أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل الخامس عشر والسادس عشر بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني2 الفصل الخامس عشر والسادس عشر 

بقلم ريناد يوسف

نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الخامس عشر 

طلعت حوريه من اوضة شوقيه اخيراً بعد ماادتها نظره معناها إني شكيت فحاجه وحتماً هعرفها، وهملت شوقيه في الاوضه لحالها هتتجنن من كلام عديله وتسأل روحها ياترى جابته من فين وعرفته كيف، ياترى الدايه هي اللي فضحت سرها ولا ايه، وقالت لروحها اكيد الدايه، ماهو مفيش حد يعرف بالسر غير تلاته، هي والدايه والتالت اللي هرب بعملته وبفلوسها ومن ساعتها مجاش ولا حس ولا خبر. 

وخوف سيطر عليها والسؤال اللي عيتردد فدماغها دلوك هو ياتري كرار لو عرف هيعمل فيها ايه؟ وياتري عديله هتقوله ولا هي بس عتهددها عشان تكف اذاها عن شام؟

وهمست لروحها:

كله هيبان مع الايام، واللي مكتوبلك ياشوقيه هتشوفيه، بس اوعك تضعفي ولا تبيني خوفك عشان الخواف عيتداس ويتاكل، والناس كيف الديابه بس يشموا ريحة خوف الواحد عيهجموا عليه وياكلوه وكل. 

❈-❈-❈


عاود كرار من بره، واتلفت حواليه، ولاول مره ميلقاش شوقيه واقفاله فمعاد رجوعه علي باب اوضتها وحارسه عيونه احسن يبصوا لشام! 

فراح على الاوضه فتحها وشاف شوقيه قاعده علي السرير ومهمومه، وحتي مانتبهتش للباب وهو عيتفتح، ولا خدت بالها منه وهو عيدخل لغاية ماقعد جارها، ولولا مامسك يدها لحتنها انتبهتله، وبإبتسامه باهته قالته:

اهلا يامقاول جيت ميته ياحبة عيني ماخدتش بالي ليك؟ 

سألها كرار بإستغراب اكبر لنبرتها الهاديه:

مالك ياشوقيه إنتي تعبانه ولا حاجه؟ 

ردت عليه وهي سرحانه:

هبابه بس، تعبت واني عنضف الاوضه وحيلي هبط. 

كرار وقف على حيله وبغضب قالها:

وليه تنضفي انتي ياشوقيه ومن ميته عتنضفي، مجبتيش المخفيه ليه تنضف مكانك، مش قايلك اني قبل سابق تخلي كل شغلك الشاغل اللي فبطنك وبس ويدك متتمدش على صنف حاجه؟ اني هجيبهالك من شعرها تلحسلك الاوضه بلسانها. 

شوقيه وقفت منتوره وقالتله بإعتراض:

لااااه.. متجيبهاش معاوزاهاشي تعملي حاجه من إهنه ورايح. 

كرار بعجب: ليه يعني واشمعنا؟! 

شوقيه بلجلجه:

معرفشي، بس كل ماعتاجي تعملي حاجه في الاوضه وتتفرج علي حاجتي وعلي اللي فأوضتي واللي انت جايبهولي فيها، عحسها عتصيبني بالعين وعقعد بعدها يومين تلاته حاسه بخنقه وديقه، خليها بعيد عني عتستكترك عليا وتستكتر عليا الراحه. 

كرار بتفهم:

امممم، طيب مادام إكده اوبقي نادمي على اي وحده من البنات تساعدك متتعبيش حالك وتتغاشمي في الخدمه، ياللي ماكنتي تعمليها وانتي فاضيه اتشطرتي دلوك وانتي حبله؟ 

شوقيه:

هي نوبه ومش هتتكرر تاني وهقول لوحده تساعدني او هبعت لوحده من اللي عيخدموا فبيت ابوي تاجي كل سبوع ولا حاجه تعملي الاوضه وتغسلي غسيلي. 

كرار بإعتراض:

له، حدش غريب عيخش بيتنا ولا يختلط بينا، احنا عنعملوا حاجتنا مننا فينا،ديه سلوا بيتنا

شوقيه بإعتراض:

كان سلوا بيتكم زمان، وابوك. وامك اللي كانوا ممشينه علي هواهم، دلوك. ابوك مات وامك زمنها ولى، وبقي فيه مقاول جديد ومرت مقاول جديده ومن اليوم وطالع إحنا اللي هنعملوا سلوا جديد علي مزاجنا ياكرار فاهمني. 

كرار بصلها ومردش وهي كملت:

من اليوم وطالع ياكرار الكلمه في البيت ديه كلمتك وكلمتي، والباقي كلهم يسمعوا ويطيعوا واللي مش عاجبه يخبط راسه في الحيط، ياإكده ياإما تبنيلي بيت لحالي. 

كرار:

جديده حقه النغمه داي ياشوقيه، ولا بس عرفتي إن عمي هو وعياله هيبنوا وهيطلعوا من البيت هتعاندي فيهم؟ 

شوقيه:

والله ماعرفت حاجه واول نوبه اسمع منك إن عمك هيبني! 

كرار:

له هيبني في الجنب الغربي من الجنينه وجاب الاسمنت والرمل والطوب وبعد بكره هيبتدي بنا. 

شوقيه بديقه:

شوف ولا قالوا ولا حد جاب سيره، وعدويه مرت عمك خانسه وساكته وممتكلماش ولا جايبه سيره، تلاقيها خايفه من العين. 

كرار: له مش حكاية عين ومش عين، بس هي مرت عمي مش رطاطه ولا عتحب كتر الكلام، تقيله. 

شوقيه: اممم طيب ماشي. 

كرار:اتغديتي؟ 

شوقيه: ليش نفس

كرار: فيش حاجه اسمها اكده انتي حبله، همي يلا تعالي بره هقول لوحده من الحريم تجيبلنا وكل ونتغدوا اني وانتي الا اني ميت من جوعي.

وطلعت شوقيه معاه وقعدت في الحوش، وهو نادى على امه وقالها تخلي وحده من الحريم تجيبلهم وكل، وأمه بعد مانبهتله على وكل جات قعدت جارهم وبصت لكرار وقالتله:

الا عقولك ايه ياولد بطني.. امال يعني عمال تكبش وتحط فحجر مرتك وكل اللي عتعمله ليها هي وامك ناسيها خالص ولا بقيت حتى تبص فخلقتها! 


كرار: وهو انتي محتاجه ايه يمه ولا هتعملي ايه بالفلوس، وبعدين شوقيه الفلوس اللي عديهالها عتحوشهالي مش عتصرف منها مليم اوحمر علي روحها. 

حوريه:

وهي عتعوز ايه عشان تصرف، ماانت كل يوم والتاني داخل عليها شايل ومحمل ومعبي اوضتها بمشتهات الانفس ولا تقول ادوق امي من اللي جايبه حتي. 

وبعدين اني ياحبة عيني معاوزاشي منيك حاجه، اني عايزه حقي بس، فلوسي اللي سلفتهالك لجوازك، اظون إن زنقتك اتفكت دلوك وجحا اولى بلحم توره. 

كرار:

حاضر يمه هعطيهملك اني مش ناسيهم، بس وحده وحده عشان معاييش كل المبلغ اليومين دول. 

