رواية انسحاب
الفصل التاسع 9
بقلم حكاوي مسائية
كانت تجلس الى مكتبها ،تحدق في رسومات وخرائط، تنقل بصرها بين خط وخط،هي المسؤولة عن مراجعة تنفيذ المشاريع ومراقبتها، كل تركيزها في عملها ،تنسى به نفسها .
رفرفة بجانب صدرها الأيسر ،رعشة كأنها رفرفة جناح عصفور ،إحساس لم تعرفه من قبل ،بعده كأن قلبها انتفض ،نبضات قوية ،هل ضاق بك الصدر أم ماذا ؟
اخذت حقيبتها ،وتوجهت إلى مكتب رئيسها ،استأذنت لها الكاتبة قبل أن تدخل.
-السلام عليكم .
-وعليكم السلام،ماذا هناك؟
-هل يمكن أن استأذن ؟
رفع بصره عن الملف أمامه ،كان يكلمها ولم ينظر لها ،ولكنه جزع وهو يرى شحوبها
قام ولف حول المكتب
-مابك عائشة ؟ اجلسي اجلسي.
نظر عبر الباب المفتوح الى الكاتبة
-ماء بارد ،وعصير ليمون للمهندسة بسرعة ،لا تنسي السكر.
-لو سمحت سيد يوسف ،فقط اسمح لي بالذهاب.
-ليس قبل أن أعرف مابك ،لماذا وجهك كأنك شبح؟
-ليس بي شيء ،أحسست برجفة بقلبي ،ثم نبضات قوية ،قلت اذهب إلى دكتور متخصص لأعرف السبب.
مدت السكرتيرة كأس الليمون لعائشة التي شكرتها
-اشربيه ريثما اخبر السائق.
-لا ،سأذهب بسيارتي.
-مهندسة عندي ومرضت أثناء العمل ،الواجب أن نعتني بها أليس كذلك؟
-...
مابك عائشة ؟ أين حس الفكاهة عندك؟
قامت تغالب دموعها
-أشكرك سيد يوسف .
-السائق ينتظرك ،اذهبي بسيارة الشركة .
أشارت برأسها موافقة.
أسرع يهاتف كاميليا
-اسرعي لتلحقي بعائشة كأنها صدفة ،سأؤخر السائق...لا تسألي كثيرا اذهبي!
أغلق الخط لتسرع .
خرجت مسرعة ،وتظاهرت انها التقت عائشة صدفة
-عائشة ،تخرجين قبل الموعد ؟
ثم اقتربت منها.
-مابك عائشة ،لماذا ترتعشين ؟
لم تستطع أن تحبس دموعها أكثر، دموع افزعت كاميليا فضمتها إلى صدرها .فتح السائق باب السيارة ،فسألته كاميليا بنظرة فهمها
-أمرني الرئيس أن آخذها إلى المستشفى أو أي دكتور تريد.
-لابأس سآخذها انا.
اجلستها داخل سيارتها قبل أن تركب وتتوجه نحو مستشفى وسام.
دخلت مكتبه تسندها ،استقبلها باسما.
-أهلا مدام كاميليا ،تفضلي.
اجلستها على أقرب كرسي.
-السلام عليكم ،صديقتي عائشة ،لا أدري مابها .
جلس على الكرسي المقابل لعائشة .
-صفي لي بماذا تحسين .
وصفت له بم احست ثم قالت
-وبعد ذلك إحساس بالضيق وتعب كأنني ركضت لمسافة طويلة .
طلب منهما أن تتبعاه ،واستدعى دكتورا متخصصا في القلب .
دخلت عائشة قاعة الفحص ،بينما جلس وسام في الانتظار مع كاميليا.
-مبروك مدام كاميليا.
نظرت إليه متسائلة
-على ماذا؟
-سمعت أنك أصبحت مدام المنصوري .
كادت أن تصحح له ،ولكنها توقفت.الآن فهمت سبب استياء مراد
-الله يبارك فيك ،نفرح لك قريبا إن شاء الله.
