أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل الحادي والاربعون والثاني والاربعون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني2 الفصل الحادي والاربعون والثاني والاربعون 

بقلم ريناد يوسف

شام فاقت من شرودها على فتحة بتها لباب الأوضه ودخولها عليها وهي عتضحك بفرحه، وورتها اللي جابهولها ابو دراع، وقالتلها عاللي عمله عشانها، 

وشام اتبسمت بفرحه وضمت بتها لصدرتها تهدى توتر فرحتها، وهمستلها فودنها:

ابو دراع العوض الجميل لينا احنا التنين ياربيعه.. ربنا يسوقله من الفرحه اللي عمره ماجه فخياله حتي.


خلصت كلامها وفضلت تتفرج على دفاتر شام واقلامها وبعدها طلعت معاها يجهزوا الوكل لابوا دراع، الوكل اللي اول نوبه ربيعه وامها يطبخوه بكل محبه ويحطوا فيه من روحهم ومن فرحتهم، وعلى كد ماوكلهم طول عمره لا يعلى عليه وعيعجب الكل.. 

الا ان الوكل اللي عيتعمل لابوا دراع مخصوص عيوبقي غير، وحلاوة الدنيا كلها فيه، وابو دراع عياكل منيه ملوا بطنه ويفضل يقول لحاله مع كل لقمه إنه لا كان عيطبخ ولا اللي طول عمره عياكله ديه طبيخ من اصله! 


وغابت شام وربيعه يطبخوا ويجهزوا، وابو دراع طلع قعد في الجنينه، وقعد معاه ممدوح اللي من ساعة ماشاف فرحة ربيعه وحضنها لابوا دراع وضمتها ليه والبوسات اللي طبعتها على خده وحده ورا التانيه، وكانوا عينزلوا على قلبه كيف مايكونوا احجار من سجيل خلوا قلبه يعاني سكرات الموت مع كل حبه،


 والحسره سكنت روحه وهو عيشوف قدام عيونه كل حاجه حلوه في الدنيا عيقدمها ابو دراع بداله لربيعه، ويقطف بكر فرحتها،واتوكد إنه عالحال ديه على ماياجي هو ياخدها مش هتكون ناقصاها اي حاجه في الدنيا، ومش هتوبقى فيده فرحه يفرحهالها اكبر من اللي عطهالها ابو دراع.


وفعلاً ابو دراع خد لقلبها وعقلها وروحها كل الخطاوى اللي المفروض هو يخطيها، وسببق.

وعند البنيه دايماً البادى بالموده احن واحب وارحم وعيسكن الروح، وديه ممدوح عارفه زين.

أما ابو دراع فكان قاعد ساكت وعمل شاي وصب لممدوح، ومرضيش يبررله موقف ربيعه ولا اللي عيملته، لأنه مش هو المسئول عنه ولا حثها عليه، ومجرد تبرير ذنب الواحد مرتكبهوش ولا ليه فيه يد، عيخليه شريك فيه فعيون اللي عيتبررله، وداى قناعة ابو دراع.


أما ممدوح فشرب الشاي وهو سرحان وعيفكر، وبرغم ان الشاي كان سخن بناره الا ان النار اللي كانت جوا ممدوح كانت اشد واحمى،

 وعشان اكده محسش بحموا الشاى وشربه على بوقين، وبعدها قام مشى من جار ابو دراع وعاود على بيتهم وهو على نفس سكوته الخارجي، لكن جوا منيه ضجيج العالم كله.. وقرر قرار فلحظة ضعف ووجع وشاف ان هو القرار الامثل في الوكت ديه، واللي هيجنبه وجع كتير قوي مهيتحملوش قلبه.


وراح عالبيت وفضل مستنى ابوه اللي بمجرد رجوعه من الشغل ودخوله البيت ممدوح راح عليه وسلم وبعدها قاله بنبرة واحد واخد قراره وحاسم أمره :

أبوي اني عايز اطلع الكويت، اتصرف وطلعني.


بصله صفوت وبرق عنيه بإستغراب وقاله:

وه.. ايه القرارات المفاجأة داي؟

ممدوح:

مش امفاجأة ولا حاجه اني بقالي فتره عفكر فيه وعقلبه فراسي.

صفوت:

طب وعلامك مش هتكمله؟

ممدوح:

له مش هكمل كفايه علي لحد إهنه علام، اني لا عايز اتوظف ولا ابقى خوجه.


سكت صفوت وبص لعزت اللي كان قاعد جنبه وهزله دماغه بحركه يسأله فيها عن رأيه؟

 فرد عليه عزت:

خليه يسافر وطلعه من الجهاديه  بقرشين يمكن يعمل في الكويت اللي مهيقدرشى يعمله إهنه.

 عنسمعوا إن شغلها كتير وفلوسها اكتر وخصوصي للي عيعرف يسوق معدات تقيله زي ممدوح.

سكت صفوت وهو عيدورها فعقله

وقام ممدوح من جارهم وطلع، وهو عازم انه ياخد قلبه ويهروب بيه من وسط القهر، وراح قعد على المعديه وابتدا يحاول يرتب افكاره ويخطط لحياته الجايه وكيف بدو يبنيها، وكل ماعقله يحاول يفكر او يخطط، منظر ربيعه وابو دراع مش مخليين عقله يركز فأيوتها حاجه.

❈-❈-❈


أما حدا همام وبسيمه


اخيراً بسيمه ابتدت تفك وشيعت لهمام عالغدا من بعد ماقعد يومين بحالهم مياجيش البيت وتبعتله وكله عالطاحونه مع عياله، واخر النهار يشيعلها ايراد الطاحونه والمدشه، وهي تاخدهم ومتسألش عنه ولا تشيعله، ولكنها قالت فعقل بالها لميته هنفضلوا على الحال ديه؟ ماهي طالت ولا قصرت مسيره هيعاود فبلاها عذاب ليه، 

وشيعتله ورجعت الميه لمجاريها اللي راضي بيها همام برغم عكارها.. وعاودوا لروتينهم وحياتهم، واول ليله يعاود فيها حدتوا بسيمه عن حتتة ارض معروضه للبيع وهي محوشه حقها، 

وهو فوراً وافق، وتاني يوم طوالي خد الفلوس واشتراها وسجلها بأسمها زي اي حاجه عيشتريها.. 

وعاودلها بالعقد وهو فرحان عشان يفرحها.. لكنه لما رجع البيت مكانتش بسيمه قاعده وعياله قالوله انها راحت حدا جارتهم تساعدها عشان بقرتها عتولد ومفيش حد معاها.

فقعد همام يستناها، ودخل عليه ابوه من بره، ولما سأله مراحش ليه الطاحونه النهارده، حكاله عاللي عيمله ووراله العقد وحمدون فرح وهمس بحس مسموع:


تستاهل كل خير بت عبد الصمد، إمبارك عليكم ياولدي ربنا يوسع عليكم ويزيدكم من نعيمه.

خلص حمدون كلامه، لكن لواحظ كان ليها رأي تاني لما ردت عليه بإعتراض:


يزيده من ايه ياحمدون؟ وفينه النعيم ديه وهو كل مايشتري شبر ارض يسجله بأسم بت عبد الصمد، دول مكانوش كام قيراط اللي باعتهمله وعماله تحوز موطرحهم ففدادين؟!

همام:

فلوسها وبتاعها يمه وحقها.


لواحظ: وتعبك وشغلك وشقاك انت فينه؟

رد عليها حمدون:


تعبه وشقاه عيوكل بيه عياله وفاتح بيه بيته ومكفى كل طلباتنا يالواحظ، ولا ديه ممحسوبس من ضمن شقاه وتعبه؟


لواحظ:وفين اللي عمله للزمن لو جار عليه ياحمدون؟

همام:

الزمن طول مابسيمه معاي يمه معايلهوش هم، وزي ماجار علي قبل سابق ولقيتها فضهري وسانداني، لو جار عليا الف مره هلاقيها برضك فضهري. 

وزي ماقبل سابق باعت اللي مليش حق فيه وساعدتني بيه وعطتهونى بنفس راضيه، وبفضلها رجعت امشى على رجلي، اني هديها روحى مش بس كل قرش اعمله.


خلص كلامه وابوه ابتسمله وطبطب على كتفه وهمسله:

اصيل ياولدي وتمر فيك المعروف والله.


