أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل الخامس والاربعون والسادس والاربعون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم

 الجزء الثاني2 الفصل الخامس والاربعون والسادس والاربعون 

بقلم ريناد يوسف

أبو دراع لربيعه:

ايه اللي انتي عاملاه فحالك ديه يابت المحروق، وكيف جايه فى الطريق إكده قدام الناس كلها؟

ربيعه بإستعباط:

وه.. عيملت ايه اني؟

ابو دراع:

يعني عارفاش عميلتي ايه، عميلتي حرق اللي جابك.

قوليلي بس ايه اللي عملتيه ديه وليه ومين اللي شار عليكي بيه.. خالتك بسيمه مش إكده؟

ربيعه:

له مش هي اللي شارت عليا اني اللي قولتلها وطلبت منها، وبعدين اني معميلتش حاجه بطاله اني عميلت اللي كل الحريم عتعمله.

ابو دراع:

وهي كل الحريم لما عتعمل حاجه فوشها عيوبقي شكلها كيف شكلك إكده؟ وبعدين انتي لساكي صغيره انتي وين والحريم وعمايلها داي وين؟

اسمعي يابت انتي.. من اليوم وطالع حاجه زي داي تتعمل فوشك تاني ورب العرش ياربيعه امد يدي عليكي وادوقك قسوتي وغضبي كيف عيكونوا، وطلعه من البيت تاني مهتطلعيش غير بعد ما حوا.. وقطع الكلمه وبدلها قوام.. غير بعد ماشنبك يكبر تاني واللي حاصل فوشك ديه يختفي.

وبعدين انتي معارفاش ان الناظر والمنظور ملعونين، يعني جايه طول الطريق تجني فلعنات وديه كله على حاجه لا قبض ولا صرف، كل ديه عشان الناس تبص عليكي ويتملوا فجمالك.


ربيعه ردت عليه بنفي:

له ياقطب اني معميلتش إكده عشان الناس، ولا غرضى بصت حد ليا، اني كل اللي عميلته ديه لجوزي، ليك انت ياقطب، اني ميهمنيش حد في الدنيا غيرك، ولا يهمني اكون حلوه غير فى عيونك انت وبس..ومش عيب انى اعمل اي شي عشان اكون حلوة لجوزي اللي مليش حد في الدنيا غيره.. سامعني ياقطب لجوووزي.


كانت تعيد وتزيد فى الكلمه وتتكى عليها كيف ماتكون عتأكدهاله وتخليه يستوعبها، لكن قطب كان مع كل كلمه وشه يحمر ويزيد خجل من كلام ربيعه وجراءتها وخصوصي قدام امها، ونكس عيونه للأرض وهم يطلع من البيت وهو خجلان خجل العذراء في خدرها، لكن وقفته ربيعه وهي عتعترض طريقه وتقوله:


على وين.. خليك متطلعش هنتغدوا اني جعانه.

كانت تكلمه وعينها فعينه ومتعمده تبص فى عنيه وداى كانت اول نصيحه من بسيمه ليها، انها متخليش عيونه يحيدوا عنها، يبعد تقرب، يصد تهاجم، يودي وشه فناحيه تلف وتقف قدامه، بمعنى اصح انها تزاوله ومتخليش عيونه يشوفوا غيرها ولا تديه فرصه يغفل عنها.

واهي ابتدت تطبق اول نصيحه، واللي بفضلها حست ان قطب اتخربطت احواله من عيونه اللي بقوا يهربوا منها فكل حته، وفي الاخر زاحها من قدامها وقالها إنه شبعان مهياكلش وطلع.


أما ربيعه فبعد ماطلع قلعت ملسها وطرحتها وراحت على امها اللي عارفاها مستنيه تفسير، وقعدت جارها وابتدت تحكيلها كل اللي جرا واللى دار بينها وبين خالتها بسيمه، وفى الاخر وصلتلها رسالة خالتها.


وشام بعد ماسمعت كلام ربيعه ورسالة بسيمه ضحكت بخفه وهزت دماغها بتفهم وهي عتفكر ياترى تخليلهم الجو كيف وتروح وين وبيت ابو دراع فيهش غير أوضه وحده، وبعد تفكير قررت قرار وعزمت على تنفيذه.


أما ربيعه فقامت حضرت وكل لامها وغدتها، وجهزت بعد إكده وكل ليها ولابوا دراع، وراحت على اوضتها لبست فستان جديد اول نوبه تلبسه ،وحطت احمر خدود واحمر شفايف من اللي عطتهملها خالتها بسيمه ، وطلعت بعدها عالموطبخ خدت الوكل وطلعت بيه لابوا دراع، وبمجرد ماوعيته بصلها وانتبه لوجودها، ابتدت تقرب عليه بدلع، وابو دراع شافها ورفع حواجبه وبص بعيد وهمس:

استغفر الله العظيم يارب،طيب اقوم اخنقها داي دلوك واطلع روحها فيدي ولا اعمل فيها ايه؟


ربيعه قعدت قدامه بالوكل وقالتله وهي عتغمس اول لقمه وتمدهاله قدام خشمه:


مرضيتش اكل بلاك، يلا كل عشان اني كمان اكل، ومتزعلش مني اني والله مااقصد ايوتها حاجه عفشه، اني كل غرضي اني اكون حلوة لجلك انت وبس.

ابو دراع وهو عيتلافى منها اللقمه ويرد عليها:


واني معاوزكش تبقي حلوه لا ليا ولا لغيري ،يابت الناس انتي مناقصاشي حلا داني عخاف عليكي من شرار النفوس علي اكده تقومي تزيدي الطيب بله وتجيبي الغافل باللي عاملاه ديه؟

خلص كلامه ورمي اللقمه قدامه عالصينيه ،وربيعه لما عيمل إكده قالتله وهي عتغمسله غيرها'

طيب خلاص كل عشان خاطري واني مهزعلكش مني مره تانيه.

رد عليها وهو عيتلافي منها اللقمه مره تانيه وميكسفهلش:

يعني عرفتى غلطك ومش هتعيديه تاني؟

ربيعه وهي عتغمس لقمه وتاكلها:

له هعيده اكيد، هعيده وازيده كمان، بس كل الحكايه اني لما اكون حافه جديد مش هطلع في الشارع وهقعد في البيت لغاية ماوشي يهدا حماره.


ابو دراع برقلها ولساه هيرد عليها سمعها عتقوله:

والله ماانت قايل حاجه اني خلاص قلتلك المفيد ومفيش حديت يتقال، اني وحده متجوزه ويحقلي اللي يحق لكل وحده متجوزه.


ابو دراع بقلة حيله:

يابوي افهمي يابقره افهمي انتي اللي عتعمليه ديه ممنيهش فايده، اني غير معاملة الاب لبته مش هعاملك وانتي غير بتي مش هتكونيلي، فكني واقعدي على حيلك احسنلك.


