رواية انسحاب
الفصل الرابع عشر 14
بقلم حكاوي مسائية
ذهبت إلى بيت لينا ،بعد انتظار طويل ،كانت تحاول آخر مرة قبل أن تغادر ،ولكن هذه المرة جاءها صوت لينا من الداخل.
-مهلك ،فأنا لا احلس جوار الباب.
تأففت وهي تفتح.
-بعد الجرس الأول والثاني ،والثالث،افهم واذهب.
-افتحي عينيك ،انا سارة.
استدارت داخلة نحو سريرها.
-ماذا تريدين ياسارة؟قلت لك بدأت التصوير،وأحتاج للراحة.
استلقت على السرير ووضعت وسادة على رأسها.
-لينا ،انتبهي لي.
لاتصرخي عندي صداع من قلة النوم،تصرفي كأنك ببيتك ،واغلقى الباب وانت خارجة.
-هل جئت هنا لأبقى وحدي ،كنت ذهبت إلى الفيلا،قلت لك انتبهي واسمعيني.
-تكلمي انا اسمعك.
-كاميليا، يجب أن نتخلص منها.
-رفعت الوسادة عن رأسها.
-نتخلص منها!ماذا تقصدين؟
-نتخلص منها ،هزت كتفيها،فهمتني .
-انت مجنونة ،هل هي فستان كرهته ،أم ماذا؟هل تظنينني مجرمة ؟
-المصلحة مشتركة ،يخلو لك الطريق الى مراد ،وانا أحصل على يوسف.
-لاااا،انت انتبهي لكلامي،اخوك طلقها ،يعني المكان شاغر ،انتهي من التصوير واتفرغ له، وحتى لو لم يطلقها ،لن ادخل السجن لأجل عيون أخيك.تصرفي بعيدا عني.
ضربت الأرض متذمرة
-سارة ،تصرفات الأطفال والمراهقين أشد ما أكره،وانت طفلة مدللة ،كبرت على أن تأمري فتطاعين، اذهبي إلى امك تجد لك طريقة للتتخلصي من كاميليا بعيدا عني هاه ،سمعتني ؟ بعيدا عني.والآن اتركيني أنام.
-لينا حبيبتي ،نامي واستريحي، ثم فكري بعقلك الجميل كيف تخلصيني منها ،اتفقنا؟ باي .
بعد أن خرجت سارة قامت تعد فنجان قهوة
-خلصيني من كاميليا! هه رئيسة مافيا انا.اذهبي إلى الجحيم انت واخوك .
مر أسبوع على غيبوبة عائشة ،أجل يوسف السفر ،كل يوم تدخل كاميليا او سعدية لتحدث الجسد المسدل على الفراش دون حراك.
أمنية تهتم بهن ،وجاد، والمكتب،ظهر عليها الإجهاد ،الشيء الذي لم يغب عن ناظر مجدي.
رأيتها اليوم أيضا، تأتي كل يوم صباحا ومساء .
-وكاميليا ،هل رأيتها؟
-جاءت ظهرا مع زوجها ، سأل وسام عن حالة المريضة واقترح أن يأخذها للعلاج بفرنسا.ولكن وسام أخبره أنها قد تستيقظ في أية لحظة ،لابد ان السبب نفسي ،طالما أن حالة القلب ليست بذاك السوء.
-هل يأتي مساء ليأخذها؟
نادرا ،لأن امنية هي التي تأخذها ،سمعتها يوما تقول له ألا يتعب نفسه ،يكفي أنه تولى الجزء الكبير من عملها بالشركة.
-سأذهب معك اليوم ،بحجة السؤال عن عائشة.
-ومتى كان بينك وبينها عمار؟حجتك واهية.
-ألم أكن بالمستشفى منذ أيام؟سأذهب إذن لمراقبة القرحة بعد العلاج ،ونلتقي صدفة .
-اللهم سترك.
الصدفة المفتعلة لم تكن في صالحه.
كانت خارجة من المبنى نحو الحديقة تتكلم على الهاتف
-نعم سأنتظركم في الحديقة ،لا ممنوع دخول الأطفال.
جلست على كرسي من خشب ،تفرك جبينها من التعب وقلة النوم .
دخلت سيارتان،بالأولى مجدي ومراد ،والثانية يوسف وأمنية وجاد .
-دعنا نبقى في السيارة ،لا نريد مشاكل .