حوريه: براحتك بس اهم حاجه ترجعهم. قالت جملتها وبصت لشوقيه اللي ملامحها اتعقصت بس جات سيرة الفلوس وسدادها، وركزت معاها زين وهي شام طالعه من الموطبخ ورايحه علي اوضة ستها عديله، ولاول نوبه تشوف عيون شوقيه عيبصولها بخوف مش بغضب، وأول ماانتبهت ان الجده عديله واعيالها من الاوضه وهي عتبص لشام خفضت عيونها للأرض قوام، وبحركتها داي زاد العجب فقلب حوريه، وزيه واكتر إتملك من كرار اللي شايف كل تصرفات شوقيه غريبه من ساعة ماعاود. 


أما عديله فاتبسمت بفرحه وانتصار وهي واعيه عين شوقيه وسمها اتكسروا من ناحية شام وديه الاهم عندها، اما كرار وهمه ومصيبته فقالت إنه يستاهل كل اللي عيجرا فيه واكتر كمان، وإن فضيحة شوقيه قدامه مهتستفادش منيها حاجه، بالعكس ديه ممكن كله يصب فوق راس الغلبانه شام، فقررت إن شام هي اللي تستفيد وبسس. 


❈-❈-❈

 دخلت شام الاوضه وقفلت الباب وراها، وراحت على بتها شالتها وابتدت ترضع فيها، وبصت لستها عديله لقتها باصه بعيد وسرحانه بتفكير فسألتها:

مالك ياستي شارده فأيه؟ 

عديله ردت عليها وهي على شرودها:

عايزه ادس القرشينات اللي اداهملي نعيم، عايزه اخفنهملك فموطرح ميعرفوشي الجن الازرق، الفلوس الكل عارف بيها وهينبشوا عليها نبش مهيسكتوش. 

شام: ياستي روحي حجي بيهم اني معاوزاشي حاجه. 

عديله: دول مش ليكي دول لبتك، وقولتلك قبل سابق فموال الفلوس ديه متتحدتيش واصل، وبعدين لو عالحج اوبقي ادعيلي بس انتي وعلمي ربيعه بس تكبر تدعيلي وربنا يغفرلي ويسامحني.


وبعد فترة صمت قامت عديله منتوره كيف ماتكون اهتدت للي عتفكر فيه، وراحت على الصندوق بتاعها طلعت الفلوس اللي عطاهالها نعيم، ورفعت مرتبة السرير وفكت صرة الدهب بتاعة شام المربوطه في المله، وصرتهم على بعض ودستهم في قبها وهمت بالطلوع. 

شام:

رايحه وين ياستي؟ 

عديله:

رايحه اودى أمانتك وأمانة بتك للي هيصونها ويحرسها برموش عنيه. 

❈-❈-❈


حدا بيت همام 

بسيمه ابتدت تبنى في الحيطه بتاعة الدكانه هي وحمدون حماها، وطول ماهما شغالين لواحظ تتمقلت عليهم ومش عاجبها، ولا راضيه عن الاوضه اللي خربتها بسيمه ومن وجهة نظرها وديقتها وخربت البيت. 

أما همام فاطول الوقت باصص لباب الاوضه ومستني بسيمه اللي بقت تغيب عليه ومشغوله بالحيطه والدكان، 

وهو كل ساعتين تلاته تيجي تبص عليه بصه تشوفه محتاج ايه وتعملهوله،وتهمله وتطلع تاني من قبل مايشبع منها، وطول النهار مهملاه جعان للبصه عليها معيشبعش جوعه وعطشه منها غير بالليل وهي نايمه عالارض جاره وهو يسهر يتملى فيها، كيف الصايم اللي ماعيصدق يجي عليه الليل عشان يفطر. 

وبعد ٤ ايام شغل اخيراً كلمت الحيطه، واتركب الباب من بره، وجهزت الدكانه،


 وادت بسيمه الفلوس لحماها نزل البندر وحمل بضاعه وجابها علي عربيه كارلوا، وفيوم وليله اتملا الدكان بالبضاعه، والناس اللي في البلد عرفت بأمر الدكان، وكشيئ جديد مثير للفضول، الكل راح عليه عشان يتفرج، واشتروا من الدكان حتي وهما مش محتاجين الحاجه اللي اشتروها، وديه خلى البضاعه اغلبها يخلص، والمكسب خلى حمدون طار من الفرحه بالرزق والمكسب اللي يعادل نص موسم شغل، وراح فوراً على البندر وجاب بضاعه تانيه وملى الدكان بضاعه لتانى يوم، ودخل يومها عشان ينام، لكن عينه مغمضتش من الفرحه، وفضل طول الليل يدعي لبسيمه ولعبد الصمد اللي رباها. 


اما همام فكان واعي فرحة ابوه بالدكان والمكسب، وبمجرد مادخلت بسيمه فرشتها عشان تنام، بص عليها همام وقالها:

اللي عتعمليه معاي ومع اهلي مفيش حد يعمله مع حد يابسيمه،واني والله مااستاهل اللي انتي عتعمليه ديه واصل. 


بسيمه ردت عليه وهي مغمضه عيونها:

مش عشانك ياهمام، ولعلمك انت مكدبتش عشان صوح إنت متستاهلش، متستاهلش حتى قعدتي معاك فأوضه وحده، بس اني مقدرشي معملشي معاك اللي ععمله؛ عشان ديه واجبي، انت اتعلقت فرقبتي امانه وهتسأل عليها يوم القيامه، واني معفرطشي فأمانتي واصل. نام ياهمام، نام وخليني انام اني كمان تعبانه. 

قالت كلامها وسكتت، وهو كمان سكت، وفضل باصصلها وهو حاسس بغصه فقلبه، وفضل يتاملها وهو عيهمس لروحه:

زعلان ليه، ماانت خابر زين انها عمرها ماهتروقلك، وانها اتجوزتك غصب وباقيه معاك شفقه..وانت رضيت بقعدتها جارك وقلت حتى لو شفقه اني راضي، طمعان فأيه دلوك، فوق ياهمام وفوق قلبك، بسيمه عمرها ماهتبصلك غير بصه من تنين، يابصة كره يابصة شفقه، والشفقه اهون من الكره بكتييير. 


ومر الليل، ومر تاني يوم، ويوم يجر يوم عدا شهر والتاني، وبسيمه لما لقت الدكانه ماشي حالها، فكرت ففكرة وهمت بتنفيذها، وقالت البحر الكبير يحب الزياده والرزق يحب الخفيه، وقالت فكرتها لحماها، وكمان رحب بيها، بس همام اعترض لان اللي قالته فيه تعب عليها وكمان فيه بعد ليها عنه، بس بسيمه وابوه اقنعوه، وفي الاخر وافق مغلوب على امره. 

وطلعت بسيمه تتفق مع الجيران انها تاخد منهم خير البيوت من جبنه خضرا وبيض وسمن بلدي ويبيعوه هما في الدكان ويكسبوا فيه، وبالفعل ابتدت التنفيذ، وبقت تجمع ريع الجاموس وبيض الفراخ بكميات كبيره، وتبيع اللي تبيعه لأهل البلد، والباقي تاجيله تجار من البندر ياخدوه ويتاجروا فيه هما لما حمدون عرفهم طريق دكانه. 

ويوم عن يوم بعدت بسيمه عن همام لدرجة انه بقي يشوفها مرتين في اليوم بس على ميعاد قضاء حاجته ووكله، وطول الوكت ياعتبيع سمنه وجبنه وبيض للناس ياعتلف تلمهم. 

ومع كل اللي عتعمله دي، وظروف المعيشه بتاعة بيت حمدون اللي اتحسنت، الا أن همام مكانش راضي بكل ديه، وكان عيتمنى من كل قلبه إنها تبطل اللي عتعمله ديه لو هيشحتوا ويموتوا من الجوع، اهم حاجه تكون قدام عنيه.. 


