أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل الحادي والثلاثون والثاني والثلاثون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني2 الفصل الحادي والثلاثون والثاني والثلاثون 

بقلم ريناد يوسف

عدى اليوم وأعلن صوت القرأن عن فجر يوم الجمعه.. اليوم اللي المفروض هيتم فيه إعدام عمر ربيعه وشبابها على طريقة ابوها..الموت بالحيا اللي أمها بقالها ١٥ سنه بتعاني منه.

قامت ربيعه من النوم اللي نامته بعقل طفله مش مدركه هى داخله على ايه ولا ايه مستنيها.. اما شام فمغمضلهاش جفن طول الليل وهي عتتخيل فى حياة بتها الجايه لو حصل واتجوزت العجوز اللي جايبهولها ابوها، واللي عرفت إن اصغر عيل معاه اكبر من ربيعه بتها!

قاموا التنين صلوا الفجر ورموا حمولهم علي الله.. وبعدها ابتدوا يجهزوا في الطبيخ اللي اتمنت شام من كل قلبها لو تقدر تدس فيه سم فتاك يقضى على كل اللي هياكل منيه لقمه وترتاح هي وبتها من الكل كليله.


وفضلوا فموال الطبيخ ديه للعصر، وكل هبابه شوقيه داخله طالعه عليهم الموطبخ تكايد فيهم، كيف ماتكون حالتهم ناقصاها.. اما بدور فمن ساعة مادريت بروحها حبله وهي معتقومش من فرشتها غير عالوكل بس، وورده نزلت ساعدتهم هبابه، بس كانوا خلاص قربوا يخلصوا كل حاجه، وديه لان شام بجانب البوابير ولعت الكوانين كمان عشان تشهل.. 

❈-❈-❈


وبعد اذان العصر مباشرة، شام وربيعه سمعوا حس حريم داخله البيت، وحس شوقيه عيلعلع فى استقبالهم، فعرفوا إن دول ناس عريس الغفله.. وفوراً شيعت شوقيه لربيعه؛ عشان تطلع تسلم عليهم.

طلعت ربيعه بغضب، وبنفس منظرها اللي كانت عتطبخ بيه لا غيرت ولا تسبحت، طلعت مفحمه ومهببه، وسلمت عليهم وقعدت جارهم وهي عتنقل عينها مابينهم ومش شايفاهم غير ناس جايين ينفذوا فيها حكم إعدام.

اما هما فكانوا اخوات العريس اتنين ووحده من حريمه وبته الكبيره، وكلهم بمجرد ماشافوا ربيعه، برغم هدومها المبقعه والهباب اللي فاديها، الا انها عجبتهم قوي، وفضلوا طول الوكت يتملوا فجمالها وكل وحده تقولها كلمه شكل تمدحها بيها، الا مرته هي الوحيده اللي كانت تبصلها وساكته، كيف ماتكون عتنسجلها فخيالها انتقام يليق بجمالها اللي عيتغنى بيه الكل قدامها.


أما شام ففضلت فى الموطبخ حاطه يدها على خدها وصابره عاللي عيجرا ديه، لكنها عتصبر روحها إنه بأذن الله مش هيتم للاخر وربيعه بتها مش هتتجوز الجوازه داي واصل.

❈-❈-❈


اما في المندره عند كرار واخواته وعيال عمه اللي اتجمعوا كلهم فى إستقبال العريس.. بعد واجب الضيافه من شاي فلاول وجوزه ودخان واللذى منه.

طلب العريس من كرار يد بته ربيعه رسمي بحسه العالي وقدام الكل، وقبل ماكرار ينطوق نطق ابو دراع اللي كان قاعد ساكت ومراقب الوضع ومستنى يشوف ايه اللي هيجرا للنهايه. 


-ربيعه بته مخطوبه ومعاهوش بنته للجواز كرار. 

قال كلامه وخيم السكوت عالجميع، وكرار بصله وبرق عيونه وجزله على سنانه، وبعدها ضحك ضحكه سمجه وهو عيقلب كلام ابو دراع لهزار وعيقول للناس:

وه يابو دراع، ديه مش هزار ياراجل الناس هتصدق! 

قالها ورفع اديه عشان يقرا الفاتحه مع الناس وقالهم بحسه العالي اني موافق نقروا الفاتحه، لكن من ملامح ابو دراع الجاده، ومن شخصيته اللي خابرينها زين وإنه مليهش في الهزار ولا المزح.. الكل فضل على سكوته وعيونهم على أبو دراع..


وفي اللحظه داي دخل ممدوح من باب المندره بعد ماكان واقف على اعتابها رايح جاي كيف اللي عتطلق وهيموت من الحسره علي بت عمه اللي عتروح منيه وهو واقف يتفرج. 

وبمجرد دخوله الكل انتبه عليه وبصوله، وكل فكرهم إن هو المتكلم على بت عمه، لكن فاجأهم ابو دراع وهو عيقولهم:


اني اللي متكلم على بت كرار واني اللي هاخدها. 

الكل سمع الكلمتين بتوعه دول واتصدم، بما فيهم كرار اللي بص لابو دراع كأنه واحد ضيع عقله، وطبعاً محدش بعد كلمة ابو دراع قدر ينطوق بحرف واحد، وخصوصاً وهما واعين نظرته الحاده وعيونه اللي عتنطوق بالشر والوعيد لأي واحد يعترض بحرف.. فبص العريس لكرار وبلوم وعتب قاله:

ولما بتك متقال عليها ياكرار جاي تعرضها عليا ليه وتقولي اجوزهالك وبدى نسبك ومصاهرتك؟ ولا عيملت إكده وجايبنا مكربين لبيتك عشان تتمقلت علينا إنت وابو دراع؟ 

سكت كرار ومتكلمش ونقل عيونه مابينهم وهو عيمطق فريقه، لكن ابو دراع رد عليه:


معلهش اصلي متكلم عليها من زمان بس هو تلاقيه نسي او مفكرني كنت امزح والموضوع مش جد.. بس لو كان سالني مره تانيه كنت قولتله إني عتحدت صوح واني مستنيها تبلغ سن الجواز واكتب عليها.. ودلوك اعتبروا حالكم جايين قراية فاتحتي اني.. هو اني مش لو دعيتكم كنتوا هتاجوا قراية فاتحتي برضوا ولا ايه؟ 

 ارفعوا اديكم واقروا الفاتحه عشان تتعشوا وكل واحد يتيسر على بيته. 