نزل يوسف ،واخذ جاد من أمنية، ثم وجه بصر الصغير نحو كاميليا مشيرا باصبعه
ركض الصغير نحوها صارخا
-ماما ،ماما.
تلقفته بحضنها تقبله
-حبيب ماما .
تجمدت الدماء بعروق مراد ،ماما ؟
متى وكيف؟
-متى انجبته؟ لا يمكن.
-اهدأ يا مراد ،الطفل يبدو انه لم يتم الثالثة من عمره ،إذا تزوجت بعد عدتها مباشرة ،فهذا منطقي .
-إذن ،فقد ضاعت مني ،لا أمل برجوعها.
-وهل كنت تأمل أن ترجع إليك ،كيف ؟ حتى بدون الطفل ،إلا ترى معاملة يوسف لها كأنها ملكة .
-ماذا تقصد ؟
-اقصد ما فهمته.
نزل من السيارة وأغلق الباب بعنف ،كان يوسف قد رآهما منذ وصوله ،وكذلك أمنية ،ورأى ردة فعله لما شاهد جاد يركض نحو كاميليا ،ابتسم برضى
-(ذق بعض ما اذقتها)اصعدي انت يا أستاذة مع كامي ،وانا سآخذ جاد واذهب .
قصد أن يسمعه ،وفهمت أمنية اللعبة
-حاضر سيد يوسف ،سأوصل كامي قبل أن أذهب، اطمئن عليها.
-اعتني بها ،هيا جاد هيا حبيبي ،ودع ماما ،سننتظرها بالبيت.ماما ستعودين باكرا قبل أن ينام جاد .
-طبعا ،لن افرط في قبلة المساء.
جوابها كان صادقا فهي لم تر من يتابعها،ولكن كلماتها زكت الصورة التي اراد يوسف أن تصل لمراد .
بحركة اعتيادية ،اجلس جاد بمقعده وربطه بالحزام قبل أن ينطلق ،تاركا خلفة قلبا تأكله النار.
احس بالألم يعود إليه، غثيان قوي جعله يقف خلف السيارة ويتقيأ، انتبهت الى حيث تنظر أمنية بتركيز فرأته،يساعده مجدي حتى أجلسه داخل السيارة
-هيا بنا أمنية.
كأنها لم تعرفه يوما ،كأنها لم تسهر تغير الكمادات على جبينه وهو محموم،كأنها لم تهتم لأكله، ولانزعت السيجارة من يده ليجازيها بصفعة وسيل من الشتائم، كأنه غريب، بل أكثر.
دخلا إلى مكتب وسام
-مابك مراد ،هل عاد الألم.
-نعم ،وتقيأ بموقف السيارات بالمشفى.
-ما الذي حدث ،كنت بخير وتماثلت للشفاء .
حكى مجدي ماحدث،فهم أصدقاء لا أسرار بينهم.
-ماشأنك انت ،مادامت تزوجت فأكيد انها ستنجب .
-الطفل قد يكون ابن ثلاث سنوات.
-لا نحدد سن طفل بالنظر ،ثم لاتنس انك اجهضت حملها قبل الطلاق.
تحدث كأنه يكلم نفسه
-قد يكون الطبيب خدعنا ولم يجهض الجنين ،أو أنه فاشل ،نعم هو فاشل وإلا ما كانت له عيادة مقززة ويجري عمليات الإجهاض سرا
صاح به وسام .
-مراد لا تأمل المستحيل ،انا متأكد أنها اجهضت رغم انك لم تأت بها إلى هنا لما قررت أن تتخلص من الجنين ،هي لم تكن حامل لما طلقتها.
-ولم انت متأكد هكذا؟ اجبني.
تردد وسام ،ثم جلس إلى مكتبه واخذ بيده قلما يديره بين أصابعه.
-جاءت قبل اسبوع من الطلاق ،كانت في حالة يرثى لها ،أنهكها نزيف صبرت عليه حتى خرجت إلى الشركة ،فجاءت تطلب مساعدة طبيبة نساء.
-نزيف ،ألم أقل أن الطبيب لم يجهضها؟
-بلى ،فعل ،والعادي في حالتها كأنها في فترة نفاس،لا علاقة مع الزوج،وانت تعرف ماذا فعلت .
ختم كلامه ونظر إلى يديه خجلا.