دخلت بسيمه البيت اخر النهار بعد يوم من التعب، وبمجرد مادخلت نزلت الحاجه اللي على راسها وقعدت على الدكه تتهوى وتاخد نفسها هبابه، وفجأة سمعت حس لواحظ وراها عتقولها:


حمدالله عالسلامه، قومي خشي الموطبخ اعملي الوكل البنته تعبانين واني عنيا واجعاني مهتحملشي دخان الكانون..وشوفي اني سكتلك كتير بس النوبادي مش هسكتلك يابسيمه وهتسمعي كلامي غصب عنك. 


بسيمه:

 معملاشي ومحدش يقدر يغصبني، والوكل خشي صحي بناتك يعملوه دا لو عايزين تاكلو يعني، معاوزينش انتو احرار خليكم نايمين انتي وبناتك. 

خلصت كلامها ودخلت عالأوضه بتاعتها وقلعت طرحتها وقعدت على الكنبه تاخد نفسها من التعب اللي حالل على كل بدنها، ورفعت عنيها عليه تتفحص حالو وشافته كالعاده عينه عليها ومراقبها وساكت، مكلمتهوش وخدت نفس طويل متعوب وزفرته، وقامت لما لاقيته مد يده عيحاول يتلافى القله يشرب بس مطايلشي، 

راحت جابتهاله وقعدت جاره ورفعت دماغه على دراعها وبيدها التانيه سقته، وبعدها رجعت القله مكانها ونزلت دماغه تاني عالمخده وهي شايفه ابتسامته وفرحته المعتاده فكل مره تقرب منيه وتعمله حاجه، وخصوصي وهي عتسنده وتسقيه اكتر من ٥٠ مره في اليوم وكل مايشوف وشها يحس بالعطش، ولساها متعرفش سر عطشه الكتير ديه ايه؟

ولساها هتتحرك من جاره سمعت صوت بطنه عتعمل صوت من الجوع، بصتله تسأله بعنيها وهو حط يده علي بطنه وبص بعنيه بعيد عنها كيف مايكون خجلان من صوت جوعه اللي فضح حاله قدامها.

 ومن غير كلام هي فهمت عليه وطلعت من الاوضه وراحت على الموطبخ وابتدت تعمل وكل وهي عتسب وتلعن فأمه واخواته البنته اللي حتي المريض العاجز معيشفقوش بحاله ولا يحنو عليه،

 والتانيه بمجرد ماشافتها رايحه عالموطبخ اتبسمت بنصر ونشوة، واستنت الوكل اللي هياجيلها عالجاهز، لكن كل عشمها كان عشم ابليس وهي واعياها طالعه بصحن واحد ورغيف عيش وداخله بيه على اوضتها وقفلت بابها عليها، ولما دخلت الموطبخ بعدها ملقتهاش عامله غيره ولا بداله وكل ولا عملت لتهديدها ليها باعت. 


طلعت لواحظ من الموطبخ وهي قايده نار ومصدقت شافت جوزها دخل من باب البيت وراحت عليه جري تشكيله وتبكيله منها، وهو صدها بعنف وقالها:

عقولك ايه همليها فحالها واوعاكي تختلطي بيها ولا تديقي خلقها؛ عشان هي اللي فاتحه البيت دلوك، ولو حملت حالها وخدت بعضها وهملتلك البيت من مكايدتك ومضايقتك ليها انتي وبناتك الوكل اللي مراضياش تقومي تطبخيه لا انتي ولا بناتك هتتمني يكون فبيتك وهتشتهييه وماتلاقيه..

وخصوصي ان واحد من رجالتك راح وواحد اتشل والارض مبقاش فيا حيل ليها، وبقينا على فيض الكريم.. لمي نفسك وطلعي بناتك يعملو الطفح اللي هتطفحيه انتي وهما، 

وهاتيلي اي حاجه اتسممها عشان ارجع الدكانه بدال ماتروح مني الزباين لما يقصدو الدكان وميلاقوشي حد فيه.. الدكان بتاعها اللي فاتحاه بفلوسها هاااا، واخده بالك انتي. 


بصتله لواحظ وسكتت ومردتش عليه وراحت عالموطبخ من سكات تجيبله وكل، بعد مادورتها فمخها وشافت انها لازمن تتخلى عن دور الحما اللي عتتمنى تمارسه عليها من اول يوم دخلت فيه البيت ومعارفاشي، ولا شكلها هتعرف.. وتسكت وتكف عن المحاوله. 

❈-❈-❈

اما في بيت عبد الصمد

عبد الصمد:

خلاص يادهب خلصتوا وجهزتوا حالكم عشان كلها ايام على فرح البت؟ 

دهب: خلصنا كل حاجه متقلقشي. وميته ماتعقدوا احنا جاهزين، بس قولنا قبلها بيومين عشان نعملوا حاجة الفرح ونجهزوا بشاير. 

عبد الصمد:

هقولكم قبلها تقلقيشي، بس فلاول هروح للشيخ جاهين عشان هو اللي هيحدد المعاد وهيعقدلهم. 

دهب: طيب وهيتعمل الفرح من غير ماخواتها يحضروا فرحها برضك؟ 

عبد الصمد:

والله اللي فيدنا واللي نحكموا على اللي عندهم بحكم الاصول هي بسيمه، انما شام انتي خابره زين ومفيش داعي للكلام. 

دهب: قلبي قايد نار عليها ومتوحشاها قوي ياعبصمد، وحتي بتها اللي شلتها مره وحده وضميتها لصدري قلبي عيفرفط عليها من الشوق كل ماتهب على بالي.. ياااابوي عالقهر والظلم، منك لله ياللي منك القطيعه. 

عبد الصمد:

انسيها يادهب، انسيها كنها ماجات. 

دهب بدموع وصوت مخنوق:

بذمتك إنت تقدر؟ خابره انك متقدرشي ومخابراشي كيف قلبك طاوعك تنطوقها، بس مهاخدش عليها وهعمل حالي مسمعتهاشي. 

ودلوك وديني لبسيمه عايزه اشوفها واشوف حالها واطمن عليها بنفسي، هعملها زياره زينه ونروحوا نزوروها ونعزمرهم على فرح اختها كلهم هي واهل بيتها، واللي ياجي منيهم ياجي واللي مياجيش مياجيش، بس اهم حاجه بتي تاجي وتحضر عرس اختها. 


عبد الصمد هزلها دماغه بموافقه وقالها:

طيب حضري زيارتك وجهزي روحك على بكره نروحولها. 

ردت بشاير اللي كانت متابعاهم من بعيد وسامعه كل حكيهم بفرحه:

هروح معاكم مش إكده؟ 

عبد الصمد رد عليها:

له يابشاير مينفعشي، انتي كلها كام يوم ورايحه عالبلد هناك عروسه، مينفعشي تروحي وتاجي، احنا هنروحوا وانتي تقفلي الباب عليكي من جوه بالغلق لو مين نده مترديش عليه ولا تفتحيله، وخصوصي السيد فاهمه.ولو على اختك هتاجيلك. 

بشاير هزتله دماغها بطاعه، لكن دهب ردت عليه بإعتراض:

وهتآمن تهملها لحالها وانت خابر ان السيد رجله راحت وجات وخدت عالبيت ياعبصمد؟ هتهملها مع الديب اللي كل غنمه منك قبل سابق؟ 

عبد الصمد:

الديب مبقاش ديب يادهب، ربنا تاب عليه وعرف ان الله حق، بس اني خايف من ضعف نفسه بالمحبه مش بالغصب. 

وبعدين حتي لو هو شين كيف مانتي عتقولي اني خابر بتي وربايتها زين، وعارف إنها طول ماهي ورا باب مقفول عليها مهتفتحوشي للأذى واصل، واللي حوصول لشام كان بالمكاتره وفلاول والاخر نصيب. 