قال كلامه الاخير بزعيق ورفع يده اول واحد ونقل عيونه عليهم كيف عيون الصقر، وهما فوراً رفعوا اديهم يقروا الفاتحه، بما فيهم كرار اللي كل ديه مش مستوعبه ولا عارف ايه اللي عيجرا، غير إن ابو دراع عيخرب الجوازه 

وناهيك عن ممدوح اللي سمع الكلام وبقى واقف كيف المضروب علي راسه ومش عارف روحه هيوقع فاى لحظه ويفقد الوعي، لكنه حاسس إن طيحته قريبه. 


خلصوا قراية الفاتحه،وابو دراع اول واحد ختمها وقام بالخطوه السريعه راح على ممدوح اللي كان واعي عيونه زاغوا وخلاص رجليه مش متحملينه وهيوقع، سنده وجره على بره ووقفه قباله ومسكه من كتافه وقاله بحزم وهو عيهزه عشان يفوق:

تخافش ياد مش صوح الكلام اني عملت إكده عشان امنع الجوازه داي، ربيعه بتي ومفيش اب يتجوز بته. 


قال كلامه وقعد ممدوح علي المصطبه اللي قدام المندره وسنده عالحيطه، لكن كلمة كرار اللي طلعت بعد إكده زودت حالة ممدوح سوء لما قال لابو دراع:

مش هيحصل. 

التفتله ابو دراع عشان يرد عليه لكن كرار سبقه وقاله:

إنت اللي حكمت على روحك بيها ياابو دراع وإنت اللي هتتجوزها، وجوازكم هيتم الخميس الجاي زي ماحلفت انها في خلال جمعتين مهيكونلهاش قعده فبيتي.. وهتاخدها من بيتي لبيتك وهتمم جوازك عليها.. إنت ياصاحبي اللي بديت والبادى اظلم..ودلوك إنت مش صاحبي واخوي ابو دراع.. انت نسيبي اللي قرا فاتحته على بتي وهيوبقى جوز بتي بعد جمعه. 


كان يتحدت على ربيعه كأنها شر أبو دراع حكم بيه علي روحه، ومراعاش حالة واد اخوه ممدوح ولا التفتله حتى ولا حس بالوجع اللي جواه، وخلص كلامه ودخل عالبيت أمر بتجهيز الوكل للضيوف.. وعطاهم واجبهم وشوقيه وكلت الحريم وكرمتهم، وبعد مالكل مشى، عاود كرار للبيت مع اخواته وعيال عمه وأبو دراع كمان معاهم، والكل قعدوا فحوش البيت كيف اللي على روسهم الطير ساكتين وهما واعين شام وربيعه عيشيلوا فمواعين الوكل ويودوا عالموطبخ.. وابو دراع شايفهم كيف الخدامات وباقي حريم البيت قاعدين يتفرجوا عليهم ودمه غلى، لكنه سكت ومتكلمش، لانه خابر إنه وضع بقاله سنين وسنين، بس المشكله إنه كان عارفه بس معيشفهوش بعينه، واتاري السمع غير شوف العين خالص، واتعهد لنفسه إنه هيغيره وباقوي الايمان مش بأضغفه. 


شوقيه بعد شويه فتحت الكلام وسألت كرار وهي مستغربه الحاله اللي هما فيها:


مالكم إكده كفالله الشر عامين كيف ماتكونوا فجنازه مش جوازه، هي الجوازه خربت ولا ايه؟ 


رد عليها كرار وعينه على شام وربيعه اللي وقفوا يسمعوا رد كرار وقلوبهم ساجده لله عتتمني الخلاص.. لكن رد كرار فجعهم وهو عيقول لشوقيه:

مفيش حاجه خربت، الجوازه هتتم فمعادها، بس اللي اختلف إن العريس اتغير. 

اتبسمت شوقيه بشماته وهي واعيه شام وربيعه عيبصوا لبعض بخوف، وردت علي كرار:

ممدوح واد عمها مش إكده.. إيوه ياكرار توك اللي عيملت اللي فيه الصالح للكل . 


رد عليها كرار وعينه على ابو دراع واتكى علي كل حرف طالع من خشمه:


له مش ممدوح.. العريس يوبقى ابو دراع. 


قال كلمته وسكت والحريم كلهم شهقوا بصدمه، وشام وربيعه التنين وقعت الحاجه اللي فيدهم، وكل العيون راحت على ابو دراع، اللي نكس عيونه للأرض بخزي من بصة ربيعه ليه اللي كلها اتهام كيف مايكون عيمل جريمه فحقها لا تغتفر وخانها خيانه عظمى. 


أما شوقيه فالحقد ابتدا يسرح فقلبها ويعميه عمى وهي عتستوعب ان ربيعه تكون مرت ابو دراع اللي الكل عيهابه وليه كلمه عالكبير قبل الصغير وحدش عيقدر يقف في طريقه، وإن ربيعه خلاص زمام امرها هيفلت من تحت يدها اكيد. 


أما كرار فبص لشام وبأمر قالها:

الفلوس اللي عطيتهالك لساها قاعده معاكي اكيد.. هطلع دلوك اشيعلك البلانه بكل الحاجه اللي معاها تنقي لبتك اللي محتاجاه وهشيعلك عالخياطه تجيلكك إهنه تاخد المقاسات وتخيط، عشان منا للخميس الجاي يكون كل شي جاهز ونعملوا الفرح ونخلصوا من الموال الماسخ ديه. 


قال كلامه وقام طلع على بره، ومن بعده الرجاله اتفرقوا كل واحد راح على مصالحه واللي راح علي اوضته يرتاح.. وحتى أبو دراع طلع للجنينه عشان يشوف حال غنماته وهو عيفكر فاللي عيمله ديه ياتري صوح ولا غلط؟! 


