أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل السابع والثلاثون والثامن والثلاثون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني2 الفصل السابع والثلاثون والثامن والثلاثون 

بقلم ريناد يوسف

فتحت شام عيونها بضعف ووقع نظرها على فروع الشجر وأوراقه، وعرفت انها مش عتحلم، وإن عقلها اللي رافض تصديق اللي سمعه كان غلطان وإن الكلام حقيقه.. رفعت دماغها من علي كتف ربيعه وبصت لابو دراع بعيون ماليها الأمل والفرح ومسكت دراعه وبترجى قالتله:


أبو دراع عيد على مسامعى تاني اللي إنت توك قايله خليني اتوكد إن اللي سمعته صوح ومش خترفة مخى من كتر الشوق لاهلي..قولي إني صاحيه وإن النوبادي مش هصحى والاقيه حلم والاقي نفسى مسمعتهوش. 


رد عليها ابو دراع بإبتسامه حنونه:

له ياشام مش حلم، اني قولتلك انى هفك اسرك من صوح واني قاصدها وناويها.


 جهزي حالك ولمي كل اللي ليكي إهنه فبيت المقاول؛ عشان بكره هاخد ربيعه على بيت جدها وبمجرد مايشوفوها يوقع اليمين واعاود اخدك من إهنه واوديكي لبيتك اللي اتغربتي عنيه سنين وحان معاد رجوعك ليه كيف ماعيرجع الطير المهاجر لعشه. 

هرجعك لحضن حبايبك ياشام خليهم يضللوا عليكي ويضموكي لقلوبهم ويدفوكى بمحبتهم بعد ماقضيتي عمر بحاله وانتى متلطمه فبيت الظلمه دول، وكل الدفو اللي طايلاه منهم دفوا الكوانين.. خلاص بتك بقت فحمايتى ومفيش عليها ايوتها خوف. 


شهقت شام بالبكا وهي عتسمع كلام ابو دراع ومع اول كلمه قلبها شق صدرها وطلع منيه، وضرب بجناحاته فضا الاحلام وطار فيها على بلد الحبايب وفضل يحلق فوق بيتهم وحواليه ويرفرف بجناحات الشوق ويصرخ من الفرحه بعلوا دقاته. 


وبس خلص ابو دراع كلامه شام ميلت قوام علي يده ومسكتها تحبها، لكنه سحب يده منها قوام وقالها بإستنكار:

عتعملي ايه ياشام استغفر الله! 


ردت عليه شام:

هملني احب على يدك وعلى راسك وعلى رجلك كمان ياواد الاصول ياطيب،هملني اتشكرك الشكر اللي تستاهله مع ان شكر الدنيا كله وعرفانها ميوفيكش حقك..ربنا يفرح قلبك علي كد فرحة قلوبنا اللي عتفرحهالنا طول عمرك يارحمة ربنا لينا. 


ابو دراع وشه اتورد بخجل من مدحها ليه  ورد عليها بعد مانزل عيونه للارض:


والله يام ربيعه اني اللي حاسس إن ربنا عوضنى بيكم وشغلنى بأمركم وسليتو وحدتي.

على كل حال إن كان اني ولا انتوا ربنا معيحطش حد فطريق حد بلا سبب، يلا بس اسمعي كلامي وقومي جهزي روحك ولملمي حالك عشان تودعى إهنه خلاص. 


وبالفعل قامت شام وراحت عالبيت وهي مش مصدقه روحها ولا مصدقه اللي قاله ابو دراع وحاسه انها فحلم ولازمن ولابد هتصحى منيه وتقوم تلاقي كل فرحتها سراب يتشاف ويتحس لكن ميتلمسش. 


أما ابو دراع فبعد مامشت شام انتبه لربيعه اللي كانت بصاله وعتتمعن فيه ومبتسمه ابتسامه واسعه، فهزلها دماغه بتساؤل، فهمستله ربيعه وعيونها عتسبح فملامحه:

طول عمرنا نسمعو ان الملايكه في السما وبس، لكن بوجودك إنت ياعمى اللي يسألني عن الملايكه هقول اسمك اول واحد ..وهقول الملايكه فيه منهم عالارض.

انت كيف إكده؟ اني حاسه ان كل الحنيه اللي اتحرمت على قلوب اهل البيت ديه خدتها انت لحالك، حاساك مختلف عن كل الناس ولا هما الناس اللي بره كلهم زيك إكده وناس البيت ديه بس اللي جحده؟ 


اتنهد ابو دراع ورد عليها:

الناس مش كلها زينه ياربيعه ومش كلها عفشه واديكي هتعاشري الناس وتخالطيهم، 

وتعرفى تميزى زين وتشوفي الصالح والطالح، وتشوفى إن فيه ناس اعفش من ناس البيت ديه وناس احسن، وناس تحتاري فأمرها ومتعرفيش تميزيها هي تبع الزين ولا الشين. 

اتنهدت ربيعه وهي باصاله ومتكلمتش، لكن عيونها اتكلمت وحكت وعبرت بلمعتها عن إعجاب كل مادا ويزيد وثقه كل يوم تتبنى فيها طوبه، لما بقت سور عالى محتميه وراه بلا اي خوف من اي حد ولا اي حاجه وعمر ماحد يقدر يهده واصل. 


وقام ابو دراع بعد ماطفي الدمسه بالميه ولملم عدة الشاي والدره اللى باقي، ومد يده لربيعه قومها، وراحوا على بيتهم وهي عماله تتخيل كيف هيكون بكره وكيف هتقدر تتحمل فرحته وعتستحضر فعقلها كل اللي حكتهولها امها عن جدها وجدتها وخالاتها وبلدهم وكل تفصيله عاشت سنين تتخيلها وتحلم بيها،

 وخلاص كلها سواد الليل وتوبقى حقيقه وتعيشها كيف ماكانت امها عايشاها ومتمتعه بيها. 


ودخلوا البيت وأوى كل واحد منهم لفرشته، وابو دراع بس حط راسه على مخدته نام من تعب وشقى النهار، وفضلت ربيعه صاحيه وعيونها من الفرحه رافضين يغمضوا، وعقلها وقلبها عيحسبوا الوكت بالثانيه عشان يطلع النهار ويتحقق الحلم وتطلع هي وابو دراع من بيت المقاول ويعاودوا بالحريه والعفوا لأمها شام. 


أما شام هي كمان فقضت ليلتها فتوتر وقلق ممزوجين بفرحه ولهفه وشوق، وخلطه جميله من كل المشاعر خلت قلبها قضى الليل كله يرفرف بين ضلوعها من السعادة، وطول الليل حس ابوها وامها واخواتها فودانها، ولمتهم وضحكتهم عترن فروحها، واحضانهم الدافيه ومحبتهم لبعض وحنانهم، واتفكرت كل موقف حلوا جمعهم، ومنت نفسها بإنها هترجع تعيش كل ديه معاهم من تاني. 


و زي ماسمعت اذان العشا وهي صاحيه بعيون مفنجله سمعت اذان الفجر، فراحت تتوضا وتصلى وتدعي من ربها يتم مرادها وفرحتها وفرحة بتها على خير. 


وزيها بالظبط ربيعه اللي فضلت للصبح زي امها صاحيه، والتنين قاموا على اذان الفجر صلوه كل وحده فموطرحها، وكل وحده قرت وردها وقعدت بعدها عالسجاده تشكر ربها وتسأله الثبات للقلب والعقل وكت اللقى وإجتماع القلوب والعيون من بعد سنين بعاد وحرمان. 


صبح الصبح زين، وابو دراع خد ربيعه بعد مافطروا وودعوا شام اللي اول مافتحوا لقوها على بابهم واقفه مستنياهم يطلعوا، ومن غير مايخبر حد واصل بمرواحه لبيت عبد الصمد، وراح بيها فى السر؛ عشان يحط كرار قدام الأمر الواقع،

 وشام بعد ماودعتهم فضلت قاعده في الجنينه مستنياهم مقدرتش تعاود لبيت المقاول مره تانيه كأنها قررت إنها خلاص قطعت كل علاقتها بيه وباللي فيه، ومش عايزه تشوف وش حد فيهم، وخلاص كلها ساعات معدوده وتفارقهم للابد من غير ندم على عشرتهم ولا الشوق ليهم عمره هيعرف لقلبها طريق. 


أما ربيعه فكانت ماشيه مع ابو دراع وهي حاسه بإنها طايره من الفرحه، حاسه إنها اخيراً رايحه تشوف حد منها، ناس من دمها عيحبوها من قلوبهم ومتاكده من محبتهم من غير مايشوفوها ولا يعرفولها شكل ولا ملامح حتى، مش ناس طول عمرهم ناكرينها وناكرين نسبها ومش معتبرينها بتهم، وخصوصى ابوها اللي كلمة انتي بت زنا كانت تطلع من لسانه بمنتهى السهوله تشق قلبها نصين. 


فضلوا ماشيين وربيعه ساكته وعيونها عتبص شمال ويمين عالشوارع والناس، وابو دراع مراقبها وعاذر حالها وحاسس بإنها متاخده من الفرحه وممستوعباشي إنها اخيراً هتشوف اهلها واهل امها،وشفقان عليها وعلى قلبها الصغير إنه ميتحملش كل الفرحه داى، وتاجى عند مرحله معينه وتقع منيه كيف ماوقعت امها شام عشيه ويحير بيها.

