رواية انسحاب الفصل التاسع عشر 19بقلم حكاوي مسائية

 


رواية انسحاب 

الفصل التاسع عشر 19

بقلم حكاوي مسائية


اسعده اهتمام أمه بزوجته ،ولكنه يشك في هذه الطيبة التي نزلت على زوجته الأولى، نبه دادة رقية أن تنتبه وتحذر، ولكن سم الأفعى كان قد وصل الفتاة البسيطة .

مرت يومان وهي تستفرغ بشدة ،حتى تتعرق وتاكد يغمى عليها،أخبرت دادة عامر بمرض لطيفة ،اراد أن يأخذها للمستشفى ولكن زوجته تدخلت

-لا تخف ،هي اعراض الحمل والوحم، ستتوقف بعد الشهر الثالث.

-ولكنها في الشهر الرابع الآن.

-ممكن أننا أخطأنا، أليس كذلك عمتي.

-ممكن ،خصوصا انها لم تعرف متى كانت حائضا لآخر مرة ،لا تخف ،ساغلي لها بعض الأعشاب التي تريحها.

صدق تقريرا عن أمر لا يعرفه عنه شيئا ،من أمه التي من المفروض انها اكثر خبرة ،فخرج نحو اشغاله.

أصبحت ترفض الأكل ،فتحثها ضرتها على شرب الحليب

-اشربيه ،مادمت لا تأكلين ،فالحليب سيفيدك ويفيد الجنين.

ما انتهى الاسبوع حتى كانت غائبة عن الوعي ،اخذها الى المستشفى ،أرادت ضرتها أن ترافقه ولكنه رفض غير دادة رقية .

بعد الفحص ،طلب الدكتور تحاليل فورية للدم والبول،وأدخلت المسكينة العناية المركزة حيث علقت لها المحاليل .

عاد يحمل نتيجة التحاليل،وما إن فتح الدكتور المغلف حتى

-سيد عامر ،انا مضطر أن أبلغ الشرطة ،لأنها حالة تسمم .

-لا أفهم ،كيف حالة تسمم ،وانا كلفت الدادة بأكلها والاهتمام بها .

-أين هي الدادة الآن؟

-هنا في قاعة الانتظار.

-تحفظ عليها ريثما يأتي عناصر الشرطة.

بلغ الدكتور الشرطة ،ثم توجه الى العناية المركزة ،يغير المحلول ويضيف إليه ترياقا ما.

بينما ذهب عامر نحو قاعة الانتظار وجلس جوار رقية 

-دادة! هل كنت انت من يعد لها الأكل ؟

-نعم ،واآكل معها لأنها ترفض ان تأكل وحدها .

مسح بيده على وجهه،دادة رقو ،فتح عينيه وهي موجودة ،كانت بالبيت الكبير ،وطلب منها أن ترافقه لتهتم بأولاده، سمح لها الجد لأنه لايريد خلافا آخر مع حفيده ،لا يمكن أن تكون دادة رقو ،لا يمكن.

قاعة الانتظار هي أول ما يدخل عليه المرء ،وهكذا رأى ضابطا يتبعه شرطيان، يدخلون نحو مكتب الدكتور ،فتبعهم.

بعد التحية والسلام ،أخبرهم الدكتور بحالة لطيفة ،وأشار الى عامر يقدمه أنه الزوج.

بعد أن عرفوا أن الدادة هي المكلفة بأكل لطيفة وشربها ،ارسل الضابط شرطيا مع عامر ليحضرها 

-لا داع ،ستأتي معي 

هز الضابط رأسه بالموافقة ،فذهب عامر ليحضرها .

كما اجابت عامر فعلت مع الضابط

-الا يعينك احد ممن في البيت.

-في الأيام الأخيرة، صارت زوجة السيد عامر الأولى تساعدني ،إما تعد العصير ،او تعوضه بكوب حليب.

حتى انها رأفت بالمسكينة بعد أن اشتد عليها الوحم ،ورفضت الأكل ،تحايلها  كأنها طفلتها حتى تشرب الحليب.

