أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل الحادي والخمسون51 والاخير بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم

 الجزء الثاني2 الفصل الحادي والخمسون51 والاخير 

بقلم ريناد يوسف

خلص ابو دراع عقيقته وخد بعدها مرته وولده وعاود لبيته، وعاودت معاه ربيعه وهي مرتاحه، ولأول مره تحس بإن أمها ربنا نصفها ورجعلها حقها المسلوب، 

وفضلت تتكلم مع ابو دراع كتير يومها، وفوسط الكلام حسته إنه عيمهدلها لحاجه صعبه عليها قوي، عيمهدلها لأن أمها خلاص بعدت عنها وجايز بعادها يطول، كان يقصد بالبعاد الموت وهي فهمت عليه، صحيح قلبها وجعها، لكنها قالت لروحها إن حتى لو أمها ماتت دلوك بعد ماشافت اهلها وفرحت هيكون زعلها عليها اخف، صوح وجع الفراق مش هين، بس الفراق بالموت واقع لابد منه وحاجه مابيد الانسان الاعتراض عليها، وقطب هو ديه اللي كان عيلف ويدور في الحديت عشان يفهمهولها، وهي كانت فاهماه لحالها زين، لأن عقلها برغم صغر سنها كان بالنضج الكافي اللي يخليها تفهم فلسفة الحياة والموت والفراق والقدر زين قوي.

وديه نابع من اللي عاشته وقاسته من نعومة اضافرها فبيت المقاول 


❈-❈-❈

أما همام فلما سمع إن شام عفت عن السيد وسامحته قرر إنه يروح هو كمان ويطلب منها السماح ولو تطلب الامر يركع تحت رجليها ويعملها ايش مابدها أهم حاجه ترضى عنه وتسامحه. 

وبالفعل خد بسيمه وراحوا واستسمح شام اللي سامحته هو كمان عشان خاطر اختها.. ولما قعدت مع امها قبلها وحكت معاها وعرفت ان بسيمه لغاية دلوك ممتقبلاش همام برغم العشره والعيال اللي مابينهم، وإن لسه عملته معاها واقفه مابينهم قررت إنها تصفى النفوس وتزيل العدواة. 

فبمجرد ماطلب همام السماح لقتها فرصه وسامحته من قلبها، واختلت ببسيمه اختها وفهمتها ان خلاص السنين عتمحي كل شي، وانها هي نفسها سامحت ونسيت العمله، وإن لو كرار نفسه كان عاملها بلين كانت هتغفر وتسامح وتديه فرصه وتقبل التوبه وتقدر التكفير. 

وطلبت منها بكل عزيز وغالي إنها تغير معاملتها مع همام وتديه المحبه اللي يستاهلها، وقبل منيه تحرر هواها المكتوم في قلبها وخصوصي لما بصت فعيونها وهي عتبص لهمام وشافت فيهم شي مكتوم مخفيش على شام ولقطته طوالي، فقررت إنها تشيل الحاجز اللي مابين بسيمه وبين جوزها وتخليها تعيش اللي بقالها سنين عتحارب فروحها عشان متعيشهوش. 

وعشان ديه يجرا اجتمعت شام مع السيد وهمام على طبليه وحده وابوها وامها وبسيمه وبشاير وكلت معاهم عيش وملح وضحكت واتكلمت وكآن شيئ لم يكن، وديه فعلا خلى بسيمه قعدت جار همام لأول مره واتحدتت معاه قدام الكل وحتى ضحكت على كلامه مع شام والكل، وداي كانت بداية تحرر كل شي حبسته فقلبها وكانت شرارة البدايه اللي اتأخرت سنين عشان تنطلق. 


ويومها رجعوا همام وبسيمه على بيتهم وفيه حاجه متغيره فيهم.. وليلتها بسيمه لاول مره تستسلم لهمام وتسلمه نفسها بكل رضى وعن طيب خاطر وتعيش معاه ليلة عمرها وتعيشه هو كمان الاحساس اللي عاش طول عمره يحلم بيه معاها..ويومها همام كان حاسس إنه اسعد راجل على وش الدنيا، وكذلك بسيمه كانت حاسه إنها اكتر نساء الارض حظاً بيه وبمحبته.. واخيراً داب التلج وظهرت مروج المحبه المتخبيه، وفاحت روايح الورد اللي اتفتح في القلوب من بعد سنين انتظار. 


❈-❈-❈

أما عبد الصمد ودهب فأخيراً قلوبهم ارتاحت بشوفة بناتهم كلهم حواليهم متجمعين وكل وحده فيهم ربنا قر عينها بجوزها واولادها، حتى شام الاقل حظاً فيهم ربنا عوضها بربيعه وولدها ادهم اللي نسوها سنين الشقا العجاف. 

وفرحوها فآخر ايامها اللي الكل بات يعرف انها ايام قليله باقيالها عالدنيا من تعبها اللي كل يوم في زياده بلا نقصان، وليلها الطويل اللي مش عتنامه من الوجع والعيون والقلوب قصادها بايته سهرانه وتعبانه على تعبها وموجوعين على وجعها


وبرغم إن اصعب شي عالحبيب لما يعرف ان اجل حبيبه قرب، وإنه يشوفه قدام عيونه وهو عيصارع الموت.. الا إن ديه عيخلي الواحد يتقبل الفكره ويقتنع بإن خلاص أمر الله نافذ لا محاله، والقلوب عتعود حالها عالحرمان، وديه اهون من موت الغفله الف مره. 