ردت عليهم لواحظ بغضب:

طيب انتوا معاوزينش حاجه واللي حدا مرتك لعيالك، حدش فكر فالولايا اللي فرقابكم، هيورثوا ايه يرفعوا راسهم بيه قدام إجوازهم، ولا هيطلعوا في الاخر بلا مواريث؟


رد عليها حمدون بإستغراب:

مواريث ايه وولاية ايه وهتورثيهم فبتاع مين يامجذوبه انتي؟ هناخدوا من مال الولايا عشان نورثوا ولايانا؟

ليهم حق ايه ففلوس بسيمه بناتك ولا يورثوا منها باي عين؟ هي الطاحونه والمدشه والدكانه كانت من فلوس ابوهم ياك؟

ردت عليه لواحظ بتصميم على موقفها:

له من فلوس بسيمه من ورثها ودهبها والقرشينات اللي كانوا معاها.. بس كل اللي دفعته رجعلها اضعاف، الفلوس بقت مليهاش عدد تحت يدها، والدهب مالي دراعاتها التنين ومسند على صدرها، والاراضى اللي بأسمها يرمح فيها الخيال، بزياداها عاد.


همام وأبوه بصوا لبعض وسكتوا مردوش عليها، وحمدون هز دماغه بقلة حيله وعدم رضى، 

وهمام طبق العقد وحطه فجيبه واتبسم بفرحه وهو واعى عليا بته داخله من باب البيت تجرى عليه وخدها فباطه، وطلت بسيمه من وراها كيف الشمس اللى عتنور دنيته كلها،

 وابتدت عليا تحكيله عن البقره اللي ولدت وهو يسمعلها بإهتمام، ودخلت بسيمه تتشطف، وبعد ماعاودت عطاها العقد وحب علي راسها وباركلها وفرحها، 

وكل ديه قدام لواحظ اللي كانت هتموت من غيظها؛ وهي واعيه ولداها كل غالي عنده عيرخص وعيهون لاجل خاطر وعيون مرته، ومشايفاهوش غير دلدول مرته.


وقامت بسيمه حطت العقد في الصندوق مع باقى العقود وقفلت عليه بالقفل، وطلعت تجهز الغدا وتغدى عيلتها اللي من صغيرهم لكبيرهم معتمدين عليها فكل كبيره وصغيره، وأمورهم كلها معتمده عليها. 


أما همام فقام دخل اوضته وخد عليا معاه واتمدد على السرير ونومها على دراعه وابتدا يقولها الكلام اللي عيقولهولها دايما كل مايكونوا وحدهم بعيد عن الناس:


عليا يابوي، اوعاكي تمشي فطريق فاضي فيهش حد. واوعاكي تطلعي في القياله. واوعاكي واد يقولك تعالى اوديكي لابوكي ولا امك ولا أي حد تروحي معاه. اوعاكى حد يمد يده عليكى ويحسس على جسمك ولا يرفع خلجاتك ولا يقولك وريني حاجه فجسمك وتهاوديه. 

ديه هيكون عايز يموتك ولو شاف حاجه من جسمك ولا مد يده عليكي يوبقي إكده خلاكي متنفعيش تعيشي ولا تكبري وتتجوزي وتجيبي عيال، 

هيوبقي عداكي بمرض تموتي بعديه طوالي، ادين الولاد عفشه وفيها مرض لو لمسو بيها بت عيموتوها. 

عليا:

حتي اخواتي يابوي؟ 

همام:

اخواتك له، اخواتك يمسكوا يدك ويحطوا اديهم حوالين رقبتك ويحضنوكي لما يغيبوا عنك وتتلاقوا، بس غير إكده له، بس كمان تقعديش قدامهم عريانه ولا لابسه قصير، وتنتبهى على لبسك وعلى قعدتك قدامهم برضكظ عشان توبقي فعيونهم عاليه الحلوه الزينه المؤدبه.. صوني نفسك يابنيتي عشان الكل يحبك ويرفع راسه بيكي واني اولهم.


خلص كلامه معاها وهي هزتله دماغها كيف كل مره والله اعلم عتفهمه ولا له، بس المهم انه قال اللي عنده واللي مش هيبطل يسمعهولها لغاية ماتحفظه اكتر من اسمها وتفهمه زين قوي، 

ويحاول على كد مايقدر يحرسها ويحافظ عليها،

 وخصوصي وهو مرعوب من قصاص ربنا، ومن دعوة دعتها بسيمه عليها فأكتر ساعة استجابه، ولساه كل مايفتكرها قلبه يتزلزل. 


ونام بعدها وهو واخدها فحضنه وقافل دراعاته عليها بخوف، كيف ماتكون جوهرته الغاليه اللي نفسه يداريها عن عيون كل الناس ويحافظ عليها من خبث نواياهم. 

❈-❈-❈


أما حدا بيت العمده


شاكر:

ايه هو اللي عايزه تفهميه ياشوقيه بس؟ مالك انتي ومال شغلى يابت ابوي تتدخلي فيه ليه وتسألي عنه داي مرتي ماعتعملهاش! 


شوقيه:

وفيها ايه لما استفسر واعرف شغلك الجديد، مش يمكن يعجبني اشاركك فيه بدال ماتجيبلك شركا من بره وتدخل الغريب معاك. 

شاكر: تشاركيني؟ طب والله فكره. 

بصي ياستي، اني هشتغل في تصدير الفواكه والخضار لبلاد بره، يعني اخد محاصيل الجناين والغيطان من إهنه على مصر واغلفها زين واشيعها علي بلاد الاجانب في البواخر واقبض اضعاف حقها وبالدورار. 


شوقيه: عتكسب كتير يعني؟ 

شاكر: يوووه بالكوم، ديه صاحبي باع ارضه كلها وهمل البلد وراح عمل شركه وبقى عين اعيان مصر وباشا كبير قوي قوي. 


شوقيه سرحت بعيد وابتسمت:

واااه، باع ارضه وهمل البلد وراح عاش فى بحري خالص؟ 

شاكر: إيوه امال ايه وهي عيشة البلد تاجي ايه في عيشة بحري والمدن والنضافه. 

شوقيه فى سرها:

ولا ناس إهنه ياجوا ايه فناس بحرى وحلاوة ناس بحرى وكلامهم المعسول ولسانهم اللي عينقذ شهد مكرر.. ااااه ياعيد يامين يجمع الغايب ويرد الحبيب لحبيبه بعد سنين فرقه وضيم؟ بس معقوله تكون داي فرصه وربنا عطهانى عشان يقربني منك ويقربك منى من تاني؟ 


خلصت كلامها وبصت لشاكر وبإصرار قالتله:

شاكر اني هبيع لارض كلها واشاركك بحقها، واعملها شركه كبيره وخد عيال اختك علمهم الشغلانه وودكهم وحببهم في البندر وعيشته، واني لو مشى الحال هبيع الباقي من أملاكي والمعدات كلها واهمل البلد واروح اسكن فبحرى مع عيالي. 


شاكر: تهملى البلد! طب وكرار؟ 

شوقيه:

جه معانا جه مجاش خليه مرزوع فيها البلد، هو إكده ولا إكده مليهش عازه معانا لا اني ولا عياله. 

خلصت كلامها وقامت راحت عالبيت وجابت كل العقود بتاعة الارض وادتها لاخوها عشان يبيعها، وطبعا انتهز هو واخوه الفرصه بتشجيع من ابوهم واشتروا هما الارض منها بنص حقها،


 وادته دهبها كله كمان عشان يبيعه ويحط فلوسهم على فلوس الارض، وكل ديه من غير متاخد منهم وصل ولا اي دليل على انهم خدوا منها حاجه، وقالت الاخوة اللي بينهم عقد. 

واكتفت في الوكت الحالي بالمعدات وشغلها وايرادها اللي عتجيبه فمصاريفها هي وعيالها ومصاريف البيت.

❈-❈-❈


أما كرار فشوقيه ومرواحها على بيت ابوها كل هبابه وغيابها عن البيت ولا كان هامه ولا كان يقولها رايحه فين ولا جايه منين لو غابت يومين حتى.. اهم حاجه عياله ميغيبوش عنه، وفضل يحاول مع شام كل يوم ويحاول يتقرب منها ويكلمها وهي مكانش حداها ليه غير الصد.. 


