أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الفصل السابع والثامن بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الفصل السابع والثامن

 بقلم ريناد يوسف

كرار بتعب: 

اني مش فاهم ايه سر إنكم تجيبوني لحدت إهنه مكنا قولنا الكلمتين فأي موطرح مفيهش حد وخلاص؟ 

همام وهو عيشدة من يدة بيد واليد التانيه ماسك بيها كلوب منور بيه الطريق:

يابوي اللي عاوزك فيه مينفعش فأي موطرح لازمن موطرح تكون الرجل فيه مقطوعه.. وإهنه الرجل اتقطعت من بعد العشا وهنوبقوا براحتنا لا حد يقطع خلوتنا ولا يشوفنا، وحتي لو حد قرب هنوعوله من بعيد بالكلوب بتاعه مش يطلعلنا من ورا بيت علي غفله. 


كرار بتوجس: وليه ديه كله هتتحدتوا فى سر حربى ولا ايه؟ 

السيد: ماهو لو كان حديت كان هينفع فأي موطرح لكن ديه مش حديت ياكرار.. اتكى عالصبر بس إنت وخلاص هتعرف كل حاجه اهه. 

نزلوا المنزل وقعدوا بعد ماهمام حط الكلوب علي الارض. 

كرار بذهق: ادينا قعدنا.. قالها وهو عيقعد جار الكلوب.. يلا خلصونا عاد الفار لعب فعبي منكم انتوا الجوز

همام اتلفت يمين وشمال وحط يده فجيبه وطلع منه علبتين صفيح صغيرين وقرطاس من ورق وحطهم قدامه وابتدا يفتح فيهم.. 

كرار كان متابعه بعنيه وشاف اول علبه اتفتحت فيها ورق بفره والتانيه فيها تبغ والقرطاس كان فيه اعشاب مطحونه! 

السيد: النهارده هتركب معانا الهوا ياد ياكرار، وهتعدل الطاسه مادام سجانك مكفي علي بوزه. 

كرار بإعتراض: حشيش ياك؟! له يابوي اني مهشربش حشيش واصل، اني اخري سطلين بوظه.. وبعدين هو ديه اللي انتوا جايبيني عشانن من اخر الدنيا؟.. طيب كنتوا شاورتوني واني كنت هقولكم له وتوفروا عليا التعب والمشوار!

السيد: ياكرار خدلك سجاره بس وجربه ولو معجبكش متكملهاش.. وبعدين ديه خشخاش يعني مش مضر. 

همام وهو عيلف اول سجاره اتكلم من غير مايبص لحد:

همله ياسيد إحنا كنا عايزين نبسطوه ويختم الليله بحاجه حلوه، بس مادام معاوزش متغصبهوش.. الحاجات داي مهتوبقاش حلوه بالغصب واصل.. خلص كلامه وولع السجاره وخد منيها نفس جامد ونفخه فوش كرار وبعدها مدها للسيد وهو عيقوله:

خد شد إنت وعمر دماغك وسيبه هو على راحته. 

السيد خد منيه السجاره وضحك وهو واعي كرار عيكح من النفس اللي نفخه فوشه همام.. 

أما همام فلفله سجاره تانيه وولى على كرار وبقي مواجهه وابتدا يشرب في سجارته وكل دخان السجارة ينفخه فوشه، وعشان يلهيه كان يتحدت معاه في الشغل، وحتي السيد عمل كيف ماهو عيعمل. 

كرار في الاول كانت الريحه مضايقاه بس بعد إكده ابتدا يعتادها ومش بس إكده دا حبها كمان.. وبعد حوالي نص ساعه ولع فيها همام سجارتين والسيد كدهم لقوا كرار عيبص للعلب والقرطاس ويقول لهمام:

لفلي سجاره ياهمام الكلب الريحه ضربت فنغاشيش نافوخي

همام بفرحه مكتومه:مابلاش يابو الصحاب إنت مش كدها احسن تتكفي منينا كيف ماصاحبك إتكفى. 

كرار: له متخافش صاحبي اتكفي عشان دماغه خفيفه إنما اني دماغي تقيله ومتكلفه.. لف لف بس إنت ومليكش صالح. 

همام: ورايح تطلب بعد مالقرطاس خلص ماكنت طلبت فأوله كنت طلعتها من خشم سيد واديتهالك.. كنت عايز ابقيلي هبابه اصطبح بيهم الصبح

كرار: خد ٥٠ قرش اهم بحالهم يامعفن اوبقي اشتري بيهم كلهم واصطبح واتمسى كمان. 

السيد بص لهمام بصدمه: اخص

همام خد الفلوس من كرار قوام وضربهم فجيبه ورد علي السيد وهو عيلف لهمام سجاره وصايه:

معلهش ياصاحبي اعذرني اللي تعوزه الدماغ يحرم عالصاحب.. قالها ومد السجاره لكرار والتاني خدها منيه وابتدا يشرب وحس بمتعه مابعدها متعه. 


اخر الليل.. 

كرار: حاسس الضو قرب يطلع ياحزانه واني ولا ابو دراع معاودناش البيت زمان ابويا وابوه قالبين علينا الدنيا. 

همام بتقل: رجٍّل ياكرار مااحنا لينا بيوت ومعانا ابهات.. كح كح.. مخايفينش ليه زيك إكده!


السيد: تقل قلبك ياكرار المعيله اللي إنت فيها داي متنفعش.. إنت راجل والراجل لا يتخاف عليه ولا يتحكم من.. كح كح.. حد


كرار حاول يوقف بضعف:له معلهش روحوني دلوك وهرجل بكره.. يلا حد ياجي معاي يقولي امشي كيف واروح من وين، اني معارفش حاجه راسي عتبروم. 


وقفوا الاتنين وخدوه علي الغرزه ولأنه اول نوبه يجرب الحشيش كان مسطول سطله تمام. 

وصلوا الغرزه وراح على ابو دراع اللي كان لساه نايم، وصالح كان رامي عليه بطانيه وكليم وقعد كرار جنبه وابتدا يهز فيه ويصحيه :

ابو دراع قوم.. قوم النهار هيطلع علينا إهنه وأبوي هياخدنا عالبيت بزفه. 

آبو دراع فاق وكشف وشه وأن، وكرار سمع انينه وقاله بعدم وعي:


سلامتك من الآه ياخوي مقولتلك بدور متستاهلش.. بت ع... وقبل مايكمل كان أبو دراع قايم وكاتم خاشمه وهو عيتلفت حواليه بخوف ودماغه تايهه مش عارف هو فين ولا أيه اللي منومه إكده! وحمد ربه وهو واعي همام والسيد واقفين هما التنين بعيد عنهم هبابه جار برميل البوظه الفاضي مميلينه وعيغرفوا بالسطل شوية البوظه اللي فقعرته باقيين. 


ابو دراع بتعب: يامرك ياابو دراع اتسطلت! 

