أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الجزء الثاني2 الفصل السابع عشر والثامن عشر بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم

 الجزء الثاني2 الفصل السابع عشر والثامن عشر 

بقلم ريناد يوسف

طولت غيبة حوريه، وساعة غدا الشغاله جات، وشوقيه من ساعة ماشافت حوريه طالعه على اوضتها وهي مستنيه تسمع اي رد فعل منها، ومع انها كانت متوقعه ان حوريه مكانتش هتقدر تتكلم، الا انها كانت حاطه فبالها احتمال ان حوريه تخلقلها سبب وهمي وتثور عليه، وتطلع غضبها من خلاله.

طولت غيبتها لدرجة ان حريم البيت استغيبوها وعدويه قالت لبدور تطلع تشوفها، وبدور طلعت بالفعل وفضلت تخبط على باب خالتها حوريه، لكنها خبطت كتير وملقتش رد! 

فقلقت وابتدت تنده عليها بحس عالي وتخبط بقوة اكتر، ولما برضوا ملقتش رد منها راحت على السلم ووقفت علي اوله وابتدت تنادى علي اهل البيت وتقولهم:


 الحقوا مرت عمي، والكل فثواني كانوا طالعين عالسلم، وابتدوا البنات يكسروا في الباب، ومع بعض قدروا، واول وحده دخلت عليها هي عدويه اللي جرت عليها ورفعت دماغها علي رجلها وهي عتبكي وتقولها:

قومي ياختي، قومي متزعليش والله اني لا عايزه ابقي ببيت ولا عايزه اتحكم فحد، وخلاص عايزاش بيوت اني هقولهم يبطلوا بُنا وهتقعدوا كيف مااحنا في البيت إهنه، مش هنبعدوا عن بعض واصل بس قومي، َزعقت في البنات اللي كلهم قاعدين حوالين حوريه وعيصحوا فيها ويبكوا بحسهم العالي وقالتلهم:


قوموا وبطلوا نواح وحده فيكم تجيب بصله ووحده تجيب بوق مايه قوام، ووحده تجيب كالونيا من بتاعة جوزها، 


وأول وحده ابتدت تنفذ بدور اللي نزلت تجيب بصله من الموطبخ، واول مانزلت شافت ستها عديله واقفه علي أول السلم مستنيه حد ينزل منهم تسأله فيه ايه، واول ماشافت بدور سألتها بلهفه:

هاه ماتت؟

بدور ردت عليها وهي عتجري تجيب البصله:

لسه محدش يعرف، هنشمموها البصله ونشوفوها هتقوم ولا له، بس هي يعني محطاش منطق ولا عتسك ولا ترفص.


ردت عديله بهمس: ويارب ماتسك ولا ترفص، خليها تروح وتريح.


أما شام فكانت واقفه جار ستها عديله وشايله بتها، وواقفه محتاره عايزه تطلع تشوف فيه ايه وخايفه يحرجوها بكلمه وخصوصي بدور، فوقفت تتفرج من بعيد لبعيد.

اما شوقيه فبمجرد ماسمعت حس بدور وهي عتزعق اترجفت وخافت، وقوام راحت عالفلوس طلعتهم، ولبست الملس بتاعها وحطت الفلوس تحت باطها وطلعت بيهم، وقررت إنها تتخلص منهم وتحطهم حدا امها لغاية ماتعوزهم، عشان لو قعدوا في البيت حوريه مهتسكتش غير لما تعتر فيهم، ديه لو قامت منها بس. 


طلعت شوقيه من اوضتها متلغفنه، وعديله شافتها، وشافت تحت باطها المعبعب، فراحت عليها قوام ووقفت قدامها وسألتها بحزم:

ايه اللي حاطاه تحت باطك ديه ورايحه بيه فين؟ 

وكيف طالعه تتسحبي وحماتك بين الحيا والموت، ومطلعتيش حتي تتطمني عليها؟


شوقيه وقفت وبلعت ريقها وجات تتكلم اتلجلجت في الكلام ومعرفتش ترد، ولما ادركت ان الوكت عيفوت وممكن حوريه تفوق وتقفشها، او ممكن الرجاله يعاودوا من بره وكرار يشوف اللي معاها وياخده ليه،

 مره وحده زاحت عديله من قدامها وطلعت على بره تجري بالفلوس، وقالت لنفسها إن عديله سهل تلاقيلها مخرج بعدين.

وقوام عبرت الجنينه وطلعت من البوابه بتاعة البيت، وبمجرد ماخطت رجلها الشارع حست انها بقت في امان، فكملت مشي عادي علي بيت ابوها ولا كان حاصل معاها شي ولا باين عليها اي خوف.

أما عديله فوقفت ورا شوقيه مراقباها وهي ماشيه، وربطت اللي عتعمله باللي حوصول لحوريه، وفهمت الفوله، وهمست لروحها بقهر:

ااااخ ياحورية الكلب، استخسرتي الفلوس فولاد اختك وكنتي عايزه تحوزيها ليكي ولعيالك وبس، واديكي لا طولتيها انتي ولا عيالك، وخدتها الحدايه اللي حطت على عشك وخربته ونقرتك بمنقارها فنص قلبك، يلا تستاهلي اهو ربنا بعتلك الاقوى منك واللي هتخلص القديم والجديد وذنوب الناس كلها هتخلص منك والطاق طاقين.

❈-❈-❈


أما حدا همام

بسيمه بكل غضب الدنيا:

انت عتقول ايه ياعديم الربايه انت وعتتهمني بايه، من ميته بت عبصمد ديه تفكيرها ولا مشيها بطال، فوق لروحك وشوف انت عتتكلم مع مين، أنيي بسيمه اللي عمرك ماكنت تحلم إنك تقرب منيها، آني بسيمه اللي لو الظروف غير الظروف لو كنت عديت جارها مكنتش عملتك خلجه تمسح بيك مناخيرها ولا حتي تمسح بيك نعل جزمتها، بقيت مرتك صوح وحكم النصيب، بس ديه عمره مايديك الحق تقل ادبك ولا تتعدا حدودك معاي، ايه اللي ليك حداي إنت عشان تتحدت بسببه معاي إكده؟ 

احترام.. انت خابر إنه مليكش حداي منه ولا هبابه، محبه؟ انت خابر إنها ابعد من نجوم السما علي قلبي، عشره ومعاشره؟ انت خابر وانا خابره إن عشرتنا غصب ومحصولش بينا اللي ربنا ينزل عليه حتي هبابة موده ورحمه مابينا، يوبقي لسانك ديه تلمه من تلاي، ولو متلمش وعاز القطع اني قطاعته.. لم روحك ياهمام عشان مالمكش بطريقتي. 

خلصت كلامها وسابت همام من الارتفاع اللي كانت رافعهوله خلته نزل بعنف علي المخده، وهو كل ديه سمعه وهو ساكت، 


وبعدها اتحركت بسيمه من قدامه، وراحت علي الصندوق بتاعها طلعتلها غيار، وغيرت خلجاتها ورا الستاره اللي عاملاها في الأوضه، وبعدها طلعت جابت عشا وحطت لهمام عشاه جاره، وهي خدت عشاها وقعدت عالارض تاكل لحالها، ومن وكتها عينها مااترفعت علي همام، اللي فضل يسب ويلعن فروحه علي غلطته اللي غلطها فحقها، وعلى كلامه اللي كيف الدبش، وعلى غيرته اللي خلت عقله طار ومفكرش في الكلمه قبل ماينطوقها. 

فضل باصصلها وهي عتاكل، وبعد شويه جلى حسه وبهمس مسموع قالها:

حقك على راسي يابسيمه اني محقوقلك متزعليش. 

بسيمه ردت عليه بلا مبالاه:

لا حق ولامحقش، اصلا اني مهعملش لكلام واحد زيك باعت، عشان العيب لو طلع من اهل العيب ميوبقاش عيب، وأنت اكتر واحد أهل للعيب وللنجاسه والنكران وقلة الاصل ياهمام، وديه خلاك ماعليك عتب ولا لوم. 

همام بكسره:

حقك تقولي إكده واكتر هبابه كمان، واني مهردش، عشان اللي باقي لينا مع بعض مش كتير اني خابر، خلى اليومين الفاضلين يعدوا زينين يابسيمه ونفتكروا بعض بالخير لما القلوب تشتاق..وقبل ماتنطوقي الكلام ديه ليا اني مش ليكي، عشان خابر زين إنك بعد ماتبعدي لا هتحني ولا تشتاقي، ولا فيه مابينا اللي تحنيله اصلا. 