-اكمل ماذا فعلت؟
-اغتصبها كعادتك ،تسببت لها في نزيف استطعنا أن نوقفه بمشقة، الدكتورة نظفت الرحم لأن طبيبك الفاشل لم يفعل .فهمت الآن؟
-لقد اغتصبتها إذن.
-ليست المرة الأولى ،انت لم تعاشرها معاشرة الزوج ،انت كنت تنتقم منها في جسدها ،أم نسيت اول مرة ؟
-ماذا ستقول عن أول مرة ،كانت مخدرة كما عرفنا منذ أيام، وكنت ثملا.
-ولهذا لم يحصل شيء تلك الليلة ،وكانت اول مرة بعد أن عقدت عليها،تذكر انك احضرتها بنزيف أيضا ،الدكتورة أكدت انها كانت عذراء واغتصبت يوحشية.
الألم ،الألم يتزايد بمعدته،انحنى يكتم انينه ،وقف وسام وجاء يمسك بكتفه
-تعرف أنني احبك ،ولهذا لم أخبرك، الكدمات التي كانت على جسدها جعلت الدكتورة تريد طلب الشرطة لولا أنني وعدتها أن اتصرف.وحتى يوم النزيف الأخير ،كانت بها كدمات ،وأثر أصابعك على عنقها لأنك حاولت خنقها،كنا نعرف ما تفعل بها لأنك تتوعد لها عندما تثمل،ولكننا سكتنا ،نحن أيضا أذنبنا في حقها بسكوتنا على تعذيبك لها.
وقف ينوي الذهاب إلى بيته ،ولكنه ما كاد يصل باب المكتب حتى وقع.
-مرااد!
كانت أمها تمسك يدها ،مهما كلمتها لا حياة لمن تنادي ،حل المساء ،وجاء الدكتور .
-لا فائدة من وقوفكن هنا. المريضة على حالتها،الأفضل أن تسترحن، لا نعلم كم ستطول مدة الغيبوبة.
انضمت إليه امنية لتقنعهمابالذهاب واصطحبتهما عندها بالفيلا.
اما مراد ،فقد أهتم به وسام ،حقن مسكنة للألم، وأخرى ضد التهاب القرحة بالمعدة، ولكنه حجزه بالمستشفى حتى يرى كيف سيصبح في الغد.
بعد أن نامت واستراحت، اخذت تعيد كلام سارة برأسها.
-حمقاء ،تظن انها بفيلم ،القتل فيه والقبل سواء،ولكن الفكرة دون قتل ولادم جيدة .
تدور بشقتها بيدها فنجان القهوة ،تفكر ،وتقلب كل فكرة على كذا وجه ،وبعد وقت ،فرقعت اصبعيها
-وجدتها ،أرجو أن يكون رقمه مايزال على لائحة الهاتف.
قلبت على الهاتف ،وصاحت
-وجدته.
طلبت الر قم وانتظرت قليلا.
-الو ،مؤثرنا المشهور ،كيف حالك.
انا بأفضل حال ،أين انت؟
عندي لك خبر الموسم ،سيكون هو الترند لمدة.نعم نلتقي بمطعم *****إلى اللقاء بعد ساعة.
هه القتل ،تفرجي على القتل دون جثة ولا جريمة.
اختارت فستانا قصيرا يظهرجمال ساقيها ،أخضر عليه نقوش بيضاء ،بدون أكمام، واسع فتحة الصدر .
حذاء بكعب عالي ابيض وحقيبة مناسبة له،تزينت كأنها عروس ،وأخذت بضع صور وضعتها في ظرف وابتسمت بخبث
-هاي بدر ،كيف حالك ،مواعيدك مضبوطة .
-موعد مع جميلة مثلك أسبق الساعة إليه.
قبل يدها ،بينما علت ضحكتها.
-ماذا تشربين؟
-هل انت بخيل ؟ انا لم آكل بعد ،اطلب عشاء على ذوقك مع نبيذ فرنسي.
-بكل سرور.
مدت يدها بالظرف.
نظر الى الصور .
من هذه؟
-زوجة رجل الأعمال الدكتور المهندس يوسف المنصوري.
-هذه!
-لا تتسرع ،خذ هذه الصورة لهما معا ،كلفت من اخذها خلسة.رايت كيف أصبحت، عنوان ،من تكون زوجة رجل الاعمال؟وتتصل بأبيها الذي لايحب ألا المال ،تنفحه بمبلغ ويقول ماتشاء .