وبص لكرار لقى حالته حاله وعنيه حمره وعتشرق وتغرب وهمام والسيد بنفس الحاله فعرف طوالي إنهم استفردوا بكرار وشربوه من السم الهارى اللي عيشربوه. 


قام بالعافيه وهو حاسس إن الدنيا عتلف بيه، وخد كرار من يده وراحوا عالبيت وبمجرد ما دخلوا من البوابه اللي كان مهملهالهم ابوه مخلوف النهارده مفتوحه على غير عادة، وأبو دراع حمد ربه إن مفيش حد صاحي ومستنيهم لا أبوه ولاتوفيق ابو كرار. 

بص ابو دراع حواليه وحس بروايح الفجر وقال لنفسه إن توفيق خلاص هيصحي هو وباقي عياله والمفروض انهم هيصحوا الحزين كرار عشان يروح الشغل معاهم.. ولو شافوه في الحاله داي هتوبقي مندبه وعزت هيلاقي على كرار الفرصه اللي مستنيها، ويسم بدنه بالكلام في الراحه والجايه ويقَوم ابوه عليه من تاني وهو يادوبك هيبتدي يهدا عليه. 


فقوام قوام جمع ابو دراع شوية حطب وولع فيهم وحط فوقهم خشبتين عفاى عشان اللهب يكون عالي، وجر كرار قعده تحت الطرمبه بعد ماقلعه خلجاته وقعده بس باللباس، ودور عليه الطرمبه ونزلت الميه المرصرصه علي كرار خلته اتنفض نفض، وكل مايحاول يصرخ ويطلع من تحت الميه ابو دراع يسكته ويرجعه تاني لما فوقه خالص. 

كرار برجفه: كفايه يافقري صحيت والله صحيت هموت من البرد ياحزين ززززززز


ابو دراع حس فعلا إن كرار فاق فطلعه من تحت الميه ولبسه خلجاته ووداه قعده جار النار وعاود هو للطرمبه حط راسه تحتها، ودور بيد الطرمبه وفضل يفرك دماغه باليد التانيه، لغاية ماحس إن الميه الساقعه نفضته وفوقته هو كمان. 

راح علي كرار وقعد جاره وبصله بعتب والتاني فهم البصه وقاله:

أول وأخر نوبه وسايق عليك كل عزيز وغالي ماتتحدت دلوك حاسس دماغي فيها طبل ومزامير وفرح مليهش صحاب. 


رد عليه ابو دراع بغضب: طيب احمد ربنا إننا لحقنا حالنا قبل مالوكت يفوت والا كان زمان الفرح اللي فراسك ديه اتقلب لندب وصراخ وعويل على عمرك اللي كانت نهايته هتوبقي على يد ابوك النهاردة.. 

حتي آني خلتوني شربت معاكم بوظه واتسطلت ياصحبة السو ياسكان جهنم..منكم لله.. قوم ادخل جوا غير خلجاتك من خلجاتي اللي في الصندوق لباسك اللين نقعك ميه خالص احسن تعيا. 


كرار: هقوم اغير وانعسلي ساعه واوبقي صحيني على وكت الطلعه عالشغل.. الله يقطع الشغل ويقطع تعبه ويقطع عزت اللي اتردح عليا عشان اندلى الشغل ويقطع الكل كليله. 

خلص حديته وقام دخل لبس من خلجات أبو دراع واتلكلك باللحاف ونام ففرشة ابو دراع بتعب. 

أما ابو دراع ففضل صاحي وقاعد جار النار وباصص للهب اللي يشبه اللهب القايد بين ضلوعه ولحدت ماالفجر أذن، وهل يوم جديد، قام أبو دراع وهو عيستغفر ربه إتوضى وصلى ولأول نوبه ميستهلش دُعاه بأن ربنا يجعل بدور من نصيبه، وانها تكون مرته وام عياله، واستبدل دعاه بإن ربنا يعوض قلبه عوض خير عنها. 


النور ابتدا يختلط بالضلام ويفتِح عتمته  كيف الحليب مايتخلط بالشاي التقيل وابتدا أبو دراع يسمع حس أهل بيت توفيق عيقوموا، فطفي النار بشوية ميه وقام دخل لكرار يصحيه:

-كرار إنت ياد قوم كنك هتروح على بيتكم يلا قبل ماأبوك ياجي مناقصينش فلقه عالصبح اللى فينا مكفينا قوم. 

كرار بتعب: قولتلك بعد ساعه يابو دراع مش يادوبك اغمض تصحيني!


-قوم ياياد يابارد بلا يادوبك تغمض، دانت ليك ساعة وشوية ناس بيتكم كلهم صحيوا. 

قام كرار واتعدل وطلع بقلة حيل على بيتهم. 

دخل من باب البيت واخواته التنين وعيال عمه وجده وجدته وعمه وابوه والكل كان قاعد فصحن البيت، والكل من أول ماشافوا كرار فيهم اللي ضحك بحسه العالي، وفيهم اللي كتم ضحكته. 

وديه لما شافوا منظر كرار بالجلابيه الطويله عليه وعتكر في الارض، وقبها المبلوج وكمامها الطوال وعرضها اللي تايهه فيه كرار كنه عيل لابس جلابية ابوه! 

طلعت حوريه من الموطبخ شايله صحون الفطور وبصت لكرار وسالته بإستغراب:

خلجات مين دول ياكرار ووين خلجاتك؟ 


كرار وهو داخل ومداش لحد من القاعدين أى إهتمام :

اصباح الخير لاول.. دول خلجات أبو دراع يمه. 

حوريه: وعتلبس من خلجات أبو دراع ليه! 

كرار بنيه صافيه: عشان خلجاتي إتبلوا وغيرتهم حداه. 

وإهنه كل اللي كان قاعد ضحك حتي اللي كان كاتم ضحكته قبل سابق وخصوصي بعد ماسمعوا عديله وهي عتقوله بحس عالي:

يخيبك شخيت علي نفسك؟! 

كرار: إيه ياستي اللي عتقوليه ديه؟ أني اتبليت فمية الطرمبه. 

عديله: إيوه إيوه الطربمه.. طيب قول للطرمبه متبلكش تاني في الليل عيب إنت كبير وعلي وش جواز.. نقولوا ايه للي هتتجوزها لو بلتك الطرمبه وإنت نايم جارها في الليل؟ نقولولها معلهش اصل كرار طرمبته سايبه ! 

قالت كلامها ديه وضحكت بخبث والكل ضحك وراها وكرار بغيظ دخل علي اوضته يغير خلجاته لأنه مفهوش حيل لخفة دمهم ولا لحديتهم الماسخ عالصبح.. ولما قعد بينه وبين حاله راجع نفسه وشاف إن الحجه اللي قدمهالهم عن سبب تغيير خلجاته حجه خايبه محدش يصدقها، وأي حد يشك إنه صوح عملها علي روحه خصوصي بعد كلمة الطوربمبه بلت خلجاتي داي، وإنه طرمبة ايه اللي هتبل خلجات واحد كلهم فعز الشتا فنص الليل وليه! 