انتي هتتجوزي وتخلفي وتعيشي حياتك وتعملي بيت، وياخدك واحد محظوظ امه داعياله عشان هيتصبح بوشك كل يوم، هياكل من يدك، ويرتاح ففرشتك وينام على دفوا انفاسك. 

واني بس اللي هعيش على طيفك، وهتهز بدني هبة الشوق اللي هتهب علي قلبي من وكت للتاني، والنصيبه إن الشوق مليهش دوا يابسيمه، مليهش غير الصبر وياعالم وكتها هيكون عندي منيه ولا له. 

كان يتحدت وهو باصصلها، والحسره باينه فكلامه وفبصته ليها وحتى فتنهيدة الوجع اللي كانت تطلع منيه من وكت للتاني وسط الكلام. 

لكن بسيمه حالته وتنهيداته وحتي وجع قلبه وحسرته ولا هموها، لأن داي مشكلته هو مش مشكلتها، هي لا عشمت ولا خضعت بقول او بفعل تلوم حالها عليه وقت تتطلع لهمام وتشوف حالته. 


❈-❈-❈

أما في بيت المقاول

حوريه بعد عدة محاولات ابتدت تفوق،واول حاجه عملتها بعد مافتحت عنيها إنها بصت للصندوق، وبضعف زحفت وراحت عليه وابتدت تفتش فيه مره تانيه وهي عتبكي بحسها العالي، والكل مافاهمينش فيه ايه ولا عتعمل إكده ليه، وبعد ماخلصت تفتيش واتوكدت زين إن الفلوس مقاعداش، قعدت على حيلها وابتدت تضروب علي رجليها وتأن بصوت مكتوم وتهز في دماغها بقهر، وشويه وتعض فأديها، وكل ديه ولا حد خابر هي عتعمل إكده ليه! 

ومفيش غير عدويه بس اختها قاعده قبالها تبكي وتقولها سامحيني، وكل فكرها إن اختها اتقهرت منها عشان هتبعد عنها وتسكن فبيت لحالها، وحست بالندم والذنب عشان خلتها تحس الاحساس ديه. 

شويه وحوريه سكتت عن النوح ومسحت دموعها وابتدت تفكر بعقلها وتسأل السؤال اللي لازمن يتسأل في الحاله داي.. ياترى مين اللي خد الفلوس؟ ياترى مين اللي كشف السر؟ وبعد التفكير اهتدت للي سبق وهددتها وهي الوحيده اللي عارفه اللي فيها، فقامت ونزلت جري على تحت، ودخلت أوضة عديله كيف الإعصار، ودقايق كانت قالباها فوقاني تحتاني مخلتش فيها شبر غير ونبشته، وكل ديه والكل واقف ومستغرب، ومفيش غير عديله هي الوحيده اللي واقفه وعماله تضحك بشماته وهي شايفه حوريه وحالتها، وبعد ماخلصت حوريه تفتيش وقعدت علي حيلها بتعب لما ملقتش حاجه، قربت منيها، وميلت عليها وبشويش قالتلها:

اللي عتدوري عليه مش إهنه ياحزينه، ولا اني اللي خدته، وحد الله بيني وبين الحرام وانتي خابره، اللي طمرتيه وخدتيه من غير حق جات الحيه اللي دخلتيها بيتك وبلعته فكرشها، ولو فكرتي تقربي لمها هتطبق فيكي بانيابها وتبخ سمها كله فيكي، وتفرفطي وتموتي من غير مايطلعلك حس كيف ماعامله دلوك. 


بصتلها حوريه وفهمت هي عترمي على ايه، وقامت بنارها وشرارها وراحت على اوضة شوقيه، فتحت الباب بعنف ودخلت، واتلفتت في الأوضه على شوقيه ملقتهاش، فبصت لعديله اللي كانت باصالها بعيون عتلمع من الشماته، قربت عليها حوريه وسألتها وهي جازه علي سنانها:

راحت وين؟ 

ردت عليها عديله بخبث:

راحت تدس اللي خدته من مغارة علي بابا قبل مالحرميه يعاودوا... هيهيهيييه والله وجاتلك اللي تقهرك ياحوريه ياحراميه. 

خلصت كلامها ودخلت حوريه اوضة شوقيه، وعملت فيها كيف ماعملت فاوضة عديله، وبرضوا ملقتش حاجه، وأول ماخلصت طلعت عالحوش وقعدت، ولما سألوها بناتها وحريم ولادها عن سبب اللي عتعمله، وشافت انهم لازمن يسمعوا سبب عشان يبطل العجب، قالتلهم إنها كان معاها لبه دهب واتسرقت منها، واللي شاكه فيهم فتشت مطارحهم، واللي هما شام وشوقيه، وديه عشان هما بس الجداد عالبيت واللي الشك فيهم وارد. 


وانطلت الحجه عالجميع، والكل قعد يفكر ياتري مين اللي خد اللبه وكيف خدها وميته، ولما متوصلوش لحاجه هملوا حوريه لنواحها وقاموا يحطوا الغدا للشغاله، واللي جه سلام خده ولما سأل عن حال مرت عمه واتحكاله السبب،


وقف في نص البيت وفضل يزعق ويقول إن البيت فيه حرامي، ولازم يتكشف، وإن كانوا سكتوله فأول مره مش هيسكتوله النوبادي، واهل البيت ومطارحهم لازمن تتفتش بالهبابه، وبس يرجعوا الرجاله هما اللي هيعملوا الحكايه داي بنفسهم. 

خلص كلامه وطلع بالوكل للشغاله، وطبعاً كانت المتهمه الوحيده في نظره ونظر الكل، وكل اصابع الاتهام موجهه ليها هي شام؛ اللي عمر ماسرقه حصلت في البيت غير بعد ماجات، وكانت أول واكبر سرقه، واللي الكل دفع تمنها من شقاه وتعبه وسهر الليالي، وبس تتثبت عليها السرقه الكل هيخلص منيها القديم والجديد. 

❈-❈-❈

حدا السيد في بيته

فتحت بشاير عيونها الصبح وشافت روحها نايمه على صدر السيد، ورفعت دماغها لقته صاحي ومفتح وعيونه عليها، وبمجرد ماعيونهم اتلاقت ابتسملها بمحبه وهمسلها بحس دايب:

إصباح الخير ياوش الخير، إصباح الخير ياحته سقطت من القمر على قلبي وبيتي، إصباح الخير ياحظي الحلو، إصباح الخير يابشاير الفرحه.صباحيه إمباركه يانبض القلب. 

اتبسمت بشاير واتعدلت وابتدت تلم فشعرها وعيونها باصين بعيد عن السيد، وهو بحركه سريعه مسك اديها وقالها:

ليه ليه، همليه مفرود وزايد من حلاكي. 

قالها وشد يدها وجذبها عليه، وباس جبينها بحنيه، وهم ينزل على خدها ببوسه، لكن قاطع نواياه الخبط عالباب، وحس امه وهي عتصحيهم عشان الصباحيه والناس اللي على وصول، وكمان أبو بشاير وأمها اللي هياجوا يجيبوا الصباحيه، فقام السيد واجل اللي كان ناوي عليه لبعد الصباحيه. 

وفطروا العرسان سوا بالوكل اللي كان فاضل من عشيه واللي سخنتهولهم أم السيد على مادهب تاجيلهم بفطور العرايس، 

وطلع بعدها السيد من البيت يقعد مع الشباب، لغاية مالحريم تاخد قعدتها وتمشي. 

وجهزت بشاير نفسها ولبست واتزوقت، وطلعت قعدت وسط الناس، وشويه وقامت ناطه وهي واعيه أمها داخله عليها، وقربت منها بعد مانزلت اللي كانت داخله شايلاه، وبس بقت قدامها خدتها فحضنها وطبطبت عليها وهمستلها فودنها بحنيه:

ربنا يديم عليكي الفرحه اللي واعياها فعيونك وعلى وشك داي يابنيتي، ربنا يعوضنا بيكي وفيكي عن اللي اتحرمنا منيه، واشيل عيالك على يدي واربيهم فحجري واشوف اعز الولد بسببك. 

اتبسمتلها بشاير بخجل، وخدتها امها وراحت بيها على اوضتها تتحدت معاها شويه، مع انها مطمنه عليها من بالليل، لكنها برضوا حابه تطمن قلبها من ناحيتها اكتر.. وقضوا مع بعض شوية وكت زينين، 


وبعدها طلعت دهب وبعتت على عبد الصمد جوزها من جار الرجاله بره، ودخل عبد الصمد وسلم على بته اللي أجل سلامه عليها لبين مايفضى البيت من الحريم، ومد يده فجيبه وطلعلها نقطتها، وضمها لصدره وباس جبينها ودعالها إن ربنا يسعدها، وبعدها خد دهب مرته وراحوا علي بيت همام يطلوا عليه ويشوفوا ليه بسيمه مجاتش صباحية اختها، متمنيين إن المانع يكون خير.