ربيعه رفعتله حاجب واحد وحطت عينها فعينه بتحدي وإصرار وردت عليه:

له مش هكن ياقطب ولا ههدا، وحكايتك البت وابوها داي هنشوفوها هتطول لحد ميته، وهوريك انك لا انت ابوي ولا اني بتك.. اني مرتك وانت جوزي واللي مابينا هيكون زي اللي بين كل راجل ومرته، واني اهه وانت اهه وبكره تشوف.

خلصت كلامها وقامت من ع الوكل وابتدت تتمشى في الجنيه قدام ابو دراع، وكل شويه تبصله بنظره جانبيه تلاقي عينه عليها، لغاية ماخلص وكل وعلق الشاي، وشاف شباب البيت داخلين عيال سلام ومعروف فقام من قدام الدمسه وراح على ربيعه ووقف جارها وحط يده على كتفها بتملك وهو عامل روحه عيشاورلها على تفاحه طايبه فشجرة التفاح.. لكن الحقيقه انه عيحط صور حمايه حوالين ربيعه من عيون شباب البيت، ويوصلهم رساله ان داي تبع ابو دراع وممنوع البصه عليها بأي شكل، فعدوا الشباب من جارهم وغضوا بصرهم غصب عنهم عن اللي واقفه فحماية الاسد وفعرينه.


اما ربيعه ففهمت حركة ابو دراع واتوكدت انها من باب الغيره بعد ما نزل ايده قوام بمجرد مادخلوا الشباب لبيتهم، 

وهم يرجع لشايه ودمسته، لكن يد شام اللي اتشعبطت فدراعه وقفته، وإبتسامتها اللي اتبسمتهاله لما بص عليها خلته مبقاش خابر هو رايح فين ولا جاي منين ولا كان رايح يعمل ايه!

ووقف قدامها دقايق تايه لولا مارد عقله فراسه من تاني وراح لشايه اللي بقى يفور ويغلى ويكب وضاع طعمه اكيد، وكل ديه بسبب العفريته اللي ابتدت تلعب عليه الاعيب لا سنها يسمحلها بيها، ولا هو سنه يتحملها، ومعارفش اخرتها مع عمايلها داي هتكون ايه، لكنه متوكد انها مش هتكون زينه بالمره وجايز تنتهي بوجع لربيعه وصدمه تتعبها لفتره وهي موهومه بالحب ومقهوره من الجفا.


خلصت ربيعه لفتها في الجنينه واكتفت زغلله فى عيون ابو دراع، وعاودت البيت تزاكرلها هبابه، وابو دراع بعد ماخلص روح هو كمان عالبيت، وقعد جار شام وسأل على صحتها، وبعد كام كلمه شام جلت حسها وقالتله:

ابو دراع عايزه اطلب منك طلب.

ابو دراع:

أؤمريني ياام ربيعه.

شام:

عايزاك تاخد من القرشينات بتوعي اللي حداك وتبنيلي اوضه في البيت إهنه اقعد فيها الشتا جاي ومينفعشي اقعد فوش فتحة السلم في الهوا اني صدري تعبان لحاله.


ابو دراع:

وليه تقعدي إهنه في الشتويه مالاوضه اهه وتدخلي من دلوك تنامي مع بتك انتي اللي قاعده اهنه مخابرش ليه؟


شام: له اني عايزه اوضه لحالي عشان اكون على راحتي فيها، بس لو مش عايز تزنقر فبيتك وتعمل اوض خلاص بلاها من حكم في ماله ماظلم.


ابو دراع بعتب:

برضك إكده ياشام ديه كلام تقوليه؟ ايه مالي ومالك والكلام الخايب ديه، وهو مالي ومالكم ايه واني وانتوا ايه مش واحد.. من بكره هجيب نقلة رمل واسمنت وطوب وهجيب بنا يقطع اوضه من البيت، شاوري بس عايزاها وين وخدوا ساتر بكره انتي وربيعه من العمال.


ردت عليه شام بفرحه:

شاله يخليك ويبارك فيك يارب، هو ديه العشم فيك اللي عمرك ماخيبته ولا مره.


ابو دراع: تقوليش إكده احنا اهل ياام ربيعه..ودلوك شاوريلي عايزه الاوضه فين؟

شام:

عايزاها فأخر البيت من غربه.

ابو دراع بإستغراب: وليه هتشوحيها بعيد إكده، بدال ماتقولي جار اوضة بتي عشان نكونوا قراب على بعض ولما اديها حسي تسمعني وتاجيني قوام؟


شام:

له اني عايزاهاش فبوز الباب، عايزلها جوه ومختصره لحالها؛ عشان اللي يدخل من باب البيت ميطلش براسه فالاوضه يشوف اللي فيها.


ابو دراع سكت وقرر يعملها اللي هي عايزاه، مع انه مش مقتنع بأسبابها وحاسس انها عتطبخ طبخه مع ربيعه بتها وهو شامم ريحتها وعارفها زين، لان داي مش أول شتويه كمان تحضرها شام فموطرحها ديه، وداي اول نوبه تشتكي من البرد!


وبالفعل تاني يوم على طول جاب المونه والعمال وابتدوا يعملوا فالاوضه، وهما يوم وكانوا مخلصينها بنا وطرطشه وتاني يوم محروها وصبوا ارضيتها وتالت يوم انضربت وش جير وكب عليها باب وكانت جاهزه.

وبمجرد ماجهزت أبو دراع اندلى البندر ونقى لشام اوضة نوم خشب معتبره، وحلف انها ماتدخل موطرحها الجديد غير على عفشه جديده ومرتبه جديده،

وشام وربيعه طاروا من الفرحه بالاوضه الجديده اللي شام مكانتش تحلم بس حلم انها تنام عليها، 

وابتدوا هي وربيعه يرصوا حاجة شام في الدولاب ورتبوا كل حاجه، وقعدت شام في مملكتها الجديده، أول حاجه تتعمل عشانها ولحسابها فبيت المقاول وتكون جايه على اسمها.


ومن أول يوم شام بيتت فيه فأوضتها ابو دراع رجع ينام تانى في السقيفه موطرح شام، وعاود تاني ينام على مرتبه بعد مانوم الارض والمصطبه نعنع ضلوعه.


ومن اول يوم نام فيه في البيت وابتدت ربيعه تسن عليه اسلحتها وتتقرب منيه وتقعد جاره لنص الليل تحكى معاه، وفي الاخر تعمل انه غلبها النوم وتنام على السرير، وابو دراع يشيلها يوديها فأوضتها وينومها فسريرها ويطلع هو ينام.


ويوم بعد يوم ربيعه تتجرأ على ابو دراع اكتر وهو يصد ويتقل ومره يصدها بالقسوة ومره باللين وهي لا مأثر فيها لا قسوة ولا لين ،ولاراضيه تحل عنه مهما عيمل فيها ،وبقت لاصقه فيه كيف ضله منين مايتحرك وراه ومنين مايقعد قاعده جاره.