-وايضا مبروك على الشهادة.
اعجبتها اللعبة فابتسمت.
-اية شهادة الدكتوراه في الهندسة المعمارية ام شهادة هندسة الديكور.
-مممم ،ماشاء الله ،وكذلك درست هندسة الديكور !
-وما المانع ؟ ام انك صدقت أنني محدودة الذكاء .
-معاذ الله!إنما هي المفاجأة ،مبروك عليك .
خرج الدكتور
-سأجري تخطيطا للقلب ،وفحوصات بالصدى، وأخبرك دكتور وسام،ممكن أن تنتظر بمكتبك سيستغرق الفحص وقتا .
كانت مع وسام بالمكتب لما فُتِح الباب دون استئذان ،رفعت بصرها لترى نادية ولينا.
أسندت ظهرها إلى ظهر الكرسي ووضعت ساقا على ساق .
-ماذا تفعل هذه هنا ؟
-مدام المنصوري في استشارة طبية .
-استشارة طبية ام زحف وراء مراد .
-آنسة لينا ،لاحظي انك في مكتبي ،وتهينين ضيفة عندي .
تدخلت نادية .
-وسام ،أين مراد ،أين ابني؟
مازالت لا تعير حديثهم اي اهتمام ،تحرك صورا على شاشة هاتفها ،كأنها في عالم آخر.
-الزيارة ممنوعة عليه .
-ليس على امه.
-ولا على خطيبته.
-على الكل ،التوتر خطر عليه.
-مهما توتر عندما يراني يهدأ ،انا حبيبته ،لو علم انك منعتني عنه لا أضمن رد فعله.
-لما يشفى ويستعيد عافيته ،يفعل مايشاء ،أما الآن فأنا أعلم بمصلحته.
-وسام ،قلت لك يجب أن أراه .
-دكتور وسام لوسمحت ،والزيارة ممنوعة
وراءها ظهرت عائشة ومعها طبيبها.
-لو تسمحان الآن ،تفضل دكتور ،تفضلي آنسة
ضربت برجلها على الأرض
-تعالي ماما ،يبدو انه أٌعْدِيَ بقلة الذوق.
جلست عائشة فمدت كاميليا يديها تضم يدي صديقتها
-دكتور مصطفى ،مابه قلب مهندستنا الجميلة؟
سأل وسام.
-قليل من التوتر ،إن تابعت العلاج وتخلت عن القهوة والشاي وكل المنبهات ،سيكون بخير.
-هذا كل شيء؟
-نعم ،لا داع للقلق ،الآنسة بخير.
قامت كاميليا تحيط كتفي عائشة بذراعها بكل حب
-أشكرك دكتور وسام .
المهندس يوسف يصر أن تبعث الفاتورة إلى الشركة .
-تحياتي للمهندس يوسف ،هذه المرة علينا .
-لا والله ،وإلا غيرنا إلى مستشفى آخر .
-عهدي بقلبك طيب يا مدام ،حاضر سابعث الفاتورة إلى الشركة .
-إلى اللقاء .
-في أمان الله مدام المنصوري.
التفت الى الدكتور
-اخبرني ،رضيت بما قلت لأنني رأيت صديقتها تحرص على اطمئنانها، ولكنني متأكد أنها إن لم تعد ستتصل لتعرف مرض صديقتها.
-الحقيقة أن صمام القلب ضعيف ،سألتها عن تاريخ اسرتها الصحي ،لا أحد مريض قلب ،وسنها لا يتجاوز الثلاثين ،بل لم تتمها بعد ،فكيف تعب الصمام .
-هل كانت لها مشاكل مع الضغط ؟
-سألتها، الجواب كان انها اول مرة تمرض.حتى انها أصيبت بنوبة هلع لولا رئيسها الذي هدأها واهتم أن ترى الطبيب وكما ترى ارسل معها صديقة .
-زوجته ،كاميليا تكون زوجته.