ولام نفسه لانه مقالهمش اي حجه تانيه غيرها..وعشان غبائه ديه مضطر إنه يتحمل ضحكهم ومقلتتهم عليه لحدت ماينسوا الموضوع بموضوع تاني. 


لبس كرار خلجاته وطلع قعد وسطهم وعمل روحه إنه عيفطور معاهم بالكدب؛ عشان محدش يقوله مالك ولا فيك أيه، لكنه لو علي حالته لا ليه نفس للوكل، ولا عنيه اللي كل مايوطي يحسهم عيتكحرتوا قدامه، ولا مخه اللي عيلق جوا الجمجمه كيف البيضه الخربانه، والصداع اللي ماسكه مخليينه حاسس إنه هيقدر يشتغل النهاردة.

والمفروض كان نام النهارده اليوم بطوله علي حالته داي، لكن حكم القوي عاد. 

خلصوا الفطور والكل طلع وابتدوا الحريم روتين يومهم وابتدت حوريه تمارس سلطتها و توزع المهام ع الجميع. 


في الحوش عند كارم وعديله:


كارم: عايز اخش انام ففرشتي ياعديله معارفش ليه حاسس إن جسمي متدشدش والنوم كابس عليا قوي. 


عديله: إيوه ماانت طول الليل لا نمت ولا خليت عيني آني كمان زارها النوم من جضك وقولة اه يارجليا وجنابي وبطني وضهري وراسي.. معارفاشي ياخيي ايه اللي فجتتك مواجعكش؟! 


كارم: عتعايريني بالعيا إكمنك عفيه ولساكي بحيلك ياعديله ولا زمن هدك ولا السنين خدت من عفيتك؟  

ربك كبير وقادر يدوق المحروم. 

عديله بخوف: بعد الشر الشر بره وبعيد.. ليه يافقري عتفول عليا اني مععايركش ولا حاجه داني شفقانه عليك والله.. قوم قوم خش جوا هلكلكك باللحاف ونام نامت عليك حيطه بزربها. 

كارم النوبادي بص عليها ومردلهاش الشتيمه وابتسملها ومد يده مسك عُقصتها الحمره من لون الحنه اللى راح من قمة راسها وباقي بس فأطراف شعرها وقربها لم خشمه وشمها وقالها:

هتوحشك ياام لسان طويل.. ربنا يجعل كل الحيل والعافيه فيكي لحدت ماتاجيني.

وقفت عديله موطرحها وبصتله بصدمه ممزوجه بزعل وقالتله:

هتموت ياك ياكارم؟ 

اوعاك تعملها ياحزين الشتا لساه طويل واني عبرد لحالي، وكفوف رجليا المتلجين معيدفوش غير لما ادسهم فوسط رجليك. 

كارم بضحكه هاديه:

اهم رجليكي المتلجين دول اللي جابو اجلي.. اوبقي بيتي حد من العيال الصغيرين جارك عاد. 


دخل كارم ينام وعديله غطته وحبته وضحكت وهي عتقوله بمناغشه روح انتم السابقون ونحن اللاحقون وهو ضحك وقالها:

متنسنيش من دعاكي. 

وهي قالتله اطمن مهنساكش، وهملته وطلعت راحت الموطبخ تقعد جار الكوانين وتتدفي من هوجهم، وتخزن دفا لبرد الليل الواعر.. ولأخر لحظه كانت عملاه عيضحك ويتمسخر بالموت والحيا كيف عادته، ومتعرفش إنه النوبادي كان عيتحدت صوح وإنه اخر حديته معاها فعلاً.


اما في الموقع حدا كرار.. 


كرار بتعب: تعالا يامعروف اركب الجرافه بدالي هبابه. 

معروف بضحكه: آهو بدا التعب واللي يشوف كرار امبارح ميشوفهوش النهارده. 


كرار: له مش تعب من الشغل والله بس حاسس إني دايخ وعايز استفرغ معارفشي مالي. 


عزت كان جارهم ورد عليه بضحكه:

تلاقيك خدت برد لما الطرمبه بلتك عشيه هههههااااي. 

معروف ضحك وعزت كمان، وكرار نزل من فوق الجرافه وهملهالهم وراح قعد بعيد عشان كان تعبان وحاسس بالاعراض اللي قال عليها لمعروف من صوح. 


توفيق كان واقف بعيد مع باقي العمال اللي عيحولوا بالمقاطير والجرارات التراب اللي عيطلع من الحفر، ووعي كرار راح وقعد لحاله ومسك راسه بتعب، راح عليه ووقف جاره وقاله بخوف مغلف بقسوة كدابه:

مالك فيك ايه؟ 

كرار رفع راسه بص لابوه ونزلها تاني بين اديه ورد عليه: 

معارفشي حاسس إني عيان راسي وجعاني وبطني وعايز استفرغ. 

توفيق: تلقاك خدت برد فمعدتك الليله اللي عدت عشان امك مبيتتش تغطي وتلكلك وتلهمز فيك كيف كل يوم.. 

قوم روح عاود البيت خلي امك تغليلك لمونه اشرب ميتها ونام. 

كرار: له مش للدرجادي هكمل اليوم وابقي اروح معاكم. 

توفيق بنهره: قووم روح اسمع الحديت، إنت إكده عيان وممنكش فايده إهنه، الا هتخلي عيون الكل عليك حارساك وحتي هما مهيشتغلوش.. خلص حديته ونادى علي الغفير بتاع المعدات بحسه العالي:

عطا.. واد ياعطا.

جاله الغفير يرمح:إيوه يامقاول أؤمرني. 


توفيق: خد كرار عشان تعبان وروح بيه للمحطه وركبه القطر اللي رايح لمحطة بلدنا واركب معاه وصله للبيت وعاود تاني. 

عطا: حاضر يامقاول.. قوم ياسي كرار الف لا بأس عليك.. واخد كرار وراح بيه علي محطة القطر. 

وصل كرار مع الغفير وأول مادخل من البوابه وأبو دراع وعيه والغفير مسنده رمي الطوريه من يده  ورمح عليه قوام وخده من يد الغفير وسأله بخوف. 

- مالك ياد فيك ايه ماكنت طالع زين! ماله يابو عمه؟ 

كرار: معارفشي مالي ياخوي! .. من الميه اللي نقعتني بيها عشيه.. خد بيدي ووديني لفرشتي انام حاسس إني مقادرشي اصلب طولي والسخانه عتطلع من عيوني. 

