أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل الثالث والعشرون والرابع والعشرون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني2 الفصل الثالث والعشرون والرابع والعشرون 

بقلم ريناد يوسف

خلص كرار كلامه مع شوقيه، وبدال ماكان هيقلع جلابيته ويرتاح شويه ففرشته نزل تحت وراح على ابو دراع وقعد جاره وهو عيرعى غنماته، 

وكالعادة سكت متكلمش على امل ان ابو دراع هو اللي يسأله مالك ولو لمره وحده كيف زمان، او حتى يحس بيه ويعرف اللي فيه من غير كلام ويطبطب عليه، لكن للأسف ابو دراع بقي ابعد مايكون عن الاحساس بيه، صوح هو لساه صاحبه وجاره وعيقدمله النصيحه، لكن فنفس الوكت حاسه جلاده اللي واقفله بالكورباج على اقل غلطه ويفضل يجلد فيه لما يخلى روحه تفرفح اكتر ماعتكون مفرفحه من الغلب، وبالذات بعد حادثة شوقيه.. 

وبعد فترة سكوت اتكلم كرار لحاله كالعادة وبحده سأل أبو دراع:

ماتدبرني ياصاحبي اعمل ايه، الخلق داق والقلب مبقاش متحمل الهم اللي هو فيه.

رد عليه ابو دراع وقاله:

والله الهم مجاش من طريق ونص وجالك، الهم انت اللي جبته لروحك لما ظلمت مخلوقه غلبانه فلاول لا حول ليها ولا قوة، 

ومن بعدها رحت جبت وحده مش من توبك ولا توالمك وعماك العشق ولفتك على صباعها الصغير ودهولتك دهوله وسلمتها دقنك وحالك ومالك، ورقبتك حطيتها تحت جزمتها، وفي الاخر لبستك خاذوق طلع من نافوخك، وظلمت روحك في كل مره قهرت البريئه ورميتها بتهمه زور وطعنت فعرضها وشرفها وحرمتها من اهلها وحرمتهم منها، وربنا جازاك باللي إنت فيه ديه دلوك، وياريتك اعتبرت من اللي جرالك، الا له ظلمك وطغيانك واصل لعيله صغيره موريها الويل وكاسر نفسها من يوم ماخلقت عالدنيا، وكل ديه ومعاوزش ربنا يوجع قلبك؟ 

له دانت يتوجع قلبك ويتوجع بدنك وكل شي فيك، واديك عتدوق من كاس المرار اللي دوقته للناس،شوف دلوك آني فبيتك ايه ومخليها على ذمتك من بعد مااتوكدت من نجاستها، شوف عتعمل فيك ايه وهي العايبه وانت الحق معاك، بالظبط زي ماعملت فشام عيتعمل فيك، ولسه ياكرار ربك عادل ومعيفوتش مثقال ذره وعذابك لساه مطول وكبير.

خلص كلامه وقام يهش غنماته لمكان تاني ياكلوا فيه، وهمل كرار يفرفط من الغلب والقهر والحزن المغلي اللي ساقط فيه لشوشته وملاقيلوش منيه منفس، وغير دول ودول مقادرشي يعمل اي شي نفسه فيه من خوفة يخسر نفسه وكل حاجه، وأولهم شام اللي بقى يتمناها حتى فأحلامه ومطايلهاش، وكل مايتفكر كلام امه اللي قالتهوله وتحذيرها ليه، والفرصه اللي ضيعها من يده يوبقى هاين عليه يضروب روحه بالبولغه اللي فرجله.

❈-❈-❈


أما شوقيه فبعد مانزل كرار قعدت علي السرير وبصت بعيد وهي مغمومه من الحال اللي وصلتله مع كرار، واللي صوح هي فيه اللي سايده الموقف وكل شي فيدها، لكنها خسرت محبة كرار ليها واحترامه وتقديره، وطلعت من قلبه نهائي ودلوك هو مغصوب عالعيشه معاها ومخليها فبيته بالغصب واللي غاصبه الاملاك وخوفه علي نفسه، غير إكده كان زمانها مرميه في الشارع بفضيحه من زمان، 

وجزت على سنانها وهي عتتحلف لحوريه تدوقها الويل اكتر واكتر كيف ماهي دايقاه من بُعد كرار عنها دلوك.

وغمضت عيونها وهي عتتخيله عيبص لشام دلوك بعين قويه وبدون خوف منها وعيتملى فجمالها، من بعد ماكان الأول عينه يخاف يرفعها عليها ، واتفكرت المرات اللي كانت عتعاتبه فيها زمان وتحاسبه من غيرتها عليه وكيف كان رده عليها وكتها وتقارنه برده عليها دلوك.


شوقيه:

كنت فين واتأخرت ليه وانت طالع من تحت؟؟ايه حودت علي الموطبخ لحبيبة القلب المهببه المدخنه ولا ايه؟

كرار وهو عيقرب عليها بالهداوه وبابتسامه حنونه رد عليها:

عمرها ماكانت حبيبه ولا في القلب غيرك وانتي خابره ديه زين!!. بس لازمن تسمعيني كلمتين سم البدن دول كل مره اعاود فيها البيت! متعرفيش تستقبليني بضحكه ولا كلمه حلوه كيف الحريم واصل؟؟.

شوقيه بحده:

قصدك مين بالحريم؟ تقصدها هي مش إكده؟ 

كرار:

- يابوي هي مين ؟وهي دي من ضمن الحريم! طب بذمتك عمرك حسيتي اني حاسبها مره؟

 تعالي بس اهنه وريني ايه اللي لابساه الحلو اللي عيزغلل العين  ديه ياملكومه ولايق علي عودك وهياكل منك حته!!.


شوقيه:

متاكلش بعقلي حلاوه يامقاول! عشان معاكلش من الحديت ديه!! آني مشايفهاش من ضمن الحريم هاه؟ 

بأمارة ديك المره اللي ظبطتك فيها معاها في الموطبخ وانت عتتطلعلها بلهفه!! وكأنك مشتهي صنف الحريم من سنين ومحداكش مره تملا العين وتسر الخاطر!!.. بس هقول ايه اللي عينه فارغه معيملهاش غير التراب.

كرار بزهق:

طيب بلاها من الحكي ديه عشان مسمعكيش الكلمه اللي عتزعلك وتخليكي تتمغصي.!!

شوقيه بتهديد:

 عارفاها زين الكلمه.. انها مرتك زي ماني مرتك مش إكده؟ طيب قولها وطلعها من خشمك وشوف ايه وكتها اللي هيحصلك ويحصلها من قبلك!!ويلا شوفلك موطرح تاني بيت فيه ليلتك عشان اني زعلت واتمغصت ومغصتي واعره وانت خابر!!. وانت اللي جبته لحالك!! 

كرار وهو عيتحرك من قدامها ناحية الباب:

-تمام.. وانتي كمان اللي جبتيه لحالك وخليكي فاكره.

ويادوبه وصل الباب وهيمد يده عليه اتبسم وهو عيحس بيها عتخبط في ضهره واديها عتحاوط وسطه وتقوله بوعيد:

طب والله ياكرار الزفت ماهتنزل وليلتك مش فايته النهارده. 

فالف عليها كرار وهو عيضحك وبص فعنيها وقالها:

اللي مش كد الكيد ميلعبش ياشوشو، ماقولتلك من لاول بلاها غيره ماسخه وقفلي عالكلام مسمعتيش الكلام، واديكي جيتي بالعين الحمره اللي مليكيش غيرها. 

قالها وبحركه سريعه شالها واتحرك بيها وهي حاوطت رقابته بتملك كيف مايكون طير وخايفه يفر منيها ويروح لغيرها. 


فتحت شوقيه عنيها وفاقت من سرحانها على حس ولدها اللي عينادي عليها وماسك فطرف توبها وعيشد فيه، ورجعت من احلى ايام حياتها مع كرار لأتعس الايام اللي عايشه فيها دلوك، وديه بسبب الغلطه اللي عملتها من غير تفكير فلحظة ضعف وحنين وخسرته بسببها. 


❈-❈-❈

عند عبد الصمد فبيته

دهب:

همله ياعبد الصمد تاخدهوش معاك احسن تجراله حاجه ديه واد شقي معيقعدش على حيله

عمران: اني زعلان منك ياستي ومش هحدتك تاني عشان عتقومي جدي علي


دهب: ياستي اني خايفه عليك والله، جدك صحته على كده ومهيقدرش يحرسك وانت مفطفط وابوك مقاعدشي هو وامك في البندر النهارده، اقعد معاي استناهم هيجيبولك حاجات حلوه وهما معاودين. 


عمران وهو عيمسك فاسه الصغير:

له رايح مع جدي يعني رايح، وبعدين اني هساعده، فطفطة ايه ياستي اللي هتفطفطها يعني. 

عبد الصمد ضم عمران عليه ورد على دهب وقالها:

همليه يادهب عمران بقى راجل، فطفطة ايه وحنجلة ايه بس اللي عتقولى عليها داي. 

خلص كلامه وخد عمران واد بته وطلعوا عالغيط، وهناك ابتدوا يفلحوا في الغيط على كد حيلهم هما التنين لحد مايعاود السيد وهو اللي يفلح في الارض كيف مامحتاجه. 

وبعد شويه وقف عمران ورمى الفاس في الأرض وبص لجده هو وعيمسح عرقه وقاله:

جدي عطشت هروح اشرب من الطرمبه واعاود. 

عبد الصمد:

له تروحش الميه في الجركن اهي اشرب لغاية ماتقول يابس. 

عمران:

له مية الجركن حاميه، اني عحب اشرب من خشم الطرمبه ميتها عتكون بارده وحلوه. 

عبد الصمد:

اسمع الكلام ياعمران واقعد على حيلك ومتتحنجلش عاد وتخليني اقول ياريتني ماجبته معاي وكنت سمعت كلام سته. 


عمران:

ياجدي متعملش كيف ستي انت كمان، الطرمبه اهي قبالنا فيها ايه لو رحت شربت منها؟ خلص جملته وجرى طوالي من قدام جده وراح على الطلمبه اللي عالطريق،

 وشرب، وكل ديه وجده متابعه بعنيه، وبمجرد ماخلص شرب اتحرك فوراً عشان يرجع لجده ومن غير مايبص حواليه، ولا يشوف العربيه الكارلوا اللي كانت محمله برسيم على اخرها ووراه باللاحق، واول ماحط رجله عالطريق فات فيه الحمار وفثوانى بقي تحت عجل العربيه. 


والعجلتين عدوا عليه، وكل ديه حصل في لمح البصر قدام عيون عبد الصمد اللي كان شايفه وعيصرخ عليه، ورجليه مشالوهوش يتحرك عليه خطوه وحده، فقعد مكانه عالارض وهو شايف عمران ممدد عالأرض وبقي يشيل من تراب الارض ويحط علي راسه، وبدنه كله عيرجف وحاسس بالعجز وهو لا قادر يتحرك ولا عارف يروحله، وبس يستنجد بالناس، ولغاية ماالناس اتلمت على صاحب العربيه اللي وقفها ونزل منها يشوف الواد جراله ايه.. وعبد الصمد علي صرخه وحده، لغاية ماجابوهوله وهو غرقان في دمه وحطوهوله فحجره وهو إهنه انتهى خالص. 


❈-❈-❈


اما فبيت المقاول 

شام قاعده في الموطبخ بعد مالكل ناموا، وعماله تجلى في الصحون والحلل، وعلى الكانون عتطيب التقليه بتاعة طبيخ بكره، وتخلص اللي وراها كله قبل ماتنام؛ عشان تصبح الصبح تكمل الطبيخ على طول، 

في الاثناء داي سمعت حس عزت اللي كل ليله في الميعاد ديه يفضل يحوص ويلوص حوالين الموطبخ وحواليها وعيونه تاكل وتشرب فيها لحد مايكرهها فنفسها:

شام.. انتي يازفته يااللي اسميكي شاام. 


سكتت ومردتش عليه، وهو بعدها قام وراح عالموطبخ بغضب، وشافها وهي قاعده عالطشت وعتغسل في المواعين في الساعه المتأخره داي من الليل، وكل حريم البيت نيام، ففضل هبابه باصصلها وعيحدت نفسه بحسرة:


- لميته هتقعدي اكده كيف شجرة التفاح اللي طرحها طايب وطالب الاكيله ومحدش مادد يده عليه ولا دايق حلاته؟؟. مش حرام النعمه تكون طول الوكت قدامي محروم ومقادرشي يمد يده عليها!!.آاااخ يادنيا ياللي عتوزعي النعم بميزان خربان!! عتزودي كفة اللي ميستاهلش وتنقصي كفة الغلبان.. وعجبي!!