ابتسم الضابط 

-سيد عامر ،هل تسمح لنا بتفتيش بيتك؟

-لماذا؟تفتشون عن ماذا؟

-أولا حسب التحاليل فالتسمم ناتج عن نوع من المبيدات المستعملة في الفلاحة ،ثانيا،لو تأخرنا حتى نأخذ الإذن من وكيل الملك ،قد يتصرف الجاني في أداة الجريمة ،وإذنك بالتفتبش يعوض إذن المحكمة.

-بكل تأكيد ،نذهب الآن؟

سنذهب بسيارتك ،انا وانت فقط ،ومعنا الدادة، حتى لا نثير الشك قبل أن نتصرف .

ما إن وصلوا حتى هبت زوجته وعمتها تسألان عن حالة لطيفة 

-هي الآن بخير ،أفاقت ،وبعد يوم او يومين ستعود .

-من هذا يا عامر ؟ 

-صديق ،ابقيا هنا مع دادة،التفت إليها، دادة لو تحركت إحداكن فلن تكفيني ارواحكن الثلاثة.

-ماذا تقول يا عامر ؟ ما الذي يحدث؟

-الذي يحدث سيدتي أن إحداكن حاولت قتل المجني عليها زوجة السيد عامر ،ولهذا من تتحرك منكن من مكانها فهي المجرمة لا محالة.

أين غرفة زوجتك الأولى سيد عامر ؟

قاده نحو غرفتها ،وهي تتلفت وتقضم أظافرها 

-كيف تدخله غرفتي يا عامر ؟ هناك أشياء تخصني لا يمكن....

-اطمئني سيدتي ،لن انظر الى خصوصياتك. 

قالها ساخرا، فوجه إليها عامر نظرة تكاد تحرقها فصمتت.

سمع جلبة وصراخ فترك الضابط بالغرفة وركض نحوهن. كانت زوجته تحاول الإفلات من بين عمتها ورقية.

-ما الذي يحدث هنا؟

صرخت رقية

-حاولت الهروب ،سيد عامر ،لابد انها هي.

-اسكتي،كيف تجرؤين على اتهامي، انت من تعد لها الأكل.

فتح الخزانة ،أصبحت كل ثيابها على الأرض، لاشيء،فتح كل الأدراج ،لاشيء ،وقف أمام طاولة الزينة ،بين زجاجات العطر واصابع احمر الشفاه كانت تضعها،حيث لن يفكر ان يبحث .

ابتسم ،وأخرج، كيس الحجوزات حيث وضعها بحرص حتى يحافظ على اثر بصماتها. ثم خرج الى حيث يسمع صراخ عامر مع السيدات.وهناك سمع آخر كلامها فأجابها ساخرا 

-وما شأن الأكل في الموضوع ؟

-قلت أن أحدا حاول قتل لطيفة.

-ولكنني لم أقل كيف .

اخرج هاتفه وطلب عناصر من الأمن وسيارة لنقل المتهمات.

وهناك بالمركز ،حكت ام عامر ورقية ما تعرفانه،وجاء دورها ،تشبتت بالإنكار ،حتى وضع زجاجة السم أمامها.

جحظت عيناها مع احمرار مخيف

-نعم انا من سممها،مخبولة تحمل وتأخذ مني زوجي،هل سأتركها لتعيش؟ أبدا. يجب أن تموت ،انا من ستكون ام أولاده وليست هي.

جنون مؤقت أصابها فراحت تفرغ جعبتها دون عناء من الضابط ،الذي أمر بحبسها الى حين عرضها على وكيل الملك.

خرج من المركز منهكا حزينا.

-سأذهب لأرى لطيفة .

-خذنا معك يا ولدي لنطمئن عليها .

هز رأسه موافقا،ماعاد قادرا على الكلام.

توجه نحو مكتب الدكتور ليسأله عنها ،فكانت الضربة الثانية

-ارتفعت درجة حرارتها وبعد البحث عن السبب ،كان أن الجنين ميت برحمها، فقمنا بتنظيف الرحم.

-وزوجتي ؟

-لا أخفيك أن حالتها حرجة ،السم قدم لها على جرعات،وما ظهرت أعراضه إلا بعد أن تمكن منها،ادع لها.