أبو دراع خده من الغفير والغفير استاذن ومشى، وسنده لغاية ماوداه حدا عتبة البيت ووقف ونادى على ممدوح واد صفوت وقله ينادم سته لعمه كرار عشان بعافيه

كرار: متكمل معاي لحد اوضتي يابارد

أبو دراع: ومن ميته أبو دراع عيرجع فعهد قطعه على روحه! 

روح ياكرار سلامتك الف سلامه أوبقي طمني عليك كل هبابه مع الواد مندوح، شيعهولي واني قاعد إهنه قبال البيت مهغيبش  لو حسيت روحك تعبت قوى أطلعلي اوديك الاسبتاليه في البندر. 


كرار هزله دماغه واتقدم خطوه واتلقته امه اللي طلعت من الموطبخ وشافت وشه مزنهر من السخونه وندبت علي صدرها وفضلت تسأله بخوف: ايه اللي صابه، واللي نابه في الهبابه اللي طلعهم دول! 


ودخلته اوضته  نومته ففرشته وراحت قوام عملتله كباية لمون مغليه وشربتهاله، وبعدها دعكته بلمونه فقورته واديه ورجليه وغطته، وعاودت للموطبخ من تاني وهي عتبرطم بغلب علي عيالها.. 

اللي كل يوم واحد فيهم داخل عليها متصاب، يابالضرب يابالعيا، ويوم يوم يتصابوا كلهم سوا. 

حوريه وهي داخله الموطبخ: هو اليوم الزين عيوبقي باين من اوله. 

عديله وهي عتاخد دفي الكانون باديها:


مالك يابومتنا العتقيه عتقوقي ليه؟ الواد مصخن هبابه مفهاش حاجه دلوك يقوم ويوبقي كيف القرد زي امه. 

حوريه بصتلها ومرضتش ترد عليها، وعديله سكتت وبعد شويه ندهت علي نعمه اللي كانت قريبه عليها:

نعمه.. انتي يابه تعالي امسكي يدي قوميني اروح ابص علي سيدك طول في النعس ومهياجيلوش نعس في الليل ويسهرني معاه، واني معتحملش السهر..

آني هقوم اصحيه وانتي اغليله هبابة بلح يشربهم دافيين عشان بطنه تدفي. 


نعمه: حاضر ياستي.. وجات عليها قومتها ونفضتلها خلجاتها من التراب ومسكت يدها لغاية ماودتها علي باب أوضتها هي وسيدها، وهملتها تدخل لحالها وراحت هي عالموطبخ تغلي البلح.. 


في اللحظه داي كان داخل توفيق والرجاله كلهم من بوابة الجنينه بعد ماعاودوا من شغلهم، وبمجرد ما دخلوا سمعوا صرخات وقعت الرجيف فقلوبهم وخلتهم كلهم يجروا علي البيت، وحتي ابو دراع جري معاهم.. بس وقف على عتبة البيت مدخلشي، وابوه جه وراهم يجري من الجنينه.. 

توفيق دخل اول واحد وسمع الصراخ جاي من أوضة ابوه وشاف الحريم كلهم متجمعين في الأوضه ومن بين الحسوس سمع حس أمه فعرف إن أبوه هو اللي اتنقل لدار الحق. 

لف وشه وبص لنعيم وبحس مخنوق قاله:

ابوك غادرنا يانعيم. 

نعيم غمض عيونه بألم وراح علي الأوضه وطلع الحريم منها ودخل هو وتوفيق  وعيالهم الرجاله ودعوه وطلعوا، وهملوا الحريم معاه وشيعوا أبو دراع يجيب الكفن والمغسل، وقالوا لمخلوف يروح يفتح دوار العيله للنصبه ويبلغ الناس بوفاة الحج كارم. 


أما كرار واخواته وعيال عمه فودعوا جدهم بدموع القلب، لكن عينهم قعدت علي حالها مزارهاش الدمع، عشان الرجال خابرين زين إن الدمع للحريم.. والحريم مقصروش بُكا وندب وشيل تراب عالراس. 


حضرت الرجاله وخدوا كارم يغسلوه  والحريم اتدارو في الموطبخ لغاية ماكمل الغسل، وطلعوا بكارم الرجاله ومن بعده انطلقت صرخات الحريم مودعين. 


والحزن الأكبر كان من نصيب عديله مرت كارم وبالذات لما جم المعددات وبدأو طقوس العديد بضمير؛ عشان كل ماالعديد عيكون مؤثر ويبكي الناس عيقبضوا اكتر. 


المعدده لعديله: قصي عقوووصك الحمره قصيها.. جملك وراح لمين ياخيتي هتخليها.. قصي عقوصك وحرمي الحنه عليها.. راح العزيز لمين ياحبيبتي هتحنيها 


عديله مسكت جديلتها اللي مسكها كارم لآخر مره ودموعها نزلوا بحرقه وهي عتتمني لو كانت طولت فوداعه أو حتي قعدت جاره وكت طلوع روحه.. بس هي كانت هتعرف منين يعني.. 


المعدده التانيه:

خايفه عليك ياغالي من لسعة الدوده واديك ورجليك في القبر ممدوده.. خايفه عليك من نومة القبر بعد ماتتقفل عليك بيبانه.. واناا لا هقدر ياغالي من برد القبر اضمك ولا افتح عليك من تاني بيبانه.


اندفن الجد كارم وعاودت الرجال للمندره واتدبحت الدبايح واتشيع منها للبيت، والطباخ جه للمندره عشان يطبخ وجبة الغدا للمعازي، وطبعاً طول ال٣ ايام الرجاله مهيهملوش الدوار، ولا الحريم هيبطلوا شاي وقهوه، وطبيخ للعشا والفطور لرجالتهم و للمعازي طول ال٣ ايام


خلصوا ٣ ايام العزا واتفض المجمع وعاودوا الرجاله اخيراً علي بيتهم، والكام حرمه والمعددات اللي كانوا ملازمين بيت كارم طول ال٣ ايام بالنهار ندب وعديد، وبالليل كل وحده تاخد منابها ومناب عيالها طبيخ وعيش ولحم وتروح تبيت معاهم. وتشحن طاقتها لتاني يوم روحوا هما كمان علي بيوتهم  بلا رجعه، وكل واحد عاود لفرشته جار مرته، وكل وحده عاودلها جوزها، الا عديله اللي فرشتها خليت من ولفها، والليل بقي عليها اطول من الدهر، ومعيعديش غير بطلوع الروح وياطول ليالي الشتا علي اللي قاعد لحاله. 


وفي ليلة. اليوم الرابع كرار طلع من البيت وراح على ابو دراع لبيتهم لقاه لامم خلجاته وخلجات ابوه وقاعد على الطشت وعيغسل فيهم. 


كرار: العوافي عليكي يابت يادروعه والله تسلم يدك عالغسيل الملعلط ديه يابه. 

أبو دراع بعدم إهتمام: عتتمقلت بدال ماتمد يدك مع اخوك تاخد من عليه فوم ياردي! 