وكمل وهو باصص لبشاير اللي ملامحها اتعكرت من السيره:

ومتنسيش انهم وكت اللي جرا مكانوش بعقلهم ولا فوعيهم يادهب، يعني لو كانوا صاحيين لحالهم مكانوش عيملوها.. وبالذات السيد عشان هو احسن واحد فيهم. 

خلص كلامه وبص لبته، واتنهد براحه لما لقى ملامحها لانت ورجعت تتبسم مره تانيه، وغمز لدهب وهي فهمته، وقفلوا عالسيره احسن توقف نفس بشاير من السيد وهما لسه هيقولوا ياهادي. 


تاني يوم حضروا بشاير ودهب زياره معتبره، وخدوها هي وعبد الصمد وراحوا على بيت بشاير، ومن أول ماوصلوا البيت ونزلوا الزياره، استقبلتهم لواحظ احسن استقبال، واحسن من استقبالها بألف مره استقبلهم حمدون، وكمان همام لما دخلوا يسلموا عليه رحب بيهم من كل قلبه، 

ولما دوروا ملاقوش بسيمه في البيت سألوا عليها، وحمدون قالهم هي فين، وابتدا يحكيلهم عن كل اللي عيملته معاهم وهو فرحان بيها وطاير من الفرح، وكلامه عنها فرح عبد الصمد ابوها وحسسه بالفخر وخلاه رفع راسه ببته قدامهم. 

لكن ابدا دهب ملدش عليها حال بتها، وخصوصي وهي واعياها داخله من الباب المشنه على دماغها وسبت فيدها، وخلجاتها كلهم عفار! 

نزلت بسيمه اللي على راسها، وهي عتهتف بأسم ابوها وامها بفرحه، ولأول مره لواحظ تساعدها وتنزل منها شيلتها. 


وراحت بسيمه على امها وابوها بلهفه سلمت عليهم وخدتهم بالباط، وقعدوا مع بعض فحوش البيت، ونسيت اللي قاعد من اول النهار يعد الثواني عشان تعاوله ويشوفها، لكنه كان سامع حسها وديه بالنسباله كفايه في الوقت الحالي لبين مايمشوا اهلها. 

شويه وحمدون خد عبد الصمد وخد شايهم وراحوا عالدكانه يقعدوا فيها ويتسامروا وحمدون يشوف زباينه، وهملوا الحريم يقعدوا مع بعض لحالهم


اما لواحظ فغمزت لبناتها وابتدت هي وهما يدخلوا في الزياره اللي جايباها دهب عالموطبخ، وبتصرفهم ديه وسعوا لبسيمه وامها هبابه، وخلولهم مجال يحكوا مع بعض اللي فنفسهم. 


دهب اتلفتت حواليها، وبمجرد مالقت الدنيا فضيت بصت لبسيمه بتها ومسكت اديها التنين وقالتلها:

ايه يابنيتي اللي عاملاه فحالك ديه، ليه تشقي نفسك يابنيتي ليه وعشان ايه، انتي لا عيل ولا تيل ولا هتقعدي في البيت ديه ومع ناسه من اصله. 


بسيمه كانت ساكته وعتسمع كلام امها اللي كملت وقالتلها:

جوزك جاته من فوق يابسيمه، او خليني اقول إنها جاتك انتي من فوق عشان تخلصي منيه وتتطلقي وعذرك معاكي وهيجيلك سيد سيده بعد إكده. 

بسيمه سحبت اديها بالراحه من ادين امها وردت عليها بهدوء. 

مش وكته الكلام ديه يمه، الكلام ديه سابق لأوانه، اني مش هقدر اهمل همام غير بعد مايطلع اخوه عزام من الجهاديه، عشان هو الوحيد في البيت ديه اللي عياخد باله منيه وعيراعيه، اما الباقيين فمفيش منهم رجا. 

دهب ردت عليها بحزم:

له مهيوحصلش ديه يابسيمه، مش ههملك تقعدي سنين رابطه روحك بواحد عاجز وكمان تشقى وتهدي فحيلك عليه وعلى اهله، وعليكي من كل ديه بأيه انتي.. اني هقول لابوكي يقول للشيخ جاهين اللي حاضر الموال من اوله ويخليه يطلقك. 


بشاير سكتت مردتش، وفضلت علي سكوتها لغاية مااهلها خدوا قعدتهم ومشوا بعد ماعزموهم على فرح بشاير.. ودخلت بعدها على همام.. اللي وقفت موطرحها وهي شايفاه كاتم شهقاته فصدره، والدموع مغرقه وشه، وحالته حاله، وعيونه أول مادخلت لأول مره يغمضوا عن شوفتها وميحضنوهاش بلهفه!

واتوكدت من حالته إنه سمع كلام امها، وسمع ردها هي كمان عليه. 

نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل السادس عشر


بسيمه وقفت قدام همام شويه، وهو مسح عيونه وبص بعيد، وبعدها اتقدمت عليه وسألته لو عاوز شي تعملهوله، متجاهله دموعه وحالته، وهو بمنتهى الوجع والقهر رد عليها:

له معاوزشي حاجه، معاوزشي منيكي حاجه واصل. وبص على باب الأوضه وزعق بعلوا حسه:

اماااااه.. سعوووده.. روايح.. انتوا ياللي بررره تعالوا.. امااااه.

التلاته جم عالأوضه يجروا ودخلوا على همام، وحتى ابوه سمع حسه وجاله يجري من الدكانه بخوف ودخل عليه الأوضه، ووقف قصاده يسأله بخوف عن سبب زعيقه وعصبيته؟ وزاد خوفه وهو واعي عيونه مطعونين بالحمار ومليانين دموع، وبعد كل الأسئله بتاعتهم لهمام عن سبب حالته، اخيرا همام خد نفس قوي وقالهم:


وحده فيكم انتوا التلاته تاجي تساعدني اقضي حاجتي، والأولى بيا امي، ومن إهنه وطالع انتوا المسئولين عن كل حاجه تخصني، وكلي وشربي ورعايتي، خلاص متتكلوشي على حد، حدش دايملي غيركم، واني شيلتكم وتتحملوني برضاكم او غصب عنكم.. خلاص من اليوم جحا اولى بلحم توره. 

وكتر خير الناس الغريبه لحد إهنه عاللي اتحملته وصبرت عليه.

خلاص كلامه وبص لأمه وزعق فيها:

همممي ساعديني ولا مستنيه لما اعملها علي روحي، وانتوا اطلعوا بره، كلوا يطلع من الاوضه معاوزش غير امي معاي، وانتي ياسعوده هاتيلي لقمه اكلها يلا، يلااا.

خلص كلامه وبص لبسيمه نظره ذات مغذي، وبسيمه الموقف كله ولا نطقت فيه كلمه، ومن سكات خدت بعضها وطلعت اول وحده فيهم، وهملته يقاسي إحساس قاتل بالخوف والخذلان وكسرة النفس،وكسرة القلب كمان، وهو متوكد إنه مليهش اي حق فيهم، ولا هي عمرها ادتله امل عشان يحس عليه الاحاسيس داي، لكن القلب وماينسج.

❈-❈-❈


في جنينة بيت المقاول

ابو دراع:

ايه اللي عتقوليه ديه ياستي، وأشمعنا اني اللي جايه تشيليني الشيله الواعره داي؟ 

عديله:

جايبه الشيله للي كدها ياابو دراع واللي يقدر يحافظ عليها. وعلى رأي المثل رايحه فين ياأمانه، رايحه للي يصوني.. وإنت سيد من يصون الامانه. مد يدك ياولدى إتلافى مني وشيل عني، العمر ولى واني خايفه عالمسكينه وبتها اللي ليهمش حبيب وصاحب في البيت ديه بعد مني. 