نظر إليها عبر الزجاج ،ولام نفسه ،كيف وافق أن يتزوج طفلة بريئة ويأتي بها إلى وكر الأفاعي.

-هيا بنا لنعود.

-الوقت ليل وانت متعب ،تعال لنمضي الليلة عند أمنية .

نظر إليها شذرا.

-تحبين أمنية انت؟ انت لم تتركي بيننا حتى خيط عنكبوت ،ثم إن شقتها ضيقة ،هيا بنا . 


دخلت كاميليا فيلا أخيها يوسف.يتبعها حاملا حقائبها.

-أحجر ماتضعين بالحقائب؟

ضحكت 

-كتب،بعض الملابس والكثير من الكتب.

-لو علمت لأسكتُّ صوت الشهامة وتركتك تحملينها وحدك.

-اطلب لنا عشاء ،وكفاك تذمرا، تعبت وأريد أن أنام.

-ماذا ؟ اطلب عشاء !!!إذا كنت لم أفعل وانا وحدي ،أفعل واختي معي ،تعالي ساعديني وتاكلين احلى عشاء.

جرها نحو المطبخ ضاحكة سعيدة .

لقد وصلا ضحى ،توجهت أولا نحو الشركة ،حيث كانت عائشة بمكتبها،دخلت كاميليا أولا

-كيف حال مهندستنا الجميلة؟

-كاميليا!!!!اشتقت إليك حبيبتي.

عانقتها بحب ،فهتف صوت خلفها

-وانا أليس لي حظ في استقبال كهذا ام لا أحد يشتاق لي.

رمقته بنظرة لم يفهمها ثم قالت

-شغلك ،العمل اشتاق لك ،ولابد أن مكتبك سيحضنك بشوق 

نكس رأسه مظاهرا بالحزن وخرج نحو مكتبه.

-هل غضب ؟

هزت كاميليا كتفيها 

-ربما ،على الأقل احترمي أنه رئيسك، ثم مالهذا اللسان لاينطق بخير.

-وهل سيرضيك ويرضي سيادة رئيسي أن اقفز نحوه واحيط عنقه بيدي؟

-وهل انت رخيصة على قلبي لأطلب ذلك أو ارضى به ،فقط كلمة ترحيب، اهلا سيد يوسف ،الحمد لله على سلامتك ،سعيدة بعودتك ،كلمة تجبرين بها خاطره ،إذا كانت الكلمة الطيبة صدقة!!!

ضربت رأسها مداعبة .

-والله من كثرة ما فكرت فيه وفيك ،وتعب العمل الذي تركتماه علي ،هين أن استقبلكما ضربا على أسفل الظهر كالأطفال.

-ماذا ؟ ماذا قلت ،من كثرة ما فكرت فيه.هل أقول مبروك.

-مبدئيا،ولكن لا تخبريه ،دعيني أسعد أياما بتقربه ومحاولاته

-يحق لك ،قرصت خديها،يحق للجميل أن يتدلل. 

-تغنين يا كامي. 

-وارقص،فقط حددي اليوم السعيد وسترين.

كان قرب الباب وسمع حديثها، ابتسم واستمر في طريقه نحو مكتبه وقد قرر أن يكسب الرهان ويفوز بحبها.

بعد الظهر ،هاتف اخته

-نخرج لنأكل كامي؟

-ومعنا عائشة؟

-لا ،انا وانت فقط.

خرجا وبعد الأكل عادا ،وكأنه يمر عليها  تظاهر أنه تفاجأ بوجودها 

-لم تخرجي للغذاء ام أكلت يالكافتيريا. 

انسحبت كاميليا قبل أن تفضحها ابتسامتها.

-لا هذا ولا ذاك ،يكفي انك والأخرى اختك قد اكلتما، شكرا على اهتمامك.

ابتسم (غارت من كاميليا؟ هل أصدق ؟)

تجاوز مكتبها نحو مكتبه ومن هناك هاتف المطعم ليرسل الوجبة التي اختارها لها .

وصل الشاب بالطلب مع دخول كاميليا عليها

-اعذريني عائشة ،لم يقل أننا سنذهب الى المطعم ،هاه ماهذا ؟

-طلب للمهندسة .