وبعد كلامه وهمسه مع نفسه وجهلها الكلام وقالها:


-انتي يامره مش عنادم عليكي معترديش ليه؟

شام ردت عليه بعدم مبالاه:

عجلي وعطبخ ومسمعتكش عاوز ايه؟


عزت بأمر:

-عاوز بصاية وتغسليلي الشيشه وتعمريها وتجيبهالي اني قاعد في الحوش بره.


شام :

ومرتك متعمرلكش وتشوف طلباتك ليه؟ اني مفاضياشي نادم عليها تعملك اللي عاوزه.!!

-

عزت مرتي قاعدة في غرفتها تحت فرشتها دفيانه وست بيتها.. وانتي اهنه خدامة البيت وتعملي كل اللي تتأمري بيه وتنفذيه من غير حديت!!

وقرب منها ورقق نبرة صوته.. قولتلك الف مره طاوعيني واني اخليكي ست الدار ديه كلياته!! البسك الحرير ،واسيغ درعاتك الحلوين دول بالدهب ،واوكلك اللي محدش أكله، وادلعك دلع فحياتك محلمتيش بيه.. ولساتني عند كلمتي ولسه أوان الدلع مفاتش، ولساني رهن كلمه منك ،قوليها وسمعيهاني، واني اجيب الدنيا كلها احطها تحت رجليكي اللي كيف اقماع الجلاب دول. 

شام:

-طيب واللي علي ذمته ديه مش بعينك خالص؟

عزت:

 وهو فين اللي علي انتى على ذمته ديه؟ ماتقوليلي..خطِّي كام خطوه نواحي السلم واسمعي ضحكه ولعبه مع مرته، وبعدها ياخدها فباطه وتغفي علي دراعه وتنام علي انفاسه، وانتي اهنه كل الدفى اللي محصلاه دفى نار الكانون.. عمرك عيعدي وانتي لحالك وجمالك كل يوم عتتبخر منه هبابه مع دخان الحطب!! لا انك اتهنيتي بيه، ولا خليتي حد يتهني بيه، ولا عرفتي قيمة جمالك واللي تقدري تحصليه من وراه.. طاوعيني وشوفي اللي هعمله عشانك، وصدقيني عمرك ماهتندمي.. هتكوني حاكمه مش محكومه.. هتبقي آمره مش مأموره..

اتبسم لما شاف عنيها زاغو وبصت لبعيد، وابتسمت كيف ماتكون اتخيلت روحها في الصورة اللي رسمها قدام عنيها، وعجبتها الحياة اللي وعدها بيها..ميل عليها وهمسلها بتأكيد.. فكري فيها وانوي ،واني خدام تراب رجليكي، وهخليكي تندمي علي كل يوم عدي ركبتي راسك فيه ورفضتيني ورفضتي قربي. 


خلص عزت كلامه وهملها واتحرك من جارها وهو عيتمني أن شيطانها يتغلب عليها النوبادي وتوافق علي كلامه، وتعطيه من بحر جمالها الشَربه اللي متوكد أنه بعدها لن يظمأ أبداً.. وعمره ما هيدنى من حوض مره من بعدها ويشرب منيه.

 

أما شام فماهي الا دقايق قدر شيطانها فيها يزينلها كلام عزت بإن فيه خلاصها من ذلها، الا انها رجعت افتكرت أن عزت بذات نفسو مذلول وتحت رحمة كرار وعياكل هو وعياله ومرته من فضلة كرار وشوقيه زيه زيها، واصلا حتى لو مش إكده وكان عين اعيان البلد، هي لا هتضعف ولا هتفرط في شرفها، وصنف الرجاله علمت عليه بالقلم الاوحمر، لا في حلال ولا فحرام بقت تطيقهم ولا تطيق قربهم منها ولا بصتهم ليها حتى. 

❈-❈-❈


أما عند حوريه فأوضتها

اتأخرت عليها النوبادي شوقيه ومجاتش طوالي ورا كرار تاخد منها الكيس اللي جايبهولها باللي فيه، وعيالها مقاعدينش عشان يخبروها بان ابوهم جابلها حاجه، فقوام فتحته وخدت منيه فاكهايه وكلتها وخدت وحده تانيه دستها تحت مخدتها؛ عشان تاكلها بعدين، وسابت الكيس لشوقيه؛ عشان لما تاجي متلاقيهش ناقص كتير وتفتش عاللي ناقص منه كيف ماحصل قبل سابق، أو تدكمها لو ملقتش حاجه، وتسمعها سم الكلام، وفي النهايه حوريه لا تقدر تتكلم ولا تشتكى. 


وفعلا اللي حسبته لاقته وهي واعيه باب أوضتها عيتفتح وداخله منيه شوقيه كيف زعبوبه عتهب عالنفر فجأة بدون انذار، وخدت الكيس من جارها وفتحته بصت فيه، وبعدها عطت حوريه بصة كره ممزوجه بغل وهملتلها الأوضه وطلعت. 


وفاتت حوريه تشيل وتحط فنفسها من القهر وهي حاسه بالذل من بعد ماكانت كبيرة البيت والكل في الكل، اصبح كل امرها فيد عيله من دور عيالها وهي اللي عتحكم عليها وعلى كل البيت،


 وسرحت بخيالها تفتكر ايام زمان وايام سلطتها وجبروتها وتحكمها في الكبير والصغير، والندم ابتدا ياكل في قلبها علي كل على اللي عملته فشوقيه واللي كانت فاكره إنه المسمار الاخير اللي عيتدق فنعش قعدتها في البيت وعلى ذمة ولدها كرار، لكنه كان المسمار اللي اتدق فنعشها هي واتقفل عليها صندوق اتدفنت فيه بالحيا وهي اللي دخلته برجلها. 


وافتكرت اليوم اللي ابتدا من حداه كل ديه.. 


شوقيه لشام بعد اللي حصل بينها وبين كرار بكام يوم وهي واقفالها علي باب الموطبخ وحاطه يدها فوسطها وعتكلمها بأمر:

همي ياهامله خلصي اللي فيدك وتعالي عشان تنضفي الأوضه بتاعتي وتلمي الغسيل تغسليه. 

شام اتعدلت وبصتلها ومتكلمتش كالعاده، وحوريه هي اللي ردت عليها:

مكنتي نسيتي الموال ديه ياشوقيه وكلتي مركوب وسكتي وبعدتي عن شام من بعد ماودودتلك عديله فودنك بكلمتين نشفوا دمك ونشفوا ريقك كمان، والله اعلم كانوا ايه، ايه اللي جرالك دلوك نسيتيهم ولا ايه؟ 

شوقيه كانت هترد عليها، لكن سبقتها في الرد عديله اللي كانت واقفه ورا شوقيه وسامعه الحديت من اوله:

ولو الحديت اتنسى نعيدوه من تاني ونفكروا اللي نسيه، احنا لا روحنا موطرح ولا الحديت اتنسى. 

وسحبت شوقيه من يدها على كد حيلها وراحت بيها علي اوضتها تفكرها باللي عاملاها نسته، ولساها هتتحدت عديله سبقتها شوقيه وهي عتنشك يدها منها وتقولها بعين قويه:

عقولك ايه ياوليه انتي، اللي انتي فارده قلوعك عليا بيه ومفكره انك هتفضلي محصنه شام مني بمعرفتك بيه لاخر العمر ديه تبليه وتشربي ميته، 

خلاص الحكايه عدت عليها سنين وبقي حداي عيل واللي هيقول كلمه من كلامك ديه هيوبقي مجذوب رسمي والعمده بنفسه اللي هيتصرف معاه، حتى لو كرار زات نفسه، فخلاص الخوفه راحت وتهديدك بطل، ومن إهنه ورايح الزانيه داي هتكون خدامتي وتحت رجلي وطوع يدي، 

ياإكده يأما اخلي كرار يطلقها ويرميها بره البيت وهتطلع لحالها ليهاش بنات حدانا، وبتها هي اللي هتحل محلها في خدمتي. 


ردت عليها عديله بغضب:

عتقولي على مين زانيه ياللي معتستحي يابتاعة رقبة الحمامه ياملعبه يااكبر زانيه في الدنيا، طب دا عالقليله شام اتغصبت غصبنيه واللي عمل عملته خدها وسترها، انتي عاد مين اللي عيمل عملته معاكي وليه هملك وفاتك،  وقبل ماتردي هرد اني عليكي،، عشان الواحد اللي عيدوق الوحده عيمضوغها ويرميها ومعادش يتطلع عليها تاني، كيف تفه واتفت معتتلحسش

ردت عليها شوقيه وهي عتجز على سنانها من الغيظ لان عديله ضغطت على الوتر الحساس جواها وحطت يدها عالوجع:


بصي قولي اللي تقوليه واعملي اللي تعمليه، وعقولهالك وعلى مسامع الجميع، من اليوم وطالع كل اللي في البيت ديه هيمشوا تحت امري اني وبكلمتي، كبيركم وصغيركم، حريمكم ورجالتكم، اني شوقيه بت العمده ومرت المقاول وصاحبة الاملاك، وروحي ياعديله واعلى مافخيلك اركبيه. 

خلصت كلامها وراحت عالباب قوام وفتحته مره وحده عشان تنادى على شام اللي اتأخرت عليها، واول مافتحته حوريه اتحركت لورا خطوتين قوام وعملت روحها انها لساها جايه من الموطبخ، ووقفت قصاد شوقيه اللي حسها لعلع في البيت وهي عتنادي علي شام، وبصتلها حوريه وهي مصدومه من اللي سمعه، لكنها مش مستغرباه واصل؛ 

لأنها كانت حاسه ان شوقيه مش مظبوطه من الاول، بس مش للدرجه داي واصل. 

واتحركت من قدامها وهي عتسأل روحها ياتري مين اللي عيملت عملتها معاه ولبستها لولدها المهبل اللي شربها كيف الطروبش؟ 

،وبعد تفكير اهتدت لأن واد عمها هو اكيد اللي عيمل فيها إكده، وعشان اكده هملها بعد ماكانوا على وش جواز. 


وقعدت علي الدكه تفكر فاللي اترمى فحجرها واللي فيه قشعة شوقيه من البيت، واللي اكيد ربنا مكشفهوش قدامها عبث، بس ياترى هتعرف تثبته عليها كيف، وبالذات ان الكلام ديه فات أوانه بكتير، ولامت عديله لأنها احتفظت بالسر لنفسها، واتوعدتلها بالويل عالفرصه اللي ضيعتها منيها. 


اما عديله فرجعت حست بالعجز مره تانيه من بعد ماحصن شام اللي كانت محصناها بيه من شوقيه اتهدم، وعاودت شوقيه تعفص على رقبة شام المسكينه من تاني، والنوبادي هي القويه واللي عتهدد، وعارفه زين انها ماسكه شام من يدها اللي عتوجعها، بتها اللي روحها فيها واللي لايمكن هتهملها لو انطبقت السما عالارض. 


ومن بعدها فضلت حوريه شهور عينها على شوقيه معتغفلش، وراحت للدايه وضغطت عليها عشان تعترفلها بموال شوقيه، لكن للاسف الدايه رفضت، ولأن حوريه عتعرف فمداخل الناس زين.. ادت للدايه المبلغ اللي خلي الكلام يسيح من خشمها لحاله، واعترفتلها بكل حاجه وحكتلها كل اللي جرا.. 

من ساعة مااستدعاها العمده تكشف على شوقيه اللي شكوا بأن واد عمها خد شرفها، ولما لقتها مش بت ومعندهاش شرف طرمخت عالموضوع بجوز اساور دهب من شوقيه دس عن الكل.. لغاية قبل الدخله بيومين وحوصلة الحمامه اللي عرفتها تتعمل كيف وكيف تخليها تخيل عالراجل.. وبرضك خدت منها حلوانها عليها.


 وبمجرد ماخلصت الدايه كلامها قالت لحوريه إن الكلام ديه ليها هي بس، ومش هتقوله قدام مخلوق تاني، ولو حوريه جابت سيرته هتنكره وتشهد مع شوقيه بإنها شريفه، لانها لا كد العمده وعمايله، ولا كد انتقامه منيها على حاجه كيف داي، غير إن السنين اللي عدت خلت الكلام مليهش اي عازه. 