❈-❈-❈


واخيراً بعد ماقطعوا مسافه ومشيوا فشوارع كتيره وقف ابو دراع قدام بيت، وبمجرد وقوفه وقفت ربيعه وحطت يدها على قلبها، وبس بصلها همستله بصوت مهزوز من الفرحه والخوف سوا

بيت خالتي بسيمه صوح؟ 

رد عليها ابو دراع بهزه من دماغه، ومد يده يخبط عالباب، ومع كل خبطه من يده كان قلبها يتنفض كأن الخبطه عليه هو.. واخيراً بعد كام خبطه سمعوا حس وحده عتجاوب. 

فبص ابو دراع لربيعه اللي كانت عيونها عتسأله من غير كلام هي ولا مش هي؟ 


وهزلها دماغه تانى بتأكيد، وهى قوام بصت للباب بتركيز مستنيه طلة اول بطله من بطلات حكايات أمها، والبطله المميزه كمان بالنسبالها.. ومع سماعها لصوت فتح سقاطة الباب، رجليها بادوا من كتر التوتر، ومسكت دراع ابو دراع وسندت راسها عليه، ورمت كل حمل جسمها عليه بضعف، وهو من خوفه عليها رفع يده وحاوطها قوام عشان يسندها اكتر. 

وأول مالباب ابتدا يتفتح بلعت ربيعه ريقها اللي نشف، ومع طلة بسيمه من باب البيت براسها رجفه سرت فبدن ربيعه كله. 


أما بسيمه فبمجرد مابصت وعيت لابوا دراع اول حاجه، وبعدها انتبهت للي ضاممها كيف العصفوره تحت جناحه، وبمجرد ماعينها وقعت عليها واتتحفضت معانيها برقت عيونها بصدمه، ومره وحده فتحت الباب بعنف وبخطوة وحده كانت واقفه قدامها وساحباها من ابو دراع لحضنها من غير ولا كلمه، 

وضمتها ضمه بشوق كل السنين وابتدت تشم فيها، واخيراً همست بسيمه من وسط دموعها اللي نزلوا فوراً من شدة الفرحه والشوق:


ياااابوووي على ريحة الحبايب، يابووووي على فرحة القلب اللي عاودتله من تاني، يااابوى على كرم ربنا اللي مهما طال الظلم على عبده مسيره عيرفعه.. اخيراً ياقلب خالتك ضميتك لحضني مره تانيه وشميتك من بعد مااستعوضت ربنا فشوفتك! 

أما ربيعه فدموعها هي كمان كانوا نازلين عشرات، ولسانها معارفش ينطوق من صعوبة الموقف، لكن ضمتها لخالتها هى كمان بقوة حكت كل شوقها ليها من غير ماتقول اي كلام.. وبعد ضمه دامت كتير اخيراً بسيمه رفعت عيونها لابوا دراع وكمية الشكر اللي كانت فيهم متتوصفش، وهمستله بإمتنان طالع من كل قلبها:


طول عمرك راجل ياابو دراع وعتعمل اللي مفيش راجل غيرك يقوى عليه، كفوا ياواد الاصول كفوا، كفوا يازينة الرجال ياللي مافي منك. 

قالتها وبعدت ربيعه عن حضنها ومسكت وشها بين اديها وهمستلها وهي عتتملى فيها:

كنى واعيه شام قبال عيني! نفس الملامح ونفس الجسم والطول، كيف ماتكونوا فوله واتقسمت نصين سبحان الله، الله اكبر عليكي يابت اختى من عيونى، الله اكبر عليكى من فرحتى بيكي.. خلصت كلامها وضمتها مره تانيه لحضنها، وبعدها دخلتهم البيت وابتدت تقوم بواجب ضيافتهم بكل اللي تقدر عليه واللي يدها طالته جابته وقدمتهولهم،

 وقعدت بعدها جارهم وضمت ربيعه لحضنها مره تانيه، وسألت ابوا دراع عن اللي جرا واللي خلاه يعمل إكده وهو حكالها.. 

وهى كانت تسمعه بقلب عيرقص من الفرحه وهى عتتخيل إن الفراق بينها وبين اختها اخيراً هينتهي، وهتتحرر شام المُحتله على يد الفارس ابو دراع. 


أما ربيعه فكانت قاعده فحضن خالتها بسيمه وحاسه كانها قاعده فحضن أمها شام بالظبط، نفس الحنيه ونفس الراحه ونفس الأمان اللي عتحس بيه مع امها،


 وبعد ماخلص ابو دراع كلامه جه الدور عليها هي، وبلغت خالتها فلاول سلام واشتياق امها ليها وطمنتها عليها، وابتدت تتحدت معاها كل الكلام اللي كانت محضراه جواها من امبارح، وتسألها عن كل كبيره وصغيره عنها بفضول، وبسيمه تجاوب بصدر رحب وهي مبتسمه وفرحانه، وابو دراع باصصلهم وعيضحك على ربيعه وفضولها القتال، واللي خلت خالتها حكتلها كل حياتها من ساعة مااتجوزت لدلوك.


أما لواحظ فكانت كل الوكت ديه نايمه، وأول ماصحيت وطلعت وشافت ابو دراع وربيعه اللي فحضن بسيمه راحت عليهم وسلمت، وسألت بإستغراب عن اللي ممفارقاشى حضن بسيمه داي:

امال مين داي يابسيمه، وليه معبطين فبعض كيف القرود إكده؟ 

هي قالت الكلام ديه وابو دراع ضحك، وبسيمه بصتلها وردت عليها وهي رافعه حاجبها ليها بتحذير عشان متغلطش اكتر:


داي ربيعه بت اختي شام، بت المقاول كرار. 

خلصت كلامها ولواحظ فتحت خشمها بإستغراب، وقعدت جارهم وابتدت هي عاد تسأل ربيعه بفضول غلب فضول ربيعه نفسها عن كل حاجه تخصها وتخص امها.. لكن ربيعه مكانتش ترد عليها الرد اللي يرضى فضولها، وردودها كانت مختصره ووافيه فنفس الوقت، ومتديش مجال إن حد يخلق منها سؤال تاني.


 وكانت بسيمه طول الوكت بصالها بإعجاب لانها فى الدقايق المعدودة داي اتوكدت ان ربيعه غير امها خالص وشخصيتها ذكيه وقويه، وديه فرحها لانها كانت خايفه إن الظروف اللي مرت بيها والبيئه اللي اتربت فيها وشخصية امها الضعيفه يأثروا عليها..

 متعرفش إنها مع ديه كله هي تربية ابو دراع كمان، وغير إكده وارثه منها ومن قوة شخصيتها كتير بفضل العرق الدساس. 


خلصوا قعدتهم اللي استمرت ساعه تقريباً وخلاص قايمين يمشوا بعد ماتلت الشوق فقلب ربيعه خمد باللقى الاول، وباقى تلتين تلت لبشاير خالتها وتلت لجدها وستها، ومع اصرار ومسكة بسيمه فيهم ورجائها ليهم يقعدوا يتغدوا معاها ويقضوا النهار ويبقوا يروحوا لجدها وستها فيوم تاني.. رفض ابو دراع طلبها، ورفض حتى انهم يستنوا عيال بسيمه لما يرجعوا من المدرسه ويسلموا عليهم وقالها مره تانيه.. وكمان رفضوا انها تصحيلهم عليا بتها يسلموا عليها.. 

وربيعه باستها وسلمت عليها هي ونايمه وقالولها الايام جايه كتير بس النهارده فيه أمور مترتبه علي طلعتهم ولازمن تتم..


 ولكن عند استعدادهم للرحيل دخل همام من باب البيت واتفاجأ بيهم واتفاجئوا بيه، وسلم على ابو دراع عادى، ومد يده عشان يسلم على ربيعه وهو مش عارف هى مين، لكنه استنتج انها بت شام ومرت ابو دراع، واللي معرفش شكلها لما بصلها ولا شبه عليها حتى، وديه اثبت لبسيمه انه صوح مفاكرش شكل شام ولا ركز فيه وكان مغيب وكت عملته، وديه بان من نظرة عنيه ليها، والا كانت شافت فعيونه نظره ولمعه تانيين خالص.


اما ربيعه فسابت يد همام متعلقه فى الهوا، ومرضيتش تمد يدها ليه ولا تصافح ولا تصفح عن اول واكبر سبب لخراب حياة امها وحياتها، واللي ابتدا من عنده كل شي، واللي لو حكموها عليه دلوك وادوها الاذن بالقصاص هتدب فقلبه سكينه تحسسه بحاجه من الوجع اللي بقالهم عمر هي وامها حاسين بيه. 


لكن للأسف القصاص فات اوانه و دلوك بقي فيد رب العالمين.. وطلعت من البيت بخطوات سريعه وحصلها ابو دراع.. أما همام فلم يده وطاطا دماغه فى الارض، وخصوصى بعد بصة بسيمه ليه اللي قالتله من غير كلام:

عشان تعرف إن برغم توبتك وندمك  عملتك عمرها ماهتتنسى، وإن اثرها هيفضل محاوطك والذنب كل مادا يفكرك بيه لحد آخر العمر. 