واثناء ماهو ماشي غرقان فى تفكيره وقفه حس ممدوح وهو عيقوله:

مبروك عليك حبيبتي ياعم ابو دراع. 


اتنهد ابو دراع وبصله وهم يرد عليه لكن ممدوح قاطعه:

طب كنت قولتلي إنك عينك منها من لاول وإنك رايدها عشان مكنتش علقت قلبي بيها اكتر وكنت بعدت عنها. 


ابو دراع:

ممدوح اسمممع.. اني عليم الله ماليا اي رغبه فربيعه ولا ععتبرها اكتر من بتى، ولو كنت عيملت إكده فعشان انجدها من جور هيقع عليها من أبوها لا اكتر ولا اقل، انما اني زاهد في صنف الحريم وانت خابر زين، ويوم ماهحب اتجوز مش هاخد وحده كد بتي.. اني اكبر واعقل من إكده ياممدوح. 


ممدوح رد عليه بوجع وهو عيخبط راسه فى الشجره اللي وراه:

راغبها مش راغبها بس هتتجوزها، هتتجوزها وتوبقي مرتك وفبيتك وتشيل أسمك وتختلي بيها ليل نهار. 


ابو دراع:

كل ديه هيوحصول بس كيف مالأب عيقعد مع بته فبيت واحد ياممدوح، اكتر من إكده مش هيكون بيني وبين ربيعه.. ووعد ليك على، أول ماتبلغ سن الرشد هطلقها وهخليها تختار حياتها بنفسها، ويوم ماتختارك جوز ليها وابو عيالها اني بنفسى اللي هسلمهالك بيدي. 


ممدوح لانت ملامحه واتوردت واتعدل فوقفته واتنصب ضهره المحني وقاله:


صوح ياعم ابو دراع؟ 

ابو دراع بتاكيد:

صوح ياممدوح.. بس لغاية ماديه يوحصول عايزك تشتغل وتكد وتعمل اللي بوسعك عشان تبني بيت بعيد عن إهنه وتطلع بيها من بيت المقاول وتخطفها من بين انياب ابوها ومرته.. عالاقل توبقي وحده في حمايتك والتانيه في حمايتي لغاية ماربك يصلح الحال ويعدل المايل. 


خلص كلامه وبص شاف ربيعه وشام طالعين من بيتهم و جايين عليه، فهمس لممدوح إنه يمشي ونبه عليه إن الكلام ديه يفضل بينهم هما التنين بس وميطلعش بره، عشان لو حد عرفه مش هيتم اللي هما عايزينه.. وممدوح وعده إنه هيفضل سر ومشى علي بيتهم بالخطوه السريعه، بعد ماابو دراع روى الامل جواه وخلاه زهر من تاني بعد مادبل وكان في طريقه للموت... 


وصلت شام وبتها قبال كرار، وربيعه بدأت الكلام، او نقول العتب وقالتله:

ايه اللي عميلته ديه ياعم.. كيف تتجوزني وانى شايفاك ابوي وكنت مفكراك انت كمان شايفني بتك؟ 

بصلها ابو دراع ومتكلمش؛ لان كلامها هي مش مهم والايام كفيله انه يثبتلها انها فهمته غلط، اهم حاجه دلوك يبرر لشام.. وهم عشان يشرحلها، لكنها فاجئته بإبتسامه هاديه وبادرت هي بالكلام وهي عتقوله:


جمايلك كترت يابوا دراع علينا وغمرتنا غمر وماعارفينش هنسددوها ميته.. متتكلمش ولا تقول حاجه؛ عشان اني فاهماك زين وفاهمه إنت ليه عيملت إكده.. وصدقني اللي عيملته ديه هو الحاجه الوحيده اللي هتحمى بتي من أبوها.. ولو كان حداي الجرئة كنت طلبتها منك بنفسي. 


ابو دراع:

يعني مازعلاناشي مني ياام ربيعه؟ 

شام:

ازعل منك وإنت مادد يدك لينا وعتطلعنا من بركة الوحل اللي إحنا فيه.. داانت اللي متزعلش من ربيعه علي كلامها الخايب ديه بكره هتفهم كل شي. 

ابو دراع بص لربيعه بحنان اب وهو عيرد علي شام:

عمري ماازعل من ربيعه واصل ياام ربيعه، دي ربيعه داي هي النسمه البارده اللي فبيت المقاول واللي محليه الدنيا والله.. وبس تقعدي معاها لحالكم فهميها إنه مش جواز بالمعني اللي هي مفكراه. 


ربيعه كانت تنقل عينها بين امها وبين ابو دراع بإستغراب وهي عتسمع كلامهم اللي مفاهماهش ديه، وبالذات من امها اللي واعياها فرحانه بالجوازه، مع انها لسه من شويه فى الموطبخ كانت تندب عشان العريس الكبير في السن اللي هيجوزهولها ابوها، ومع ان ابو دراع كد ابوها واكبر، الا إنها شايفه الفرحه هتنط من عنيها بجوازها منه. 

ولما شافتهم متفقين عالجوازه ومتراضيين، حبت تدافع عن حلمها اللي بقالها سنين عتحلم بيه، فحطت يدها فنصها وقالت للتنين بنبره حازمه:

بس اني معاوزاشي اقعد فبيت المقاول إهنه، واللي هتجوزه لازمن يطلعني من السجن ديه والا مفيش جواز من اصله..سامع ياعم مش هتجوزك في البيت ديه اني. 


خلصت كلامها وبصت لابودراع اللي ضحك علي طفولتها اللي مصورالها إن كل الجواز طلعه من بيت المقاول، ورد عليها بوعد واضح فنبرة صوته:


تخافيش ياربيعه، خلاص من إهنه ورايح مفيش حبسه تاني، وبيت المقاول هتتفتحلك ابوابه على مصارعها وتطلعي وتدخلي كيف ماتحبي ووكت ماتحبى.. 


هتشوفى الدنيا اللي اتحرمتي منها،

ويوم مايتكتب عقد جوازي عليكي هيوبقى صك حريتك ياربيعه، اللي هتمسكيه فيدك ومفيش حد هتبقاله كلمه عليكي غيري، واللي هيبظم معاكي هحط رقبته تحت رجلي..