وبعد ماخدت حوريه الاعتراف اللي خلى القهر حرق روحها حرق، خدت بعضها وعاودت البيت وهي حاسه إن الدنيا عتلف بيها، وخدوا هي ولدها اكبر قلم على قفاهم هما التنين، وطول الوكت آنيين فبيتهم زانيه، وكأن بيتهم بقى متوى للزانيات.. شام فلاول وادي شوقيه بت العمده، وكرار ولدهاحظه ونصيبه عيوقعه كل وقعه ووقعه انقح من التانيه. 


ومر الوكت وعدت الايام والشهور وحوريه عتحوص وتلوص حوالين شوقيه عشان تمسك عليها حاجه، ومراقباها من بعيد لبعيد مراقبة البسه للفار. 

وبعد حوالي تلات سنين اتحملت فيهم حوريه وشام وعديله وكل اهل البيت الويل من شوقيه، وكله بمساندة كرار اللي كان مكبرها عالكل حتى على أمه، 

وفي التلات سنين دول اشتروا هي وكرار اغلب ارض عزت وكل معداته، واتدايروا على املاك صفوت اللي ابتدا يبيعها هو كمان بعد ماكرار حاربهم فرزقهم وقطع وكل عيشهم وكله بإس شوقيه، ومبقاش فيه قدامهم غير انهم يشتغلوا حداه باليوميه.. 

اخيراااً جات الفرصه لحوريه اللي عرفت بيها إن خلاص زمن شوقيه هيولي. 

وديه لما سمعت إن واد عم شوقيه اللي كان خاطبها فحال لاول جه البلد لأول مره من ساعة مافسخ خطوبته هو وشوقيه، ومن ساعة ماشوقيه سمعت الخبر من كرار، اللي نبه عليها متخطيش بيت ابوها طول ماعمها وخطيبها السابق قاعدين فيه، وهي لا على حامي ولا على بارد، وطول اليوم تلف في البيت كيف اللي عتطلق، وتاني يوم بعتت عالدايه بحجة انها تعبانه وبدها تكشف عليها. 

وطبعا حوريه مكانتش بالغباء اللي ميخليهاش تفهم إن الدايه مرسال..وخصوصي لما رجعت اخر النهار بحجة انها جايبه لشوقيه اعشاب تروقها، وحوريه اتأكدت إنها جايبه رد الخبر مش الاعشاب، لان الدايه عتمشي بخُرجها طول الوكت، وخُرجها عمرو ماخلى من الاعشاب اللي تحتاجها الحامل بكل انواعها. 

ومن ساعتها وفتحت عيونها اكتر، وبقت حتى الليل ماتنامه، وبعد يومين بليله، وفي الليله التانيه بالظبط، حوريه قاعده فأوضتها ومواربه بابها وصاحيه وعينها عالحوش، شافت شوقيه طالعه من البيت تتسحب بعد نص الليل بشويه، في الوكت اللي الكل فيه نيام ومفيش غير حس الضفاضع وصراصير الليل بس هما اللي معكرين سكوته. 

فاتعدلت على سريرها وهي عتتبتسم وتحمد ربها عالفرصه اللي فضلت كتير مستنياها واهي جاتلها اخيراً. 

وقامت تتسحب ورا شوقيه من بعيد، وشافتها فتحت البوابه بالهداوه خالص، وطلعت منها، ووقفت تتحدت مع شاب كام كلمه، وبعدها دخلت المندره هي وهو وقفلوا بابها عليهم. 

واول ماحوريه شافت إكده جريت على ولدها كرار بكل حيلها، كيف سجين فتحوله باب السجن بعد سنين اسر وقالوله الحريه قدامك، بس لو مبعدتش بسرعه هنرجعوك للأسر من تاني. 


وفأقل من دقيقتين كانت واقفه فوق راس ولدها كرار وهابشاه من خلجاته مقوماه مفزوع، وبحس واطي وهمس يشبه فحيح الافاعى قالتله:

قوم ياعويل شرفك عيتمرمغ في الوحل وانت نايم على ودانك. 

كرار وقف على حيله وهو مفاهمش حاجه ولا مستوعب، وأمه مدتلهوش فرصه للفهم وجرته علي تحت، وفي الجنينه لحتنها قالتله عالمستخبي، وهو كمل معاها لكنه مش مصدق حرف من اللي عتقوله، لغاية ماوصلوا قدام باب المندره المقفول، وفي اللحظه داي ابتدا عقل كرار يجمع الكلام ويفهمه، وبحركه بطيئه شاور لأمه بصباعه عشان تسكت، وبعدها راح هو على اقرب شباك من شبابيك المندره واتعلى وبص منه،

 وبس عينه جات عاللي عيجرا جوا المندره برق عيونه بصدمه كيف ماتكون ضربتوا صاعقه، وفوراً نزل من الشباك ووقف متلاع يبص يمين وشمال ومعارفشي يعمل ايه، يكتلهم هما التنين سوا، ولا يربطهم ويجرسهم وهما حيين ويخلص قهرته منهم..

 بس فكر فيها قوام وشاف إنه لو حتماً ولابد هيكون فيه خراب يوبقي يطلع مستفيد هو فلاول، فقال لامه تقعد ساكته متتكلمش، وفوراً راح على بيت العمده يجيبه هو وولده ويشهدهم على بتهم، وياخد منهم أوراق الملكيه بتاعة املاكه اللي بأسم شوقيه اللي عاينها العمده حداه،

 ويرميلهم بتهم وتخلص القصه، وكمان عشان ولاده ميتعايروش بأمهم، وإكده يطلع هو الكسبان. 

ومشى الطريق كلها ميعرف كيف،

 وهو كل خطوتين رجليه يفتلوا ويكون رايح يوقع وهو عيتفكر منظر مرته مع واد عمها وهي فحضنه وعمال يحب فيها وهي تبادله بمنتهي اللهفه، لهفه عمره ماشافها منها هو ذات نفسه! 


وأول ماوصل بيت العمده خلي الغفير يصحيله العمده وولده قوام، وبمجرد ماصحيوا وطلعوله وهما مخضوضين من اللي جايهم فالساعه داي، خدهم معاه كرار طوالي على بيته بحجة ان شوقيه تعبانه، ومرضيش يقولهم السبب الحقيقي، عشان استغرابهم ممكن يأخرهم الوكت اللي يخلي شوقيه واللي معاها يخلصوا اللي عيعملوه. 


أما حدا حوريه، بعد مامشى كرار بدقايق، طلع ابو دراع من بيته بعد مافاق من نومه، وحس ان فيه حاجه مش طبيعيه، وخصوصي أن بيت المقاول مفتوح فساعه كيف داي، واتأكد من إحساسه لما شاف بوابك الجنينه كمان مفتوحه، فطلع قوام يجري على بره وكل تفكيره إن فيه حرامي نط البيت وخد اللي خده منه وطلع، وبمجرد طلوعه من البوابه وشوفته لخيال في الضلمه متبينهوش مين زعق بعلوا حسه وقال:

مين هنااااك. 

وبس هو قال إكده حوريه غمضت عنيها ودعت عليه من نص قلبها كيف ماخرب كل شي وهيروح عليها الفرصه، فجريت ناحية باب المندره تقفله قوام قبل ماشوقيه وعشيقها يطلعوا منيه، 

وبس هي اتحركت، قوام جري أبو دراع ناحيتها وهو معارفهاشي مين، كونها واقفه فزاويه ضلمه ومفكرها حد عايز يهروب منيه، فقوام مسكها وكتف حركتها، وعلي مااكتشف انها حوريه وخده العجب..، اتفاجئوا التنين باللي عيفتح باب المندره ويطلع منها بسرعة البرق، وبس لمحته حوريه زعقت فابو دراع وهي عتضروبه علي صدره بأديها التنين بكل قوتها:

روح هاته قوووام اوعاك يفلت منك، لو فلت منك وهرب معناها ضاع كل شي. 


وبالفعل جري ابو دراع وراه بكل سرعته، جري وراه عشان يجيبه بأي تمن وهو مفاهمش حاجه، بس اللي استنتجه إن وراه عمله كبيره ومينفعش يفلت بيها. 

اما حوريه فبمجرد ما ابو دراع جري ورا عيد واد عم شوقيه، وقفت على باب المندره وحلقت بأديها على شوقيه اللي كانت عتحاول الهروب، وفضلت مانعاها من الطلعه لغاية ماوعيت ابو دراع معاود بعيد، وفنفس اللحظه شافت العمده وولده تاقوا مع كرار من آخر الشارع. 


وبمجرد وصول الطرفين، المشهد مكانش محتاج شرح ولا كلام من منظر شوقيه وعيد وخوفهم وربكتهم واجتماعهم فمكان واحد، بالذات للعمده وولده، اللي المشهد ديه مش غريب عليهم بالمره واتعاد قدام عيونهم قبل سابق. 

ومن غير ماأي حد ينطوق كلمه العمده ادى امر لولده وقاله:

اسحب اختك عالبيت قوام، وانت ياابو دراع همل النجس ديه دباره عندي، وانت ياكرار تعالى معانا. 

اتحرك الكل بانصياع للأوامر، وراح كرار معاهم بقلب مفطور عشان يخلص للأبد من شوقيه ونجاستها، وحوريه وقفت تتفرج عليها وهي طالعه من البيت مكسوره مذلوله وقلبها من جوه عيزغرت من الفرحه، وكل ماشوقيه تخطي خطوه وتبعد حوريه كانت تسمعها كلمه تهز البدن من وعارتها، لغاية ماوصلت وراها لاخر الشارع، وكانت سمعتها كل اللي شفى غليلها منها ومن سنين القهر اللي اتقهرتهم بوجودها. 

أما العمده وولده فكانوا ساكتين خالص، وبمجرد ماوصلوا لأخر الشارع العمده بص لابو دراع وقاله:

أبو دراع، خد انت الحجه وعاود بيها للبيت، معاوزينش شوشره، احنا هنخلصوا الموضوع مابينا ومهياخدشي غيرها ساعه. 

وسمع ابو دراع الكلام وعاود هو وحوريه عالبيت، وكل تفكيرهم إن الموضوع هيخلص بالطريقه المعتاده، والمتعارف عليها في المواقف اللي زي دي. 


أما شوقيه فاطول الطريق كانت تخطي الخطوه وهي حاسه انها عتقرب من نهايتها وإن موتها على وشك، وانها ماهي الا دقايق معدوده وتتروى الارض بدمها وتتسبخ بلحمها وعضمها، وبين كل خطوه والتانيه تبص لكرار عشان تشوف رد فعله، وفكل مره كانت تشوفه جامد وباصص قدامه بملامح متجهمه وعينه معترفش ووشه محقون بالغضب، كأنه ماشي فجنازة حد عزيز عليه عيشيعه لمثواه الاخير، وديه كان مخليها شاممه ريحة الموت فمناخيرها طول الطريق. 


ووصلوا البيت هما الخمسه، وبمجرد دخولهم اخو شوقيه فوراً هجم علي واد عمه ضرب، وبعد مااشتفى فيه وخلاه كيف القتيل معيحركش يد ولا رجل، اتحول على شوقيه، وكل ديه أمها كانت واقفه بعيد وشايفاه، واتوكدت دلوك من شكوكها ناحية بتها، اللي اتكشفت بسبب دناوتها بعد ماربنا سترها، بس هي اللي محافظتش على ستر ربها وفضحت روحها بروحها.. وابداً قلبها محنش عليها وهي واعياها عتاخد كل ضربه واختها من يد اخوها تكشش البدن، ومع كل ضربه كانت تقولها تستاهلي انتي اللي جبتيه لروحك. 


وبعد مااخوها خلاها قطعت النفس هي كمان زي عيد واد عمها رماها على جنب في الأرض، والعمده بص لكرار اللي كان واقف عيتفرج وحاطط يده فقب جلابيته وثابت بتشفي كيف واحد عيتفرج على رجوع حقه ليه من اللي ظلمه. 

وقبل ماينطوق بكلمه العمده قاله:

اظون حقك اتاخد ياكرار، واهم التنين اتعلموا الادب وماتنهمش هيعيدوها مره تانيه، اقعد هبابه لغاية ماتفوق مرتك وخدها وروحوا على بيتكم والمسامح كريم. 