ومنها فضلت متجاهلاه لاخر اليوم لا كلمه ولا قعده جاره لانها بشوفتها لبت اختها اتقلبت عليها كل المواجع واتفكرت كل شي، وعيونها تلقائي كل مايتقابلوا مع همام يروحوا عالجرح اللي فرقبته، وهو لما متحملش لومها الصامت اللي حرق روحه هملها البيت خالص وراح عالطاحونه، وقرر إنه مش هيعاود وهيبات فيها الليلادي، أو ممكن ميعاودش تانى لغاية ماهي تستفقده وتسأل عليه، وكتها بس هيعرف إن نارها خمدت ولومها وعتبها خدوا مهاجهم وراحوا. 


❈-❈-❈


أما أبو دراع فبعد ماطلعوا من بيت بسيمه خد ربيعه وراح بيها على محطة القطر، واللي بمجرد ماوصلتها حست بإن رجليها مش شايلينها من الفرحه وهى هتحقق امنية امها اللي بقالها سنين عتحلم بيها وبقت امنيتها هى كمان، ووقفت عالمحطه بلهفه تستنى حبيب امها ابو قلب حديد.. واللي بمجرد ماشافته جاي من بعيد ضحكت بفرحه بحسها العالي وحطت يدها علي خشمها، بس بعد ماكل اللي حواليها انتبهوا لضحكتها اللي طلعت فجأة من غير سبب، 

وحتى ابو دراع زيهم، لكنه معقبش وابتسم لفرحتها ومسك يدها بخوف احسن تتهور وتفط قدام القطر وتروح منيه فغمضة عين، وهو لغاية اللحظه داي مش مصدق نفسه إنه اتعافت من اللي كانت فيه ورجعت زينه من تاني. 


ووصل اخيراً القطر ووقف قبال ربيعه وشافت بيبان قلبه المفتوحه والناس عتدخل منها جواه، ومدت رجلها من بعد مادخل ابو دراع ومدلها يده عشان يدخلها، وبمجرد مادخلت جوا قلبه حست براحه غريبه، وقعدت على الكرسي اللي جار الشباك واللي تعمد ابو دراع يقعدها فيه، عشان تشوف الدنيا وتحس بمتعة ركوب القطر الحقيقيه..

 وابتدا ابو قلب حديد يتسحب بهدوء وبعدها ابتدا يجري بإستعجال وبكل سرعته..

كيف ما يكون عالم بحال قلبها واشتياقها لحبايبها وبده يوصلها ليهم فى اسرع وكت ويرحم قلب بت حبيبته من الشوق. 


وهدت اخيراً سرعته ووقف ،وربيعه استعدت للنزول من بعد ماشبعت فرجه من شباك القطر عالدنيا والبلاد والشوارع والشجر والنخل اللي كانوا عيجروا قدام عنيها.. وهبت واقفه وهي متعلقه فيد ابو دراع بمجرد ماوقف، وهو حرر يده منها عشان يحاوطها بيها ويحميها من زحمة الناس ويخلي بينها وبينهم مسافه وهي نازله من القطر، 

واخيراً رجلها حطت فبلد الحبايب.. واللي بمجرد مانزلت من المحطه وابتدت تمشي فيها حست انها عارفاها شبر شبر، والشوارع نفسها، وارتجفت اوصالها وهي عتدخل شارع هى عارفاه زين وحاسه ان روحها طافت فيه الف مره، 

والرجفه زادت وهي واعيه الباب اللي بهت لونه مع السنين والسطح والبيت علي نفس الوصف متغيرتش معالمه واصل ولا اتبدل فيه شي.. 

مع ان اغلب البيوت حواليه اتغيرت واتبنت بالطوب والاسمنت، لكن هو كيف مايكون عاطى عهد لحد ميتغيرش مهما طال البعاد وباقى على عهده منقضهوش! 


ووقفت قدام الباب هى وابو دراع، ورفع يده ابو دراع يدق الباب، لكن النوبادى ربيعه مش حست انه عيخبط علي قلبها.. 


له داي حست إنه ماسك قلبها وهيخبط بيه هو من كتر ماكانت كل خبطه مسمعه فيه.

وبعد كام خبطه نادى ابو دراع بإسم عبد الصمد عشان يعجل اللي جوا بالرد عليه؛ من كتر ماكان شايف ربيعه منهاره قدامه ومقاويناشى ع الصبر اكتر من إكده..


 وسمعت ربيعه بعدها الحس اللي من كتر ماكانت مستنيه تسمعه حسته حضن روحها.. حس جدها عبد الصمد وهو عيرد على ابو دراع ويقوله:

ايوه ايوه جاى اصبر هبابه ياللي عالباب.. 


وبمجرد مااتفتح الباب كانوا فاكرين إن هو اللي فتحه، لكنهم شافوا عمران واد بشاير هو اللي عيفتح الباب ويطل براسه عشان يشوف مين اللي عينادم؟

وأبو دراع اول ماشافه قاله ادخل قول لجدك ضيف اسمه ابو دراع جايلك وجايبلك معاه فرحه عشت ١٥ سنه مستنيها.. 


ودخل عمران فعلاً قال لجده إكده، وبمجرد ماعبصمد سمع الاسم والرساله بعد ماكان عيلبس فمداسه عشان يطلع للضيف قعد موطرحه مره تانيه وهو عيكدب مسامعه وممستوعبش اللي سمعه ولا قادر يصدقه، وهمس بحس يادوب طالع من الامل اللي خايف يكون كداب:


روح.. روح ياعمران دخله قوام.. وزعق بعلوا حسه اللي عيرجف من شدة التوتر يسبق عمران وخطاويه لدعوة ابو دراع للدخول:


خش ياابو دراع ياولدى، وهات اللي القلب بقاله سنين عيتمناه. 

أما دهب فكانت قاعده جاره وساكته ومفيش غير انفاسها عتعلى وتهبط وقلبها عيتنطط جوا منها ويقولها بحسه العالي.. 


من امبارح واني عقولك فيه حاجه حلوة في الطريق وعبشر فيكي بس انتي اللي مكنتيش مصدقاني.. وكانت قاعده تسمع فكلام قلبها وهي ساكته خالص ومتاهبه للى هتتوق من الباب وتهل عليها بين لحظه والتانيه بخشوع تام  كيف اللي حاطط على راسها الطير، وكل خليه فيها مترقبه.


ودخلت ربيعه البيت اللي بمجرد مادخلته حست بإن ريحه خفيف عليها وإن فيه ألفه بينها وبين حيطانه،

 وعارفه كل شبر فيه، وفضلت تتقدم وهي عتتلفت حواليها كيف ماتكون عتشوف ذكريات امها اللي كانت تحكيهالها وهي عتتجسد قدامها فكل زاويه من زوايا البيت.. 

واخيراً وصلت قدام جدها وستها، وبمجرد وقوفها قدامهم بصولها هما التنين وبصوا لبعض كيف مايكون كل واحد عيطلب من التاني يقوله اللي شايفه حقيقه ولا خيال؟ وبحس عالي صرخت دهب وهي عتمد اديها في الهوا:

بتي شام.. يممممه بتتتي 


وزيها عمل عبد الصمد وصرخ عليها ومدلها يده ، وربيعه شافت رد فعلهم ودموعها نزلوا فوراَ وردت عليهم بخنقه:

ربيعه ياجد، ربيعه ياستي، بت شام مش شام. 

فانتبهوا التنين لفرق السن وإن اللي قدامهم صوح شام الخالق الناطق، بس صبيه وصغيره كيف ماطلعت من بيتهم، ونسيوا إن فيه سنين طويله عدت عليها وغيرت شكلها، وهم عبد الصمد يقوم ويروحلها ويحظى بأول ضمه من اعز الحبايب وهو عيتسند علي كتف دهب، 

لكن رجليه من فرحته مأسعفوهوش، وحتي دهب حيلها خانها من كتر مامش مصدقه نفسها، 

وربيعه اختصرت عليهم المحاولات والجهد وجريت هي عليهم وقعدت وسطهم وضمت التنين لقلبها فوكت واحد، والتنين ضموها ضمة الاهل لعيلهم اللي رجع بعد فقدة سنين،

 وبرغم إن محدش في التلاته اتكلم، الا ان الدموع كانت ابلغ من كل الكلام. 


ومن صعوبة الموقف حتى ابو دراع عيونه رغرغت بالدموع، لكن عشان دموعه عزيزه عمرها مانزلت، وقفت على طرف عيونه متمسكه بتقلها وعزة نفسها، وبعد ثواني اختفت. 

اما بشاير اللي كانت نازله من فوق السطح وشايله على راسها مجور رايب، وقفت موطرحها وهى واعيه ابوها وامها واخدين وحده فحضنهم ومتقاسمينها مابينهم، 

فبصت حواليها ولما شافت ابو دراع وحالته وحالة الكل، 

صرخت بعلوا حسها ورمحت عليهم ومحستش بماجور الرايب وهو عيوقع من فوق راسها يتكسر نصين ويتطشر كل نص فناحيه واللي فيه يتكب عالارض.. وصرخت بعلوا حسها:


شام اختى.. ووصلت حداها وميلت امها عشان تشوفها زين، وبمجرد مالعيون اتلاقت همست بشوق.. فرحه؟ 

وكانت هى الوحيده مابينهم اللي عرفتها وعرفت انها ربيعه بت شام مش شام من اول طله، وبصعوبه قدرت تطلعها من حضن جدها وستها عشان تاخدها هى فحضنها وتشبع منها، وبعدتها عنها وهي عتتلمس وشها، وتتفحصها كلها من ساسها لراسها وهي ممصدقاش اللي عيونها شايفاه لا هي ولا حد منهم.. واخيراً عبد الصمد بص لابوا دراع وحسه طلع بعد مامسح دموعه وقاله:

كنت جبتها معاك ياابو دراع، كنت كملت فرحتنا وشفيت وجع قلوبنا بالكامل. 