-من أين لي بالمبلغ ،ومايدريني أنني سأنفق ولا اجني من الخبر شيئا.
أخرجت ظرفا آخر
-كنت اعرف انك ستقول هذا ،خذ هذا ما ستعطيه لوالدها.ولا تنس أن تسأله عن إدمانه وابنه الذي في السجن .اتفقنا؟
-هل انت متأكدة من المعلومات ،تعرفين عقاب الخبر الكاذب والتشهير،وانا لا أريد أن افقد مصداقيتي امام متابعين جمعتهم بالكد.
-كل المعلومات صحيحة ،المهم الا تذكرني .
اتصلت بها سارة ، ماتزال تريد القضاء على من تظنها غريمتها.
-فكرت يا لينا ؟
-هل عندك صور لكاميليا؟
-وماذا أفعل بصورها ؟انتظري ،عندي واحدة ،أخذتها لها وهي واقعة على الأرض وصينية العصير بيدها .تحفة !كلما رأيتها اضحك.
-ارسليها لي حالا.
-أخبريني، لماذا تخططين؟
حكت لها عن اتفاقها مع المؤثر على وسائل الاتصال
-هكذا نفضح أصلها، يخجل منها يوسف ويطلقها ،تفقد عملها ،ونرتاح منها.
-ممتاز ،انت داهية !
-ولكننا سننتظر بضعة أيام ،حتى ينسى أخوك انك تسعين لتطليقها من يوسف حتى لا يتهمك.
فتحت عينيها ،نور خافت في الغرفة ،وصوت آلة ما كصفير متقطع ،صداع يكاد يشق راسها،ولما حاولت أن تحرك يدها احست الما في ذراعها .
-ماما !ماما!آه
لحسن حظها دخلت ممرضة لمراقبة حالتها ،فسمعت تأوهها.
-انت افقت ،انتظري ساستدعي الدكتور.
خرجت مسرعة ،لتعود معها الدكتور المناوب.
-إنسة عائشة ،تسمعينني؟
-أين أنا؟ ماما.
-اهدأي انت في المستشفى .
فحصها وقاس ضغطها قبل أن بقول
-اهلا بك بيننا آنسة ،سأتصل بأهلك حالا.
رن هاتف كاميليا برقم المستشفى ،اخذت الهاتف وهي تدعو أن يكون خيرا
-الو ،نعم ،نعم انا اختها ،صحيح ،الف شكر ،الف شكر .
اغلقت الهاتف وهي تحمد الله ،أسرعت نحو غرفة سعدية .
-خالتي ،عائشة عادت ألينا.
استيقظت أمنية على صوتها وجاءت مسرعة .
-مابها عائشة ؟
-عائشة عادت إلينا ،عادت إلينا.
كانت سعدية قد لبست جلبابها وأسرعت نحو الباب
-هيا بنا
-انتظري خالتي سالبس جلبابي، وانت يا أمنية، ابقي مع جاد
-لا ،سأوصي المربية انا قادمة معكما.
دخلت إليها أمها تضمها بينما أشارت لها كاميليا وأمنية عبر الزجاج ،عليهما الصبر حتى يفحصها دكتور القلب صباحا وينقلها إلى غرفة خاصة .ولكن فرحة إفاقتها كانت كافية .
بعد أن اطمأنت على عائشة ،صار من اللازم أن تسافر إلى البلد الأفريقي لمتابعة أشغال المشروع.
اتصل يوسف بأمنية
-كما اتفقنا ساخبرها هناك وأقدم لها الأوراق كدليل، ولكنك تعرفينها قد لا تصدق لهذا أريد منك خدمة
-تحت امرك.
-أريد خصلة من شعرها ،ونذهب انا وانت إلى مختبر لإجراء تحليل ADN.ساطلب تسريع التحليل لنحصل على النتيجة خلال أسبوع، تاخذينها وتبعثينها لي .
-حاضر ،رغم انني متأكدة انك فعلا اخوها ،يكفي انك أيضا تتحسس من التوت البري.
ضحك
-ليس دليلا كافيا ،الأفضل أن نفعل كل شيء لتطمئن كاميليا.
نصحها الدكتور بالمتابعة عند طبيب نفسي
-انا لا اعرف ظروفك ولا سبب الغيبوبة ،ولكن بما ان السبب لم يكن عضويا، فأنا انصحك بطبيب نفسي.
-انا بخير دكتور.