كرار سمع الكلام ديه وعنيه برقت بصدمه وبص للعمده وقاله:

حقي اتاخد؟ واخدها واروح؟ والمسامح كريم؟! إنت عتقول ايه ياعمده، إنت واعي للي عتقوله؟ 

العمده اتحرك ووقف قدامه وبعيون حمر يشبهوا عيون غول غاضبان رد عليه وقاله:


إيوه واعي وواعي زين كمان، أومال فكرك هدبح بتي واجيب لروحي فضيحه وسط البلد ويقولوا بت العمده خاطيه ولا ايه؟ 

اسمممع ياد انت، مرتك هتعاود بيتها معززه مكرمه، والوضع هيفضل كيف ماهو، ياإكده يأما الجهاديه لساها مستنياك وبكلمه وحده مني تلبس وتتاخد فتوكر، ومش بس إكده، له دانت هتلاقي كمان رصاصه طايشه في انتظارك وتعاود بتابوت وبعدها البيت والاملاك وكل شي هتوبقي لبتي وقانوني، ومن غير فضايح، ومن قبل ماتفتح خشمك حتي، ولو موضوع الجهاديه هيتاخر عيار طايش من غفير عينضف بندقيته يطلع بالغلط ويرشق فقلبك، برضك هينهي كل شي من غير كلام ولا حديت. 

فأيه قولتك تختار تعيش مع الستر ولا تموت قبل الفضيحه. 

اتلفت كرار حواليه، والعمده مداهش فرصه للتفكير، وراح قوام على التلافون الأرضي اللي فالمندره، وضرب رقم، وصبر شويه وقال بحسه العالي:

الوووو يامركز.. عايز ابلغ عن واحد هارب من الجهاديه فبلدنا. 

وقوام وقبل ماينطوق الاسم كرار جري ناحيته وداس على زار التلافون فصله، وبص للعمده ولسانه مقدرش ينطوقها، لكن العمده فهمها وقاله:

عفارم عليك ياكرار، دلوك عقلك رد فراسك وبقيت سيد العاقلين، ودلوك.. همي يامره هاتي سطل ميه كبيه على بتك فوقيها خليها تروح مع جوزها تحت جناح الليل عشان الفضايح. 

وإنت ياكرار، البت خدت اللي فيه النصيب وخلاص عيله وغلطت واتجازت، هتمد يدك عليها مره تانيه هتزعلني واني زعلي عفش ومهتتحملهوشي. 


خلص كلامه وهمل المندره وطلع، وفات كرار عيتشوي بنار القهر والمذله وقلة الحيله، وجمر الحكم اللي اتحكم عليه بإنه يعيش مع الخاطيه الزانيه غصب عنه..وبالفعل خدها وروح بيها بمجرد مافاقت، وطول الطريق ماشي متقدم عليها وهي وراه ماشيه، وعامل كيف اللي جارر خيبته ومعاود بيها. 


أما في الوكت ديه فحوريه كانت قاعده في الجنينه على احر من الجمر، ومستنيه ولدها يرجع ويطمنها بإن شوقيه خلاص اتمحت من على وش الدنيا، وطال الانتظار، لكن على قلب حوريه زي العسل لأنه عامل كيف العيد اللي عياجي بالفرح والانتظار ليه محبوب. 

ولكن كل فرحتها اتبخرت وراحت وهي واعيه كرار تايق من بوابة الجنينه وشَقيه وراه حية ترزق، أو بمعنى اصح حية تسعى، فوقفت على حيلها وهي مش مصدقه عنيها واللي شايفاه، وحتى ابو دراع اللي كان مشاركها في الانتظار كام وقف علي حيله وهو واعي كرار داخل بشوقيه وراه! 

واول ماكرار وصل قبال الاتنين وقف وبنفس مكسوره نقل عيونه مابينهم، وعم السكوت دقايق، وبعدها امه بصت لشوقيه وسألته بحزم:

ليه جايبها الخاطيه داي معاك تاني ياكرار، وكيف لساها عايشه عتتنفس هوا ربنا؟ 


رد عليها كرار وهو عيضروب بأديه التنين علي رجليه بقهر وقلة حيله:

ولما مهتاجيش إهنه هتروح وين يمه، ديه بيتها وبيت عيالها وماليهاش غيره واني مقدرشي استغنى عن مرتي، وواد عمها كان جايلها بمرسال من بيت ابوها يقولها إن امها عيانه، يعني مش اللي فبالكم خالص، احنا فهمنا غلط. 

وهو بس قال إكده وأبو دراع بتـ. ـفه زينه وراح مديه بيها فوشه، وحوريه حست الدنيا عتلف بيها ووقعت عالارض محطتش منطق، ومن ساعتها لسانها منطقش بكلمه للساعه الراهنه. 

 

وعاودت حوريه بخيالها من اليوم المشئوم ديه، واللي اتحولت من عنده حياتها وحياة الكل لجحيم بمعنى الكلمه، وانتقام من شوقيه عليها وعلى كل سكان البيت بشتى الطرق، ولهب غلها كان يشبه حريقه قامت فكوم قش مسكتتش ولا خمدت غير وهي مخلصه عالاخضر قبل اليابس. 

نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الرابع والعشرون


معداش وكت كتير وتقريبا اهالي البلد كلهم عرفوا باللي جرا لعمران واد السيد، والكل جري عالغيط يشوف فيه ايه، ودهب هي كمان جريت على الغيط وهي عتندب وتصرخ، وزادت وهي واعيه واد بتها واول فرحه لقلوبهم واعز الولد غادي كيف القتيل وخلجاته كلهم دم، فقربت منيه وقعدت جار عبد الصمد وبلوم وعتب مشحونين بالغضب قالتله:

مالك لو سمعت كلامي ومخدتهوش مالللك، اديك جبته على قضاه اهه، هنقولوا ايه لأمه وابوه هتقولهم ايييه؟ 


عبد الصمد مكانش سامع ولا شايف غير بس عمران اللي فحجره وغرقان في دمه، وقلبه عيتنفض عليه ومحاسسش بالدنيا ولا بكلام الناس كلها، اللي يقول مات واللي يقول فيه النفس، وبعدها ولاد الحلال خدوه من حجره وجريو بيه عالمستوصف وهو وراهم هو ودهب، ومنها اتحول على مستشفي المركز بعربية اسعاف، وكل ديه ودهب وعبد الصمد معاه ومعارفينش راسهم من رجليهم. 

وبمجرد ماوصلوا بالاسعاف للمستشفي ونزلوا بعمران، الدكاتره قوام خدوه من اديهم عالاشعات وفورا دخل عمليات، وفي الاثناء دي عبد الصمد ودهب شافوا السيد وبشاير جايين عليهم جري في الطرقه، وبمجرد ماشافوهم وشوش التنين اتنكست للأرض بخذي وخجل منهم عالامانه اللي تركوها معاهم ومصانوهاش. 


بشاير وصلت عند امها وبحس منتهي من الوجع والقهر والخوف قالتلها:

مش قولتلك خلي بالك عليه يمه، ليه يمه إكده ليييه، قال واني اللي رايحه اندلى البندر اجيب غيارات للي فبطني عشان اتلقاه فيها لما اولده، طب كنت قعدت حرست الكبير وكان اللي فبطني نزل حتى فأي حاجه.. اياوجع قلبي عليك ياعمران ياولدااااي. 

خلصت كلامها وقعدت عالارض وفضلت تنوح بحسها العالي،والسيد باصص عليها وكل عقله وقلبه وروحه فارقوه ودخلوا اوضة العمليات لولده وبكرى قلبه، 

ومفيش دقايق وشاف بشاير عتصرخ بوجع وهي حاسه بألام الطلق عتضروب في ضهرها وبطنها كيف خناجر مسنونه، وحاولت على كد ماتقدر تدارى الالم وتصبر عليه، لكن السيد كشفها، وقوام شالها وخدها للاستقبال عشان الدكاتره يشوفوها، 

وبمجرد الكشف قالوله حالة ولاده، مع انها يادوب مخطيه في التاسع بقالها يومين بس، 

ووقف محتار بين مرته اللي عتولد، وولده اللي بين الحيا والموت في العمليات ومخابرش عن حالته حاجه، وكل اللي طالع بيده انه واقف يستغفر ربه على كل الذنوب اللي عملها فحياته، وخصوصي الذنب الكبير اللي خابر زين إن ربنا مش هيفوتهوله بدون عقاب،

 لكنه كان طمعان في رحمة ربنا وفضل يناجيه إن عقابه ميكونش فعياله ولا فمرته، وانه يقتص منيه فصحته هو وعافيته كيف ماجرا لهمام قبل سابق، وهما يكونوا بعيد عن العقاب،لان الذنب ذنبه هو، وهو اللي يتحاسب عليه لحاله. 


اما بشاير فكانت جوا كشك الولاده عتولد، ومع كل طلق يجيلها كانت تدعى لولدها ربنا يقومه بالسلامه،وطلبت من ربها إنه لو هياخد منها عيل ياخد الصغير ويهملها الكبير اللي لعبت معاه وسمعت حسه وهو عيناديلها وناموا على انفاس بعض، واتقاسموا كل شي سوا. 

وبعد ساعات في اوضة العمليات طلعوا الدكاتره، وطمنوا عبد الصمد ودهب إن عمران عايش وقدروا ينقذوه وحالته مستقره، لكن جسمه مليان كسور مضاعفه، ودي كلها محتاجه كذا عمليه وشرايح ومسامير وهتصرف مبالغ طايله، لان الولد يعتبر العربيه طحنت عضمه زي مابيقولوا. 


وبرغم كل كلام الدكاتره عن خطورة حالته وعن الفلوس اللي هيصرفها، الا انهم حمدوا ربهم وعبد الصمد سجد في الارض شكر لله ان عمران عايش وعيتنفس، وبعدها كل شي هين، وعاهد روحه لو عالفلوس هيصرف عليه كل اللي حيلته، ولو احتاج الأمر يبيعله خلجاته كمان، بس يقوم ويرجع يلعب ويتنطط من تاني ويملا عليهم دنيتهم اللي محليتش غير بيه. 

وفنفس الوكت اللي الدكاتره خبروا فيه عبد الصمد بالخبر ديه، ولدت فيه بشاير ولدها التاني، وبمجرد ماطلع منها العيل اتعدلت وحاولت تقوم عشان تروح تتطمن على ولدها عمران اللي قلبها هيقف من الخوف عليه ومحدش جايبلها خبر من عنده ولا مطمنها عليه، 

لكن الدكتوره منعتها وقالتلها اصبري المشيمه لساها جواكي منزلتشي، وبعد ماخلصت الدكتوره ونضفت بشاير زين، طلعتها على اوضه من أوض المستوصف، ودخلها السيد طوالي اطمن عليها وعلى ولده، وراح اطمن على عمران هو كمان، وجابلها امها تقعد جارها، ووقف هو مع عبد الصمد يستنى طلعة عمران ولده من أوضة العمليات وهو عيحمد ربه اللي استجاب لدعواته ونجى ولده من الموت، وقوم مرته بالسلامه، ودي نعم لو فضل عايش العمر كلوا يحمد ربنا عليها مهيوفيهش حقه.. 

❈-❈-❈


اما فبيت همام

بسيمه ماسكه السباطه وعماله تكنس فأرض الدار، ولواحظ شايله ولد همام الوسطاني على رجلها وعماله تلاعب فيه، وفجأه الباب اتفتح ودخل منيه همام وهو شايل ولده عزام فوق كتافه وماسك فكل يد كيس، فسابت بسيمه السباطه من يدها وراحت عليه وخدت من اديه الكياس حطتهم على الكنبه، وهو نزل عزام اللي جرى على امه وحضنها من وسطها وهي وطت شالته وحبته، وقعدته علي الدكه وقعدت جاره تاخد نفسها. 

اتقدم همام عليها بخطواته البطيئه وقعد جارها وبمحبه قالها:

يعطيكي العافيه ياام عزام. 

ردت عليه بسيمه وهي عتلاعب فولدها ومبصالوش:

الله يعافيك. 