فرد عليه ابو دراع بوعد:

جيالك ياعم..هروح واعاودلك بيها وتكحل عينك بشوفتها ويقر قلبك بقربها لاخر العمر.. خلاص البعاد خلص وأن أوان جمعة الحبايب. 

خلص ابو دراع كلامه وشهقت دهب من الفرحه وعبد الصمد غمض عيونه براحه وحط يده على قلبه اللي من كتر الفرحه هيقف، 

وبص لفوق وتمتم بكلمات مش مسموعه، لكنها معروفه إنها شكر لربنا على رحمته اللي برغم انها اتأخرت لكنها نزلت في الاخر وحطت على قلوبهم. 


ورجع خد ربيعه فحضنه وفضل يشم فيها ريحة شام بته، وفضلت ربيعه تتنقل مابين حضنه وحضن ستها لغاية ماشبعوا من بعض، وحرفياً حست فحضنهم بالجنه اللي كانت كانت عتصورهالها امها من كتر ماحضنهم حنين وحست فيه بإنتماء ومحبة الكون كله.


 وبعدها استأذنت منهم وقامت تلف في البيت مع خالتها بشاير شبر شبر واوضه اوضه، واخيراً طلعت عالسطوح.. مسرح الاحداث الاكبر والأهم.. وهملت ابو دراع مع ستها وجدها اللي ممصدقينش حالهم من الفرحه وهو عيحكيلهم كل حاجه حوصلت، وكيف قدر يطلع ربيعه ومن بعدها هيطلع شام من بيت المقاول بأذن الله طلعه بلا رجعه، وهما طول ماعيسمعوا لسانهم مكفش عن الدعوات ليه بالستر والصحه والرضى والسعادة وراحة البال عاللي عيمله، واللي مفيش غيره يقدر يعمله. 

❈-❈-❈


أما ربيعه فبمجرد ماطلعت علي السطح عينها راحت عالشباك الاخضر وبصت على المكان اللي امها هملت فيه قلبها وروحها وصبت على ساكنه كل مشاعرها ومحبتها، وفى الاخر طلع زى السطل المخروم مصانش اللي اتصب فيه وإكتشفت في الاخر لما جات تدور علي تحويشة عمرها من المشاعر إنه فاضى، وكل اللي اتصب فيه راح عالأرض. 

ومن بعده بصت من السور بتاع البيت ووقفت فنفس المطرح اللي كانت امها تقف فيه وتراقب حبيبها التانى وتستناه.. 


وفضلت واقفه تشوف انهي حبيب فيهم هيحس بوجود اللي من ريحة حبيبته ويظهر قدامها مشتاق ومتلاع.. وبعد مرور شوية وقت، سمعت حس الحبيب الأوفى وهو عيصفر من بعيد بحسه اللي بقى مألوفلها،

 وبمجرد مامر من قبالها فضلت تشاورله وتتنطط بنفس طريقة امها، وبشاير ضحكت وهي واعيه شام قدامها بنفس حركاتها وجنانها وطفولتها وبرائتها، وكأنها بثت فبتها طبعها وجنانها وكل روحها. 


وبعد ماعدى القطر وفات نزلت ربيعه مع خالتها بشاير لتحت، ورجعت لحضن جدها اللي طول الوكت كان مستحوذ عليها ورافض إنها تبعد عنه حتى عشان تروح لستها وتقعد فحضنها هبابه،مبطلوش مناقره هي وهو، 

هي تقوله هملي بت بتي هبابه وهو يقولها له ممهملهاش،

 وربيعه وابو دراع يضحكوا عليهم،


 وبشاير هملتهم ودخلت الموطبخ تحضرلهم كل مالذ وطاب، وشيعت عمران وعزام على السوق يجيبولها الحلوا كله عشان تقدمهولهم. 


وبعد كام ساعه عاود السيد للبيت، واتفاجأ بوجود ابو دراع وربيعه، وراح عليهم بكل قلب صافي وفرحه باينه فعيونه يسلم عليهم، 

وسلم على ابو دراع، وجه يسلم على ربيعه، لكن موقفها منه ورد فعلها عليه، كان نفس موقفها من همام ورفضت تمد يدها ليه بالسلام، وديه حطه قدام عياله وقدام الكل فموقف محرج، لكنه اتفهم موقفها وعذرها، ولم يده ودخل اوضته ومطلعش منها لاخر النهار. 


اما ربيعه فقضت هي وابو دراع النهار بطوله فبيت جدها، وقعدوا وكلوا وشربوا سوا واتحدتوا عن شام وطمنتهم عليها وعلى حالها، 

وفضلت ربيعه تسأل وهما يجاوبوا، وابو دراع يضحك عليها وهو واعي قباله مأمور شرطه كل مايقعد مع حد ينزل فيه استجواب، لكن الفرق إن الناس مع المأمور ديه عتجاوب على كل اسئلته بمحبه خالصه من القلب وعن كل طيب خاطر مش بخوف ولا جبر. 

❈-❈-❈


واخيراً حان الوكت للرجوع لبيت المقاول، وبس طلعوا من بيت عبد الصمد ربيعه فوراً حست بالغربه، وانها هملت قلبها فبيت جدها من بعد ماشافت محبتهم ليها ولقت اخيراً العيله اللي طول عمرها عتدور عليها، والبيت اللي كل اللي فيه قلوبهم على بعض، والقلوب اللي فيه بيضه ونضيفه ومفيش جواها غير المحبه، مش الغل والجحود زي قلوب اهل بيت المقاول، وعذرت امها إنها مش عتبطل كلام عليهم واصل ولا نسيتهم دقيقه وحده. 


وهما وماشيين معاودين، رجعت ربيعه حضنت دراع ابو دراع، وهو اتبسملها وهملها تتشعبط فدراعه كيف العيله المتشعبطه فدراع ابوها، وقصد يلففها البلد كلها ويوريها بلد امها، ووداها عالبندق اللي طلبت تشوفه بالاسم، وبعدها خدها على ابو قلب حديد مره تانيه وركبوه، وعاودت لامها وهي مليانه بحكايات وكلام عن كل الناس والاماكن اللي شافتها واحساسها وفرحتها تاخد ايام توصف فيها متخلصش. 

❈-❈-❈


واخيراً عاودوا بلدهم، وراحوا على بيت المقاول، وطول الطريق ربيعه حاسه إن خطاويها تقيله ومعاوزاش ترجع للمكان ديه تاني، وعامله زي الطير اللي اتفتحله باب القفص وهرب منه، لكنه مجبر يعاود للقفص من تاني وبإرادته؛ عشان ليه جواه حبايب.

❈-❈-❈


وبس دخلوا البيت وعيوا شام اللي كانت قاعده عالمصطبه من اول النهار لا وكل ولا شرب، وبس فمواعيد الصلاة تدخل البيت تصلي فاوضتها وتطلع تاني، 

ورافضه تعمل ايوتها حاجه من شغل البيت ولا تمد يدها على اي حاجه، وكل ماحد يكلمها على حاجه ياما تهب فيه يأما تهمله وتمشى ومتردش خالص.. وديه اثار استغراب واستعجاب الكل على الانتفاضه اللي شام عاملاها وعالاعتصام اللي عاملاه قدام بيت ابو دراع ومفاهمينش سببه.. 


واول ماوعيتهم جريت عليهم بفرحه كيف اللي جايبينلها حكم الافراج.. وبس وصلت قبالهم وابتسمت للفرحه اللي واعياها فعيون بتها، ولسه هتسأل عن اخبار الحبايب.. سبقها حس كرار اللي جه من وراها وبادر بالسؤال هو قبلها:


تعرفوا تفهموني إيه اللي عيجرا مابينكم وتقولولي كنتوا فين، وليه داي..

- قالها وشاور على شام بدماغه - مستنياكم على نار وطول اليوم واقفالكم زنهار عالبوابه؟ 


رد عليه ابو دراع وهو عيحط يده فقب جلابيته ويبصله بتحدى:

حاضر ياغالي اني اللي اقولك وافهمك.. اول هام اني ومرتي رحنا زرنا بيت جدها وخالاتها وقضينا حداهم اليوم.. وداااي.. قالها وشاور على شام بنفس الطريقه وكمل.. 

وداى من اليوم مبقتش فحكمك ولا على ذمتك ولا ليها عيش ولا قعده فبيتك ووقع عليها اليمين اللي حلفته عليها زمان.. وخلاص خلصت لحد إهنه. 