كرار: داني اتبرى منك ومن اخوتك ولا اني اقعد علي طشت غسيل واغسل. 

ابو دراع: ماانك اصيل. 

كرار اتلفت حواليه وكان باين عليه التفكير  وأبو دراع عرف إن فيه حكي علي طرف خاشمه، وتقريباً فهم هو عايز أيه فحب يرزله بالكلام فقال:


ايييه، الله يرحمك ياجد كارم مع انك مش جدي لزم، بس الواحد حزين عليك ونفسه مسدوده من كل حاجه حتي الطلعه من الدار. 

كرار: ومالها الطلعه من الدار بالحزن كمان! داي حتي عتخلي الهموم تخف شويه من فوق كتاف البني آدم وشوفة الناس عتهون على الواحد حزنه. 

أبو دراع بإبتسامه جانبيه: وطبعاً مش اي ناس اللي شوفتها وقعدتها عتنسي الهم.. فيه ناس ناس بس اللي عتعمل إكده.. والناس دول هما اللي عييت بسببهم وكنت هتفرفط من السخونه لولا ستر ربنا، والمزين اللي عطاك خلطه روقتك في العزا.. وكمان هما اللي بسببهم كنت هتروح فداهيه مع ابوك لولا ستر ربنا برضك. 


كرار: بالله عليك يابو دراع زهقان هطق وحاسس حالي مخنوق.. اروح اشربلي سطلين بوظه واقعد هبابه جار همام والسيد وهنعاودوا قبل مااليل ينصف ومن غير ماحد ياخد باله. 

أبو دراع:إسمها هعاود مش هنعاودوا؛ عشان اني مهطلعش ولا هروح معاك كفايه غضبت ربي مره وطاوعتكم واتسطلت هتعملوا فيا ايه تاني! وبعدين مش كل مره عتسلم الجره ولو حد عكشك عتحشش ياواد المقاول هتفضح حالك وتفضح حتي ابوك في البلد. 

كرار: يابوي متخافش مهشربش حشيش تاني قولتلك.. طيب خلاص بص خليك متروحش بس استناني ومتنامش؛ عشان تفتحلي البوابه وابيت معاك.. هما سطلين بوظه بس اشربهم ياعالم.. هموووت شامم ريحتها فمناخيري كيف اللي عيتوحموا! 


ابو دراع:  خلاص غور اشربلك سطلين على نفسك؛ احسن العيل ينزل بايظ من قلة البوظه.. هستناك بس متطولش.. وهما سطلين بس، أحسن ورب العزه النوبادي لاكون اني اللي مسلمك لابوك بنفسي، واروح علي همام والسيد واكسر سداغهم لو شربوك سم هاري تاني..

وقولهم الكلام ديه عشان اني كنت ناوي اقولهولهم بس مقابلتهمش من ساعتها.. دول حتي فعزا جدك مجوش الردايا! 


كرار: يابوي دول ناس مليهمش في الزعل والهم والعزا، ليهمش غير في الهلس والفرفشه بس.. يلا سلام هروح اني عشان الحق ارجع بدري.. خلص كلامه واتحرك قوام، وساب ابو دراع وراه عيهمس بغلب:

والله ماهيبعدوا عنك العيال دول، ولا هتبعد عنهم غير لما اشدك واشدهم الشده التمام.. افوقلهم بس وحياة وجع قلبي لأطفشهم من الناحيه كلها. 


أما فبيت عبد الصمد.. 

دهب وهي عتغطي فعبصمد.. سلامتك ياابو البنات بعد الشر عنك بيا ولا بيك ياغالي.. قالت إكده واتعدلت بعد ماكانت موطيه ومسكت ضهرها بألم:

آي.. قطع الوجع وقطعت سيرته. 

عبد الصمد:

ناقصه انتي عشان عايزه تاخدي وجع فوق وجعك كمان يادهب.. مااللي فيكي مكفيكي ياام البنات. 

دهب : اني اتحمل عنك، وبعدين اديني مرزوعه في البيت لا عشقى ولا اتعب علي لقمة العيش زيك.

في الاثناء دي دخلت عليهم شام.. 

دهب: تعالي ياشام حطي قروانة الجمر إهنه قريب على ابوكي عشان تدفي الموطرح، ابوكي متزفزف قوي وعيرجف رجف. 

شام بزعل: بعد الشر على حبيبي وحبيب روحي من العيا بيا ولا بيك ياغالي. 

عبد الصمد بضعف: بعد الشر عنكم كلكم ياهدبة العين.. عارفه يادهب ابو الليف كان المفروض مواعدني يجيبلي دهن الحنش النهارده من واحد معرفه، بس عييت ومقدرتش اعدي عليه واني جاي من الغيط كان خف ضهرك هبابه. 

دهب : ميهمش اوبقي هاته لما تروق هي طابت واتحرقت يعني! نتحملوا الوجع ليله كمان  مفيهاش حاجه.. خلصت كلامها وقعدت علي السرير جاره واتألمت ومسكت ضهرها بوجع. 

عبد الصمد: والله الوجع واعر وخصوصي لو كان في العضم اني عارف يادهب. 


شام: طيب ايه رأيكم انتو التنين اخطف رجلي اني لبيت عمي ابو الليف اجيب من حداه الدهن، واحود علي بيت عم جابر المزين اجيبلك من حداه شوية اعشان للبرد اللي حداك ديه يابوي واغليهملك عشان تطيب منا للصبح؟ 

عبد الصمد: وه.. وتطلعي دلوك ياشام! في الليل ديه والعتمه داي؟ 


شام: وفيها ايه يعني يابوي؟ البلد أمان وهاخد الكلوب معاي وهخطف رجلي اجيبهم واعاود قوام قوام. 


عبد الصمد: دانتي هتعدي للجيهه التانيه ياشام! 

شام: مفيهاش حاجه يابوي وهي الجيهه التانيه بعدت يعني.. داي فركة كعب.. وعشان تتطمن أني هاخد بسيمه معاي، وادينا التنين نونسوا بعض في الطريق. 


دهب: خليها تروح ياعبصمد البلد امان صوح ومفيش خوف.. وعشانك إنت والله مش عشاني.. اصلك مهتتحملش الوجع اني خابره. 

عبد الصمد بص لشام بإستسلام وشاورلها بيده عشان تروح، وهي اول ماخدت الإشاره إتحركت قوام. 

طلعت ولبست عصبتها وفوق منيها اتلتمت بشال أمها القطيفه الاسود من البرد، وقالت لبسيمه تاجي معاها وبسيمه رفضت بالثلث؛ عشان عتخاف من السكه الحديد والعفاريت اللي على الشريط بتاعها من الناس اللي واكلها القطر وخصوصاً بالليل... وزيها بالظبط بشاير حلفت ايمانات الله كلها إنها مهتطلع ولا تنقله من البيت، ولا تمشي فمحاذاة  شريط السكه الحديد المسافه داي كلها لحدت المزلقان ابداً في الليل ديه. 