مد يده ابو دراع وخد صرة الدهب والفلوس وهو عيتلفت حواليه، ودخل بيهم البيت قوام وقفل الباب وراه، وقعد على السرير يتلفت حواليه فى الأوضه محتار يدسهم فين، ومن وسط حيرته حط الصره جاره عالسرير، وفتحها عشان يفصل الدهب عن الفلوس ويدس كل حاجه لحالها، وبمجرد مافتحهم وبص للدهب ومسكه فيده عقله وداه لشي لو غفل عنه يروح في ستين داهيه، وحتى شام كمان تروح معاه، الدهب ديه دهب شام، وهي قبل سابق قالت انها عطته لابوها، ودلوك لو حد لقى الدهب بتاعها حداه مليهش غير تفسير واحد، إنها عطتله الدهب ليه هو مش لأبوها، والوحده متهاديش بالدهب غير عشيقها، فلم الصره قوام على الدهبات وصرها، وحطها فجيبه، وقام دس القرشينات في صندوق خلجاته لغاية مايندلى البندر يشتري بيهم دهب ويعينه مع باقي الدهب، لان الدهب قيمته هتزيد مع الايام، بعكس الفلوس اللي كل ماتقعد قيمتها تقل ماتزيدش، وخد بعضه وطلع قوام من البيت وهو حاطط يده على جيبه اللي فيه الدهبات، وحاطط يده على قلبه من خوفه احسن يتعكش بيهم،، ولغاية ماوصل حدا المعمل بتاع حكيم، والخوف رفيق خطواته، ومن حسن حظه إنه لما دخل لقى حكيم قاعد في المعمل النهارده وعيحسب في الحسابات، فقرب عليه ورمي السلام، وحكيم رد السلام بأحسن منه ودعاه للقعاد،

 وقعد ابو دراع، وبص لحكيم ودخل في الموضوع بدون مقدمات، وطلع صرة الدهب من جيبه وحطهم قدامه وقاله دي امانه ناخيك تشيلهالي عندك، وعشان حكيم ابو النخوه وسيد من يلبي وافق من غير اي اعتراض، ومن غير حتي مايعرف ايه اللي فى الصره، ورد عليه وهو عيمد يده ياخدها من عالمكتب:

أمانتك في الحفظ والصون ياابو دراع لغاية ماتطلبها. 

اتشكره ابو دراع بعد ماحس إن هم كبير انزاح من فوق كتافه، وهم عشان يقوم، لكن حكيم وقفه وهو عيقوله:

ايه ايه، خيرك ياراجل على وين، بقي جاي تشتمني فموطرحي وتمشي يعني، كيف عايز تمشي من غير ماتاخد واجبك وانت حليت علي حكيم في موطرحه ضيف؟ 

خلص كلامه وماانتظرش ابو دراع يرد او يعترض، وفوراً وصاله على شاي ولنفسه كمان، وبعدها التفت لابو دراع وقاله:


غير واجب الضيافه المفروغ منيه، عايز كمان اسألك كام سؤال إكده بخصوص بت عم عبصمد، عايز اطمن عليها واعرف اخبارها، قولي المسكينه عامل ايه الزمان فيها؟ 

أبو دراع خد نفس ورد عليه بشفقه على حالها:

هيكون عامل ايه الزمن فيها يعني، عامل كيف ماعيعمل في المظلوم اللي مليهش حد، بس اهي عايشه وعتقادش، صوح تعبانه بس حدش عيموت من تعب جسمه.. واهو كرار اتجوز والتهى عنيها وهي التهت ببتها واتصبرت بيها، وعجلة الدنيا عتدور وايام العمر عتنقضى كيف ماكان. 

حكيم هز دماغه بأسي ورد على ابو دراع:

صدقني كل مااسمع إن المخلوقه داي تعبانه فعيشتها احس بالذنب، وبأن الحكم اللي حكمه ابوي عليها بعد ماعطيته رأيي حكم جاير وتم بسببي. 

ابو دراع بإعتراض:

بالعكس داانت بحكمك حييت روح وبفضلك روح جديده خلقت في الدنيا بسببك، وبعدت عار عن راجل غلبان وبناته وسترتهم، وبعدين العذاب والتعب ربنا مقسمه عالمخاليق نوايب، وكل واحد ونايبه اللي مقسمهوله ربنا. 

وان كان على شام هو ديه نايبها، سو انت حكمت عليها او محكمتش، كله مسطر عالجبين يابو عمو، واللي مكتوب عالجبين لازمن تشوفه العين. 

حكيم اتنهد، وبص للعامل اللي جالهم بالشاي، وخده منيه حطه قدام ابو دراع، وابتدا في سره يدعي لكرار بالهدايه وصلاح الحال، ويدعي لشام بالصبر والراحه. 

شرب ابو دراع شايه مع حكيم، وقام مشى وعاود على البيت، وهناك خد الفلوس واندلى عالبندر وقال خير البر عاجله، عشان يشتري دهب بيهم هما كمان، ويروح يوديه لحكيم يحطه عالامانه، وبكده يوبقي كل الهم انزاح عن قلبه، ويعاود تاني خالي البال بعد مالامانه عرفت طريق اللي هيصونها صوح. 


اما حكيم فبعد مامشي ابو دراع، حط الصره في الخزنه، وقفلها وخد بعضه وطلع قاصد بيت همام، عشان يشوفه ويطمن عليه ويعوده، 

الا من ساعة ماطلع من المستشفي مازارهوش غير تلات اربع نوبات بس، ونوبتين منهم لما كان رايح يديه شهريته، اللي بسيمه فكل مره تنشف ريقه لولا ماترضى تاخدهم منه او تخلي همام ياخدهم. 

وصل حكيم قدام البيت، وحود على حمدون في الدكان سلم عليه، وطلب منه يدخل يفضيله طريق عشان يدخل لهمام يقعد جاره هبابه، وبالفعل دخل حكيم لهمام، ومن أول مابص عليه وشاف ملامحه الدبلانه، عرف ان فيه حاجه حاصله ومنكداه، وهمس لروحه إن مفيش حاجه تخليه في الحاله داي، غير وتكون متعلقه ببسيمه وعشقه ليها، واتوكد من إكده لما بسيمه هي كمان جات سلمت عليه، وبصت لهمام، وهو لأول مره يشوفه عيهروب من البصه عليها على غير عادته. 


طلعت بسيمه تعمل شاي لحكيم، وحكيم بص لهمام وقاله:

ليه عيون العاشق تمتنع عن البصه للحبيب وتهروب منيه إكده! 

رد عليه همام بوجع:

عشان يتعودوا علي قلة شوفته، عقلل الشوف عشان لما يتفطموا بالبعاد ميتعبوش من الاشتياق ويدوروا لما يتعبوا. 

حكيم:

ومين جاب سيرة البعاد، بسيمه قالتلك إنها هتبعد عنك دلوك؟ 

همام:

دلوك. ولا بعدين هتفرق إيه، ماهو حاصل حاصل، وبعدين ياريت البعاد يتم قوام قوام، عشان كيف ماعيقولوا وقوع البلا ولا انتظاره. 

حكيم رد عليه بشفقه وقاله:

ومين عارف يمكن ربك يُحدث امراً تنقلب بيه كل الموازين ويتعدل الحال. 

همام ابتسم وهز دماغه بيأس ورد على حكيم:

امر ايه بس ياحكيم، مالجواب باين من عنوانه وخابرين اللي جوه الظرف زين.. مفيش موازين هتتقلب، عشان هي اصلاً مقلوبه لحالها. 