قال كلامه وتبعه بإبتسامة تشفي فكرار اللي عيونه برقت بصدمه، وراح على ابو دراع مسكه من قبه باديه التنين وبقهر قاله:

عيميلتها ياابو دراع؟ 

رواية نفق الجحيم الجزء الثانى الفصل الثامن والثلاثون

❈-❈-❈


أبو دراع مسك ادين كرار ونشكهم من هدومه وقاله:

 ايوه ياكرار عميلتها، عميلت اللي سمعته ومش مصدقه، اني وقعت يمينك وخليت ربيعه تشوف اهل امها وهما كمان شافوها، مش إكده تكون شام طالقه منك برضك؟


رجع كرار خطوتين لورا وبص لشام واتخيلها عتمشى من البيت وعيطلع ويدخل البيت وهي مش فيه، ولا هينطوق اسمها وكت مايطلب الحاجه، ولا هياكل ويشرب من تحت يدها ومن طبيخها اللي مبقاش يستطعم غيره ولا يملى بطنه غير منه، ولا يشوفها قدام عيونه في الطلعه والدخله، وحس بخنقه مفاجئه، فهز دماغه برفض وقال لابوا دراع بتحدي:


مش هيحصل يابو دراع ولا هتمشى كلمتك عليا، مش كرار اللي يتحط قدام امر واقع ويتغلب على امره، انت صوح خدت ربيعه وبقت على ذمتك وليك حرية التصرف فيها، انما شام له فاهم.. شااام له. 


خلص كلامه واتحرك من قدام ابو دراع على بره، لكن وقفه حس ابو دراع وهو عيقوله:

خلاص يا كرار مهتنفعش الحنجله، ديه يمين ووقع وشام مهتعيشش معاك تحت سقف واحد ولا ساعه وحده فى الحرام. 

وقف كرار وبص لابو دراع في البدايه وبعدها بص لشام وبتحدى رد عليه:


خليها بس تطلع من إهنه ولا رجلها تخطى بره البيت واني وعزة جلال الله اكومها قتيله مااخليها تلحق تتهنى بشوفة اللي موديها تشوفهم وفرحانين بيهم. 

ومن بعدها بتها نهايتها هتكون على يدي بطلقه من نفس السلاح..ومش بس إكده داني ممكن اروح لاهلها بيتهم فلاول قبل ديه كله وافضى فيهم خزنة الآلي كلها قبل مااعمل فيها حاجه واهملها هي إكده تموت بحسرتها لا اهل ولا بت. 


أبو دراع ابتسم لتهديد كرار، لكن شام قلبها ارتعب وخصوصاً وهي واعيه الشر عيونطوق فعيونه ويأكد كلامه، وردت على كلامه بسؤال ممزوج بالدموع:

ليه؟ ليه عتعمل فيا إكده، وليه عايزنى ابقى فبيتك وإنت كارهنى ومحرمنى ومليش أي عازه معاك.. مش عايز عذابك ليا يخلص ليه، مش عايز عهد استعبادك ليا ينتهي ليه؟ 


رد عليها كرار بغضب:

اسمممعى ياشام.. طلعه من البيت ديه مهتطلعيش غير على قبرك.. زمان كانت قعدتك فيه بسبب يمين، بس النوبادي قعدتك فيه هتوبقي بسبب إنك تحافظى على حبايبك، ديه لو أمرهم يهمك.

 ولعلمك، اني عمري ماكنت عتكلم جد كد النوبادي، وعمري ما عقلي قفل على حاجه زي ماقافل دلوك.. وعقلك فراسك واعرفي خلاصك وخلاص اهلك وبتك يابت الناس. 


خلص كلامه واتحرك من قدامها خطوتين، لكن وقفه ابو دراع مره تانيه بكلامه:


جعجاع ياكرار وطول عمرك هتفضل جعجاع وقول من غير فعل واني خابرك.. واسمع ياد انت.. هتعاود إهنه مهتلقاش شام فى البيت، ولو لمحتك عتلف حواليها ولا حوالين اهلها اني كتالك ياكرار. 


رد عليه كرار بإصرار اكبر:

اكتلني يابو دراع اني موافق.. اللي يسبق التاني للكتل يكتله.. مخايفشى من الموت اني.. ولعلمك انت وهي، ورحمة امي، وغلاوة ولادي، ورب العرش، وحياة كل عزيز وغالي على قلبى شام ماهتطلع من البيت، ولو طلعت لهتكون حكمت على الكل بالموت وبالخراب.. واني اهه وانتوا اهه، ودلوك اني رايح لحد اشوف حل فى اليمين، ولو حكمت هكتب عليها من تاني او اردها لعصمتى أو اعمل اى شي، ولو مليهاشى حل واتسددت هعاود اكحتلها قبر فى الجنينه إهنه وادفنها فيه حيه، ويوبقي لا فراق ليها لبيت المقاول فى حيا أو موت. 


خلص كلامه وطلع وهمل شام كل فرحتها وأملها اتبخروا وروحها اللي كانت طايره فى السما وقعت عالارض كيف يمامه صابتها طلقة صياد قناص عرف يصيبها فمقتل، 

وأبو دراع وقف ساكت قدام حالة كرار اللي متوقعش واصل إن ديه يكون موقفه من خروج شام من بيته بعد ماكان فلاول عايز يزيحها عنه بأي طريقه وعيتلككلها عشان يخلص منها! 

فقعدوا التلاته عالمصطبه مكسورين الخاطر.. ابو دراع وشام وربيعه، وكل واحد فيهم جواه على موقف كرار الف سؤال وسؤال؟! 

وبس دقايق وشافوه داخل البيت تاني ومغابش كام دقيقه جوه وطلع تاني بسرعه.. وكل ديه وهما التلاته مراقبينه بصمت.. 

واخيراً نطقت ربيعه بقهر:

روح ياشيخ الهى ماترجع غير فنعش شايلينه اربعه. 

سمعت شام دعوة ربيعه وقوام حطت يدها على خشمها تمنع لو فيه دعوات تانيه هتطلع منها وقالتلها:


من ميته ياربيعه عندعوا علي غافل حتى لو ظالم، متعرفيش إن اللى عيدعي ليه نصيب ونايب من دعوته يابنيتي، يعني لما تجرالك حاجه دلوك اعمل ايه اني.. كلمة حسبي الله ونعم الوكيل مقصرتش فحاجه يابتي.. حسبنى من غير دعا وربك جياب الحقوق. 


خلصت شام كلامها واتنهدت وقامت وقفت على حيلها وخطت ناحية بيت المقاول اللي اتوكدت إن حياتها ونهايتها هتكون فيه، وإنه خلاص بقى مقبرتها وقبرها.

 وهما يادوبك خطوتين ووقفت وهى حاسه الدنيا عتضلم قبال عنيها، وهوت ناحية الارض، لكن ادين ربيعه وأبو دراع كانوا اسرع من تقل جسمها، واتلقوها قبل ماتوقع عالارض، وشالها ابو دراع ودخلها بيته، وفى الاثناء داي كان داخل عزت من البوابه وشاف طيحة شام وقلبه اتخلع عليها خلع وراح جرى عليهم ودخل وراهم بيت ابو دراع وبلهفه وخوف سأل وهو واعيها رايحه من الدنيا خالص:


مالها شام، مال امك ياربيعه، ليه وقعت من طولها فهموني؟ 

كان يسأل وعيونه تبصلها بخوف حقيقي، وبالذات وهو مش لاقي رد لا من ربيعه ولا ابو دراع وواعيهم ملتهيين بشام يفوقوا فيها، واخيراً بدأت تفوق وتفتح عنيها، ومع فتحة عنيها عزت حس بإن روحه رجعتله واتنهد براحه وبعدها سألها:


مالك ياام ربيعه فيكي ايه، ليه وقعتي وايه سبب دبلان وشك ديه؟ 

خلص اسئلته وردت عليه ربيعه بقهر وغل:


سبب كل اللي هي فيه ديه اخوك الظالم، اخوك المفترى اللي عمره ماهيورد على جنه بسبب عمايله فيها، اخوك اللي معاوزش يفك اسرها وعايزها تقعد فبيته لاخر العمر عبده خدامه ليه ولمرته وعياله وللبيت كله ومراحمش عمرها اللي اتفنى، ولا صحتها اللي راحت، ولا حتى حرقة روحها على حبايبها، يروح البعيد ربنا يدوقه من كل حاجه دوقهالها بالذيادة من غير نقصان. 

خلصت كلامها وبص عزت لابو دراع وسأله بخوف:

هى شام عايزه تمشي من إهنه ياك؟ 

رد عليه ابو دراع:

عايزه وهتمشى ومش هخليها في البيت ديه تاني ياعزت. 

رد عليه عزت وهو عيتطلع لشام بوجع:

وطبعا كرار مرضيش بطلعتها واكيد حالتها داي بسبب رفضه مش إكده؟ 


ربيعه: اكيد إكده مانتوا فاهمين بعض انت واخوك وكل واحد فيكم عارف دماغ التاني عتدور وتفكر كيف، مرضيش الضلالي بطلعة الطير اللي حابسه بقاله سنين، مرضيش ليها بهبابة فرحه تنسيها كل الذل والعذاب اللي شافته معاه، كرهه ليها مخليه مش مكتفي باللي عيمله طول السنين ولساه عايز يزيدها ذل ومهانه وتعب. 