وبالفعل راحوا، ودخلوا وشافوا همام وسلموا عليه وقعدوا جاره، ولما سألوا بسيمه عن عدم مرواحها الصباحيه، قالت إنها مقدرتش تهمل همام لحاله بسبب إن امه واخته النهارده راحوا البندر ومفيش حد يراعيه فغيابها. 

والعذر ديه غفرلها عدم مرواحها، وخلاها كمان كبرت في عين ابوها اكتر واكتر ودعالها إن ربنا يجبر بخاطرها كيف ما من يومها عتجبر فخواطر كل اللي حواليها، كانها أم الكل ومسئوله عنهم،

خدوا قعدتهم معاهم وعاودوا علي بلدهم، وبمجرد مادخلوا بيتهم اتلفتوا فأركانه، ودورت عيونهم على اللي كانوا ماليينه عليهم بهجه وفرحه، وكيف إنه أصبح بين يوم وليله فاضي وخاوى والسكوت عليف فأرجائه، وغصب عن دهب عيونها دمعت، وعبد الصمد حاوطها بدراعه وخدها على اوضتهم وهو عيقولها:

البنته موطرحها خالي يادهب، ومن يوم ماعتتولد البنيه عنبقوا خابرين إنه حتما ولابد هياجي اليوم اللي هتفارقنا فيه وتتقلع جدورها من بيوتنا ووتغرز فبيت تاني، ادعيلهم بالراحه وصلاح الحال، وهوني علي روحك، ولو ياستي عتبكي عشان الخدمه هتكون تقيله عليكي من إهنه وطالع اني هجيبلك اللي تساعدك ولا تزعلي. 

ردت عليه دهب بإستنكار:

ايه هتجيبلي خدامه اياك؟ 

عبد الصمد بضحكه:

له يابوي خدامة ايه، اني قصدي اتجوز واجيبلك مره تانيه تساعدك. 

دهب برقت عنيها وبعدت عنه. وبصتله، وهو ضحك بعلو صوته وضمها تاني بدراعه قوام. وصلح غلطته قبل ماتفلت الامور من اديه ودهب تتهور وقالها قوام:


عضحك معاكي والله، وبعدين هو اني الاقي ضافرك ياام البنات لو لفيت السند والهند علي كعوب رجليا؟ والله مالاقي ولا الدنيا فيها غير دهب وحده بس. 

وقوام دهب بس سمعت الكلمتين اتبسمت، وبصت لعبد الصمد بنظرة محبه وهو قابلها بنظرة عرفان، والتنين دخلوا اوضتهم وناموا فحضن بعض ورموا حمولهم على الله،واودعوه بناتهم التلاته يحفظهم بعينه اللي لا عتغفل ولا

❈-❈-❈

أما حدا بيت المقاول

كل الرجاله واهل البيت متجمعين بعد مافتشوا البيت لتاني مره شبر شبر، وبرضك ملقوشي حاجه، وكل ديه وحوريه ساكته، وأخيراً جات شوقيه من بيت ابوها، واللي استقبلها كرار وهو عيسألها:

رحتي ليه علي بيت ابوكي ياشوقيه، ورايحه فوكت مينفعش تطلعي فيه من البيت وأمي كانت بالحاله داي وبين الحيا والموت، برضك داى اصول يابت الاصول؟ 

ردت عليه شوقيه وهي عتقعد على الدكه بتعب وتمثل الالم:

هتعذرني لو قلتلك عذري ياكرار، اني اول مابدور صرخت جفلت وجسمي اترعش وحسيت بخوف، وديه خلى المغص مسك فيا في الحال وبطني اتقطعت من الوجع، اتلفتت حواليا على وحده من الحريم تساعدني ولا تقولى اعمل ايه ملقتهمش، كلهم طلعوا لأمي حوريه فوق، فلبست ملسى وجريت على بيت ابويا العمممده، وهناك قلت لامي عاللي واجعني وهي شيعتلي عالدايه وكشفت عليا وطمنتني عالعيل، وخلتني نمت على ضهري شويه، وقالتلي تتحركيش كتير مش زين عالعيل، وقالتلي كمان نبهي عاللي ساكنه فبيتهم يراعوا حبلك وميفزعوكيش كل هبابه احسن تسقطى المره الجايه. 

كانت تتحدت وعينها على حوريه اللي باصالها ووشها صاير جمرة نار من كتر القهر والغيظ اللي كان جواها، وعشان شوقيه متوكده إن ديه اخرها فإظهار غضبها، كملت كدبها وهي مرتاحه، وبينها وبين حوريه عتبصلها بتحدي، كيف ماتكون كل وحده عتقول للتانيه كشفتك. 


كرار راح عليها وفعد جارها ومسك يدها بخوف وقالها:

معلهش حقك عليا اني، سلامتك ياغاليه ياام الغالي.. قومي تعالى ارتاحي ففرشتك ومتقوميشي منها لو سمعتي الدنيا عتتطربق براها. 

خلص كلامه وقوم شوقيه دخلها أوضتها، وهي أول ماشافت منظر الأوضه شهقت من الكركبه اللي فيها، وكرار بسرعه قالها:

كله هيتلم والأوضه هتوبقي زي الفل، بس انتي ريحي وليكيش دعوه بحاجه. 

وفعلا شوقيه نامت على السرير، وكرار عطى حس لاخواته التنين عشان ياجوا يعملوا أوضة شوقيه، مع إن أوضهم هما كمان انيل منيها، لكن كرار عطى امر وهما ماعليهم غير السمع والطاعه، كيف ماعيعملوا مع كل رجالة البيت، وكلمة اي حد فيهم سيف يسير على رقاب كل الحريم، سواء اخ أو واد عم. 

اما عديله فكانت طول الوكت وهما عيفتشوا تحمد ربها؛ عشان ودت الدهب حدا ابو دراع في الوكت المناسب، والا كان زمانهم لقيينه دلوك ومفضوح امرها وامر شام. 

❈-❈-❈

بعد مرور عام ونصف بالتمام والكمال. 


بشاير:

يلا ياعزيز روح لستك دهب هروح اتلقى ابوك جه هو وسيدك من الغيط وانزل معاهم البرسيم بعد مالافيهم بوق ميه ساقعه من الزير. 

خلصت كلامها ولافت ولدها صاحب الاربع شهور لأمها، اللي حطته فحجرها وابتدت تناغي فيه، وبشاير راحت تعمل كيف ماقالت، وزي كل يوم استقبلت جوزها وابوها بالحنيه والضحكه البشوشه، والسيد يتطلعلها بحب، ويحط يده علي قلبه وهو عيحس فكل يوم يعاود فيه للبيت بعد نهار الشغل، إنه عاود لنفس اليوم اللي شاف فيه بشاير أول نوبه، ونفس دقة القلب ورفة العين يعاودوله، ويقع في حبها من أول وجديد. 


أبو دراع:

بعد، بعد عنيها ياواد الفرطوس إنت وهو، اللي هيمد يده منكم علي ربيعه انتوا خابرين هعمل فيه ايه، هقلعه خلجاته واعلقه في السجره اللي فيها عش الزنان. 


وزي كل يوم خوف العيال وخلاهم يبعدوا عنها، عدنان واد صفوت، وعامر واد سلام، اللي بس يستغيبوا ممدوح يمسكوا ربيعه ويضربوها، كيف مايكونوا ماصدقوا لقوا عليها الفرصه، مفيش غير ابو دراع اللي عيقدر يحوشهم منها، دا لو العركه في الجنينه. 


كرار دخل من باب البيت، وراح على ولده اللي على رجل شوقيه، وخطفه منيها وضمه لحضنه بشوق ولهفه، وشمه وهو عيهمسله فودنه:

وحشت ابوك ياقلب ابوك، كيفك ياعمران يابوي، رايق ياولدي وزين، حد ضربك واني مقاعدشي؟ 

خلص كلامه وبص لشوقيه اللي كانت قاعده وباصه لكرار ومحبته لولده، ولهفته عليه، وابتسامتها واصله من الودن للودن، وبالذات وهي شايفه حسرة شام وهي باصالهم، وخصوصي إن كرار ماعيبصش لربيعه بتها بص حتي، ولا مخليها تقوله يابوي، ولا هو معترف انها بته من الاساس.