فاضطرت شام إنها تاخد الكلوب و تروح وحدها وهي عتصبر روحها وتقوي حالها إنه مفيش حاجه من اللي خياتها خايفين منيها.. بس هي خوفها كان من حاجه تانيه خالص.. خوفها كان من الالات الصفره العملاقه اللي كانت واقفالها في الضلام كيف الوحوش اللي مستنيينها تقرب منيهم، واول ماهتكون قبالهم هيهجموا عليها..ومتعرفش إن فيه وحوش من لحم ودم في إنتظارها. 

نفق الجحيم

البارت الثامن8


مشت شام في طريقها وعدت من جار الات الحفر بقلب عيرجف من الخوف، وجات قبالهم ورمحت لحدت مابعدت المسافه الكافيه عنهم، واللي تحسسها بالامان منهم، وبعدها كملت طريقها لغاية المزلقان وعدته، وبقت في الجيهه التانيه من البلد.. 

راحت الأول لجابر المزين اللي كان بيته ابعد من بيت ابو الليف وجابت الاعشاب قوام قوام منه وهي واقفه عالباب، وبعدها رجعت لبيت ابو الليف..

خبطت خبطه والتانيه طلعلها ابو الليف وكان عيلبس فجلابيته وهو متبرجل وشكله فيه حاجه مش طبيعيه..

شام: عم اني شام بت عبصمد وباعتني عشان.

ابو الليف قاطعها: إيوه ايوه عارف باعتك تاخدي دهن الحنش وهو جاهز.. بس امانه عليكي يابنيتي تدخلي تقعدي جار ام مرعى هبابه؛ عبال مااروح اجيبلها الدايه واجي.. جالها الطلق وعتولد ومفيش حد معاها، وانتي ربنا بعتك ليا نجده من السما.

شام:إيوه بس..

ابو الليف: مبسش مهعوقش والله بس بالله عليكي ولعي الكانون وحطي عليه هبابة ميه سخنيهم لحدت مااعاود.. خلص كلامه وجري من قدام شام وحطها قدام الامر الواقع، وملقتش قدامها بُد غير أنها تدخل وتعمل كيف ماقالها ابو الليف.

وفعلا بدت تسخن الميه وفضلت تهون علي ام مرعي طول ماهي شايفاها عتتألم قدامها.


اما حدا كرار في الغرزه...

همام : ايه ياكرار البوظه ممكيفاكش عارف اني.. حاكم اصل الكيف ديه كيف السلالم كل ماتطلع سلمه عايز تطلع اللي بعدها، ومتوبقاش عايز تبطل طلوع غير لما توصل للقمه.. وقمة الكيف هي سجارة الحشيش اللي عتاجيب من الاخر.


كرار بحسره: ايوه الله معاك حق ياد ياهمام.. بس ياخساره مهقدرش اشربها تاني الواكلاهم داي.

السيد بإستغراب: ليه اومال منعك منيها الحكيم اياك؟

همام: له وإنت الصادق ديه المأمور اللي متعين عليه اللي مسامحلهوش إنه يتكيف.. ياخي أني اول نوبه اشوف أجير يتحكم فسيده ويحكم عليه!

كرار بغضب: همام أياك تجيب سيرة ابو دراع تاني علي لسانك بالشكل ديه، ابو دراع مش أجير حداي واني سيده.. ابو دراع اخوي.. فاهم يعني ايه اخوي.. اني وابو دراع متخاويين بالدم وادينا تشهد.. خلص حديته ورفع يده فوش همام وشاورله بيده التانيه علي الجرح. 


همام شاف كرار اتحول، وكلمة تانيه منيه فحق ابو دراع ممكن يقطع علاقته معاهم خالص، فحب يلطف الجو ويحتوي الموقف فقاله:

وه.. روق يابوا عمو عنضحكو معاك! اني بس كنت عشوف غلاوته عندك، وطلع غالي عندك قوي.. إنت صاحب جدع ياد ياكرار، وعشان إكده الواحد عمره مايندم علي صحبتك.. وخلاص ياسيدي متزعلش روحك هنخلوك علي راحتك، وهنروحوا إحنا فباط البحيره حدا الهيش نولعولنا سجارتين ونعاودولك تاني.. استنانا إهنه.. 


أما ياد ياسيد النهارده جايبلك حشيشه انما ايييه.. الواكلاهم تدخل النافوخ بطيارة.

السيد : طيب قوم داني خرمان قوي وحاسس إن دماغي فاضيه من جوه.


قاموا التنين واتحركوا كام خطوه وصوت كرار؛ خلى همام ابتسم بإنتصار وهو سامعه عيقوله:

-وقف انت هو.

همام والسيد وقفوا وبصوا لبعض واتبادلوا الابتسامه ولفوا لكرار اللي كان وراهم بالظبط، وشافوا اللهفه عتنط من عنيه وهو عيقولهم:

استنوا جاي معاكم أشرب سجاره وحده بس علي نفسي.. سجاره وحده مش هتعمل حاجه ولا حد هيعرف إني شربتها مش إكده؟

السيد: هو إكده بالظبط.. تعالى ياغالي متحرمش نفسك من حاجه.

ومشوا هما التلاته علي موطرحهم المعتاد.. لكن للأسف لما وصلوا لقوا فيه ناس قاعده بالكلوبات فيه.. فوقفوا بعيد وهما حاسين بخيبة أمل..

السيد: دا ايه الحظ ديه ياربي ديه أءمن مكان الواحد معيخافش حد يقفشه فيه.


همام: تعالوا نروحوا ناحية الغيطان اهناك الحته مقطوعه قطعه تمام.


كرار بخوف: ايوه عشان لو نفدنا من الديابه مننفدوش من مطاريد الجبل اللي عتنزل تلقط رزقها وقوتها من الغيطان بالليل!


السيد: طب والحل اتقفلت يعني وخلاص الليله اتضربت؟

كرار بتفكير: أني عندي حل.. ايه رايكم المحطه قَريبه علينا اهي، والقطر زمانه جاي، نركبوه وهوديكم موطرح محدش يعرفنا فيه واصل، ونعملوا اللي نعملوه محدش يقولنا فينكم.. وبعد ماناخدوا كيفنا نعاودوا فقطر كيف مارحنا ولا من شاف ولا من دري. 


همام بإهتمام:

فين الموطرح ديه ياد ياكرار؟

كرار: في البلد اللي عنحفروا فيها النفق...


وفعلا التلاته راحوا علي محطة القطر وهما يادوبك وصلوا المحطه، ووصل القطر ركبوه وطلع بيهم علي بلد النفق..


وبعد حوالي ساعتين بالظبط وصل بيهم القطر لمحطة البلد اللي فيها الحفر، ونزلوا ومشوا ورا كرار اللي كان ماسك الكلوب وماشي قدامهم وعيقودهم  لغاية ماوصلوا حدا المعدات..