وفعلاً بعد شهر تقريباً قضته شام فبيت ابوها وهي عايشه في تكتم تام، واهلها عمالين يشموا ويلموا ويدسوا فيها، ووكت ماحد ياجيهم زياره دهب تعمل حالها انها هي اللي عتكح عشان الكحه المسمعه طول الليل حواليهم وعند الجيران محدش يشك فأمرها وأمر صاحبتها.. تعبت شام مره وحده واتدهورت صحتها ولازمت الفراش.. وإهنه عرف الجميع انها النهاية. 

فجات ربيعه بادهم وقعدت جارها مقيمه.. وفليله فتحت شام قلبها لربيعه وحكتلها إنها حاسه إن خلاص اجلها قرب.. بس كان نفسها لما ترجع لبيت ابوها تلاقي كل شي هملته على حاله. 

صابر ومحبته وطلعتها والبنان صحباتها والقطر وصفارته، وقعدتها في البندق والمطر والفرحه اللي هملتها إهنه وراحت وكان حاسبه انها هتاجي تلقاها قاعده علي عتبة بابها مستنياها. 


اتاثرت ربيعه يومها وفضلت طول الليل جار امها تفكر كيف ترجعلها فرحتها المسلوبه ولو ليوم واحد يخليها تحس بانها لساها عايشه في ديك الوقت والزمان اللي عقلها وروحها محشورين فيهم ونفسهم يصدقوا ان كل اللي فات من قهر ووجع مجرد حلم او كابوس. 


واخيراً اهتدت للفكره، وبس صبح الصبح كلمت خالتها بشاير واشركتها فيها واللي كانت من كذا شق وكان على بشاير تنفيذ اول وتاني شق فيها، والشق التالت ربيعه اوكلته لقطب ينفذه وهو اهل ليه. 


وعدى النهار وبس المغربيه فاحت روايحها دخلت ربيعه علي امها وبحنيه ابتسمتلها وهي عتقومها وقالتلها:

قومى ياغاليه نطلعوا السطح هبابه الجو حلو والشمس غابت والهوا عيكربل كربله.. قومي ياشامه متوحشتيش السطح وقعدته.. السطح اللي بقالك سنين تحكيلي عنه لدرجة اني كنت مفكراكي مش هتنزلي من فوقه بس تعاودي إهنه. 

ردت عليها شام بمراره:

لا السطح عاد هو السطح ولا اللي كانت شوفتهم منيه تفرحني عاد ليهم وجود. 

صابر وهمل البيت وراح بيت تاني وعاش حياته مع مرته وعياله ونسى شام ورماها من باله ولا كأنها كانت. 

وحتى ابو قلب حديد نسيني ومبقاش يسمعنى حسه ولا ينادم عليا في الروحه والجيه كيف ماكان يعمل. 


ردت عليها ربيعه وهي عتساعدها تقوم:

بس تعالى وشوفي يمكن الزمن يرجع ويرجع اللي غابو وتشوفهم العين من تاني. 

قالتها وسندت شام اللي راحت معاها وهى مش مقتنعه بكلامها وحاسه إنها عتدهلس عليها وتلاهيها كيف ماتكون عيل صغير عتلاهيه وتصرف نظره عن عياه وتعبه. 


وطلعت شام السلم مع ربيعه وحده وحده، واخيراً وصلت السطح وقعدت على قفص اللبن تاخد تاخد نفسها من طلعة السلم.. ومفيش دقايق وسمعت صوت خبطه هي عارفاها زين، فالتفت قلبها قبل عينها، وبصت وهي عتكدب روحها، لكنها شهقت لما شافته.. إيوه هو صابر بطلته وضحكته، صوح الزمن ساب بصمته عليه وشعره اتغير لونه وغزاه الشيب، ووشه اتملى هبابه.. بس هو صابر.. صابر اللي اول ماطل قلبها انتفض وقام ينبض من تاني، صابر اللي خلى وشها اتورد بلون الخجل من شوفته زي زمان.. وحست انها رجعت تاني لبت ال١٩ واللي نفسها دلوك تقوم وتبرم من فرحتها تحت انظاره وهو يتابعها بعيونه وهي عتتدلع وتتمايل ويتمنى ويتحروق بنار الشوق.. لكن للأسف الحيل معادش مساعد. 


وفضلت دقايق على حالها بصاله وعتتامله وهو متربع على الشباك وعيونه هو راخر عتاكل وتشرب فيها من الشوق وقلبه هيطلع من بين ضلوعه من اللهفه، وحس إنه عاود للأيام الخوالي، ايام ماكانت شام اكبر همه واقصى امنياته وكان عيعد الايام والساعات عشان تكون فبيته.. وبرغم إن السنين خطت على وش شام اثارها الا انها لساها فعيونه جميلة الجميلات اللي عمرها ماهتتكرر ولا هيعيدها الزمن، وهتفضل غصه فقلبه لاخر العمر، والسبب اللي مخليه مشايفش اي حد بعيونه حلو حتى مرته، وحاسس ان إن كل حريم الدنيا ناقصين حاجه، وبس شام هي الكامله مكمله من كل شي ومكتمله بذاتها وواخده كل الخصال الحميده. 