 ❈-❈-❈

أما حوريه فمن ساعة سرقة الفلوس منها، وعرفت ان شوقيه اللي سرقتهم واتوكدت من إكده، والفلوس داي كانت سبب في اسر ولدها لشوقيه، ومش بس هو دا عزت هو كمان الفلوس داي دمرتله حياته، وهي كل يوم في تعب وصحتها في النازل، والقهر حارق روحها حرق؛ لأن اللي خدته بدون وجه حق، اصبح نعل فرجل شوقيه عفصت بيه فبطونهم كلهم وعلى وشوشهم. 

❈-❈-❈


بسيمه دخلت من باب البيت، ونزلت اللي على دماغها، وراحت على همام، رمت عليه السلام، ومسكت القله سقته، وبعدها غيرت خلجاتها وقعدت بخلجات البيت، 


وراحت تعمل لهمام غدا، وهو من أول مادخلت، لغاية ماطلعت وفضلت رايحه جايه قدامه ببطنها اللي ابتدت تكبر، وهو حاسس بفرحه مابعدها فرحه، وفكل مره يبص فيها لبطنها ميوبقاش مصدق إنها حبله فعيله، وإنها هتجيله واد من صلبه ينفعه فى كبره، وخلاص قررت إنها ترتبط بيه وتقعد معاه للأبد، برغم كل الناس اللي ثارت واعترضت على ربطة نفسها بيه، الا انها خالفت الكل وفضلت معاه، وخصوصي بعد اللي جرا لأهل بيت همام. 

بقلم ريناد يوسف

نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الثامن عشر


بدور شافت عزت داخل من الباب فجريت عليه تستقبله وهي مبتسمه كالعادة، وبمجرد ماوصلت حداه قالتله:

حمدالله عالسلامه ياسيد الناس، يعطيك الف عافيه يانن عيني. 

عزت رد عليها وهو مكشر:

الله يعافيكي، وبعدين عتجري وتهنطلي ليه إكده مش قولتلك الف مره تمشي بالراحه عشان اللي فبطنك؟ 

بدور بدلع:

خايف عليا ياحبة عيني؟ 

عزت: له المسأله مش خوف عليكي، خايف عاللي فبطنك، حاكم انتي عامله كيف الحمار، مليهش عازه بس ممكن يشيل فوق ضهره حمولة سبايك دهب تغني بلد بحالها، وطول ماهو شايلها وماشي بيها الكل يحادي ويدادي فيه، وبس يفرغ الحموله يغور فستين داهيه تاخده ميهمش الحمير كتيره. 

بدور ردت عليه بفرحه وهي حاطه يدها على بطنها:

ياحلاة كلامك ياعزت، يعني اللي فبطني ديه إنت شايفه سبايك دهب؟ كد إكده ولدك مني غالي عليك ياحبيبي! 

رد عليها عزت وهو عيزيحها بالراحه ويدخل البيت:

استغفر الله العظيم منك ياشيخه، يكون الواحد ممرمط بكرامة اهلك الارض، ومسمعك شتايم توقع جبل من واعارتها، وانتي تهملي كل ديه وتمسكي فأي كلمه زينه من وسط الكلام وتهملي الباقي، وتفرحي كأن الواحد عيتغزل فيكي ويمدحك،

 بس اقول ايه ماهو الاحساس نعمه وانتي ربنا حارمك من النعمه داي من زمان. 

دخل وقعد عالدكه، وبدور راحت عالموطبخ تحضرله الغدا وهي مبتسمه برضوا، برغم كلام عزت الاخير، الا انها معاهده روحها متزعلش منيها ابداً، اصله راجلها وهي حداها قناعه إن الراجل مهما عيمل فمرته تتحمله، ومهما قال وشتم هو على حق! 

أما عزت ففضل قاعد موطرحه، وعينه على أوضة سته عديله المقفوله، واللي ورا بابها فيه كنز مدسوس محدش عارف قيمته غيره، حوريه نزلت من الجنه بس اللي طلعت من نصيبه شيطان متوالمش معاها ولا يعرف قيمتها، جوهره مكنونه اندفنت وسط كوم احجار. 

واثناء تفكيره فيها اتفتح باب الأوضه وطلت منيه ربيعه، اللي اول ماوعيت لعمها عزت ضحكت وجرت عليه، وهو شالها وعطاها الحاجات الحلوه اللي جايبهالها فجيبه زي كل يوم، وهي خدتهم وجريت بيهم على امها وهي فرحانه، لكن فرحة ربيعه ولا هزت شعره من شعر شام؛ لانها خابره زين ليه عزت عيجيب الحاجات داي لبتها، وفاهمه زين إيه اللي ورا المحَنه داي، وإنه عامل بتها سلم يطلع عليه لعقلها ويلينه ويخليها ترضى باللي هيموت ويطوله،

 وميعرفش مسكين إن شام عمرها ماتبيع شرفها ولاتفرط فنفسها ولو بكنوز الدنيا. ولو ديه طبعها كان اولى بيها تلف بيه كرار وتخليه خاتم فصباعها كيف ماستها عديله عتقولها دايما، لكنها ابعد مايكون عن سكة الغوايه، وأصلاً هي كارهه لصنف الرجاله من الأساس، وعتتمنى لو الدنيا داي خلت منهم كلهم ماعدا ابوها، كان ميزانها اتعدل. 


وطت شام وشالت بتها وحبتها وطلعت بيها لبره، واتلفتت شمال ويمين، واول ماوعيت ابو دراع نزلتها في الجنينه عشان تلعب وهي مطمنه عليها، وراحت هي عالموطبخ تكمل غسيل المواعين اللي بقي كله عليها لحالها،وحتي كنس البيت برضك بقي شغلانتها هي، 

والحريم يادوبهم للطبيخ، وبعد مايخلصوا ويتغدوا ويغدوا عيالهم وجوازهم كل وحده تطلع على اوضتها مينزلوش غير فميعاد العشا ويهملوا البيت تحت كله على شام، وتفضل هي حبيسة الموطبخ والكوانين ودخانها، والمواعين وهبابها، اللي صبغ اديها وغير لونهم الاوبيض الحلوا، وخلاهم يشبهوا ادين الفواعليه في السواد والتشقيق، ومن بعد ماكانوا حريم البيت يتفرجوا فأديها فرجه ويحسدوها عليهم، اتساوت الايدين في الشكل والمنظر.


أما عزت فاتنهد وهو واعي الغزاله الشارده اللي عتتمشى وسط جبلاية القرود، وزاد تنهيده وهو واعي شيتا بتاعته جايه عليه من الموطبخ بالوكل وابتسامتها من الودن للودن، وحطت قدامه الوكل ورجعت عالموطبخ تتمشى بدلع عشان تعمله بصايه للجوزه، 

وكشر وهو شايفها ماشيه عتتقصع وهمس لنفسه:

قبر يلم الجلع الماسخ واصحابه.. غوري يارب تنعسي قدام الكانون والنار تطلع منه وتلحم فيكي ماتهملك غير وانتي متفحمه كيف الكرنيفه المحروقه.

خلص همسه لنفسه وابتدا وكل، وسرح وهو عياكل فى ليلة دخلته على بدور، واللي كانت اسواء ليله فى عمره،وغمض عيونه بحسره وهو عيفتكر تفاصيلها.. 


بدور وهي عتتأمل في فستانها اللي خدتهولها خالتها حوريه من شام قبل سابق:

شوف ياعزت البدله البيضه حلوه عليا كيف؟ 

عزت وهو قاعد جارها فحوش البيت:

هي البدله حلوه مفيش كلام، وكمل في سره.. بس لو عارفه حالها هتتحط علي جتتك كانت دابت من الغلب. 

بدور اتبسمت بفرحه وميلت عليه تاني وقالتله:

عقولك ياعزت مجبتليش جمل ليه يزفني كيف مالناس عتتزف؟ 

عزت رد عليها بديقه:

ايوه والجمل ديه هيزفك من فين لفين يااخرة صبري؟ 

هنبركوه فنص البيت وتدخلي الهودج من ناحيه وتطلعي من الناحيه التانيه وإسمك اتزفيتي؟ 

بدور: له كنت طلعت علي اخر الشارع ركبت الهودج وجيت بيه عالبيت. 

عزت بصلها وكشر ومردش عليها، وفضل ينقل عيونه مابين اهل البيت اللي كلهم لابسين ومتأنتكين للفرح، وكأنهم غرب عن بعض معارفينش بعض، وعايشين الدور كأنه فرح بحق وحقيق! 