واخر مازهق قرر انه يرجع ينام في الجنينه مره تانيه ويبعد عن اللي شندلت احواله وخلته طول ماهو قاعد وهو ماشي صورتها وشقاوتها ودلعها قدام عنيه، وعلى كد ماعيجاهد نفسه انه يبعد عنها فيه حاجه جواه بقت دايما عايزه تقعد معاها وحابه قعدتها وحابه كل اللي عتعمله ومرتاحاله.


وابتدت تمر الايام وربيعه على نفس حالها طول النهار مع ابو دراع دلع وغزل فيه وقرب وفكل فرصه تمسك يده أو تتشعبط فى دراعه لدرجة انه بقى حاسس انها بقت جزء منه ومبقاش يقدر يتحمل لو فارقته هبابه، ويفضل  يدور عليها بعنيه، لكن لسانه ابداً ماعيبوح بالشوق. 

ومن بعد ماقلبه كان قافل بيبانه اتفتحت البيبان كلها وابتدا القلب الساكن يرجع للحياة من تاني ويدق للصغيره اللي برجلته برجله بمحبتها اللي بقالها شهور كل مادا تزيد متقلش.. وكل حاجه فقطب كانت عتطالبه بأنه يعيش اللي اتحرم منه طول عمره ويطاوع قلبه ومشاعره اللي بدأت تهدد بالخروج عن السيطره، مفيش بس غير ضميره اللي كل شويه يفكره بالعهد والوعد اللي وعده لممدوح، ويحذره من انه يطاوع عيله صغيره معارفاش موصلحتها فين ومع مين ولا واعيه لأفعالها. 


****


ومرت شهور الصيف والشتويه جات، وغصب عن قطب عاود ينام في بيته، والنوبادي ربيعه استغلت الوضع اقصى إستغلال وكله بتوجيهات خالتها بسيمه اللي قالتلها دوسي فى القرب ومتخافيش قطب استوى ومش هياخد فيدك غلوة تانيه وهيتم مرادك وتتحصلى عليه. 


اما ابو دراع فكان طول اليل عامل كيف اللي قاعد على جمر وهو مغلوب على امره مع اللي بقت تشاركه فرشته بالغصب، وحتى وهو طول الوكت مديها ضهره وابداً معيرضاش يلف ناحيتها قربها ليه وحضنتها لضهره عتخليش عينه يزورها النوم، وزي مايسمع اذان العشا يسمع اذان الفجر، ويصدق مايطلع يصلي الفجر ويقعد في الجنينه ميعاودش، لكن طول قعدته لمستها وقربها وريحتها ودفوا جسمها وانفاسها مخلين عقله واقف عن التفكير فأي شي، فحزم أمره وراح على حكيم زمانه يفضفض معاه ويشوفله حل. 


واول ماحكيم شاف حاله عرف طوالي ان العشق مرمر الاربعيني ،ومين غيره يعرف شواهد العشق وحافظ تاثيره وقادر يطلع العاشق من وسط ملايين ،من مجرد بصه لعيونه اللي عيكونوا تايهين فملكوت العشق ومش مركزين مع اي حد ولا فأي حاجه.


وبعد ماخد الاعتراف الغير صريح من ابو دراع واللي كان عباره عن شكوى من تصرفات ربيعه واستنجاد بيه عشان يقوله يعمل ايه ويتصرف كيف ،اتوكد من ظنونه ،واتبسم وهو عيطبطب علي يد ابو دراع بشفقه ويقوله:


اوعاك تضيع فرصه ربنا بعتهالك ياابو دراع ،اوعاك تضيع ربيع جايلك ينعش ايامك الباقيه ،اياك تضيع قلب عيحبك كل الحب ديه ،اياك تخذله ياابو دراع لا قلبك هيرتاح ولا ربك هيسامحك ،وكسرة القلوب اللي فيدنا جبرها ومجبرناهاش هنتسألوا عليها.


ابو دراع بحيره:

قصدك ايه ياشيخ؟

حكيم مسك يد ابو دراع ورفعها حطهاله علي صدره فوق قلبه وقاله:

قصدي استفتي ديه ياراجل ياطيب وشوف هيقولك ايه وتبعه..ماخاف من استشار وما اصدق من القلب ليُستشار ؟

اتنهد ابو دراع وهز دماغه لحكيم بتفهم ،وقام روح وهو حاسس بحيره اكبر من اللي راح بيها ،بعد مااتصدم بحكيم اللي عيأيد عمايل ربيعه وهو اللي كان فاكره هياجي فصفه ويقويه عالبعد ويعلمه كيف يقاوم!


****


أما كرار فبعد ولادة مرته شوقيه لولده التالت وبعدها التام عنه وانشغالها بنفسها وبمولودها وبس، 

وهو بقى مهمل من الكل لا حد يهتم بيه ولا يشوف طلباته، وحريم اخواته شالوا يدهم منه من ساعة مابطل يصرف عالبيت كله وكل واحد عزل علي حاله بأمر من شوقيه،

 وبقي يهاتي ساعه على كباية شاي ولا لقمة ياكلها وشوقيه تعمل ودن من طين وودن من عجين،

 عرف قيمة شام اللي كانت واقفاله وقافي وفضلت واقفه لامه وشالتها فمرضها ولاخر لحظه فعمرها، برغم كل اللي عيملته فيها.

وفهم متأخر انه ضيع سنده وذخر الزمن ونفعه فأصعب ايامه، وخصوصي من بعد اولاده اللي بقي محروم شوفتهم وبقي يتحنس على القعده جارهم واتحرم محبتهم، وحسهم بقوا جافيين عليه وقلوبهم كيف الحجاره من تلاه او اشد قسوة ومعارفش ايه السبب وهو عمره ماادالهم غير كل حب وحنان وعطف. 


وقرر انه ياخد بعضه ويسافرلهم ويقعد معاهم ويشوف حل لحالهم اللي بقي لا يسر عدوا ولا حبيب ومخليه طول الوقت حاسس ان حته من روحه فارقته وسكنت الغربه ورجوعها ليه بقى شبه مستحيل. 


وبالفعل شد الرحال على البلد اللي خدت منيه الحبايب، وبس هو همل البيت ومشى شام لقتها الفرصه المناسبه، وقررت انها تروح تبيت طول مدة سفره فأوضة ستها عديله،

 اول هام عشان تخلى الجو لربيعه وقطب يمكن يكون وجودها هو اللي مكتفه ومخليهش ياخد خطوة ناحية ربيعه، 

وتاني هام عشان هي فعلا متوحشه القعدة فاوصة ستها عديله اللي كل ذكرياتها معاها فيها. 