اني كانت مسكتاني الاصول، لكن من دلوك الحق والاصول معاي وفصفي، واللي معاه الاصول وماشي بيها عفى وحدش يعرف يغلطه.. ودلوك جهزي حالك عشان هنندلوا البندر اني وانتي وتجيبي كل اللي نفسك فيه من إهناك وتنقى على عجب عينك اللي نفسك تهواه. 


خلص كلامه وربيعه صرخت بفرحه ونطت في الهوا كذا مره ورا بعض بفرحه، وابو دراع ضحك وبص للأرض بخجل من حركاتها.. وحتى شام كمان ضحكت على بتها.. والتلاته قلوبهم ارتاحت، وشام بالذات حست إن اللي جاي هيكون احلي، وإن الفرج في الطريق اليها ولبنتها على يد ابو دراع، وإن خلاص غيوم الظلم هتنقشع، عالاقل عن حياة بتها. 

نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الثانى والثلاثون

❈-❈-❈

خلصت ربيعه تنطيط وجريت عالبيت، وقوام دخلت اوضتها ولبست احلى فستان عندها، كان فستان مورد وبكالوش وقصير هبابه وفيه كشكشه من الصدر، وديه من الخلجات اللي عتشيعهملها ستها دهب، واللي عياجوا مقاسها بالمظبوط، كيف ماتكون قايساها بالملى.

وابتدت تسرح شعرها قبل ماتلبس إشاربها وتستعد اخيراً للخروج من شرنقتها..


 وبمجرد ماخلصت طلعت قوام لابوا دراع اللي كان هو كمان دخل بيته وفتح صندوقه وخد منيه فلوس وحطهم فجيبه، وطلع لما سمع حس ربيعه بره بابه، وبمجرد ماشافها قصها بعنيه من فوق لتحت وإبتسامته أختفت وبجديه قالها:

إيه اللي لابساه ديه ياربيعه؟

ردت عليه ربيعه وهي عتدور حوالين نفسها بفرحه وفستانها يتفرد كالوشه وياخد شكل التنوره:

لابسه فستان ياعم ماله ماهو حلو اهه، وبعد لفه كامله وقفت وسألته بجديه وخوف:

ولا هما ناس البندر عيلبسوا غير إكده وهيضحكوا عليا لما يشوفوني،، بس مرت ابوي عتلبس إكده وتندلى البندر عادي.

رد عليها ابو دراع بحزم:

بصي ياربيعه.. أول هام مرت ابوكي داي متاخديش منها لا كلام ولا فعل وتقلديه، ولو فيوم قالتلك الشمس طلعت من شرقه تعرفي قوام انها طلعت من غربه وان القيامه خلاص هتقوم.. واياكي تتشبهي بيها بشي.

تاني هام.. حتي لو اهل البندر كلهم عيلبسوا إكده، انتي ماشيه مع راجل مش خيال مقاته، والراجل ديه لو شاف حد عينه زاغت على رجليكي الباينين دول ولا بص لخصرك المتخصر عليه الفستان ديه، وكتها هيوبقى مأسوف على عمره وجني على روحه، وعشان العيون معتتحرصش يوبقي همشي ارازي فخلق الله واكسر فيهم تكسير،

عشان الحُر ميتحملش حد يبص لحريمه ياربيعه، ولا حتى لوحده غريبه ماشيه معاه.. واللي تمشى مع راجل تحترم حالها وتحترم رجولته وتعمله قيمه.. وبكده يتقصر الشر.. فهمتي يامصليه ياصايمه ياعارفه ربك والحلال والحرام.


سكتت ربيعه ثواني وعيونها بقوا يتحركوا يمين وشمال بحركه سريع وبتفكير وتوتر، نفس حركة شام اللي عتعملها وكت ماتكون متوتره، وبعدها سألت ابو دراع بحيره:

طب البس ايه؟

ابو دراع:

ايوتها حاجه مستوره تدارى أمانتك.. الأمانه المتشاله ومتصانه لصاحب نصيبها، كل شبر فجسمك امانه ياربيعه لو حد شافه واتمتع بيه غير جوزك توبقى خنتي أمانته، حتي من قبل ماتشوفيه،، الأمانه داي ربنا اللي وضعها فيكي، وأمانة ربنا مفيهاش تفريط.. ولو معاكيشي حاجه مستوره البسى من خلجات امك لغاية مانندلوا البندر واني هجيبلك خلجات طوال وحشمه.. أصلها مش طلعه وحده والسلام، له داحنا من إهنه ورايح كل يوم والتاني طالعين.


خلص كلامه وابتسم وهو واعي وشها عيتورد بفرحه، وجريت عالبيت بسرعه تغير بعد مااقتنعت بكلام ابو دراع، وحتي فطريقها قابلت أمها موقفتلهاش وعدت من جارها كيف الريح. 


اما شام فكانت عاذره عقل بتها اللي قرب يشت من الفرحه، وضحكتلها وكملت طريقها لأبو دراع لغاية ماوصلت قباله، ومدتله يدها بالفلوس اللي عطهالها كرار كلها وهي عتقوله:

خد ياابو دراع فلوس شوار ربيعه اهه، بس اني عقول تشتريلهاش غير كام جلابيه وكام مداس يكرم اخوى، وإشاربين تلاته ودمتم، هي مش عروسه ولا هتتجوز من صوح عشان تتشوار.

رد عليها أبو دراع بإعتراض:


ولو ياشام، بس داخله على بيتي ولازمن اجيبلها اللي يليق بقعدتها فيه، اني فرشتي ومواعيني وحُصرى وكل حاجت بيتي حاجة عازب متنفعش حد يعيش عليها.. وبالذات ربيعه تستحق الزين كله. 


شام: طيب خد الفلوس وهات اللي يلد عليك مادام إكده. 

أبو دراع بنفس الاعتراض:

فلوسك شيليها ياشام اني هجيب لربيعه كل حاجه من حداي، اني خير ربنا معاي كتير وبعدين معاي مين ادس الفلوس عشانه يعني، ماانتي خابره انى لا ليا عيل ولا تيل ولا حد اكنزله مالي.. ماتشيليش هم ياام ربيعه الفلوس مافى اكتر منها. 