وطلعت منيه تنهيده كيف نفس تنين عينفث نار وهو واعي شام طالعه من أوضة سته عديله وهي شايله بتها، ومن غير ماتلبس زيهم ولا تتزوق احلاهم كلهم، وعامله كيف كلوب نوره مغطى عالكل، وقعدت في الحوش تتفرج عالمسرحيه اللي عتجرا قدامها، وكد ايه عزت اتمناها هي اللي تكون جاره عروسه بدال بدور، كان هيوبقي اسعد انسان على وش الارض. 

وطول ماشام قاعده عيون شوقيه وحتي عيون بدور هياكلوها وكل، وخصوصي إن أول مره عزت وكرار يتفقوا علي حاجه فنفس الوكت، وهي البصه على شام والمقرنه بينها وبين كل القاعدين حواليها. 


عدى الوكت، وخلصوا الفرح الكداب، وقوموا بعدها عزت وبدور وزفوهم بالزغاريت لغاية باب اوضتهم وقفلوا عليهم الباب، وهملوا عزت يواجه مصيره مع بدور اللي مطايقشي يبص فوشها حتى. 

قلع جلابيته وراح قعد عالسرير وبص لبدور اللي عامله حالها مكسوفه وعتفرك فأديها والتمثيل واضح، وسكت فتره طويله، لدرجة ان بدور كل هبابه تبص عليه وترجع تبص للارض تاني وتكرر ابتسامة الكسوف وفرك اديها فبعض! 


وبعدها قرر إنه ينهي مهمته اللي كيف ماتكون حجر على صدره وبحس مخنوق قالها:

تعالي. 

وبدور بس سمعت الكلمه جريت عليه قوام بلهفه ووقفت قدامه، ومثلت الكسوف مره تانيه، وعزت بقرف قالها:


مش ناويه تغيري الفستان اللي شبكتي فيه ديه، ولا دقوه عليكي بمسامير؟ 

بدور ردت عليه قوام:

له له هغيره اهه، بس كنت مستنيه إنت تقولي عشان مبانش ملهوفه عليك وتقول عليا قليلة حيا. 

عزت رد عليها بإستهزاء:

تبانيش ملهوفه؟ 

طيب غوري يامش ملهوفه غيري وتعالي عايزين نستفضوا ونتخمدوا. 

ودقايق وكانت بدور مغيره فستان الفرح وواقفه قدام عزت، وهو فضل يتطلع فيها شويه، وبعدها قالها بأمر:

واعيه ال٣ لنض دول تروحي تهفيهم وتطفيهم هما التلاته، وتخلي الدنيا ضلمه كحل وتاجي، عاوزش اعرف اشوفك حتي لو واقفة قدامي وبوزك فبوزي. 

وقفت بدور ثواني مش مستوعبه اللي قالهولها، لكنه زعق فيها خلاها اتحركت قوام:

هتخلصي فليلتك السوده داي ولا اتخمد؟ 

ردت عليه بدور وهي عتجري عاللنض:

له تتخمد ايه هطفي اللنض اهه. 

وطفت اول لنضة جاز والتانيه وبمجرد ماطفت التالته الدنيا فعلا بقت ضلمه كحل، لدرجة إن بدور مكانتش عارفه تشوف اي حاجه في الاوضه ولا حتى عزت ذات نفسه،

 واتحركت ناحية السرير وهي ماده اديها قدامها كيف الاعمى اللي عيحسس، وهي فطريقها اتكعبلت فحاجه ووقعت، وعزت سمع صوت وقعتها، وفضلت شويه من غير حركه لدرجة ان عزت افتكر إنها جرتلها حاجه، فسألها بتمني:

ايه جرالك طمنيني وقعتي على حاجه فاتت فبطنك بلجِتها ان شاء الله ولا ايه؟ 


خلص كلمته وسمع حس بدور في ودنه بالظبط خلاه جفل ونط لفوق من الخوف وهي عتقوله:

له اني زينه تخافش عليا ياحبة عيني. 

رد عليها عزت في سره: شالله تتخزق عينك يابعيده. 

واستسلم في الاخر للامر الواقع وتمم مهمته، وكانت اغرب ليلة دخله حوصلت في بيت المقاول!


❈-❈-❈

عاودت بسيمه من بره وهي شايله المشنه المليانه جبنه وذبده علي راسها زي كل يوم والسبت فيدها، 

ونزلتهم وقعدت على الدكه تاخد نفسها وتمسح العرق عن وشها ورقبتها بطرحتها، وبصت لهمام اللي كان عيتطلعلها كيف الغرقان اللي لقى القشايه اللي مستنيها بفرغ الصبر،

 وهي قامت وراحت عليه بتعب ووقفت جاره عالسرير ولسه هتسأله لو عايز حاجه، فسبق هو بالكلام وقالها: 

يعطيكي العافيه يابسيمه، مش هتسمعي الكلام وتبطلي اللف ديه وانتي حبله في الخامس وتعبانه وحالتك حاله؟ مش هتريحي روحك لغاية ماتولدى عالاقل وتجيبي الواد بصحته وبعدها اوبقي عاودي للشغل مره تانيه، مع انه مليهش لزوم والدكانه رزقها عيكفي وخير وبركه، وزي مانتي واعيه إحنا صفينا ٤ خشوم، اني وانتي وامي وابوي، ومصروفنا مش كتير واقل حاجه عتكفينا. 

ردت عليه بسيمه وهي عتتحرك تجيبله القله يشرب:

كلام زين، بس مينفعشي، دلوك ولدك ولا بتك اللي جاي في الطريق ديه مش لازمن لما ياجي يلاقينا عاملين حسابه فقرشين نصرفوهم عليه، وكمان مش نعملوا حساب الغفله، افرض حد فينا تعب فجأة، نطلعوا نلفوا عالناس تسلفنا عشان نلحقوه؟ 

الدكانه صوح هتكفينا وكل وشرب إحنا الاربعه، طيب واخواتك البنته الحبالى وبين ولادة داي وداي يادوبك شهر.. 


معاوزينش دول نفاس وزياره ترفع الراس يعاودوا بيها بيت اجوازهم وكت ماياجوا يولدوا، ولا يروحوا يتعايروا ويتخذوا وسط الناس الغريبه؟ 

طب وعلاجك إنت اللي بعنا عشانه الأرض وأبوك فرط فيها، وفلوسها خلصت قبل ماتكمل علاجك..هنوقفوه دلوك يعني ولا ايه؟ 

رد عليها همام وهو مغلوب على امره بعد مااتعدل وخد منها القله:

أيوه بس ديه حمل تقيل عليكي قوي يابسيمه،ديه حمل رجال وعمرها مامره قدرت تشيله، دا الراجل عيكل ويتعب ويشتكى من شيلته يابسيمه 


بسيمه ردت عليه وهي عترجع القله موطرحها:

ربك عيعين ومعيديشي لحد شيله غير وهو خابر إنه كدها. 

خلصت كلامها وخدت نفس وبصتله وقالتله:

رايحه اجهز الوكل وانادم ابوي من الدكانه ولواحظ كمان ونتغدوا سوا. 

وطلعت قدامه عالموطبخ وهو كيف ماجرت العاده عليه فضل مراقبها لغاية مااختفت قدامه، وبرضك مش مصدق انها حبله فولده من صلبه ووافقت وقبلت اللي مفيش مره على وش الارض تقبله على روحها، وعاشت معاه علي وضع مفيش حد يتحمله، 

وأول ماغابت عن عنيه بالكامل، رجع ضهره لورا على تاج السرير وغمض عيونه، وتفكيره خده لأجمل يوم في عمره.. 

اليوم اللي دخلت فيه بسيمه عليه الأوضه بعد ماكانت غايبه اسبوعين بحالهم في بيت أبوها ومستنيه إنه يطلقها ويبعتلها ورقتها. 

وبمجرد مادخلت عليه قلبه كان هيوقف من الصدمه، بعد ماكل ذره فجسمه وعقله وروحه اتهيأت إنها خلاص اتحرمت منها ومعادتش العين تشوفها مره تانيه، وكأن الروح ردتله تاني بعد مافارقت جسمه. 


أما بسيمه فقعدت قدام الكانون تسخن العشا، وحطت يدها على بطنها وهي حاسه بخبطات خفيفه فيها واتبسمت وهي عتتخيل شكل ولدها ولا بتها اللي جاي، ورجعت افتكرت اللي عاشته وقاسته عشان تخليه ياجي عالدنيا، ورجعت بالتحديد لليوم اللي عاودت فيه من بيت ابوها لبيت همام بعد ماقررت انها تضحي بروحها وتقدم شبابها قربنا في سبيل الله ومساعدة عاجز محتاج.. وبمجرد مادخلت عليه الأوضه..


