رواية انسحاب الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم حكاوي مسائية

 


رواية انسحاب 

الفصل الواحد والعشرون 21

بقلم حكاوي مسائية


همت بالرحيل، تودع والديها وجدها على عتبة البيت ،لما سمعت صوته خلفها.

-سأذهب معك.

نظرت إليه بتخوف..

-جدي ،اسمح لي أن أذهب لأرى ابني.

احاط الجد كتفي حفيدته بذراعه يمدها بالقوة 

-طبعا يمكنك الذهاب،خذ سيارتك لتعود قبل المغيب.

رسالة فهمها ،يجب أن يرى ابنه ويعود مسرعا .

-احب أن أكلم أمنية، وتكلمني عنه ونحن على الطريق ،سأعود بسيارة أجرة. 

تحلت بالشجاعة وفوقها الصبر على هذا العامر الذي لا تعرف نواياه.

-هيا بنا إذن،أراكم عما قريب إن شاء الله. 

اهم ما أخبرته عن جاد أنه يظن أباه مسافرا ،فرت دمعة من عينيه فمسحها خفية عن ابنة عمه

-خذيني الى محلات لبيع اللعب وثياب الأطفال .

-جاد عنده كل ما يحتاجه و...

-أعرف،ولكنني ابوه العائد من السفر كيف ادخل عليه بيد فارغة!! خذيني الى أغلى المحلات.

-لا تكلف نفسك ،ليس الغالي بثمنه، الغالي بمن قدمه .

-ارجوك .

-حاضر ،حاضر  نمر على المول أولا.

دخل تلك المساحة العجيبة ،محلات وواجهات زجاجية وإضاءات ملونة ،وموسيقى متنوعة ،أناس بين صعود ونزول ،لغط كثير ،كل التجارة جمعت في علبة كبيرة ،يتعبك التجوال بين اثواب وأحذية ومجوهرات ،ولعب ،لترتاح بمقهى كأنها واحة بصحراء .لم يسبق له أن دخل هذا العالم ،ولِمَ يدخله؟ ولكن جاد ابنه يستحق الأفضل.

كان كطفل أعطيته الضوء الأخضر ليختار ما يشاء ،ما اكتفى ولا ارتوى ،وهي تتبعه او توجهه ،حاولت أن تقول له أن هذا كثير ،ولكنه لا يسمع ،كأنه يعوض نفسه عن اربع سنوات مضت.

رصت المشتريات الكثيرة بصندوق السيارة والكرسي الخلفي.وتوجهت نحو فيلا عائشة .

-هل غيرت سكناك؟ 

-انا وجاد  نعيش بالفيلا معنا المربية وخادمه.

-الفيلا  ؟ ألم تبيعيها؟ 

-لم أفعل، لأنني لم أكن مريضة او احتاج علاجا ،كنت حاملا بجاد .

نظر الى الطريق من النافذة يخفي غضبه ولكنه لم يعقب.

-جاد عند صديقتي عائشة ،لا اتركه وحده أبدا.

رآه فور أن دخل حديقة الفيلا،يلعب بالكرة يقذفها نحو المربية لتعيدها إليه، يجري ويضحك ،و هاهو قد رآهما قادمين نحوه ،ركض نحو أمنية 

-ماما حبيبتي!

-حبيبي ،اشتقت إليك.

-وانا ماما اشتقت إليك كثيرا .

-انظر هناك من جاء معي.

نظر الى الواقف لا يشعر بالدموع على خديه،إنه يشبه الرجل في الصورة ،يشبه أباه الغائب.

احتارت عيناه بين ام متأكد منها ،وشخص يتمنى أن يكون كما يتمنى ،أبوه المسافر قد عاد

-هزت رأسها 

-نعم ،حبيبي ،بابا عاد من السفر.

لم يستطع أن يتمالك نفسه أكثر فجثا على ركبتيه يضمه الى صدره ويستنشق عبيره.

-جاد ،حبيبي.انا بابا.

-بابا ،أخيرا عدت .

جاءت سعدية ،وقد تابعت المشهد من أوله

-اهلا بني ،الحمد لله على السلامة.

قام يصافحها وهو يحمل ابنه على ذراعه.

-اهلا يا خالة ،الله يسلمك.