حكيم: اوعاك تقنط من رحمة ربك ياحزين، وبعدين إنت جاهل بشي لو عيملته وواظبت عليه ربك هيحققلك كل اللي عتتمناه، كنز ياهمام حداك وإنت معارفشي قيمته ولا خابر هو فين، الكنز ديه في لسانك، الكنز ديه هو دعواتك وتضرعك لله والحاحك عليه بطلبك حتى لو كان مستحيل، اسأله يوريك عجائب قدرته في الاستجابه وشوف بعدها ربك عيعمل ايه. 


همام بص لحكيم بصة أمل وحكيم هزله دماغه بتأكيد ورجع قاله:

اطلبها من ربك ولح فطلبها، اذكره ليل نهار واستغفره لعله يشيل أو يخفف اللي فقلبها من تلاك ويهديها عليك، ومش بعيده عليه يزرع محبتك في قلبها، كله بالدعا والقرب من ربنا يسير ياهمام. 

خد قعدته حكيم، وقام مشى، ودخلت بسيمه الأوضه من بعده، ودخلت فرشتها تناملها هبابه وتريح جتتها، وبرضوا متكلمتش مع همام حرف واحد، غمضت عينها وشويه وفتحتهم على همام وهو عيزعق بعلوا حسه: اممه امااااه، امممه تعالي..سعوده، رواااايح

مره وتنين وتلاته همام نده على امه وخواته، لكن مفيش وحده فيهم ردت عليه، مع إنه سامع حسهم بره، وسكت بعدها متكلمش وهو حاسس بخذلان كبير قوي، وغمض عيونه بألم، لكنه فتحهم على لمسه منها وهي عترفع راسه بيد وماسكه فيدها التانيه القله، كيف ماتكون خابره هو عايز ايه من غير مايقول. 

ثواني فضل باصصلها بصة وجع ممزوجه بعتب ولوم ورجاء، وكل ديه بسيمه قابلته ببصه بارده، وأكتفت بإنها تثبت عيونها علي رقبته والجرح اللي فيها؛ عشان تقوله من غير كلام إنها عمرها ماهتنسى اللي عيمله وإنه ملهش حق لا فعتب ولا لوم، ولا المفروض يكون لقلبه عين يحبها من اساسه ولا يطالبها بأي محبه ليه. 


وهمام اول ماشاف عيونها على جرحه نزل عيونه للأرض بخزي، وفوراً رفع يده حطها فوق جرح رقبته يخفيه عن عيونها، وهي لما طالت وقفتها حطت القله جاره وعاودت لفرشتها وقطعت الحديث الصامت اللي بيناتهم، واللي همام مليهش اي حق فيه من وجهة نظرها. 

اما همام فبعد مابعدت من قدامه بصلها بحزن، ومسك االقله وبكل القهر اللي فيه رماها عالأرض كسرها، وبسيمه رد فعلها عاللي عيمله مكانش اكتر من انها غمضت عنيها وخدت وضع نومتها المعتاده وراحت في النوم ولا كإن فيه حد معاها في الاوضه عيتحرق حرق بسببها. 

❈-❈-❈

أما أبو دراع

فراح علي البندر بفلوس سته عديله ونزل على صايغ واشترى بيهم كلهم دهب، لكن فضل مبلغ قليل كان يادوبه جايب جرام، فرجع بيه وفطريقه شاف واحد عيبيع غنمه عجبته قوي، فوقف وفاصل فيها وطلع حقها بنفس المبلغ اللي فجيبه اللي اتبقى لشام، فأشتراها على اسمها، وقال لحاله اهي ماسكه حقها وتزيد ولما تعمل حق حتتة دهب يبيعها ويجبهالها بحقها، ولو ماتت او جرتلها حاجه هو يتحمل بحقها.. وحود عالبيت نزل الغنمه وسط غنماته ومكانش محتاح يعلمها بعلامه كيف غنمات سلام؛ لانها كانت متعلمه رباني وشكلها مختلف؛ والوانها كيف ماتكون مرسومه رسم. 

وبعدها راح بالدهب على المعمل حدا حكيم، وعطاه باقي الدهب وقاله يحطه ع الأمانه، وحكيم عيمل إكده من غير برضوا مايسأله ولا يقوله نص كلمه، ورجع بعدها ابو دراع البيت، ونده على سته عديله وقالها عاللي عيمله، وعديله فرحت قوي لانها فعلا عطت الامانه لحمالها. 


وعاودت لشام وقالتلها إن دهبها عند ابو دراع امانه، ونبهت عليها متاخدهوش منيه غير للشديد القوي، ولسبب يكون قوي، ولعازه شديده. 

ومكتفتش بالكلام، داي خلت شام وعدتها كمان بديه. 

❈-❈-❈

أما حدا حوريه فى اوضتها 

فضلت صاحيه بالليل ورايحه وجايه، وعشان أوضتها بالظبط فوق أوضة كرار، صوت رجليها اللي كان يخلي السقف يعمل صرير بسيط كان واضح لشوقيه وضوح الشمس، شوقيه اللي بقى يجافيها النوم من الفكر، من ساعة ماعرفت إن عديله كشفت المستور، وعتفكر بكل جديه إنها لازمن تتصرف ناحية عديله تصرف يخرسها خالص، ويخلي السر يندفن جواها، ايه هو التصرف وكيف، مقدرتش تقرر، بس اهي عتفكر وعارفه انها هتهتدي لحاجه في النهايه، ومن بعد عديله الدور ياجي عالدايه. 

لكنها وقفت التفكير بعد صوت خطوات حوريه، وفضلت متابعه خطواتها بودانها وعيونها اللي كانت تمشى ورا صوت الخطوات عالسقف.. وفجأة الخطوات وقفت، ودقايق وعاودت تاني، فقررت شوقيه تقوم تروح على حوريه وتشوف ايه اللي قالقها،

 وحجتها لو سألتها عن سبب طلوعها إنها حاسه بمغص وتسألها تعمل ايه، 

وبالفعل قامت تتسحب، وطلعت لفوق، للنص التاني من البيت اللي متعرفشى اصحابه ايه عيدور معاهم أو حداهم ايه اسرار تفيدها؟! بس الاكيد ان الكتير من الاسرار هتكتشفها تحت جنح الليل. 


وبمجرد ماوصلت فوق، ابتدت تتنقل من اوضه لأوضه، وكل أوضه تحط عليها ودنها وتحاول تسمع اللي وراها صاحيين ولا نايمين، ملقتش غير صفوت وورده بس هما اللي صاحيين وعيتودودو، هملتهم ولسه هتروح علي أوضة حوريه، شافت بابها عيتفتح بالهداوه، فقوام اتخبت فزاويه بحيث حوريه متشوفهاش، وبصت بنص عين عليها، وشافتها طالعه بكلوب تتسحب، بعد ماردت الباب بالهداوه من غير صوت كيف مافتحته بنفس الهداوه. 

وطلعت حوريه وحده وحده عالسطح بعد مااتلفتت حواليها واتوكدت ان محدش صاحي ولا حد شايفها، ومتعرفش إن القاصد غالب. 