رد عليها عزت بنبره حزينه:

له ياربيعه يابتي، النوبادي ابوكي مش ماسك فامك كره ولا مذله، ابوكي ماسك فشام عشان لما حس انها هتمشى وتهمل البيت قلبه اتخلع من الخوف صدقيني اني وتبعى كلامي، 

كرار خاف يبص لموطرحها يلاقيه خالي، شام بقت اساس بيت المقاول واحلا حاجه فيه، شام هي الحنيه والرحمه والحاجه النضيفه اللي الكل عيبصلها من بعيد لبعيد ومرتاح لوجودها.. امك ياربيعه بقت في البيت ديه عامله زي المقام اللي كلنا عنتباركوا بوجوده ومجرد النظر ليه عيريح القلوب ويحسسنا إن الدنيا بخير وفيها ناس زينه ونضيفه وقريبه من ربها. 


، شام هى قنديل بيت المقاول اللي لو غاب بيت المقاول يضلم ويوبقي زي القبر مليهش عازه. 


ربيعه:

كدب كل الكلام ديه، انتوا مشايفينش شام غير خدامتكم وخدامة حريمكم، شام عند كرار مش اكتر من مداس فرجله. 


عزت:

له ياربيعه غلطانه.. شام محدش فينا شايفها خدامه ليه او لمرته، شام إحنا كلنا شايفينها احسن مره في البيت ديه، وهي ست الكل بطبعها واخلاقها وطيبتها واصلها الطيب، ولو كنا مش عنقولوها في العلن بس كل واحد عارفها ومتوكد منيها بينه وبين نفسه.. شام احسن وحده فبيت المقاول واحسن حريمه كلهم.. وديه كمان تفكير ابوكى فيها واللي مخليه متمسك بيها.. 

صدقيني داي الحقيقه، مش انتي عتقولي إني ادرى واحد بمخ اخوي وتفكيره وعفهم عليه، واديني قلتلك اللي فمخه اهه واللي متوكد الف فى الميه إنه السبب الحقيقي ورا عمايله داي ورفضه إن شام تطلع من البيت. 


ربيعه:

طيب مادام هي مهمه ليه وليكم إكده ليه مترحموهاش، ليه ميخليهاش تشوف اهلها وتنعم بقربهم، ليه متخلوهاش تطلع وتشوف الدنيا والناس زي باقي المخاليق، ليه متخلوهاش تتنفس هوا ربنا ليه؟ 


عزت:

عشان إحنا نظام بيتنا إكده ياربيعه وانتي ست العارفين، مفيش فيه للحريم طلعه واصل غير للشديد القوي. 


ربيعه: شوقيه عتطلع

عزت: اوعى تقارني امك بشوقيه ولا تحطيهم مع بعض فكفه وحده، شوقيه داي عيارها فالت ومكروهه من طوب ارض البيت وحبات ترابه مش بس اهله، واحلفلك يمين الله لو حملت حالها دلوك وقالت اني مفارقه وطالعه من بيت المقاول كرار ماهيمانع وهيكسر وراها الف قله. 


ربيعه سكتت وبصت لابو دراع وهي مش مستوعبه اللي عيقوله عمها عزت ولا قادره تصدقه، لكن ابو دراع اتكالها علي عنيه وهزلها دماغه هزه خفيفه بحركه توحيلها بالتأكيد على كلام عزت، وديه اللى خلى الاستغراب بلغ بيها منتهاه! 


فبصت لعمها عزت من تاني وسألته سؤال اخير:

طيب مادام إكده ليه ميسمحلهاش تشوف اهلها ويشوفوها، اظون ديه ابسط شي من حقوقها وميضرش حد فحاجه ولا حتي كرار نفسه! 


رد عليها عزت بإبتسامه:

وحتى ديه برضك نابع من خوف كرار، ابوكي خايف احسن شام لما تشوف اهلها وناسها وتلاقي حداهم المحبه والحمايه تهمله وتروحلهم وتتمرد عالقعده فبيته وتحت عينه، خايف تحس ان ليها ضهر وان ليها الاحسن منيه، ابوكي معاوزش اي حاجه تعين امك علي مفارقته وهو متوكد إن اهلها اكبر معين.. جايز في البدايه منعها عنهم ومنعهم عنها جكر فيها وكيد عشان يلوعها ويحرق قلبها من حرقة قلبه، لكن دلوك له، دلوك غير، دلوك مانعهم من بعض خوف منهم مش كره فيهم. 


نفخت ربيعه بغيظ وهي برضك ممستوعباش كل اللي عيقوله عمها عزت ولا مصدقاه، بس هو اكدلها كلامه بجمله اخيره قبل مايهملهم ويمشي:


كرار مهيسمحش لشام تفارقه او تفارق بيته، ولو ديه حوصول هتوبقي حرب ودمار، عايزين تصدقوني صدقوني مش عايزين براحتكم.. بس شام قضيه كرار الوحيده وحربه الكبيره اللي مش هيخسرها مهما كلفه الأمر.. ولعلمكم كلنا معاه بقلوبنا وهندعوله ميخسرهاش.. لأن وجود شام وسطنا بقى شى ضروري يومنا ميكملش من غيره. 


وبعد ماخلص كلامه طلع طوالي من البيت ومن قبال شام اللي طول ماواعيلها وهو كاتم فى قلبه صرخة حسره عليها لو طلعت تزلزل الكون بحاله،

 ومشى ناحية بيتهم وهو عيلعن فحظه ويلعن فبدور ويلعن فأبوه ويلعن فكرار اللي جات شام بسببه للبيت، ومن يوم ماشافها وقلبه وروحه شابه فيهم النار، وكل مره يشوفها فيهم النار تزيد متهداش، والقلب يفرفط من الحرمان، والروح تتمنى القرب لكن مطايلاهش. 

❈-❈-❈


أما شوقيه فكانت قاعده ومستنيه أي تفسير للي عتعمله شام من عشيه، ولما راقبتهم وشافت كلام كرار معاهم وملامحه الغاضبه ومن بعده وقعت شام حست إن الموضوع فيه إنه، وإن شام خلاص قررت الرحيل، واتوجعت وهي شايفه كرار عيتنفض قدامها نفض من الغضب، واللي اتعجبتله اكتر من الموقف كله هي ربيعه اللي شافتها قدامها صاخ سليم، من بعد ماكانت مفكره إنها مختفيه مرض وإن الاعمال قربوا يقضوا عليها ومطمنه! 

لكن كيف ٣ اعمال خابوا ومفيش عمل فيهم عمل مفعوله ديه اللي هيجننها! 


ومع دخول عزت للبيت وقفته وسألته:


ايه اللي عيجرا فبيت ابو دراع ياعزت؟ 


رد عليها عزت بعد ماخد نفس قوي ونفخه بغل:

متخافيشي مفيش حاجه عتجرا زينه، الا كله قهر وظلم من اللي قلبك يحبه ويرضاه للناس. 


خلص كلامه وطلع على فوق، وهما دقيقتين وعلي حسه وقامت العيطه بينه وبين بدور واتسمع صوت الضرب والتكسير، وجزت شوقيه علي سنانها من شام اللي مخربطه احوال الكل وممهنياش حد بعيشته حتى وهي فحالها، لكن برضك عامله مشاكل. 

❈-❈-❈


أما كرار فطلع من البيت راح على شيخ طوالي، وغير الشيخ حكيم لأنه حاطط فمخه إنه مهيحكمش لصالحه حتى لو الدين فيه حكم لصالحه. 


واتعنى وراح لشيخ البلد اللي جارهم وحكاله كل القصه من طقطق للسلام عليكم..

وكان رد الشيخ كالتالي:

إسمع ياولدي إنت مشكلتك مشكله ومتعقده من كذا ناحيه.. 

اول شي خلينا فى اليمين اللي حلفته على بتك، وديه لما خالفته عليك كفارة يمين، وكفارة اليمين اطعام عشر مساكين إو صوم ثلاثة ايام. 

ثانياً.. تحريمك لمرتك، إهنه إنت حرمتها للحرمانيه مش للتحذير، وديه عليه إثم كبير ووقع عليها مانويت عليه، وديه لو جيتني فوكتها او بعدها بمده صغيره كان هيوبقي حكمه حكم الظهار، وكنت هقولك تطعم ستين مسكين أو تصوم شهرين متتاليين وبكده ترجع فيمينك.. 

لكن للاسف إنت قعدت سنين هاجر ومحرم، ودلوك ياولدى اني مش عارف بصراحه افتيلك بالهجر الطويل ديه بأيه؟ 


وهروح اسأل من هو اعلى علماً، ففى مشكلتك هناك من سيفتى بانه وقع الطلاق وعليك ان تكتب عليها من جديد وهذا كان حكم شيخ فى مسأله مشابهه، وهناك من سيفتي بأنه لم يقع الطلاق وعليك التوبه والإصلاح ويحكم عليك بحكم الظهار. 


كرار:

ومين الشيخ اللي هتلجأله ديه وهتعوق عليا كد أيه؟ 

الشيخ:

ومين غيره شيخ العدل والحكمه اللي عنلجأوله وكت مايستعصى علينا حكم، الشيخ حكيم واد الشيخ جاهين رحمة الله عليه. 


هز كرار دماغه بمجرد ماسمع اسم حكيم وقوام قال للشيخ:

له حكيم له.. اسمع ياشيخ اني هعمل كل الكفارات لكل الحالات.. وسواء وقع الطلاق او موقعش اني هكتب عليها من اول وجديد بمهر جديد وشبكه جديده، وهصوم شهرين متتالين وتلات ايام كمان، وهطعم ستين مسكين طعام وكل وشرب، وهدي لستين مسكين تانيين حق وجبه كمان. 