-ومن قال انك لست كذلك ،الدكتور النفسي ليس للذين يعانون اضطرابات نفسية، كلنا نحتاجه، نحكي له ما يقلقنا، ما يحزننا، نفضي له بما لا نستطيع أن نقوله لمن حولنا .
لو علمت كم الطاقة السلبية التي تفرغ عند الطبيب النفسي لأشفقت عليه.
-ويلزمه هو حينئذ طبيب نفسي يعالجه.
ضحك .
-ربما قلت ذلك مازحة ،ولكنها الحقيقة ،الأطباء النفسانيون مطالبون بمراجعة دكتور والحديث معه ليقيم حالتهم النفسية كل بضعة أشهر.
يعني أننا كلنا نحتاج لغريب نفضي له ...
قاطعته
-ثم نقطع لسانه او نقتله.
-ههههه،أصبت.
ودعته ،فنظر الى أثرها محدثا نفسه.
-صحيح أن من يمزح كثيرا هو المجروح كثيرا.
كاميليا تستعد للسفر ،ولكن أمنية فوجئت بها تحزم أكثر من حقيبة.
-لم كل هذا ،لن تبقي هناك أكثر من عشرة أيام.
-حبيبتي ،الحقيبة الصغيرة هي التي سآخذ معي،أما الباقي فسآخذه بعد عودتي.
-الى أين إن شاء الله؟
قالت هذا وقد تخصرت بيديها متحفزة. اتسعت ابتسامة كاميليا
-مالك يا ماري منيب؟
قالتها ضاحكة باللهجة المصرية .
-أفسدتك الأفلام القديمة يا كامي.
جلست وهي تتنهد.كأنها تنظر الى شيء عزيز
-لو تعرفين !كنت وأمي نستمتع بالافلام القديمة ،عربية او غربية ،والأحب لأمي كانت الكوميدية او الأفلام التي تكون فيها ماري منيب حماة،أمي كانت قصيرة ذات جسم ممتلئ بتناسق،فكنت اشاكسها واناديها شويكار هانم،كانت الأفلام متنفسنا الوحيد ،نضحك معها لنخرج من حزننا ،ومعها نبكي آلامنا،كما في العزاء كل يبكي فقيده ،نبكي مع البطلة علينا،وندعي أننا تاثرنا بالفيلم.
-كاميليا حبيبتي،تلك أيام خلت،بحزنها وفرحها،أقبلي على أيام مقبلة عليك وافتحي لها ذراعيك وقلبك.
-وهذا ما انويه.
-وماسر كل هذه الحقائب؟
-بعد أن أعود، سأستقل بشقة خاصة بي.
-وانا؟ وجاد؟
-لأجلك انت وجاد ،ماعاد عليك خطر من عامر ،وجاد يجب أن يعرف الفرق بيني وبينك ،انت وحدك أمه،صحيح أنني أحبه ويشهد الله انه ابني الذي لم ألده،ولكن طريقتنا ليست في صالحه،يجب أن يتعلم أن لا يسمع لغيرك ،وأن لا يثق بغيرك ،وجودنا انا وانت وعائشة والخالة سعدية والمربية كلنا حوله ،زحام كثير على نفسية طفل ،هذه تدلله وهذه تلبي رغباته،وتلك يشكو إليها.ليست طريقة صحية ولا جيدة لتربيته.
-ولكنك أمه مثلي تماما.
-خطأ،انت أمه وانت من يجب أن يكون لها تأثير في شخصيته وحياته.
امسكت يدها وقد غشي الدمع عينيها
-كاميليا،لا يمكن أن تتريكينا.
-يمكن،البعد من سنن الحياة ،حب الاستقرار من فطرة الإنسان، لايمكن أن أعيش بين بيتك وبيت عائشة ،إذا كنت كبرت ببيت ليس لي ،فأنا أحق الناس أن يكون لي بيت خاص بي ،أنا وحدي.
بكت أمنية وضمتها إليها .
-يعز علي فراقك ،ولكنك أقنعتني.
-وهذا إنجاز كبير أن اقنع محامية مثلك هههه،ثم عن أي فراق تتحدثين ،هو مجرد استقلال لبعض الوقت ،زياراتي لن تنقطع أرجو ألا تملي او تنزعجي مني.
-إذا ازعجتني طردتك.
-وهذا ما اظن فيك.
ضحكتا رغم الوجع.