وفضل التنين على دا الحال باصين لبعض وحبل الذكريات موصول، لغاية ماقطعه صوت تاني خلي قلب شام فرفط من الفرحه.. صوت حبيبها التاني ابو قلب حديد، اللي من بعد سكوته طول المده اللي فاتت اخيراً نطق هو كمان النهارده، كيف مايكونوا كل الحبايب متفقين علي قلبها اليوم يقضوا عليه من الفرحه، فقامت اتسندت على ربيعه وراحت على سور البيت ووقفت واول ماقرب القطر ربعت اديها ليه وشاورت وهو زود في الصراخ والصفير اصبح متواصل، كيف مايكون مكانش شايفها والنهارده بس خد باله ليها.. فضحكت بفرحه، وبعد ماعدى لفت تبص لصابر اللي نسيت وجوده زي زمان وهي عارفه إن حركتها داي عتزعله وتعصبه، وفعلاً بس بصتله لقت ملامحه مكشره بنفس الطريقه وعيونه فيهم لوم وعتب، فأتبسمت هي بفرحه للغيره اللي شايفاها وحاسه إن المنظر ديه لساه متكرر إمبارح. 

وضحكت لما صابر بص حواليه ووجه كلامه لربيعه وقالها:

يابت شام.. قولي لامك تبطل مشاوره لسواقين القطورات.. قوليلها صابر عيغير وناره عتقيد.. قوليلها تلم روحها عشان ماازعلهاشي مني. 

خلص كلامه وعمل روحه زعلان وبص الناحيه التانيه، وشام ضحكت ودفنت راسها فحضن ربيعه بخجل، وبعدها فضلت قاعده شويه قبال صابر والليل حالاً ابتدا ينفخ من سواد جوفه فكبد السما ويرش نجومه فيها، فميلت ربيعه علي شام وقالتلها:

مش كفايه ياست شامه إكده ويلا بينا ننزلو الليل ليل علينا! 

بصتلها شام ومتكلمتش وكملت ربيعه بإبتسامه:

بزيادانا اليوم ياام ربيعه توبقيش طماعه لو حبيبك عسل متلحسوش كله.. خلي هبابه لبكره واهي الحبايب كلها عادت من تاني وهتشبعي شوف. 

خلصت كلامها ومسكت يدها وقومتها بشويش.. ونزلت بيها علي تحت بعد ماودعت شام صابر بعيونها وبإبتسامه جميله خلت عيون صابر اتملت دموع فى الحال وهو شايف حالها ولفين صفى بيها الزمن، وكيف إنه كان ليه يد في اللي جرالها واكبر من يد الزمن كمان، لأنه كان يقدر يمنع عنها كل ديه بس اتخاذل وخذلها وباعها وباع حبها بالرخيص وعند اول اختبار. 


وقفل شباكه بعد مانزلت شام وعاود لدنيته المترتبه، وهمل شام لشتات قلبها وفكرها. 


اما شام فنزلت السلم وهي مختلفه كلياً عن شام اللي طلعته، نزلت محمله بالفرحه والراحه، وراحت مع ربيعه على اوضتها ونامت في فرشتها وغمضت عيونها والابتسامه مفارقتش وشها، وغطتها ربيعه بغطى خفيف وطلعت وهملتها، وفضلت شام ليلتها نايمه للصبح من غير كحه ولا وجع وانين كيف ماتكون الفرحه محت حتى الوجع. 

وتاني يوم بس صحيت شام كان فيه مفاجأه تانيه اجمل فى انتظارها.. وديه لما خبط باب بيتهم وفتحت بشاير وكانت حنه اخت صابر! 

حنه اللي متجوزه فبلد غير البلد وراح صابر مخصوص ليها جابها عشان خاطر شام وبطلب من بشاير، وفهمها على الوضع كيف مافهمتهوله بشاير بالظبط. 


وبمجرد دخول حنه نزلت ولدها الصغير اللي علي باطها وجريت وخدت صاحبة عمرها فباطها وضمتها لقلبها بشوق السنين ودموعها فضلت تسح ومش عارفه تتكلم، ومفيش معاها غير بس انها ضامه شام اللي كانت مضيعاها وماصدقت لقتها. 


وبعد الحضن عاود الكلام لحنه ومسحت دموعها ودموع شام وقالتلها بشفقه على حالها:

إيه يانن عيني اللي عيمل فيكي إكده.. ايه اللي دبلك ومرضك واني كنت مفكراكي طول الوكت اللي فات عايشه فعز وبغدده ومتشاله عالراس!

ردت عليها شام بإبتسامه وجع:

عادي ياحنه، ماهو العز والبغدده مش عيدموا لحد.. المهم طمنيني عنك انتي كيفك وكيف حالك. 

وبدات حنه تحكيلها كل اخبارها وتكلمها عن عيالها وتقولها اساميهم وعمر كل واحد ووحده فيهم، واتعرفت علي ربيعه وطول القعده تحضن وتحب فيها وشايله ادهم ولدها وهي مش مصدقه إن شام قوام بقت جده قبل كل الشله بتاعتهم. 


وعلى حس الشله ميلت حنه علي شام وقالتها ان فيه مشوار ضروري هيطلعوه هما التنين بعد العصر،ومرضيتش تقولها عليه. 

وبس اذن العصر لثمتها وخدتها معاها، وكانت خطوتهم وحده وحده علي كد مشية شام، وفضلوا ماشيين لغاية ماوصلوا البندق، وإهناك بصت شام لقت كل الشله القديمه مستنيين، صوح كل وحده على باطها عيل ومختلفين اللي تخنت واللي رفعت واللي شكلها اتغير ١٨٠ درجه ومعرفتهاش غير لما دققت فيها.. بس الصحبه هي هي واللمه القديمه كلها موجوده.. فكشفت شام عن وشها ليهم واتبسمتلهم وهما قاموا عليها يجروا وكل وحده خدت دورها في السلام والحضن، ومن بعدها قعدوا سوا قعدت سمر امتدت من يعد العصر لقرب العشا، وبعدها كل وحده عاودت علي بيتها.. ورجعت شام مع حنه لبيتهم وهي حاسه إن اليوم وامبارح يومين تحقيق الامنيات المستحيله، وفعلا عاودت فيهم لعمرها وكت ماهملت البلد.. ودخلت بمجرد ماعاودت البيت وسلمت عالكل بالباط كيف مايكون ليها سنه غايبه عنهم، وخلت ربيعه ساعدتها اتوضت وصلت فروضها، وبعدها دخلت لأوضتها وهي فرحانه والفرحه هتطل من عنيها ونامت وقالتلهم محدش يصحيني اني لا جعانه ولا عطشانه ولا عايزه شي. 