شام: 

ربنا يكتر خيرك ويوسع رزقك ويريح قلبك ياأصيل ياواد الاصول.. طيب خد برضوا القرشينات خليهم معاك، انت خابر اني معشيلش معاي فلوس وكل فلوسى حداك. 


ابو دراع سمع كلامها ومد يده خد الفلوس منها وبص فيهم وقالها:

طيب عقولك ايه ياام ربيعه.. ايه رأيك اني هجيب لربيعه بالقرشينات دول دهب تلبسه قدام حريم البيت اكنها شبكتها، واهي تفرح ويبقوا معاها ومحدش هيقدر يبصلهم ولا يسألها عنهم. 


شام ردت عليه بدون تفكير:

اللي تشوفه اعمله ياابودراع، القرشينات معاك وانت فصل واني وربيعه نلبسوا. 


ابو دراع اتبسملها، وبص شاف ربيعه جايه من بعيد ولابسه ملس اسود طويل للأرض، وطرحه سوده لفاها بعنايه، فابتسم على منظرها اللي كبرت فيه ياجي خمس سنين فوق سنها، ولغاية مااوصلت حداه ووقفت قدامه وقدام أمها وبطفوليه قالتله:

ملقيتش حداي حاجه طويله للارض خالص، لبست ملس مرت عمي ورده.. ها يلا بينا عاد.. قالتها وهي مديقه عنيها وبصاله بترجى وبقلة صبر، 

وهو لبى قوام وطلع قدامها واتقدم عنها بكام خطوه وهي تبعته بلهفه لحد ماوحدت خطوتها مع خطوته، وطول الوكت بصاله كيف مايكون الجني اللي طلعلها من المصباح عشان يلبي كل احلامها. 


اما شام فكانت مراقباهم وهما عيبعدوا قدام عنيها، وبتها اخيراً عتغادر السجن بتاعها بضمان ابو دراع، وقلبها عيرقص من الفرحه والبهجه كيف ماتكون هي اللي طالعه من البيت للدنيا الواسعه. 


طلع أبو دراع من البيت، وطلعت معاه ربيعه اللي دقات قلبها من الحماس حققت الرقم القياسى فدقات القلوب، وبمجرد ماوصلوا قصاد باب المندره سمعوا حس وقفهم هما التنين وخلاهم لفوا على كرار اللي طلع عليهم من المندره كيف الاعصار، وبس وقف قبالهم سألهم:

خير خير، على وين ان شاء الله؟ 


رد عليه ابو دراع وهو عيحط يده فقب جلابيته ونبرته كلها تحدى:


رايحين البندر اني وخطيبتي عشان تنقي شوارها، حداك ايوتها موانع ياكرار؟ 

رد عليه كرار وهو واعيله باصصله ومديق عنيه ومتأهب للهجوم عليه بشتى الطرق لو قابل منيه اعتراض على اللي هيعمله، وقاله:

طيب مش الواجب والاصول يكون فيه استئذان مني قبل ماتعملوا حاجه زي داي ولا ايه؟ 

رد عليه ابو دراع بنفس النبره:

له مش واجب ولا حاجه، وبالنسبه للأصول ياريت انت متتحدتش عنيها؛ عشان ماتسمعش مني اللي مش هيعجبك واصل، 

ومن اليوم وطالع ربيعه بقت مسئوله مني اني، وشورتها من راسي اني، واسمعك تقولها تلت التلاته كام انسيك اللبن اللي رضعته من حوريه امك.. ربيعه من اهنه ورايح تنساها وعينك لو تبصلها بسوء اخزقهالك. 

رد عليه كرار بغضب:

كلام ايه كلامك ديه ياابو دراع، كيف يعنى الكلام ديه إنت واعي روحك عتقول ايه، كيف ماليش صالح بيها يعني؟ 

أبو دراع رد عليه بخبث:

اللي سمعته ياكرار، وبعدين انت عايز تحكم عليها بانهى صفه هاا؟ 


كرار رد عليه بغضب :بأمارة انها بتـ...، وفوراً تدارك الأمر وسكت ومكملش، فأتبسم ابو دراع بظفر وهو عيقوله:


كملها ووكتها يبقالك كل الحقوق، ويحقلك تحكم وتتحكم زي مايحلالك. 

أما ربيعه فبمجرد ماسمعت الحرفين دول حسن بإن قلبها من الفرحه هيوقف.. لكنه رجع لطبيعته وهي سامعه ابوها عيرد علي ابو دراع ويقوله:

اكمل مااكملش ليه، بس اللي كنت هقوله غير اللي فبالك، كنت هقول بأمارة انها بت البيت ديه ومتربيه فيه ولحم كتافها من خيري وواجب عليها تطيعني ومن حقي أءمرها كيف مايحلالي وهي تطيع. 


رد عليه ابو دراع بسخريه:

له في الحاله داي كل حقوقك سقطت من ساعة ماقريت اني فاتحتي عليها، ودلوك متعطلناش مافاضينلكش ورانا مصالح.. 


يلا ياربيعه بينا عشان نلحقوا نلفوا في السوق براحتنا.. قالها واتحرك قدام ربيعه بهامه منصوبه كيف جبل عالي مايهزه ريح، 

وهي تبعته قوام، وحاسه بإنه قوتها اللي من إهنه ورايح محدش من إهنه ورايح هيعرف يأذيها في وجوده. 

إما كرار فوقف مراقبهم وهو عيغلى غيظ من ابو دراع اللي عمال يكسر فيه وفكلامه قدام الكل، كيف مايكون عايز يمسح وجوده، واستولى على ربيعه منيه فغمضة عين وسحب منيه كل سلطته عليها، ومش عارف كيف هيكون الوضع بعد إكده وهو مليهش عليها كلمه وهتعمل كل اللي يحلالها من غير مايقدر يبظم معاها؟ 


أما أبو دراع فمشى كام خطوه وبعدها وقف ورجع لابودراع، ووقف قدامه وقاله:


هي مش العروسه برضك ابوها عيجيبلها كردان وحلق، ولو غني زيك إكده عيجيبلها جوز مباريم عليهموولا اني غلطان ياكرار؟ 


رد عليه كرار وهو عيحط اديه في جيوب جلابيته:

ابوها عاد.. وانت ماشي بيها فدنية ربنا اوبقي دور على ابوها وخليه يجيبلها اللي عتقول عليه ديه، ولا اقولك اسأل امها عليه مين هو؛ عشان متتعبش في اللف والتدوير، اني اللي طلع من ذمتي عطيتهولها. 