وبس هملت البيت قطب حس بناقوس الخطر عيدق فوق دماغه وهو داخل البيت وشايف ربيعه متزوقه على سنجة عشره ولابسه اللي خلاه وقف موطرحه معارفش يخش لجوه ولا يطلع لبره تاني ولا يتصرف كيف فالروبه اللي على راسه داي، وبس هم يطلع جريت ربيعه عالباب ووقفت وراه وسندت عليه بضهرها وبكل تصميم قالتله:

شوف ياقطب طلوع من إهنه مش هتطلع وهروب مش هتهروب، اني عميلتلك اللالي في الكام شهر اللي فاتو وانت عامل كيف حجر الرحايه معتقابلش محبتي غير بالطحن وكل مااقربلك تهرس خاطري هرس. والنهارده خلاص ياقطب هتتمم جوازك مني يعني هتتممه. 


قطب استجمع كل قوته ورد عليها وهو مش قادر يمنع عيونه من انهم يتأملوا فالجمال اللي قدامه ديه واللي يخطف القلب قبل العين:


اسمعيني ياربيعه ومتتهوسيش، يابت الناس، يابتي ياحبيبتي، اني منفعش اكون جوزك ولا انتي تنفعيلي مره، واصلاً اني عاطى وعد مقدرشي اخلفه. 


ردت عليه ربيعه وهي عتقربله بخطوات هاديه ودلع:


الوعد اللي وعدته ديه باطل، عشان وعدت بالنيابه عن غيرك، وبالنسبه لانك متنفعش تكون جوزي فداي حاجه مش من حقك تقررها عني،

 ودلوك تعالا معاي عاوزاك، قالتها ومسكت يده وجرته ودخلت بيه علي جوه. 

رد عليها ابو دراع وهو مستسلم ليها وماشي وراها وعيمطق فريقه اللي يبس وبقى كيف الصحرا من التوتر والخوف والموقف اللي حاسس انه مش كده ووصل فيه لمرحله مقادرش يرفض اي تصرف ربيعه هتتصرفه ولا كلام عتقوله، ولحد ماوقفت بيه قدام الحمام وقالتله:


خش مجهزالك الميه الحاميه، هروح اجيبلك غيار واجي، همل الباب مفتوح عشان هدخل امرشلك ضهرك. 

خلصت كلامها ومشت من قدام قطب وهملته عقله واقف عن التفكير ومش عارف يعمل ايه؟

 وشي عيقوله اجري واهروب قبل ماتعاود، وشي عيقوله اوعاك تهروب من السعادة،

 ديه من جاه الفرح ورده جاه الزمان وهده، وبعد صراع وحيره بين الرفض والقبول،

 عقلها وتوكل ودخل الحمام، ودقايق وكانت ربيعه جاياله بالغيار، وابتدا اول يوم في القرب، اللي بدأ بمرشة ضهر  وانتهى بيهم مع بعض فالأوضه متممين جوازهم،

 وربيعه طول الوكت مكانتش مصدقه اللهفه اللي كانت شايفاها من ابو دراع ولا قادره تستوعب حالته وهو عامل كيف طفل صغير كان محروم من الحنان وماصدق لقاه، وكيف مايكون سقط عنيه توب القوة اللي كان لابسه مع سقوط خلجاته عنه، وبقى مع ربيعه فحالة ضعف واحتياج مكانتش تتخيل أن ابو دراع يكون جواه ربعها حتي، وبرغم فرق السن الا انها فالساعة داي حست انها هي اللي امه وهو ولدها اللي عيطالبها فكل نظره وهمسه ولمسه انها تفضل معاه ومتهملهوش تاني واصل. وبرغم سكوته وعدم كلامه الا ان عيونه باحت بكل اللي جواه واكتر ،وقالوا اللي اللسان مقدرش يقوله

❈-❈-❈


وعدت ساعات الليل وصبح الصبح 


أبو دراع صحي قبلها واتعدل علي حيله ،وفضل  باصصلها بغضب الكون كله،كيف مايكون كان مغيب وصحي علي حاله دلوك، واول ما ابتدت هي كمان تصحي وفتحت عيونهل وبصتله دور وشه عنها  وبنبرة تحمل كل انواع اللوم والعتاب والندم قالها:


ليه تعملي إكده ياربيعه  ليه.. ليه تخلينا نوقعو في المحظور، يعني عاجبك اللي حوصول ديه يابت الناس، عاجبك اللي جرالك بسبب جلعك الماصخ؟


ردت عليه بكل دلع وهي عتزيح الغطا من عليها وتتمطع بدلال:


إيوه عاجبني، وعاجبني قوي كمان، وكان عاجبك انت كمان عشيه ولساه عاجبك لدلوك بس عتكابر وتقاوح، شفتها فعينك وحسيتها فأنفاسك، كنت راغبني بكل جوارحك ومش مصدق حالك اني بين اديك.. حالتك كانت حاله وماصدقت ان اني خدت الخطوه اللي انت مقادرشي تاخدها بقالك سنين. كنت بس تبص وتتمني ومعندكش اي جراءه، مع ان ابو دراع عمره ماكان جبان ولا حد فيوم شاف خوفه وتردده- الا اني- بس اللي شفتهم وشفت منك اللي محدش شافه، وعرفت اللي جواك واللي ماحد عرفه ولا قرب منه غيري.. وأوعاك تحملني غلط اللي حوصول لحالي، عشان انت كمان كانت ليك الغيه اكتر مني. 


ابو دراع رد عليها بقلة حيله:


بقالك شهر بحالو عتتحنجلي حواليا وتاجي فرشتي فنص الليل وتنامي جاري ولاصقه فيا كيف جلدي، وتلبسي وتغيري وتبدلي وقدام عيني، وتتدلعي وتتقصعي واني قاومتك وصديتك على كد مااقدر بس في الاخر كنتيلي كيف حوا اللي وسوست لادم ووقعته في المحظور وطلعته من الجنه، واني واحد خطى الاربعين من غير مااقرب ناحية مره ولا مره تقرب مني وغصب عني ضعفت. 