شهقه طلعت من قلبه وهو شايفها قدامه هزت بدنها وخلت إحساس بالذنب اتغلغل جوا روحها وهي واعياه دبلان وخاسس، وجلابيته متوسخه ومبقعه، وريحة الأوضه خايسه وتفزع النفس، والزباله مالياها، والصحون الفاضيه في كل مكان ومرميه فكل موطرح، كيف مايكون كلب عيرموله الوكل ويهملوه ويمشوا! 

اتقدمت بسيمه منيه ووقفت قصاده، وهمت عشان ترمي عليه السلام، لكنه سبقها بالكلام وقالها بصوت مخنوق:

كان بعتي حد موطرحك لو كنتي نسيتي حاجه وجايه تاخديها. 

بسيمه بصتله ومردتش عليه وهو كمل:

مكانش ليه لزوم تاجي تجددي الوجع بشوفتك وتمشي. 

ردت عليه بسيمه اخيراً:

مماشياشي. 

همام مااستوعبشي اللي قالته ورد عليها بوجع: قاعده معانا هبابه يعني؟ 

طيب كتر خيرك والله مناسياشي العشره، بت اصول وهتفضلي طول عمرك بت اصول. 

بسيمه وهي عتميل تلم المواعين من الأرض:

له مش هبابه، قاعده على طول. 

همام بعدم تصديق: قولتي ايه دلوك؟ 

بسيمه اكدتهاله مره تانيه:

هقعد على طول ياهمام مماشياشي، خلاص مفيش طلاق مهطلقشي منيك، راجعت روحي ولقيت اني مينفعشي اسيبك، يعني كيف ماتقول إكده اني وانت اتعلقنا في رقاب بعض. 

همام سألها والدموع خانقاه:

شفقه يابسيمه؟ 

بسيمه ردت عليه بجمود: وايه غيرها هيرجعني ليك ويجمعنا ياهمام؟ 

همام سمع الكلام منها، وفكر عقله انه يدى أمر لقلبه إنه لازمن ميقبلهاشي علي كرامته، لكن قلبه المشتاق عصى كل الاومر، وسلم الرايه ليها، وكرامته انسحبت من الموضوع حقنناً للوجع، وعقله وقلبه وروحه وكرامته كلهم اجتمعوا على إن اهم حاجه تكون جاره حتى لو شفقه. 


فضلت بسيمه تنضف في الأوضه وترتب فيها، وفي الاثناء داي طلعت همام عالدكه في الحوش بره بمساعدة امه لواحظ، وبعد ماخلصت الأوضه راحت عالحمام، حمت بستلة ميه ودخلت همام الحمام هي وامه، وقلعته وسبحته بنفسها لأول مره، من بعد ماكانت سايبه المهمه داي في الاول لأخوه عزام وبعد منيه لأبوه أو لأمه، ولكن ابوه بعد شلل دراعه معادش قادر، وأمه كمان نفضت ايدها منيه والعينه بينه اهه، وحتي لما دخلته معاها الحمام قالتلها سبحيه انتي اني مقادراشي ضهري واجعني، وهملتها وطلعت 


واستلمت بسيمه أمره بالكامل وبعد ماخلصت سبوحه وكانت طول الوكت ميته من الخجل لكنها عتمثل الجمود والثبات، لبسته خلجاته وعاودته لموطرحه وهي شايلاه على اديها لحالها، من بعد ماشافت عضم جسمه وعرفت إنه بقى كيف العش فاضي، وفعلا وهي شايلاه يادوبها حست بهبابة تقل. 

وبعد مانومته فسريره راحت تعمله لقمه ياكلها، وهناك قعدت قدام الكانون، ولما اتلفتت لقت نفسها لحالها، نزلوا دموعها اللي كانت حابساهم، واتحرروا اخيراً عشان يعبروا عن قهرها،

 وعن كسرة نفسها من بعد مامنت حالها بدنيا حلوه وحياة جديده رجعت تاني للهم اللي كانت فيه، ومع انها رجعت بخطرها، الا إن نفسها برضك مطايباش ولا راضيه. 

ورجعت بذاكرتها للأسبوعين اللي عدوا واللي جرا فيهم، وخصوصي لما امها دهب

قالتلهابحزم: 


هتطلقي يعني هتطلقي يابسيمه.اوعك تسمعي كلام ابوكي، ابوكي فرحان بالكلمتين اللي عيتقالوله بأنك بت أصول وإنه عرف يربي، ومعارفشي إن ديه كلام ضحك عالدقون عينوموه وينوموكي بيه، عشان هو يسكت عنك،وانتي تفضلي كيف التور اللي مربوط في الساقيه تلفي وهما اللي يستنفعوا بتعبك وشاقي ويترويوا بميتك. 

اتطلقي يابسيمه عشان تخلفيلك عيل ينفعك همام القعده معاه تمضية عمر عالفاضي. 

عبد الصمد رد علي دهب وقالها:

وابوها قال ايه بس يادهب عشان تقولي إكده، اني كل اللي قولته إن همام وابوه وامه صعبانين عليا، ومن بعد بسيمه مليهمش حد غير ربنا. 

دهب ردت عليه بعصبيه:

وبسيمه عملت معاهم كل اللي قدرها عليه ربنا، فتحتلهم دكانه وجوزتلهم بناتهم وجهزتهم من فلوسها، وشالت وحطت ودادت وتعبت ونضفت من تحت جوزها، وطلعت اشترت وباعت ووسعت عليهم، ايه عايزينه تاني منيها بس؟ 

بقره هي وعايزين يصفصفوها لاخر نقطة لبن؟ 

بصلها عبد الصمد ومردش على هجومها الضاري عليه، عشان هو خابر زين إن كل ديه عتقوله وتعمله من محبتها لبتها، والأم عمرها ماتنلام علي اي شي تعمله مادام فموصلحة ولادها. 

سكتت دهب مع سكوت عبد الصمد واتطلعت لبسيمه بمعني اتكلمي انتي، دافعي عن حقك في الدنيا، اتجرأي وخدي نايبك من السعادة، وبسيمه غمضت عيونها ومر قدامها كل اللي شافته من بداية جوازها لدلوك، وشافت ان داي فرصتها الوحيده لتبديل حظها، فخدت نفس وردت على أمها وقالتلها:


انتي كل الحق معاكي يمه، واني عيملت كل اللي قدرني عليه ربنا ومقصرتش فحاجه، بس آن الاوان عشان اشوف موصلحة نفسي واشوف حالي. 


وبصت لابوها وبحزم قالتله:

بلغ الشيخ جاهين يابوي إني عايزه اتطلق من همام. 

خلصت كلامها وقامت دخلت أوضتها القديمه هي واخواتها البنات، وردت الباب وراها، وهملت عبد الصمد شايل هم إنه كيف هيقول الخبر لحمدون؟ وهو خابر زين ان خبر كيف ديه هيكسر قلبه الف شقفه، وفوق دول ودول بسيمه جايالهم زياره، يعني لا فيه مشاكل ولا نيه مبيته للطلاق، وديه هيخليه يقول إنهم هما اللي وسوسولها بمسألة الطلاق. 


ولكن برغم كل مخاوفه، الا انه قرر إنه يقول اللي بسيمه طلبته؛ واللي محدش يقدر يلومها فيه عشان كل الحق معاها هي وبس. 

وبالفعل تاني يوم عبد الصمد راح للشيخ جاهين، وخبره بقرار بته، وجاهين وحتى حكيم محدش فيهم اعترض، وحكيم قال لعبد الصمد إن هو هيعفيه من إحراج المواجهه، وهو اللي هيقول لحمدون بداله.،مع إنه خابر إن كيف ديه يعادل حداهم خبر استشهاد ولدهم عزام، لان التنين فقد، وهو خابر زين بسيمه ايه عند حمدون وهمام، وخابر زين إنه رايحلهم وهو واخد معاه حمولة وجع وهيفرغها كلها في قلوبهم. 