وطلعت السلالم لفوق وهي عتهمس لروحها:

الارض واتقسمت والمعدات وغارت، واللي كنت عخططله كله ضاع، ودلوك الفلوس متنفعشي طمرتها، خلاص دلوك كل واحد معاه عذره لو بانت عليه فلوس؛ هيقول من شقايا وكدى، واني لازمن احط الفلوس داي فشي مفيد، شي يكون ليا اني وينفعني، وخصوصي بعد ماشفت اللي جرا لعديله من بعد رجالتها ماراحو واللي قاعد مليهش عازه، وكيف بقت تستجدي القرش، واني حوريه اللي لا ينفع تمد يدها ولا تستجدي من حد. وخصوصي إن عيالي مفيش فيهم حد بنص محنة عيال عديله وكلهم قلوبهم. جافيه عليا وخيرهم من دلوك صب في حجور حريمهم. 

خلصت كلامها وكانت وصلت السطوح، فراحت علي صومعة الغله اللي عليها العين والنيه، وابتدت تفتح فيها بالهداوه برضك، 

وكل ديه شوقيه مراقباه من بعيد والعجب والفضول هيموتوها عشان تعرف حوريه عتعمل ايه، وبس حوريه بعبشت في الصومعه وطلعت بالصره، شوقيه فهمت اللي فيها، وعرفت القصه كلها، لأن كرار كان حاكيلها قبل سابق عن الفلوس الكتيره اللي اتسرقت منهم ومعرفوش مين سراقها وراحت وضاع الحق. 


، بس هي دلوك عرفت الحرامي، وهي الوحيده اللي شافت القرد وين كان داسس ولده، وحلفت بكل عزيز وغالي إن الفلوس داي كلها ماتكون لحد غيرها، وانه رزق وجالها من السما، وإن البيت ديه مليان كنوز بس للي يفتح عيونه. 


واتخبت للمره التانيه وهي واعيه حوريه نازله تتسحب، وبس نزلت تبعتها لتحت، وبمجرد ماحوريه قفلت باب أوضتها عليها، قوام شوقيه راحت وقفت وراه ورشقت عينها من خرم الباب وقلبها كان هيوقف من كتر الصدمه والفرحه وهي شايفه حوريه فاتحه لفة الفلوس عالسرير وشافتهم كد ايه، وكيف حوريه عتتطلع عليهم بعيون عتلمع من الفرحه والطمع، وبعدها قامت خبتهم، وبعدها نزلت شوقيه على تحت وهي مطمنه على ثروتها الجديده وعارفه موطرحها. 

❈-❈-❈

أما حدا بيت عبد الصمد

اتحدد ميعاد فرح بشاير والسيد، وعدت الايام وخلاص بعد بكره الفرح، والاستعدادت قايمه من دهب وعبد الصمد، وديه اول فرح لعبد الصمد يكون فرحان فيه لبته وبيها وهو واعي فرحتها، وحتي دهب مرته كمان كان واعيها فرحانه وهي عتتطلع لبتها والضحكه اللي علي وشها،

 والتنين عيجيبوا ويحطوا ليها من فرحتهم، وجهزوها جهاز عروستين. 

أما السيد فكان طاير من الفرحه، وجهز اوضته وخشبها، وزينها بيده ولونها وحتى صب ارضيتها صبه وداي حاجه كانت جديده ومحدش كتير عملها، بس قال الزين يدوس عالزين، 

وخلاها اوضة احلام اي عروسه، وخد اجازه من المعمل، وحكيم صرفله مكافئه بمناسبة جوازه، اندلى البندر وجاب بيها كلها لبشاير هدوم على عجب عينه، حاجات تزغلل العين، وكله حطهولها في الدولاب عشان تاجي تلاقيه وتفرح بيه، وعمل حنه كبيره عزم فيها اغلب اهل البلد، ودبح الدبايح، ودقت الفرحه بيبان قلبه، وخلاص عيعد الساعات والدقايق علي جية منية الروح لبيته ولاحضانه. 


أما همام فكان سامع حس الطبل والزمر اللي حدا السيد، وعماله تطلع منيه تنهيده ورا التانيه، وهو حاسس إن الكل عايش حياته طبيعي، وكله فرحان، وهو بس اللي خد عقاب العمله اللي عيملوها فشام لحاله، لكنه رجع وفكر روحه إنه يستاهله ويستحقه، لأن هو اللي بدا، ولولاه مكانش حد منيهم عيمل حاجه، وإن البادي دايماً هو الاظلم. 

واتلفت حواليه وشاف موطرحها الخالي، وضرب على رجليه بقهر وهو مفتقدها من ساعة ماراحت لبيت ابوها، واستغل إنه مش حاسس وفش غليله في الضرب على رجليه، كيف مايكون ماسك حد غيره وعيضروب فيه ويعاقبه على الشوق اللي فقلبه وع الحسره وعلى الندم وعلى كل شي. أو كيف مايكون عيحاسبهم على كل خطوه خطوها فطريق الغلط والحرام، واهم اتحرموا من الإحساس بسببها. 


❈-❈-❈

حدا بيت عبد الصمد 

سهرانه بسيمه مع اختها فليلة الحنه وعتجهزها تجهيزة العرايس، وطول الوكت بشاير تسألها عن حاجات خاصه بالليله اللي مستنياها بكره، علي اساس إن بسيمه سبقلها الجواز وحداها خبره، وبسيمه معارفاشي ترد عليها، ولاقادره تقولها إنها زيها زيها لا اتجوزت ولا شافت جواز، لكنها خافت تنقل الكره اللي جواها لاختها لو سألتها عن السبب، وتخليها تحس بنفس إحساسها وتاخد نفس الموقف من جوزها، وخصوصي وهي واعيه فرحتها بيها، وسمعت كلام امها وابوها عنه، والتنين اكدولها إن السيد غير عن همام وكرار، 

فهملت اختها على عماها عشان تعيش، وفهمتها إن اللي جرا لشام نصيب، وإن جوزها تاب واصلح وغلطه واتنست، عشان تطلع اي ذرة تردد من جواها ناحيته،

 وقالت خليها تعيش، مش هنبقوا احنا التلاته اموات بالحيا.. وبالنسبه لأسئلة بشاير، بسيمه قالتهم كلهم لأمها وخلتها هي اللي تجاوبها عليهم، وحتى بسيمه كانت قاعده عتسمع بإنتباه، ولكنها عتمثل انشغالها فترتيب حاجة اختها، بس الودن وسطيهم قاعده. 

وخلصت الحنه، وجه يوم الفرح، واتزوقت بشاير بألوان الفرحه، وطلعت احلى عروسه تشوفها العين، وبرز جمالها واتغيرت ملامحها وكبرت عن سنها ياجي سنتين تلاته، وبس بصت لروحها في المرايه ضحكت بفرحه وهي عتتخيل رد فعل السيد لما يشوفها، وحتى بسيمه هي كمان خلت البلانه زوقتها على نفسها اللي طلبت الزواق، 

ولبست فستان اسود بخيوط دهبي عريضه لماعه، وطلعت فيه كيف البدر المنور، والعصبه أم خرز الوان فوق راسها وعليها الطرحه، خلت كل العين اللي تبص عليها تبرق من الجمال، ولأول مره بسيمه تقف قدام المرايه وتبص لروحها وتتطلع لجمالها اللي اتحكم عليه بالدفنه، وتتحسر على شبابها، وغمضت عنيها وهي عتتخيل روحها موطرح بشاير ولابسه فستان الفرح، وعتتزف لحبيب مستنيها عشان تنور حياته وتعيش معاه ويعيشها السعاده. 


لكنها فتحت عيونها وفكرت حالها إن الحلم ديه مش بتاعها، وإن النصيب اتكتب، وخلاص لا فيه عريس هيستنى، ولا سعادة هتتعاش،ويمكن مفيش غير بس همام وعجزه، وأيام كيف بعضها تتعاش من غير اي جديد.