-لو سارت على العلاج ،وتجنب التوتر والقلق ،والمنبهات ستتحسن، اخبر صديقتها عندما تتصل انها تحتاج الراحة ،وحبذا لو تسافر وتستجم بعيدا عن العمل.
أرادت عائشة أن تسأل عن سبب وجود لينا ونادية بمكتب الدكتور وسام ،ولكن كاميليا أشارت لها ان تنتظر .
جلست بالسيارة وعائشة إلى جانبها ،هاتفت يوسف
-السلام عليكم ....عائشة بخير ،نصح الطبيب بأيام راحة وتكون بخير....هل معك أحد ؟....الجديد هو أن مراد فايز ومعارفه يظنون أنني زوجتك ....أعلم أن تشابه الاسم هو السبب.....لا ،إذا لم يزعجك ...حاضر ،حاضر ،شكرا.
نظرت الى عائشة وانفجرت ضاحكة
-لو ترين تعابير وجهك ! لا ،وعيناك! سأشرح لك.
حكت لها مادار بينها وبين وسام ،ثم عاصفة نادية ولينا
-مراد محجوز بالمستشفى إذن ،أراهنك أن وسام منعهما عمدا.
-لو رأيت لينا،انا حبيبته
تستجم بعيدا عن العمل.
أرادت عائشة أن تسأل عن سبب وجود لينا ونادية بمكتب الدكتور وسام ،ولكن كاميليا أشارت لها ان تنتظر .
جلست بالسيارة وعائشة إلى جانبها ،هاتفت يوسف
-السلام عليكم ....عائشة بخير ،نصح الطبيب بأيام راحة وتكون بخير....هل معك أحد ؟....الجديد هو أن مراد فايز ومعارفه يظنون أنني زوجتك ....أعلم أن تشابه الاسم هو السبب.....لا ،إذا لم يزعجك ...حاضر ،حاضر ،شكرا.
نظرت الى عائشة وانفجرت ضاحكة
-لو ترين تعابير وجهك ! لا ،وعيناك! سأشرح لك.
حكت لها مادار بينها وبين وسام ،ثم عاصفة نادية ولينا
-مراد محجوز بالمستشفى إذن ،أراهنك أن وسام منعهما عمدا.
-لو رأيت لينا،انا حبيبته ،يرتاح عندما يراني .
كانت تقلد صوتها وحركاتها فضحكت عائشة .
-النكاية الحارقة هي ظنهم انك زوجة المهندس يوسف ،هل يعقل أن ذلك هو سبب مرض مراد ؟
-ليس إلى هذا الحد ،لا لا ،كأنه كان لي عاشقا ،ههههه.
أدارت المحرك ،نحو البيت ولم تنس أن تشتري الدواء في الطريق.
عند يوسف ،كانت السكرتيرة قد أخبرته أن السيد فايز يريد مقابلته، رن الهاتف برقم كاميليا قبل أن يجيبها ،فرد أولا، وبعد أن أشار لها ان تدخله ،تابع المكالمة ،وتأكد أنها لا تزعجها شائعة زواجهما.
قام مرحبا.
-اهلا سيد فايز ،اعذرني ،كانت كاميليا تخبرني عن نتيجة فحص الطبيب للمهندسة عائشة .
أمسك جبينه.
-المسكينة ،احست بهبوط فجأة ،فاستأذنت مدام كاميليا أن تأخذها إلى مستشفى الدكتور وسام ،تعلم أننا نتعامل معه .
-كاميليا في المستشفى الإن؟
-لا ،غادرت ،وقد كانت تخبرني انها بعد أن توصل صديقتها ستذهب إلى البيت.
-صحيح انها أصبحت مدام المنصوري؟
-هي كذلك منذ طلاقها من ابنك مراد .
-بعد العدة أصبحت مدام المنصوري إذن.
-أكيد ،حتى انها أصرت أن يكون اسمها على شهادة الدكتوراه كاميليا المنصوري.