وغمضت عيونها وهى على ابتسامتها، وانطفى نور الدنيا من عيونها للأبد واتوقفت الانفاس وخلصت ساعات العمر اللي قضته مابين دلع لوجع لظلم لقهر، وفي النهايه اهى راحت للحكم العدل اللي كل شي متشالها حداه في ميزان حسناتها، واكيد صبرها اللي صبرته لوجهه مش هيضيعولها واصل. 


وخيم الحزن عالجميع، لكنه حزن عاقل النوبادي، حزن هادي من غير صراخ وعويل، دموع فراق حراقه بس صامته عتكوى في القلب والروح من غير صوت.

وراحت شام لمأواها الاخير الآمن، حيث لا حبسه ولا ذل ولا فراق والاهم ان كرار مليهش وجود. 

❈-❈-❈

وعاودت من بعدها ربيعه لبيتها هي وقطب وهي متقبله فراق امها، وابتدت تتأقلم عالعيشه من غيرها، وقطب عمل المستحيل عشان يسد الفراغ اللي سابته امها فحياتها، شغل وكتها قدر المستطاع، ومكانش يديها فرصه ولا وكت انها تقعد لحالها وتستسلم للحزن.. لكن مين يقدر يحرس حد من الحزن، دا لو العيون اتحرست من الدموع هتتحرس كيف القلوب متأنش ولا تتوجع؟! 

وعدت الايام وابتدت مية العيشه ترجع لمجاريها، وكل واحد شغله حاله، واتمحت شام من الدنيا لكنها باقيه ساكنه في قلوب محبيها ليوم الدين. 


❈-❈-❈

اما كرار فرجع البلد بشوقيه، واول دخله ليه للبيت كانت اصعب دخله، لانه كان داخل وخابر إنها خلاص معادلهاش وجود فيه ولا انفاسها الطاهره منقيه جو البيت الدنس. 

وحاول كتير مع ربيعه وابو دراع انه ياخد منهم حاجه من ريحتها، لكن ربيعه رفضت بشده، وحرمت عليه ريحتها وهي ميته زي ماكان محرمها عليه وهي عايشه وحارمها من الدنيا وملذاتها. 


❈-❈-❈

اما ممدوح فاستسلم لالحاح امه وابوه ووافق إنها تخطبله ويتجوز ويخلف عيال زي ماربيعه خلفت ويعيش حياته روتيني لغاية مايحصل اللي فباله وربنا يهيأله فرصه يقدر فيها ياخد ربيعته ويرجعها ليه وهينتهزها ولو بعد قرن من الزمن، وعاهد روحه إنه مش هيموت قبل مايكون اخر راجل تتجوزه وتعيش معاه في الجنه، وديه هيكون تمن السنين اللي قضتها مع غيره. 

أما فى الوقت الحالي فهو اتوكد إن طول ماابو دراع قاعد بصحته وحيله وجبروته وقوته مش هيقدر يهوب نواحيها واصل، فهينتظر الموت او المرض هما اللي يقولوا الكلمه الأخيره فموضوعه وحاجه منهم تاجيه بالحل. 


❈-❈-❈

وعدت السنين وربيعه خلفت لقطب واد وبت كمان، واتملت حياته بيهم فرحه، وعاش وهو شايفهم عيكبروا قدام عنيه وربيعته كانت بالنسباله طول الوكت وحده من عياله مش مرته، يعاملها معاملة الازواج فحالات معينه ومواقف معينه، 


أما باقي الوكت فهي بته البكريه اللي الدلع اتخلق بس ليها وحنانه كله هي الأولى بيه في المقام الاول،وكل طلباتها مجابه ومن قبل ماتطلب تتنفذ، ومسألة تعليمها كملت فيها لغاية ماخدت شهادة الدبلوم اللي وكتها اللي تاخدها كانت تعادل شهادة كليه فبلدهم وصاحبها يبقى حاجه كبيره قوي وسط الناس واسمه متعلم، وخصوصي لو بت عتبقي حاله نادره وسط الناس. 

وقدرت ربيعه بفضلها تعلم عيالها وتطلعهم اشطر عيال في مدرستهم والافضل وسط اصحابهم. 


❈-❈-❈

اما كرار فرجع شوقيه لبيته من تاني بالاكراه، والنوبادي لا العمده ولا ولده ولا اي حد قدر يقفله من بعد ماشافوا انه خلاص ناوي عالشر وبايع روحه واللي هيتعرضله مهيسلمش من اذاه، فهملوه وهملوله شوقيه اللي اصلا مبقاش من وراها اي استفاده دلوك،

 وقرر شاكر إنه يلف على عيالها وياخد منيهم اخر فلوس معاهم ويرجعهم يشتغلوا حداه عمال؛

 لانه من ساعة مامشاهم والناس الغريبه بقت تسرقه عيني عينك، فقال مفيش غير عيال اختي اللي أمنتهم على كالي ومخانوش، وعشان يضمن بقائهم تحت امره وتحت يده قرر يجوزهم لبناته التنين، وإكده هيأثرهم لباقي العمر، ويوبقي توه اللي خدهم من كرار صوح. 