قاعده بسيمه وسط اهلها فبيتهم تاني يوم اخر النهار وسمعوا خبط شديد علي باب بيتهم، ومعاه حس حمدون عينادي علي بسيمه بقهر، فتحله عبد الصمد قوام ودخله، وبمجرد دخوله بص لبسيمه ودموعه نزلت وقالها بترجي ممزوج بعتب، إكده يابسيمه؟ إكده عايزه تهمليني، حتي وانتي خابره إنك بقيتي سندي وعكازي ومليش غيرك واعتبرتك عوضي عن عزام وهمام؟ 

طيب مقولتيش هيعمل ايه عمي المشلول دراعه ديه، ولا المسكين اللي هملته عيموت في البيت ديه كيف اللي حد دب فقلبه سكينه وعيفرفط ويطلع في الروح؟ 


هنعملوا ايه من بعدك يابسيمه وانتي اللي معيشانا كلنا وفاتحه بيتنا، هنعملوا ايه بلاكي قوليلي؟ 

بسيمه سكتت ونكست عيونها للارض وهي ملاقياشي كلام ترد بيه على حالته اللي تقطع القلب، واتولت مهمة الرد بدالها امها دهب اللي قالتله:

حرام عليك ياابو همام، طب اني راضيه ذمتك، ترضاها على وحده من بناتك؟ 


سكت حمدون ومردش لانه خابر إنه فعلا جاي يتحدت في حاجه مليهش اي حق فيها، لكنه جاي يحاول علي اي حال، عشان اللي كيف بسيمه مينفعش حد يخسرها من غير محاوله. 

كملت دهب كلامها:

هملوها تعيش ياابو همام، وان كان عليكم انتوا ليكم رب ومش هينساكم، وهي بزيادها لحد إهنه. 

حمدون هز دماغه بتفهم، ورفع عيونه علي بسيمه بحسره، ونزلوا منيهم دمعتين وداع، ووكتها شافت فيهم بسيمه كسره متحملتهاش، نفس كسرة ابوها وهو عيبص لشام في اليوم اللي كان ناوي ينهي فيه حياتها، نظرة الوداع، ونفس النظره اللي شافتها فعيون حمدون وهو واقف فوق صندوق ولده عزام لما جابوهوله شهيد، ومتحملتش وجرت علي اوضتها قوام دخلتها وقفلت علي روحها، ومنظر عيون حمدون ودموعه ورجاه المكتوم ليها مزعوا روحها مزع. 


ولكنها في النهايه خابره إن ديه هيوحصول وقوت روحها وقست قلبها. 

وراح حمدون النوبادي ومعاودشي تاني، والشيخ جاهين شيعلهم مع حكيم إنه مسافر وهيعاود بعد سبوع ولا تنين، ووكت مايرجع هيتمم الطلاق. 


وبدأ يوم يباعد يوم، لغاية ماعدا اول سبوع والتاني عدى نصه، وفالايام داي بسيمه ليلها مكانتش تنام فيه ساعه علي بعضها من الكوابيس والمنامات العفشه اللي هلكتها هلك، 

وكلها عباره عن همام وهو عيستنجد بيها، أو حمدون وهو واقف قدامها وعيبكي، وكل ديه تعب حتى بدنها، وخلاها تضعف وتفكر بخصوص قرار طلاقها مره تانيه.. 


وخصوصي وهي عتشوف فعيون ابوها كل يوم نظره عتقولها راجعي ضميرك يابتي وارجعي لطيبة اصلك. 

وحسمت قرارها بالرجوع ليه وكت ماجالهم حكيم وخبرهم إن ابوه عاود من سفره، ولو هيتممموا الطلاق يروحوله، 


وخبرهم بحال همام وإنه تعبان وودوه للمستشفي مرتين، وإن عوده دبل كيف مايكون زرعه اتحرمت من الميه ومصيرها الموت.

وعاود بعدها حكيم لبلدهم، وبسيمه طلعت السطوح وقعدت لحالها، وفكرت فكل شي، وفكرت فموصلحتها كمان، ولكن شفقتها غلبت موصلحتها، وقررت إنها خلاص هتستمر فقرارها، وهتوهب نفسها لله، وهتعاود لهمام، وتعيش كيف ماربنا قسملها؛ عشان الظاهر إن عيشتها فبيت همام وعلى ذمته هي حظها ونصيبها من الدنيا. 

وبالفعل تاني يوم بلغت ابوها بالخبر، وقدام امها كان الكلام، ودهب اعترضت كتير وصالت وجالت، لكن بسيمه كانت خدت قرارها خلاص، وخصوصي وهي واعيه التأييد في عيون أبوها، حتي وهو مقايلهاش صريحه. وديه خلاها ارتاحت واقتنعت اكتر بقرارها. 

وخدها عبد الصمد بعدها بيومين، لما جهزلها زياره زينه، وراح بيها علي بيت جوزها، وهي طول الطريق سرحانه وشايفه حالها بعد ماتجري بيها السنين وهي قاعده جار همام في أوضه وحده، هو نايم وهي عتخدم فيه. 

وعاودت من تاني للبيت اللي الظاهر اتكتبلها إن نهايتها هتكون فيه.. 


وبمجرد مادخلته حست كأنها الروح اللي كانت غايبه عند حمدون وهمام وعاودتلهم،

 وبعد ماعيملت اللازم لهمام ليلتها اتمددت على فرشتها عالارض ونامت وراحت في النوم اللي بقالها ايام مطايلاهوش، وهمام كمان في اليوم ديه نام قرير العين وهي جاره، 

وغمض عيونه وكانت هي اخر حاجه يشوفوها، قبل مايغمضوا، وداي حداه اكبر واغلى امنيه فضل يتمناها من ربه طول الاسبوعين اللي فاتوا، وكان يمضي ليله يناجي ربه بالدموع، وربه اخيراً حققهاله، وفضل يشكر فيه عليها لغاية مالسانه تعب من كتر الشكر. 


وصحيت بسيمه تاني يوم، وطلعت لشغلها اللي هملته، ومع لفها في البلد عالبيوت وشوفة الحريم المرتاحه فبيوتها وسط اجوازها وعيالها، بدأ عقلها يوسوسلها بأنها غلطت واتسرعت، وبدأ سرسوب ندم يدخل لقلبها، لكنها نفضته قوام، وقالت لروحها إن خلاص مفيش مجال للندم. 


واثناء ماعتتأمل فى عيل صغير في حجر امه وعتناغيه وهو عيضحك، اتبسمت غصب عنها، ولما المره شافت ابتسامتها وعيونها اللي اتعلقوا بالواد، قامت وحطتهولها فحجرها وهي عتقولها:

شكلك عتحبي العيال الصغيره، ربنا يديكي ومايحرمك يارب. 

بسيمه بس سمعت دعوة المره رفعت عيونها عليها بإستغراب، والمره قوام صلحت موقفها وقالتلها:

قطيعه يقطعني، نسيت ان جوزك... بس يعني اني خابره إن فيه ناس عتكون مشلوله وتجيب عيال وديه مليهش صالح بديه، بس باين إن جوزك مش منهم.. معلهش حقك عليا تزعليش مني وتاخديها تقيله. 

وإهنه انتبهت بسيمه لحاجه كانت غايبه عن بالها، إنها ممكن تكون أم، وخصوصي إنها متوكده إن همام من الناحيادي سليم والشلل مأثرش علي النقطه اللي تمنعه من الخلفه. 

فقررت إنها لو كانت ضحت بحياتها واحلى سنين عمرها لاجل همام ومرضه، فعاألاقل هتاخد منيه في المقابل عيل، منها يصبرها عالايام، ومنها يكون سند ليها ولهمام بعد مالسنين تمر والبدن يهزل، 


وقررت بناء عليه اصعب قرار ممكن وحده تاخده، أصعب حتى من موافقتها إنها تكمل حياتها مع واحد مشلول، وعاودت وهي عتقلبها فدماغها زين لحد مااقتنعت تمام الاقتناع. 

بس كانت عاتله هم تنفيذ قرارها ديه؛ لأن داي المرحله الاصعب عليها على الاطلاق

ورجعت البيت يومها وهي عازمه علي التنفيذ مهما كلفها الأمر من مشاعر ممكن تحرق روحها حرق. 

وبعد ماخلص النهار والليل جه وعملت العشا وعشت عمها حمدون ولواحظ وهمام، وشالت الوكل وعملت اللي وراها، دخلت على اوضتها وراحت علي صندوقها وطلعت من هدوم العرايس اللي ملبستهاش ولا جات ناحيتها، وراحت ورا الستاره وغيرت خلجاتها، وحلت شعرها، وبعدها طلعت وراحت علي اللنضه نفخت فيها طفتها، وكل ديه تحت انظار همام اللي كان واعيها بمنظر اول مره من يوم جوازهم يشوفها بيه. 

وسألها بحس يادوبك طالع:

ليه طفيتي النور يابسيمه ليه حرام عليكي. 