ردت عليه امه بغيظ:

مين اللي المفروض يقول للتاني يعطيك العافيه ها، اللي جاي من الشقا والمشقه ولا اللي قاعده في البيت في الضله وتحت الهوايات؟

رد عليها همام وهو باصص لبسيمه بمحبه وقال:

هي يمه مش قالت هي عملت، وكل العافيه اللي ولدك فيها داي بسببها هي وبفضلها، واني لو اطول اديها عمري كله وحتى عافيتي اعطيهالها، داي ام عزام الغاليه يمه، داي بت الاصول ونصيبي الحلوا. 

خلص كلامه وعينه لساها على بسيمه، وهي ولا إهنه ولا كأنو عيتحدت عليها، 


ووقفت وهي عتقول لعزام ولدها انها رايحه تجيبله ياكل هو وابوه، ودخلت عالموطبخ وخدت كيس معاها والتاني شاله عنها همام؛ عشان تقيل عليها وعلى بطنها العاليه، ودخلهم معاها المطبخ، وقد ايه اشتهي إنه يستغل وجودهم سوا ويناغشها ولا يضحك معاها ويضحكها، ويتعاملوا مع بعض كيف وليف ووليفه متواريين عن عيون الناس، لكن للاسف الخيار ديه مش متاح مابينهم، وكل تعامل بسيمه معاه برسميه، كيف ماتكون عايشه معاه تأدية مهمه، صوح عتعمل كل اللي عليها ناحيته وناحية بيته وعياله واهله، لكن الموده غايبه ورغبتها من تلاه معدومه، وحياتها كلها عباره عن سعي فسعي، سعي في البيت، وسعي في الدكان من بعد تعب أبوه، سعى مع العيال وعلى شغل البيت، وطول الوكت عامله كيف النحله عتون معتهداش. 

هملها همام وطلع من الموطبخ بعد ماحط الكيس جارها ووقف وراها شويه يراقبها وهي عتولع وابور الجاز عشان تسخن عليه الوكل، وطلع قعد جار ابوه فأوضته اللي بقاله سنه وشويه معيفارقهاش من ساعة مالعيا استبد بيه ونومه طريح الفراش، وبرضك بسيمه اللي قايمه بأغلب خدمته فوق اللي عليها. 


أما بسيمه فبعد ماطلع همام من الموطبخ، واللي من غير مايتكلم عرفت انه مبقاش موجود، ومتعرفش ليه دايما تحس بوجوده حواليها وجارها من عدمه، حتى من غير ما يتحدت، ومتعرفش إيه سر إحساسها ديه، مع انها متوكده مليون في الميه انها معتحبهوش!

وراحت عالاكياس اللي جايبهم، ولما فتحتهم شافته كالعاده جايب كل حاجه عتحبها مناسيش حاجه واصل، وشهادة حق فحقه من ساعة ماخف ومشى على رجليه وهو عيجيبلها كل ماتشتهيه الأنفس، ولو يطول يجيبلها نجوم السما كلهم ويحطهملها فحجرها يجيبهم ميتأخرش، 

لكن برضك برغم ديه كله، لساه همام مداخلش لا قلبها ولا عقلها، ولا متقبلاه كزوج واصل، وكل اللي بينها وبينه منفعه وهات وخد، وعشره اتغصبت عليها فلاول وكملتها استسلام للأمر الواقع. 


وهتفضل إكده لآخر العمر، وجرح رقبته الدليل والشاهد على عملته اللي عملها عمره ماخلاها نسيت فيوم، وكل ماعينها تاجي عليه تنعاد قدامها كل الاحداث، كأن الجرح ديه صندوق الدنيا ومتسجل فيه كل اللي جرا، ومن البصه عيعرض التسجيل على مسامعها ومرأي عيونها. 


وحتى هو لاحظ ديه وبقى طول الوكت مغطي الجرح بتلفيحه وعيحاول ميبينهوش قدامها، لكن غصب عنيه الستر المؤقت عينكشف ويلوح الوجع المحفور على الرقبه،

 واللي مخلى همام هو كمان كاره روحه، ودايماً يقف قدام المرايه ويدير رقبته ويبص عليه هو كمان، كأنه عارف إن هو اكبر الاسباب فكرهها ليه، وعيتمنى إنه يمحيه، 

وحتى بسيمه متوكده إنه ندمان وعيتمنى فكل لحظه إنه يقدر يمحي اللي عيمله مع شام كله وقالها ديه الاف المرات، 

لكنها برضك مع كل ندمه وتمنيه لساها على موقفها، ومصره على إنها مش ربنا عشان تقبل توبته أو تسامحه على ذنب دمر حياتها هي وعيلتها، وإن توبته داي حاجه بينه وبين ربه، أما هي هتفضل لأخر العمر لا سماح ولا غفران، وهيفضل سخطها عليه موجود طول ماهي مشتاقه لاختها شام وقلبها عيتخلع من موطرحه كل مايمر طيفها قدام عيونها وتفتكر ايام صباهم سوا. 


وفنفس الوكت حاسده بشاير اللي عايشه مع جوزها السيد، واللي جرا لاختها قدرت انها تفصله عن حياتها وتتأقلم وتفرح ولا كأنوا حاصل شي، وكد ايه اتمنت إنها تعرف تعمل زيها، وخصوصي كل ماتروح تزورهم وتشوف فرحتها ومحبتها لجوزها ومحبته ليها، لكنها ترجع وتقول لروحها إنها مقدره، وإن بشاير برضك صغر سنها أكيد مخلاهاش تحس بصعوبة الموقف بنفس القدر اللي حسته هي. 

❈-❈-❈


أما فبيت المقاول

عديله بصت لربيعه اللي دخلت عليها الأوضه وقعدت جارها عالسرير وحطت وشها بين اديها بزعل وسألتها بحنيه:

مالك يامليحه ياست الملاح قاعده مبرطمه ليه؟ 


ربيعه:

جعانه ياستي والمره الفقريه  مرت ابوي داي مانعه حد يمد يده عالوكل وهو عالنار ولازمن الكل ياكل مع بعضو واني شباعه جواعه وانتي خابره، وهي عتقفل عالوكل بالضبه والمفتاح ومعتخليش حد ياكل غيرها وغير عيالها، واقول لامي جعانه تقولى اصبري لما الكل ياكل.  


عديله:

يتقفل عليها باب القبر وهي حيه وتموت من الجوع والعطش ومتلاقي اللي يسد جوعها ولا يبل ريقها قادر ياكريم. 


روحي قوليلها جدتي عايزه صحن سليقه جعانه وهاتيلها نايبها هتاكل بدري عنكم مش هتستنى الطبيخ يطيب، وتعالى اهنه كليه وسدي جوعك ياجدتي. 


ربيعه:

له ياجده اني لو عميلت اكده مهتحطلكش غدا تاني ولا هتاكلي معانا 


عديله:

شبعانه انا ياعين جدتك، كلي انتي كني كلت وزياده.. ااااخ بس عاليد اللي بقت قصيره والقرش اتقطع منها، كان زماني محاوجاكيش لحد ولا مخليه نفسك فحاجه، بس اقول ايه مات الغالي وبقت شوفة القرش حسره عليا، وكل اللي مسموحلي بيه اللقمه وبق الميه ودمتم، يلا الحمد لله على كل حال محدش عياخد غير نصيبه وبس، يلا ياجدتي قومي يلا عارفاكي بطنك طويله معتتحمليشي جوع كيف امك فزمانها، بس امك ياولداه اتعودت وبقت عامله كيف طباخ السم اللي مش عيدوقه، ربنا يجعل بختك احسن من بختها يارب ويرزقك باللي يشبعك مايحوجك ويدوقك الحلوا كله ياربيعه يابت شام يارب، ويفرح امك بيكي بحق كسرة شبابها عليكي ورضاها بالمكتوب، ويجعل جبرها فيكي وربنا يفرحها بيكي الفرحه اللي مفرحتهاش بروحها. 


خلصت عديله كلامها ودعواتها، وزاحت ربيعه عشان تروح تعمل اللي قالتلها عليه، وبعد شويه عاودت من الموطبخ هي وأمها، وشام شايله الصينيه عليها برام فيه سليقه وحتتة لحمه، وبرام فيه تقليه ومعاهم دبداب(رقاق ابيض طري) 

وحطتهم قدام عديله عالسرير، وبمجرد ماحطتهم نزلت ربيعه عالوكل من غير ماتستنى حتى، وشام بصتلها بإستغراب وقالتلها:

وه، ياربيعه ديه غدا ستك هتاكليه منها وهي هتاكل ايه، وهتاخد علاجها على ايه؟ 

ردت عليها عديله وهي عتمسك دبدابه تغمسها في السليقه وتاكلها:

همليها تاكل ياشامه ليكيش دعوه بيها، ستها اتغدت اهه وسدت جوعها خلاص، وعقولك ايه يابت دهب فوقي لحالك وفتحي واوعي لبتك، انتي اللي عتطبخي وشوقيه محارساكيش حرسة السجان، هلبت ماهتتداير إكده ولا إكده، وبس هي تتداير غمسي لبتك ووكليها وخليها تكبر بحيلها وعافيتها. 

شام بإعتراض: وه ياستي عايزاني اسرق لبتي وكل واوكلها حرام؟ 

عديله سمعت الكلمه وبصت تحت السرير وهي عتقول بغيظ: 

حد يلافيني مركوبي اديها بيه على بوزها الهبله داي، يابقره الوكل ديه من مال جوزك وشقاه وتعبه وانتي وبتك ليكي فيه زيك زيها، ومش حرام لو وكلتي بتك منه وحتى انتي كلتي، انتي شقيانه وبتك لو مكلتش هتكبر من غير حيلها، وهتوبقي ضعيفه والدوخه دايما راكباها بس تكبر. 


ردت عليها شام وهي عتقعد جارها:

اخاف ياستي، اخاف تعكشني وتطين عيشتي، ودلوك لما عتمد يدها عليا محدش عيخلصني منها ومعتهملنيش غير وهي مريشاني رييش،وبعدين حتى لو لقيت فرصه وجيت اعمل إكده مهعرفش عشان هي عتكون عاده الوكل ومعلماه وعارفه همته، وحتي اللحمه عتكون هي اللي مقطعاهم وعداهم بالحته، 


عديله ردت عليها وهي عتقرصها في دراعها قرصة غيظ:

مهبله وهتقعدي طول عمرك مهبله.. المثل عيقولك خالتي لئيمه وانا الئم منها، تدس مني اللحم واني اسرق منها. 

شوفي ياهبله، هي تقطع اللحمه وتعدها، وانتي تاجي من وراها وتقطعي من كل حتتة لحمه حته صغيره كد عقلتين  صباح، وشوفي انتي كام حتتة لحمه عيتحطوا في الحله، وهتلاقي نفسك في الاخر عامله ليكي نايب ولبتك نايب ولحمتها زي ماهي باقيه على عددها ومهتقدرش تفتح خشمها، وأول ماتعرفيهم طابوا لفيهم لبتك فدبدابه ولا حطيهملها فكسرة عيش وقوليلها ارمحي عالجنينه كليها بره وتخليش حد خالص يشوفك. 


شام بتفكير: يعني مش حرام ياستي؟ 

عديله بغيظ اكبر: شوفوا برضك تقول حرام، يابوي هاتولي المركوب للي هتموتني مكموده من هبلها داي. 


خلصت كلامها وشاورت لشام عشان تطلع من قدامها قوام وهي باصه بعيد عنها بزعل، وشام طلعت وهي عتفكر فكلام ستها، ووقفت عالباب وبصت لبتها اللي عتاكل كيف المحرومه، وقررت إنها من إهنه ورايح هتعمل إكده، وهتوكل بتها وتاخدلها حقها بالحيله وحتى هي كمان هتتحايل وتاكل وتملى بطنها، مادام شوقيه عتتعامل معاها بالمكر، يوبقي المكر بالمكر والبادي اظلم. 


أما عديله فبعد ماطلعت شام وربيعه عبت نص بطنها وفاقت، بصت لستها ومن غير ماتتكلم ابتدت عديله تحكيلها في الحكايات بتاعة العيله كلها بكل التفاصيل فاكراها، واللي ربيعه لا عتمل ولا عتكل منها ولا عتتعب من سماعها طول الوكت. 