-هات ،تفضل انت ،شكرا.

وضعت العلب على طاولة امام المكتب وبين كرسيين.

-طلبت اكلا يا عائشة ؟

-انا من طلبته ،أرجو أن يعجبك ذوقي آنسة ،لن اترك مهندستنا دون اكل ،هذا أقل واجب.

أمسك يد كاميليا يجذبها لتقف

-تعالي ،اتركي الآنسة تأكل وترتاح قليلا .

أغلق الباب وعائشة ماتزال مندهشة ،وبعد أن عادت إلى رشدها جلست الى المنضدة وفتحت العلب .

-مممم،يبدو شهيا ،ولو ظننت يا دكتور يوسف أنني كباقي البنات سأحرج، وأتعفف ولا آكل فأنت مخطئ ،مادمت احضرته ودفعت ثمنه ،حرام أن ارفضه ،هههههه.

في مكتبه

-هل ستأكل ام أنني احرجتها؟

-اطمئن ستأكل، ثم قلدتها،حرام أن يلقى في القمامة ،ما دمت سيد يوسف قد طلبته ودفعت مقابله .

ضحك

-تعرفينها جيدا .

رفعت السبابة والوسطى تضمهما، 

-انا وهي سواء ،وهذا ماكنت سأفعل.

-ومادمت انت وهي سواء ،هل فكرت في طلبي أم لا؟

-فكرت ،ومستعدة للقبول ،ينقصها بعض التشجيع.

-مرة أخرى، مادمت انت وهي سواء ،افيديني، أي نوع من التشجيع.

-الاهتمام ،مفتاح قلب كل امرأة هو الاهتمام ،اهتم بتفاصيلها الصغيرة قبل الكبيرة ،تواجد حولها ،أين ما تلتفت تجدك او تجد شيئا منك ،املأ الفراغ بحياتها حتى تصبح انت حياتها.

-فهمتك.ثم مازحها مبتسما،يعني علي أن أعرف مم تتحسس ،واسم أبيها، وماذا تحب وماذا تكره.

شردت حزينة 

-لو أهتم أن يقرأ وثيقة الزواج لعرف أن خالد ليس والدي ،ولتجنبنا المأساة. 

لف حول المكتب ليقف بجانبها محتضنا إياها.

-هو الخاسر حبيبتي، هو الخاسر .

هزت رأسها كأنها تنفض عنه افكار الماضي .

-لا يهم ،هل اتصلت بالموقع ؟ متى ننتهي من اول شطر ؟ 

-بعد اسبوعين ،نقدم الشطر الأول على الأشغال الكبيرة الأساسية ،ونتفق مع المالك على نوعية الرخام والسيراميك ،لننهي التشطيب.

-لماذا اشترط اختيار الرخام والسيراميك ؟

-نوع من التحكم ،وإظهار الذات ،قرأت هذا الشرط في ملف المناقصة ،و توقعت اختياره لأغلى الخامات، و وضعتها ضمن حساباتي،لو حصل ماتوقعت  لن نخسر شيئا ،أما لو كان يشترط دون دراية ولا سابق تجربة ،فسيختار ارخص مما ظننت معتمدا على المظهر ،ويزيد هامش الربح عندنا .

-ولم لا تنصحه لو رأيته مخطئ او منجرف خلف ذوقه. 

-سأفعل ،إن استجاب كان بها ،وإن أصر على رأيه وكانت الخامات ستضر بعملنا بعد سنوات ،سأشترط اعترافا مكتوبا بمسؤوليته عن اختياره.

-لا أظننا سنصل الى هذا ،لو لم تكن له خبرة ونصحته سيسمع نصيحتك ويعمل بها ،انا متأكدة،بعد كل لقاء لنا معه ،أراه منبهرا بسير العمل ،سيثق بك اكيد.

-كل فتاة بأخيها معجبة 

-لا،الصواب أن كل فتاة بأبيها معجبة ،كم حكتها لي ماما ،اقصد خالتي،كأنها كانت تنبهني أن من أعيش مه ليس ابي.

-صحيح يا كامي، كيف لم تنتبهي لاختلاف الاسم.