ابو دراع:

يعني لو عطيتها للغريب كنت هتجيبلها ولا له؟ 

كرار:

كنت هجيبلها بس ستره مش محبه. 

ابو دراع:

ودلوك هتجيبلها غصبانيه وخوف، عشان لو مجبتلهاش واديتلها حقها تالت ومتلت، هوقعلك صفين سنانك واخيلك تركبهم عضم وتصرف عليهم حق الدهب الضعف عشره وناهيك عن الوجع.. وانت خابر ابو دراع لو رفع دراعه مهينزلهوش غير وهو عامل اللي اترفع عشانه. 

ارتبك كرار وبلع ريقه بتوتر، ورد عليه بقلة حيله:

اصبر هخش اجيبلك الفلوس اللي تجيبلها بيها وجع البطن اللي يمسكها مايسيبها ويمسكك معاها. 

خلص كلامه ودخل عالبيت وهو شايط شياط من الغضب. 

اما ربيعه فبصت لابو دراع وقالتله:

ليه إكده ياعم، اني عايزاشي منيه حاجه واصل، لا دهب ولا غيره، الله الغني عنه وعن دهبه وفلوسه. 


رد عليها ابو دراع بحزم ونبره متقبلش جدال وقالها:

ربيعه من اليوم وطالع اللي اقوله واحكم بيه مفيش فيه جدال ولا قول وعيد، الكلمه اللي تطلع من خشمي سيف عليكي قبل ماتكون سيف على غيرك، تسمعي وتسكتي وبس، 

ولما تصبري وتاخدى حقك من الصبر هتعرفى في الاخر إن كله لموصلحتك.


 الدهب ديه حقك من ابوكي، ومن اليوم وطالع لو ليكي حق مش هخليه يضيع طول مااني معاي سلطه وتفويض ادافع عنيه بدالك،

 بذياداكي الحقوق اللي ضاعت منيكي انتي وامك من أول الزمان نتيجة سكوتكم عليها.. وحان دلوك وكت اخد الحقوق ياربيعه ووخد الحق حرفه وليه ناسه وانى ناسه واهله. 


خلص كلامه وانتبه لكرار اللي كان طالع من بوابة البيت، وفيده مبلغ محترم من المال، فمدله ابو دراع يده وهو ضربه بالفلوس ضرب عليها، وأبو دراع فوراً ردله الضربه بالفلوس على وشه كأنه كف، ولف ومشى بعد ماشاور لربيعه برقبته عشان تتحرك وتسبقه. 

ومشوا التنين مع بعض وربيعه حاسه بانها بقت اقوى وحده في العالم بأبو دراع. 


خلصوا الشارع مشي، ووصلوا اخيراً لنهايته، وإهنه وقفت ربيعه للحظات وهي عتبص للعالم الواسع اللي عينها مجيبالوش نهايه،واللي عمرها ماشافته قبل سابق حتي من فوق سطوح بيتهم اللي اشجار المانجا العتيقه عامله حواليه سور شاهق مانع الرؤيه وعازلاه عن العالم عزل تام. 


أما ابو دراع فلما حس إن خطوات ربيعه اختفت من وراه، وقف ولف لورا وشافها واقفه وعتتطلع ع الدنيا الواسعه بعيون عتلمع بالفرحه، فرجعلها وضربها علي قورتها ضربه خفيفه وهو عيقولها:


له متنحيشي من اولها عاد دانتي لسه مطلعتيشي من البلد، امال لما تندلي البندر هتتنجمى ياك؟! 

قالها وضحك بخفه وهو عيزيح ربيعه اللي رقبتها هتتخلع من كتر ماعتتلفت حواليها ع الناس اللي رايحه وجايه ع الطريق بجاموسها وبقرها وغنمها، وشافت لأول مره الحمار والناس محمله عليه برسيم وراكبه فوق الحموله، ومع ان ستها عديله وامها حكولها عليه ووصفوهولها، الا إن الشوف مختلف، ومع كل خطوه كانت تخطيها كانت تسأل ابو دراع على كل حاجه تشوفها كيف طفل صغير لساه عيتعرف عالدنيا،

 وهو يجاوب من غير كلل ولا ملل، لكن اسئلتها مكانتش هي شغل باله الشاغل، اللي كان شاغله وحارق دمه صوح هي نظرات الناس لربيعه، اللي برغم لبسها الاسود الواسع واحتشامها الا إن العيون بقت تاكل فيها وتشرب،

 وخصوصى لما الشمس عملت عمايلها فوشها، ومع تعب المشى الوش صار اوحمر كيف حبات الفراوله، مع بياض الجبين ولون العيون العسلى خلوها كيف عروسة المولد اللي اتنفخت فيها الروح ومشت وسط الناس،

 وعشان ابو دراع مقادرشي يمنع النظره ليها ولا حداه حجه، اتعصب عليها هي وبقى كل كام خطوه يبصلها ويقولها:

 يلعن ابوكي يابت شام ايه بلاني بالطلعه معاكي؟ 

ويسكت وهي تسأله ليه، وهي مش فاهمه سبب شتيمته ليها! وفضلوا عالحال ديه لغاية ماوصلوا المعديه..

 وركبت ربيعه المعديه لأول مره وشافت البحر الواسع، وطول مالمعديه ماشيه وسط الميه ربيعه ماسكه فأبو دراع بخوف، وهو مهملها وعينه عماله تتعارك مع كل عين تبصلها شويه، لغاية ماوصلوا البر التاني، وبس وصلوا ركبها حنطور قوام قوام، وراح بيها عالبندر. 