أما شوقيه فشافت على ادين كرار ذل فاق ذله لشام، ممنوع الطلعه وممنوع روحتها على بيت اهلها وممنوع هما يجوها، وممنوع تسافر تشوف عيالها اللي مبقوش يفكروا ياجوا البلد واصل، وكان ديه عقابها على انها هي بعدتهم بيدها وكرهتهم فب البلد، واول البعد لازمن تقاسيه هي.

بقى يحاسبها على اللقمه على الحركه على القومه على النومه، ومبقاش من بعد شام طايق البيت باللي فيه ودايماً ساكن المندره، وكل مايدخل عيونه تدور عليها وقلبه يتحسر على خسارتها،وإنه كان ممكن يعمل معاها اسره ويعيش اسعد واحد في الدنيا لكن تفكيره الغلط وقسوته مخلوهش شايف النعمه اللي فيده، ولا حس بيها غير بعد ماراحت منيه. 

وكل مابقى يبص لابو دراع ويشوف السعادة والراحه اللي عايش فيها والمحبه والرعايه اللي عتراعيهاله ربيعه واللي ضغرته عشرين سنه وخلته رد شباب من تاني يضروب نفسه الف صرمه إنه معاشش السعاده داي مع شام ولا اتمتع بمحبتها الي لو كان عاملها بما يرضي الله كانت هتحباله من كل قلبها، قلبها الطيب اللي معرفش الكره ولا الغل واصل حتى بعد كل عمايله فيها. 

ندم وكت ماعاد يفيد الندم. 

❈-❈-❈

أما ربيعه فدخلت لبيتها التلفزيون والدش وهي اول وحده فبيت المقاول عملت إكده، ومن بعدها الكل قلدها، وابتدت تطلع من بلدها وتشوف العالم من خلال شاشه التلفزيون، وتعرف إن فيه ناس عايشه غير العيشه وبغير اسلوب، وتتعلم منيه حاجات جديده تضيفها لجعبة معرفتها اللي بقى فيها الكتير. 


الجنينه جه وكت بيعها، وكل واحد معاه واد كبر وحب يتجوز كان يعرض نايبه للبيع عشان يجوزه بيه، وكان سلام هو الوحيد اللي فلوسه حاضره ويشترى من كل اللي يبيع، وبناءً عليه الجنينه كلها تقريباً بقت ملكه، وقطب قرر يبيع كل الغنم لانه مش هيوطأ مكان ملك سلام ولا هيقرب منه. 


ولما الوضع بقى إكده قفل ابو دراع باب بيته من جنينة بيت المقاول وفتح بيبانه عالشارع لبره، وبكده انعزل منهم وبعد عنهم خالص، واكتفى بمرته وعياله عن الكل، وحتى كرار بعد عنيه واصل، مبقاش يربطه بيه غير الوكل اللي عيوديهوله كل مايطبخ، وديه حق العيش والملح اللي كان ياكله معاه، ويسأل علي صحته من وكت لاتاني ويشوفه محتاج ايه ويديه اللي فيه النصيب، وديه حق الاخوه والصحوبيه والعشره اللي ماتهون غير على ولاد الحرام 

❈-❈-❈


ومرت سنه ورا سنه علي دا الحال، ربيعه فيهم كانت احسن حريم بيت المقاول فلوس وعلام وجمال وإهتمام من زوج مفيش اخوه مش في البلد ولا في البلاد المجاوره، له دا مفيش زييه في الدنيا كلها. 


وهو كل ماتعدي السنين والعمر يتقدم بيه يخاف اكتر علي ربيعه وعياله،، يخاف عليهم، يخاف عليهم من ممدوح وكرار وجبروت اهل بيت المقاول اللي معيرحموش، ويفكر ياترى لو هو جرتله حاجه ايه هيكون مصيرهم؟ 

ففكر وقرر وعقد العزم وجاب ربيعه قعدها قدامه وقالها:


اني لازمن ابعدك عن إهنه إنتي والعيال أني لو جرتلي حاجه متوكد إنك هتعاودي خدامه للكل، ومش بعيد عيالي هما كمان يعاملوهم كيف الخدم.


سكان البيت ديه كلهم قليلين رحمه ومروه وميتآمنوش على بعض إشحال الاغراب اللي فوسطهم.


ردت عليه ربيعه بخوف وهي عتحط يدها على خشمه تمنعه يكمل:

 بعد الشر عنك، ربنا يعطيك طولة العمر وياخد من عمري ويزود عمرك.. اني من يدك داي ليدك داي ومنين ماتودينا معاك.. بس يعني هتقدر تهمل بلدك اللي إتولدت واتربيت وكبرت فيها واني خابره عشقك ليها كد أيه؟ 


رد عليها قطب بعيون عتنطوق بالمحبه :


عشقي ليكي انتي وعيالي يفوق عشقي لأي حاجه تانيه بقناطير مقنطره.. انتوا اغلي حاجه عندي، ومن بعدكم الطوفان. 


ومن بعدها ابتدا يدبر للطلوع من البلد ويصفي كل حاجه في السر من غير ماحد يدرى بشي، ولكن البيت والحوش مقدرش يبيعهم لان بيعهم هيكشف كل مخططاته، فقفلهم وهملهم للأيام يمكن تكون مخبيالهم رجعه في ظروف احسن. 