مردتش عليه بسيمه، وفضلت تقرب منيه لغاية ماوقفت جار سريره، وبحركه صدمته رفعت الغطا ودخلت جاره في الفرشه ونامت حده لأول مره، ومش بس إكده داي قربت منيه لدرجة إنه بقي شامم انفاسها وحاسس بدقات قلبها، وهو كل ديه مش مستوعب اللي عيجرا، وجسمه ابتدا يعرق ويترجف بطريقه ملحوظه، وذادت رجفته وكان هيغمي عليه وهو سامع بسيمه عتقوله:

إن كان ولا بد من العشره ومفيش منها مهروب يوبقي نجيبوا اللي يعينا عليها، عيل ينفعني وينفعك. 

همام سمع كلامها وفي اللحظه داي بس استوعب بسيمه عتقول ايه وتطلب ايه! وانه مش في حلم وهيصحى منه كيف ماعقله كان يقوله من أول ماجات نامت جاره، فغمض عنيه وهمس لروحه وهو  مخنوق بالدمع:

يااااابووووي على كرمك ياحبيبي، دعيتك واني عيني منك في الارض، وطلبت منك ترجعهالي، وبكيتلك من الشوق، وكنتش عارف إنك عتحبني لدرجة إنك تعطيني اكتر من مرادي.. الف حمد وشكر ليك يارحمن يارحيم. 

خلص مناجاته لربه وفتح عيونه وبص لبسيمه وقالها:

انتي واعيه لروحك يابسيمه عتقولي ايه؟ 

بسيمه هزت دماغها بتأكيد وهو كمل كلامه.. بس يابسيمه اني لا حول لجسمي ولا قوة، يعني واخده بالك لو جرا الامر هيجرا كيف؟ 

هزت بسيمه دماغها لتاني مره بإيجاب، واتنهدت تنهيدة وجع، وبعدها قربت من همام القرب اللي خلاه انتهى، وهي كانت حاسه بإشمئزاز كيف ماتكون وحده عتبيع روحها للشيطان مقابل إنه يعطيها طفل. 


عدى الموضوع، وبسيمه نامت، كيف ماتكون عتهروب من كل اللي جرا، وخصوصي بعد ماقامت ولعت اللنضه عشان تدخل الحمام، وفطريقها بصت لهمام، وشافت الجرح اللي فرقبته، واللي حسسها بخيانتها لاختها،

 لكنها صبرت روحها بإن لو ديه كان تم وهي عتكن ليه ذرة مشاعر كان إحساسها بالخيانه يوبقي فمحله، لكنها حاجه تمت لمجرد موصلحه لا اكتر ولا اقل،واختها ذات نفسها خلفت من اللي دبحها، فمجاتش عليها هي.. وبعدها عاودت ونامت جاره، لكنها ادته ضهرها وبعدت عنيه، كيف ماتكون عتقوله متحلمش بأكتر من كونها مهمه وعننفذوها. 


وفاقت الصبح وفتحت عيونها، وكانت نومتها اتغيرت ولفت على همام، وشافته صاحي وعيتأملها، وبمجرد ماشافها فتحت اتبسم وهمسلها، إصباح الخير ياكل الخير، صباحيه إمباركه يابسيمه. 


بصتله بسيمه ومردتش، وهو كمل رغم ذلك.. بالك يابسيمه اني عتمنى أيه دلوك؟ 

كمان بسيمه مردتش، لكنه كمل على اي حال..عتمنى لو اني عقدر امشي، كنت هاقوم اجري والف البلد كلها واني عصرخ من فرحتي واقول للناس كلها اني اسعد واحد في الدنيا. 

وإهنه بسيمه ردت عليه الرد اللي طفى فرحته كلها:

-وهو أنت لو عتمشي كان حوصول اللي حوصول ديه؟ لا والله ماكان جرا ولا كنت تحلم تطول شعره من بسيمه ياهمام. احمد ربنا علي نعمة الشلل عشان هو بس اللي نولك مرادك مني. 


خلصت كلامها وقامت، وهملته رجع لاحساسه الأولاني اللي كان ناسيه بإن كل اللي جرا واللي عيجرا مجرد شفقه مش اكتر.. لكنه همس لروحه إنه حتى لو شفقه، اهو برضوا تم واحسن من كرامه مع البعد والعذاب. 

واستمر الحال بينهم علي إكده شهرين بحالهم، لغاية مابسيمه غاب حيضها، وراحت للدايه بيتها وخلتها كشفت عليها، وبشرتها الدايه بخبر حملها،  وراحت خبرت الكل، وحمدون طار من الفرحه وكان معارفشي يعمل ايه او يقول ايه لما قالت قدامه إن عزام صغير جاي في الطريق، 

وحتي لواحظ زغرتت يومها من فرحتها، ولكن همام هو الوحيد اللي برغم فرحته بس قلبه كان عيموت من الحزن، لأن معني حمل بسيمه إن إكده خلاص مهتقربش منيه تاني طول مانالت مرادها. 


وفعلا اللي حسبه لقاه، وبسيمه بعدت عنيه ورجعت معاه كيف لاول، وحس إنهم بعد القرب رجعوا اغراب من تاني، وكل ماكان يطلبها كانت تكتفي ببصه لجرح رقبته تخليه يكتم رغبته فوراً ويقطم كلامه، كيف ماتكون عتقوله متتعشمشي بأكتر من اللي جرا وخلصت لحد إهنه. 


أما دهب وعبد الصمد فمكانوش مصدقين روحهم وبسيمه عتقولهم إنها حبله، ودهب توها اللي بلعت ريقها وهديت نار قلبها اللي كانت شاعله فيه على بتها، واطمنت عليها إنها معادتش محرومه من حاجه، وإن خدمتها للعاجز ليها مقابل، وإن بتها هتكون ليها عيله وولاد كيف باقي الخلايق..وان همام مش عاجز العجر اللي يخلي بتها محرومه من متعة الجواز، 

اما عبد الصمد فكل اللي نطقه في سره وكت عرف بالحمل:

سبحان من يخلق الحي من الميت ويقسم الارزاق، وماكان ربك بظلام للعبيد. 


وابتدت الايام تعدي والشهور تمر، واهي بسيمه في الشهر الخامس، وعلى وش حملها دخلت الفرحه والأمل لبيت وقلب همام، لما راح لدكتور ناس دلوهم عليه، والدكتور بعد مافحص حالته قال إن فيه امل بسيط يمشي بعمليه، بس قبلها لازم يقعد سنه كامله يمشي على علاج معين عشان نسبة نجاحها ترتفع، ولو فشلت عالاقل صحته العامه هتتحسن عالعلاج.. 


ولما سألوا على العلاج طلع غالي قوي، وعشان حمدون محداهش اغلى من ولده، باعله الارض وابتدا يعالجه بيها، وقال لروحه لو طاب ولدي حداي بكل ارض الدنيا ومالها. 

واتولد أمل جديد فقلب همام، اللي ابتدا يتحسن ويتعدل ويقعد لحاله، بعد ماكان حتي داي يحتاج فيها مساعده. 

❈-❈-❈


فاقت بسيمه من سرحانها وهي قدام الكانون لما شافت النار قربت تطول خلجاتها، وقامت غرفت العشا وراحت بيه علي اوضة همام وندهت حمدون ولواحظ، ولسه كلهم هيقولوا بسم الله ويحطوا اول لقمه فخشمهم، سمعوا خبط عالباب وحس سعوده عتقول افتحووولي بحسها العالي، وقامت لواحظ تفتحلها قوام، وبس فتحت شافت بناتها التنين سعودة وروايح واقفين عالباب وكل وحده فيهم ماسكه بؤجة هدوم في يدها، واول ماشافوا امهم التنين بكوا في نفس واحد بحسهم العالي وقالولها:

اجوازنا ضربونها وزمقونونا وقاللولنا تعاودش تاني عايزينكمش، امهم صلطتهم علينا يمممه. 

ولواحظ سمعت إكده وضربت علي صدرها بصدمه وبعد مادخلتهم البيت، جابت السباطه ونزلت هي بنفسها فيهم هما التنين ضرب، عشان كل يومين تلاته جاينلها مضروبين وزمقانين ومشيلينها همهم، وحتي معملتش حساب لحبلهم، وكل اللي همها إنها تشفي غليلها من اللي  فضحوها وسط الجيران دول، وخلوهم يقولوا عليها عرفتش تربي، والبت المتربيه تجيبش الضرب والاهانه لروحها وتعاود كل يوم والتاني على بيت ابوها

         الفصل التاسع عشر من هنا


لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

لقراءة الجزء الاول اصغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close