اما ربيعه فكل ديه كانت عتمر بيه وهي مش مصدقه نفسها، ومع صوت رجلين حداوي الحصان عالارض المسفلته ونغمتهم، ربيعه كانت حاسه إن قلبها اتوحدت دقاته مع صوت الحداوي.. ولغاية ماوصلوا عند مكان معين وقف فيه الحنطور، وربيعه افتكرت انهم وصلوا وهمت بالنزول، 

لكن ابو دراع قالها إنهم لسه موصلوش لساهم فنص المسافه، فرجعت قعدت تاني وابتدت تراقب اللي حواليها والناس اللي رايحه وجايه، 

ولبسهم واشكالهم والحريم اللي ماشيه بشعرها ولابسه قصير، وهي مغطيه خشمها بطرف طرحتها وعتضروب علي رجلها بصدمه، 

وضحكت بعلوا حسها خلت الكل بص عليها وهي واعيه راجل معدى لابس بدله وكرافاته وشاورت لابو دراع عليه وهي عتقوله بحسها العالي:


-عم ابو دراع الحق الراجل ديه كانوا مصرمينه وقطع ورمح منهم والحبل لساه باقيته فرقبته(الصريمه هى حبل بيتربط بيه العجول او الجاموس) 

خلصت كلامها وكملت ضحك، وكل اللي حواليها وسمعها كلامها ضحكوا عليها بما فيهم سواق الحنطور، 

أما ابو دراع فاتحرج من الراجل اللي بصلهم بإحتقار، وخص ربيعه بإحتقار اكتر وبرطم بحس مسموع وهو ماشي:

(فلاحه) 

ولأن الكلمه مش من ضمن الكلمات المسيئه اللي فقاموس أبو دراع، ولأنه مش عيعتبرها شتيمه، فعداها وسكت، وبعد مامشى الراجل بص لربيعه بلوم وكان هيعاتبها، لكن لما بصلها ولقاها بصتله وسخسخت مره تانيه من الضحك.. ضحك هو كمان على ضحكها وسكت، وهملها تنبسط وتضحك على راحتها وطظ فكل الناس وظط فى الاحراج كمان. 


واخيراً وبعد مسافه من الانتظار، سكنت ربيعه للحس اللي سمعته ورج قلبها رج، 

صفاره هي حافظاها زين وعارفه صاحبها وفيه مابينهم معرفه قويه من غير حتي ماتشوفه.. 

إيوه هو رفيق امها وحبيبها ابو قلب حديد اللي ياما حكتلها عنه ووصفتهولها، 


فاعتدلت ربيعه فقعدتها وفضلت تبص حواليها بإهتمام وترقب عشان تشوفه جاي من وين، وكانت عامله بالظبط كيف اللي مستنيه بطل اجمل الحكايات وهي هتقابله اخيراً وش لوش، وشهقت وهي واعياه جاى من بعيد بوشه الضخم، وبالظبط شكله زي ماأمها كانت توصفهولها، كأنها رسمته رسم جوا عقلها،


 وبمجرد ماقرب عليها القطر صفر بحسه العالي، كيف مايكون عيصرخ من فرحته بيها، وعرفها انها من ريحة الحبيبه،


 وفضلت ربيعه متابعاه وهو ماشي وشايل جوا قلبه ناس كتيره قوي، واتوكدت من كلام امها إن قلبه كبير وعيحس ويساع من الحبايب الف، 

وبس خلص وراقبته وهو عيبعد، بلغته فى سرها سلام امها، وقالتله إنها هتبلغها سلامه، كيف مايكون بنى آدم وعيحس ويلاغي، وفهموا على بعضهم من غير كلام. 

❈-❈-❈


اما في الوكت ديه فبيت المقاول، شام طول الوكت مبتسمه وعتدندن في الموطبخ باغنيتها المعهوده :

ياطير يامسافر على جناح الدني لو فيك تحكى للحبايب شو بنى ياطيرر ياااطير وكل ماتخلص تعيدها من تاني


وشوقيه كل هبابه تدخل عليها الموطبخ وتشوف فرحتها داي ونار تشب بين ضلوعها،

 وحتى بدور وورده كانوا قاعدين يتودودوا ويحسدوا فربيعه اللي طلعت عالبندر مع ابو دراع؛ عشان تشتري شوارها بنفسها، وداي حاجه محصلتش مع وحده من بنات بيت المقاول قبل سابق، والوحيده اللي كانت في البيت عتندلى البندر وتكايد فيهم هي شوقيه، ودلوك انضمتلها ربيعه، وقعدوا هما محبوسين فى سجنهم الابدي اللي لا طلعه منه ولا دخله. 

❈-❈-❈

اما ممدوح فمن اول ماعرف إن عمه ابو دراع خد ربيعه واندلى بيها البندر.. قلبه انفطر من الحزن، 

لأن الطلعه داي كان نفسه هو اللي يطلعهالها، كان نفسه اول كل حاجه حلوه تشوفها علي اديه هو، وهو الوحيد اللي من حقه يشوف فرحتها بيها، 

وذكراها فقلبها تكون مقرونه بيه وبصوته وصورته وكلامه ومسكته ليدها وهو عيعرفها عالعالم كيف مالاب عيعلم بته أولى خطواتها..


 لكن للاسف أبو دراع سلب منيه الأمنيه داي، وخط فقلبها بيده اجمل ذكريات عمرها، واللي مهتتنسيش للموت لا هي ولا اللي كان السبب فيها. 


❈-❈-❈

أما فى الوكت ديه فى المعمل حدا حكيم.. واحد من عمال المعمل كان عيتحدت مع صاحبه وعيقوله إن عم ابوه رايح النهارده يخطب ويقرا فاتحه، وكان عيقولها بضحك ومسخره على اساس انهم هما الشباب مقادرينش ياخدوا الخطوه داي من ديق الحال، والعجوز اللي رجل بره ورجل جوه عشان معاه المال عمال يبدل ويغير في الحريم كيف فرادى الشرابات.. 