ردت عليه بكل دلع ودلال:


بذمتك اللي كنت فيها كانت جنه؟ واللي كنا فيها انا وانت عشيه كانت ايه عاد ياقطب؟


قالتها وغمزتله خلت الكلام مات علي شفايفه وبلع ريقه وهو عيتطلع لعيونها الوساع اللي عمرهم مافشلو انهم يخربطو احواله بس يتطلعلهم، وهي كملت بجديه لما لقته اتراجع:


قطب..مسمعش منيك كلمة وقعنا في المحظور داي مره تانيه عشان انت مش مرافقني ولا اني وحده جيالك من الشارع، اني مرتك وحلالك وانت حلالي، ومن اليوم وطالع هنعيشو كيف اي راجل ومرتو، في النهار تاخدنا مشاغل الدنيا ويفرقنا السعي عالمعايش، بس في الليل تجمعنا فرشه وحده وموطرح واحد وكل واحد فينا يرمي تعب يومه على صدر التاني ويشكيله اللي مكدر قلبه ومعكر صفو باله سامعني.. وكملت بدلع


ودلوك.. اني كنت عروسه عشيه والنهارده صباحيتي، وعايزه افطور فطور عرايس، هاه قولي استاهل افطور حاجه زينه ولا مستاهلش؟


اتنهد ابو دراع وابتسم ابتسامه مقدرش ابدا يداريها مهما حاول، وبرغم انه مردش عليها وقام طوالي دخل الحمام الا انه رد عليها في سره وقالها:


كيف ماتستاهليش ياغزالة البراري انتي، وان مكنتيش انتي تستاهلي الحلو والزين كلو اللي في الدنيا امال مين اللي يستاهل عاد؟


خلص سبوحه وطلع من الحمام وهو عيلبس خلجاته ووقف قصادها وهو شايفها حطت راسها تاني عالمخده وغفيت، فقرب منها وقعد جارها بهداوة ومد يده شال خصلات شعرها من علي وشها وقرب منها طبع بوسه حانيه فوق خدها وهمسلها جار ودنها بنبرة صوته اللي عتعشقها.. 


خربطتي حال العابد الناسك وغويتيه بتفاح خدودك ياحوا جات لآدم فآخر عمره وعلمته الغوايه، وقدرت عليه وعملت اللي رجاله بشنبات مقدرتش تعمله، غلبتيني وغلبتيني، وطلعتي ضعفي اللي كان مدفون وماحدش عمره شافه ولا عرف بيه..اااخ منك اااخ يافرح جاي للقلب فآخر خريفه.


خلص كلامه وقام فتح جذدانه وخد فلوس، وطلع راح عالسوق وجابلها كل حاجه عارف انها عتحبها وجابلها فطور يليق بأحسن عروسه في الدنيا، فطور يليق بعروسة ابو دراع ومرته وأول فرحته، واللي على يدها داق طعم السعادة وعرف طريق النعيم. 


اما هي فمن بعد مامشى واتوكدت انه راح من قفلة الباب اللي سمعتها، فتحت عنيها بشويش وضحكت بفرحه وهي عتفتكر منظره عشيه وهو دايب فيها وطاير من السعاده فحضنها، مع انه لاخر لحظه كان يقاوم وخايف ينقض العهد، 


 بس من جواه كان عيهمسلها زيديني محبه وقرب، واياكي تسمعي كلامي وتبعدي،


 وهى سمعت صوت قلبه ونفذت اوامره اللي جات على مرامها، أما لسانه واللي عيقوله فماداتهوش اي اهتمام، لانها عارفه انه كداب، والكدابين مابيتاخدش حكيهم بعين الاعتبار، 


وادي لسانه اعترف من شويه باللي كان عيداريه عشيه وكل شي انكشف على عينك يامُحب. 

. نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل السادس والاربعون

❈-❈-❈


طلع ابو دراع من البيت، وشام شافته طالع من البوابه وراحت على بتها تشوف خبر ايه، وتشوف ياترى تم اللي بتها كانت عتخططله طول اليوم امبارح ولا ابو دراع لساه على عنده، مع انها تستبعد إنه يكون قدر يتماسك النوبادي لأن ربيعه كانت ناوياله وحاطه فعقلها ياكاتل يامحبوب.


وبمجرد ماخبطت عالباب وغابت شويه وبعدها ردت عليها ربيعه وجات فتحتلها وشافت جناين ورد طارحه على وشها اتبسمت بفرحه وخدتها فحضنها وهي عتباركلها من غير ماتتكلم، لان الفرح عيبان عالوشوش والجواب عيبان من عنوانه.

وبعدها دخلوا التنين وشام مخلتش ربيعه تعمل اي حاجه في اليوم ديه وقالتلها ارتاحي انتي عروسه، وكانت فرحتها تساوى الف فرحه وهي عتشوف بياض بتها وحمدت ربها ان الأمر تم طبيعي وتم بحب ومجربتش ولا عاشت ولا حست باللي هي حست بيه، وخلى روحها تكش اول ماتسمع سيرة الحاجه داي.

❈-❈-❈


أما ربيعه فاتسبحت واتزوقت ولبست توب حلو يليق بعروسه فصباحيتها، وبس عاود ابو دراع وهو شايل ومحمل من كل شكل ولون، ومن اللي كل اللي قلب ربيعه يحبه وعارف نفسها عتهواه، 

جريت عليه ربيعه واستقبلته وحبت تاخد منه الحاجه وتنزلها، لكنه رفض ودخل هو الحاجه بنفسه، وعاود قعد مع ربيعه فأوضتهم وهملوا شام تجهز في الفطور، وسرقوا من الزمن لحظات سعادة جديده، قرب فيهم ابو دراع من ربيعه وخدها فحضنه وضمها بأديه التنين كيف مايكون عايز يدخلها بين ضلوعه، 

وهي ضمتها ليه متقلش عنه قوة وقلبها عيزايد على قلبه فى الدقات من الفرحه، كيف ماتكون قلوبهم عتباهي بعضها بالسعادة وتجاهر بيها بحس دقاتها العالي.


واخيراً ربيعه سكنت حضن ابو دراع ووصلت لمسكنها الآمن وبيتها الدافي وحصنها المنيع اللي مش هتغادره تاني واصل.


أما ابو دراع فكان ضامم ربيعه كيف مايكون ضامم سنينه اللي اتسرقت منه وردتله فهيئة ربيعه، وسعادته اللي كان فاكر انه مليهش نصيب فيها واتاري الدنيا عتحوشهاله ورجعتهاله كلها مره وحده وبقي عامل كيف اللي كان عامل حصاله بقاله سنين وعمال يحوش فيها كل ماله ولما فتحها لقى فيها فلوس تغنيه لباقي عمره.


وبعد حضن طويل استكانوا فيه على انفاس بعض بعدوا وهما سامعين حس شام عتقولهم الفطور جاهز، وطلعوا وقعدوا هما التلاته يفطروا وهما طايرين من السعادة وكل واحد فيهم حاسس ان مراده واكبر أمانيه اتحققت.


وبعد الفطور ابو دراع طلع راح يشتغل بالجرار ويختلي بروحه ويحاول انه يصدق اللي من امبارح عيجراله، ويستوعب كمية السعادة اللي ربنا زاحها على قلبه بالقناطير، وطول ماهو شغال شكل ربيعه وملامحها وضحكتها ودلعها مخلين عقله مهمله وسارح فملكوتها، ومن كتر السرحان حرت الغيط كذا وش وهو مش منتبه على روحه.

❈-❈-❈


أما ربيعه فقضت وكت غياب قطب عنها على نار وهي مستنياه ورايحه جايه في الجنينه وعينها عالبوابه ومستنيه هلته عليها، وكل هبابه تبرطم عليه اللي سابها فصباحيتها وطلع يشتغل وهي لساها مشبعتش منه ولا من قربه اللي ماصدقت تنوله.