همام بإعجاب: يابوووي عالسكوت والروقاااان اللي في الموطرح ديه ياريتها بلدنا!

كرار: طيب حسك عشان انت واعي الدنيا هوس هوس والحس عيسري في الليل.


السيد: هو مش المفروض المعدات داي ليها غفير ياكرار عيحرسها! هو فين امال؟


كرار: أيوه الغفير عطا.. الله اعلم تلاقيه متلكلك ونايم تحت ساس حيطه من البرد إهنه ولا إهنه.. ولا راحله غرزه يسهر فيها.. هملنا منيه، خليه مكفي، احسن مايعكشنا ويروح يقول لابوي.. داني كنت ناسي امره خالص الواكلهم ديه..

المهم تعالوا هنقعدوا فسطل الكاشيك ديه عشان نبقوا فأمان اكتر ومتداريين وحدش يشوفنا.

وراحوا التلاته قعدوا فسطل الكاشيك وابتدا همام يلفلهم في السجاير وهما يشربوا، وسجاره تجر سجاره، وعشان الصنف عالي النوبادي اتسطلوا قوام.. واللي قال مش هشرب غيرها وحده هو اكتر واحد شرب فيهم.


أما عند شام...

ياام مرعي عم ابو الليف غاب قوي اني ناسي تلقاهم اتشغل بالهم عشان عوقت،  ومش بعيد ابوي يطلع يدور علي بذات نفسه، وهو عيان مهيتحملش طلعة الليل والبرد.


ام مرعي بصراخ: واني اعمل ايييه اني عايزااااه ياجي اكتر مننننك اني عمممووووت ياابو الليف تعااااااالى... ااااي.


وبعد ماخلصت صرختها اتفتح باب البيت بقوة ودخل منه ابو الليف يجري وهو عيقول:

جيييت.. جيييت اهه معلهش حقك عليا؛ الدايه كانت عتولد مرت بخيت قصاص الحمير  وديه فآطراف البلد، ورحتلها اهناك واستنيت لما ولدت المره وجبتها طوالي..


ام مرعي:  طب قوااام تعالي ياحبيبتي حاسه راس الواد طلت اسحبيه مني وريحيني هاموووت..

ودخلت الدايه بيها قوام للاوضه وشام دخلت وراهم الميه الحاميه للأوضه وطلعت..

شام: هات ياعم الدهن اتأخرت علي ناسي زمان الخوف كل قلوبهم..

ابو الليف بربكه وكركبه: ايوه ايوه صوح الدهن..ودخل الاوضه وجابه وطلع فثانيه.. خدي اهه.

خدته شام واتحركت من قدام ابو الليف قوام وهو وقفها لما قالها:

طيب يابتي ماتستني الوليه تولد واطمن عليها واروح معاكي اوصلك لحد باب بيتكم.. الوكت اتأخر! 


شام: له مش ضروري اني هعاود لحالي، معايا الكلوب ومفيش حاجه ََخليك إنت جار مرتك ربنا يقومهالك بالسلامه ويطعمك صبي يخاوي مرعي قادر ياكريم.


ابو الليف رفع اديه للسما وهو عيرد عليها:

ربنا يسمع من خشمك اللي عينقط شهد ديه قادر ياكريم..


وطلعت شام وخدت طريق الرجوع وهي عتلفلف قلبها بتوب القوة الكداب اللي كانت لابساه وهي جايه.. 


اما فبيت عبد الصمد..

دهب رايحه جايه في الدار وهي ماسكه ضهرها.. ياتري عوقتي ليه ياشام.. يعني يابولغه منك ليها مقدرتش وحده منيكم تغور معاها تونسها، ياكلاب ياللي خساره فيكم. الربايه..

بسيمه بحس عالي:

يمه عنخافوا عنخاااافوا.. بتك حلوفه معتخافش مالنا بيها احنا! 

وبعدين اهي عوقت تلاقي عفريت طلعاها خبلها علي شريط القطر، هتعاودلك ملبوسه دلوك، يلا عشان ترتاحي انتي وابوي، وهي كمان معاكم، مادام مقادرينشي تتحملوا الوجع للصبح!


دهب : شششش وطي حسك؛ ابوكي نايم مصدقت عينه غفلت بعد مادعكته بلمونه، ياكش يعرق والصخانه تنزل هبابه... وكملت وهي عتتلفت لبره من الباب المفتوح... ياتري ايه اللي عوقك ديه كله ياشام؟

والله لو معاودتي بحجة الغايب اللي تخليني أسامحك لاكون مق.طعه السباطة علي جتتك النهاردة.


اما حدا ابو دراع.. 

كان مولع نار وقاعد جارها، وعينه علي بوابة الجنينه، وكل هبابه يهمس لروحه لما اتأخر عليه كرار:

والله ياكرار عيملتها وشربت حشيش مع الكلاب دول، بس ورحمة امي النوبادي مهعديهالك علي خير واصل، ولا هخليك تمشي تاني نوبه فطريق اللي يروح مايعاودش ديه. 


في بيت المقاول.. 

عديله قاعده في اوضتها لحالها متلفلفه باللحاف كلها وحاسه إن الليل لما عياجي عياجي كنه زمن مليهش آخر وإن البرد زاد وجسمها دايماً عيرجف، متعرفش داي رجفة برد الليل ولا رجفة وجع الفراق.. واثناء ماهي قاعده عتتأمل فليلها الطويل سمعت حس خطوات وشافت ظل حد ماشي في الحوش من تحت فتحة الباب فسألت بحس عالي:

مين.. انت مين ياللي برا؟ 

حوريه بحس عالي: اني.. نامي متخافيش. 

عديله بحس واطي:

غوري نامت عليكي حيطه. 


اما حوريه فراحت علي اوضة كرار فتحتها وطلت فيها عشان تشقر عليه كيف كل يوم ولما ملقتهوش قفلت باب الاوضه بعنف وهي عتقول بحس عالى:

اكيد مبيت حدا ابو زففت وياجيني الصبح بردان وعيان وحالته حاله.. عدمني أبو دراع وابوه يارب دعيتك فجوف الليل والناس نيام.. 

عديله ردت عليها من جوه بحس عالي:

ماعشان هيقبل دعاكي ياللي ماعتعرفي تركعيها ولا عتعرفي ربنا غير وكت عازتك. 


حوريه بغلب: ناااامي.. قولتلك ناااامي. 


وحدا كرار وهمام والسيد..

كرار بدوخه: الوكت ايه دلوك عدوا قطرين  خايف نكونوا عوقنا ياعيال.


همام: مالك بالوكت بس ياكرار همل الوكت وخليك في الراحه اللي إحنا حاسين بيها داي ياقزين... يابوووي عارفين الواحد نفسه فأيه دلوك.. نفسه يجرب النسوان.. عسمع دايما اصحاب المزاج يقولوا سجارة حشيش مع مره بالدنيا ومافيها..