وجاب دهب ربيعه اللي حدا حكيم.. وفليله ضلمه جاب عربيات نقل كبيره وحمل كل اغراض البيت اللي ينفع تتنقل، وخد عياله وحاله ومحتاله وقصد بحري، راح بعيلته الصغيره على مصر أم الدنيا. 

وإهناك الفلوس اللي معاه اشترتله بيت من بابه فمنطقه بعيده وهاديه عن عيون الناس وشبه مهجوره اسمها المعادي.. وسكن بيهم وفتح تحت البيت دكانه فضل يبيع ويشترى فيها ورزقها كان مكفيهم وببركة ربنا فايض. 

وبرغم إنهم ارتاحوا من بيت المقاول واللي فيه.. الا ان الحنين من وقت للتاني كان يلعب بقلوبهم لعب.. 

حنينه هو للموطرح اللي اتولد وكبر وشب وشاب فيه.. وحنين شام لجدها وستها وخالاتها وللموطرح اللي شهد ذكرياتها مع امها، وبرغم الالم اللي شافته فيه، الا انها شافت السعاده فيه كمان. وعاشت طفولتها كلها مابين الشجر العالي تتنطط تحت انظار صقرها اللي كان حارسها من كل البشر، كيف مايكون ربنا سخره ليها عشان يحرسها لروحه. 


وبعد ٣ سنين تقريباً نزلت حاجه جديده في البلد اسمها المحمول، وديه كان عباره عن تليفون من غير سلك يقدر الواحد بيه يكلم اي حد فأي وكت، بس لازمن الطرف التاني يكون حداه واحد زيه. 

فاشترت ربيعه واحد واشترت واحد تاني بخطه وبعد اذن قطب طبعاً بعتته طرد لخالتها بسيمه، وقدرت من خلاله تتواصل معاها وتعرف اخبارها واخبار الكل، وسهل عليها التواصل وهون الفراق وقرب الحبايب، وخلاها كيف اللي عايشه في البلد وعتعرف كل شي فيها. 

❈-❈-❈


اما كرار فاليوم اللي صحي فيه وشاف بيت ابو دراع مقفول بالضبه والمفتاح ولما اتحرى لقاه همل البلد وطفش اتجنن وكان عامل كيف المجنون اللي عيدور على حاجه غاليه عليه غابت عنه، ويوم يجر يوم واسبوع يجر اسبوع وبقوا شهر والشهر جر شهر وكرار مرابط قدام بيت ابو دراع خله وخليله وصاحب عمره ومستنيه يعاود، ومعيعاودش، ويوم عن يوم كرار يحس ان فراق اخر الحبايب واعز عزاز قلبه عامل كيف سوس الخشب عمال ينخر فروحه لما خلاها خوخت.. وبعد سنه كامله لحتنه سلم بإن ابو دراع خلاص راح من حياته ومعادلهوش رجعه، ففضل هايم في شوارع البلد وطرقاتها سواح.. يدورله علي خليل ولا صاحب، لكن للاسف لقى رصيد ستره خلصان من عند الكل، وكل الناس عارفه قساوة قلبه وإنه مليهش عزيز ولا صاحب، وعشان الناس معتماشيش اشباه الرجال الكل كان يحذروا بعضهم منه ويوصوا بعض بإجتنابه، وبقي منبوذ من الكل وصفى لحاله. 


❈-❈-❈


أما الايام اللي عتجري بالعمر، فوصلت بعبد الصمد لنهاية عمره، وتوفاه الله فجأة من غير اي امراض ولا حتى رقدتله جته برغم سنه الكبير، الا إنه كان ماشى علي رجليه في النهايه، لغاية اليوم اللي نام فحضن دهب واتغزل فيها كيف عادته وجات تصحيه الصبح لقته مفارق. 

وعشان موت الغفله واعر فجعة الكل فيه كانت كبيره وحزنهم عليه كان اكبر وخصوصي دهب اللي وليفها وونيس ايامها ولياليها فارقها ومبقاش ليها من بعده غير الوحده والسهر وألم الفراق. 


لكن من لطف ربنا ورحمته بيها مقعدتش وراه كتير، هما سنتين وكانت محصلاه بعد شوية تعب مرقدوهاش غير شهر واحد وفي اخر الشهر كانت مفارقه هي كمان فراق الكرام. 


وطبعاً كل ديه ربيعه كانت تعيش حزنه لحالها من بعيد لبعيد.. لكن كان معاها اللي عيصبرها على اي حزن ويخليها تعدي بيه او وجع ويعينها على الدنيا بحالها. 


كانت معتمده عليه في كل كبيره وصغيره، حتي بعد ماكبر ولدهم ادهم وبقى يقدر يطلع ويدخل وعلمه ابوه عالشوارع وخلاه يعرف يلف المنطقه كلها هو واخواته.. لكن طلبات ربيعه فضلت شيلته هو ومسئوليته، وعشان خاطرها كان مستعد يلف الدنيا من شرقها لغربها ويقلبها عاليها واطيها لو فيه حاجه مره عازتها واشتهتها وملقهاش. 


لكن ربنا قدر لربيعه انها خلاص تكتفي من الدلع علي ابو دراع وبكفاياه لحد إهنه سعادة، لان مفيش سعادة عتدوم للأبد. 

فخد منها كل سعادتها وروحها ونبضات قلبها وانفاسها المتمثله فقطبها وحبيب عمرها. 

وهملها وهي مسئوله عن ٣ عيال اكبرهم ادهم ١٥ سنه واصغرهم هديه صاحبة ال١٠ سنين وهي يادوبك ٣٥ سنه. 