وحتى ابو دراع لما كان يقعد جاره ويحكى معاه كان يلاقى وشه تقيل عليه ويرد عليه من تحت الضرس وبالعافيه، وحتى لما طلب منيه مساعدته فإنه يهدى شام عليه ويلين دماغها، وحلفله إنه هيعاملها بالحسنى.. ابو دراع رفض وقاله مليش صالح بالموضوع ديه. 

والمره وجوزها مفيش حد يتدخل مابينهم.. والكلمه داي جننت كرار وخلته يصرخ فوشه من غير وعي:


إيوه فدي المره وجوزها حدش يتدخل بينهم، لكن لما يكون الحق معاها هي تتدخل وتتدخل وتمد يدك عليا كمان وتعدمني العافيه!

ابو دراع بعدم مبالاه:


داي غير داى.. اللي عتحكى فيه إنت مسألة رضى وقبول، وشي النفس وحدها اللي تقدر تحدد هتقبله ولا تعوفه.. الا قرب الجسد ياكرار مفيهش غصبانيه.. داي البهايم والحوانات وكلاب السكك معتعملهاش ولا تقبلها على روحها..خليك عالاقل كيف الحوانات لو مش قادر توبقى بنى إدم. 


كرار اتنهد وسكت وهو واعي كل البيبان عتتسدد فوشه، والوصول لشام اصبح مستحيل بالذوق او بالعافيه.. بالذوق هي رافضه وراكبه راسها، وبالعافيه بقت فى حمى ابو دراع اللي ميقدرش دلوك يتعدى عليه ويوصلها بقول او بفعل. 


وقام بعدها طلع من البيت وهو محتار الخطاوى ومعارفشى يروح فين ولا ياجي منين، ورجليه خدته عالغرزه وإهناك نفسه اشتهت البوظه وطلب وشرب منها لما عمى ومبقاش عارف يمينه من شماله،وعاود اخر الليل مع وتحد من الشغالين في الغرزه ونام في المندره للصبح محدش شافه ولا حس بيه. 

❈-❈-❈


أما ربيعه ففي اليومين اللي فاتوا، ابتدت تروح لفصول محوا الاميه، في البدايه خدها ابو دراع اليومين الاولانين وداها وقعدها في الفصل، 

وابتدت اول دروسها، وابتدت تتعرف على شكل الحروف ورسمها، وحطت رجلها اخيراً علي اول طريق لأكبر حلم ليها، واللي عاشت طفولتها كلها تحلم بيه وتتمناه. 

وخدت اول درس ومع الشغف والحماس حفظته صم من وهي في الفصل، وبس روحت مسكت القلم والدفتر وفضلت تكتب في أ.. ب.. ت..وكل ماتكتبهم تمسحهم وتكتبهم من اول وجديد، لغاية مااتعلمتهم وحفظتهم، وطول الوكت الفرحه مش سايعاها وهي ماسكه قلمها ودفترها وناسيه نفسها وناسيه الدنيا باللي فيها. 

وابو دراع وامها طول الوكت عينهم عليها، وامها توكل وتشرب فيها، وابو دراع يجيب تسالي ويحط قدامها عشان متزهقش وتاكل ومتنساش روحها. 


وجه اليوم التالت،ولبست ربيعه ملسها ومسكت دفترها واقلامها وكتيب الحروف بتاعها وطلعت لابو دراع في الجنينه وقالتله بحماس:


يلا بينا ياعم اني جاهزه. 

بصلها ابو دراع وعمل حاله مشغول ومسك غنمه ونومها وطلع المقص من جيبه وقالها:

له اني مشغول النهارده مرايحش. 

كشرت ربيعه ومدت بوزها وردت عليه بزعل:

طيب ماشي.. ولفت ووطت راسها وابتدت تمشي ناحية البيت تاني، فوقفها حس ابو دراع وهو عيقولها:

اخدي إهنه. رايحه فين؟ 

ربيعه: معاوده للبيت اقلع الملس وارجع الدفتر والاقلام مش قولتلي انك مرايحشي معاي! 

ابو دراع رد عليها وهو رافع حاجب واحد:

وهو لما اني مااروحش معاكي تبقيها ومتروحيش يعني؟ 

ربيعه:

امال اعمل ايه يعني؟ 

ابو دراع:

تاخدي بعضك وتروحي انتي علي فصلك ولا انتي صغيره؟ 

ربيعه:

اروح لحالي؟ 

ابو دراع:

ايوه لحالك فيها ايه، داي العيال اللي كد الهبابه عتلف البلد لحالها وانتي طويله طول النخله اهه وماشالله عليكي.. يلا يلا اتوكلى على الله الدرس هيفوتك. 


خلص كلامه وقعد عالارض جار الغنمه وابتدا يقص فيها، وربيعها لساها واقفه على راسه ومش مستوعبه اللي هو طلبه منها! 

لكنها اتحركت فوراً علي بره اول مازعق فيها وقالها:

يلا ياربيعه واقفه متصنمه إكده ليه خلصي الحقي وكتك. 


وبس اتحركت ربيعه هو رفع عينه عليها يراقبها وهي ماشيه، وكذا مره تلف وشها تبص عليه، واول ماتعمل إكده هو يبص للغنمه ويعمل حاله مش منتبهلها، 

لغاية ماطلعت من البوابه بتاعة الجنينه.. وبس عيملت إكده ابو دراع ساب الغنمه وقام، وعلق المقص في الشجره، وبخطوات سريعه تبع ربيعه اللي قرر من النهارده إنه يعلمها الطيران لحالها ويخليها تعتمد علي روحها؛ عشان تعرف تعلى وترفرف في فضا الدنيا الواسعه وتعتمد على نفسها من غير ماتسند على حد. 


اما ربيعه فبمجرد مارجلها خطت بره البيت حست بخوف ورهبه وانها وحيده فدنيا واسعه، ومش هتعرف تمشي فيها لحالها، 

ولا هتعرف تمشي وسط الناس من غير ماتتعثر الف عثره وتوقع الف وقعه.. ولفت عشان تدخل البيت من تاني وتبقيها طلعه من اصله، 

وأول مالفت ابو دراع اتدارى قوام ورا البوابه قبل ماتشوفه، وفضل باصصلها من غير ماتحس عليه، وكان خايف خوفها يغلبها وترجع، وديه معناه انها مش هتتجراء تطلع من البيت لوحدها واصل.


 ولكنه ابتسم بسعادة وهو واعيها عتاخد نفس جامد وترفع راسها لفوق وتلف تاني وتكمل طريقها بمنتهى الثبات والثقه بالنفس.. 

وتبعها ابو دراع من بعيد لبعيد حارسها بعيونه ومأمن عليها، لكنه محسسها انها لحالها، ولغاية ماكملت طريقها وهي حاسه انها عتعمل شي غريب عليها عمرها ماتوقعت انها تعمله، 

وطول ماهي ماشيه حاسه كل العيون باصالها ومركزه معاها هي بالذات، وديه كان كفيل انه يربكها اكتر ماهي مرتبكه.. ولكنها اتمالكت نفسها ومشت ملكه وسط الناس كلها وهي واثقه الخطى. 


ودخلت الفصل وفضل ابو دراع مستنيها من بره وهو متداري برضك، لغاية ماخلصت وطلعت، وعاودت فنفس طريقها وهو برضك تبعها من بعيد وهو فرحان بيها وفخور فخر أب واعي بته الصغيره عتتعلم تخطى اول خطواتها لحالها من غير مايمسك يدها. 


وبس اطمن انها دخلت البيت بسلام، عاود هو وراح عالدكان وجابلها كيس التسالي المعتاد بتاعها بتاع كل يوم يفرحها بيه زي مافرحته بشجاعتها النهارده، واثبتتله انها غير شام امها خالص. 

❈-❈-❈


اما ربيعه فبس دخلت من البوابه فضلت تدور عليه في الجنينه وهي مش مصدقه نفسها، وعايزه تقوله انها راحت وجات لحالها، ولما ملقتهوشي راحت على امها تحكيلها انها راحت الدرس النهارده لحالها من غير ماحد يكون معاها وعرفت ومخافتش من حاجه. 