السيد بلسان تقيل: إنت وين والحريم وين ياحزين.. دانت مقفلتش العشرين ولسالك كام شهر وتقفلهم.. ولا فكرك ابوك هيجوزك جوازة عز وإنت لساك فرخ صغير، وهو محيلتهوش اللضى، ولا حداه حق الخشب اللي هتتجوز عليه حتي! 

همل جوازات العز لاصحابها.. يعني للي كيف كرار إكده.


كرار: يلعن ابو القر ياخي!

همام بسرحان:

ركبببت فوق السطوووح هز الهوا كمي.. كل اللي كدي اتجوزوا واني قاعد جاااار امي. وكمل بحس عالي.. ياااارب نفسي فمره يارب اجرب معاها اللي حاسس إني هموت قبل مااجربه ياااارب.


في اللحظه داي كانت شام وصلت قبل المعدات بحاجه بسيطه، والخوف عينفض فقلبها كيف ورقة الشجر ماعينفضها الهوا، وزاد بعد ماسمعت حس حد جاي من عند الكشيك، وكان حس راجل عالي بس ممتفسرش! 

وقفت موطرحها ورفعت الكلوب عشان تشوف زين، وبلعت ريقها بخوف، لكنها كملت مشي بخطوات مهزوزه لما ملقتش حاجه!

ولغاية ماوصلت قبل المعدات بحاجه بسيطه استعدت للجري، لكن للأسف كان همام شافها ونط من سطل الكاشيك قوام وهو عيقول:

واااه ديه باينه قطر الجنه كان معدي لما اتمنيت وبعتلي اللي عتمناه!

قوم ياد انت وهو لقيتلكم غزاله شارده فنص الليل، وباين الليله داي والله اعلم هتكون احلى ليله في العمر..

وراح جري على شام اللي صرخت بخوف وجريت وهي حاسه بخطوات وراها معارفاشي صاحبها مين.. لكنها للاسف كانت عتجري كيف غزاله عتحاول تجري تحت شبكة صياد

وفأقل من دقيقه كانت شام بين ادين همام، مطوقها بيد وحده ورافعها من على الأرض، وكاتم نفسها بيده التانيه، وعيجري بيها ناحية النفق لحد ماوصل حدا السيد وكرار وهو عيضحك بنصر، كيف اللي جابلهم صيده ثمينه.. وشاور للسيد بعنيه عالكلوب وقاله:

الكلوب وورايا انتو التنين عالنفق.. الليله عيد ياولاد الفرطوووس...


دخلوا بشام النفق.. وهمام ابتدا يجردها من خلجاتها بالقوة وهي تصرخ وتنادي علي ابوها.. بس صرخاتها مكتومه تحت يده العفيه اللي مكبله خشمها، واول ماجسمها اتكشف وخلاص همام هيعمل عملته.. كرار حس برجفة خوف وقاله:

بلاش يافقري هملها هتجيبلنا نصيبه.


همام بإصرار علي الشر كانه اتلبس بروح شريره : مفيش نصايب ياد جمد قلبك، احنا اغراب عن البلد والليل ستار، وربنا اللي ساقهالي لحد عندي لما اتمنيتها منيه، واني هدية جاياني من السما والله مااردها.. سيييد أمسك رجلين بت الفرطوس داي اللي عتفرفط بيهم..


وفعلا سيد ساعده فتثبيت شام وابتدا همام يغتصبها بمنتهي الوحشيه اللي ممكن انثي تتعرضلها فعلاقه.. كيف أسد جعان ولقي فريسته، ومن بعد منه اتولى السيد المهمه وجه عليه الدور ومقصرش هو التاني وكان عيقلد همام فكل حاجه عيملها فشام.. وبعد ماخلص السيد جه الدور علي كرار، اللي كان واقف بعيد وحاسس بخوف مخلوط برهبه بإثاره بسكر ودماغه مش قادر يستوعب اللي عيحصول ولا قادر يحدد أيه اكتر إحساس هو حاسس بيه في اللحظه داي!

السيد بنهجان:

دورك ياكرار قرب.. 

كرار بخوف: ااا اني؟ 


همام: ايوه إنت ياكرار قرب خد نايبك من الحظ ياد، واوبقي ادعيلي بعد ماتخلص.. وعشان الاخير كومه كبير، اهي سكتتلك ومعتحطش منطق، يعني هتتمزج علي اقل من مهلك، وعلي راحة راحتك.. قرب ياكرار قرب ياد متوبقاش جبان. 


وفعلا قرب كرار منها بخوف سرعان مااتلاشى بإثارته من منظر شام اللي صحى جواه وحش الرجوله الكاسر، وخد دوره فى دب.ح شام بنفس الطريقه اللي دب.حها بيها همام والسيد.. 

وقام وبعد عنها وهو حاسس بنشوة لا تضاهيها نشوة.. وقعد وسند ضهره علي حيطة النفق وهو عينهج ومبتسم ابتسامه واسعه.. 

ومن بعد منيه رجع همام تاني لشام وعاد الكره مره بعد مره لحدت ماشبع وتعب، وبعد منيه السيد عاود الكره كيف ماهمام عيمل بالظبط، وكل واحد فيهم همه يمتع نفسه وكأن اللي بين اديهم داي مش بني آدمه ولا فيها روح تتألم!


أما شام فوصلت لمرحله إنها حاسه بكل حاجه لكنها لا قادره تصرخ ولا تتالم ؛كأنها اتسجنت ورا قضبان الصمت والألم، وهملت روحها للعذاب يهلك جسدها وروحها هلك


أما كرار غير المره اللي قربلها فيها معاودهاش.. واخر ماخلص منها همام والسيد بعدوا عنها.. 

وفضل كرار يبصلها هبابه ويتأمل فيها وفجمالها على نور الكلوب، وبعدها راح عليها لما شفق عليها لأنها عريانه بالكامل فعز البرد والسقعه.. والتراب اللي تحتها رطب من الدم اللي عماله تنزف فيه ، وحط خلجاتها عليها من البرد.. 

واثناء ماعيمل إكده، وفي اللحظه داي شام فتحت عيونها بتعب، ومقدرتش تشوف منيه غير يده بالخاتم اللي فيها.. أما الملامح فأختلطت مع بعضها فعنيها، 


ومكانتش شايفه فاللحظه داي قدام عيونها بوضوح غير ملامح ابوها الباكيه  وكسرة نفسه لما يشوفها بالحاله داي، وأمها اللي نفسها تاجيلها دلوك وتاخدها فباطها وتدثرها من الوجع، والبرد، والخوف، اللي حاسه بيهم، وتطمنها إن ريحة الموت اللي شاماها داي مش حقيقيه ومش ليها.. 

           الفصل التاسع من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close