اتبسم الشيخ ورد عليه:

واه.. داى باين عليها غاليه عليك قوي قوي يابوي، امال ليه محرمها سنين مادام ليها المعزه داي فقلبك عاد؟ 

رد عليه كرار بندم:

كنت حمار ومتساق بعصايه ومتغمى ومعارفش حالي رايح فين ولا ايه اللي على ضهري.. المهم دلوك ياشيخ.. احسبلي اول هام طعام ستين مسكين فلوس كد ايه؟ 

وفعلا ابتدا الشيخ يحسبله وقاله عالمبلغ وكرار طلعه من جيبه واداهوله وبزياده كمان، وقاله ياجي معاه البيت عشان يعقدله على مرته من تاني، لكن الشيخ قاله إنه معاه فصل بعد شويه ومش هيقدر يهمله ويروحله، ووعده بعد الفصل يروحله،

 فوصفله كرار  البلد والعنوان وعطاه فلوس للمواصلات، وعاود عالبيت.. وهو معاود حود جاب نص عجل من الجزار وجاب طبيخه وكل حاجته، وبعد ماقطعهوله الجزار رجع بيه عالبيت، وهو راجع وقف قدام محل الجواهرجي، ودخل جاب حاجه قوام قوام وطلع، وبمجرد وقوفه بالعربيه قدام البوابه نده بعلو حسه وهو واعي ولده فوش الباب جوه:

همام.. انت ياد ياهمام، خد تعالا إهنه قوام. 

فجاله ولده همام بسرعه وبس قرب عليه قاله كرار بأمر :

روح نادم اخوك وعيال عمامك كلهم وتعالوا نزلو الحاجه داى فى الموطبخ جوه. 

خلص كلامه وولده راح ينادى باقي الشباب، وكرار همل الحاجه فى العربيه ودخل البيت بسرعه، واول مادخل لقى شوقيه قاعده في الحوش، فبصلها بصه عابره ونده على بدور وورده ووقف قدامهم وبأمر قالهم:

شوفوا، العيال هيدخلوا دلوك بلحمه وطبيخ تجهزوهم لبكره فيه عزومه كبيره عاملها، وتنادموا اخواتي يساعدوكم، وبص لشوقيه وقالها بأمر:

وحتى انتي يدك بيدهم ولو مساعدتيش ومديتي يدك تاخدي بعضك وتروحي تقضى اليوم فبيت ابوكي متقفيش تنظري عالحريم وعامله روحك كبيره عليهم. 


شوقيه برقت عنيها وهي عتسمع الكلام، وزاد استعجابها اضعاف لما سمعت اخر جمله قالها قبل ماينفض جلابيته بغضب ويطلع من البيت فوراً:

وحاجه كمان.. شام متمدش يدها في الوكل ولا حد يطلب منها مساعده ولا تخش الموطبخ بكره واااصل. 


وبعد طلوع كرار الكل بص لبعضه وهما واخدهم العجب، أما شام اللي كانت فأوضتها وسامعاه، اتنهدت وهى عارفه إن اللي عيعمله ديه هو مراسم دفنها الأبدى وحفل تأبين اخر أمل ليها فأنها تغادر كرار أو تبعد عنه. 


وبعد شويه طلعت عشان تروح لبتها تقعد جارها هبابه، لكنها اتفاجات بكرار وهو عيعترض طريقها ويقولها بأمر:


حضرى روحك عشان الشيخ جاي يعقدلى عليكي دلوك.. وخدي دول.. ومد يده فجيبه طلع كيس ومدهولها، ولما ممدتش يدها حطه فيدها بالعافيه، ومد يده فجيبه مره تانيه وطلع رزمة فلوس عطاهالها برضك بنفس الطريقه، وقالها:


دول مهرك وشبكتك، هوصل اجيب سلام ومعروف يشهدوا عالعقد واجيلك متنقليهش من إهنه. 

مشى من قدامها وهي فضلت مراقباه لغاية مادخل بيت عمه نعيم، وبعدها بصت للي فيدها وفتحت الكيس، وشافت فيه كردان دهب وغويشتين بإبتسمت بوجع وهي بصالهم وباصه للفلوس وهمست فى سرها:

تمن سنين عمرى الجايه انتوا، الدهب اللي عيتدفن في المقبره مع الميت. 

خلصت كلامها واتحركت ناحية بيت ابو دراع، وخبطت ودخلت اول ماسمحتلها بتها ربيعه بالدخول، وبمجرد مادخلت وقعدت عالدكه رمت اللي فيدها جارها، ولما جاتها ربيعه وقعدت جارها مسكت الفلوس والكيس وسألت امها:

ايه. دول يمه؟ 

ردت عليها شام بقهر:

ديه تمن شرا الجاريه مره تانيه ياربيعه.

 

يادوبك خلصت كلامها ونادى عليها كرار وكان جايب معاه سلام ومعروف، وابو دراع طلع من الحوش على حسه، ووقف قباله وسأله عن اللي رايح يعمله.. 

وكرار قاله إنه هيعقد علي شام من تاني حتي لو طلاقهم موقعش، عشان ميديش فرصه لحد يعترض علي قعادها فبيته بإسم الدين والشرع والاحكام، وبعدها بص لشام وبزعيق قالها:


يلا ياشام قلتلك الشيخ مستني. 

وقفت شام على حيلها وهي مغلوبه على امرها وهمت تروح معاه لكن وقفها ابو دراع وهو عيقولها بإعتراض:


له ياشام متسمعيش كلامه ولا توافقى انه يعقد عليكي مره تانيه، ربنا عطاكي فرصه متضيعيهاش. 

رد عليه كرار قبل منها:

فرصتها لو خدتها وطلعت هتدفع تمنها غالي قوى ياابو دراع، هتدفع تمنها من ارواح حبايبها، واني قلتها وهعملها وروحي حطيتها علي كفى، وياني ياقعدة شام فى البيت اهنه. 


خلص كلامه وبص لشام وعيونه عتنطوق بالاصرار علي كلامه والشر والوعيد متجلى فيهم، وغمضت عيونها لثواني وبعدها فتحت وردت علي ابو دراع قبل ماتمشي:

خلاص ياابو دراع أمر الظالم نفذ. 


وطلعت معاه لبره عالمندره، وكتبوا الكتاب من تاني، وزوجته شام نفسها على سنة الله ورسوله، والنوبادي بلسانها هي من غير وكيل.

 ❈-❈-❈


وعاود بعدها كرار عالبيت هو وشام، وهو ظافر وهي كالعاده اللي خسرانه. 


وبعدها تركها وراح على البيت اللي سبقه ليه معروف ولما سالته مرته قالها عاللي حوصول، وبس سمعت شوقيه شبت فيها النيران واتحلفت لكرار بالمرار والقهر كله. 


❈-❈-❈

اما حدا عبد الصمد فبيته 


فرد الليل جناحه، واوى عبد الصمد ودهب لفرشتهم وهما عيحلموا بلحظة دخول ابو دراع عليهم بكره وفيده شام وتتقابل الوشوش اخيراً،

وبصتله دهب وبهمس قالتله:

اهي شام جايه ياعبصمد صدقت كلامى لما قلتلك، شفت إن ربك كبير وعيغير الاحوال، ولا الفراق عيدوم ولا العيا عيدوم طول مالواحد عيقول يارب ومآمن برحمته وكرمه. 

فاتبسم عبد الصمد ليها وهو عيهزلها دماغه ويفتكر الحديث اللي كان بينهم من حوالي سنه ففصل الشتا وفعز نوبة عيا ظن فيها عبد الصمد إنها نهايته وخاف يموت بشوقه لبته... 


دهب داخله عليه الأوضه ووقفت جار السرير وبحنيه قالتله:

قوم ياغالي خد الينسون ديه اشربه هيدفي صدرك ويخفف عنك الكحه اللي طول الليل عتخليك تبيت تنبر من نص حِشاك وعينك معتغمضش


رد عليها عبد الصمد بيأس:

مهيعملشي حاجه ريحي حالك، كام ينسون عملتي وكام دوا شربت وكام ابر خدت ومفيش فايده، كنه هو السل اللي عيقولو عليه ديه واللي بسببه هيخلص اجلي بس محدش عايز يقولي..اني حاسس بحالي الجته اتسلت، والحيل باد والكحه عتطلع بالروح لغاية طرف خشمي واحس اني هلفظها وترد  تاني. 


ردت عليه دهب قوام بخوف وزعل:


بعد الشر عنك توف من خشمك الشر بره وبعيد، دول هبابة طراوه وهيروحو لحالهم وهتروق وتوبقي تمام، شفتش انت الوجع فضل ملازمني كد ايه وبعدها انسل كيف الشوكه مني وراح بفضل ربنا ولطفه بيا وبقيت زي الفل اهه قدامك،


 متخافش واوعاك تيأس من رحمة ربك يانن عيني. 


عبد الصمد:

اني مزعلانش عشان عيان ولا خايف من شي، اني والله كل اللي فيها اني خايف اموت واني على شوقي لبكرية قلبي اللي بقالي عمر بحالو محروم منها، لا عيني نضرتها من سنين ولا ععرف اخبارها غير بس من الشيخ حكيم، ونفسي تواقه لشوفة بتها، عايز اخدها فباطي واشمها واشوف فيها امها وهي صغيره..خايف اموت قبل مااكحل عيني بشوفة الحبيبه. 