-نبل منها حقيقة .ولكن اعذرني على سؤالي ،ماذا تعرف عنها؟
-ما اعرفه عنها يكفيني ،حياتها قبل أن أعرفها لا تعنيني ،المهم عندي انها محبة متفانية ،رفيقة وفية ،صديقة مخلصة ،متدينة ،خلوقه، وفوق هذا مهندسة ناجحة ،أعمالها مطلوبة عبر العالم.
-هنيئا لك ،ثقتك بها راحة لقلبك.
-ثقة مستحقة ،فأنا لست غرا ولا سهل الرضى ،ولكنها اثبتت انها أهلً للثقة .
-الحقيقة، ما عرفت عنها غير ما قلتَ الآن.
-وانا أيضا عندي سؤال اعتذر عنه.
-تفضل.
-ما السبب الذي جعل ابنك يفرط في جوهرة نفيسة مثل كامي.طبعا قد تكون أشياء خاصة ،اهمها عدم التفاهم او مشاعر غير متبادلة ،أسرار قد تجهلها.
-غباء ،هو الغباء ،هل سمعت يوما عن غباء المشاعر ؟
هو سبب انفصال مراد وطليقته.
ابتسم يوسف احتراما لفايز الذي لم يربط اسم كاميليا بمراد تقديرا لمن ظنه زوجها ،ولكن فايز فهم الابتسامة انها إحساس بالنصر او سعادة بكاميليا.
قام مودعا
-لم تخبرني عن سبب الزيارة ،أخذنا الكلام عن مدام المنصوري .
-لا ،لاشيء أردت فقط أن أراك واهنئك على مشروع القرية السياحية ،حدثني مراد عنه.
-أشكر اهتمامك ،واعتبر نفسي ابنك مثل مراد ،وانا تحت امرك مثله تماما.
-إلى اللقاء.
خرج يلعن نفسه.ما الذي أتى بي، هل هي صفقة سأطلب منه أن يتخلى عنها لأن مراد يريدها ؟كنت كالأبله وانا لا أجد ما أقوله، أسأله عن زوجته ،من لِياقته أنه أجابني، كان يمكن أن لا يحب الحديث عنها ومن حقه ،ولكنه شاب كيِّس ومهذب ،احترم سني بينما تصرفت بتهور ،لولا طول الطريق الذي جعلني اهدأ لفعلت ما اندم عنه ،يا إلهي ،لو كان أمامي بالمستشفى لقلت له أن يطلقها لأن مراد يحبها .
يحبها ،يحبها ،يحبها ،أين كان هذا الحب عندما ارغمها على إجهاض ابنه الجنين؟؟؟
جلس بالسيارة يمسك رأسه حبه لولده جعله يتحمل نادية ،ويقبل لينا ،وكاد أن يهين نفسه امام شاب أصغر من ابنه ،كيف لم يحب مراد ابنه ويشفع وجوده لأمه كاميليا.
أم أن حتى الحب الابوي تغير وأصبحت له شروط؟
حرصت ألا تظهر تعبها لأمها ،ولكنها لاحظت شحوب لونها ،وعياءها الظاهر .
-مابك عائشة ؟مابها اختك يا كامي؟
-إرهاق ،ابنتك لا تعترف أن لبدنها عليها حق ،تعمل أكثر من لفيف من المهندسين مجتمعين ،والرئيس أمر بعطلة إجبارية.
بعد أن ساعدتها لتستريح ونبهت على الخالة سعدية أن تبعد عن يدها القهوة والشاي ،و تأخذ الدواء مع الاكل والراحة التامة .
خرجت إلى الحديقة واتصلت بوسام
-السلام عليكم.
-وعليكم السلام ،كنت أعلم أنك ستتصلين .
-أريد أن أعرف تقرير الدكتور ،التقرير الفعلي.