وفضلت تحكي لشام وشام تسمع وفرحانه ببتها اللي ابو دراع فتحلها ابواب الدنيا الواسعه اللي قفلها ابوها عليها من صغرها وخلاها تعيش زي باقي البشر. 


وعاود ابو دراع وجريت عليه ربيعه بفرحه وحكتله انها راحت وجات لحالها، وابو دراع مبينلهاش فرحه ولا استغراب، وكان عيرد عليها بملامح هاديه غرضه منها ان ربيعه تحس ان اللي عيملته شي عادي وميستاهلش الفرحه داي كلها. 


وعطاها كيس التسالي، وربيعه خدته وهي عتفكر في عقل بالها إنها صوح ليه فرحانه الفرحه داي كلها عشان مشت كام شارع من شوارع البلد لحالها! 


ودخلت جوا بالكيس بتاعها تكتب واجبها، وابو دراع راح علي غنماته يراعي فيهم، وشام فضلت قاعده جار بتها تتفرج عليها بعيون ماليها الرضى والسعادة. 

❈-❈-❈


اما كرار 

كان معاود من الشغل بالطورمبيل بتاعه، وشاف واحد من الفلاحين اللي عيشتغلوا في الارض بتاعته، فنادم عليه وقاله:

شوال.. زقيت الغيط الغربى ولا لسه؟ 

رد عليه شوال بإستغراب:

وإنت عتسأل عن الارض وزقيتها ليه يامقاول مش خلاص بيعتوها؟ 


كرار بإستغراب:

بيعناها! عتقول ايه ياراجل انت بعناها لمين.. جبت الكلام ديه من وين ياواكل ناسك إنت؟ 

شوال:

يابوي مش انت اللي قايل لنسيبك واد العمده يبيع الارض وهو اللي وقف عالمقاس والبيع! 

كرار عليت انفاسه وفهم ان شوقيه اخواتها وابوها ضحكوا عليها وخدوا منها الارض وباعوها. 

ودور الطرومبيل وراح على بيت العمده طوالي، واقتحم المنده من غير احم ولا دستور ووقف قبال العمده اللي كان قاعد مع كام راجل من البلد وولده الكبير كمان قاعد معاهم، 

واول ماشافوا كرار وحالته، شاكر صرف الناس وبعد مامشيوا قاله:


فيه ايه ياكرار ، برضك داي دخله تدخلها علي مندرة العمده وضيوفه، وكمان مترميش سلام ربنا عالناس القاعده، ايه قلة الذوق داي كلها؟ 


رد عليه كرار بغضب:

عتبيع ليه الارض من غير ماترجعلي ياشاكر؟ 

وانت كيف توافقه على حاجه زي داي ياعمده.. انتوا بعملتكم داي اتعديتوا  الاصول كلها. 

رد عليه العمده بهدوء تام:


اوزن كلامك ياكرار قبل ماتنطقه وشوف عتقول ايه ولمين. 

ولو كنت ناسي افكرك ان طول مالمال مال بتي والارض مكتوبه بأسمها  الاصول معانا.. 

ومره تانيه ياتدخل بأدبك وتقعد باحترامك فحضرة العمده ومجلسه، يارجلك متعتبش مجلسي مره تانيه. 


سمع كرار الكلام ونقل عينه مابين العمده وولده، وشاكر كمل كلام ابوه وقال لكرار:


روح رَوِح ياكرار واقعد عاقل وأسأل مرتك بالهداوة باعت الارض ليه، وشوف نفسك هتستفاد ولا له، شوقيه اختى طول عمرها معتعملش غير لموصلحتك وموصلحة عيالك، ولولاها ولولا فلوسها وفلوسنا لا كان زمانك بقيت مقاول ولا كان زمانك لاقى تاكل وتوكل عيالك، وكان زمان حالك حال اخواتك شغال اجير وبعت ارضك قيراط ورا قيراط. 


كرار حس من كلام شاكر إنه عيفكره بمنيتهم عليه، ورد عليه بكل غضب


حط فبالك ياشاكر ان كل ديه من تعبي وشقاي، وإن لولاي كانوا قرشينكم قعدوا زي ماهما، قرشينكم اللي سددتهملكم اول بأول، 

والالات داي كلها والخير ديه كله بتاعي واني فلحظة غبا كتبت كل حاجه لاختك.. 


صوح ساعدتوني ومديتولي يدكم مره بس لميتوها باكتر من اللي مديتوها بيه.. ودلوك جايين تتحدتوا بكل بجاحه وبعين قويه زي مايكون الحق معاكم، والله اني لا شفت ولا هشوف نطاعه إكده! 


خلص كلامه وسمع خبطه من عكاز العمده عالارض، وتبعتها مسكه ليه من شاكر فقب جلابيته، وفضل يلز فيه على بره وهو عيقوله:

عتوصف مين بالنطاعه ياكلب إنت، احنا انطاع، يامقاول من مال الست ياعويل.. امشي اطلع بره ووشك مشوفهوش إهنه ورجلك متخطيلناش ديوان مره تانيه.. وشوقيه اسمعك اتطاولت عليها بحرف واحد طلقه بربع جنيه هتكون معششه فجتتك النهارده جايبه اجلك. 


خلص كلامه وكان وصل بكرار لباب المندره، وبكل حيله رماه بره الباب قدام الغفر والناس اللي رايحه وجايه.. 

والكل وقف يتفرج عليه.. وقام كرار وركب طرومبيله وروح عالبيت وهو شايط من الغضب.

وبس وصل اتخطى ابو دراع اللي كان قاعد عالمصطبه قدام بيته من غير حتي مايرمي عليه السلام.. وابو دراع استغرب حاله وخلجاته المتمرمتين في التراب! 

وزاد العجب لما سمع حس شوقيه علي بالصراخ اول ماكرار دخل البيت ، كيف مايكون جاي من بره متحلفلها!


اما كرار فبمجرد مادخل وشاف شوقيه قاعده فحوش البيت جري عليها ومسكها من شعرها ونزل فيها ضرب بكل حيله وكل قهره منها ومن ابوها واخوها واللي عيمله فيه..

 وطول الوكت شام تستنجد بحريم البيت وهما ولا وحده فيهم راضيه تتدخل او تحوش عنها حتى بكلمه، كيف مايكونوا ماصدقوا إن كرار اخيراً هيخلصلهم منها كل شينها معاهم. 


وفضل كرار يضروب ويضروب لغاية مافش غليله فيها وهملها قاطعه النفس خالص وطلع من البيت وسابها طريحة الارض. 

وبس طلع راح المندره، تبعه ابو دراع يشوف فيه ايه لان الموضوع شكله كبير وكرار النوبادي باين عليه مغلوب مش غالب ومغلوب قوي كمان. 


وقعد جار كرار  وسأله فيه ايه فحكاله كرار كل حاجه، وإهنه ابو دراع لما شاف إن كرار وقع عليه ظلم بين، قرر إنه ياخدله حقه من واد العمده ويردله إعتباره حتي لو فيها موته.. وديه عهد خده على روحه زمان ومش ناسيه واصل. 


وبعدها همل كرار بقهره ياكل فى نفسه ودخل البيت من تاني، وقعد في الجنينه يفكر فى الطريقه اللي هيتلافى بيها شاكر واد العمده ويمرضغ كرامته قدام ناس البلد كلهم من غير ماتركبه العيبه ولا الغلط. 


اما فبيت المقاول

ابتدت شوقيه تفوق، وحسها طلع بالوجع رمحت بدور عالموطبخ بعد ماكانت قاعده فوق راسها عالدكه وعماله تتفرج عليها بشماته ومبتسمه ابتسامه واسعه، ونفسها تخلد اللحظه داي فعقلها للابد مع صورة شوقيه اللي تشرح القلب  وهي محطاش منطق وعامله كيف الكتيله. 


وبس دخلت الموطبخ تجري بخوف ضحكت عليها ورده، وهي قعدت وعاودت للي كانت عتعمله وهي منتشيه آخر انتشاء، وعتتمنى لو تقدر تزغرت كان عملتها، بس خوفها من شوقيه واذاها منعها. 


وشويه وسمعوا حس تمام واخوه وهما عيقوموا فأمهم، وهي بس شافت عيالها حسها علي بالبكا والنواح، وابتدت تحكيلهم عن اللي عيمله فيها ابوهم من غير سبب، واللي خلاهم هما التنين زعلوا منيه وخدوا منه موقف لاجل الحاله اللي شافوا فيها امهم. 