دهب:

 ربنا يكتبلنا التلاقي، دست عالوجع بكلامك وفززت الجروح النايمه وصحيتها، ودلوك ليلنا هيكون اطول من العمر وراعيه الشوق، والعيون للصبح ماانها غفيانه.. الله يجازي ويكافي اللي كان السبب ويلوع قلبه ويسهر عيونه ويشغل فكره على حبايبه بحق وجع قلوبنا وحرماننا من ضنانا. 

عاود عبد الصمد من تفكيره وهمس لدهب:

كل كلامك اتحقق يادهب والعيا راح والبعاد اهو انتهى وكل شي بقى زي الفل اهه. 

قال كلامه وغمض عيونه وهو متبسم وعيتمنى الليل النهارده ميطولش اكتر من اللازم عليه ويعدي بسلام، مع إنه متوكد إن ليل المنتظر السهران بسبب الشوق مفيش اطول منه ليل.. ونامت القلوب على أمل كداب وسراب فرحه وهما مش حاسين إن للشيطان تدابير اخرى. 


❈-❈-❈

مر الليل عالكل، 

وبيت المقاول طول الليل معلنين حالة الطوارئ طبيخ وتجهيز للعزومه المفاجئة اللي محدش يعرف سببها منهم غير بس شوقيه وشام وابو دراع وربيعه، 

وكل ديه هملته شام وراحت بيتت مع ربيعه فبيت ابو دراع، وهو هملهم البيت ونام بره عالمصطبه، 

وفضل طول ليله يفكر فمخرج من اللي عيمله كرار ملاقيش، هو متوكد إنه اجبن من تنفيذ تهديده، بس المشكله إن شام اجبن منه وخوافه وممساعداهوش ولا مساعده نفسها،

 واستسلمت للامر الواقع بمنتهى السهوله، ورضيت تضيع الباقي من عمرها فنفس المذله والهوان..

 وشاف إن قصاد خوفها وجبنها غلب حماره وحيلته قلت لما اختفت..

 واستسلم هو كمان، مع انه حازز فى نفسه الوعد اللي وعدهولها بتحريرها، وقاتله الامل الكداب اللي عطاه لأهلها، واللي مش عارف كيف هيبلغهم باللي جرا ويقلع الامل اللي زرعه جواهم بيده والخذلان واعر قوى وهو خابر؟! 


وأول مااذن الفجر، قام ابو دراع صلى مع ربيعه وامها جماعه، وبعدها طلع عمله كباية شاي عالدمسه وشربها وفضل قاعد مليهش نفس حتى يقوم يشوف مصالحه،


 بس غصب عنه قام وكل وشرب الارواح اللي مليهاش ذنب فأي حاجه عتوحصول فى الدنيا، 

وطلع بعدها جاب فطور من بره ليه ولربيعه وشام، طعميه سخنه وبتنجان وحبشتكناتها، وقعدوا فطروا سوا، والتلاته محدش فيهم ليه نفس للوكل، بس عياكل غصب عنه عشان غيره ياكل، وفى النهايه التلاته فطروا، وهملهم ابو دراع وطلع من البيت وقعد علي مصطبته يراقب  البيت اللي عامل كيف ساحة السيرك، والحيوانات اللي فيه من كل شكل ونوع، الاليف والمفترس والمكار والخبيث. 


واثناء قعاده شاف من بعيد شوقيه لابسه ملسها وطالعه من البيت بعيالها، وعرف إن طلعتها داي مش لخير واصل في الوكت ديه بالذات، 

وحلف إنه مايخليها تأذي لا شام ولا ربيعه تاني، وقرر إن ليها عقاب فى ذمته وآن أوان رد الدين، 

فقام لبس نعله وتبعها من بعيد لبعيد، لغاية ماراحت بيت ابوها ودخلته، وفضل ابو دراع قاعد على ناصية الشارع العمومي مراقب، وبعد شويه شاف الخطاطه المشهوره بالاعمال والدجل في البلد وهي عتتسحب لورا بيت العمده،وعرف إن شوقيه ناويه على اذى جديد فعلا ، 

فلف في الخباثه من ورا البيت واستناها لغاية ماطلعت، وبحركه خاطفه مسكها من خلجاتها وكتم نفسها ودخل بيها في الزرعه وهي عتحاول تتفلفت منيه مقادراشي.. وبعد ماطمنها واداها الامان وقالها عايزك فموصلحه شال يده من على خشمها ووقف قبالها وقالها:


شوفي يامره انتي يابتاعة الجنون، اني خابر ان شوقيه نادمتك عشان تعملي سحر لشام ضرتها وبتها، وعقولك من اولها سحرك مهيفلحش عليهم من بعد النهارده عشان إحنا معانا الاقوى منك، الاول ربنا وبعدها واحد يقدر يحرقك انتي وجنونك، 


واظونك شفتي كيف إن ٣ اعمال ولا اثروا فربيعه مقدار حبة خردل حتى.. ودلوك اني عايزك فموصلحه ليكي.. هتقبضي زي مانتي من شوقيه، وهتقبضي مني اني كمان، وهتعملي العمل، او الاعمال اللي وصتك عليهم.. بس الاختلاف إهنه إنك هتعمليه لشوقيه بنفس الاذى اللي كانت رايده بيه شام وامها، يعني هتردى اذاها عليها مش اكتر، لا تزودى ولا تنقصى. 


بلعت الخطاطه ريقها بتوتر وقالتله:

إيوه بسس.. 

ابو دراع:

مبسش ولا حاجه ولا حد هيدرى بشي، وادي الفلوس اهه.. ومد يده طلع فلوس من جيبه وعطاهالها.. وكمل.. 

وكمان عايزك تديها ميه وحاجات ليهاش عازه توهميها بانها اعمال.. بسسس لو لعبتي بعفاريتك من وراي عليا النعمه لاكون جايب اجلك وناهي عمرك ولو متعرفيش ابو دراع اسألي عنيه وانتي تعرفى وكتها إنه لما يوعد او يحلف عيوفي وينفذ. 

الخطاطه بخوف:

له عارفاك عارفاك، وبعدين ليه هلعب من وراك، اني ليا فلوس وموصلحه ومادام خدتهم اعمل المطلوب مني ويوحصول اللي يوحصول. 

ودلوك يلا هملني امشى عشان شوقيه قالت انها هتندلى البندر تجيب البخور والحاجات اللي قلتلها عليهم احسن تطلع وتلمحنى في الطريق وتقول كانت فين وتسألني وهي رطاطه معتسكتش. 


وفعلا خلصت كلامها ومشت، ومن بعدها ابو دراع طلع عالمعديه وسبق شوقيه للبر التاني وهو فرحان انها هي اللي حددت لحظة عقابها وطريقته وساعة الصفر قربت.


وبمجرد ماشافها عدت البر التاني تبعها فى الخفا، وأول ماوصلت عند العطار ودخلت الدكانه، 

اتلفت حواليه وشاف مره واقفه على فرشة قماشات عتبيع فيها، وشكلها مش مريح ووشها وش إجرام، 

فراحلها وقعد قدامها وعمل انه عيقلب فالقماشات وقالها بهمس إنه طالب مساعده منها وهيراضيها.. وان فيه وحده عايز يعلم عليها ويعلمها الادب وعيب لو مد يده عليها وهو راجل وهي مره. 


واتوكد إن ظنه فيها كان في محله لما لقاها اتبسمت وطلبت مبلغ معين، وطلعه من جيبه وعطهولها وشاورلها على شوقيه والمره قالتله يتدارى،

 وبعدها لمت فرشتها وغابت دقيقتين ظن ابو دراع انها خدت فيهم الفلوس وهربت وضحكت عليه، 

لكنه اتبسم وهو واعيها معاوده ومعاها مرتين تاني اضخم منها، وشاورتلهم على شوقيه، وفضلوا مستنيينها بره محل العطاره، 

وبس طلعت اتلتموا هما التلاته بطرحهم وداروا ملامحهم، وجروها على زقاق ديق، وهما التلاته هاتك ياضرب فيها من غير مايدوها اي فرصه للفهم او للتفسير..

 وكل اللي كان طالع عليها انتو مين وعايزين ايه؟ 

وهما فضلوا فيها فين تاكل فين تشرب،

 وابو دراع باصص عليها من بعيد ومتشفى وهو عيفتكر الالم والوجع والخوف اللي عاشته ربيعه بسببها، 

واللى كان يحتار فيها طول الليل وميعرفش يعملها ايه يخفف عنها اللي هي فيه.. 

ولغاية ماوقعت شوقيه عالارض منتهيه من الضرب، والمره بصت لابوا دراع وادتله التمام،

 وهو في الوكت ديه بس مشى وهمل المكان، والحريم كمان هملوها مرميه عالارض ومشيو قبل ماتفوق وكل وحده راحت موطرح ماجات..

 وابو دراع عاود عالبلد ورجع البيت وفضل مستنى دخلة شوقيه للبيت، ويشوفها هتقول لكرار ايه عاللي جرا فيها وتبررله بإيه روحتها عالبندر وهي اكيد رايحه من وراه.. والاهم انه يخلى شام وربيعه نارهم تبرد منها وهما واعين السحر وهو عينقلب عالساحر 

   الفصل التاسع والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

لقراءة الجزء الاول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close