-صمام القلب تعب لسبب غير معروف ،بما ان عائلتها لا تاريخ لهم في أمراض القلب،عزا السبب إلى القلق والتوتر ،لو سارت على العلاج مع اجتناب التوتر والقلق والمنبهات ،وحبذا لو تسافر وتغير الجو .
-أشكرك دكتور ،إلى...
-مهلا ،لم تسألي عن مراد .
-ولم أسأل عن رجل غريب عني ؟
-لأنه كان....
-كما تقول ،كان ،كان وانتهى ،شكرا ،إلى اللقاء.
وضع الهاتف على المكتب ونظر إلى مجدي بيأس
-ماهذا ؟ كاميليا تجيبك بهذه القوة !ماهذا ؟ أين المرأة التي مهما فعل بها مراد لا رد منها .
-إنها القسوة يا صاحبي، هل تعرف اصل الماس؟ هو مجرد فحم ،وقع عليه ضغط كبير ،كبير إلى درجة حوله إلى أقسى معدن وأثمنه.
-لم تكن لتجد تشبيها لعلاقتهما أنسب من هذا ،عندما رآها مجرد فحم رخيص ،قسا وضغط بقسوته ،حتى غيرها إلى قاسية أكثر منه فغلت بنظره كالماس.
-ماسة وجدت من نفض عنها الشوائب وقدر قيمتها ،يوسف المنصوري.
-و يا للسخرية ،أصغر سنا ،واغنى واعرق نسبا.
-أشفق على مراد ،هل تعلم أن "خطيبته"وامه كانتا هنا؟
-وطبعا منعتهما عنه كما طلب منك السيد فايز .
-وكانت كاميليا تجلس حيث تجلس انت .
-لااااا ،ليتني كنت هنا.لا بد انها كانت مباراة حامية .
-بين من ؟ انت ساذج،مدام المنصوري لم تنظر ناحيتهما،كأنهما هواء .
-وهل يقتل الغرور غير التجاهل.
-تماما ،ضربتهما في مقتل،خصوصا بأناقتها ،رغم حجابها ،وزينتها التي لا تظهر ،كانت لينا باهته أمامها.
-أذكر أنه لما مرض لأول مرة وكانت معه ،رأيتها ،فاظهرت إعجابي بها ،الغبي كان سيضربني لولا أنني اعتذرت.كانت غيرته ظاهرة ،ولكنه ظل ينكر حبه لها حتى ضاعت منه.
-تعال لنرفه عنه قليلا .
كان مغمض العينين.
-اتركه ،فإنه نائم.
-تعال يا مجدي ،لست نائما .
-كيف حالك يا صاحبي ،انت اليوم احسن من امس .
-تسأل وتجيب يامجدي.
-اقول ما أرى، أم أنك تحس بشيء ما ؟
-أحس بما لا يظهر .
احس مجدي بالحزن على صديقه.
-تذكر المهندسة عائشة يا مراد.
غير وسام الحديث.
-نعم ،فتاة جميلة القلب .
-تعب قلبها يا صاحبي ،ألمت بها نوبة في الشركة ،فارسلها يوسف مع كاميليا.
-كاميليا كانت هنا ؟ هل علمت أنني هنا؟
-لا ،بعد أن فحص دكتور القلب صديقتها ،اخذتها وذهبت.
نظر اليه مجدي فتجاهل نظرته.
خيبة تجلت على محيى مراد فصمت واغمض عينيه مرة أخرى.
-جاءت لينا وامك ،ولكنني منعتهما عنك كما أوصى والدك ،تجنبا لأي توتر .
لم يبد اهتماما حتى أنه لم يفتح عينيه.
غمز وسام مجدي
-لابد أنه نام جراء مسكن الألم ،هيا بنا ،لنتركه يرتاح.
ماكاد يسمع صوت الباب يغلق حتى فتح عينيه سامحا لتلك الدمعة الحارقة بالخروج.
ذهبت كاميليا إلى الفيلا ،تنعم بالراحة وشغب جاد ،أخبرت أمنية عن مرض عائشة ،فذهبت إليها تعودها.