-كانت ماما تخفي عني كل مايتعلق باسم المزعوم أخي، وكانت مكلفة باستخلاص كل الأوراق التي أحتاجها، أما زوجها وابنه ،فلم يكن من مصلحتهما أن أعرف، فكانا أشد حرصا منها.

حتى لما استخرجت البطاقة الشخصية ،وبها اسم الأب، والاسم العائلي،ما كنت اعرف اسم خالد لأنني كنت اناديه بابا ،ولا عرفت أن كنيته الداودي،إلا بعد أن قرر تزويجي بعد شهادة الباكالوريا، عندئذ علمت أنه زوج خالتي ،وأن لا حكم له علي. كنت لا أهتم ولا أسأل ،كبرت وانا أظن أنه والدي وابنه أخي،فكيف أسأل او اتقصى، نعيش في قوقعة الثقة في الأسرة التي وجدنا انفسنا وسطها،ولا ننتبه لمنبهات صغيرة تمر أمامنا ،نظن انها تفضيل اخ عن اخته ،فالاب دائما يفضل الولد.نظن انها حماية مبالغ فيها من ام لابنتها الوحيدة لأن أباها مدمن وجر ابنه إلى هاويته. وهكذا.

دخلت الكاتبة دون استئذان ،فرأته للمرة التي لا تعرف عددها يضم كاميليا إلى صدره مواسيا .

ابتسم ،فهو يعرف فضولها الذي يكاد يفقدها عقلها بعد أن فقدت صوابها وأصبحت تدخل ذون استئذان .

-اعتذر سيد يوسف.

-لا تعتذري عن شيء تقصدينه، انا اعرفك  واعرف فضولك ،أقدم لك المهندسة كاميليا المنصوري اختي.

شهقت من الصدمة ،فضحك لصدمتها يوسف وكاميليا.

-مفاجأة!!  لم تكوني لتخمني ،رغم تنصتك وتجسسك علينا.

-لا  سيد يوسف انا لا...

-بلى تفعلين ،ولكن لا يهم ،عملك المتقن وإخلاصك  للشركة يشفعان لك،ثم أنني لا أخجل من شيء فتجسسي كما تحبين لابد أنه طبع فيك.

تمتمت معتذرة عدة مرات.بينما تربت كاميليا على كتفها

-نحن كلنا هنا نحبك ،لولا ،وجمعت سبابتها والابهام وهي تغمز بعينها،لولا هذا العيب الصغير،حاولي أن تتخلصي منه.عزيزتي ،تعالي لأقول لك اصل اسم السكرتير secrétaire معناها كاتمة الأسرار، ليس كاتبة ،انت كاتمة أسرار هذا المكتب ،مهما يقع فيه ،او يكون فيه من ملفات وأوراق،كاتمة اسراره، لن تبوحي بها حتى لزوجك او امك ،والأفضل أن ترحمي نفسك من فضول يجعلك تعرفين ما لا تستطيعين كتمانه.

-اطمئني مدام ،اااا ،آنسة 

-ههههه،مدام او آنسة لا يهم ،لابد أنك عرفت من مواقع التواصل أنني طليقة المهندس مراد فايز.

هزت رأسها أن نعم .

-اذهبي الآن .

كادت أن تخرج ثم تذكرت وعادت.

-السيد فايز ارسل دعوة لحفل بمناسبة بداية الأشغال بمشروع تونس.

-هات الدعوة ،يمكنك أن تنصرفي شكرا .

اخذت منها الدعوة ،وفتحتها 

-السيد المنصوري وحرمه ،ههههههه.

لو حفظت كاتبتك السر،نذهب معا.

-تأكدي انها لن تفعل ،ربما انها تخبر إحدى صديقاتها الآن.

قرأت تاريخ موعد الحفل.

-الحفل بعد أسبوع، سيكون الخبر قد انتشر .

-اتمنى أن أذهب رفقة مدام المنصوري فعلا.

-الدعوة لاثنين ،ستتخلى عني؟

-ألم أقل انك تغارين ؟

-إنما أشاكسك، تعلم أنني أرفض  أن اقترب منهم .