-ادخل بني ،مرحبا.

دخل ،وجلس وجاد بحضنه .

غمزت سعدية لأمنية والمربية

-سأعد الشاي ،انت في بيتك.

انسحبت وهما خلفها ،كأنه كان ينتظر أن يختفين ليقف يحمل ابنه بيديه فوق رأسه،يضحك الصبي فيضمه الى قلبه،يقبله تارة ويمد وجنته له تارة ليقبله الطفل عليها.

-أين كنت بابا؟

-غائب غصبا عني بني .

-ومن غصبك؟ 

ضحك -أوامر عليا،حسبتها لمصلحتي.

ولكنني عدت ولن أسافر مرة أخرى، سعيد انت بعودتي 

-جدا ،اشتقت لك بابا.

-وانا احبك يا عمر بابا.

في المطبخ اختصرت أمنية ما حدث.

-اشفق عليه،انظري لا تجف دموعه.كيف سيتركه ويعود؟

-وعده جدي أن يقضي معه كل نهاية اسبوع.

-غدا السبت ،هل سيبقى ؟

-لا ،وعد جدي أنه سيعود مساء.

-غدا خِطبة عائشة،ماذا لو دعوته ،واخبرت جدك ليهنأ باله.

-خِطبة عائشة ؟ على من؟

-ذاك موضوع آخر ،دعينا أولا نفكر كيف نسعد هذا المسكين.

-خالتي سعدية!

-ماذا؟  حقه،اسمعي ،سيبقى معنا حتى ينام جاد  ويذهب الى بيتك لينام ،وغدا خذيهما معا الى بيت جدك وعودي لتحضري معنا الخِطبة .

-وانا سأذهب معه لاهتم بجاد .قالت المربية.

نكست رأسها تفكر

-لا تفكري ،بادري بهذه الخطوة ،وإن كان كما قال ،سيفتح صفحة جديدة ،سيعتبرها جميلا بعنقه.

خرجت إليه تبشره.

-جاد ،تريد أن تبقى مع بابا ؟

-اجل ،اجل ،سأريه كل العابي.

-بابا احضر لك ألعاب وثياب كثيرة وجميلة ،مارأيك ،أن نأخذها الى بيت جدي ،وهناك تقضيان معا نهاية الأسبوع.

نظر إليها الأب أكثر سعادة من ابنه.

-صحيح؟

-صحيح ،ستبقى معنا ،وغدا اقلكم الى بيت جدي وأعود.

همست له سعدية 

-تتعشى معنا ،ولما ينام جاد ،تذهب لتبيت ببيت أمنية، اتفقنا؟

-وجدي ،أنه ينتظر أن أعود مساء 

-سأكلمه.

واخرجت هاتفها تكلم جدها وتطمئنه. 


دخل الى مكتب صديقه  فقام وسام مرحبا.

اهلا مراد ،غبت يا صاحبي.

-وها أنا جئت. المسكن لم يعد كافيا،اكتب لي آخر أقوى. 

-مازلت ترفض الفحص بالمنظار؟

-اعطني اليوم مسكنا ،وأعود الثلاثاء .

-ولماذا الثلاثاء؟

-غدا وبعد غد عطلة،والاثنين عندي مقابلة مهمة .

-اخبرني.

-أرى الفضول بعينيك .

-أراك سعيدا ،بعد زمن ياصاحبي.

-كاميليا ،اخت يوسف.

-يوسف من ؟ يوسف المنصوري؟

ضحك.-نفس رد فعلنا انا ومجدي ،مفاجأة !

-اخبرني ،كيف ،ومنذ متى ؟

ضحك ،وأخبره ثم :

-سأقابل يوسف يوم الاثنين واطلبها منه.

-وهل تظنه سيقبل؟

-المهم أن تقبل هي ،هي الأصعب،أما هو فسأعطيه كل الضمانات. 

تحزنه حالة صديقه ،يخشى عليه صدمة أخرى ومرضه مرتبط بحالته النفسية ،يخشى عليه ضياع امل أحياه خبر قرابة يوسف وكاميليا. 

-سأنتظرك يوم الثلاثاء ،أرجو أن تأتيني بالبشرى. 

-ادع لي ،هات المسكن لأذهب ،ولو أمكن أن تخدرني قبل الفحص أكون شاكرا .