❈-❈-❈


واتوالت الايام وجروح شوقيه شفيت، وكرار هجر البيت وبقى عايش في المندره، يدخل بس كل عصريه في الميعاد اللي عارف ربيعه وشام عيطلعوا فيه للجنينه، ويقعد مع ابو دراع بعيد عنها ويبصلها وهو حاسس ان يده مغلوله  ومعارفش يعمل ايه ولا يتصرف كيف عشان يرجع يحظى بيها من تاني، 

ولما ميلقاش حل يفضل يبصلها من ورا قضبان ابو دراع اللي محاوطها بيها ومانعه منها، ولولاه كان زمانها فيده وتحت جزمته ومتمتع بحلاله، وداي هيفضل شايلها لابو دراع فنفسه لاخر العمر، وبالليل يروح عالغرزه يشرب بوظه لما يتعمى ويعاود يترمى فالمندره للصبح. 

❈-❈-❈


أما عزت فمكانش هو كمان يقل عن كرار عذاب فبعد شام عن عيونه وخروجها من البيت، ونقل دكه من دكك البيت قدام الباب،

 وابتدت تكون قعدته طول ماهو قاعد في البيت عليها؛ وديه عشان يشوف شام بمجرد ماتطلع من بيت ابو دراع للجنينه هبابه، ويبصلها وشوقه ليها بالغ منتهاه، وشوفتها من بعيد معترويشي عطشه ولا شوقه ليها،

 وبس تدخل لبيت ابو دراع من تاني وتقفل وراها الباب تنطفى روحه كيف ماتكون كانت نضر عينه ولما غابت غاب الشوف والدنيا عتمت، ومعتنورش غير لما يوعاها قباله. 


❈-❈-❈


قاعد ابو دراع في الجنينه فوكت المغربيه وعيرعى غنماته ومولع الدمسه وعيعمل شايه المعتاد، وانتبه على حس ربيعه وهي عتقوله اثناء قعادها جاره:

صبلي كبايه معاك ياعم. 

رد عليها من غير مايبصلها:

تكرم عينك.. بس ديه شاي تقيل مهتقدريشي عليه، استني اصبلي اني كبايه وانتي اعملك شاي خفيف. 

ربيعه:

له هشرب معاك من شايك. 

سكت ابو دراع ورجع يقلب في الجمر حوالين الشاى عشان يغلي قوام..وربيعه قعدت قباله وسندت وشها بين اديها واتإملت فيه كتير وبعدها قالتله:


قولي ياعم ابو دراع انت ليه سموك اهلك ابو دراع؟ يعني لقيوش ليك إسم غير ديه؟ 

ابو دراع رد عليها بإختصار: اسميش ابو دراع اسمي قطب.. ابو دراع ديه نقب. 


ربيعه:

اللله اسم قطب حلو قوي واحسن من ابو دراع بكتير.. اني مش هقولك من إهنه ورايح غير ياعم قطب. 

ابو دراع ابتسم وسكت وكمل اللي عيعمله،


وهي سكتت هبابه وكملت تأمل فيه وبعدها سألته تاني:


عم قطب قولي انت ليه شكلك يبان صغير مع انك اكبر من ابوي وفيكش سعر اوبيض زيه! هما كام شعره فراسك عالجوانب وبس وابوي وعمامي روسهم كلها بيضه؟ 


ابو دراع:

الشعر الاوبيض اللي حدا ابوكي وعمامك ديه شيب هم.. واني مشلتش هم زيهم عشان لا اتجوزت ولا خلفت وعشت لنفسي مع نفسي خالي البال؛ وعشان اكده مشبتش ولا عجزت. 


ربيعه: احسن حاجه والله بلا هم.. عم قطب،قولي انت ليكش حد خالص؟ 


ابو دراع:

له ليش مقطوع من شجره. 


ربيعه:

احسن هما القرايب عيعملوا ايه يعني دول حتى ساعات عتوبقي قلتهم احسن لو كيف ناس ابوي. 


هزلها ابو  دراع دماغه وسكت، وكمل عميل الشاي، وهي فضلت بصاله، واول ماابتدا يصب الشاي ربيعه قالتله وهي واعيه فيه كل حاجه حلوه في الدنيا:


عم قطب اني عحبك.. عحبك قوي قوي.. وبعد ماخلصت الجمله ميلت عليه وحبته من خده، وهو نسي الشاي اللي عيصبه مع حركتها داي، 

واتلبك وصب الشاي اللي في البراد كله عالكبايه، فاتملت والشاي السخن نزل على يده، وخلاه رمي الكبايه قوام بشايها في الدمسه وعملت صوت ودخانه ورجعت ربيعه لورا منها بخوف، وبص هو لربيعه بعدها وبغضب قالها:


اول واخر نوبه تعملي العمله داي ياربيعه وتقربي مني ولا تحبيني، ويلا قومى علي البيت وتطلعيش منه لباقي اليوم... يلاااا


وجريت ربيعه بعد زعيقه فيها، وعاودت عالبيت وهي حمقانه وصعبان عليها منه، لأنها كل اللي عيملته انها اظهرتله حبها وغلاوته عندها، وهو في المقابل يزعق فيها ويقومها من جاره! 


وهو بس مشت ربيعه  ضم رجليه عليه وحاوطهم باديه وسرح بعيد مع غنماته وهو عيفكر فاللي عيملته ربيعه وقالته، وبإن مشاعرها في السن ديه اكيد هتطالب بالظهور وديه سن مراهقتها، واول ماهتفتح عيونها مش هتلاقي غيره قدامها تطلع عليه مشاعرها، فلازمن تتحجم من بدايتها، وتعرف ربيعه طبيعة العلاقه اللي مابينهم، وتلتزم بيها وبحدودها غصب عنها ومتتخطاهاش ، وحتي لو ديه يتطلب منيه هبابة قسوه عليها هيقساهم عشان موصلحتها. 

❈-❈-❈

أما صفوت، فعاود البيت ونادم على ولده ممدوح، ومدله ورقه وهو عيقوله:

خد ديه اعفا من الجيش، والعقد في الطريق جاي من الكويت هيوصل يمكن بكره ولا بعده، طالع سواق معدات تقيله، والرخصه هتستلمها بكره كمان، وبس الاوراق كلها تكون فى يدك نقطعولك الدسكره طوالي وتسافر عاد. 

اتبسم ممدوح بوجع وهو عيمد يده ياخد الشهادة من ابوه، واتنهد بقهر وهو مهمل كل حاجه حلوة فدنيته وطافش علي راسه من وجع قلبه، مهمل حبه ودراسته وبيته وناسه واصحابه وبلده، وكل ديه من العشق اللي لو يقدر يطلعه من قلبه، او يطلع قلبه خالص ويرميه للكلاب بالعشق اللي فيه ويرتاحله هبابه عاد. 


ولكنه على كل حال حط الورقه فجيبه وطلع الجنينه قاصد ابو دراع.. وقف قدامه وقاله بنبره جاده:


اني ماشي.. مسافر عالكويت ومهمل البلد كلها ياعم.. ماشي واني مهملك عالعهد، وهعاود اخد امانتي منك.. هعاود بعد ٣ سنين تكون ربيعه بلغت سن الرشد وتسلمهاني بيدك عروسه ليا كيف ماوعدتني. 

خلص كلامه واتحرك من قدام ابو دراع من قبل مايسمع منيه كلمه، او حتى يبص فعيونه ويشوف فيهم لمحة تردد ورغبه في الرجوع عن عهده تخلي قلبه يموت في الغربه الف موته في اليوم 

نفق الجحيم الجزء الثانى الفصل الثانى والأربعون.

❈-❈-❈


خلص ممدوح كلامه ومشى من قدام ابو دراع، وهمل معاه امانته، وابو دراع مردش عليه واصل. 

وعدت الايام وجه ميعاد سفره.. وجهز حاجته وودع الكل، وجه وكت وداعه للي مهمل البلد كلها بسببها، فراح على بيت ابو دراع، ودق الباب ووقف مستني، ففتحتله شام الباب وهو اول ماشافها سألها بنبره كاسيها الحزن:

فين ربيعه يامرت عمي، نادميها اسلم علبها قبل مااسافر.. قوليلها واد عمك عايز يودعك، وجيت اسلم عليكي واودعك انتى كمان يااحلى وانضف حاجه فبيت المقاول. 

