها وهي عترد علي امها:

إيوه إيوه خابره يتعمل كيف.. بس الا هو يمه مفيش حاجه تدوم العمر كله بدال اللي كل شهرين تلاته يتجدد ديه؟ 


ام شوقيه:

له مفيش غير هو ديه، مشي حالك بيه واخلصي مادام نافع وقاضي موصلحه.. مش جوزك اتهدا عليكي هبابه من ساعة الاعمال عتقولي. 


شوقيه: اتهدا فحتتة النوم جاري وبقى يتقبلني، لكن لسانه لسه كيف الفرقله معيسكتش.. بس يمه من ساعة الاعمال داي واني بقيت عحس بحاجات غريبه، عحس إنه فيه حد جارى دايماً وانفاسه جار ودني واتلفت حواليا ملقاهوش!


امها ردت عليها:

ماهو ديه حارس العمل ياهبله، هو العمل ديه ايه؟ مش جن يتسخر عالمعموله العمل ويلازمه ويكتف عقله وتفكيره ويوسوسله باللي مطلوب منيه.. وهو ديه اللي عتحسي بوجوده جارك. 

شوقيه بخوف:

يمممه.. وليه سايبه هو وقاعدلي اني وعمال ينفخ فوداني؟ 

ردت عليها امها بديق:

وفيها ايه طنشيه طول مامآذيكيش ومعتشوفيهش.. بس اهم شي انك. متصليش؛ عشان ميغضبش عليكي. 

شوقيه:

متخافيش اصلا معقدرش اصلي عحس اني عتخنق بس اتوضى وانوي. 

امها:

ايوه ماهو اللي عيخنقك.. متصليش غير لو بطلتي تعملي لكرار اعمال، غير إكده هتتعبي والشيخه هي اللي قالت إكده بنفسها،ديه نجس وعيحب النجاسه معيحبش الطاهرين 


خلصوا كلامهم وسكتوا، وربيعه اتقدمت منهم بأدين عترجف بالصينيه من الخوف والكبابي اتلقلقت من الرجفه، وبس حطت الصينيه جارهم راحت على امها جري واترمت فباطها وحكتلها كل اللي سمعته، وشام فضلت تستغفر ربها، وتهدى فخوف بتها، وفكرت شام انها تقول لكرار وتنبهه، او تقول لابو دراع وهو يقوله بحكم ان ليه كلام معاه، يمكن يوديه لشيخ ويبطل العمل ويطلع الجنون اللي سكنت البيت،، لكنها بس  اتفكرت اللي ناويه لبتها نسيت كل تفكيرها فتحذيره، وحلفت لتهمله لغاية ماشوقيه تقضى عليه بالجنون بتاعتها، وهي طول ماعتصلي هي وبتها ومعيأجلوش فروضهم مفيش خوف من اي شي. 

وضل دلوك. التفكير فالاكبر والاوعر من الجن.. العريس العجوز اللي ناوي كرار يرمي ربيعه ليه.. وبعد تفكير قررت شام إنها هتهرب بتها على بيت سيدها وهما يدسوها من كرار ويحموها منيه، ومش مهم بعد إكده اللي هتقاسيه هي من كرار، ويمكن بعد مده تلحقها، 

اصلها عند بتها ولا يمكن هتسكت او تستسلم وتهملها لكرار الظالم يظلمها ويظلم شبابها.. 

بس عشان دلوك متنفعش خطوه زي داي تتم والا هتخرب الدنيا.. قررت إنها بعد قراية الفاتحه تنفذ.. واهو يكون كرار اطمن وحط فبطنه بطيخه صيفي.

   الفصل الحادي والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

لقراءة الجزء الاول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close