-لو سمعت ما يريحك يوم الاثنين لن تحتاج لمخدر. 


كانت الاستعدادات على قدم وساق ،فرحة زواج يوسف أعْدَت البيت كله،والكل يريد أن يحضر ولكن الجد قرر .

ام يوسف وزوجها ،الجد وأخوه وحنة .

حزنت فاطمة عمته ،ولكن اخاها حسن ربت على ظهرها قائلا وهو يضحك لها.

-انت ،ونقول امرأة ،ويلزمك إذن زوجك ،ماذا أقول أنا، عم العريس ،إذا كان لم يسألني حتى!!!!

-سنذهب لنتعرف على العروس وأهلها، لو كان عليكم ،سنذهب كلنا ،فيلق كامل ،ألا تخجلون ؟

-وماله الفيلق، ليعرف أصهارنا أن وراء يوسف جيش بعتاده وعدته .

-زواج هو ام حرب؟

-والله يا أبي لافرق. 

نظرت إليه زوجته ليضحك 

-إلا لو كانت العروس أستاذة، فالأمر يختلف،تصبح سجال كلام .

-أحسنت يا خالي،الخوف رجولة.هههههه

-هكذا يا طه ،تراني خائفا لأنك صغير لا تفهم ،انا مرعوب ههههه.

كانت زوجته تضحك لمزاحه ،يظهر الحب بينهما جليا ،يزينه الاحترام والرحمة.

-العروس مهندسة كما أخبرتني كاميليا.

-أخبرتك لما كانت هنا؟

-لا يا فاطمة ،بعد أن كلمنا يوسف ،تكلمنا انا وهي ،تقول انها صديقتها منذ الصغر ،تحبها وتمدح أخلاقها وجمالها.

-وانا أيضا كلمتني يا ماما ،واخبرتني عن العروس.

-حتى انت يا ياسمين ،ولماذا لم تخبرني انا .

-يا ماما ،نحن نكلم كامي كل ليلة،على الواتساب، وهي اجابت لما سألتها .

-الحقيقة أن كامي لا تمر ليلة دون أن تكلمنا ،ولكنني لم أسألها عن العروس.لو يسمح ابي أن أذهب معكم ! 


دخلت حنة بطبق كبير به أكياس صغيرة من المخمل مطرزة بخيوط ذهبية ،بها الحناء ،تتبعها ام يوسف بطبق من الفواكه الجافة .

-لا تنس يا حسن ،أن ترافقنا حتى المدينة ،لنختار لنا باقة كبيرة من الورود 

اجابتها ام يوسف 

-لقد اوصيت زوجي ،سيحضرها الليلة ،لا تقلقي .

-ينقصنا السكر والحليب.

-حتى الحليب ،سيمر على سيدة اوصيتها أن تغلفه بالمخمل المطرز ،يبقى السكر نشتريه ونحن هناك.

تعالت أصواتهم تصلي على النبي 

-الصلاة والسلام على رسول الله ،لا جاه إلا جاه سيدنا محمد ،الله مع الجاه العالي.

وتعالت الزغاريد.معلنة عن فرحة القلوب. 


بعد أن تركته بالفيلا وعادت لتقضي الليلة ببيت صديقتها ،وأخذت معها الخادمة ،دخل الغرفة التي أشارت له عليها.

-يمكنك أن تنام هنا ،غدا سأحضر جاد معي ونذهب الى جدي ،تصبح على خير.

جال بعينيه في بيت أصبح به غريبا وقد كان صاحبه،

احس بكسر الخذلان ،خذلته أمه، أمه التي يجب أن تقدم راحته وسعادته عن أي شيء ،استعملته طمعا في إرث مال مايزال صاحبه حيا يرزق،شحنته حقدا وأفكار سوداء فسار وراءها مغيبا كأنه لا عقل ولا تمييز له.

ادخلته نفقا مظلما ،ويا للعجب ،اخرجته منه فتاة بعقل طفلة ،دفعت حياتها ثمن النور الذي أنار عتمة طريقه.

جلس على الاريكة واضعا وجهه بكفيه منتحبا 

-لماذا يا أمي ؟ لماذا؟ 


ببيت عائشة سهرت النسوة في عمل يتكرر كل يوم ،واليوم كأنهن يقمن به لأول مرة ،تنظيف وترتيب النظيف المرتب.