❈-❈-❈


واما شام ففضلت مراقبه بتها وفرحتها ولهفتها واشتياقها لجوزها حبيبها وحست بأن سعادة الدنيا كلها غمرت قلبها وعوضته عن كل وجع قاساه، وإن ربنا عوضها فبتها اللي اتحرمت منيه، وبقت حاسه إن هي اللي عتعيش الفرحه مش ربيعه.

❈-❈-❈


اانقضت ٣ ايام عاش فيهم ابو دراع مع ربيع عمره في جنه مكانش يعرف علومها  ولا كان يعرفلها طريق ولا يعلم بوجودها، وحس إن ديه جزاءة من ربه في الدنيا على بياض قلبه وحبه للناس، وكل يوم يحمده على جنة الدنيا اللي خلته يتسائل من حلاوتها على جنة الآخره اللي تفوقها باضعاف كيف تكون.


كل لحظه وكل دقيقه يحس إن ربيعه ماسكه قلبه وسنين عمره وعتجرى بيهم لورا وترجع بيهم لعهد الشباب، ورجعتله إحساس عنفوان قلوب الشباب اللي عترفرف مع نسايم الشوق وتطلع للسما وتنزل فثانيه بسبب نظره او ابتسامه او همسه من الحبيب، 

رجع عاش إحساس الحب من تاني، احساس مختلف خالص عن اللي كان يحسه من تلا بدور، إحساس انضج واكبر واحلا واعمق، حب اتجمعت فيه كل كل العلاقات، حب الاب لبته والاخ لاخته الصغيره والصاحب لصاحبته والخليل لخله، واخيراً الحبيب لحبيبه.


وفي التلات ايام دول شام في النهار فبيت قطب وبالليل في أوضة ستها عديله سهرانه الليل مابين قيام وتسبيح وذكر وحمد، وفصباح اليوم الرابع سمعت حس كرار فى البيت الصبح بدري عيزعق وشوقيه عترد عليه بالحس العالي، فقامت مهبوشه وخايفه احسن يعرف انها فبيته ووكتها يهجم عليها هجوم الصياد اللي غاب وعاود لقى شبكته صايده طيره وحاجزاهاله من غير تعب منيه ولا جهد. 


التزمت السكوت لغاية ماالصمت عم البيت ومن الواضح ان كرار همل البيت وطلع، وشوقيه كمان الظاهر انها مشت هي كمان، ففتحت شام الباب وطلت من الأوضه وبصت شمال ويمين ولما ملقتش حد قفلت باب الأوضه وطلعت جري على بيت ابو دراع وبمجرد مادخلته حست انها عاودت لمنطقتها الآمنه. 


أما كرار فطلع من البيت عالمندره وهو عيغلي غلي وكالعادة شوقيه سبب كل المشاكل مقدرش ياخد منها لا حق ولا باطل، وقعد ينفخ ويفش كل مايتفكر عياله ورفضهم انهم يرجعوا معاه البلد ويكونوا دراع ليه هو وسند فكبره زي ماكان عيتمناهم مش سند لخالهم اللي ممشيهم تحت امره كيف الجنود وواخدهم تحت باطه وماشيين تحت رجليه وعلى خطاويه، ونسيوا ابوهم وزهدوا البلد وعيشتها واتخوجنوا وبقى لبسهم وحديتهم وتصرفاتهم كيف اهل بحري وحس انه خسرهم خالص. 


وطلعت شوقيه لاوضتها مع ولدها الصغير اللي شغل كل تفكيرها ونساها كرار وصرف تفكيرها عنه، ومبقتش راجيه منيه اي حاجه لا قرب ولا محبه، وكل اللي ليه فقلبها دلوك كره وحقد ورغبه فى الانتقام بس مؤجله الى حين. 

❈-❈-❈


عاود ابو دراع من الغيط بالجرار بتاعه وركنه قدام البوابه ونزل منه، وهو داخل بص في المندره شاف كرار قاعد فيها مدرمس وحاطط راسه بين اديه ومهموم، فراحله ووقف قدامه وقاله:

ايه أمال جاي من بحري شايل طواجن الدنيا على رلسك مش طاجن ستك بس؟ حمدالله عالسلامه. 

كرار رد عليه وهو لساه على وضعه:

الله يسلمك. 

ابو دراع وهو عيقعد جاره:

وه! مالك إكده ياقزين حازك شاكر وحدك وزردك إهناك ولا ايه؟ 


كرار: لو على الزرد فهو زردني بس مش ضرب ولا عراك.. له زردني فى عيالي، عصر قلبي عصر وبعدهم عني وخدهم ليه.. اني خلفت وهو خد عالجاهز. 


ابو دراع اتنهد ورد عليه بتشفي:

سبحانك ياربي..سبحان من جعل لكل شي قصاص حتى البعد. 

حرمت اهل من بتهم فربنا حرمك من عيالك، عزبت قلوب بالبعد وشوف قلبك عامل ايه دلوك. 

اشرب ياكرار ديه الكاس اللى سقيته للناس ودارت الدواير عشان تشرب انت كمان منه وتدوق نفس المرار. 

ولسه ياكرار، ولسه كل اللي استقويت بيه على الغلابه جايلك وحده وحده.. افتح حجرك واتلقى. 

خلص كلامه وقام عشان يمشي فرد عليه كرار بعتب:

فرحان فيا ومتشمت ياصاحبي؟ 

ابو دراع:

أكدب عليك واقولك له.. فرحان والله وشمتان والشماته في الظالم لا عيب ولا حرام، الشماته في البريئ المتكاد المظلوم هي اللي حرام والشامت فيها عيدخل في قصاص الشماته. 


كرار بإبتسامة وجع:

إشمت وإفرح وانبسط يعني هي جات عليك؟ مالكل دلوك متشمت وفرحان فى حالي..من شوقيه لشام لبتها لشاكر لاخواتي. 

ابو دراع: برضك محدش شمت فيك الا وكنت انت العايل بيه وغلطان في حقه الف غلطه.. وشاكر ديه اللي كنت متبق اخته زمان في الرايحه والجايه فكرك هينساها حتى لو اتجوزتها.. والله الكيد عيتخزن جوا القلب والعقل وماعيتنسى مهما طالت السنين. 

خلص كلامه واتحرك من قدام كرار وهمله بناره وراح. هو لجنته اللي مستنياه وهو عيتعجب فى سره كيف من ضهر ابليس كيف كرار يتخلق ملاك كيف ربيعة قلبه اللي لاتشبهه لا فى خلقه ولا اخلاق. 


ودخل الجنينه وبمجرد دخوله جريت عليه ربيعه كيف التايهه اللي لقى وجهته اخيراً وهو خدها فحضنه كيف الطير اللي رجع لعشه بعد سعى النهار وقلبه فايض من المحبه والشوق لولفه. 