شام ردت عليه بشفقه على حاله وعالحزن اللي مالى نبرة صوته:

تروح بالف سلامه وتعاود سالم غانم يارب ياولدى.. استنى هنادملك بت عمك، هي نايمه بس هصحيهالك. 

وبالفعل دخلت صحت ربيعه النايمه، وربيعه لبست طرحتها وطلعت، واول ماشافها ممدوح قالها بحس مخنوق من الوجع:

اني ماشي ياربيعه، ماشي يابت عمي وهشتغل ليل نهار واخلي يدي احد من سناني، 

عشان لما اعاود يكون معاي اللي اقدر اخدك بيه من إهنه ونهملوا بيت المقاول ونعيشوا بعيد لحالنا، ونعمروا بيت ونعملوا عيله.

هعمل حق البيت واعمل اللي يخليني اجيبلك كل حاجه نفسك فيها، هعمل اللي يخليكي ست ستات البلد كلها واعاود.


 بس عاهديني تستنيني يابت عمى وقلبك ميميلش لغيري. اوعديني اعاود الاقى قلبك مختوم ومقفول ومستنينى وقافل بيبانه فوشوش الكل. 


ردت عليه ربيعه بعد ماخدت نفس وزفرته:

روح ياممدوح ربنا يكرمك ويرزقك ويحنن عليك ويلطف بحالك ويفتحلك ابواب الرزق. 


ممدوح:

وين الوعد ياربيعه؟ داي دعاوى الام تدعيها لولدها، لكن الحبيب مش ديه كلامه لحبيبه واصل!

الحبيب عيوعد ويودع بكلام المحبه! 

ربيعه:

اسمعني ياممدوح ياواد عمي، اني مااقدرشي اوعدك بشي مش بيدي.. القلوب مش بيدنا ولا احنا اللي عنتحكموا فيها عشان نوعدوا بيها،

القلوب فيد ربنا يقلبها كيف يشاء.. وبدال ماتطلبها مني وعايزني اوعدك اطلبها من ربك وهو صاحب التدابير. 


ممدوح بيأس:

بقيتي تتحدتي حديت متعلمين يابت عمى! 

ربيعه بفخر:

مااني خلاص هبقى من ضمن المتعلمين واتحدت كل حديتهم ياممدوح.. ربيعه معادتش جاهله دلوك ولا بهيمه معتعرفش الالف من كوز الدره. 


ممدوح بإبتسامه:

قطع لسان اللي يقول عليكي إكده، دانتي ست البنات واحسن وحده في الدنيا كلها.

 

خلص كلامه واتنهد وهو باصصلها، ولما ملقاش كلام يقوله بعد كلامها سلم عليها هي وامها وهملهم ومشي، مشي وهو قلبه متوغوش من عدم وعد ربيعه ليه، وحاسس انها حيرته مريحتهوش، ولا عطته امل يصبره عالمجهول اللي رايحله ومعارفش فيه ايه. 

❈-❈-❈


أما شام فوقفت تراقبه وهو ماشي وقلبها حزين على حاله، لانها حاسه بيه وبقهرته ودايقه فراق الحبايب وخابره كيف عيكوي القلب كوى. 

وسافر ممدوح ورمى على كتاف ابو دراع حمل كبير قوى وأمانه متتحملهاش الجبال، وهو خابر ان ابو دراع كد الأمانه.. بس حدا ابو دراع حتى الامانه ليها اصول ومينفعش حد يأمن حد على حاجه مش ملكه ولا بتاعته.. مش يمكن صاحب نصيبها يجيها وياخدها وهي ترضى؟ وسبق وقال لممدوح الكلام ديه، قاله اللي هتقرره ربيعه هو اللي هيجرا وهيكون..وديه كلامه ليه فلاول وهيفضل كلامه للنهايه. 

❈-❈-❈


ومرت الايام 

وعدت سنه فى لمح البصر وربيعه فى السنه داى اتعلمت القرايه والكتابه وبقت لبلب وتعرف تقرا اي حاجه وتكتب اى حاجه كمان، 

وخدت شهادة محو الاميه وبعدها دخلت على تالته ابتدائي واستلمت كتبها وبدأت تذاكر فيهم، وعشان حابه العلام ونفسها تتعلم كانت متفوقه دايماً.. 

وأمها وابو دراع طالعين بيها السما وفرحانين بيها فرحه محصلتش،

 وخصوصى ابو دراع اللي كل مايشوفها عتعلى وتنجح يحس ان هو اللي عينجح، وكل مايبصلها يحس احساس الاب اللي بته طالعه من الأوائل ونفسه يباهي بيها الدنيا كلها. 


أما شام ففي السنه داي استقرت اوضاعها، برغم محاولات كرار الدايمه والمستميته فأنه يرجعها بيته ويرجع يسيطر عليها من تاني، 

وكل المغريات اللي قدمهالها وعرضها عليها قابلتها بالرفض القاطع، لغاية ماخلته حس باليأس وبعد عنها بعد ماعرف ان مفيش ولا اي حاجه فى الدنيا هتقدر تلين دماغها من تلاه، ولو جابلها الدنيا كلها وحطها فحجرها، وانها زهدت فيه وفي الدنيا واللي فيها. 

ورضيت بنص العما، وان ربيعه بتها هي اللي تطلع وتزور جدودها وخالاتها وتاجى تطمنها عنهم وتجيبلها اخبارهم وتوديلهم هما كمان اخبارها،والقلوب ارتاحت هبابه عن لاول. 

❈-❈-❈


أما ابو دراع ففي السنه داى قرر يشوفله موصلحه تانيه تجيب فلوس جنب الغنم، لانه مره وحده لقى روحه مسئول عن اتنين، وكل وشرب ومصاريف، وخايف يقصر معاهم فيوم من ليام، فباع جزء من غنماته عالفلوس اللي كان محوشها من زمان، وراح اشتراله جرار، واشترى كمان دراسه، وابتدا يطلع يشتغل فى الارض، والفلوس جريت فيده، وربنا رزقه برزق الولايا  اللي اتعلقوا فرقبته. 


وفنفس الوكت رزقهم اتقطع من موطرح تاني، اتقطع من حدا كرار اللي لقاله منافس جاب لوادر جديده وحديثه، ولوادره ومعداته نامت في الخط قصاد دوكها، واللي عيجيبوه بقى يادوبك على كد مصاريف البيت والعيال، وهو مبقاش يقدر يحوش حاجه من وراهم. 


❈-❈-❈


أما شوقيه فبعد مااخوها شاكر خد الفلوس وسافر بيها، فضلت ترن عليه لغاية ماخد تمام ولدها معاه، وإستوطن الواد مع خاله وعجبه الوضع ومعادش يحب البلد ولا القعاد فيها، بعد ماشاف بلاد بحري وناسها وشوارعها، وبقى كل كام شهر ينزل يومين تلاته اجازه بعد ماابوه يشيعله مراسيل مع طوب الارض، ويعاود للقاهره تاني، وديه اللي كانت شوقيه عايزاه، وكذا نوبه تقول لكرار انها نفسها تسافر مع اخوها وولدها تشوف بحرى وهو ميرضاش؛ لأنه عارفها زين وعارف اخلاقها، ومتوكد انها بس تغيب عن العين.. هتعمل كل اللي مانعها عنيه خوفها من العار، 

لأن اللي زيها محداهاش خوف من ربنا ولا حداها حيا يخليه واثق فيها ومتوكد انها لو راحت اي موطرح هتصونه فيه وتصون عرضه وشرفه. 


وكان رفضه ليها مجننها ومخليها ملاقياش طريقه تخليه يوافق بيها من بعد ماجربت كل الطرق، الدهلسه والخناق وكل شي، لكن كرار اتقفل من تلاها ومبقاش قابل منها اى كلام فأي موضوع ولا حتى قعاد جارها ولا فأوضتها بقى يقعد من الاساس، 

وهي قربهمنها  بقى آخر همها، وحتى مقادراش تلجأ للاعمال عشان ترجعه تحت سيطرتها من تاني وتخليه بس يوافق على سفرها من ساعة تهديد ابو دراع ليها، وحاسه من ساعتها انه مراقبها وهيعرف لو راحت لخطاطه او عرافه، 

وكرار ليه غلاوة عنده ومهيرضاش عليه اللي مرضيهوش لشام وبتها، وهي مهتتحملش توصل للموت مره تانيه وتدوق اللي سبق وداقته. 