-كامي ،اوصيت على المأدبة؟

-نعم ،ستكون هنا صباحا معدة لتطبخ هنا ،طباختان من طرف الممون، ومعهما بنات للتقديم. 

-والحلويات؟

-هو أيضا من حضرها ،ستكون هنا صباحا.

أين عائشة ؟

-اذهبي إليها يا أمنية، إنها بغرفتها ،سألحق بك ،بعد أن اعد صينية البخور .

دخلت إليها، كانت تجلس بالشرفة ،تنظر إلى النجوم.

-مابال عروستنا الجميلة ؟

ابتسمت .

-لا أصدق أنني عروس لغير ياسر .

-هل ما يزال حبه بقلبك؟

-أكذب إن قلت اختفى ،ولكن الوهج انطفأ ،قد لا أنساه ،ولكن ليكون لي حافزا  حتى أعيش سعيدة مع من يحبني،لأربي قلبي على حب يوسف ،واروِّض مشاعري حتى لا تنساق لغيره.

-كلمة كانت تقولها أمي ،خذي اللي حبك لا تاخذي اللي تحبيه.

-خذي اللي يحبك وحبيه. يجب أن تكون هكذا يا أمنية. 

وقفت خلفهما. 

-الحب لا يعيش دون غذائَيْه، المودة والرحمة ،اخي يوسف يحبك ،بل كما اخبرني يعشقك ،الجميل أنه جُبِل على المودة والرحمة ،انت تعرفينه أكثر مني عائشة ،كل موظفيه كأنهم شركاء ،يعاملها باحترام الكبير والعطف على الصغير ،فما تظنينه فاعل مع من يحب؟

مازحتها أمنية 

-ومن يشهد للعريس؟

-لا والله ،عائشة أقرب لقلبي منه ،بل زادت معزة عندي بحبه لها ،إنما أريدها أن تغتنم فرصة للسعادة ،ثم ضحكت،اكسري حلقة النحس الثلاثي.

-والله صحيح يا عائشة ،اكسري حلقة النحس التي تربطنا نحن الثلاثة ،عندي حدس انك اول من ستخرج منها ثم نتبعك. 

-ذكرتني ،لماذا سألتني عن مجدي ؟ قلت انك ستحكين لي ،ولكنك سافرت لما عدت انا.

انتبهت عائشة نافضة عنها الحزن

-ممممم ،مجدي !!!هيا احكي.

ضحكت أمنية، مامن شيء لأحكيه ،جاء يوم سألتك ،يعرض علي الزواج ،لم يمهلني لأجيب قدم عرضه وخرج من المكتب ،وقد عاد يوم جاء عامر بعد وفاة زوجته،رآه يخرج ،اغتاظ أن الباب كان مغلقا علينا ،أخبرته أنه طليقي وابن عمي ،لم يهدأ بل زاد غضبا ،كيف يغلق علينا باب وهو طليقي ،أخبرته أننا بيننا ابن ،الذي هو جاد ، الصدمة اخرسته فقلت له أن والديه لن يقبلا أن يتزوج ابنهما الوحيد امرأة مطلقة وعلى ذراعها طفل.كما قلت ،الحكاية انتهت قبل أن تبدأ.

أُحبطت كاميليا وعائشة

-خسارة ،ملصق المطلقة في مجتمعنا يعني حكم بالوحدة طول العمر.

-مابالك بأم مطلقة ؟!!!!. 


سيارة كبيرة مغلقة أطلقت بوقها لتفزع عائشة من نومها 

-من ؟ ماهذا؟

ضحكت كاميليا .

-صباح الخير لأحلى عروس.

-صباح الخير ،كم الساعة 

-العاشرة ،الممون جاء ،سأنزل لأوجه السيدتين الى حيث تطبخان، و اراقب اطباق الحلويات .

قومي لتأخذي حماما ،واهتمي ببشرتك حتى يختفي اثر السهر والتعب ،هيا قومي .

-أين أمنية؟ 

-خرجت باكرا ،ستعود في الموعد لا تقلقي.

-القلق كله من أخي وزوجته ،أخشى أن يقول ما يذلني أمامهم.