ودخل البيت لقاها محمياله الميه ومجهزاله غياره ومحضراله هي وأمها احلا وكل، والتلاته اتجمعوا ياكلوا على طبليه وحده قبل مايقعدوا عليها حطت عليها الموده والحب والبركه، وقعد ابو دراع يتوسط اللي بقت في معزة الروح، واللي فمعزة الاخت، 

ولقى العيله اللي عاش طول عمره محروم منها وعرف طعم الدفا اللي عيهون تعب وشقى اليوم وداق حضن اخر الليل اللى عيزيل اوجاع القلب اول بأول ويرجعه لبدء خليقته خالى من أي هم. 


خلصوا وكل وقام ابو دراع وخد ربيعه معاه قاصدين بيت جدها، بس الاول ربيعه فاتت على خالتها بسيمه وبشرتها بإن المراد تم، وبسيمه من فرحتها زغرتت وزغروتتها خلت ربيعه ضحكت، وحتى ابو دراع اللي كان واقف بره البيت ابتسم، وخجل وبص للارض وهو واعي بسيمه طالعه من البيت وجايه عليه والضحكه شاقه خشمها شق، ووقفت قدامه وبحس فرحان قالتله:

إمبارك عليك الفرح وزينة الدنيا ياابو دراع، يجعلكم لبعض سكن وسكينه ويكفيكم شر عيون الناس الحسادة. 


ابو دراع رد عليه وهو مبتسم:

تخطيطك ديه كله يابسيمه.. ارتحتي دلوكيت؟ 

بسيمه: إيوه ارتحت ومش بس اني اللي ارتحت، انت كمان ارتحت وربيعه ارتاحت وشام ارتاحت والكل ارتاح والقلوب كلها استكانت.. وإيوه تخطيطي والمفروض تشكرني عليه كل صبح وعشيه. 


ابو دراع: واللي عشكرك وعحمد ربنا فكل حين.. ودلوك يلا ياام عزام نادمي ربيعه خلينا نلحقوا القطر على بيت جدها. 


ردت عليه ربيعه من ورا خالتها وهي عتعدل فى طرحتها:

اني جيت اهه ياضى عيني يلا بينا. 

قالت كلامها وكانت وصلت حداه، وبحركه جريئه غير مسبوقه فمحيطهم لفت يدها حوالين وسطه، وهو بدال ماينهرها كيف اي راجل صعيدي لف يده على كتافها بمحبه ومشى بيها وهو واخدها تحت، وبسيمه بصالهم ومبتسمه وهي شايفاه واخدها تحت باطه كيف طائر الرخ اللي محاوط يمامه تحت جناحه ومضلل عليها وهي بس اللي هاماه من كل الدنيا. 


وبس بعدوا عنها انتبهت لروحها وزعقت بعلوا حسها وقالتلهم:

ربيعه سلميلي على اللي رايحالهم وانتي ومعاوده حودي عليا هحضرلك حاجه تاخديها معاكي وانتي راجعه على بيتك. 

بصتلها ربيعه لورا وهزتلها دماغها بحركه توحيلها انها سمعتها، وكملت هي وقطبها طريقهم وراحوا لبيت جدها وفرحوهم بالخبر اللي خلى قلوب الكل رقصت رقص، وبس خدوا قعدتهم وهموا عشان يروحوا اتفاجئوا ببشاير ودهب باعتين السيد للسوق وجايب ليهم زياره كبيره من كل شي، وديه غير الحجل الدهب اللي دهب عطته لربيعه نقطت جوازها، وجدها كمان عطاها اللي فيه النصيب فلوس نقطتها، وحتى بشاير عطتها فلوس، بس السيد هو اللي عطاهالها وقالها تديهملها كأنها هي اللي منقطاها عشان لو عطاها هو مش هتمد يدها ولا تاخدهم منه. 

وعاودت ربيعه بزياره ودهب وفلوس كيف ماتكون بت عمده، وأهل امها رفعوا راسها قدام جوزها وعلوا قدرها مع ان قدرها عن قطب مش محتاج علوا ولا الزواير والفلوس والدهب يفرقوا معاه كد ماهي تفرق معاه. 


وكانت هتحود على خالتها بسيمه، لكنها راحت عالبيت فلاول بالزياره وقالت تبقي تروح لخالتها عشيه، البيبان مفتوحه قدامها والطلعه والرجعه براحتها ومفيش عليها سجان. 


وبس عاودت وشافت شام الزياره وحكتلها ربيعه علي فرحة الكل بيها وبجوازها من قطب فرحت شام لفرحتهم، وطفت نار شوقها بأخبارهم علي لسان ربيعه، وبلغتها ربيعه بدعواتهم وهي ردتلهم كل دعوة عشر اضعافها، ودخلت بعدها اوضتها وهملت العرسان ياخدوا راحتهم بعد ماشافت نظراتهم لبعض وشوقهم اللي ماعادش قادر يتخبى. 


وعدى اليوم وربيعه نسيت امر خالتها بسيمه خالص، ونسيت الدنيا كلها وهي فحضن قطبها، ومفتكرتش غير تاني يوم، فراحتلها واتفاجئت بيها مجهزالها زياره اكبر من زيارة بيت جدها، وغير إكده شاريالها جوز غوايش مباريم لبستهملها نقطتها واتمنتلها حياة سعيدة مليانه بكل الفرحه اللي اتحرمت منها هي وشام، وإن اللي اتقطع من قلوبهم يتوصل فقلبها، وإنها تعيش اللي هما معاشهوش. 

ومشيت ربيعه على بيتها وهي حامله الزياره وحامله دعوات خالتها، ورايحه بيهم لبيتها وعشها اللي حبته وحبت ارضه وسماه من ساعة مااتنقلت من بيت المقاول لبيت قطب. 

❈-❈-❈


وعدت الايام والايام بقت شهر والتاني والتالت ووصلت الشهر السادس بعد تمام جواز ربيعه من ابو دراع، وربيعه مكمله فتعليمعا ومتفوقه وقطب وراها ساندها وعيدفعها للتقدم بكل قوته وجهده ودعمه وإيمانه بيها ومحبته ليها اللي مخلياه عايزها تكون اعلى الناس واحسنهم، وكل ماتنجح وتتفوق يحس ان هو اللي نجح وإن ربنا استجاب لدعواته المستمره. 


وبعد الست شهور ماعدوا، قاعد ابو دراع فى الجنينه لا بيه ولا عليه وطالق غنماته يرعوا، وسرحان وهو مبتسم وعيسترجع آخر كلامه مع ربيعه وآخر مناغشتها ليه وكلامها الحلوا معاه، واللي بقي يطوى الوقت طي ويخلص اشغاله قوام قوام ويعاودلها طاير على جناح الشوق ويلقاها مستنياه بلهفة الدنيا كلها ومحبة كل المحبين.. واثناء تفكيره فيها حس بقعدتها وراه واديها اتسللوا من تحت باطاته وحاوطوه وحضنته من ضهره وهمستله بعشق:

إتوحشتك قلت اجي اقعد جارك هبابه. 