في البدايه حكيم مكانش معنى بالحديت الداير مابينهم ولا مهتمله، وقال شباب عتفضفض همها مع بعض مع انها نميمه وقال إنه هينهاهم عنها فدرسه اللي جاى، لكن بمجرد ماانذكر إسم كرار انتبهت كل حواسه، ووقف بصدمه اول ماعرف إن عروسة الراجل العجوز ديه توبقى بت كرار، 

وطبعاً كرار محداهوش غير بت وحده مفيش غيرها ولا بدالها، ولا بيت المقاول تماً فيه بنته غير بت شام،

 فطلع من المعمل وهو قايده فيه النار وعتاكل فقلبه وكل، وبكل سخط الدنيا فقلبه على كرار راحله على بيته، وبمجرد ماوصل قدام البيت وشاف كرار في المندره جرى عليه كيف اسد جعان هاجم على فريسته،

 وبدون سابق انذار مسكه من قبه وقومه من علي الدكه وقفه قدامه وبغضب الكون كله قاله:


انت جنس ملتك ايه ياد انت قولى، كيف تجوز بتك لواحد كد جدها ياريته كد ابوها حتى، انت ايه مختوم على قلبك بختم الجحود ليه إكده؟ يعني اني اعرف إن القلوب عتتقلب من طاعه لمعصيه لخوف لظلم لعدل، وإنت قلبك ماضى عقد مع المعصيه والظلم ووفى ليهم ليه، ياخى اتقي ربنا اللي فيوم هتقف بين اديه وتتسأل على كل اللي عتعمله ديه، ياخى معتتعظش حتى من الناس اللي عتموت حواليك ومبقيش منهم غير سيرتهم وراحوا القبر باعمالهم بس؟! 


رد عليه كرار بهدوء وهو عينفض اديه من قب جلابيته:

عقولك ايه ياد انت، اوعاك تعمل روحك شيخ عليا، لو مفكر روحك شيخ فأنت شيخ على حالك، وتشيخ على اي حد الا عليا اني. 

وبعدين اللي انت جاي تحكي فيه ديه محدش اداك اي حق عشان تتدخل فيه. 


ديه لا فصل ولا نزاع وحد راحلك عشان تحله، 

وبعدين مين اللي قال إن أبو دراع كد جدها، ابو دراع يادوبه اكبر منى بسنتين ولساه باقيله ع الاربعين سنه ولا تنين، يعني مش كبير ولا حاجه ديه فعز شبابه. 


حكيم سمع إسم ابو دراع واتشل تفكيره، وبعد عن كرار خطوه لورا وهو عيحاول يستوعب اللي سمعه! 

واللي عقله رافض يصدقه بأي طريقه أو يعقله حتي، لكن ملامح كرار الجديه كانت عتأكدله الكلام، فقال لكرار وهو على نفس صدمته واستغرابه:

خش عيطلي ابو دراع من جوه قوام. 


رد عليه كرار وهو عيحط يده ففتحة قب جلابيته ويبص بعيد بفخر:

أبو دراع خد خطيبته واندلوا البندر عشان العروسه تنقي شوارها بنفسها. 


خلص كلامه وبص لحكيم بنص عين، وحكيم هز دماغه بعدم تصديق، وطلع من المندره فوراً في محاوله منه بإنه ينقذ تلافيف عقله من التلف علي يد كرار اللي عيقول حاجات غريبه فوق مستوى إدراك عقله.. وراح علي معمله وهو عيهمس لروحه..معلهش، يافهم دلوك بفلوس لما يعاود ابو دراع واشوفه هيكون ببلاش. 

❈-❈-❈


أما ابو دراع وربيعه، فبعد مامشى القطر والمزلقان اتفتح، اتحرك بيهم الحنطور وكملوا طريقهم للسوق، وهي حاسه إن قلبها هيوقف من كتر الفرحه من كل اللي شافته النهارده،

 واول ماوصلوا السوق ونزلت، وقفت موطرحها مبرقه عنيها بصدمه اكبر من اي صدمه اتصدمتها من وكت ماطلعت من بيتهم؛ 

من اللي شايفاه بعيونها، ناس زي النمل رايحه جايه، كل حاجه يحتاجها البنى آدم موجودة في السوق، الوان ملابس تزغلل العين، اصوات عاليه وكل واحد عيدلل علي بضاعته..فضلت تتلفت بحيره وذادت حيرتها لما سمعت ابو دراع عيقولها:


يلا ياست البنات نقى من اللي عينك شايفاه كل اللي يعجبك ونفسك تطيب عليه. 

ردت عليه ربيعه بحيره وتوهه:

انقى ايه ولا ايه، إيه كل الحاجات داي، إيه كل ديه ياعم ابو دراع؟ 


رد عليها ابو دراع بإبتسامه حنونه:

قلتلك نقى كل اللي يعجبك.. كللل حاجه واي حاجه تعجبك شاورى بس انتي عليها من سكات وليكيش صالح. 


وبالفعل ابتدت ربيعه تعاين وتختار وتشاور لأبو دراع وهو من وراها يحاسب ويشيل، وهي تروح لغيره.. لغاية مافلحظه بعد ماحاسب ابو دراع، ولف عشان يشوفها راحت لأنهي بياع ملقيهاش حواليه، فضل يتلفت ويفرق الناس ويبص إهنه وإهنه؛ لكن ملهاش اثر! 


عقله شت منه والخوف سيطر عليه ودقات قلبه اتضاعفت اضعاف من الخوف عليها وهي عامله كيف العصفور اللي اول مره يطلع من عشه ويرفرف بجناحاته ولو تاه وبعد مهيعرفش يرجع تاني.. حط الحاجه اللي فأديه فأمانة بياع 

وفضل يلف في السوق كيف المجذوب يزرعه رايح جاي يدور عليها،

 لكنها كانت كيف فص ملح وداب مليهاش اثر، فقعد على حيله وحط اديه فوق راسه وهو حاسس إن قلبه عيرجف من الخوف كيف ورقة شجر فمواجهة ريح عاتيه.. وكل اللي عيتفوه بيه:

ضيعتها.. ضيعت ربيعه.. أقول أيه لامها دلوك.. ضيعت أمانتك ياأبو دراع؟ 

ضيعت أمانة ستك عديله وامانة شام وأمانة ربك..ضيعت بتك اللي اتربت على يدك وقدام عينك.. ضيعت وردة بيت المقاول ياابو دراع... 

   الفصل الثالث والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

لقراءة الجزء الاول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close