-الف سلامة لقلبك حبيبتي.
-الله يسلم قلبك ،أخبرتك كامي .
-نعم ،ما إن هدأ جاد حتى هاتفتني ،وما كدنا نتكلم حتى عاد إليها ،كثرة حكاياته تغنيها عنا.
اجابت ام عائشة :
-ما نراه تافها هو مهم في عالمه الصغير ،ولهذا يحكي كل ما يحدث معه ،والحقيقة أنه هكذا يتعلم أكثر ،يتعلم الكلام ،يتعلم عندما تصححين له الخطأ ،يثق بنفسه حين تمدحينه،حتى المشاعر والحب يتعلمها بالحديث عن مغامرات يومه.
-مغامرات !!!سخرت عائشة
-ولم تهزأين؟ في عالمه حين يدفع السيارة الصغيرة نحو الجدار ولا تنقلب ،او تنقلب تم تعود مستوية على عجلاتها تعد مغامرة ،صعود السلم في كل خطوة درجة مغامرة ،جريه وراء فراشة حتى يصطادها مغامرة .
-ولكنه يا خالتي أصبح مرتبطا بكامي أكثر مني ،أخشى من يوم يفارقها.
-تخشين ام تغارين؟
-والله لا اغار انا فقط....
-لا تقسمي، من حقك أن تغاري ،فالغيرة على الأولاد تكون حتى بين الأبوين، ولكن كامي عاقلة ،لا تفوت فرصة دون ان تذكر انك الماما ،ترسخ بعقله الصغير علاقته بك ،كثيرا ماسمعتها تحكي له انها خالته ،وانها معه لأن الماما تعمل لتشتري له اللعب والثياب ،تنسحب حين تتواجدين لتترك لك مجالا لتعيشي امومتك.
-كاميليا تستحق كل الخير خالتي ،ولكنها كما قالت عائشة حظها مع الثلاثي المنحوس.
هتفت عائشة تقلد المرأة المصرية
-اسكوتي، مش فيه اخبار طازة .
-ماذا تقولين ؟ أين عائشة كانت هنا ؟
-اسكوز مي .
ضحكت أمنية
-المسلسلات أدت مهمتها ،اسكوزيناك يا اختي ،ماهو الخبر الطازة على رأيك؟
-اعتقاد آل فايز ومعارفهم أن كاميليا زوجة السيد يوسف المنصوري .
-ولم يعتقدون هذا؟
-الاسم ،المنصوري ،هو نفسه اسم كامي.
-صحيح ،آخر مرة كان هنا سألني إن كنت اعرف أمها ،وقال انه مهتم لأنه معني بالأمر أيضا.
-وهل حكيت له يا ماما؟
-ليس من حقي أن أفعل ،قلت له أن كامي هي من تقرر أن تحكي له او لا.
-خالتي ،لو على كامي ،لن تفعل أبدا ،هي مكتفية بعالمها الصغير أكثر من جاد،والعائلة سند وظهر
-او غدر وقهر .
-تلك استثناءات يا عائشة ،كامي يجب أن تعرف من تكون ،ثم تختار أن تقترب او تبتعد .
-مهما حاولت معها ترفض، حتى انها لم تقرأ رسالة أمها ولا رسالة خالتها،و لم تبحث وسط كل الأوراق التي تركت خالتها معي.
-اعطني تلك الأوراق، ولو وصلت إلى أهلها دون مساعدة كان بها ،إن عجزت طلبت مساعدة يوسف دون علمها.
-حاضر ،ساعطيك الأوراق.
-وانت ،كوني مستعدة ،سنذهب إلى الضيعة اتركك هناك انت و خالتي،أمي ستسعد برفقتك خالتي سعدية ،الجو ،والطبيعة ،والهواء النقي سيساعدك عائشة على الشفاء بسرعة .
-ولكن ...
-بدون ولكن ،انا أيضا أحتاج أياما بعيدا عن التوتر ،غدا سنكون في انتظارك