❈-❈-❈


أما فى المطبخ، خلصت شام الوكل، وكان كرار عاود من شغله هو واخواته عزت وصفوت، وبمجرد ماعاودوا  سلم كرار علي عياله وعطالهم اللي جايبهولهم، وصفوت وعزت كذالك عطوا لعيالهم اللي جايبينهولهم، وفضلت ربيعه تبص كالعاده من بعيد لبعيد، وبعدها دخل كرار لأمه سلم عليها وحطلها كيس الفاكهه اللي جايبهولها جارها وطلع،  شوقيه ادت أمر لورده وبدور وشام بغرف الوكل، ودخلت قسمت النوايب، واتغدوا الرجاله، وهي الوحيده اللي بقت تقعد عالطبليه وسط الرجاله وتاكل معاهم، وداي عمرها ماحصلت فبيت المقاول قبل سابق إن مره تقعد علي طبلية الرجاله، لكن مع شوقيه كل إعتاد عليه بيت المقاول واتربوا عليه اهله اتغير واتقلبت على اديها كل الموازين. 


خلص كرار وكل هو والرجاله، وكل واحد راح على اوضته بما فيهم كرار، وبمجرد طلوعه طلعت وراه شوقيه ودخلت الأوضه وقفلت الباب وراها، وبصت لكرار بصه هو فهمها ودار وشه عنها بإشمئزاز، وذاد اشمئزازه وهي عتقرب منيه برغبه، وبرغم كرهه ليها الا انه احياناً يستسلم ويقرب منها، مش لغرض انه يديها حقوقها، لكن بسبب خوفه من غضبها اللي قبل سابق وصلها انها تهدده بالكتل على يد غفير من غفر ابوها لو مطاوعهاش فكل اللي تؤمره بيه، أو لو فيوم فكر يزعلها،


 ومن خوفه على حياته طاع، وجرب إن الواحد يتغصب علي حد وهو مش طايقه، وشاف إنه احساس مقرف ومكروه، وندم على تحريمه لشام واليمين اللي حلفه انها تكون كيف أمه واخته، وكتير اتمنى إنه يحلف على شوقيه نفس اليمين، لكن للأسف العمر غالي وحبه للحياة ولعياله حاكمه. 

وسبحان من خلى حتى للإحساس قصاص، وخلى القهر بالقهر والبادى اظلم والظالم لازمن يدوق. 

❈-❈-❈


أما حدا عزت وبدور 

عزت طلع اوضته وبمجرد ماطلع قبل مايقفل الباب لقي بدور عتحط رجلها قدامه وتمنعه يتقفل وزقته بكل حيلها ودخلت غصب عن عزت اللي كان عيحاول يقفل الباب بكل حيله هو كمان، ولما مقدرش ودخلت بسبب رجلها اللي مدتها، راح على سريره ونام عليه، ومفيش دقيقه وعمل روحه نايم. 

قربت منيه بدور وقعدت وراه وبصت فوشه وقالتله:

ايه ياعزوز، ياعوزعوز، ياعزعيزو، ياعزوزي، عتتقل عليا وتعمل روحك نايم، عتتجلع وتتقل على مرتك حبيبتك، طب وماله اتجلع واتقل براحتك، واني هجلعك والاعبك كمان. 

خلصت كلمتها ومدت يدها تحت باط عزت تزغزغه، وبرغم انه معيتحملش الحركه داي، الا انه داس على روحه وكتم نفسه لاخر لحظه، عشان خابر إنه لو عمل اي ردة فعل هيتدبس فبدور ومش هيعرف يتفلفت. 


وبدور لما لقته إكده بعدت يدها عنه وقالتله:

يكون فمعلومك اني خابره إنك صاحي وسامعني وعامل حالك نايم بالكدب، ويكون فمعلومك ياعزت لو مصحيتش هضروبك ضربه فموطرح هخليك تصرخ كيف الولايا، واني خابره انك صاحي وسامعني ومعهددش وااااهه.. قالت كلمتها ورفعت يدها وفثانيه عزت كان فاطط وقاعد على حيله من الخوف وباصصلها بغضب وعيقولها:

كنتي هتعملي ايه يامهووسه يابت المهاويس انتي؟ 

بدور بدلع وهي عتمسك طرف شعرها:

كنتش هعمل حاجه كنت عهددك بس عشان تقوم وتبطل لؤم، واديك قمت اهه. 


عزت وهو عيرجع ينام تاني ويعدل وضعية نومه ويدي بدور ضهره:

حلي عني يابدور وغوري ناقصكش اني تعبان وهلكان ومهدود حيلي. 

بدور بإعتراض:

عندي اني مهدود حيلك وتعبان، وعند السهر تقوم وتوبقي كيف القرد، ولعلمك ياعزت اني مش مسامحاك، 

 ووالله ديه ظلم اني ليا حداك حقوق وإنت مانع عني حقوقي وهتتشوى فنار جهنم الحمره. 


عزت بغضب:

 غوري تك كسر حوقك.،حقوق ايه اللي عتتحدتي عنيها داي ياام قويق انتي.. الحقوق داي مش للي زيك يابومه. 


بدور بعتب:

ليه يعني ناقصني أيه عشان ميبقاليش حقوق، ناقصه يد ولا رجل ولا عين؟ 


عزت:

له يختي مناقصاش حاجه وفيكي اليد والرجل والعين.. وكمل بشرود.. بس يعني هي كل الادين ولا الرجلين ولا العيون! 


ماالقرد فيه ادين ورجلين وعيون والغزال فيه برضوا.. هتساوي اللي حدا ديه باللي حدا ديه؟ 


بدور ردت عليه بغضب:


اهو إنت علي إكده من يومك تشوف كل الناس غزلان وتاجي عندي اني تشوفني قردة.. مع اني عستهم بحالي وعتسبح كل يوم وعرش كالونيا حريمي ريحتها عتقلب البيت قلب. 


عزت:

عشمها وعتقلب مصاريني.. شاله تتقلب مصارينك ومصارين الدلاله اللي عتجيبهالك.. ولا هنظلموا الدلاله والريحه ليه؛ يمكن الريحه زينه بس لما عتتخلط بالصماح والسباخ اللي علي جتتك عتعمل الريحه اللي عشمها منك داي.


 روحي ربنا يعدمني ريحتك وطلتك وكل حاجه منك يابعيده. 

خلص كلامه وسكت، وبدور سكتت وعملت روحها زعلانه وعتبكي وتشهق بالكدب، وكل هبابه تميل وتبص عليه وعندها أمل انها تصعب عليه ويقوم يراضيها، ولما فقدت الأمل ابتدت تبكي من صوح وحسها يعلا، لدرجة إن عزت قام وهملها الأوضه ونزل تحت نام في الحوش عالدكه، وفضل مراقب الغزاله اللي من بعدها مش عارف يشوف اي مره حلوه، ولا مره حليانه فعينه من الاساس، ويتحسر عالحظ والبخت المنيلين، والنصيب الظالم. 

❈-❈-❈


أما حدا نعيم وعدويه

عدويه:

قوم ياحبة عيني اشرب شوية السليقه دول وكل حتتة الفرخه داي عشان تاخد علاجك ويخف وجعك. 

نعيم بألم:

مجعانش ياعدويه، وبعدين هاخد العلاج ليه بس، مليهش لزوم ياام سلام، البطن طالما اتنفخت والورم مسك الرجلين مليهش عازه العلاج ولا عيجيب نتيجه.. همليني انعسلي هبابه يمكن يخف الوجع لحاله، معدتي عتوجعني من العلاج التقيل ديه، واني مش هعالج وجع بوجع، هما يومين باقيين خليني اعيشهم كيف مايكون وخلاص

عدويه ردت عليه ودموعها سبقت كلامها:

اخص عليك يانعيم ايه اللي عتقوله ديه، اني مش سبق وقولتلك اني عايزه اموت قبلك وانت اللي تشيعني بيدك، اهون عليك تهملني اتمرمط كيف امك وحوريه واقعد ملطشه للحريم يتحكموا فيا وفوكلي وشربي وانفاسي؟ 

نعيم بنهجه ووجع:

ماعاش ولا كان اللي يتحكم فيكي ياعزيزة القلب والروح، شوفي ياعدويه، الواحد طالما قرشه فيده محدش يقدر يذله واصل، ماعيتذل غير المحتاج، واني يانن العين عامل حسابي وشايلك اللي يعزك لاخر يوم فعمرك ومداريه عن العيون وخافيه،

اسمعيني زين وافهمي حديتي مليح، ورا تاج السرير اللي احنا قاعدين عليه ديه خليت اللي بنا البيت عملي طاقه مخفيه، بس تزيحي السرير وتبصي وتدققي هتشوفي خرم المفتاح، ومفتاحها محطوط في الشكمجيه بتاعتك تحت دهباتك والأوراق اللي مشيلهالك، هتفتحيها هتلاقيني شايلك كام حتتة دهب، اساور وخواتم يانن عيني، هتخليهم زي ماهما متقربيش عليهم غير وكت الحاجه، لما تعتازي ومتلقيشي حد من عيالك يمد يده ويعطيكي، ولو اجلك قرب وحسيتي بروحك زي حلاتي إكده، اوبقي اعطي الدهب لأكتر حد حن عليكي وشالك فتعبك واتحملك، الدهب ديه للستره ياعدويه وفيه عزة نفسك، اوعاكي تاخدك ساعة شفقه تشوفي فيها حد من العيال فديقه وتديهوله، الديقه عتتفك والواحد عيتصرف، وانتي اعتبريهم مش معاكي، ومش هسامحك لو خالفتي كلامي ديه، داي تعتبر وصية ميت، والوصيه واجبة التنفيذ فاهمه ياعدويه. 

عدويه هزتله دماغها وهي مخنوقه بدموعها، وميلت على يده حبتها وهي عتهمسله:

ربنا يخليك ليا ويشفي عنك، ويرضى عنك كد مااني راضيه عنك، وكد ماراعيت ربنا فيا وعزيتني فحياتك وعايل همي حتى بعد مماتك، 

وبرضك هفضل اقولها لاخر لحظه يانعيم، ربنا يجعل يومي قبل يومك يارب. 


قالتها واستوت عالسرير جاره ونامت فطوله، وهو ثواني وكان رايح في النوم، ومفيش بس غير انفاسه اللي عتخض خض وبطنه المنفوخه اللي عتنزل وتطلع، وريحة الموت اللي بقالها كذا يوم محاوطاه من كل ناحيه وهي شماها بس معاوزاش تصدق.

نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الخامس والعشرون


في المستشفى عند عمران واد السيد


دهب: قومي يابشاير رضعي ولدك يابتي قومي متهمليش روحك للنومه

بشاير بتعب:

الروح هي كمان تعبانه يمه مش بس البدن، من عشيه واني الخوف والفزع على عمران هلكوني وزيدي عليهم اوجاع الولاده، اني يمه فياشي حيل ارفع يدي حتي مش اقوم ارضع الواد. 

ردت عليها دهب وهي عتنزل الواد اللي عيبكي من حجرها عالفرشه وتروح عليها:

عقولك ايه يابت انتي ولدك جعان متتجلعيش بلا مفكيش حيل، بصيله كيف عيصرخ من جوعه وكل الحيل يجيكي، وبعدين ماله عمران ماهو ربنا اتلفتلنا كلنا فيه اهه وعايش وعيشم الهوا اسمالله عليه ربنا يحميه ويبارك فيه. 

ردت عليه بشاير بوجع وهي باصه لولدها اللي نايم عالسرير جارها ممخبرش:

بقي زين فين بس يمه، ديه متدشدش دشدشه ومافيهش عضمه راكبه على بعضها. 

دهب: بكره يتعالج ويوبقى فل الفل، واهم ابوكي والسيد راحو يبيعوا نايبك في الارض ويجيبوا الفلوس عشان تتعملوا العمليات ويطيب ويوبقي عال العال. 

بشاير ردت عليها بتنهيده وهي عتبص لولدها:

فكرك اكده يمه، يعني تفتكري ولدي هيطيب بعد العمليات ويرجع يمشى على رجليه من تاني ويلعب ويتنطط كيف العيال؟ 

ردت عليها دهب وهي عتعدلها بالراحه:

والله هيطيب ويوبقى احسن من العيال كمان واوبقي قولي امي قالت، قومي يلا ياحبة عيني لولدك اللي اتفحر من البكا ديه، قومي هو ذنبه ايه فكل ديه ياولداه غير انه اتولد فوكت غلط؟ 

اتعدلت بشاير وخدت ولدها فحضنها وابتدت تعطيه أول قوته من الدنيا وأول رشفة حليب وهي عتبصله بندم وتلوم فروحها على إنها فلحظة غضب فدت اخوه بيه وهان عليها وضحت بيه، ونسيت انه روح زيه زي اخوه والمعزه وحده، 

لكنها محستش بديه الا وهي ضماه لقلبها وحاسه بنبض قلبه الصغير اللي بقاله ٨ شهور وشويه متوحد مع نبض قلبها وعيقاسمها فأنفاسها. 