وأصبحت جثه بلا روح وقعدت سنين عتحاول تتخطى فقدها لاعز الحبايب.. للي علمها كيف تعيش.. للي علمها كيف تاخد حقها من الدنيا.. للي علمها القرايه والكتابه.. للي اداها من روحه واداها ١٦ سنه من احلا سنين عمرها.. بل هما دول كل سنين عمرها..للي كانلها الاب والاخ والصاحب والسند والعون. 

بإختصار بموت قطب ربيعه حست انها معادتش عايشه وان حياتها انتهت.. وانها مكمله تحصيل حاصل عشان خاطر عيالها اللي ملهمش حد غيرها. 

وحملت الامانه على كتافها وعلمت عيالها وادتهم اعلى الشهادات، وهملت كل واحد فيهم يشق طريقه كيف ماهو عايز. 

وحتى هديه خلتها تدخل الكليه اللي حبابها ومغصبتهاش علي حاجه، ولا غصبتها على جواز مهما جالها عرسان، لانها حابه العلام وحابه توصل لأعلى الدرجات.. وبصراحه ربيعه مأيداها ودايما تقولها إن العلم الأَول ومن بعده ياجى اي شي. 


❈-❈-❈


رجعت ربيعه من شرودها وانتبهت على جرس الباب بيرن، فراحت فتحته واستقبلت احباب قلبه وكتاكيتها الصغيرين اولاد ادهم وأولاد معتز وبتها هديه اللي جابتهم فطريقها كيف كل يوم بعربيتها وهي معاوده من شغلها. 


وديه لأن ادهم ومرته ومعتز ومرته عيكونوا في الشغل في الوكت ديه وطبعاً عيكونوا مطمنين لأولادهم اللي فيد آءمن واحن الناس، أمهم التانيه ربيعه اللي مش عيقولولها ستي اوجدتي او حتي تيته.. له دا الكل عيقولها ماما ربيعه من خشم مليان.. ووكلهم وشربهم ولبسهم وكل حاجه تخصهم مسئوليتها وهي اللي متطوعه ليها بكل محبه وعن طيب خاطر. 

ووجودهم حواليها معوضها عن غياب ولادها عنها وانشغالهم في مشاغل الحياة. 


وبرغم إن اعز الولد ولد الولد والمفروض محبتهم وغلاوتهم تكون وحده فقلبها.. الا انها متنكرش إن فيه واحد مابينهم عتحبه اكتر وغلاوته فقلبها اضعاف وديه شي مش بيدها.. ديه لأنه ورث شكل جده قطب وملامحه بالملي.. ورث عيونه وابتسامته وطريقته في الكلام وحتى تقله فى الردود، ضخامة جسمه وشكله اللي سابق سنه قوته الواضحه من بين اقرانه، بمعنى اصح قطب على صغير وماادراكم ماقطب على قلب ربيعه. 


وبعد السلامات واستقبالها ليهم بحفاوتها المعتاده، دخلوا غيروا هدومهم وهي راحت عالموطبخ جهزتلهم الغدا وحطته واتغدوا كلهم، وبعدها قعدوا مع عمتهم هديه تزاكرلهم دروسهم وتساعدهم في حل واجباتهم، وتفضل معاهم يسألوها وتجاوب بصدر رحب وطولة بال لحد ما تاجي امهاتهم ياخدوهم لشققهم ويقضوا معاهم يادوبك ساعه ولا ساعتين وبعدها ينزلوا تاني لستهم يناموا عندها ويستانثوا بكلامها وحواديتها عن بلد الجدود وبيت العجايب، اللي كل شي عفش عيجرا فيه، وعامل كيف بيت الرعب اللي داخله مفقود واللي خارج منيه مولود.. ويفضلوا يتخيلوا كل كلامها ويجسدوه في خيالهم ويرسموا المكان بحياطانه وسوره واشجاره، لكن لا عارفين انهي بلد اللي عليها القول، ولا ربيعه عتقول معلومه تخليهم يندلوا على عنونه، وفضولهم ياخدهم ليه في يوم من الايام. 


❈-❈-❈


وبعد ماالكل ينام تفضل ربيعه صاحيه الليل مابين صلاتها وذكرها وذكرياتها، وحس قطب وكلامه المعسول اللي لسه عيرنوا فودانها لحد يومها هذا وعتسمعهم بالكلمه.. غزله ووصاياه ونصايحه وهمسه وقت الصفا، وحتى نظراته اللي كان يبصلها بيها فآخر ايامه وهو عيتملى منها ويشبع عيونه اللي خابر زين انهم عيتقفلوا ويتحرموا من شوفتها. 

كل دول كل عشيه عتفرشهم على مخدتها وتنام وسطهم وتتلفح بيهم، وفيدها سبحتها اللي ورثتها من امها ومن قبلها كانت فيد ستها عديله معتفارقهاش، واليوم صفيت فيدها معتفارقهاش. 


أما اخبار اهل البلد فربيعه عتعرفها أول باول من خالتها بسيمه.. بسيمه اللي كل ماتكلمها تتشمت فأبوها كرار الدي بقي حاله حال الكلب الأجرب اللي الناس كلها عتخاف تقرب منيه بسبب جسمه اللي نخله المرض وصفى كيف عصاية الخزران ومحدش عارف علته فين،والبوظه وشربها عملوا فيه العمايل. 