-لا تقلقي ،لقد كلمته،لا يتحدث عن مهر ولا شأن له بتفاصيل الزواج ،يحضر كضيف معزز مكرم .

-اللهم اهده يا رب.ألن تذهبي الى اخيك؟

-ليس الآن ،جدي وحنة ومن معهما سيصلون ظهرا ،سأكون هناك ،ثم نأتي بعد صلاة العصر .

-ولكن ،ألن تتغذوا هنا؟

-لا ،المسافة بعيدة ،لابد انهم سيتعبون، اوصيت يوسف أن يطلب وجبة غذاء خفيفة،ثم يرتاحون قليلا قبل أن نأتي هنا.

-وكل ذاك الأكل ؟

امسكت يدها وأخذت تعد على اصابعها 

-نأتي بعد صلاة العصر ،انا وأمنية سنقدم لهم الحليب والتمر ،اطمئني سأسبقهم ،ثم نقدم الشاي والحلويات ،ويبدأ الحديث مع اكواب الشاي ،وبعد الاتفاق، أظن أن الرجال سيخرجون لصلاة المغرب في مسجد الحي ،وتبقى النساء ،وبعد ذلك نقدم الأكل .

-بعد سفر طويل ووجبة خفيفة ،لابد انهم سيجوعون ،قدمي الأكل فور وصولهم .

ضحكت كاميليا.

-حاضر، سأسأل حنة ،لو قالت أقدم الأكل ،نقدمه. 


وصلت أمنية دار جدها، ركض جاد نحو كريم ،طفل يكبره ببضع سنوات ،يلاعبه،ويصاحبه.

-تركني وركض الى كريم!!!

-لا تتعجب ،كريم صديقه ،وطفل في مثل سنه يحب الأكبر منه ،سيعود إليك بعد أن يتعب من اللعب معه.

-سأحضر اللعب من السيارة .

-لا تنس الثياب .تعالي يا خديجة ،لن أوصيك، اهتمي بجاد ،ولا تدعيه يبتعد وسط الأشجار .

بعد أن سلمت على والديها وجدها،

قفلت عائدة لتكون مع صديقتها في يومها السعيد. 


لم تكن وجبة الغذاء خفيفة كما ظنت كاميليا، ولهذا أخرت وليمة الخطبة حتى بعد صلاة العشاء .

منذ وصول اهل يوسف تعالت الصلاة على النبي الزغاريد.ورغم بعض كلمات وحركات من زوجة اخ عائشة إلا أن الليلة كانت جميلة ،البس يوسف عروسه طقما من الذهب المرصع بالياقوت الأزرق،استحوذ على إعجاب الحاضرين ،ولم يغفل خاتما ذا فص ماس بنقاء حبه للعروسه التي البسته الخاتم الفضي.

رغم إصرار سعدية أن يقضوا معهم الليلة ،استأذنوا ليرتاحوا  ببيت يوسف.

-أم يوسف طيبة جدا،أحببتها.

-ألم أقل لك خالتي سعدية ،كأنها نسمة ،وابتسامتها التي لا تفارقها ،تحسين أن قلبها يملأه الرضا.

-من ملك الرضا كأنه ملك الدنيا بما فيها.

-وكيف لا ترضى ،ألم تري مجوهراتها ،و لباسها ،إذا كانت جدته تلبس أحسن مني!

-يا زوجة ابني،هناك ناس مهما ملكوا عيونهم على ما بيد غيرهم ،لا يعرفون القناعة ،ولا يعرفهم الرضا.

جزت كنتها على أسنانها، فهمت الرسالة ،هي من ارتضت أن يستحوذ زوجها على ميراث أمه واخته،ولولا صورتها امام اصهارها، وكيف هي في الدنيا مع ابنتها لا رجل يظلل عليهما ،لولا ذلك لما حضرت لا هي ولا زوجها .

حمحم قبل أن يسأل

-هل ستعيشين معه في فيلته، سمعت انها كبيرة جدا.

-ولماذا يتزوجها إن لم تعش معه؟

اجابت أمه، بينما عائشة كحال أمنية تتابع الحوار ولا تتدخل فيه.

-وهذه الفيلا ،ماذا ستفعل بها.