❈-❈-❈


أما عزت فلساه على حاله مع بدور وجفاه معاها مستمر، وكل اللي بينهم العيال، ولحظات سعادة بالنسبه لبدور مسروقه من الزمن لما عزت يقربلها، برغم انها عتشوف الكره والنفور فعيونه كل مره، لكنها عتتجاهل ديه لأنها لازم تعيش وتمشى دنيتها مع جوزها، لانها لو اعترضت على اي شي او اظهرت استيائها مش هينوبها غير الشتايم والمذله وعزت جايز ياخدها حجه ويطفش منها، فأكتفت بالسكوت والرضى بقليلها من عزت، وكملت معاه بمبدأ ضل راجل ولا ضل حيطه، وديه المبدأ السايد، واني احسن من غيري ومفيش حد عياخد من الدنيا كل حاجه. 


اما عزت فعاش طول عمره جايبها قهر بقهر، بدايتاً من غيرته وحقده على كرار، لغاية نقمته على حظه، وبصته عاللي فيد غيره وتمنيه للى مش ليه،ومن ديه لديه ضاعت متعة الحياة منيه وخسر لذة الرضى بالمقسوم، ومحمدش ربنا عالنصيب، وعاش غافل عن ان اللي عيكون من الحامدين عيكون من الفايزين في الدنيا والاخره. 

وديه خلاه عاش عمره كله متكدر وعمره ماحس بالفرحه فيوم. 

❈-❈-❈


أما ربيعه فبعد ما طلعت للدنيا وشافت الناس وعاملت البشر، وحلت ايام ستها وجدها وعوضت غياب امها عنهم وهدت الشوق جواهم، وحتي خالاتها وعيالهم بقت ليهم اخت واتعلقت بيهم واتعلقوا بيها، 

وابو دراع حددلها يوم الجمعه من كل اسبوع تروح تقضيه معاهم، وحتى وداها اول مرتين تلاته وبعدها سابها تروح لحالها وخلاها تركب القطر وحدها كمان وتروحلهم بيه، بس زي كل مره يخليها تعمل حاجه جديده لحالها ويراقبها، راقبها من بعيد في القطر لغاية ماراحت بيت جدها وعاودت كمان. 

وطول الوكت كان يديها ثقه فنفسها وحتي لما كانت تشكيله خوفها من شي، كان يقولها اني متوكد انك هتقدري تعمليه، ويفضل وراها لغاية مايجسرها، وهو من ناحية يقوي، وبسيمه من ناحيه تفهم وتعلم وتديها دروس في الناس والدنيا وتوخي الحذر، 

لما التنين عملوا منها فسنه؛ شخصيه قويه جريئه شاطره لبقه محدش يقدر يغلبها. 


والكل كانوا فأي فرصه يشبهوها بخالتها بسيمه في الطبع والقوة، لكن اللي ميعرفوهش إنها اقوى من بسيمه بالف مره، لأنها بجانب اللي اتعلمته منها واللي ورثته من طبعها، شربت من حوض ابو دراع واتعلمت منيه اللي محدش غيره في الدنيا يقدر يعلمهولها. 


اتعلمت انها تكون قويه، بس فنفس الوكت قلبها يكون لين وحنون مع اللي يستاهل الحنيه، اتعلمت متخافش طول مالحق معاها، وان الحق بغير القوة ضايع، وإن لو الراجل قوته فدراعه فالمره قوتها في لسانها، وقوة ديه متقلش عن قوة ديه فحاجه. 

اتعلمت انها تحط عزة نفسها وكرامتها فوق جريد النخل العالي والناس تشوفهم من بعيد بس محدش يقدر يطولهم ولا يلحق بيهم اى اذى،

 وإن طول مالواحد محافظ عليهم عمره ماينهان ولا يرخص.. وحاجات كتير قوي قوي اتعلمتها منيه لا تعد ولا تحصي، كيف مايكون قاموس ومجلد جواه الخصال الحميده والاخلاق الطيبه. 


وبرغم كل الرجاله اللي شافتهم ربيعه وقابلتهم، 

الا ان لا عيونها ولا قلبها ولا عقلها صادفوا مابينهم راجل زي قطب، ولا حتى يشبهله لا شكل ولا مضمون، وكأنه اتخلق فى الجنه واحد بس وغيره مافيه، ونزل عالارض بنص الحنيه اللي في الدنيا فقلبه، كيف ماسيدنا يوسف خد نص الجمال لحاله.

 ❈-❈-❈


أما بسيمه فهي كمان من بعد شوفة بت اختها والقعده معاها اللي بردت نارها من تلى اختها شويه، اعصابها بقت اهدا، وحدتها مع همام خفت شويه، 

وعادى بقت تاخد وتدى معاه في الكلام ويتسامروا، بس فأمور البيت والعيال ومستقبلهم، 

وأول ما تشوف فعيونه انه طالب منها كلمه حلوه تبل ريقه عتسكت وتقوم من جاره؛ 

لانها مهما حاولت تعملها قبل سابق مكانتش تقدر، وكان الكلام يتخنق فزورها ويموت على لسانها ويندفن جواها. 

❈-❈-❈


اما بشاير فهى الوحيده اللي معاملتها للسيد من يومها زي ماهي متغيرتش، وكل مادا تزيد الموده مابينهم، وديه عشان من ساعة مااعلنلها توبته النصوحه قبلتها وغفرتله ماتقدم من ذنبه وصفحت وكانت من الكرام. 

وديه اللي خلاها ظفرت بكل السعادة اللي هي فيها. 


❈-❈-❈


اما ممدوح فقضى اول كام شهر في الغربه وهو حاس احساس الشجره اللي اتقلعت من جدورها واتزرعت فمكان تاني غريب عليها، 

لا الارض هي الارض ولا الهوا هو والهوا ولا الناس هي الناس، لكن مع ذلك اتحمل و البعد كان راحه كبيره ليه، وكمل ايامه وهو عيقضى نهاره في الشغل، وليله يقضيه وهو عيحلم ويرسم في مستقبله مع ربيعه ويخطط ليه، وفي الاخر يغفى على صورة ملامحها اللي عيستحضرها قدام عنيه، ويفضل يتأمل فيها ويكلم طيفها كيف ماتكون قدامه وسامعاه وحاسه بكل حرف عيقوله. 

❈-❈-❈


داخله من البوابه وشايله فيدها كيس كبير  بالعافيه ماشيه بيه، 

وبس دخلت للبيت كان كرار ابوها طالع من البيت واتقابلوا هما التنين فنقطه معينه، فوقف كرار يتطلعلها وهي عتتخطاه وتدخل من غير حتي ماتبصله، كيف ماتكون مشايفاهش واصل. 

وبرغم انه عمره مااعترف بيها ولا معتبر ان فيه صله تربطهم، لكن ساعات لما عتكون قريبه منيه غصب عنه قلبه عيرف كام رفه والعين عتروح عليها وتتملى فتفاصيلها،

 وبس يفرزها ويشوف انها مفيهاش اي شي يشبهه، وانها كلها طالعه على امها، تموت الدقه اللي عتحاول تتولد ليها فقلبه، ويهمس لروحه بأنها مش بته والدليل انها مواخداش منيه ولا شي، ولا حتى تفصيله صغيره تخليه يكدب كل الدلايل والبراهين اللي عتثبتله كلها انها مش بته، 

ولما حب يتروى ويحاول يقطع الشة، راح سأل فمسألة الشبه ديه واتوكد إن ربيعه مش بته الف الالف..

 لان اللي سألة فهمه إن العيل عياجي للأم لو مائها سبق ماء جوزها، وانه لما كان يقرب من شام كان ياخدها بالغصب، وفي الحاله داي الشرط بتاع الشبه لا يمكن يتحقق، لان شرط تحقيقه من وجهة نظره ان ديه ميجراش غير مع وحده عتحب جوزها وراغباه،

 وشام بحالتها اللي كان يوصلها ليها من سابع المستحيلات ان ديه يحصول معاها، اذاً المسأله فيها راجل تاني عالاكيد.