وبعد ماخلصت وشبع ونام خدته منها امها، ودخل عليهم السيد وأبوها وهما جايبين فجيبهم الفلوس تمن الارض اللي عيتعالج بيهم عمران، ومن بعدهم دخلوا ام السيد وابوه اللي سمعوا الخبر من حكيم النهارده الصبح وجم طوالي يطمنوا على حفيدهم ويشوفوا حفيدهم التاني. 


وبعد ماشافوا عمران وعرفوا حالته وقلوبهم اتقطعت من القهر عليه، ابو السيد خد السيد علي جنب وسأله بحيره:

وهتجيب الفلوس الكتيره اللي قالوا عليها داي لعلاج ولدك من وين ياولدي؟ 

رد عليه السيد وهو عيبص لعمه عبد الصمد بشكر وممنونيه:

عمي باعلي نايب بته من ارضه وجابلي حقها وقالي لو مكفوش هبيع تلت البيت اللي قاعدين فيه كمان، البيت كبير واحنا معاوزينهوش كله واسع علينا.. الشهادة لله يابوي الناس دول الواحد لو عاش العمر كله يسد فدين جمايلهم مهيوفيش ربعها، اني محظوظ بيهم وببتهم والله العظيم. 


رد عليه أبوه وهو باصص لعبد الصمد هو كمان، وشايفه وهو قاعد جار عمران وعيمسد على شعره بمحبه وعيتملى فيه وخشمه عيتحرك بذكر الله فوق دماغه:


- والله ياولدي صوح، الناس دول رزقك من الدنيا، ربنا يبارك فيهم ويراضيهم، مع انه بعد بيع الارض الحاله هتديق عالكل، لكن ولدك اولى وربك الرزاق. 

رد عليه السيد بتنهيده:

بس ولدي يطيب يابوي واني هنحت في الصخر وهجيب القرش ومهخليش حد منكم يعوز حاجه، عهد عليا مااتكاسل يوم عن الشغل ولا استكبر على شغله طول مافيا النفس بس ولدي يطيب. 

ومن بعدها راح على بشاير وقعد جارها وخد منها الواد الصغير، وبص للكل وبحسه العالي قال:

بعد اذن الجميع الواد ديه هسميه عبد الصمد على إسم جده، معلهش ياعمي انت مرضيتش تسمي عمران على إسمك، بس ديه اني مصمم ومش هيبقي اسمه غير عبد الصمد، اني حابب إن اسمك يفضل مابينا لآخر العمر من محبتي فيك. 

عبد الصمد اتبسم بخجل وبص لابو السيد وقاله:

عاد سامحنا فى الاسم مادام ولدك المصمم ياحج

رد عليه ابو السيد قوام:

ياراجل عتقول ايه، هو انت مفكر اني ازعل من حاجه زي داي، طب ورب الكعبه داني فرحت بالإسم اكتر منك، إنت ياعبد الصمد ياخوي معزتك في القلوب ميعرف مقدارها غير رب العالمين، انت اخ وحبيب وغالى، ديه كفايه وقفتك جار ولدي ومحبتك ليه كيف مايكون ولدك واكتر، ربنا يديم المعروف ويعيش الاسم وصاحب الاسم ويتخلد في الدنيا بالسيره الطيبه والعمل الصالح. 

زادت ابتسامة عبد الصمد وهو عيشيل عبد الصمد الصغير من السيد ويبص عليه، وقلبه خفق وهو حاسس كأنه شايل واد ولده من صلبه، واللي هيشيل أسمه ويخلي سيرته متتقطعش من الدنيا. 


وفي الاثناء دي، دخلت عليهم بسيمه ووراها دخل همام شايل ولده، وجريت على اختها حضنتها وفضلوا التنين يبكوا، وبشاير بس شافت بسيمه طلعت كل الاحساس العفش اللي عاشته من امبارح للنهارده فهيئة دموع وشهقات، بدأت هي بيهم وبسيمه ردت عليها بنفس الاسلوب، والتنين بكاهم قطع قلوب حبايبهم، وكل اللي كانوا قاعدين اتأثروا ونزلت دموعهم معاهم، وفيه اللي داراهم وكابر زي الرجاله، وفيه اللي دموعه كانت اضعف من الكبت زي دهب وام السيد وجريت تجامل الدموع وتنزل معاهم. 


وبعد ماالكل هدي وعرفوا حالة عمران وعرفوا إن عبد الصمد باع نايب بشاير في الارض عشان يعالجه بيه، وقفت بسيمه وبحزم بصت للكل وقالت لابوها قدامهم:

طيب يوبقى إكده اني وبشاير خدنا حصصنا فى الارض ومش باقي غير نايب شام، ونايب شام محدش ليه صالح بيه وريعه ليها ومن حقها ولا ايه يابوي

عبد الصمد بتأييد:

 ايوه صوح يابتي، وحتى السيد قال الكلام ديه من قبل ماانتي تقوليه، وقال ارض ام ربيعه من اليوم وطالع تتأجر وإيجارها يتعان لشام وبتها، واني وامك لو علينا هنعيشوا بأي حاجه. 

رد عليه السيد قوام:

ياعمي إنت ومرت عمي فرقبتي زيكم زي ابوي وامي بالظبط ولني المتكفل بيكم وبكل اللي تحتاجوه،، 

اني في اليوم اللي قولتلك فيه اعتبرني ولدك من اليوم وطالع مكنتش عقول كلام وخلاص، ولا كنت عحكي فض مجالس، من اليوم اللي دخلت فيه بيتكم وانتوا بقيتوا اهلي وليكم عليا كل حقوق الاهل علي ولدهم. 

سكتت بسيمه وهي باصه للسيد، اللي كل موقف يثبتلها فيه حسن نيته، ويخلف ظنها فيه، كيف مايكون عياكدلها إنه بنى آدم زين ومعيمثلش الكمال، لكنها برضك مع كل ديه مواثقاشي فيه، وهتفضل تفترض فيه سوء النيه للنهايه، لأن الانطباعات الاولي عتدوم، والانطباع الاول اللي خدته عنيه مش اي انطباع عاد. 

❈-❈-❈


أما فبيت نعيم

صحيت الصبح عدويه، وقبل ماتفتح عنيها حست إن نعيم هادى على غير عادته ومفيش خضة الالم اللي عيخضها هو وعيتنفس، فضلت ثواني مغمضه عنيها وخايفه تفتحهم، خايفه اللي اتبادر لذهنها تفتح عيونها وتشوفه حقيقه قدامها، 

ومدت يدها اللي عترجف وبمجرد مالمست يده لمت يدها بسرعه وفتحت عيونها وهي عتشهق بصدمه، وقعدت جاره وابتدت تهز فيه وهي مش مصدقه إنه خلاص راح وفارقها وهملها لحالها في الدنيا اللي طول عمرها متعرفش تعيش فيها غير بيه ومعاه، واللي من يوم ما وعيت عالدنيا وهي مش عتشوفها غير من خلال عنيه وكلامه وحكاويه عن العالم اللي بره، واللي متعرفش حاجه غير منه هو. 

واتعالى صوتها بالصراخ وابتدت مراسم وداعها لجوزها ورفيق سنين عمرها وابو عيالها، واللي خابره زين إنها من بعده هتدوق الذل والهوان، وإن مكانش عشان القرش، عشان المحبه اللي هتشحتها شحاته من إهنه ورايح. 

اتجمع كل البيت علي حس صراخها، وابتدت مراسم الجنازه، وخيم الحزن علي بيت المقاول من جديد، وحتى شام زعلت عليه لأنه من يوم ماجات البيت ديه مضرهاش ولا اذاها لا بكلمه ولا بفعل، وكان فحاله هو ومرته، ولسانهم لو مقالش الكلمه الزينه عيسكت خالص وميتسمعلهمش حس فالمشاكل واصل. 


أما عديله فكانلها النايب الاكبر من الحزن والقهر وهي عتشيع تاني عيل من عيالها للقبر علي حياة عينها، وقلبها اتكوى بفراق الضنا لتاني مره، وبس حضروا المغسلين دخلت لولدها قبل ماياخدوه وقعدت جاره وفضلت تمسد على شعره الاوبيض وميلت عليه وحبت جبينه وبحنيه همستله:

مسامحاك يانن عيني، مسامحاك إنت واخوك وقلبي وربي راضيين عليكم، وهدعيلكم بالجنه ونعيمها لحد مانتقابلوا فيها بأذن الله، هحصلكم قريب ياحبايبي استنوني هناك وجيالكم. 

خلصت وداعها ليه وخدوه المغسلين وهي فضلت مع الحريم تندب وتصرخ، وبالذات لما وعيت بناتها داخلين عليها وحده ورا وحده عشان يحضروا جنازة اخوهم، اخوهم اللي ليهم شهور وسنين مشافهوش ولا جوله يسالوه في مرضه، ولا حتى عيودوا امهم ولا كأن ليهم أم عايشه عالدنيا، واخر مره شافتهم على جنازة اخوهم توفيق وبعد التالت كل وحده لفحت عيالها وجريت علي بتها كيف ماتكون كانت قاعده على جمر فبيت غريب، مش بيتها اللي اتولدت وكبرت واتربت فيه، لكنها في الاول والاخر مش عتتمنالهم غير الراحه في بيوتهم، وإن ربنا يهدي سرهم ومش مهم الوشوش تتلاقى، وبصراحه شام وربيعه غنوها عن كل الدنيا وشغلوها عن التفكير فكل الناس، وبقي شغلها الشاغل التفكير فيهم وفحالهم وبس. 

أما ربيعه فكانت قاعده علي جنب جار امها، وبس شافت الحريم عيندبوا ويصرخوا بصت لامها وقالتلها:

امه هما عيعملوا ايه، وليه عيضربوا نفسهم بالكفوف؟ 

ردت عليها شام أمها:

عيندبوا يابنيتي على جدك نعيم. 

ربيعه:

طب وليه انتي مش عتندبي زيهم يمه؟ 

شام:

عشان سمعت الشيخ في الراديون عيقول الندب حرام ياربيعه، والندابه عتروح النار، وحتى الميت عيتعذب من الندب والصراخ عليه. 


ربيعه سمعت كلمة امها وفوراَ عينها راحت علي ستها عديله، وقوام جريت عليها وقعدت فحجرها وحضنتها وحطت خدها علي خدها ومنعتها من إنها تندب وبيدها سدت خشمها عن الصراخ، عشان خافت عليها من النار اللي قالت عليها امها، وقالت لروحها حتي لو كل الناس اللي عتندب هتروح النار اني مش هخلي جدتي عديله تروح معاهم. 


وخلصت الدفنه وخلصت الجنازه، واتشيع نعيم لمثواه الاخير، وفضى بيت المقاول من كباراته، ومضلش فيه غير الحريم والجيل الطالع، اللي ميعرفش من الدنيا غير حب النفس والعمل للمصلحه الفرديه وبس. 

وبعدها عاود كل واحد لحياته وروتين يومه، والموضوع مأثرش بشكل كبير غير على عدويه اللي خسرت ولفها وونيسها وجليسها، وطال عليها الليل والفراق كاوي قلبها كيف ماحصل مع عديله بعد موت كارم، لكنها سنة الحياة وحتى الزعل عيخف مع الايام، والليل الطويل بالسهر عيقصر لما النوم يرجع يصالح العيون ويزورها بعد الجفا، وحتما ولابد ماعيزور مهما طال الفراق. 


❈-❈-❈


أما فبيت همام

صحى بالليل وبص جاره ملقيهاش، فقام مهبوش وهو عينادى بإسمها، وكالعاده لقيها واقفه في الحوش لحالها وسانده عالدكه وعتتألم في صمت وكاتمه وجعها، فجرى عليها بخوف وسندها وهو عيقولها:


برضك عتعمليها وتولدي لحالك للمره التالته يابسيمه، حتي بعد ماطبت وبقيت اقدر اسندك واشيل عنك معترضيش تتسندي عليا وعتستكبري على إني آخد بيدك، ليه إكده يانبضة القلب، ليه مش عايزه تحسسيني اني سندك ليه، ليه مش عايزاني اردلك حاجه من اللي عملتيها عشاني، ليه داني ياما اتعكزت عليكي ورميت حمل بدنى على كتافك وانتي اتحملتي ومافيش فيوم كليتي، وديه دينك ياغاليه خليني اردلك منيه هبابه. 