بدراية المحامية ،فهمت الى ما يرمي.فاجابت

-هذه الفيلا ملك كاميليا ،ستعيش فيها بعد عرس عائشة .

-ما اعرفه انها ملك عائشة ،أختي.

رفعت إليه بصرها متعجبة ،اختي،يا سبحان الله!

-ومالا تعرفه أن كاميليا اشترتها منها ،فهي ترفض أن تعيش مع أخيها بعد زواجه.

-فيلا كبيرة كتلك ،ظننت انها ستأخذ أمي معها.

-ولماذا أعيش مع صهري وبيت ابني موجود

-الحقيقة يا خالتي ،أننا تكلمنا عنك ،ابنك يخشى عليك الوحدة ،وكنا ننوي أن نعيش معك هنا .

-أعرف كم يخشى علي ولدي ،ولهذا سأعيش معه.

-كنت أتمنى ،ولكن البيت انت أدرى به ،الاولاد كل بغرفته،فهل ستنامين في الصالون؟

-وماله الصالون ،أعرف ناسا كبروا ينامون معا في الصالون ،وأصبحت لهم شقق وغرف ،سبحان ذا الفضل والجود

-هيا بنا فقد تأخرنا على الأولاد ،أراك بخير يا حماتي.

-وانت كذلك ،شرفتنا.

وبعد أن اوصدت الباب خلفهما ،انفجرت ضاحكة 

-كيف فكرت في ذلك أمنية؟ 

-من كلامه فهمت انه يحوم ليحط الرحال معك هنا بالفيلا،فأغلقت الباب بوجهه.

-أما أنا فقلت لابد ان صديقتيَّ قد احتالتا علي وأخذت كاميليا البيت الذى املك.

ضربتها بخفة على رأسها

-مارأيك أن كاميليا تنوي فعلا أن تعيش هنا ،وقد تشتري منك البيت .

أظنها لا تريد أن تعكر صفو حياة الرومانسية عليك.هههه

-كاميليا ذات إحساس وذوق ،تريد راحة عائشة ويوسف ،وتريد راحتي ومؤانستي. 

-لا هذا ولا ذاك ،انا أعلم بكاميليا ،ستأخذ الفيلا ثمن العريس.

كعادتها تضع بصمة المزاح على كل حديث،دفعتها أمها 

-قومي لتنامي ،هيا أمنية، هيا لننام ابنتي ،لو على هذه المجنونة ،سنسهر حتى الفجر. 


في بيت آخر ،حيث يوجد عريسان آخران، كانت العروس سارة ،تستلقي على سرير بغرفة باردة ،ودموعها لا تكف ،تذكر خطوتها الأولى في هذه الشقة الجميلة .تقدمت وجلة ،فضحك خلفها ساخرا 

-صدقت انك عروس،لعلك تريدين أن أحملك، أم نسيت ليلتنا الحمراء.

دفعها لتتقدم أمامه

-تلك الغرفة ستكون لك ،لا تنتظري مني شيئا ،لك علي اكلك فقط ،لن تخرجي إلا لما اسمح لك ،حلمك بالتمثيل انسيه ،تعرفين انك فاشلة ،وكل إعلان اشتركت فيه ،نعرف ان المخرج اخذ منك المقابل،وطالما أعلنت انك زوجتي المصون ،التزمي باحترامي، وإلا ،والله ،سمعت والله اتخلص منك بفضيحة .

هاتفت أباها ولم يجبها ،فاتصلت بأخيها

-مراد ،انقذني منه

-هل ضربك ؟

-لا ولكنه يمنعني من الخروج ،وأقسم أنني لو خرجت دون إذن او مثلت سيتخلص مني بفضيحة .

-حقه ،فضائحك تملأ مواقع التواصل،افعلي ما يقوله لك لعل الناس ينسوك. 

-كيف تقول هذا مراد ،تعرف كيف تزوجنا انا لا أحبه.

-اعرف كيف تزوجت ،لأنني مررت من نفس ما يمر به زوجك ،الفرق الوحيد انك لست بريئة ،قري في بيت ،و

احترمي زواجك سارة ،أفضل لك.

     

            الفصل الثاني والعشرون من هنا 

                 لقراءة باقي الفصول من هنا 

تعليقات