ومن بعد ابو دراع وعطفه عليه بقى عايش ورا باب البيت على دكه محدود الحركه لا عيقدر يقوم ولا يمشي غير بس للحمام ويرجع تاني يخض وينهج وبالعافيه يقدر ياخد انفاسه، وديه عرفته بسيمه من ولد عزت الصغير صاحب ولدها الروح بالروح واللي عيحكيله كل كبيره وصغيره فبيت المقاول، واللي بسيمه مخلياه يماشيه لاجل الغرض ديه بس. 

واخيراً اتحققت فيه دعوة ربيعه واتحقق فيه القصاص العادل، واتحرم من عزاز قلبه واتحبس في البيت غصب عنه مبقاش يشوف الشارع ولا الناس، وداق الذل من بعد ماكان عزيز قوم، والقهر عياكل فقلبه وكل والآه بتاعته فجوف الليل عتسمع الفايت في الطريق وعياله مفيش فيهم واحد قلبه حنون يفكر ياخده يوديه لحكيم يعالجه وعايش على بخاخ للنفس مفعوله مؤقت عيخلص ويقول بوووه لما يهون ربنا ، وديه قصاص رب العالمين العادل اللي جازا الهجر بالهجر والحبس بالحبس والمرض بالمرض. 


❈-❈-❈


اما شوقيه فعاشت اسود ايام حياتها، وكل ذنب عملته فدنيتها خلصه منها كرار ذل وإهانه وحبس، وغير إكده من كتر القهر جالها مرض فمعدتها خلاها متقدرش تاكل الزاد غير بس قوت لتموت، وكمان الحاجه اللي تاكلها تعض بعدها الارض من وجع معدتها، وقضت ايام مايعلم بيها الا الله وهي محرومه من مباهج الحياة ومن أبسط نعمها، الا وهي الوكل، اللي كانت تشتهيه واتحرم عليها، وفضلت عالحال ديه لحد ماماتت، ماتت وهي جعانه ومش قادره تاكل، ماتت وهي نفسها تحط الوكله اللي عتحبها وتشتهيها ومقادراش.. ماتت عتتعذب بالحرمان، ماتت تبص عالوكل بعينها من بعيد لبعيد.. بالظبط زي ماجه وكت عليها كانت تخلي شام وربيعه يبصوا عالوكل ويعملوه بيدهم وميدوقوهوش غير بعد ماتأذنلهم حتى لو هيموتوا من الجوع. 

(وإن ربك لبلمرصاد) 

❈-❈-❈


وفي النهايه صفي بيت المقاول خراب وناسه كلهم متفرقين، وكل واحد فيه مبقاش يعرف التاني، عشان اللي اتربى عالجفا عيموت عالجفا. 

مفيش فيهم بس غير سلام ومعروف اللي لو مال واحد فيهم فيوم التاني عيسنده ويساعده يقوم، وديه نتاج حب امهم ليهم وعدلها مابينهن وحنيتها عليهم وعدلها اللي مخلاش النفوس تشيل من بعضها والاخ يكره اخوه كيف ماعيملت حوريه بتفرقتها بين عيالها.

 ❈-❈-❈


أما بنات عبد الصمد فربنا عوضهم وبدل كل قهر عاشوه براحة بال وسعادة، صوح خسروا شامة قلوبهم وخسروا ابوهم وامهم، بس عشان مآمنين بالله ربنا رمى على قلوبهم الصبر وخلاهم تخطوا وعاشوا، وكل اللي كان تاعبهم فلاول شوية الحنين اللي عيمزعوا القلب في بداية الفراق، وبعدها ياجي التعود يخفف حدتهم ويباعد بين نوباتهم ويصبر القلوب. 


❈-❈-❈


وصلنا لنهاية قصتنا 

ودي كانت حكاية شام وربيعه مع نفق الجحيم وبيت الظلم اللي عاشوا فيه حياة محدش غيرهم يقدر يتحملها مهما بلغت قوته وصبره.. ودي كانت رساله مباشره من ربيعه خاطرت فيها مخاطره كبيره عشان توعى البنات لمخاطر جريمة الاغتصاب، وكمان عشان تضرب مثل بيها وبأمها لكل ست داقت فعينها الدنيا وشايفه انها واقع عليها ظلم بين بسبب مشاكل بسيطه ممكن تتحل بسهوله وحبة تنازل، ويفكروا بعقليه اكبر وادراك اوسع..


 خاطرت وهي وهي عارفه إنها لسه فبال ممدوح وتفكيره ولو عرف مكانها هيعمل حاجه من اتنين مالهمش تالت.. يأما هيتجوزها ودي حاجه مستحيله، يأما هيموتها ودا عندها اهون.. لكنها في الحالتين فضلت البعد عن الشر واجتنابه، وعشان اي حد من سلسال بيت المقاول جوا منيه شر مستطير هي بس اللي عارفاه ومتوكده منيه، وبالذات ممدوح اللي شارب من طبع عمه كرار لما تايع وعارفه انه ممكن يعمل اي شي من غير مايرفله جفن مخافتش على روحها كد ماخافت علي عيالها وامانة قطب اللي امنهالها، ففضلت محافظه على الاختفاء والتخفى والسريه ضماناً وإحتراساً. 

نبشت الماضى وقلبت في جمره اللي لساه ساكن فقلبها واتحملت وهج الذكريات الاليمه بس لجل خاطركم ولجل تقدملكم عبره وعظه. 

ندعوا الله لها بالصحه وطول العمر


 ونطلب لموتانا الذين فارقوا الحياة الرحمة والمغفره، بدايتاً من الجد كارم لتوفيق لعديله لعدويه لشام لعبد الصمد لدهب لهمام.. داعيين الله ان يقبل توبة من تاب وان يتجاوز عن سيئات من اخطأ

                      تمت


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close