طرقت الكاتبة الباب فضحكت كاميليا 

-ادخلي ،تستأذنين الآن بعد أن علمت سرنا !هههههه.

-اعتذر سيد يوسف ،ولكن الساعي جاء بهذه الدعوات أيضا. 

-هاتها ،بعد أن فتحها ،ابتهجي لقد دعا رؤساء الأقسام أيضا ،مما يعني انت ،وعائشة ،والمهندس احمد الجابري.

-إذن علينا أن نقنع عائشة ،يجب أن تعلنا خطوبتكما قبل الحفل. 


تذكرت يومهما معا وهما في المطبخ يحضران طعام العشاء 

-يوسف ،غدا سأدعو عائشة وأمها وأمنية لوجبة عشاء هنا .

-وهل ستجدين الوقت الكافي لتحضير وليمة مناسبة .

-من قال أنني سأفعل، سأكلف مختصا، واقوم انا بدور المضيفة فقط.

-تعالي لنأكل ثم نبحث عمن نكلفه بوليمة الغد .

-وانت ،أفعل شيئا من أجل عائشة ،أما أنا فسأكلم خالتي سعدية لأجس نبضها. 


قصد المستشفى صباحا ،قضى ليلته ببيت جده ،أخبره بما حدث لأن الجد علم أن سيارة الشرطة قد دخلت املاكه،واستأذن أن يبيت بغرفته القديمة لأنه كما قال احس انه يعيش بوكر افاعي.

كان يقف محدقا إليها عبر الزجاج ،حين احس بيد على كتفه ،التفت ليرى عمه وجده

-كيف هي الآن؟

-ادع لها جدي ،لا أستطيع أن احمل وزرها لو ماتت.

-وماذنبك انت بني،أخبرتني دادة رقو انك كنت تعتني بها ،وتحيطها بحنانك ورعايتك،إنما هي غيرة النساء وكيدهن،لا تلم نفسك.

-انا من قبل الزواج بإنسانة بسيطة ،انا من احضرها الى جحر الضباع.

-اسمعني يا ابن اخي،لو كتب الله لها الحياة ،طلقها ،وعوض أهلها بمبلغ من المال يخرجهم من براثن الفقر حتى لا يبيعوها مرة أخرى .

-سأفعل ،سأفعل ،تتجاوز هي كل هذا فقط ،وانا سأعتقها من ذل الحاجة .

ولكن أمرا نافذا قد اعتقها من شرور الدنيا .

صافرة أعلنت أن قلبها تخلى عن المقاومة ،جاءت ممرضة تجري ثم جاء الطبيب ،حاول إنعاشها دون جدوى قبل أن يهز رأسه و تسحب الممرضة الغطاء على وجه الصبية ،وانسحبت لطيفة بعد أن عرًّت براءتها خبث الآخرين.

-البقاء لله سيد عامر.

لم يجب ،مد الدكتور يده فاستقبلها الجد وبعده العم ،أما عامر فقد اخترق سهم قلبه ليذكره أنه قلب بشر وليس حجر صوان .

-اذهب انت الى البيت ،وأخبر زوجة عمك ،سننهي الإجراءات هنا مع الدكتور والشرطة ،ونجهزها للدفن.

خرج من المستشفى ،ولكنه لم يتوجه حيث أرسله جده ،بل قاد نحو شقة أمنية/مكتبها.

لم ينتظر أن تستأذن له الكاتبة ،فتح الباب ودخل ليتهالك على الكرسي امام المكتب.

-السلام عليكم ،مابك يا ابن عمي.

أدهشتها الدموع التي تسارعت على خديه

-ماتت لطيفة .

-لا حول ولا قوة الا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون. سمعت انها كانت حامل ،لابد انها مضاعفات الحمل.

-بل مضاعفات السم .

دون أن تحتاج للسؤال ،سرد عليها ماحدث ،قبل أن يرفع رأسه محدقا بعينيها. 

-سامحيني يا ابنة عمي،لعنتك تحيطني،أخطأت يحقك ،بل أذنبت بحقك،ويأتي انتقام الله ليذكرني 

-يا عامر يا ابن عمي ،هذا مكر الليل والنهار،حاشا لله أن ينتقم في طفلة بريئة وجنينها، إنه سوء تدبيرك،واختيارك أن تنقاد كالأعمى خلف حقد والدتك.