ابو دراع حضن اديه بأديه التنين ورجع دماغه لورا سندها على دماغها ورد عليها:

والله متمنيكي ماتفارقيني ولا هبابه ولا تبعدى عني مقدار خطوه وحده.. انتي بقيتي ليا كيف النفس اللي داخل وطالع جواي ومن غيره يكون مصيري الموت. 

طبعت ربيعه بوسه حانيه على كتفه وشددت ضمتها عليه وبعدها همستله بمحبه:

أبو دراع قولي عتتمنى ايه من الدنيا؟ 

رد عليها وهو عيرفع يدها ويحب باطنيتها:

من بعدك انتي معادش ناقصني شي ولا عتمنى من الدنيا حاجه واصل. 

ربيعه كملت همسها:

ولا واد من صلبك يحمل اسمك ويمسك فطرف توبك ويروح معاك وين ماتروح ويقولك يابوي؟ 


سكت ابو دراع ومردش عليها ولما طالت صفنته سألته ربيعه وهي عتبعد عنه وتفك اديها من حواليه:

كنك ممتمنيهاش ياقطب ولا عايزها؟ 

رد عليها ابو دراع وهو عيلف عليها:

فيه حاجات ياربيعه منقدروش نتمنوها حتى.. وبعدين ويني اني ووين الخلفه والعيال، فين العمر الباقي اللي هعيشه عشان اخلف عيال واربيها؟ 

ردت عليه ربيعه وهي عتحط يدها على بطنها بزعل وكسرة خاطر:

يعني اقول لولدك اللي فبطنى ديه ايه دلوك، اقوله ابوك معاوزكشي؟ 

ثواني فضل ابو دراع باصصلها ومش مستوعب اللي قالته، ولما استوعبه وقف على حيله وبرق عنيه وسألها بحس عيرجف رجف:

ربيعه انتي عتقولي ايه، بالله عليكي ماتهزري فى الكلام ديه ولا تتمضحكي في اللي مينفعش فيه ضحك. 


ربيعه مسكت يده وشدته وقعدته جارها تاني وهي عتقوله:

إنت قولت بنفسك إن الحديت ديه مينفعش فيه هزار ولا ضحك. اني حبله ياقطب، اني حبله بولدك. 

سمع ابو دراع كلامها وبحركه خاطفه خدها فحضنه وضمها عليه ودفن دماغه فرقبتها، وبس عيمل إكده ربيعه حست بأنفاسه اترعشت، وشي دافي سال على رقبتها، فبعدته عنها وبصت لوشه وشهقت وهي واعيه دموعه لأول مره فحياتها، وهو من خجله من دموعه حط وشه بين اديه، فبعدتهم ربيعه قوام وخدته تاني فحضنها وهي عتقوله:

عتبكي يانضر عيني، عتبكي ياحشيشة الروح.. ليه البكا طيب؟ 


رد عليها قطب بحس يادوبه طالع من خنقته بدموعه:

غصب عني مقدرتش امنع روحي النوبادي، اللي حسيت بيه بعد كلامك خلى محداييش سيطره على حالى بالمره. 

حبله صوح ياربيعه؟ بالله عليكي حبله صوح، يعني اني هياجيني واد ويقولولي ياابو فلان بعد العمر ديه وهخلص من لقب ابو دراع اللي قضيت عمري كله وهو مقرون بيا.. يعني اني هبقى اب ياربيعه وهتخلفيلي ولدي؟ 

هزتله ربيعه دماغها بتأكيد وهو بس عيملت إكده قام وقف على حيله وميل عليها وشالها وفضل يلف بيها بفرحه وهي ماسكه فرقبته ودافنه دماغها فصدره وتضحك وفي الاخر نزلها ومسك اديها وفضل يحب فيهم وحده وحده وفي الاخر مسك وشها بين اديه وقالها:

اطلبي واتمنى عليا يابت قلبي وروحي، قولي نفسك فأيه وأجيبلك ايه حلوانك ياللي عطيتيني ملذات الدنيا كلها ويحضر لعيونك في التو والساعه. 

اتبسمت ربيعه ومسكت اديه التنين ورفعت يده حبتها وردت عليها بعدها:

إنت حلواني وإنت كل عطايا الدنيا.. إنت اللي فنفسي واللي اتمنيته ونولته.. انت ياقطب اكبر امنياتي اللي ربنا حققهالي ومن بعدها كل الاماني صغيره ومليهاش عازه. 

خلصت جملتها ولقت روحها فحضن ابو دراع مره تانيه، والنوبادي الحضن طول اكتر من كل مره خدها فيها فحضنه، كيف مايكون حضنها حصتين، حصه ليها وحصه لولده. 


وكل اللي جرا مابينهم ديه كان فيه اتنين شايفينه بكل تفاصيله، وحده منهم شام اللي من ساعة ماعرفت إنت بتها حبله وهي لا على حامي ولا بارد من الفرحه، ولما ربيعه طلعت تبشر قطب بالخبر طلعت تتفرج على رد فعله اللي كانت متوقعاها وحصلت بالملي كيف مااتوقعتها، وشافت بعيونها ابو دراع وهو ممصدقش حاله من الفرحه، وحست شام إن خبر حمل ربيعه هو العوض الحقيقي لابو دراع عن كل سنين عمره اللي فاتت، وإن العيل اللي هتجيبهوله هيكون بمثابة طرح المحبه واللي هيحلى دنيتهم اكتر واكتر والاهم هتوبقي جده وهياجي اللي هيشغل وكتها ويملا قلبها ويملا حجرها ويأنس ليلها ونهارها. 


اما التانيه اللي كانت مراقباهم وقلبها قارصها من الغيره، هي بدور اللي كانت واقفه فوق سطح البيت وشايفه كل اللي عيجرا بين ربيعه وابو دراع وعتتحسر على كل المحبه اللي كان المفروض تكون كلها ليها هي واتحرمت منها بسبب عمها وابوها اللي وقفوا فطريق سعادتها وعطوها لعزت اللي مخدتش من جوازها منه غير كل وجع. 

❈-❈-❈


وعدوا كام يوم وعشان فيه ناس فرحتها مش عتتم على  خير وصل لبيت المقاول جوابين، واحد لصفوت والتاني لابوا دراع، والتنين من ممدوح وعيبشرهم فيهم بأنه خلاص راجع بعد ٦ شهور وهيشيعلهم فلوس يشتروله بيت من بابه ويجهزهوله، وعيفكر ابو دراع ان ربيعه خلاص كلها شهور وهتكمل ال١٨ وحان أوان الوفا بالوعد ورد الامانه لاصحابها

   الفصل السابع والاربعون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

لقراءة الجزء الاول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close