بصتله بسيمه وبألم مكتوم قالتله:

مش وكته الكلام ديه، دخلي بستلة الميه الحاميه عالحمام واني هجيب الموس والخيط وجايه، يلا قوام حاسه العيل هيندلى. 

وبالفعل جرى همام دخلها الميه عالحمام وهي دخلت اوضتها جابت كيس ودخلت بيه الحمام وردت الباب عليها، ورفضت ان همام يفضل معاها مهما اترجى فيها، وبعد دقايق سمع منها صرخات مكتومه ورا بعضها، وبعد منهم سمع حس بكا عيله، 


وابتسم بفرحه وحمد ربه إنه قومهاله بالسلامه للمره التالته، وبعد دقايق تانيه شاف باب الحمام عيتفتح وبسيمه عتمدله العيل ملفوق فقماشه بيضه وتقوله وهو عياخده بين اديه:

خد، البت اللي هتحنى ضهرك وربك يخلص منها كل الذنوب اللي عميلتها فبنات الناس، امسك كسرة ضهرك اللي طالعه من صلبك ياهمام. 

قالت كلامها ورجعت ردت الباب عليها عشان تتشطف وتغير خلجاتها، وهملته بعد كلامها باصص لبته وبدنه عيتنفض من كلامها اللي قالتهوله، وهي عتديله البت فأديه، كانها نذبر عذاب جايه وجايباه معاها. 

اما بسيمه فمكانتش محتاجه أكتر من انها تحسس همام بالخوف من القصاص، وتعيشه ولو جزء بسيط من احساس ابوها وكسرته اللي عاشها بسببه، واللي لساها فاكراها لغاية دلوك، واللي متوكده إن مفيش كسره فالدنيا تضاهي كسرة الراجل ببته، واهي جات اللي هتخلي عيون همام فنص راسه ويخاف من إن اللي عيمله يتردله فيها. 


وبعد شويه طلعت بسيمه من الحمام، وهي ماسكه جردل فيه المشيمه رايحه ترميها، لكن همام عطاها بتها واتولى هو عنها المهمه داي، وبس طلع بره ورماها وبعد شويه، قعد على حيله وابتدا يبكي فجوف الليل وهو عيفتكر الغلطه اللي عملها من سنين واتعاقب عليها بالعجز، ولسه عيتعاقب عليها بكره بسيمه ليه، ودعا ربه من كل قلبه إنه يرحمه وبزياداه عقاب لحد إكده، وإنه يسامحه ويغفرله، وخصوصي إنه مطلع على قلبه، وخابر إنه مبقاش جواه للناس غير كل خير دلوك. 


وبعدها عاود للبيت، وبمجرد دخوله علي بسيمه الاوضه وشافت عيونه الحمر الدبلانين من البكا واللي عيتهربوا منها، ابتسمت بتشفى فيه وفحاله، وحست إنها صابت الهدف اللي كانت منشنه عليه، وإن نشانها مخابش. 


❈-❈-❈

وبعد مرور ٥ سنوات

ربيعه دخلت على امها المطبخ بعد ماطلعت نشرت الغسيل فوق السطح ونزلت

وشافتها قاعده قدام الكانون حتي وهو مش عليه وكل ولا حاجه عتطيب وباصه للنار الساجره وسرحانه، وبين كل دقيقه والتانيه تجيها نوبة كحه تخلي بدنها يتنفض من شدتها ونفسها يروح، فقربت منيه ورمت البستله اللي فيدها عالارض بعنف وقالتلها:


يمه قومي من جار الدخانه واللهب مش خلصتي طبيخ قاعده جار الكانون ليه؟

طيب أشفقي علي عيونك اللي راحوا من دخان الحطب ومبقتيش تشوفي بيهم كيف لاول!!


ردت عليها شام بديقه:

يابتي همليني اني عحب اقعد جار النار اتعودت عليها.. عحب أشوف اللهب قبال عيني عرتاح.. عحسه عياكل كل حاجه عفشه حوصلت معاي طول اليوم.. وان كان عالدخان فمهما بعدت عنه هيفضل جواي معبي روحي.. أني جواي مخزون من دخان اسود مضيع ملامح كل حاجه حواليا!!

ربيعه:

طيب قومي اتسبحي وغيري خلجاتك اللي كلها هباب من الحلل والكوانين داي.

شام :

ولمين اغير وليه اغير؟وحتي لو غيرت ماهيتهببوا تاني، بس حد يطلب مني كباية شاي ولا اسخنله وكل. 

ربيعه:

يابوي اني معارفاشي ايه حبهم في الشاي وطبيخ الكوانين لحد دلوك!! والبوابير والسبارتيات ملت البلد.. ولا عشان انتي اللي قاعده عالكانون.. ولا هو استعباد وخلاص!

شام:

بسك من الحديت اللي لا عيودي ولا يجيب ديه، وقومي روحي الضميلي الخيوط في الابر وعلقيهوملي فمكانهم عشان في الليل القاهم جاهزين ومصحيكيش من نومك.

ربيعه: ييمه احب علي يدك بزياداكي اذيه فروحك، ولما حد يجيبلك خلجاته المفرتقين تخيطيهم قوليله عيوني مش عرقب بيهم مهيعلقلكش حبل المشنقه ولا يخلوكي تخيطي بالعافيه، احب على يدك ارحمي روحك صحتك راحت راااحت. 

ردت عليها شام بنفس نبرة اللامبالاه:

وايه فايدتها الصحه ياربيعه، عيعوزها فأيه الواحد، همليني يابنيتي وروحي شوفي ستك الله يرضى عليكي لتكون عملتها على روحها أحسن عيصعب عليها لما تعملها ونتأخروا عليها منشطفوهاش. 


ربيعه سمعت إكده وجريت قوام علي ستها عديله وهي عتتمني إنها تلحقها قبل ماتكون عملتها صوح، وتدخلها الحمام وتشطفها ومتخليهاش تزعل ولا تاخد فنفسها، وبمجرد مادخلت عليها عديله بصتلها بعتب وقالتلها بحزن وكسره:

عوقتي عليا ليه اديني بليت روحي وبليت الفرشه كمان. 

ردت عليها ربيعه وهي عتروح عليها بإبتسامتها المعتاده:

ولا يهمك ياحبة عيني، حالا نتسبحوا ونغيروا ونقلبو الفرشه ونغيروا الملايه ونخلوا الدنيا كيف الفل والورد. 

خلصت كلامها وهي عتميل على يد ستها عديله وتحبها، وعديله مدت يدها التانيه علي خدها تمسد عليه وقالتلها بمحبه:

تسلمي ياحنونه يابت الحنونه، والله وعشت لغاية ماشوفتك ياربيعه وانتي شابه، بت ١٤ وقمر ١٤ والادب والربايه غلبوا الجمال والحسن، يحرسك ربي ويحفظك من كل عين تشوفك ولا تصليش عالنبى ياجدتي. 

اتبسمت ربيعه اكتر وهي عترد علي ستها عديله:

رباية يدك ياجده والادب انتي اللي مأدباه ، ربنا يبارك فصحتك ويطولنا فعمرك يارب ياغاليه. 

خلصت كلامها وحالا دخلت غيار لستها في الحمام، وطلعت عالموطبخ جابت بستلة ميه حاميه، وجابت امها معاها، ودخلوا عديله الحمام وابتدت ربيعه تسبحها، أما شام فأبتدت تغيرلها الفرشه المبلوله بوحده جديده، وبعد ماخلصت عاودت للموطبخ من تاني وكملت قعدتها قدام الكانون وهي باصه عالجمر، وفكرها شارد فاللي ملامحهم بهتت فخيالها من كتر مالسنين مرت عليها من غير شوفتهم، ومبقتش الاخبار اللي عتاجي عنهم تطفي شوقها ليهم، والقلب مشتاق والعين مش بصيره. 

وفضلت تدندن بينها وبين روحها الجمله اللي على لسانها بقالها سنين من ساعة ماسمعتها اول مره في الراديوا وهي تقريباً عتغنيها في اليوم عشرات المرات:


ياطير يامسافر على جناح الدني، لو فيك تحكي للحبايب شو بني ياطيرر ياطيرر


وفضلت تعيد وتزيد فيها، وقدام عنيها فلهب الجمر شايفه بيتهم وامها وأبوها، وصاحباتها والبندقالواسع، ولعبهم والمطر اللي عتعشقه واللي حتي ريحته كانت مختلفه عن ريحة المطر اللي عتشوف إهنه، وصابر، ولمتهم الحلوة هي وخياتها وضحكتهم اللي كانت تشق سكون الليل والقلب كان خالي، وأبو قلب حديد اللي اشتاقتله وعارفه إن هو كمان اشتاقلها وحاسس بوجودها إهنه، 

بدليل إنه كل مايعدي قبال البلد ينادي عليها بصفارته العاليه، صوح لا هو شايفها ولا هي شايفاه، بس قلبه الحديد حاسس بيها وهي متوكده من إكده، لكن حتى ديه اتكتب عليها فراقه، والبيوت العاليه والشجر اتكاتفوا عليها مع كرار وحرموها من شوفة حبيبها، كيف مايكون البشر والجماد حطوا اديهم فأدين بعض واتفقوا عليها. 


❈-❈-❈


أما في الجنينه جار ابو دراع

ممدوح صاحب ال١٩ سنه دلوك جه وقعد جار ابو دراع عالمسطبه بتاعته وقاله:

العواف عليك ياعم، كيفك وكيف اخبارك وكيف زردة شايك المتينه. 

رد عليه ابو دراع وهو عيصبله كباية شاي من الدمسه اللي قدامه:

زردة الشاي في انتظارك ياغفير الغفرا. 

ضحك ممدوح وهو عياخد منيه الكبايه وقاله:

وماله مش عيب، غفير علي املاكي وعلي حقي، وحارس بت عمي و نصيبي من الدنيا

ضحك ابو دراع عليه وهو عيقوله: خايفش احسن عمك كرار يسمعك عتقولها يعني؟ 

ضحك ممدوح  هو راخر ورد عليه وقاله:

والله لو قطعني قطيع حتي، ربيعه بت عمي غصب عنه وهاخدها يعني هاخدها حتى لو انطبقت السما عالارض. 

ابو دراع رد عليه بتنهيده:


 ياعالم ياولدي عاد، ديه النصيب عيتخط حسب الحظوظ، مش حسب القلوب والمحبه اللي فيها، بس انت قول يارب والدعا عيغير النصيب 

ممدوح:

يااااارب... الا قولي هو انت متجوزتش ليه لدلوك ياعم ولا جبتلك عيل ينفعك ويشيلك في كبرك؟ 


رد عليه ابو دراع  بعد ماخد شفطه من كباية شايه :

اللي يشوف بلاوي بيتكم ياممدوح يكره صنف الجيزه والجواز، وبعدين اني هويت زمان والقلب عشق والنصيب غلب بالفراق، بس الحمد لله علي الفراق والله

ضحك ممدوح وسأله بفضول وإستغراب:

ليه إكده؟ 

رد عليه ابو دراع وهو باصص بعيد على بدور وهي طالعه تجرى ورا عيالها بالسباطه وشكلها عامل كيف الغوله:

يابوي اسكت ربك عارف الزين فين ومفيش احسن من تدابيره.. قالها ونكس عنيه للارض وضحك بإستغراب على روحه زمان وعلى محبته لبدور وهوسه بيها، واستغرب كيف الانسان يتعلق بحد للدرجادي، وبعدها يقدر يطلعه من قلبه وكأنه ماكان، وكيف إن الحب عيكون اكبر وهم مش عيتم إكتشافه غير بعد فوات الاوان.. لكنه مع ذلك فضل اعزب وحيد، كيف مايكون قلبه حلف على الحب مايسكنه مره تانيه، وروحه الفت الوحده وحب العيشه لحاله وشاف فيها راحته وروقان دماغ

    الفصل الخامس والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

لقراءة الجزء الاول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close