 وديه اللي سولهوله عقله واللي سر بيه لابو دراع، وابو دراع بس سمع كلامه بصله من فوق لتحت وهمله ومشى. 


انما كرار وكتها مسكتش وكان كل مايشوف وش ابو دراع يفتح معاه الكلام من تاني، كيف مايكون عايز يثبتله ان هو الصح وإن شكه كان فمحله، وان ربيعه مش بته ولا تدل عليه،

وابو دراع اخر مازهق منيه زعق فيه وقاله اياك تجيب السيره داي قدامي مره تانيه، وخلاص مش انت اتوكدت انها مش بتك. 

هي كمان من زمان متبريه منك وعتقول انك مش ابوها.. وتعرف ياكرار اقولك حاجه.. انت متشرفش انك تكون ابو حد ولا حد يتمنى ابوتك، بالذات ربيعه. 


وصلت ربيعه قدام بيتها، وندهت بحسها العالي علي اللي كان واقف بعيد يقلم شجرة العنب ومديها ضهره:


قطب.. ياقطططب.. واااه ياقطب. 

انتبه واتبسم وبصلها، ولما شاف الشيله اللي على يدها رمى المقص اللي فيده وجه عليها بسرعه، واول وصلها قالها:


حمدالله عالسلامه ياربيعه، يعطيكي الف عافيه.. ايه ديه كله ليه متقله على روحك، مش كنتي جبتي نص الطلبات ونصها التاني بكره؟ 

ربيعه:

فيش تقل ولا حاجه ادينى وصلت بيهم الحمد لله، المهم انت تعالا شوف اني جايبالك ايه معاى، داني لقيت النهارده حاجات حلوة قوى فى السوق. 

اتبسملها ابو دراع وميل مسك الكيس من يدها وفتح الباب دخلها ودخل وراها، واستقبلتهم شام بالمراحب والعوافي، وكل ديه كرار واقف وشايفه، 


ورجليه غصب عنه خدوه لقدام بيت ابو دراع وبص من الباب المزيق ومفتوح هبابه، وشاف ربيعه وهي قاعده وسط ابو دراع وامها شام  وعماله تطلع في الحاجات وتفرجهم، وتدي كل واحد اللي جايباهوله، وهما ياخدوا الحاجه من يدها ويتغزلوا فجمالها ويثنوا على ذوق ربيعه، 


وحس كرار وهو باصصلهم بهالةحب محاوطاهم ولفاهم هما التلاته،

 وسمع الفرحه فحديتهم وشاف الراحه فضحكتهم، 

واتمنى لو ان ليه مكان مابينهم وليه الحق انه يقعد فمجلسهم، لكنه للأسف ضيع كل حقوقه معاهم، وكل رصيده من المحبه والاحترام عندهم خلص من زمان، خلص عالاقل من قلب ابو دراع، لان شام وربيعه عمر قلوبهم ماكنوله غير كل كره، وبصراحه الحق كله معاهم ومينلاموش. 


واتحرك اخيراً من قدام الباب ومشي وهملهم فى السعادة اللي هما فيها واللي حسدهم عليها، 

وراح هو عالمندره قعد لحاله من بعد ماخسر كل شي، وحتى ولده الكبير هجره وراح اترمى فحضن خاله وبقت شوفته حسره عليه، ودايماً مشتاقله ويبعتله في المراسيل مع الناس، وولده لا سامع ولا رادد، وشرد منيه خالص كيف الطير اللي هجر عشه. 

❈-❈-❈


أما شاكر اخو شوقيه، فبعد العلقه اللي خدها على يد ابو دراع بسبب كرار، وحلف واستحلف انه يندم كرار ويحرق قلبه، وديه من خلال ولده الكبير تمام.. اللي هياخده منيه ويخليه تحت يده وتحت رجله كمان، ويخلى شوفته حسره فقلب كرار، ومن بعده ياخد اخوه، وهيخلى كرار يقعد لحاله كيف اللي ماخلف ولا ضنا ولا جابله عالدنيا سند، وبالفعل هو ديه الحاصل دلوك. 

❈-❈-❈


قاعدين فى الجنينه كرار وربيعه وشام، وزي كل ليله قعدة السمر والحكاوي تاخدهم ويقعدوا لنص الليل، 


بصت شام على ابو دراع اللي عيصبلهم في الشاي، واللي معيرضاش حد يعمله عالدمسه غيره، وبعدها بصت لربيعه اللي عيونها طول القعده متعلقين بابو دراع وخشمها معيبطلش كلام معاه، وطول الوكت تدور عليه َتشوفه فين وتروح تقعد جاره كيف الوليفه اللي مقاوطه وليفها. 


ورجعت شام بصت لابوا دراع مره تانين، وشافته برغم سنه الا انه لساه فتي وبحيله وصحته وعافيته، 

واللي يشوفه ابدا مايقولش انه قفل الاربعين، وفكرت فيها زين، وشافت انه لساه صغير، وان البنته اللي فسن ربيعه عادي عتتجوز الاكبر من ابو دراع كمان،

 وان بتها لو غربلت الدنيا كلها شرق وغرب مهتلاقيش ضفره..

 فقررت انها لو ربيعه فيوم طلبت رأيها وشارتها فاللي خابره زين ان قلبها عينسجه دلوك من تلا ابو دراع، هتمهد لقلبها الطريق وتسانده وتأيده، وتخليها تكمل معاه، 

بس هتستنى لما تاجي من ربيعه لاول، وعارفه انها مش هتطول ابداً، وان الاعتراف بالعشق على ابواب لسان ربيعه. 


❈-❈-❈


أما كرار فراح على الغرزه اللي اعتاد يروحلها كل يوم وبقى زبون دايم فيها، وخسر كل هيبته وقيمته اللي جناها طول السنين اللي فاتت وهو معاود بيته كل يوم قدام اهل البلد يتطوح، وبدال ماكانش حد يجرؤء يكلمه، بقي الصغير قبل الكبير يستغل ساعات سكره ويهزقوا فيه، لدرجة ان عيلين من اللي كانوا عيشتغلوا حداه وطردهم بسبب خلاف رجعوه على بيته فليله وهما رابطينه بحبل جاموسه ومصرمينه وجارينه قدام اللي صاحي من اهل البلد، ويوميها كانت فضيحته بجلاجل. 


اما شوقيه فمسألة سكره داي جات على هواها، لأنه كان يعاود ناسي كل شي وناسي كل خلافاته معاها وكل اللي جرا ليها، وينام جارها كأن شيئاً لم يكن، ويصبح الصبح يقوم وهو على كرهه ليها وناسي اللي جرا بالليل، 

ونتج عن ديه انها حبلت، وكان خبر حملها صدمه للكل واولهم ليها هي، لانه هيعطلها عن مخططات كتير كانت عتبنيها لمستقبلها، لكنها على كل حال رضيت بالمكتوب وفرحت بعد إكده بالحمل واتمنت من كل قلبها انها تاجي بت تشيلها فكبرها. 

وبس عرفت بحبلها شيعت جابت خدامه تانيه من حدا بيت ابوها وخلت امها هي اللي تديها شهريتها من عندها، ووعدتها انها هتردلها كل الفلوس بس شاكر اخوها يبتدي يديها ارباح من المشروع اللي من ساعة ماشاركته عليه لا شافت منيه ابيض ولا اسود، وحتي ولدها ماعيديله شهريه وعيقولها عيشتغل في ماله، وبس اللي طايله من خاله وكله وشربه. 

❈-❈-❈


طالعه ربيعه زى كل يوم من مدرستها المسائيه، وبس عدت شارع وحودت في الشارع التاني، ووقفت متسمره موطرحها وبرقت عنيها والنار لهبت فيها وهي واعيه ابو دراع واقف مع وحده وعيتحدت معاهت، والمره ردت عليه بحاجه وضحكوا بعدها هما التنين، وبس ربيعه شافته ضحك للمره وبانت حبات اللولي المكنون، واترسمت غمزاته، والمره عيونها كانوا عياكلوا ويشربوا فيه، رمت كتبها وشنطتها عالارض وجريت عليهم بكل سرعتها كيف تور حد شاوله بقماشه حمره. 

   الفصل الثالث والاربعون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

لقراءة الجزء الاول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close