قامت من مكانها ،لتجلس على الكرسي المقابل له.

-عامر ،يعلم الله أنني لا اكرهك ،ما كنت أراك إلا أخا كبيرا أستطيع أن ألجأ اليه،ولكن زواجنا أفسد علي ذلك ،ولكنني سامحتك.

نظر إليها متسائلا،فاكدت كلامها

-نعم ،سامحتك،لا أتمنى لك إلا الخير ،لما حكت لي عائشة عن زوجتك الفقيدة ،كدت اتصل بك لأنصحك أن تأخذها إلى البيت الكبير لتعيش مع امي،ولكنني خفت أن ترفض نصيحتي،او تفهمها في غير سياقها. 

-ليتك فعلت ،ليتك اتصلت بي.

-تقول هذا الآن لأن الحقيقة ظهرت ،ولكنك ماكنت لتقبل قبل هذا ،فكر معي ،الفقيدة هذا أجلها ،ربما ساقها الله إليك لتكون النور الذي يجلي ظلمة المكائد حولك ،لتنقشع الغشاوة عن عينيك وتعرف حبيبك من عدوك.

-لقد عدت امس الى بيت جدي ،ألن يزعجك ذلك؟

-أبدا، ما رأيك أن نبدأ من جديد ،صفحة جديدة حتى لا يذهب موت لطيفة سدى ،نبدأ علاقة نقية صافية اخ واخته ،مدت يدها ،انت لا تعلم كم احتاج أخا استند عليه يا عامر .

استقبل يدها بكفه العريض .

-وسأكون لك ذلك الأخ ،فقط سامحيني.

-ماذا قلنا ،صفحة جديدة يا اخي .

متى يكون العزاء ،يجب أن احضر عزاء زوجة اخي.

-المفروض أن أذهب لاحضره ،ولكنني احتجت أن اكلمك أولا. 

قامت وأخذت حقيبتها و كلمت  الكاتبة عبر الهاتف الداخلي .

-أخبري الاستاذ عبد اللطيف أنني سأتغيب بضعة أيام ،وأن يتابع القضايا المستعجلة.

اسبقني يا عامر ،سألحق بك.

فتح الباب ليغادر فصادف وقوف رجل كاد أن يطرق الباب،هز له رأسه تحية لم يردها له الآخر ،بل دخل المكتب وهم أن يغلق الباب لتهتف به

-أترك الباب مفتوحا سيد مجدي.

-ولماذا كان مغلقا عليك انت ورجل غريب.

-ليس غريبا سيد مجدي ،والأمر لا يهمك.

-بل يهمني ،مر أكثر من أسبوع وانا انتظر جوابك،واليوم اصادف رجلا يخرج من مكتبك وتقولين أنه ليس غريبا عنك ،من يكون استاذة؟

-ابن عمي وطليقي. 

أمعنت النظر الى عينيه، رأت الفجأة ثم الخيبة فالحزن. 

-اجلس سيد مجدي ،كنت على وشك الخروج ،ولكن بما انك هنا ،لنوضح بعض اللبس. 

الرجل الذي رأيته طليقي وابن عمي، وكان هنا يخبرني بوفاة زوجته، انا سأذهب لأحضر عزاءها،و حتى لا تتفاجأ مرة أخرى، لي منه ابن ،هو لا يعلم عنه شيئا لأنني خشيت أن يأخذه مني.

هاه ،مازلت تريدني زوجة ؟ أم أن الاعراف والعائلة ستمنعك ،امرأة مطلقة ولها ولد ،كم درجة حظها في الزواج من عازب شاب مثلك ؟

سأعفيك من الحرج ،واعتبر انك لم تكلمني قبل اليوم ،اعتذر ولكن علي الذهاب لاوصل ابني الى بيت صديقتي قبل أن الحق بأبيه.

قامت ففعل مثلها ،كأنه آلة محاكية، وخرج وهو مايزال تحت هول ما سمع.


          الفصل العشرون من هنا 

          لقراءة باقي الفصول من هنا 


تعليقات