شويه وجه حكيم بطرومبيل خده من واحد صاحبه يجامل بيه عبد الصمد واهل بيته، وخد بشاير ومعاها بسيمه وأمهم دهب، وقام بيهم على البلد اللي خدت بنات عبد الصمد التلاته كيف النداهه، 


وطول الطريق بشاير ماسكه يد بسيمه وعتضغط عليها من شدة التوتر، وبسيمه تطبطب على يدها وتهديها، ولغاية ماوصلوا على مشارف البلد والتوتر زاد ماقلش، وبمجرد ماوصلوا أول البلد، وقف حكيم الطرومبيل وهو واعي فأول البلد جمل بارك بهودج متزين، والسيد واقف وماسك لجام الجمل، وعرفوا كلهم إن ديه هودج الزفه اللي جايبه السيد لبشاير عشان دخلتها البلد يكون ليها هيبه. 


فركن حكيم الطرومبيل علي جنب وراح على باب الطرومبيل فتحه، ونزلت دهب من باب ووراها بسيمه، ولسه هيلفوا عشان ينزلوا بشاير، لقوا السيد سبقهم ليها، وفتح الباب ونزلها، وشالها وسط الكل ووداها عالهودج وهي ميته من كسوفها، وعتحمد ربها على الطرحه اللي مداريه وشها من الناس؛ والا كان الكل شاف كسوفها، 

وبمجرد مانزلها ركبت الهودج قوام، والسيد قوم الجمل، وابتدت خطاوي الجمل ببشاير ناحية بيت السيد، ومع كل خطوه تقربه وتقربها من البيت، يعلى صوت قلبه بالطبل وتزيد رعشة الفرحه فكامل جسمه، لدرجة إنه بقي حاسس إن رجليه مش شايلينه. 


أما دهب وبسيمه فكانوا ماشيين ورا الهودج وشايفين اهل البلد والزفه الحلوه وفرحة ام السيد وصوت زغاريتها وزغاريت الحريم اللي عتجاملها، وغصب عنهم الفرحه دخلت قلوبهم، واتمنوا لبشاير إن الفرح يفضل ملازمها لباقي عمرها، وإن السيد يكون ليها نعم العون والسند. 

ووصلوا حدا بيت السيد، وبرك الجمل، وخطف السيد عروسته واتحرك بيها ناحية البيت، لكن الكل وقفوه، وخلوه ينزلها ويقعدها هبابه وسط الناس اللي جايه ومتعنيه من اخر الدنيا عشان تشوف العروسه الغريبه، 

وغصب أمه حكمت عليه يشيل الطرحه بتاعتها ويكشف عن وشها للناس، وهو مكانش راضي، وبعد الحاح وافق، وبمجرد مارفع طرحتها وشاف وشها وجمالها نزل الطرحه عليها تاني قوام. 

لكن امه جبرته ورفعتهالها هي، وهو حس بإنه قعد على كوم جمر من لحظة ماوشها اتكشف والعيون كلت وشربت فجمالها، وفضل يشتم في سره على امه لما ودالها مقطف شتايم. 

ومش بس هي اللي الناس كلتها بعيونهم، له دول كمان فصصوا بشاير تفصيص وحتي دهب امهم مسلمتش من عيون الناس، وكأنهم ببياضهم وحلاهم كيف مايكونوا ٣ قوالب سكر نبات وسط اكوام فحم. 

وبالعافيه صبر السيد حوالي ساعه على الوضع ده،وبعدها خطف بشاير خطف من وسط الناس وجرى بيها على البيت، ودخلت وراهم دهب البيت تستنى البياض كعادة اهل الصعيد،


 وأما بسيمه فعاودت على بيتها وهي خابره ومتوكده إنها هتلاقي همام علي آخره من غيابها، حتي لو مثل عكس ديه، وبالفعل اللي حسبته لقته، وبمجرد مادخلت البيت وراحت على اوضتها وفتحت عليه الباب التفت عليها قوام بلهفه، ووشه قوام انطعن بالسواد من الغضب اول ماعينه جات عليها، وبعلوا حسه زعق:

ايه اللي عاملاه فروحك ديه؟ وكيف مشيتي وسط الرجاله باللي فوشك واللي لابساه ديه، خلاص ابتديتي تتصرفي على إنك من غير راجل، ولا عايزه تزغللي العيون وتجمعيلك عريس فلاول؟ 

بسيمه سمعت كلامه وبرقت عنيها بصدمه وهي مش مستوعبه اللي قاله: وفوراً اتقدمت عليه ومسكته من خلجاته، وفى اللحظه داي لا شفعله عندها مرضه ولا عجزه، ونست كل حاجه الا الكلام اللي طلع من لسانه واتهامه ليها الصريح بأنها بلا اخلاق. 


❈-❈-❈

أما في بيت المقاول 

نزلت حوريه المطبخ كالعادة، والنهارده أول يوم شغل بُنا فبيت نعيم الجيد، والحريم كلهم ملهين مابين عميل شاي للشغاله، لتجهيز الوكل للغدا، وكل وحده بلا استثناء حاطه يدها فحاجه، وحوريه من وكت للتاني تبص لعدويه ونفسها تقولها كلام كتير، وتسكت متقولوش، لكنها في النهايه مقدرتش وقالتلها:

والله وهتوبقي ببيت لحالك ياعدويه وهتوبقي سته، بس اوعك تفكري إنك هتحكمي علي بناتي ولا تعملي عليهم حما هناك وتستفردي بيهم، حطي فبالك إن زي ماليا حداكي بتين ليكي حدايا بتين واللي يجرا علي بناتي هيجرا علي بناتك واكتر. 

ردت عليها عدويه وهي عتسك الحطب جوا الكانون:

يختي لو عالوعاره كان اتواعرت من زمان وحكمت ورسمت، ماني طول عمري فايتالك الحكم والرسم، وبعدين بناتي ايه اللي هخاف عليهم، هتعملي فيهم ايه اكتر من إكده، اذا كان مسخراهم هما وامهم، ايه هتعمليلهم ساقيتين وتربطي كل واحده فساقيه؟ اعمليها وعيب عيب اللي يقولك عتعملي ايه، اهم فبيتك وتحت يدك وليهم رب.. وبناتك اللي خايفه عليهم مني اني احن عليهم منك لعلمك، وبعدين اني قاعدالك اهنه مماشياشي، يادوبك الديك ييدن تلاقيني فوق راسك، دا ان مبيتش فأوضتي ومهملتهاش. 

حوريه بصتلها ومردتش عليها، لكنها بصت لباقي الحريم وزعقت فيهم بعلوا حسها:

همي منك ليها وكل وحده تشهل، عتشتغلوا كيف المشلولين جاكم وحط فيكم. 

خلصت زعيق ونقلت عيونها مابينهم، واتحسرت بينها وبين روحها علي حبات السبحه اللي هيتفرطوا من بين اديها، وبناتها اللي هيبعدوا عن عينها، وعالبيت اللي ابتدا يفضى من سكانه وحده وحده، وعلى جيشها واسطولها وسلطته اللي عتزول بالهبابه. 

عدت الساعات، وخلصوا الغدا، وطلعت حوريه ترتاح في اوضتها شويه وتفرد ضهرها بعد ماادتهم التعليمات اللي يمشوا عليها وينفذوها، وبمجرد مافتحت باب اوضتها وشافت صندوقها منبوش وخلجاتها عالارض، جرت عليه وفتشت عالفلوس ولما ملقتهمش كتمت صرخه جواها، وندبت علي راسها وخدودها ورجليها، وبعدها وقعت جار الصندوق مغمي عليها من غير ماحسها يطلع ولا حد يحس بيها..

         الفصل السابع عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

لقراءة الجزء الاول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close